الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصطلح فى عهد الصفويين، فأصبح حاجب الحجاب يعرف باسم "إيشيك آقاسى باشى" وكانت مهامه تشبه مهام الـ "حاجب دركاه" الذى ذكره نظام الملك.
خورشيد [لامبتون A.K.S. Lambton]
4 - مصر والشام
كان كبير الحجاب فى البلاط الفاطمى موظفًا رفيع المقام يعرف باسم "صاحب الباب" على أن مرؤوسيه كانوا حجابًا، كما كان يشار إليه هو نفسه أحيانًا باسم "صاحب الحجاب" بدلا من اللقب الأكثر شيوعًا. ويتحدث ابن الصيرفى (قانون ديوان الرسائل، القاهرة سنة 1905، ص 115، القلقشندى: صبح الأعشى، جـ 1، ص 136 - 137) فى كلامه عن الديوان عند الفاطميين عن "صاحب الديوان" وكانت مهمته أن يمنع دخول الزوار غير المأذون لهم بالدخول فيحفظ بذلك أسرار الدولة. وقد أدخل حكام الشام السلاجقة منصب الحاجب العسكرى المألوف فى الشرق. وتبدو على نظم بنى زنكى والأيوبيين فى هذا الشأن وفى غيره من الشئون الأثر القوى للسلاجقة. وقد أصبح الحاجب فى ذلك الوقت ضابطًا عسكريًا له مهام عسكرية، فقد كان - على سبيل المثال - يتولى قيادة القلعة (أبو شامة: كتاب الروضتين: جـ 2، ص 69) وعمل "الشِّحْنَة"(ابن القلانسى، ص 208، 224، 234) ويتولى أحيانًا السفارة (ابن القلانسى، ص 293) أو "يشجع" الجند (ابن القلانسى، ص 132؛ المقريزى: السلوك، جـ 1، ص 133). على أن المصطلح "حاجب" ظل بعد يستعمل فى مصر أيام القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادى) بمعنى الحاجب المعروف (وشاهد ذلك بيت لابن النبيه المتوفى سنة 686 هـ = 1287 م، الذى يربط بينه وبين المصطلح الفارسى "برده دار"، وقد ذكر فى Eos طبعة A.T.Hatto، لاهاى سنة. 1965، ص 271).
واحتفظ الحاجب فى ظل السلاطين المماليك ببعض مهام الحاجب بمعناه المعروف. وكان كبير الحجاب (حاجب الحجاب) يقدم السفراء والضيوف
وأصحاب العرائض وغيرهم من المترددين على بلاط السلطان. وهو مسؤول أيضًا عن تنظيم الاستعراضات العسكرية. على أن المهام الأولى للحجاب فى عهد المماليك لم تكن تنصرف إلى التشريعات بل إلى القضاء، أى القضاء بين أعضاء الطبقة العسكرية المملوكية طبقًا لقوانين "الياسا". وتقول بعض المراجع المصرية إن هذا القضاء الخاص قد أقيم أيام بيبرس حين أصبح المماليك والمغول هم العنصر الهام فى الدولة الشآمية المصرية، وهؤلاء ظلوا رغم إسلامهم، مستمسكين بالسنة المغولية فى الأحوال الشخصية، ويقول المقريزى إنهم قد أقاموا لذلك الحاجب للحكم فيما يقوم بينهم من نزاع، وينتصف للضعيف طبقًا لأحكام "الياسا"، وهم أيضًا يكلون إليه المنازعات الخاصة بالإقطاع (الخطط، جـ 2، ص 221؛ انظر ابن تغرى بردى، القاهرة، جـ 7، ص 183 وما بعدها). وهكذا احتفظت محاكم الحاجب بصورة من الامتيازات الإقطاعية جعلت للمماليك حصانة من المحاكم والقوانين التى كان يخضع لها الأهالى، أى أن محاكم القاضى كانت تطبق الشريعة وليست مسؤولة إلا أمام المحاكم العسكرية الخاصة: على حين كان قضاة المماليك - وليس قضاة الأهلين - يطبقون الياسا، وهى قوانين أقوى شعوب الفيانى سطوة وأعظمهم احترامًا، وهى الشعوب التى كان يؤخذ منها معظم المماليك، وهذه المحاكم الخاصة كانت تقضى فى الأمور التى تتعلق بأفراد طبقة المماليك بما فى ذلك القضايا المتعلقة باقطاعاتهم.
