الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجوهر الذي يوجد في المكان، والذي هو قسم من الأجسام. وإذا تحدث الفلاسفة الخلص عما لايوجد في شيء آخر سابق في بادى النظر أو عما يقوم بذاته منطقيًا، فإنما يعنون بذلك "ماهَّية" شيء حادث معين، أما إذا نظرنا إلى هذا الشيء الحادث بصرف النظر عن وجوده، كان معنى هذا أنه يمكن أن يوجد ولا يوجد. وبعبارة أخرى يقال إن جواهر الأشياء ماهيات حادثة. ولاكذلك الله الذي وجوده عين ذاته.
ويرى الأشعرى أن الله يخلق جواهر الأشياء التي يدوم وجودها بذاتها خلقًا متجددًا في كل لحظة؛ وإذا لم يجر الله العادَةَ عليها لحظة واحدة، زالت هي وأعراضها.
المصادر:
(1)
الجرجانى: التعريفات، القاهرة سنة 1283 هـ، أو طبعة فلوكل ليبسك 1845.
(2)
النسفى: العقائد ومعه شرح التفتازانى (الآستانة 1313 هـ) ص 47، 52، 70.
خورشيد [كارا ده فو Carra De Vaux]
جوهر الصقلى
قائد وحاكم، ومن مؤسسى الإمبراطورية الفاطمية في شمالي إفريقية ومصر.
واسمه جَوْهَر بن عبد الله، ويقال أيضًا جوهر مع نسبتيه الصقلبى والصقلى أو الرومى والكاتب أو القائد. ويلقى لقباه الأولان بعض الضوء على أصله الغامض، أما اللقبان الآخران فيدلان على المنصبين الرفيعين الذين شغلهما. ولا نعرف تاريخ مولده، ولكننا نستطيع أن نخمن من تاريخ وفاته (20 ذو القعدة سنة 381 هـ / 28 إبريل سنة 991) أنه ولد في وقت ما أثناء العقد الأول من القرن الرابع الهجرى الموافق العاشر الميلادي. وكان في أوج نشاطه بين عامي 340 هـ (950 م) و 366 هـ (975). ونستطيع من سيرة نظيره جوذر التي نعرفها حق المعرفة بفضل ترجمته التي نشرت حديثًا، أن نستنتج أن جوهر كان عتيقًا للبيت الفاطمى من أصل صقلبى (الحسن بن محمد الوزان الزياتى = Leo Africanus، ترجمة Epaulard، ص 19، 503 = Esclavon، وانظر عن هذه
المسألة im Dienste: I. Hrbek Die Slaven Der Fatimiden في Aro، ج 21، سنة 1953، ص 560 - 571).
وكان أبوه عبد الله في أغلب الظن رقيقًا، ولكن جوهر يظهر رجلا حرا من أول الأمر.
وأول ما نسمع بجوهر أنه "غلام" وربما كان أيضًا كاتبا للخليفة الفاطمى الثالث المنصور. وفي سنة 347 هـ (958 م) أراد المعز أن يضع كل ما يملكه من قوة في مغامرة عسكرية للسيطرة على شمالي إفريقية بأسره واختار لقيادة هذه الحملة الهامة كاتبه جوهر، فأتاح له بذلك فرصة يثبت فيها أنه كان أكفأ قائد تيسر للفاطميين.
