الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عدد آخر لا يستهان به من بلاد ترجع شهرتها إلى أن الإِسلام وجدها قد برئت من أن تكون أماكن للعبادات القديمة فقدسها إما لحادث تاريخى، وإما لأنه جعل منها حرما كمكة، ومن لغو القول أن نعددها هنا. ذلك أنَّه كلما وجد لها القارئ شأنًا لأسباب دينية فيمكنه أن يجد الكلام عنها فى مادتى مكة والمدينة أو المواد الخاصة.
وسكان الحجاز بدو من الأعراب اللهم إلا فى المدن الكبيرة حيث اختلطت بدماءهم دماء أخرى على تفاوت فى ذلك وخاصة فى جدة وأقل منها مكة نفسها. ولأسماء القبائل العربية القديمة كثمود والأوس والخزرج فى المدينة، وقريش فى مكة، مكانها فى التاريخ، أما ثقيف وهُذَيل فما زالوا يعرفون بأنهم سكان الطائف وجنوبى الحجاز. ونذكر أيضًا بَلِىّ وجهينة وسُلَيْم وهُتَيْم وحرب.
وقد فقدت شتى طرق الحجيج التى تلتقى فى مكة معظم ما كان لها من شأن لازدياد المراكب البخارية، فقد حملت هذه المراكب معظم الحجاج الذين يسافرون عن طريق جدة، وسيهجر الناس هذه الطرق أكثر وأكثر عندما تصل سكة الحديد التى تجرى الآن بين دمشق والمدينة إلى مكة (انظر Die mekkabahn: M. Hartmann في، Orient Litteraturzeintung، 1908 م، ص 1 وما بعدها) وتاريخ الحجاز هو تاريخ مكة والمدينة ومن ثمَّ نحيل القارئ على هاتين المادتين.
المصادر:
(1)
انظر ما ذكر فى مادة جزيرة العرب عن المؤلفات الجغرافية التى كتبت فى جزيرة العرب وانظر أيضًا مصادر مادتى مكة والمدينة.
(2)
ونذكر من المراجع الدينية البتنونى: الرحلة الحجازية، القاهرة سنة 1329 هـ.
(3)
عبد المحسن: الرحلة اليمنية لصاحب الدولة حسين باشا أمير مكة، القاهرة سنة 1300 هـ.
(4)
Le Berceau de I'Is-: Lammens lam ص 9 وما بعدها.
+ الحجاز: مولد الإِسلام
ولا يزال هو المركز الروحى لهذا الدين، وهو الجزء الشمالى الغربى لشبه جزيرة العرب. والحجاز من حيث هو المكان الذى تقوم فيه الكعبة، ومن حيث هو موطن النبى محمَّد عليه السلام، ومنزل الوحى الذى نزل عليه وقصبة الإقليم الذى كانت فيه الدولة الإِسلامية الأولى، يعد فى نظر المسلمين مثل "البلاد المقدسة" وفلسطين فى نظر اليهود والمسيحيين. والحق إن المسلمين أكثر غيرة على الحفاظ على حرمة مزاراتهم الكبرى. فالمناطق المحيطة بمكة والمدينة المنورة حرم لا يسمح بدخوله إلا للمسلمين، وما أكثر ما فرضت القيود على دخول غير المسلمين فى غير ذلك من أجزاء الحجاز.
وعلى حين تتفق المراجع العربية بصفة عامة على أن الحجاز معناه "الحاجز" فإنها تختلف فى تفسير استعماله. وأشيع الآراء هو أن الحجاز هو سلسلة جبال السراة التى تفصل أسافل الغور أو تهامة على بحر القلزم عن هضاب نجد فى الداخل. وثمة رأى آخر يقول إن الحاجز يقوم بين الشام فى الشمال واليمن فى الجنوب، وقد أظهر البحث الجيولوجى الحديث بأن جبال هذين الصعقين تقوم وراء الدرع العربى الذى تنتمى إليه جبال السراة.
