المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(1) Islamische: W. Heffening Fremdenrecht Das، هانوفر سنة 1925. (7) Muslim - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ١١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌جن

- ‌الجنة

- ‌الجهاد

- ‌جهنم

- ‌جهور

- ‌جهينة

- ‌الجواليقى

- ‌الجوبرى

- ‌جودت عبد الله

- ‌الجودى

- ‌جوف

- ‌الجوف

- ‌جوف السرحان

- ‌جوف كفرة

- ‌الجوهر

- ‌جوهر الصقلى

- ‌الجوهرى

- ‌جيزان

- ‌جيش

- ‌حالة الجيش الراهنة:

- ‌توزيع الجيش، أسلحته، ولباسه:

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌توزيع الجيش وسلاحه وزيه:

- ‌المصادر:

- ‌العصر الحديث

- ‌المصادر:

- ‌ح

- ‌حاتم

- ‌المصادر:

- ‌حاجب

- ‌1 - الخلافة

- ‌2 - الأندلس

- ‌المصادر:

- ‌3 - دول المشرق

- ‌المصادر:

- ‌4 - مصر والشام

- ‌ المصادر

- ‌5 - إفريقية الشمالية

- ‌حاجى خليفة

- ‌المصادر:

- ‌الحارث بن جبلة

- ‌المصادر:

- ‌الحارث بن كعب

- ‌تاريخها:

- ‌المصادر:

- ‌حازم بن محمد

- ‌المصادر:

- ‌الحافظ

- ‌المصادر:

- ‌حافظ إبرهيم

- ‌المصادر:

- ‌الحاكم بأمر الله

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحاكم النيسابورى

- ‌المصادر:

- ‌حام

- ‌المصادر:

- ‌الحامدى

- ‌المصادر:

- ‌حايل

- ‌المصادر:

- ‌حبة

- ‌المصادر:

- ‌حبيب بن مسلمة

- ‌المصادر:

- ‌حبيب النجار

- ‌المصادر:

- ‌الحجاب

- ‌المصادر

- ‌المصادر:

- ‌الحجاز

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحج

- ‌1 - الحج فى الإِسلام

- ‌2 - أصل الحج فى الإِسلام:

- ‌3 - الحج فى الجاهلية:

- ‌المصادر:

- ‌تعليقات على مادة "الحج

- ‌حجة

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حجر

- ‌المصادر:

- ‌حد

- ‌الحديبية

- ‌المصادر:

- ‌تعليقات على مادة "الحديبية

- ‌الحديث

- ‌1 - موضوع الحديث وصفته

- ‌2 - نقد المسلمين للحديث

- ‌3 - تصنيف الحديث

- ‌4 - مجموعات الحديث

- ‌5 - رواية الحديث

- ‌المصادر:

- ‌تعليقات على مادة "الحديث

- ‌الحديث القدسى

- ‌المصادر:

- ‌حرب

- ‌(1) النظرة الشرعية

- ‌المصادر:

- ‌(2) الخلافة

- ‌المصادر:

- ‌(3) سلطنة المماليك:

- ‌مكان تجمع الجيش:

- ‌نظام المعركة فى الميدان:

الفصل: (1) Islamische: W. Heffening Fremdenrecht Das، هانوفر سنة 1925. (7) Muslim

(1)

Islamische: W. Heffening Fremdenrecht Das، هانوفر سنة 1925.

(7)

Muslim conduct: M. Hamidullah of state لاهور سنة 1954.

(8)

War and peace in: M.Khadduri the Law of Islam، الطبعة الثانية، بالتيمور سنة 1955 ومصادره.

