الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به في الهواء. ويصطحب كل جيش معه شخصًا يجلب له الحظ، وقد جرى الحال بأن يكون هذا الشخص مرابطا أو مرابطا سبق أن اشترك بنجاح في عدة غارات من هذا القبيل.
وفى السهول الرملية للصحراء أو التلال الرملية يسير أفراد الجيش فردا فردا على طريقة الهنود حتى لا يستطيع العدو تقدير عددهم من آثارهم، وهم أيضًا يصطنعون جميع أنواع التضليل، وحين يبلغون المكان المختار للكمين يربضون منتظرين. وتقوم الهجمات عادة في الليل أو غبشة الفجر، وتكون هجوما شرسا تنهال فيه الضربات ممزوجة بصرخات آبدة لقوم يصيحون كالشياطين، على حين تصب البنادق الرصاص. وتتركز جميع قوات الفريق المهاجم في الهجمة الأولى. ولا يعود في الإمكان تهدئة الحيوانات المروعة فتجفل في أكثر الأحيان في جميع الاتجاهات، ثم تبدأ المرحلة الثانية من القتال، وفيها يلعب خيرة الفرسان الدور الأكبر في اجتياح أعدائهم المترجلين إلى الصحراء حيث يموتون. وكان هم السلطات العسكرية الفرنسية الأكبر أن تكبح جماح الجيوش فجندت فرقة راكبى المهار الصحراوية Meheristes Sahariens التي نجحت في إعادة النظام إلى نصابه.
المصادر:
(1)
Une Razzia au Sahel: D. Albert في Bull. Soc. Geog. d'Alger، سنة 1900، ص 126 وما بعدها.
(2)
Six mois chez les: M.Benhazera Touaregs du Hoggar، الجزائر سنة 1908، ص 25 وما بعدها.
(3)
Les confins al-: Augustin Bernard gero marocains، باريس سنة 1911، ص 95، 96.
(4)
Notes sur L'O. She-: M. Bernard ris في Bull Soc. Geog d'Oran، جـ 30، ص 373.
(5)
Le Mehariste Sa-: Deschamps harien في Bull Soc. Geog. d'Oran،
جـ 29، في مواضع مختلفة، وخاصة ص 283 وما بعدها.
(6)
Notes Sur les Toua-: A. Durand regs في d'Alger Bull. Soc Geog سنة 1904، ص 691 وما بعدها.
(2)
جيش وبحسب النطق في غربى مراكش: كيش: ضرب من نظام إقطاعى في الجيش المراكشى.
تاريخه: يرجع الجيش إلى أوائل الأسرة الحاكمة الحالية. وقد تعاقبت الأسر الحاكمة المختلفة في شمالى إفريقية على السلطان بمساعدة جماعات من الشعب اتفقت مصالحها السياسية والدينية مع مصالح هذه الأسر، ولم تقف الثورات التي نشبت في هذه البلاد عند الإطاحة بالأسر الحاكمة بل أجبرت هذه الأسر على تدعيم سلطانها بقوة السلاح وأن تسفك دمها في معارك لا حصر لها. وقد درست العائلات الكبيرة والقبائل والعشائر التي صحبت الحاكم الأول. وكان السلاطين بين أمرين: إما أن يعتمدوا على العشائر التي لا يمكن أن تكون مخلصة لأسرة حاكمة لم تقمها، وإما أن يحيطوا أنفسهم بجنود مرتزقة أجنبية ليس لها صلة بأراضى الأطلس. وقد جندت الأسر الحاكمة القديمة في شمالى إفريقية نصارى وأكرادًا وفرسا وزنوجًا. على أنه حدث في عهد بنى وطّاس أن ألغى الحرس المكون من أكراد ونصارى وزنوج وحل محلهم حرس من العرب (الشرطة) فحسب، وكان هؤلاء الشرطة في معظمهم من عناصر أدخلها في غربى مراكش الحاكم الموحدى يعقوب المنصور (دوى حسّان، وشبنة، وخُلُط وغيرهم) وعرب المعاقل من إقليم تلمسان (سويد، وبنو عامر، وصبايح، وريّاح وغيرهم). وكان عرب المعاقل يراَبطون في ضواحى فاس وتتكون منهم فرقة الشراقة (أى المشارقة). وقد أجبرت هجمات النصارى في القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي) حاكم فاس على إقامة حاميات في معاقل على الساحل سميت "مخزن"، وسرعان ما أدخلت هذه الحاميات في النظام الإقطاعى لمراكش بأسره. على أن هذا المخزن تهاوى أمام هجمات البرتغاليين والأسيان والبربر الثائرين
وهجمات أولئك الذين تألف منهم مخزن المعاقل الجديد الذي كان قد جنده الأشراف السعديون في السوس (سنة 1545).
