الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَدَاقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِنِسَائِهِ وَبَنَاتِهِ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا أَصْدَقَ فَاطِمَةَ دِرْعَهُ. وَبِكُلِّ حَالٍ فَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ وَاحِدٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ (1) فَضْلًا عَنْ إِمَامَتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ (2) فَضَائِلُ ثَابِتَةٌ بِدُونِ هَذَا (3) .
[كلام الرافضي على علي الهادي ولد محمد بن علي الجواد]
فَصْلٌ (4) .
قَالَ الرَّافِضِيُّ (5) : " وَكَانَ وَلَدُهُ عَلِيٌّ الْهَادِي (6)، وَيُقَالُ لَهُ: الْعَسْكَرِيُّ، لِأَنَّ الْمُتَوَكِّلَ أَشْخَصَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى بَغْدَادَ، ثُمَّ مِنْهَا إِلَى سُرَّ مَنْ رَأَى، فَأَقَامَ بِمَوْضِعٍ عِنْدَهَا (7) يُقَالُ لَهُ: الْعَسْكَرُ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأَى فَأَقَامَ بِهَا عِشْرِينَ سَنَةً وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَإِنَّمَا
(1) ن، م: فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرِ، أ، و: فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ، ص: فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ، ب: فِي وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ مَا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِهِ. .
(2)
أ، ب، ن، م: لَهُ.
(3)
أ، ب، ن، م: هَذِهِ.
(4)
هـ، ر، ص: الْفَصْلُ الْحَادِيَ عَشَرَ.
(5)
الْكَلَامُ التَّالِي فِي (ك) ص 104 (م) 106 (م) .
(6)
ك: وَكَانَ وَلَدُهُ الْهَادِي عليه السلام. وَهُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، الْمُلَقَّبُ بِالْهَادِي، الْإِمَامُ الْعَاشِرُ عِنْدَ الرَّافِضَةِ، وُلِدَ فِي الْمَدِينَةِ سَنَةَ: 214 وَاسْتَقْدَمَهُ الْمُتَوَكِّلُ إِلَى بَغْدَادَ وَأَنْزَلَهُ فِي سَامَرَّاءَ حَيْثُ تُوُفِّيَ بِهَا سَنَةَ: 254. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: تَارِيخِ بَغْدَادَ 12/5657، شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 2/128129، الْعِبَرِ 2/6، الْأَعْلَامِ 5/140.
(7)
أ، ب: مِنْهَا.
أَشْخَصَهُ الْمُتَوَكِّلُ، لِأَنَّهُ كَانَ يُبْغِضُ عَلِيًّا رضي الله عنه (1) ، فَبَلَغَهُ مُقَامُ عَلِيٍّ بِالْمَدِينَةِ (2) ، وَمَيْلُ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَخَافَ مِنْهُ، فَدَعَا يَحْيَى بْنَ هُبَيْرَةَ وَأَمَرَهُ بِإِحْضَارِهِ (3) ، فَضَجَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لِذَلِكَ خَوْفًا عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ كَانَ (4) مُحْسِنًا إِلَيْهِمْ، مُلَازِمًا لِلْعِبَادَةِ (5) فِي الْمَسْجِدِ، فَحَلَفَ يَحْيَى أَنَّهُ لَا مَكْرُوهَ عَلَيْهِ (6) ، ثُمَّ فَتَّشَ مَنْزِلَهُ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ سِوَى (7) مَصَاحِفَ وَأَدْعِيَةً (8) وَكُتُبَ الْعِلْمِ، فَعَظُمَ فِي عَيْنِهِ، وَتَوَلَّى خِدْمَتَهُ بِنَفْسِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ بَغْدَادَ بَدَأَ بِإِسْحَاقَ (9) بْنِ إِبْرَاهِيمَ [الطَّائِيِّ] (10) وَالِي بَغْدَادَ. فَقَالَ لَهُ: يَا يَحْيَى هَذَا الرَّجُلُ قَدْ وَلَدَهُ (11) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالْمُتَوَكِّلُ مَنْ تَعْلَمُ، فَإِنْ حَرَّضْتَهُ (12) عَلَيْهِ قَتَلَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(1) ك:. . الْمُتَوَكِّلُ مِنَ الْمَدِينَةِ لِأَنَّهُ كَانَ يُبْغِضُ عَلِيًّا عليه السلام.