وربما كانت حملة جوهر في المغربين الأوسط والأقصى أعظم ما حققه جيش إسلامي دويا منذ ما حققه عقبة بن نافع قبل ذلك بما يقرب من 284 سنة، إلا أنه بالرغم من الانتصارات التي حظى بها جوهر فإن هذه الانتصارات لم تكن حاسمة ولا كان لها أي أثر باق. ولم يكن ذلك بسبب أي خطأ وقع فيه جوهر، وإنما يرجع إلى صعوبة الأرض وإلى تفوق قوة العدو تفوقًا عظيما. وبالقرب من تاهرت وجد جوهر ألا محيص له من أن ينازل جيشًا كبيرًا من الزناتية أنصار الأهويين بقيادة يعلى بن محمد اليفرانى والى تاهرت وإفكن. ويقول ابن أبي زرع دون سواه، وهو أيضًا من طنجة، أن جوهر انتصر في هذا اليوم وقدر يعلى (سنة 347 هـ = 958)، ولم يسر جوهر إلى فاس والمعاقل الأموية الأخرى في هذا الإقليم، بل آثر أن يستخدم قواته الصغيرة في تحقيق مغانم أيسر وأسهل. فانقلب جنوبًا بشرق وفتح إمارة سجلماسة الصغيرة وأجبر أميرها محمد بن الفتح بن ميمون بن مردار على الفرار. وبعد ذلك بأيام وقع هذا الأمير الذي كان آخر المردارية في يد جوهر فقتله جوهر بلا رحمة. وقضى أكثر من عام في هذا الإقليم ينتظر الفرصة المواتية للتحرك شمالا. وفي الأيام الأخيرة من شعبان سنة 349 (أكتوبر سنة 960) شخص إلى فاس وضرب حولها الحصار. وفي العشرين من رمضان سنة 349 (13 نوفمبر سنة 960) اقتحم هذه
المدينة بفضل شجاعة زيرى بن مناد الصنهاجى الذي كان تحت قيادته. وأسر واليها الأموى أحمد بن أبي بكر الجذامى ومات هذا الوالى في السجن. وهذا النصر الكبير أخضع جميع المغرب الأقصى (فيما عدا طنجة وسبتة) لسلطان الفاطميين أمدا وجيزا، بل إن آخر الأدارسة؛ الحسن بن حنون الذي قنع بإمارة صغيرة حول مدينة البصرة في ظل الأمويين، قدم ولاءه للفاتح وأراد جوهر أن يقدم للمعز دليلا محسوسا على انتصاره فأرسل إليه بعض السمك الحى المصيد من المحيط الأطلسي في جرار ضخمة مملوءة بالماء. وعاد جوهر بعد بضعة أشهر ظافرًا إلى القيروان وفي ركابه أسرى وغنائم نفيسة.
وقد فتحت هذه الانتصارات التي أحرزها جوهر عيون مولاه المعز فأدرك مواهبه. على أنه حدث سنة 358 هـ (968 - 969 م) أن عاد جوهر إلى تقدم الصفوف مرة أخرى قائدًا اختاره المعز لقيادة الحملة على مصر. وقد بلغ من ثقة المعز فيه إنه قال فيما روى عنه: "والله لو خرج جوهر هذا وحده لفتح مصر ولتدخلن إلى مصر بالأردية من غير حرب ولتنزلن في خرابات ابن طولون وتبنى مدينة تسمى القاهرة تقهر الدنيا"(الخطط، ج 1، ص 378) وأراد الخليفة المعز أن يسبغ على جوهر آيات الشرف فخلع عليه قبل رحيله جميع ثيابه الملكية ولباسه إلا خاتمه وملابسه الداخلية، وأمر كل الولاة في طريقهم إلى القاهرة أن يلقوه راجلين وأن يقبلوا يده. وقد رضي والى برقة أفلح الناشب أن يؤدى 100.000 دينار إذا أعفى من هذا الإذلال لكرامته، ولكن الخليفة أبي عليه ذلك.
ولم تخب آمال المعز، ذلك أن جوهر استطاع في أربعة أشهر أن يحقق فتح مصر. فقد ترك القيروان في ربيع الثاني من سنة 358 هـ (فبراير سنة 969 م) وما وافى منتصف شعبان من السنة نفسها (1 يولية سنة 969) حتى كان قد سيطر على الفسطاط بعد قتال يسير قرب الجيزة وقع في 11 شعبان (30 يونية). وعرف جوهر كيف يستميل المصريين ويستحوذ على ثقتهم
في نظام الحكم الجديد بإعلان طويل ضخم قرئ على الناس وبإقامة جعفر ابن الفرات وزيرًا. على أنه احتاط فلم يسكن الفسطاط، بل قضى ليلته الأولى بعد انتصاره في معسكره إلى الشمال منها. وفي اليوم التالي وضع أساس القصبة الجديدة القاهرة التي قدر لها أن تكون أكبر المدائن الإسلامية بعد بغداد. وبعد ذلك بسنة (24 جمادى الأولى سنة 359 = 4 إبريل سنة 970) أقام المسجد الأزهر المشهور.