ولما أصبح السعديون سادة مملكة فاس جعلوا عرب جيشهم يرابطون في ثكنات فاس وأطلقوا عليهم اسم "أهل سوس". ثم لم يلبث هؤلاء العرب أن نقلوا إلى حصون الغرب ليردوا هجمات عرب الخلط الذين كانوا تابعين للجيش المرينى، ثم وحدوا من بعد بين بقايا جيش بنى وطاس (الشبَبَنَة، والزِرارة، وأولاد مطاعَى، وأولاد جِرّار) وبين جيشهم وأقاموهم في ثكنات تادلا ومراكش. وكذلك جند الشراقة وظلوا مرابطين في ثكنة بالقرب من فاس. وهكذا أنشئ الجيش السعدى. وكان هذا الجيش مثل جيش بنى وطاس من قبله مؤلفا من مضارب عسكرية قوامها أفراد المخزن الذين يظلون رهن إشارة سلطاتهم مدى حياتهم وكانوا يعيشون في ضياع تشبه الإقطاع وقد أعفوا من الضرائب. وكان أكبر العمال في الدولة يخرجون من بين صفوفهم.
على أن بلاط السعديين أصبح متأثرًا بالأتراك في البلاد المجاورة. زد على ذلك أن الأشراف أرادوا أن يكون لهم - علاوة على الجيش - فرقة مدربة على الأسلوب الأوربى يدربها معلمون من الأتراك؛ وكانت نواة هذه الفرقة المكونة من بربر الأندلس، نصارى دخلوا في الإسلام ومعظمها من زنوج السوادن، ولم يصبح لها أى شأن حقيقى إلا في عهد السلطان أحمد الذهبى (المنصور). وبينما كانت هذه الأسرة تنهار إبان الفتن التي أثارها المطالبون بالعرش في تنافسهم عليه أراد السلطان عبد الله ابن الشيخ أن يكون له كتيبة من الجنود المخلصين يستطيع أن يعتمد عليهم كل الاعتماد فمنح الشراقة معظم الأراضى التي كانت مقطعة لهم من قبل.
ولما ارتقى مولاى الرشيد عرش السلطنة سنة 1665 وأسس بمعاونة العرب والبربر من وجدة أسرة الأشراف العلويين، أدمج أتباعه في شراقة فاس. وأسبغ خلقه مولاى إسماعيل على الجيش صفته. وكانت أمه من القبيلة العربية المغافرة وهم فرع من
أداية. وقد دعا هذه القبيلة العربية إلى القدوم من الطرف الآخر للسوس وأسكنها قبيلة محزن بالقرب من منازل شراقة فاس. وقد أعاد هذا السلطان تنظيم الكتيبة السوادنية التي بحث عن أفرادها بالاستعانة بسجلات تجنيد السلطان السعدى أحمد المنصور. وقد أقسموا يمين الولاء على كتاب الإمام البخاري ومن ثم لقبوا بعُبيد البخاري (والجمع البواخر) وتكون الجيش أيضًا من الشراقة (أولاد جَمَع والهَوّارة، وبنو عامر، وبنو سنوس، والسِجْعَة، والأحلاف، والسويد وغيرهم) والشراردْة (شبنة، وزرارة، وأولاد جرَار، وأهل السوس، وأولاد مطاع وغيرهم) والأداية (الأداية الخلص والمغافرة وغيرهم) والبواخر، وكانت هذه هى قبائل المخزن الأربع ومنها جميعًا تألف الجيش. ومن ثم فإن تاريخ الجيش هو التاريخ الأهلى لمراكش. والحق إننا نستطيع أن نقول إن تاريخهم هو تاريخ الثورات التي كانت في مراكش. وكان الجيش في عهود خلفاء مولاى إسماعيل، هو الذي قرر مصير الحكام. وكانت هذه القبائل الأربع الكبرى تتصرف على ضوء مصالحها الذاتية، وشاهد ذلك أننا نجد أربعة عشر سلطانا قد خلعوا أو تقتلوا على يدهم تبعا للهدايا (المنى) التي كانوا يتلقونها، وذلك في مدى إحدى وثلاثين سنة من سنة 1726 إلى سنة 1757. وفى سنة 1757 توفى السلطان عبد الله بن إسماعيل الذي كان قد خلع وأعيد للعرش سبع مرات، فخلفه ابنه محمد. وفى عهده الذي سمى بالعهد الحديدى كبح جماح قبائل الجيش، وكسر شوكة البواخر بتفريقهم وإنفاذهم ليرابطوا في ثغور مختلفة على البحر. وأراد هذا السلطان أن يوازن نفوذ شرادة تادلا وسهل مراكش، فجند بطونا من قبائل هذا السهل في المخزن وهى بطون المنابهة، والرحامنة، والعبدة، حمر، وهَرَبْل. وقد فرض على كل بطن من هذه البطون أن تبعث قائدين وأتباعهما للجيش، وهذه السرايا التي أطلقت من قبائلها دخلت مخزن مراكش الذي تتبعه وتلقت الأعطيات التي كان يتلقاها الجنود الآخرون، وأعفيت من الضرائب (نيبة).