وفكرة الحجاز من حيث هو مانع جاءت أيضًا من أن الكثير من أرضه مغطى بحَرّات التى تجعله "حجاز أسود". ومن أشهر الحرّات فى صدر الإِسلام ليلى، وواقِم، والنار، وبنو سُلَيم. ويقتضى الأمر القيام ببحث آخر لتحقيق هذه الحرات وضبط صيغ الأسماء الحديثة. وقد علم كاتب هذه المادة فى زيارة له لتبوك مثلا أن الحرات التى تقوم إلى الجنوب فيها تسمى "الرهات"(والحركات غير محققة) وعُوَيْرِض، وليست الرَحَى والعُوَيرض كما يردان كثيرًا على الخرائط.
وليس ثمة اتفاق جوهرى فى تعيين الحدود الجغرافية للحجاز: ومع أن تهامة، إذا شئنا الدقة، ليست جزءًا من الحجاز فإنها كثيرًا ما تعد داخلة فيه. وقد سميت مكة فى التلال تهاميَّة،
والمدينة نصف تهامية ونصف حجازية. وفى الشرق تمتد رقعة الحجاز أحيانًا حتى فَيْد بالقرب من أجأ وسلمى، ولكن هذا تفسير مشتط، شأنه شأن التفسير الذى يجعل الحجاز يمتد شمالا فيدخل فى فلسطين. وأكثر الروايات تحديدًا عن حده الشمالى تخرج مدين وحسمى فى الأرض المناوحة لها حسمى من الحجاز. وفى الجنوب كان الحجاز فى زمن من الأزمان يساير اليمن، ولكن الذى حدث فى الأزمنة الحديثة أن عسير كانت تقوم بين الاثنين. والحجاز، كما بحث فى هذه المادة، يطابق بصفة عامة المديرية الغربية للمملكة العربية السعودية الحديثة.
ويمكن تقسيم الحجاز تلبية لأغراض الوصف إلى ثلاثة أجزاء: الشمالى، والأوسط والجنوبى. والجزء الأوسط، وهو أهم الأجزاء بالنسبة لتاريخ الإِسلام، سنتناوله أولا.
ويمكن القول بأن هذا الجزء الأوسط تحده من الجنوب الأراضى القائمة فى جوار الطائف ومكة وجدة وتحده من الشمال الأراضى القائمة فى جوار المدينة وينبع. ومن حافة المدينة تمتد حرة مترامية الأطراف تساير جبال السراة حوالى 300 كيلومتر حتى تكاد تبلغ مكة.
وكان الطريق القديم من الطائف يسير شمالا إلى وادى "النخلة اليمانية" ثمَّ يهبط منها سائرًا تجاه مكة. وكان يقوم فى هذا الوادى "قرن المنازل" وهو الميقات الأولى للحجاج من جنوبى نجد وعمان. و"الميقات" الحالى مكان يعرف بالسيل الكبير فى الوادى نفسه. وكانت تقوم فى "النخلة الشامية" ذات عرق، وهى الميقات للحجاج القادمين من شمالى نجد والعراق مارين بدرب زبَيْدة، وهو الطريق الذى زودته زوجة هارون الرشيد بالصهاريج وغير ذلك من أسباب الراحة. وكثيرًا ما تذكر ذات عرق حدًا للحجاز فى هذا الاتجاه. ويلتف الآن طريق عام مرصوف حول الجبال من الطائف إلى مكة مباشرة، ومن ثمَّ يستطاع تفادى العقدة التى إلى الشمال. وتصب النخلتان، اللتان يكتفى اليوم بتسميتهما اليمانية والشامية، فى
وادى فاطمة (يعرف فى الزمن القديم بمر الظهران) وهو المهد الخصيب الذى يقطعه الطريق من مكة إلى جدّة.