خورشيد [مجيد خدّورى Majid Khadduri]

(2) الخلافة

ولسوف لا نسوق فى هذا المقام تاريخا للحروب أو حتى دراسة لشأن الحرب فى حياة المجتمعات الإسلامية. وحسبنا هنا أن نذكر بعض الملاحظات عن فن الحرب نفسه الذى يمكن أن تكمله مواد "دار الحرب"(عن فكرة حالة الحرب من حيث النظر بين الإسلام وجميع الأراضى غير الإسلامية المجاورة له) و"جهاد"، و"جيش"(عن الجيوش والتنظيم الحربى) و"حصار"، وذلك علاوة على مواد أخرى أكثر تخصصا نسوقها فى موضعها من الترتيب. زد على ذلك أننا سوف لا نتعدى على عهد الأسلحة النارية التى يجب أن يرجع فى شأنها إلى مادة "بارود".

وتمضى الكتب النظرية عن فن الحرب، بالرغم من حدوث بعض التطور من حيث العمل، سائرة على تقاليد العرب الأولين واليونان وفوق ذلك كله الساسانيين. وقد تمت نقول من اليونانية والفارسية، بل من الآثار الهندية بطريقة غير مباشرة، قبل كتاب "الفهرست"، وبقى جزء من ترجمة كتاب فن الحركات الحربية الذى ألفه إيليانوس. مؤلف فى العهد اليونانى واللاتينى القديم ظل فى بوزنطة أيضا أكثر من يرجع إليه من المؤلفين فى هذه الشئون. ولكننا، بصفة عامة، لا مناص من أن نتناول التقاليد الأكثر شيوعا، وهى أوصاف لفعال أبطال العرب الأولين، والقواد المظفرين فى عهد الخلفاء الأولين، وخاصة فعال الإسكندر والحكام العظام فى تاريخ فارس. وهذه المواد قد تضمنتها كتب "الأدب" مثل "عيون الأخبار" لابن قتيبة أو "العقد الفريد" لابن عبد ربه، ودوائر المعارف المتأخرة عن ذلك فى الزمن، وهى توجد بصفة أخص فى ذلك النوع

ص: 3529

من كتب الأدب الذى يعرف بمرايا الأمراء مثل "سراج الملوك" للطرطوشى الذى يشمل فيما يشمل من نوادر أخرى كثيرة مفيدة عن الأمراء، بعض الحكايات عن قيادة الجيوش والعمليات الحربية. على أنه قد زاد على ذلك تجارب الأجيال اللاحقة، وهذه التجارب بالذات وإن كانت لا تنفصل بحال عن التقاليد، فإنها قد أوحت على نحو مباشر أكثر بالكتب التى كتبت فى ظل النفوذ المباشر للأرستقراطيات الحربية الحاكمة فى وسط آسية أيام الحروب الصليبية ثم بعد ذلك فى ظل المماليك الذين انتهى الينا من الفترة الأخيرة لحكمهم عدد كبير من الكتب كتبت فى الأغلب الأعم من وجهة نظر التدريبات العسكرية (انظر الأثبات فى L.Mercier: La Parure des cavaliers الترجمة الفرنسية: سنة 1924، ص 432 - 459، Ritter H. فى. ISI جـ 17، سنة 1929، ص 116 - 154؛ . George T A Muslim Manual of War: Scanlon، سنة 1961، ص 6 - 20) وسنذكر هنا فقط أقدم ما بقى لنا من كتب: كتاب عن عهد الغزنويين اسمه "كتاب الحرب والشجاعة" نشره أ. و. م شفيع فى - Is Iamic Culture، سنة 1957 (والقسم الحربى من هذه الرسالة ينتسب إلى ذلك النوع من الأدب المسمى "مرآة الملوك" لفخر مدّبر مباركشاه، ويبدأ بالقرن السابع الهجرى الموافق الثالث عشر الميلادى) و"تذكرة فى الحيل الحربية" لعلى الهروى طبعه وترجمه إلى الفرنسية J.Sourdel-Thomine. في BEO، جـ 17، سنة 1962 (ويجب مقارنته بفقرة من كتاب