أما وقد أقام جوهر في مصر الحكم الفاطمى، فإنه ظل دون سواه واليًا عليها أكثر من أربع سنوات. ولم يدخل المعز القاهرة إلا في 17 من المحرم سنة 364 (7 أكتوبر سنة 974)، ثم طرد جوهر بعد ذلك بقليل.
وفي هذه السنوات الأربع أظهر جوهر مقدرة مشهودة وبعد نظر في توليه الحكم. فقد استطاع علاوة على اكتسابه محبة الناس أن ينظم مالية الدولة التي كانت في حالة اضطراب كامل في السنوات الأخيرة من عهد الأخشيديين. وكان من المعروف أن مصر كانت منذ أيام معاوية تدر دخلًا حوالي أربعة ملايين دينار إذا أحسن حكمها، فرفع جوهر دخلها إلى 3.400.000 دينار في السنة الأولى من ولايته لها، وكان هذا الدخل أكبر دخل حققته مصر في العهد الفاطمى، واستطاع الوزير القدير اليازورى بعد ذلك بخمسة وثمانين عامًا أن يحقق دخلًا قدره 800.000 دينار فحسب. وكان جوهر أكثر ثقة بالمغاربة الذين قدموا معه منه بالمصريين، فولاهم جميع المناصب الهامة تقريبًا، ولعله كان يتبع في ذلك أوامر المعز.
ونجد جوهر- إلى جانب ما فعله في حكم هذه الولاية الجديدة- قد واجه خطر القرامطة المحيق، ذلك أن هؤلاء استطاعوا في ذي الحجة من سنة 358 (سبتمبر سنة 969) أن يهزموا ويأسروا نائبه على دمشق جعفر بن الفلاح الذي كان قد وكل إليه فتح فلسطين والشام، وتمكن جوهر في قتاله القرامطة وحلفائهم، من أن يضم الحجاز إلى حكم الفاطميين. وما وافى عام 366 هـ (976) حتى كانت لهم الخطبة في مكة والمدينة.
ونحن لا نعود نسمع شيئًا عن جوهر بعد سنة 368 هـ (976 م) حتى وفاته في 20 ذي القعدة سنة 381 (30 أبريل سنة 922). ويقال إنه قضى هذه الأيام الراكدة من حياته بين سنتى 368 و 381، عمال التقوى والبر. وقد قتل ابنه الحسين القائد الأعلى للخليفة الحاكم، نتيجة لمؤامرات اشترك فيها ضد الخليفة.
المصادر:
(1)
نعمان (أبو حنيفة بن محمد الغربي): المجالس والمساير ات (مخطوط في دار الكتب المصرية، القاهرة رقم 2606).
(2)
ابن حمَّاد (محمد بن علي: أخبار ملوك بن عبيد، طبعة - Von derheyden، الجزائر- باريس سنة 1927، ص 40 - 49).
(3)
ابن خلكان، طبعة القاهرة سنة 1948، الترجمة رقم 130، 141، 698.
(4)
ابن أبي زرع: القرطاس، طبعة تورنبرغ، أيسالا- باريس سنة 1843، ص 27 - 63 (ترجمة Beaumier ص 49، 122).
(5)
ابن الأثير، ج 8، في مواضع مختلفة، ج 9، ص 64 (ترجمة فانيان في مواضع مختلفة).
(6)
البكرى: Afrique 'Description de L septentrionale، مادة سجلماسة.
(7)
كتاب مفاخر البربر، طبعة ليفى بروفنسال، الرباط سنة 1934، ص 4 - 5.
(9)
يحيى بن سعيد الأنطاكى، صلة كتاب أفتيبشيش (يوتيخوس)، بيروت سنة 1909، ج 1، ص 192.
(10)
ابن دقماق: الانتصار، القاهرة سنة 1893، ج 4، ص 10 وما بعدها.
(11)
منصور الكاتب: سيرة الأستاذ جوذر، طبعة محمد كامل حسين ولمجد الهادي شعيرة، القاهرة سنة 1954، الفهرس (ترجمة M. Ca- Vie de l'Ustfdh Jauhar: nard، الجزائر سنة 1958).
(12)
ابن عذارى، ج 1، ص 191 وما بعدها.