وبمرور الزمن اتسع مدى ومقدار الأحكام القضائية لكبير الحجاب اتساعًا كبيرًا. وقد كان الحاجب فى أول الأمر مرؤوسًا لنائب السلطان فى مصر ويعرف بنائب السلطنة ولكن سلطانه زاد كثيرًا حين كانت وظيفة نائب السلطنة تترك شاغرة أو عندما انتهى أمر هذه الوظيفة من بعد. ويرجع المقريزى تاريخ اغتصاب سلطة القضاء الإسلامية بمعرفة الحجاب إلى منتصف القرن الثامن الهجرى (الرابع عشر الميلادى)، فقد نقل السلطان شعبان (746 - 747 هـ = 1345 - 1346 م)
سلطة القاضى التى كان يتولاها من قبل نائب السلطنة إلى حاجب الحجاب، فأصبح هذا رئيسًا لمحكمة مستقلة تقضى فى الأمور الإدارية (السياسية). وفى عهد السلطان حاجى أعيدت سلطة نائب السلطنة وارتد كبير الحجاب إلى حالته السابقة. على أن هذه الردة كانت موقوته فحسب. ففى سنة 753 هـ (1352 م) تظلم جماعة من التجار من البلاد المغولية إلى السلطان طالبين الانتصاف من مدينيهم المصريين حين عجزوا عن أن يجدوا العدل عند محكمة القاضى، فأحال السلطان القضية إلى حاجب الحجاب جرجى للفصل فيها: فعذب المدينين حتى أدوا الديون التى عليهم، واستاء السلطان من القاضى ومنعه من الحكم فى القضايا التى تثور بين التجار الأجانب والتجار القاهريين. ويقول المقريزى إنه من يومها حصل الحجاب على حق الحكم التعسفى على الأهلين (الخطط، جـ 2، ص 221 - 222. السلوك، جـ 2، ص 863)، ويمضى فى قوله إنه حدث بعد اضطرابات عام 806 هـ (1403 - 1404 م) أن أصبح الحجاب أكثر عددًا وأشد عدوانًا (الخطط، جـ 2، ص 22). وفى عهد المؤيد شيخ (815 - 824 هـ = 412 - 1421 م) منحت وظيفة المحتسب نفسها للمرة الأولى لأمير حاجب بدلا من منحها إلى أحد العلماء كما كان الأمر من قبل (القلقشندى: صبح الأعشى جـ 11، ص 210). وتشكو المصادر الإسلامية من جور الحجاب الذين كانوا يحكمون فى القضايا التى يتورط فيها المدنيون، بل هم يدعون أنهم يقضون بالحكم طبقًا للشريعة الإسلامية. وكان كثيرون من المتقاضين يؤثرون الأحكام الأسرع والأيسر فى التنفيذ التى يصدرها الحاجب على أحكام القاضى، فى حين أن الحاجب من جهته كانت له مصلحة مالية فى الفصل فى عدد أكبر من القضايا. ويتحدث المقريزى عن أمراء المماليك غير المقطعين وإن كانوا يعيشون على الرسوم والغرامات التى يتقاضونها من حيث هم قضاة فيقول:(المقريزى الخطط، جـ 2، ص 219 - 220) إن الحاجب أصبح اليوم قاضى القوى والضعيف على السواء سواء كانت القضية شرعية أو سياسية.