(2)
ك: عَلِيٍّ النَّقِيِّ عليه السلام بِالْمَدِينَةِ.
(3)
ك: وَدَعَا يَحْيَى بْنَ هَرْثَمَةَ وَأَمَرَهُ بِإِشْخَاصِهِ.
(4)
ك: لِأَنَّهُ عليه السلام كَانَ. . .
(5)
أ، ب: لِلصَّلَاةِ.
(6)
أ، ب: يَحْيَى بْنُ هُبَيْرَةَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ عَلَيْهِ.
(7)
أ، ب: إِلَّا.
(8)
ك: الْمَصَاحِفِ وَالْأَدْعِيَةِ.
(9)
أ، ب: بِأَبِي إِسْحَاقَ.
(10)
الطَّائِيِّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)، وَفِي (ك) ص 105 (م) : الظَّاهِرِيِّ.
(11)
ب (فَقَطْ) : مِمَّنْ وَلَدَهُ.
(12)
ك: فَإِنْ عَرَضْتَهُ. .
خَصْمَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: وَاللَّهِ مَا وَقَعْتُ (1) مِنْهُ إِلَّا عَلَى خَيْرٍ، قَالَ: فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى الْمُتَوَكِّلِ أَخْبَرْتُهُ بِحُسْنِ سِيرَتِهِ وَوَرَعِهِ وَزُهْدِهِ، فَأَكْرَمَهُ الْمُتَوَكِّلُ، ثُمَّ مَرِضَ الْمُتَوَكِّلُ فَنَذَرَ إِنْ عُوفِيَ تَصَدَّقَ بِدَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ، فَسَأَلَ الْفُقَهَاءَ [عَنْ ذَلِكَ](2) فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُمْ جَوَابًا، فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ الْهَادِي (3)، فَسَأَلَهُ (4) فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِثَلَاثَةٍ وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا، فَسَأَلَهُ الْمُتَوَكِّلُ عَنِ السَّبَبِ، فَقَالَ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 25] ، وَكَانَتِ الْمَوَاطِنُ هَذِهِ الْجُمْلَةَ (5)، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَزَا سَبْعًا وَعِشْرِينَ غَزَاةً (6) وَبَعَثَ سِتًّا وَخَمْسِينَ سَرِيَّةً. قَالَ الْمَسْعُودِيُّ (7) : نُمِيَ (8) إِلَى الْمُتَوَكِّلِ بِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ (9) أَنَّ فِي مَنْزِلِهِ سِلَاحًا مِنْ شِيعَتِهِ مِنْ أَهْلِ قُمَّ، وَأَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى الْمُلْكِ (10) ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ جَمَاعَةً مِنَ
(1) ك: مَا وَقَفْتُ. .
(2)
عَنْ ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(3)
ك، و: الْهَادِي عليه السلام.
(4)
فَسَأَلَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) .
(5)
ن (فَقَطْ) : وَكَانَتْ هَذِهِ الْمَوَاطِنُ الْجُمْلَةَ.
(6)
أ، ب: غَزْوَةً.
(7)
فِي كِتَابِهِ " مُرُوجِ الذَّهَبِ وَمَعَادِنِ الْجَوْهَرِ " 4/9394، تَحْقِيقِ الشَّيْخِ مُحَمَّد مُحْيِي الدِّين عَبْد الْحَمِيد رحمه الله، الطَّبْعَةِ الثَّالِثَةِ، 1377/1958.
(8)
أ، ب: وَنُمِيَ، وَفِي " مُرُوجِ الذَّهَبِ ": سُعِيَ.
(9)
ك: بِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عليه السلام.
(10)
ك: إِلَى الْمُلْكِ.