Traite d' Armureie Pour Saladin، طبعه وترجمه إلى الفرنسية Cl. Cahen فى BEO، جـ 12، سنة 1948، ص 23 - 24، 148 - 149، 159 - 160) وذلك عن عهد الأيوبيين. وثمة أيضا كتابان مطبوعان كتبا فى عهد دولة المماليك، وهما كتاب عيسى بن إسماعيل الأقسرائى (وفيه نجد مختارات من إيليانوس) طبعه وترجمه إلى الألمانية فستنفلد (- Wues tenfeld: - Das Heerwesen der mu hammedaner في Ges. d. Wiss. Goettingen Abh.d.K، جـ 26، سنة 1880)

ص: 3530

وكتاب "تفريج الكروب فى تدبير الحروب" لعمر بن إبراهيم الأوسى الأنصارى، طبعه وترجمه إلى الإنكليزية George T. Scanlon فى الكتاب الحديث الذى ذكرناه آنفا. وثمة أيضا بعض المعلومات فى "مقدمة" ابن خلدون وفى كتب الفقهاء مثل الماوردى والحسن بن عبد الله العباسى ("آثار الأول فى ترتيب الدول" ويبدأ بالقرن الثامن الهجرى الموافق الرابع عشر الميلادى) بل فى كتب الفقه العادية. (أنظر المثل الذى ساقه M.Talbi فى - Ca hier de Tunisie جـ 4، سنة 1956). ويبدأ أى تاريخ للحرب بطبيعة الحال بغربلة كتب الأخباريين (وهو عمل لم يعمل قط من هذه الزاوية) بل قصص الفروسية الشعبية التى تحفل بأوصاف المعارك على تفاوت فى الضبط والوثوق. ويجب أن نذكر أخيرا المعلومات المفيدة التى تقتطف من بعض فقرات كتابين بوزنطيين هما كتاب Taktikon لليو السادس، وكتاب " Stratigikon" لككاومنوس (بداية القرن العاشر الميلادى بالنسبة للأول ومنتصف القرن الحادى عشر الميلادى بالنسبة للثانى).

والحرب، من حيث النظر، ليس لها من مبرر إلا حين تكون "للجهاد". أما الحرب العادية بين المسلمين فقد ذمت، ومن ثم الجهود التى يبذلها الحكام لتصوير عدوهم بأنه قد خرج من بعض الوجوه على أوامر الدين أو أساء إلى السنة. على أن ابن خلدون، عالم الإجتماع، يعد الحرب جزءًا لا يتجزأ من المجتمع الإنسانى منذ الحالة القبلية فصاعدا، ولو أنه يضيف أن الجهاد فى نظر الشريعة وهو إخماد الفتن هما الصورة الواحدة لتبرير الحرب.

وإذا استثنينا حالات الجهاد الرسمى المعلن على الكفار، فإنه لم يرد نص بإعلان الحرب بصورة منتظمة أو صحيحة شرعًا، ولكن الشائع أن كل خصم يبعت إلى خصمه بتحديات تعلن أن الحكم الوحيد الممكن بينهما هو السيف، ومع أنه يحدث بطبيعة الحال أن ينهب "المدنيون" أو يؤسروا إلخ، فإنه يمكن أن يحدث أيضا، حتى فى الجهاد، أن القوافل التجارية تمر بين الجيوش من غير أن يصيبها أذى غير

ص: 3531

عابئة بتنازع الحكام (أنظر مثلا ابن جبير: الرحلة، ص 281).