وكان المسافرون من مكة إلى المدينة، فى جميع المراحل من تاريخ الإِسلام، لهم الخيار فى سلوك طريقين: الأول يساير الساحل (الطريق أو الدرب السلطانى)، والآخر الذى يسير إلى الشرق من الحرة الكبرى (الطريق أو الدرب الشرقى) مع بعض تغييرات فى سير الرحلة كل عام. والذى حدث قبل دخول السيارات ذات المحركات أن الذين جروا على اختيار الطريق السلطانى كانوا يجاوزون جدَّة توفيرًا للوقت. وعلى مسيرة ثلاث ساعات من مكة كان يقوم المسجد الذى فيه القبر المقبب لآخر زوجات النبى صلى الله عليه وسلم "ميمونة" فى سِرِف حيث بنى بها الرسول صلى الله عليه وسلم. وكان الطريق شمالى وادى فاطمة يسير مارًا بُعسْفان مشهد غزوة الرسول لأفراد قبيلة لِحْيان. ثمَّ يقطع الطريق منطقة خُلَيْص المزورعة التى ترتد مسافة ما من الساحل. وغير بعيد وراء القَضيمة يرى بحر القلزم. وتعد رابغ ثغرًا إلا أنَّه ليس فيها ميناء بالمعنى المفهوم، وكانت السفن ترسو على مسافة بعيدة من الساحل وتبعث ببضائعها للقوارب المحلية. وكانت رابغ ميقاتا للحجاج القادمين من الشام ومصر والمغرب، ولذلك حلت محل القرية الخربة الجُحْفَة التى تقوم فى واد يبلغ البحر جنوبى رابغ مباشرة والحجاج الذين يهبطون إلى البحر الأحمر يحرمون حين تمر سفينتهم برابغ. ويقوم شمالى رابغ القبر المشهور لأم الرسول صلى الله عليه وسلم آمنة، فى الأبواء واسمها الآن الخُرَيْبَة.
وتخرج طرق فرعية من رابغ وتسير شمالا مارة بجبال المدينة، وتهيئ أسبابًا للاتصال مباشرة وأكثر صعوبة من الطريق السلطانى الذى يستمر مسايرًا للساحل. ومن ثغر مستورة يمتد طريق بديل يعرف باسم "الملف" وهو ينثنى إلى الداخل، ولكن الطريق الرئيسى لا يفعل ذلك حتى يبلغ بدر حنين حيث أذل الرسول صلى الله عليه وسلم قريشًا فى ساحة القتال. أما الطريق من ينبع التى حلت محل الجار باعتبارها الثغر
الرئيسى للمدينة، فإنَّه سيتصل بالطريق الآتى من الجنوب عند بدر، وهنالك يعتلى الطريق السلطانى وادى الصفراء تجاه المدينة. وفى هذا الوادى أحرز عبد الله بن سعود صاحب نجد نصرًا مشهودًا على أحمد طوسون وجيشه القادم من مصر سنة 1226 هـ (1811 م)
ويربط الآن شارع عام مرصوف بالأسفلت مكة والمدينة ومارًا بجدة ورابغ وبدر، ومن ثمَّ أصبح من الأسهل والأسرع ألا يتخذ المرء الطرق المباشرة المارة بعسفان والممرات الجبلية القائمة أقصى من ذلك شمالا.
والمجرى المألوف للطريق الشرقى يسير شمالا هابطًا عقيق ذات عِرقْ. وهو يمر فى بعض الأحيان بالواحتين القديمتين الحاذة وصُفَيْنَة على الحافة الشرقية للحرة، ويمر فى أحيان أخرى إلى الشرق منهما بقليل. أما واحة "السُوَارقية"(حديثًا "السويرقية") التى تقوم أيضًا على الحافة الشرقية للحرة، فهى تقوم بعيدًا عن الطريق. وشمالى المنجم الحديث مهد الذهب، وهو مهجور الآن، يمضى الطريق الشرقى مسافة أسفل واد آخر يعرف باسم العقيق جنوبى شرق المدينة، وهو مختلف عن الوادى المبارك، وادى العقيق غربى المدينة.
وينشعب الطريق الرئيسى من المدينة إلى نجد بعيد واحة "الحَناكِيّة"، فيستمر فرع مشرّقًا إلى القاسم، ويتجه الآخر شمالا إلى حائل. أما الطريق الرئيسى المشرّق من مكة (درب الحجاز) فهو يسير الآن من السيل الكبير مارًا بالقاعية والدوادمى إلى الرياض، حالا محلَ طريق الحجج القديم المار بالقنصلية والقُوَيْعِيَّة.