الْأَتْرَاكِ، فَهَجَمُوا دَارَهُ (1) لَيْلًا فَلَمْ يَجِدُوا فِيهَا شَيْئًا، وَوَجَدُوهُ فِي بَيْتٍ مُغْلَقٍ عَلَيْهِ (2) وَهُوَ يَقْرَأُ (3) وَعَلَيْهِ مِدْرَعَةٌ مِنْ صُوفٍ، وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الرَّمْلِ وَالْحَصَى مُتَوَجِّهًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَتْلُو (4) الْقُرْآنَ، فَحُمِلَ عَلَى حَالَتِهِ تِلْكَ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ، فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ (5) وَهُوَ فِي مَجْلِسِ الشَّرَابِ، وَالْكَأْسُ فِي يَدِ الْمُتَوَكِّلِ، فَعَظَّمَهُ وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَانِبِهِ، وَنَاوَلَهُ الْكَأْسَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ (6) مَا خَامَرَ لَحْمِي وَدَمِي قَطُّ (7) فَأَعْفِنِي، فَأَعْفَاهُ (8) وَقَالَ لَهُ: أَسْمِعْنِي صَوْتًا، فَقَالَ (9) :{كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} الْآيَاتِ [سُورَةُ الدُّخَانِ: 25] فَقَالَ: أَنْشِدْنِي شِعْرًا، فَقَالَ: إِنِّي قَلِيلُ الرِّوَايَةِ لِلشِّعْرِ، فَقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ، فَأَنْشَدَهُ: بَاتُوا عَلَى قُلَلِ الْأَجْبَالِ (10) تَحْرُسُهُمْ غُلْبُ الرِّجَالِ فَمَا أَغْنَتْهُمُ (11) الْقُلَلُ
(1) ص: فَهَجَمُوا عَلَى دَارِهِ. .
(2)
عَلَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3)
ك: وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ.
(4)
يَتْلُو: كَذَا فِي (و)، (ك) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: يَقْرَأُ.
(5)
فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ: كَذَا فِي (ر)، (ك) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: فَأَدْخَلَهُ عَلَيْهِ.
(6)
ن، م، و: تَاللَّهِ، هـ، ر، بِاللَّهِ.
(7)
قَطُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) .
(8)
أ: فَعَفَى عَنْهُ، ب: فَأَعْفَاهُ عَنْهُ.
(9)
و، ك: فَقَالَ عليه السلام، ن، هـ: فَقَالَ لَهُ.
(10)
ك، ص: قُلَلِ الْجِبَالِ، ر: قُلَلٍ أَجْبَالٍ، أ: الْقُلَلِ الْأَجْبَالِ، و: قُلَلِ الْأَجْيَالِ.
(11)
ص: فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمُ الْقُلَلُ.
وَاسْتُنْزِلُوا بَعْدَ عِزٍّ مِنْ (1) مَعَاقِلِهِمْ
…
وَأُسْكِنُوا (2) حُفَرًا يَا بِئْسَ مَا نَزَلُوا
نَادَاهُمُ صَارِخٌ (3) مِنْ بَعْدِ دَفْنِهِمُ
…
أَيْنَ الْأَسِرَّةُ (4) وَالتِّيجَانُ وَالْحُلَلُ
أَيْنَ الْوُجُوهُ الَّتِي كَانَتْ مُنَعَّمَةً
…
مِنْ دُونِهَا تُضْرَبُ الْأَسْتَارُ وَالْكِلَلُ
فَأَفْصَحَ الْقَبْرُ عَنْهُمْ حِينَ سَاءَلَهُمْ (5) تِلْكَ الْوُجُوهُ عَلَيْهَا الدُّودُ يَقْتَتِلُ (6)
قَدْ طَالَ مَا أَكَلُوا دَهْرًا وَمَا شَرِبُوا (7)
فَأَصْبَحُوا بَعْدَ طُولِ الْأَكْلِ قَدْ أُكِلُوا.
فَبَكَى الْمُتَوَكِّلُ حَتَّى بَلَّتْ دُمُوعُهُ لِحْيَتَهُ ".
