الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جيش
وبالعربية الفصحى جَيْش (انظر Aram. Fremdworter: Fraenkel ص 258). لهذه الكلمة معنيان خاصان في الشمال الغربى من إفريقية:
1 -
جيش والجمع جيوش: تدل هذه الكلمة في جنوب الجزائر ومراكش على الجماعة المسلحة التي تخرج لغزو، قافلة أو فرقة من الجند ويعرف الجيش باسم "حركة" إذا كانت عدته بضع مئات من الرجال. وتخرج الجيوش لعملها من شمال السودان أو وادى نهر النيجر عابرة الصحراء حتى جنوب الجزائر ومراكش. تتألف الجيوش أحيانًا من الطوارق، ولكنها تتألف على الأغلب من بربر المنحدرات الجنوبية لجبال أطلس المرتفعة. ويتجمع هؤلاء البربر على هضبة الميدر في وادى غرس.
فإذا صح العزم على تأليف جيش، أقسم الطوارق الذين سيرتبطون بعضهم ببعض الأيمان قبل خروجهم للقتال. وجرت العادة بين أولاد جرير الذين ينزلون التخوم بين الجزائر ومراكش على أن يمتطى اثنان من المرابطين الخيل ويقف الواحد منهم قبال الآخر، ويجرى بين هذين الرجلين من رجال الدين الرجال الذين سيخرجون للغزو ممسكين أفرع الرَتْم، وهو نبات ينبت في الصحراء، يلقون بها في الهواء ويأخذ كل جيش معه شخصًا يجلب له الحظ. وجرت العادة بأن يكون ذلك الشخص أحد المرابطين أو المحاربين الذين ظفروا في كثير من مثل هذه الوقائع.
ويسير رجال الجيش في سهول الصحراء أو في تلال الرملية صفًا على الطريقة الهندية حتى لا يستطيع العدو أن يحذر عددهم من آثار أقدامهم: وهم يقومون أيضًا بجميع الحيل وعندما يصلون إلى الموضع الذي اختاروه للكمين، يترصدون فيه للعدو: وهم يهجمون عادة ليلا أو في غبشة الفجر. ويكون هجومهم هذا مداهمة عنيفة ينهمر خلالها الرصاص تصحبه صرخات مدوية في حين ينهال الرصاص من بنادقهم ويحشد المهاجمون كل قواتهم للهجمة الأولى وتجمع الحيوانات الفزعة إلى كل جهة
ولا يستطاع كبحها. ثم تبدأ بعد ذلك المرحلة الثانية من القتال، وفيها يكون الشأن الأول لأمهر الفرسان من رجال الجيش، إذ يجلون خصومهم الذين فقدوا خيولهم إلى الصحراء يموتون فيها وكان جل غرض الفرنسيين من إنشاء الفرق من رجال الصحراء راكبى المهارى Meharistes Sahariens إخضاع هذه الجيوش.
المصادر:
(1)
d'Alger Bull. Soc. Geog Une Razzia au Sahei: D. Albert في سنة 1900، ص 126 وما بعدها.
(2)
Six Mois Chez les: M. Benhazera Touaregs du Hoggar، الجزائر سنة 1908، ص 55 وما بعدها.
(3)
les confins: Bernard Augustin Algero - Marocains. باريس، سنة 1911 م، ص 95، 96.
(4)
Bull.، Soc Nots: M. Bernard sur l'O. Gheris Geog. d'Oran في جـ 30، ص 373.
(5)
Le Mehariste sa -: Deschamps Bull. Soc. Geog. d'Oran في harien جـ 29، في مواضع مختلفة وخاصة ص 283 وما بعدها.
(6)
regs Alger d' Bull Soc. Geog Notes sur les Toua-: A. Durant . في سنة 1904، ص 691 وما بعدها
…
الخ.
2 -
جيش أوكيش كما في نطق أهل مراكش العربية: كان نوع من النظام الإقطاعى في الجيش المراكشى.