ولا يدرك المرء - بخلاف ما ورد فى هذه الكتب - العلاقة بين الحرب والسياسة وأن نجاح الأولى يعتمد إلى حد كبير على قيمة الثانية. ومن ثم يوصى الأمير أن يسعى إلى إكتساب ثقة رعاياه، وجنوده بصفة أخص، بتصرفه حيالهم وبإدامة أعطياتهم بانتظام. وهذا يقتضى أن يكون الموقف المالى سليما، وهو حين يستعرض جنوده يجب عليه بطبيعة الحال أن يكون عالما بحالهم أو يتحرى ذلك بنفسه، زد على ذلك أنه يجب أن يكون عارفا دائما بالموقف العام فى الدولة المعادية، أو بالحالة فى الدولة التى تقف منه فعلا هذا الموقف، ومواردها المادية والحالة بالنسبة لروحها المعنوية حتى يستطيع إذا أمكن الاتصال بالعناصر الساخطة فيها، وخاصة فى حظيرة الجيش نفسه. ومن ثم وجب إقامة نظام للجاسوسية يمكن أن يستفاد فيه بحاشية السفراء (ويجب أن يغيروا كثيرا لتحاشى خطر أن يقيموا صداقات فى البلاد المعادية) وبالتجار والحجاج الذين يزمعون الحج حقا والذين يتظاهرون بذلك (كان على الهروى واحدا من هؤلاء). وبطبيعة الحال فإن من المعروف أن العدو يستطيع أن يفعل ذلك أيضا. ولذلك وجب إقامة نظام لمقاومة الجاسوسية وخاصة فى نطاق الجيش؛ على حين يتحاشى اتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين تلقوا رسائل من العدو ما داموا لم يستجيبوا بالفعل للإغراء. ومن المستصوب فى الوقت نفسه حملهم على تجديد قسم الولاء. وكل هذا أحدث جوا من الحيل الصغيرة التى تكاد تبلغ مبلغ الخطر والاشتباه العام المأثور عن الحروب بل الحياة السياسية بأسرها فى ذلك العهد

ونضيف إلى هذه المعلومات، فى حالة الحرب أو التهديد بالحرب، معلومات عن تحركات العدو، ومن وسائل الحصول عليها البريد، بل إن هناك فى بعض الأحيان مرافق للاتصال السريع (مراقب وخاصة على الساحل والإشارات المنظورة ومراكز الحمام الزاجل) وانظر عن هذا كله J.Sauvaget:

ص: 3532

La poste aux chevaux dans l'Empire des Mamluks، سنة 1941.

والروح المعنوية مهمة فى العمليات الحربية نفسها. والذى يشجع على قيامها أولا الهدايا والوعود تبذل بجنى المغانم، وتجدد قبل المعركة ينبذَ من مغامرات الأجداد، وفى حالة الجهاد، بالوعظ والحث على التقوى.

ومن الواضح أن التعاليم العسكرية وتجارب الجيوش الإسلامية القديمة لا تتصل إلا صلة قليلة بالغارات والمبارزات الفردية المألوفة فى الجاهلية والإسلام على أول عهده، ذلك أن المتخصصين، كما فى الفقه، يفرقون بين الأصول والفروع. وتقوم الأصول فى جوهرها على التقسيم النظرى إلى خمسة عناصر (خميس): القلب، والميمنة، والميسرة، والمقدمة، والساقة، ويطبق هذا فى المعركة مع التغييرات الضرورية. والفروع هى العمليات التى يقوم بها الجنود غير النظاميين الذين ليسوا جزءًا من الجيش عينه، ولو أنهم قد يلعبون دورا فى بدايات المعركة وعلى هامشها.

وحين يستقر الرأى على المعركة، تستعرض القوات اللازمة وتوزع الأسلحة (بخلاف الأسلحة الشخصية التى يحملها الجنود دائما) ويعين القائد إذا كان الأمير لا يقود الجيش بنفسه، أما النساء والأطفال (وهم بين البدو يصحبون المقاتلين ويشجعونهم معرضين لخطر الأسر فى حالة الهزيمة) فلا يدخلون فى الجيوش النظامية للدولة المنظمة. والأمتعة تكون على رأس الصف السائر أو فى مؤخرته. ويجب أن يكون الطريق قد درس من حيث طبيعة الأرض وتوفير المؤونة وتحركات العدو، وإذا لم تتحقق سلامة الموقف فإن البلاد يجب أن يرتادها الكشافة من جميع الجهات هم وجماعات الاستطلاع الصغيرة، وتعطى إشارة عند ظهور أى علامة تدل على اقتراب العدو. وقد يحدث أن ترحل مقدمة الجيش قبل قلبه بعدة ساعات، وإذا لم تكن الاحتياطات كافية فربما أخذت المقدمة على غرة وغلبها العدو بتفوقه عليها فى العدد. والجيش - وهو ماض فى سيره - يتوقف فى معسكرات يجب أن تختار مواقعها كذلك لضمان