فَيُقَالُ: هَذَا الْكَلَامُ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهُ، لَمْ يَذْكُرْ مَنْقَبَةً بِحُجَّةٍ صَحِيحَةٍ، بَلْ ذَكَرَ مَا يَعْلَمُ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ مِنَ الْبَاطِلِ (8) ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْحِكَايَةِ أَنَّ وَالِيَ بَغْدَادَ كَانَ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمِ الطَّائِيَّ، وَهَذَا مِنْ جَهْلِهِ (9) ، فَإِنَّ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ هَذَا خُزَاعِيٌّ مَعْرُوفٌ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ، كَانُوا مِنْ خُزَاعَةَ، فَإِنَّهُ (10) إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُصْعَبٍ، وَابْنُ عَمِّهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُصْعَبٍ أَمِيرُ خُرَاسَانَ الْمَشْهُورُ الْمَعْلُومَةُ (11) سِيرَتُهُ، وَابْنُ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ كَانَ نَائِبًا عَلَى بَغْدَادَ فِي خِلَافَةِ
(1) م، ك: عَنْ.
(2)
أ، ب: وَاسْتُبْدِلُوا.
(3)
أ، ن، و، هـ، ر، ص: صَايِحٌ.
(4)
ك: الْأَسَاوِرُ.
(5)
و، هـ، ز: سَاءَلَهُ، ص: تَسْأَلُهُ.
(6)
ك: تَنْتَقِلُ.
(7)
و، ك: وَقَدْ شَرِبُوا.
(8)
أ، ب: أَنَّهُ بَاطِلٌ.
(9)
أ، ب: مِنْ جَهْلِهِمْ.
(10)
أ، م، ص، هـ: فَإِنَّ.
(11)
أب: الْمَعْلُومُ.
الْمُتَوَكِّلِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الَّذِي صَلَّى عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ لَمَّا مَاتَ، وَإِسْحَاقُ [بْنُ إِبْرَاهِيمَ](1) هَذَا كَانَ نَائِبًا لَهُمْ فِي إِمَارَةِ الْمُعْتَصِمِ وَالْوَاثِقِ وَبَعْضِ أَيَّامِ الْمُتَوَكِّلِ، وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ مِنْ خُزَاعَةَ لَيْسُوا مِنْ طَيِّئٍ، وَهُمْ [أَهْلُ](2) بَيْتٍ مَشْهُورُونَ (3) .
وَأَمَّا الْفُتْيَا الَّتِي ذَكَرَهَا مِنْ أَنَّ الْمُتَوَكِّلَ نَذَرَ إِنْ عُوفِيَ يَتَصَدَّقُ (4) بِدَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ، وَأَنَّهُ سَأَلَ الْفُقَهَاءَ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُمْ جَوَابًا، وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثَلَاثَةٍ وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} ،
[سُورَةُ التَّوْبَةِ: 25] ، وَأَنَّ الْمُوَاطِنَ كَانْتْ [هَذِهِ الْجُمْلَةَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا](5) سَبْعًا وَعِشْرِينَ غَزَاةً (6) ، وَ [بَعَثَ] سِتًّا (7) وَخَمْسِينَ سَرِيَّةً، فَهَذِهِ الْحِكَايَةُ أَيْضًا تُحْكَى عَنْ
(1) بْنُ إِبْرَاهِيمَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
أَهْلُ: زِيَادَةٌ فِي (ب) فَقَطْ.
(3)
قَالَ: ابْنُ الْعِمَادِ فِي: شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 2/84 عَنْ وَفَيَاتِ سَنَةِ: 235: " وَفِيهَا الْأَمِيرُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُصْعَبٍ الْخُزَاعِيُّ ابْنُ عَمِّ (الصَّوَابُ: ابْنُ أَخِي) طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَلِيَ بَغْدَادَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ يُسَمَّى صَاحِبَ الْجِسْرِ، وَكَانَ صَارِمًا سَايِسًا حَازِمًا، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَطْلُبُ الْعُلَمَاءَ وَيَمْتَحِنُهُمْ بِأَمْرِ الْمَأْمُونِ، مَاتَ فِي آخِرِ السَّنَةِ ". وَانْظُرْ عَنْهُ: الْعِبَرَ 1/420، الْكَامِلَ لِابْنِ الْأَثِيرِ 7/17، الْأَعْلَامَ 1/283284. وَأَمَّا ابْنُ عَمِّهِ فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ زُرَيْقٍ أَمِيرُ خُرَاسَانَ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ:230. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 2/271275، تَارِيخِ بَغْدَادَ 9/483489، شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 2/68، الْأَعْلَامِ 4/226227.