وفى عهد السلطان يزيد بن محمد
عاد التمرد إلى الظهور، وشجع على ظهوره ضعف خلق الحاكم، وقد اغتيل هذا السلطان وبدأ الصراع حول عرش مراكش مرة أخرى وأصبح ملهاة قبائل الجيش. وحوالى سنة 1791 نجح مولاى سليمان آخر الأمر في شق طريقة إلى العرش بعد أن أطاح بمنافسه مولاى هشام الذي كان قد بويع في مراكش. وأثار الشراردة فتنة كبرى عليه وهو في حملة على بربر الجنوب. وانضم إليه الأداية منتصرين له على خصومه المفتتنين، واغتنموا الفرصة فنهبوا فاس. وانتصر مولاى سليمان، ولما توفى نادت الأدابة يخلفه مولاى عبد الرحمن سلطانًا سنة 1822.
وكاد هذا السلطان أن يطاح به على يد فتنة أخرى أثارها الشراردة واضطر إلى أن يقيم في مراكش بصفة عامة. على أنه أجبر على الارتداد إلى فاس نتيجة للحوادث التي وقعت في شمال مملكته، من قيام فتنة الأداية، وغزو بلاد الجزائر على يد الفرنسيين والحروب التي شنها عليه نائبه عبد القادر.
وأراد عبد الرحمن أن يخرج إلى ميدان المعركة بنفسه مقاتلا الفرنسيين. ولكنه هزم في إسلى وأدرك الفارق بين الجيوش الأوروبية وجيشه، وقرر أن يعيد تنظيم جيشه على غرار الجيوش الأوربية.
وأجريت تجارب كثيرة لتنظيم الجيش الجديد، ثم استقر الرأى على أن يعهد بذلك إلى طائفة من الضباط الفرنسيين.
حالة الجيش منذ الحماية الفرنسية: ظل الجيش يتكون من الشراقة والشرادة، والأداية والبواخر والقبائل شبه المخزنية من سهل مراكش (العبدة وغيرها). وظلت القبائل تقتصر على استخدام الأراضى التي تحللها إلا الشراقة الذين حصلوا على التنازل عن معظم أراضيهم، والبواخر الذين كان لجلهم أرض حول مكناسة. وكانت قبائل الجيش قد قسمت إلى كتائب من خمسمائة مقاتل (رحى) وعلى رأس كل رحى قائد وهو أشبه بالعميد. وتحت رياسته خمسة قائد الميه أى قائد المائه، ولكل قائد مائة 5 مقدمون تحت رياسته، وكانوا ضباطًا صغارا يترأسون على عشرين مقاتلا، وكان
الجندى النفر في الجيش يسمى "مخزنى". وكان أفراد الجيش يستطيعون أن يرتقوا إلى أرفع المناصب فيه. واحتفظ البواخر بميزة خاصة، فمن بين صفوفهم دون سواهم يختار "الشردت" وهم ضرب من الغلمان يستخدمون في قصور السلطان. وكان للأداية الحق في التلقب بلقب "أعمام السلطان" وكانت القبائل التابعة للجيش يرأس كلا منها باشا، إلا الشراردة والأداية الذين كانوا ينقسمون إلى حاميات يقود كل حامية قائد. وكان باشا البواخر هو أيضًا باشا مكناسة، وباشا أهل السوس باشا فاس الجديد أيضًا. وكان المفروض أن يقيم جميع الضباط في المدن التي تقوم فيها حامياتهم، ولكنهم لا يراعون هذه القاعدة كل المراعاة في زمن السلم، ولم يكونوا يراعون واجباتهم العسكرية كل المراعاة وكان معظمهم يعيشون في ضياعهم. وكانت إدارة شئون القبيلة موكولة إلى الشيخ، وهو أسن قواد الرحى.
وكان السلطان إذا احتاج إلى جنود أرسلت كل قبيلة مخزن سرية يتناسب عددها وعدد رحاها. وكان هذا ينطبق على الشراقة والشراردة والأداية وكل منهم كان يتألف من عدد من الأسر أكبر بكثير من أن يندرج في جملة الجيش. وكانت الأسر التي فرض عليها أن تقدم سرايا تختار بالقرعة. أما الأسر الأخرى فكانت معفاة من ذلك ولو أنهم كانوا لا يؤدون ضرائب ويحرثون الأراضى التي منحت لهم لأجل. وكانت هذه الأسر احتياطى الجيش يأخذ من بينها السلطان فرقة "المسخّرين"(البغّالين أو فرقة الأشغال العسكرية) للعسكر (أى الجيش النظامى) وللمدفعية. وكل فرد في الجيش يستدعى للقتال يتلقى في حاميته راتبه من التعيين (منى) ومرتبا شهريا (راتب).
وكان البواخر الذين كانوا 4000 مقاتل فحسب في ذلك الوقت كلهم من الجنود هم وأهل السوس. وكان يفرد لهم سجل خاص. وكانوا جميعا يللقون "المنى" والرواتب وكانت أراملهم يتلقين معاشات.
وكانت المناصب في الجيش كثيرًا ما