ص: 3533

الأمن وخاصة موارد الماء وما إلى ذلك. وإذا استطالت مدة التوقف يجب أن يكون المعسكر مربعا على وجه التقريب تحوطه خنادق، ويصطف الجنود فى رحابه على نحو يحقق الفصل بين العناصر الخمسة والقيادة: مع وجود دروب متقاطعة بين أقسام الجيش تسير على منهج المعسكرات اليونانية الرومانية تقريبا.

وإذا أصبحت المعركة وشيكة أصبح من المهم اختيار أرضها بحيثُ تتحاشى بقدر الإمكان الشمس والريح، وكذلك خطر الفيضان، مع تجنب أن يسيطر عليها العدو لاحتلال أماكن أعلى. وإذا كان العدو قد اتخذ من جانبه مثل هذه الاحتياطات، وجب أن تبذل محاولة للمناورة بحيث يمكن بمضى المعركة تعديل موقع الجيش. ويُستشار المنجمون فى كثير من الأحيان فى الموعد المفضل للمعركة، ويعقد أحيانا "مجلس حرب".

وإبان المعركة يتمتع كل "خميس" من حيث النظر باستقلال فى قيادته، ولو أن القائد العام - بطبيعة الحال - قد يعطى أوامره لتحقيق المناورة بقيام قسم من الجيش بعمل فى صالح الجيش كله، أو يأخذ من قسم مددًا للأقسام الأخرى. وكل خميس، من حيث المبدأ، صف متصل، ولو أنه قد يقسم فى بعض الأحيان إلى جماعات صغيرة تسمى كراديس والمفرد كردوس (وهى بدعة يقال إن الذى استحدثها هو مروان الثانى تقليدًا للبوزنطية). وقد جرت العادة أن يكون فى الجيش ثلاثة أنواع من الجنود: الأول رماة السهام والنَبَّالة، والثانى المشاة تحميهم دروعهم وقد تسلحوا بالحراب أو السيوف، والثالث هو الفرسان المدججون بالسلاح (أما الفرسان الخفاف فقد جرت الحال بأن يكونوا بين الجنود غير النظامية فحسب). وفى القلب يجب أن يكون لواء القائد منشورًا على مرأى الأعين، وقد خسرت معارك لأن تنكيس العلم اتخذ دليلا على الهزيمة. وتقوم المعركة فى جوهرها على حملة يقوم بها الفرسان، قد تكرر ثلاث مرات إذا لم تخترق صفوف العدو. ويقوم دور المشاة ورماة السهام فى فل هجوم العدو من بعد ثم من قرب، على حين تشتبك معه

ص: 3534

الفرسان على الفور إذا استطاعت أن تبلغه. وحين يقوم الفرسان بالهجوم تترك مسافات بين المشاة، أو هم يقفون جانبا ليفسحوا المجال لهجوم الفرسان. وإذا لم يستطع كسر الهجوم بالهجوم المضاد، فإنه قد يؤدى سريعا إلى ارتداد فرسان العدو، ويحدث هذا الارتداد اضطرابا فى صفوف العدو. وفى حالة تفوق العدو كثيرا فى العدد، أو أى ضعف آخر يصيب الجيش، فإن الصفوف قد يستبدل بها مربعات متينة التكوين لتوقف سورة الهجوم. والهجوم لا يحدث عادة على القلب والأجناب فى وقت واحد، ولو أنه قد تحدث هجمة من قسم من الجيش على نقطة ومن قسم آخر على نقطة أخرى. وينشأ عن هذا أن يهزم قسم من الجيش وينتصر قسم آخر. وقد وقعت حالات ظن كل جانب انه انتصر أو انهزم. على أنه يحدث بصفة عامة أن يمضى فى القتال قسم من قسمى الفرسان الذى انتصر فى القطاعات الخاصة به قبل أن يدهم القسم الآخر القطاعات الأخرى من جيش العدو. والحق إن الخطر العظيم يكمن فى أنه ما إن يبدو الانتصار محققا حتى يهرع المنتصرون متكالبين على متاع الجيش وخلافه للاستيلاء على الغنيمة، ومن ساعتها يعودون غير قادرين على إبداء أية مقاومة إذا عاود العدو فجأة الهجوم.