(4)
إِنْ عُوفِيَ يَتَصَدَّقُ: كَذَا فِي (هـ)، (ر) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ.
(5)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (أ) ، (ب) فَقَطْ.
(6)
أ، ب: غَزْوَةً.
(7)
وَبَعَثَ سِتًّا. . . كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَسِتًّا. .
عَلِيِّ بْنِ مُوسَى مَعَ الْمَأْمُونِ، وَهِيَ دَائِرَةٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ كَذِبًا، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ جَهْلًا مِمَّنْ أَفْتَى بِذَلِكَ.
فَإِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ، أَوْ وَاللَّهِ لَأُعْطِيَنَّ فُلَانًا دَرَاهِمَ كَثِيرَةً، أَوْ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِدَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ، لَا يُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ.
وَالْحُجَّةُ الْمَذْكُورَةُ بَاطِلَةٌ لِوُجُوهٍ:.
أَحَدُهَا: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: إِنَّ الْمَوَاطِنَ كَانَتْ سَبْعًا وَعِشْرِينَ غَزَاةً وَسِتًّا وَخَمْسِينَ سَرِيَّةً، لَيْسَ بِصَحِيحٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَغْزُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ غَزَاةً بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ، بَلْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ (1) .
الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَاللَّهُ قَدْ أَخْبَرَ (2) بِمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ مَوَاطِنَ كَثِيرَةً، وَكَانَ بَعْدَ يَوْمِ حُنَيْنٍ غَزْوَةُ الطَّائِفِ وَغَزْوَةُ تَبُوكَ، وَكَثِيرٌ مِنَ السَّرَايَا كَانَتْ بَعْدَ [يَوْمِ](3)
(1) قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي كِتَابِهِ " الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ " السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ، تَحْقِيقِ مُصْطَفَى عَبْد الْوَاحِدِ 2/252 - 254 (ط. عِيسَى الْحَلَبِيِّ، 1384 1964) إِنَّ الْبُخَارِيَّ رَوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ سُئِلَ: كَمْ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ، شَهِدَ مِنْهَا سَبْعَ عَشْرَةَ، أَوَّلُهُنَّ الْعَسِيرَةُ، أَوِ الْعَشِيرَةُ. . . ثُمَّ نَقَلَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَنَّ بُرَيْدَةَ قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ فِي مُسْلِمٍ: أَنَّهُ غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً وَقَاتَلَ فِي ثَمَانٍ مِنْهُنَّ. ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ: " وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَزْهَرَ بْنِ الْقَاسِمِ الرَّاسِبِيِّ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ مَغَازِيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَرَايَاهُ ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ: أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ بَعْثًا، وَتِسْعَ عَشْرَةَ غَزَاةً ".
(2)
أ، ب: وَاللَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ. .
(3)
يَوْمِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (ص) .
حُنَيْنٍ كَالسَّرَايَا الَّتِي كَانَتْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ (1) مِثْلِ إِرْسَالِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى ذِي الْخُلَصَةِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ.
وَجَرِيرٌ إِنَّمَا أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِ سَنَةٍ، وَإِذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الْغَزَوَاتِ وَالسَّرَايَا كَانَتْ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، امْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْآيَةُ الْمُخْبِرَةَ عَنِ الْمَاضِي (2) إِخْبَارًا بِجَمِيعِ (3) الْمَغَازِي وَالسَّرَايَا.