تاريخه: يرجع تاريخ الجيش إلى بداية عهد الأسرة الحاكمة. وكانت أسر شمالى إفريقية على اختلافها قد وصلت قبل ذلك إلى السلطة بمساعدة جماعة الشعب التي كان هواها السياسى والدينى مع هذه الأسر ولم تكن الثورات سببًا في القضاء على هذه الأسر الحاكمة فحسب بل إنها أجبرتها على امتشاق السيف للاحتفاظ بسلطانها وإراقة دمائها في وقائع لا حصر لها وقد انقرضت الأسر الكبيرة والقبائل والعشائر التي وفدت في صحبة أول حاكم. ولجأ السلاطين إلى اتخاذ بطانة من المرتزقة الأجانب الذين لا تربطهم أية صلة بمنطقة أطلس خوفا من أن يصبحوا عالة على العشائر
البربرية التي لا يعتمد على وفائها في تدعيم أسرة من الحكام لم يقيموها هم أنفسهم، وقامت الأسر القديمة بشمالى إفريقية بتجنيد النصارى والكرد والفرس والزنوج. وعمد بنو وطّاس إلى طرد الحراس من الكرد والنصارى والزنوج وإحلال العرب وحدهم مكانهم (الشرطة). وكان جل هؤلاء العرب من العناصر التي استحضرها إلى مراكش الغربية يعقوب المنصور الوالى الموحدى. (دوى حسن، شبانة، الخلط وغيرهم) أو من معاقل العرب في بلاد تلمسان (سويد، بنو عامر، صبائح، رياح وغيرهم). وقد عسكر عرب المعاقل هؤلاء في ضواحى فاس وتألفت منهم فرق الشراقة. وقد اضطر والى فاس أمام هجمات النصارى في القرن الخامس عشر إلى وضع حاميات في المعاقل الساحلية، وأطلق على هذه الحاميات اسم "مخزن"(ومعنى مخزن الحامية تقام في المدينة) وسرعان ما دخلت هذه الحاميات في النظام الإقطاعى الشامل في مراكش. ثم سقطت هذه الحاميات أمام هجمات النصارى برتغالًا وأسبانا، وأمام فتن البربر وفق حاميات المعاقل الجديدة التي أنشأها أشراف السوس السعديين (1545)، وعندما أصبح السعديون حكامًا لمملكة فاس أسكنوا عرب جيشهم في حاميات فاس، وأطلقوا عليهم اسم أهل السوس، وسرعان ما نقلوا بعد ذلك إلى حصون الغرب ليقفوا في وجه عرب الخلط الذين كان منهم جيش المرينيين. وأدمج السعديون بقايا جيش بنى وطاس (شبانة، زرارة، أولاد متعة وأولاد جرار) في جيشهم وأسكنوه معسكرات تادلة ومراكش. وتم كذلك تجنيد الشراقة وظلوا في معسكر بالقرب من فاس، وبذلك تكوّن جيش السعديين وكان هذا الجيش يتألف، كما كانت الحال أيام بنى وطاس، من معسكرات من رجال الحاميات كانوا يجودون بالروح بإشارة من واليهم. وكانوا يعيشون على ضياع هى ضرب من الإقطاع معفى من المال. وينتخب عمال الدولة من بين صفوفهم.
وتأثر بلاط السعديين بالترك الذين يعيشون في البلاد المجاورة. ورغب الأشراف في أن يكون لهم إلى جانب
الجيش كتائب أخرى مدربة على النمط الأوربى على أيدى مدربين من الترك ولم يكن لنواة هذه الكتائب، وهى تتألف من عرب الأندلس ومن المرتدين ومن زنوج السودان على الأغلب، قيمة حقيقية في عهد السلطان أحمد الذهبى (المنصور) وبينما كانت الأسرة الحاكمة آخذة في التفكك بسبب الفتن التي شبت بين المتنازعين على العرش، رغب السلطان عبد اللَّه بن شيخ في أن تكون له فرقة من الجند المخلصين يعتمد عليها تمام الاعتماد، فأقطع الشراقة معظم الأرض التي كانت في حوزتهم من قبل.