والقسم الشمالى من الحجاز يمكن اعتباره امتدادا إلى الحد بين العربية السعودية والأردن، وهو يخرج من نقطة جنوبى القصبة ويعبر سلسلة جبال الطُبَيق. ومن الثغور الصغيرة نذكر حَقْل، ومَقْنَى على خليج العقبة، والمُوَيْلح، وضَبَى، والوجه، وأمْلَج (ورسَمها غير محقق) على البحر الأحمر. ويخرج من الوجه دروب تقطع الجبال لتلتقى بالطريق الداخلى العام عند العلا أو بالقرب منها.
وفى القرن الماضى كانت الحركة التجارية فى الجزء الشمالى من الحجاز على أشدها فى الطرق الممتدة شرقى السراة، وأولها طريق الحجاج الشامى القديم الذى كان يمر بتبوك والعُلا ثمَّ طريق سكة حديد الحجاز التى كانت تساير فى معظم الأماكن طريق الحجاج مسايرة دقيقة. وقد تخربت السكة الحديدية فى الحرب العالمية الأولى، ولم تبدأ إعادة إنشائها إلا سنة 1383 هـ (1964). وفى هذه الأثناء أقيم طريق عام مرصوف شمالا من المدينة إلى تبوك والحد الأردنى. ويمر هذا الطريق العام بخيبر وتيماء اللتين تقومان على مسافة كبيرة شرقى طريق الحجاج والسكة الحديدية.
والجزء الجنوبى من الحجاز فيه جبال أكثر ارتفاعًا، ومطرًا أشد، وزراعة أكثف من الجزءين. وثمة طريق يسير موزايًا الساحل من جدة مارًا بثغور الليث، والقنفذة وحلى (حلى بن يعقوب) إلى القَحْمَة وهى تعد الآن بداية تهامة عسير. والأجزاء السفلى من الوديان التى تصب فى تجاه البحر تهيئ للزراعة مناطق طيبة.
وثمة طريق هضبى من الطائف ويؤدى إلى واحة الخُرْمَة على الجانب الأقصى لسلسلة جبال حضن (كثيرًا ما تذكر هذه الجبال على اعتبار أنها حد الحجاز فى هذه الأنحاء). وهناك طريق هضبى آخر يربط الطائف بتُرَبَة (بضم التاء وفتحها)، وهو يمتد أيضًا على الجانب الآخر من حضن؛ وطريق ثالث يتخذ مسيرًا مباشرًا أكثر إلى بيشة التى تقوم وراءها "تثليث" على الطرف الجنوبى الشرقى للحجاز. والمسافرون المشرّقون يتخذون دروبا من مناطق الحدود إلى الرياض، ووادى دَوَاسِر وغير ذلك من الأماكن فى نجد. وفى الهضاب تتركز الزراعة فى الواحات الشرقية وعلى طول قنة السراة.
وقد بينا فى خريطة مادة القبائل الكبرى فى الحجاز أيام الرسول عليه السلام، علاوة على قريش فى مكة والأوس والخزرج فى المدينة. وهذه القبائل الثلاث قد اختفت منذ زمن طويل من الحجاز من حيث هى مجموعات قبلية هامة، واندمج أفرادها فى الجماعات الإِسلامية الأوسع منها.
وقد أصبح سكان مكة والمدينة وجدة من جميع الأجناس، وكثير من غير العرب يسكنونها، وتأخذ أهمية الارتباطات القبلية فى الانحسار. وقد ظلت بقايا متناثرة من قريش فى الحجاز، ومعظمها قبائل أو عشائر صغيرة تزعم أن نسبها يرتفع إلى النبى عليه السلام، واصطنع بعضها الحياة البدوية. وكانت قريش أم السلاطين والدول، منها خرج الخلفاء الراشدون، وعبد الله بن الزبير، والأمويون، والعباسيون، وعدد من بيوت الحكم الصغرى فى الحجاز نفسها، وأبرز هؤلاء القرشيين الهاشمية بمكة .. ومن أخلاف قريش الآخرين البارزين فى الحجاز بنو شيبة سدنة الكعبة الوراثيين.