الثَّالِثُ: أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَنْصُرْهُمْ فِي جَمِيعِ الْمَغَازِي، بَلْ يَوْمَ أُحُدٍ تَوَلَّوْا، وَكَانَ يَوْمَ بَلَاءٍ وَتَمْحِيصٍ (4) . وَكَذَلِكَ يَوْمُ مُؤْتَةَ وَغَيْرِهَا مِنَ السَّرَايَا لَمْ يَكُونُوا مَنْصُورِينَ فِيهَا، فَلَوْ كَانَ مَجْمُوعُ الْمَغَازِي وَالسَّرَايَا ثَلَاثًا وَثَمَانِينَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُنْصَرُوا فِيهَا كُلِّهَا، حَتَّى يَكُونَ مَجْمُوعُ مَا نُصِرُوا فِيهِ ثَلَاثًا وَثَمَانِينَ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ (5) أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ فِي الْآيَةِ ثَلَاثًا وَثَمَانِينَ، فَهَذَا لَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ (6) هَذَا الْقَدْرِ بِذَلِكَ، فَإِنَّ لَفْظَ " الْكَثِيرِ " لَفْظٌ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ الْأَلْفَ وَالْأَلْفَيْنِ وَالْآلَافَ، وَإِذَا عَمَّ أَنْوَاعًا مِنَ الْمَقَادِيرِ، فَتَخْصِيصُ بَعْضِ الْمَقَادِيرِ دُونَ بَعْضٍ تَحَكُّمٌ.
الْخَامِسُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 245] ، وَاللَّهُ يُضَاعِفُ الْحَسَنَةَ إِلَى
(1) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (هـ) ، (ر) ، (ص) .
(2)
أ، ب: مُخْبِرَةً عَنِ الْمَاضِي، ن: مُخْبِرَةً (وَسَقَطَتْ عِبَارَةُ: عَنِ الْمَاضِي) .
(3)
هـ، ر، ص، م: لِجَمِيعِ.
(4)
أ: وَكَانَ بونلا وَتَمْحِيصٌ، ب: وَكَانَ ابْتِلَاءً وَتَمْحِيصًا.
(5)
أ، ب: أَنَّهُ يَكُونُ بِتَقْدِيرِ. .
(6)
أ، ب: تَخْصِيصَ.
سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَقَدْ وَرَدَ (1) أَنَّهُ يُضَاعِفُهَا أَلْفَيْ أَلْفِ حَسَنَةٍ فَقَدْ سَمَّى هَذِهِ الْأَضْعَافَ كَثِيرَةً، وَهَذِهِ الْمَوَاطِنَ كَثِيرَةً.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} وَالْكَثْرَةُ هَاهُنَا تَتَنَاوَلُ أَنْوَاعًا مِنَ الْمَقَادِيرِ لِأَنَّ (2) الْفِئَاتِ الْمَعْلُومَةَ مَعَ الْكَثْرَةِ لَا تُحْصَرُ (3) فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ وَقَدْ تَكُونُ الْفِئَةُ الْقَلِيلَةُ أَلْفًا وَالْفِئَةُ الْكَثِيرَةُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ فَهِيَ قَلِيلَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كَثْرَةِ عَدَدِ الْأُخْرَى.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 43] . وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ أَرَاهُ أَهْلَ بَدْرٍ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ، وَقَدْ سَمَّى ذَلِكَ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ وَالْإِضَافَةِ.
وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ أَمْرٌ إِضَافِيٌّ. وَلِهَذَا تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا قَالَ لَهُ: " عَلَيَّ مَالٌ عَظِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ " هَلْ يُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِهِ إِلَيْهِ فَيُفَسِّرُهُ (4) بِمَا يُتَمَوَّلُ؟ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ أَوْ لَا يُقْبَلُ (5) تَفْسِيرُهُ إِلَّا بِمَا لَهُ قَدْرٌ خَطِيرٌ (6) كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَأَصْحَابُ الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَهُ بِنِصَابِ السَّرِقَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَهُ بِنِصَابِ الزَّكَاةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَهُ بِالدِّيَةِ. وَهَذَا النِّزَاعُ فِي الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ، وَالْخَبَرُ عَنْ أَمْرٍ مَاضٍ قَدْ عَلِمَهُ الْمُقِرُّ.
(1) أ، ب: بِنَصِّ الْحَدِيثِ وَقَدْ رُوِيَ.
(2)
أ، ب: فَإِنَّ.
(3)
ن: لَا تُحْصَى، و: لَا تُخَصُّ.
(4)
أ، ب: فَيُفَسَّرُ. 1
(5)
ن، م: وَلَا نَقْبَلُ، و: أَوْ لَا نَقْبَلُ.