وكثيرا ما كانت تبذل المحاولات لتنظيم الكمائن، إما باستغلال ممر جبلى على طريق جيش العدو، وإما بمحاولة خداع العدو بالمناورات إبان المعركة وجرّه إلى مواقع معدة من قبل. وكان إعداد الكمائن فى كثير من الأحوال يقترن بحركة من الفرسان من التحركات التى يتظاهر فيها بالفرار، وقد برع الأتراك فى هذا بصفة خاصة، وكان العرب بلا شك أخف من الصليبيين وأسرع (ويعتمدون كما فعلوا على التحركات التى تفاجئ العدو فى حشد حاشد)، على حين كانوا بصفة عامة يهجمون فى صف واحد، أما الأتراك فكانوا يهجمون وهم يرمون بالنبال فى سيرهم مكونين جيشهم بحيث ينهالون على العدو بالسهام من جميع النواحى. وهم لا يصرون فى محاولتهم إلى اختراق صفوف العدو،

ص: 3535

ولكنهم حين يشتبكون معه يحاولون جر هذه الصفوف فى مطاردة وبذلك يشيعون الاضطراب فى صفوفه، ثم هم ينقلبون عليه فجأة بمساعدة أخيرة تبذل لهم من قوة جديدة كانت مهيأة فى كمين. ومن العجيب أن الأقوام المتعاقبة شبه البدوية التى كانت تدين ببعض نجاحها إلى اتباع هذه الحركات الحربية، ما ان أصبحت أكثر استقرارا وملكت إمبراطوريات سارت جيوشها على النمط الأثقل تسليحًا والأكثر أخذًا بالتقاليد حتى أخذت واحدة بعد أخرى تنسى طريقتها البدائية فى القتال وقد أنزل بها الهزيمة وافدون جدد ظلوا يتبعون هذا النهج البدائى فى الحرب.

وفى أثناء المعركة يستبدل القائد بخيل الجنود التى قتلت وسلاحها الذى فقدت أو الذى أصبح عديم الجدوى خيلا أخرى وسلاحا آخر. وثمة جدال فى الفقه حول قتل غير المحاربين والنساء والأطفال والعجائز ورجال الدين، ولكنه يستنكر ذلك بصفة عامة. وأثناء الحصار بصفة خاصة، وإبان المعارك التى تدور فى العراء بصفة عامة، فإن الأشخاص أو الجماعات قد تحصل على الأمان وقد يصدر هذا الأمان حتى من شخص عادى. ومن المآسى الكبيرة أن تجئ الهزيمة منكرة تحول دون دفن القتلى الذين يتركهم العدو فى كثير من الأحيان صرعى حيث قتلوا ونهبوا. على أننا نستطيع القول بصفة عامة أن الهدف لم يكن القتل بقدر ما كان الإستيلاء، وما إن تخاض المعركة وينتصر فيْها حتى ينهب معسكر العدو. وكان الأمير، من حيث المبدأ، يحتفظ لنفسه بخمس الغنيمة الشرعى، ولكن ما كان أكثر ما يسير توزيع الغنيمة فى منتهى الفوضى، وكان الجنود أثناء ذلك لا يراعون القواعد الأساسية فى اقتسام الغنيمة، ولا حتى يلتزمون بأى نظام. وكان كل واحد بصفة خاصة يستحوذ لنفسه على كل ما يستطيع من أسرى رجالا ونساء ثم يبيعهم بعد ذلك فى سوق الرقيق (ويتسبب بذلك فى رخص أسعارهم إذا كانوا كثيرين) أو يحتفظ بهم. وكان الفلاحون، كلما استطاعوا، يسرقون الضالين من الجنود من الطرفين المتقاتلين.