ولم يرد فى هذه الخريطة أيضًا ذكر للقبائل اليهودية الثلاث فى منطقة المدينة وهى بنو قَيْنُقاع وبنو قُرَيْظَة، وبنو النَضيِر، وقد اندثرت هذه القبائل جميعًا ولم يعد لها أى أثر.
ومن الجزء الأوسط للحجاز نجد أن قبيلتى سُلَيْم وهلال، وهى فرع من هوازن، قد اشتركتا فى هجرة البدو الحاشدة إلى مصر ومنها إلى المغرب فى القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى). وقد حلت محلهما حرب وهى القبيلة الغالبة فى المنطقة القائمة بين مكة والمدينة.
ولا تزال توجد فى جوار مكة والطائف أربع قبائل قديمة هى: هُذَيْل التى خرج من بين صفوفها طائفة من الشعراء؛ وثقيف، وهم سادة الطائف الأولين؛ وفَهْم، قبيلة قاطع الطريق تأبط شرَّا؛ وسعد بن بكر، وهى القبيلة التى روى أنها هى التى نشَّأت محمدًا صلى الله عليه وسلم حين كان فى حضن حليمة ومن القبائل الأحدث قبيلة الجحادلة التى تسكن على طول الساحل جنوبى جدة، وقبيلة عدوان فى الجبال القائمة جنوبى الطائف، وقد لعب شيخها عثمان المضائفى دورا هاما فى الصراع الذى نشب بين شريف مكة غالب وبيت سعود ومحمد على والى مصر فى مستهل القرن الثالث عشر الهجرى (التاسع عشر الميلادى).
وفى الجزء الشمالى من الحجاز اختفت قبيلتا عُذرْةَ وجُذام وقد احتلت منازلهما الآن بصفة عامة الحُوَيْطات تجاه الساحل وبنو عطية فى الداخل. أما فزارة وسعد هُذيَم فقد انفرط عقدهما، ولكن بَلىِ وجهينة فى الهضاب بقيتا زاهرتين تعتمد الأولى على الوجه والثانية على ينبع.
وأما القبائل التى ظهرت على الخريطة منسوبة إلى الجزء الجنوبى من الحجاز فقد درست وحلت محلها الأحلاف الكبرى لزهران وغامد فى الهضاب وعدد آخر من القبائل فى جوارها وفى تهامة.
وتحتل مناطق الحدود بين الحجاز ونجد عناصر من القبائل الحديثة، قبائل مُطَيرْ؛ وعُتَيْبَة، والبُقوم، وسُبَيْع وقد حلت هذه القبائل محل بعض الجماعات القبلية القديمة مثل غطفان وهوازن. وتقوم فى الجنوب الأقصى القبيلة التى تحمل الاسم العتيق قحطان.
ولما كان تاريخ الحجاز مرتبطا أوثق الارتباط بتاريخ مكة والمدينة وغيرها من الأماكن الكثيرة والقبائل المختلفة التى اسلفنا الإشارة إليها، فإننا لا نعود إلى التحدث عنها فى هذا المقام. وحسبنا أن نذكر أن الحجاز كان من أقدم الأزمان الاسم الرسمى لدولة مستقلة وظل هذا شأنه إلى أقل من عشر سنوات مضت فى عهد الملك حسين بن على من سنة 1334 هـ (1916 م) إلى سنة 1343 هـ (1924 م) وهنالك أصبح الحجاز بأسره منذ سنة 1344 (1925 م) من أملاك البيت السعودى.
والحجاز فى غالب أزمانه أرض فقيرة؛ وهو الآن من جميع الوجوه مقبل على أوقات أزهى وأكثر إشراقا. والقبائل السلابة التى جعلت الحج بالبر طوال عدة قرون أمرا محفوفا بالمخاطر، قد كبح جماحها الآن، ووضع حد للنزاع المتصل بين بعضها وبعض، وقد أدخلت على البلاد إصلاحات بارزة فى المواصلات برا وبحرا وجوا، وعقدت بينها وبين العالم الخارجى صلات أوثق. وأتاح الرقى بالتعليم والصحة العامة وغير ذلك من الميادين، لكثير من