(6)
أ، ب: إِلَّا بِمَا لَهُ خَطَرٌ، و: وَإِلَّا بِمَا لَهُ قَدْرٌ خَطِرٌ.
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ فَهِيَ إِنْشَاءٌ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِدَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ. وَالْأَرْجَحُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يُرْجَعَ إِلَى عُرْفِ الْمُتَكَلِّمِ، فَمَا كَانَ يُسَمِّيهِ مِثْلُهُ كَثِيرًا، حُمِلَ مُطْلَقُ كَلَامِهِ عَلَى أَقَلِّ مَحْمِلَاتِهِ (1) . وَالْخَلِيفَةُ إِذَا قَالَ:" دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ " فِي نَذْرٍ نَذَرَهُ، لَمْ يَكُنْ عُرْفُهُ فِي مِثْلِ هَذَا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَنَحْوَهَا، بَلْ هُوَ يَسْتَقِلُّ هَذَا وَلَا يَسْتَكْثِرُهُ، بَلْ إِذَا حُمِلَ [كَلَامُهُ](2) عَلَى مِقْدَارِ الدِّيَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، كَانَ هَذَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مَا دُونَ ذَلِكَ، وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، لَكِنَّ هَذَا مِقْدَارُ النَّفْسِ الْمُسْلِمَةِ فِي الشَّرْعِ، وَلَا يَكُونُ عِوَضُ الْمُسْلِمِ إِلَّا كَثِيرًا.
وَالْخَلِيفَةُ يُحْمَلُ الْكَثِيرُ مِنْهُ عَلَى مَا لَا يُحْمَلُ الْكَثِيرُ مِنْ آحَادِ الْعَامَّةِ، فَإِنَّ صَاحِبَ أَلْفِ دِرْهَمٍ إِذَا قَالَ: أَعْطُوا هَذَا دَرَاهِمَ كَثِيرَةً، احْتَمَلَ عَشْرَةً وَعِشْرِينَ وَنَحْوَ ذَلِكَ (3) بِحَسَبِ حَالِهِ. فَمَعْنَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ هُوَ مِنَ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ الْإِضَافِيَّةِ، كَالْعَظِيمِ وَالْحَقِيرِ يَتَنَوَّعُ بِتَنَوُّعِ النَّاسِ، فَيُحْمَلُ كَلَامُ كُلِّ إِنْسَانٍ عَلَى مَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِحَالِهِ (4) فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ.
وَالْحِكَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا عَنِ الْمَسْعُودِيِّ مُنْقَطِعَةُ الْإِسْنَادِ. [وَفِي تَارِيخِ الْمَسْعُودِيِّ مِنَ الْأَكَاذِيبِ مَا لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، فَكَيْفَ يُوثَقُ بِحِكَايَةٍ مُنْقَطِعَةِ الْإِسْنَادِ](5) فِي كِتَابٍ قَدْ عُرِفَ بِكَثْرَةِ الْكَذِبِ؟ (6) مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا
(1) ص: مُحْتَمَلَاتِهِ.
(2)
كَلَامُهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3)
أ، ب: وَنَحْوَهَا.
(4)
أ، ب: بِحَالِهِ.
(5)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6)
أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَسْعُودِيُّ، الْمُؤَرِّخُ صَاحِبُ " مُرُوجِ الذَّهَبِ "، " أَخْبَارِ الزَّمَانِ وَمِنْ إِبَادَةِ الْحَدَثَانِ " تَارِيخٍ فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ مُجَلَّدًا، مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ، أَقَامَ بِمِصْرَ وَتُوُفِّيَ بِهَا سَنَةَ 346 وَقِيلَ:345. تَرْجَمَ لَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي " لِسَانِ الْمِيزَانِ " 4/224 225، وَقَالَ عَنْهُ: " وَكُتُبُهُ طَافِحَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ شِيعِيًّا مُعْتَزِلِيًّا. . . ". وَانْظُرْ تَرْجَمَتَهُ أَيْضًا فِي: فَوَاتِ الْوَفِيَاتِ 2/94 95، طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ 3/456 457، النُّجُومِ الزَّاهِرَةِ 3/315 316، تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 3/857، الْأَعْلَامِ 5/87.