ص: 3536

وما إن يتم النصر حتى يبعث الغازى أو وزيره برسائل الفتح التى أصبحت بمرور القرون فرصة متزايدة للإنشاء الذى تجمد على صورة واحدة وراح يمارسه رؤساء ديوان الرسائل

(انظر الرسائل التى كتبها القاضى الفاضل باسم صلاح الدين والرسائل التى كتبت بمناسبة الاستيلاء على بيت المقدس). وهذه الرسائل بطبيعة الحال تبالغ فى قوة العدو ورفع شأن الانتصار الذى أحرز وتقلل من الخسائر. وفى حالة الحرب على الكفار والزنادقة كان يرفع تقرير خاص للخليفة، الذى يبعث بتهانيه ويسبغ آيات التشريف. وكذلك يمنح الأمير القائد الظافر أوسمة التشريف. وإذا كان الأمير هو الذى قاد بنفسه الحرب، فهو يقيم حفلات ويخلع ألقابا ومآثر ويسبغ العطايا، ولو أن ذلك لم يكن يحدث بصفة منتظمة كما أنه لم يكن مفروضا أو واجبا.

وكان الأسرى الذين يقعون من نصيب الأمير يستخدمهم فى العمل الشاق الذى يأنس صعوبة فى أن يدبر له العمال الوطنيين (مثل بناء الحصون وما إلى ذلك). أما الأسرى الموسرون فكانوا طبيعة الحال يفتدون كما هو منتظر، من قبل أسرهم أو من قبل الأمير العدو. وقد يحدث أيضا تبادل للأسرى إذا وقعت معاهدة سلام أو صلح. ونذكر أخيرا، وخاصة فى حالة الحرب على الكفار، أن المال يبذل أو يوقف من قبل الصالحين لافتداء أسرى المسلمين (وكذلك يفعل الجانب المسيحى بالنسبة لفداء أسراه). وحين يحدث، فى مدينة مثلا، أن يؤسر مدنيون قد لا يكونون مسلمين، فإن إخوانهم فى الدين يفتدونهم، وقد حفظت وثائق الجنيزة مثلا رسائل خاصة بافتداء اليهود. وكانت فدية الأمير العادى تكاد تعادل بطبيعة الحال ثمن العبد.

والظاهر إن الفقه الإسلامى لم يعن بحالة الأسرى من حيث هم أسرى فى دار الإسلام (كانوا عبيدًا). على أنه عنى بالطريقة التى يتصرف بها المسلمون الذين يقعون فى أيدى الكفار فى البلاد

ص: 3537

الأجنبية ليحافظوا على دينهم (Erwin Religioese und rechtliche Vor-: Graef stellung ueber Kriegsgefangenen in Islam und Christentum فى Die Welt des lslam جـ 8، سنة 1963، ص 89 - 139).

ولم تكن الحرب لتدوم طويلا إلا فى النادر، وخاصة إذا لم يكن فيها حصار، وقلما كان المشتبكون فيها يزيدون على بضعة آلاف من الجنود، ولو أن العدد الكلى لجيش الدولة المشتبكة فى الحرب يزيد على ذلك، وقد كان السبب فى ذلك أنه كان من العسير تدبير الغذاء اللازم لمؤونة الجيش وهو يحارب. زد على ذلك مقتضيات الجو، فإنه لم يكن فى الإمكان بصفة عامة التخطيط لحملة تشن فى الشتاء، بعد أن يكون الضباط قد أصبحوا مزارعين أو جباة ضرائب فإنه لم يعد من الممكن احتجازهم لخوض المعركة إبان موسم الحصاد. ومهما يكن من شئ فإنهم كانوا عازفين عن أن يظلوا تحت السلاح أكثر من أسابيع قلائل؛ ذلك أن مواردهم العادية كانت لا تكفى لإعالتهم أكثر من ذلك، كما كانوا يكرهون الغياب عن أسرهم، وما أكثر ما كانت الحرب تحسم فى معركة واحدة يعقبهما عدة حصارات للمعاقل.