واعتلى مولاى الرشيد العرش عام 1665 بمعونة عرب وبربر من أهل وجدة وأسس أسرة الأشراف العلوية التي لا تزال باقية. ثم أدمج بطانته في شراقة فاس. وخلفه على العرش مولاى إسماعيل أعظم حكام مراكش، وهو الذي أكسب الجيش تلك الصفات التي احتفظ بها إلى اليوم وأمه من قبيلة مجفرة العربية وهى بطن من أداية وقد استدعى هذه القبيلة من الطرف الآخر من بلاد السوس، وأسكنها بالقرب من بلاد الشراقة في فاس بوصفهم من قبائل المخزن، وأعاد تنظيم فرقة العبيد التي استخرج أفرادها مستعينًا في ذلك بديوان الجند الذي يخص السلطان أحمد المنصور السعدى. وكان جند هذه الفرقة يقسمون يمين الولاء على كتاب الإمام البخاري، ومن ثم عرفوا باسم عبيد البخاري (والجمع بواخر). ثم إن الجيش يتألف من الشراقة (أولاد جمع، هوارة، بنو عامر، بنو سنوس، شجاعة، أحلاف، سويد وغيرهم) ومن الشراردة (شبانة، زرارة، أولاد جرار، أهل السوس، أولاد متعة وغيرهم) ومن الأداية (الأداية الخلص، مجفرة وغيرهم) ومن البواخر. وهؤلاء هم قبائل المخزن الأربع التي يتألف الجيش منها جميعًا. ومن هذا يتبين أن تاريخ الجيش هو التاريخ الوطنى لمراكش. والحق أنه يمكن أن يقال إن تاريخ هذه القبائل هو تاريخ الفتن التي شبت في مراكش. وكان الجيش في عهد خلفاء مولاى إسماعيل هو الذي قرر مصير الحكام. فقد كانت كل من هذه القبائل الأربع الكبرى تتصرف بما يلائم أهواءها؛ ففى خلال فترة قصيرة من
الزمن قدرها إحدى وثلاثون سنة، أى من عام 1726 إلى عام 1757، قام رجال الجيش بتولية وعزل أو قتل أربعة عشر سلطانا وذلك تبعًا للعطايا (مُنى) التي كانت تبذل لهم: وفى عام 1757، توفى السلطان عبد اللَّه بن إسماعيل فخلفه ابنه محمد، وكان السلطان عبد اللَّه نفسه قد أقيم على العرش، وخلع عنه سبع مرات؛ واستطاع محمد، وكان في حكمه شديد البأس والقوة، أن يمسك بزمام هذه القبائل التي يتألف منها الجيش، فقد كسر من شوكة البواخر بتفريقهم وإنفاذهم إلى شتى المرافئ؛ وأراد محمد أن يحد من سلطان الشراردة فجَّند بطونًا من قبائل سهل مراكش في المخزن (منابهة ورهمنه وعبده وأحمر وهربل)، فكان على كل قبيلة منها أن ترسل قائدين وأتباعهما ليلتحقا بالجيش وانفصلت هذه الفرق من قبائلها ودخلت في مخزن مراكش التابعة له، وأجرى عليهم من الأعطيات ما كان يجرى على غيرهم من الجند وأعفوا من الضرائب.
ودبّ العصيان مرة أخرى في عهد السلطان يزيد بن محمد، وقد ساعد عليه ضعف هذا الحاكم، فاغتيل وعاد النضال من جديد حول عرش مراكش، فأصبحت مسرحًا تعيث فيه قبائل الجيش. وأخيرًا أفلح مولاى سليمان حوالى عام 1791 في شق طريقه إلى العرش وغلب على منافسه مولاى هشام الذي كان قد بويع في مراكش. وانتقض الشراردة عليه انتقاضا وهو في حملة على البربر في الجنوب وانضمت أداية إلى مولاى سليمان ضد الثوار وانتهزت هذه الفرصة وسلبت فاس. وكان النصر حليف مولاى سليمان، فلما توفى نادت أداية بخليفته مولاى عبد الرحمن سلطانا عام 1822 غير أن الشراردة قاموا بثورة أخرى كادوا يخلعون فيها عبد الرحمن، فلم يجد مناصًا من أن يجعل معظم مقامه في مراكش إذ يسهل عليه أن يسيطر منها على القبائل. ولكن الأحداث التي وقعت في شمال مملكته، وهى فتنة أداية وغزو الفرنسيين لبلاد الجزائر وقتال عامله عبد القادر له، أجبرته على الارتداد إلى فاس، وأراد أن يخرج