وكانت الحرب فى كثير من الأحوال تنتهى بصلح فى صورة تسليم مشروط أو معاهدة يتفاوض فيها السفراء. وكان السلام فى غير ذلك من المناسبات، وخاصة فى الحروب مع الكفار، محدودا بصلح مرهون بأجل وبمنطقة معينة. وكانت الحرب أيضا فى كثير من الأحوال يمكن أن تتوقف دون قيام أى سلام رسمى.

وهذه الملاحظات التى أسلفنا بيانها لا تنطبق بلا خلاف على جميع العهود، وعلى جميع الشعوب (وقد سبق أن استثنينا الترك من ذلك) ولا على جميع الأراضى. وقد زاد شأن فرقة الخيالة شبه الثقيلة التى لم يكن دورها فى أول الأمر إلا دورا تافها، وذلك منذ القرن الثامن الهجرى (الرابع عشر الميلادى). وكانت الحركات الحربية المأثورة عن القدماء مستحيلة فى القتال الذى يدور فى الجبال والذى كان دور الفرسان فيه لا يمكن إلا أن يكون على نطاق

ص: 3538

ضيق، وكذلك القتال الذى يدور فى البطائح مثل بطيحة العراق. وهذا من الأسباب التى امتزج فيها بالخيالة الترك فى السنوات الأخيرة التى استقلت الخلافة فيها بأمر نفسها، مقاتلون من الديلم وهم سكان الجبال الذين يحاربون على أقدامهم. وقد يحدث أنه إذا عجز كل جيش من الجيشين المتقاتلين أن يقاتل فى أرض الآخر فإن الجيشين كلاهما لا يستطيعان أن ينتصرا أو تحل بهما الهزيمة. مثال ذلك أن مشاة الموحدين الأولين عجزوا عن مهاجمة الخيالة المرابطين فى السهل، ولكنهم كذلك لم تتيسر مهاجمتهم وهم يلوذون بجبالهم. وقد رّوع الفيلة فى الشرق من العالم الإسلامى جياد أى عدو لم يكن له عهد بها.

ونحن لم نتناول هنا الحرب البحرية ولكننا يجب أن ننوه بالدور الذى كانت تستطيع البحرية أن تلعبه فى نقل جنود البر عبر مضايق جبل طارق مثلا، أو من مصر إلى الثغور الشآمية التى كان الصليبيون يهاجمونها من البر.

أما على الحدود، فقد كان الغزاة والمرابطون لا يدهمون العدو بمعارك بل بغارات مفاجئة (كانوا يتأخرون فى طريق عودتهم بسبب الغنيمة التى كانت تشتمل على كثير من الدواب) تقابل بغارات مثلها، على أن ذلك لا يستثنى منه عدة صور من العلاقات السلمية بين سكان الثغور (أى الحدود) فى الفترات الواقعة بين غارة وأخرى كما جاء فى وصف قصص الفروسية العربية واليونانية (ديجنيس أكريتاس؛ وذو الهمة وسيد بطّال إلخ)، وقصص أتراك الأوج، وأتباع الغزاة العرب والأكريتاى البوزنطيين أدخل فى الحرب بلا جدال.

وتثير انتصارات المغول المدوية مسألة: هل كانوا يتفوقون تفوقا فنيا واضحا على أعدائهم؟ وهذه الحالة لم تدرس دراسة كافية، ولكن يبدو أن الأمر لم يكن كذلك فالظاهر أن انتصاراتهم كانت ترجع إلى النظام، وإلى سرعة تحركاتهم وفنهم فى إخفائها، وتفوق نظام الجاسوسية والمخابرات عندهم، واستخدامهم المزدوج على نطاق واسع لآلات الحصار التقليدية التى كان ينقلها

ص: 3539