الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(7)
Manuel de Geneologie et de Chronologie: de Zambaur ص 212 وما بعدها.
الشنتناوى [تسترشتين K.V.Zettersteen]
سلمان الفارسى
من صحابة النبى [صلى الله عليه وسلم] ومن أشهر الشخصيات التى تحدثت عنها الروايات الإسلامية. وتقول إحدى الروايات التى ترجع أكمل صورة من الصور الكثيرة الباقية منها إلى محمد بن إسحاق إنه كان ابن دهقان قرية جى (أوجيان، انظر ياقوت، جـ 2، ص 170) الفارسية بالقرب من إصفهان. وتذهب روايات أخرى إلى أنه نشأ فى أرباض رامهرمز وأنه كان يسمى فى الإيرانية ماهبيه (مابيه) أو روزبيه (انظر Iran.Namenbuch: Justi ص 217، 277). وقد استهوته النصرانية وهو بعد صبى فترك بيت أبيه وتبع راهبا نصرانيا، ثم بلغ الشام بعد أن تتلمذ على شيوخ كثيرين. وهبط من الشام، ويمم لا يلوى على شئ إلى وادى القرى فى أواسط الجزيرة العربية طلجا للرسول الذى شاء اللَّه أن يُحيى دين إبراهيم، وكان آخر شيوخه قد أنبأه وهو على فراش الموت بقرب ظهوره. وقد غدر بدو بنى كلب بسلمان، وهم الذين كانوا أدلائه فى اجتيازه الصحراء، فباعوه بيع الرقيق إلى رجل يهودى، على أنه أتيحت له الفرصة للشخوص إلى يثرب، وما إن بلغها حتى تمت هجرة الرسول [صلى الله عليه وسلم] وقد شاهد سلمان علامات النبوة التى كان قد أنبأه بها الراهب على محمد فأسلم واشترى حريته من سيده اليهودى، وقد أعانه النبى [صلى الله عليه وسلم] بكرامة من كراماته على جمع المال اللازم لإعتاقه. ويقترن اسم سلمان بحصار أهل مكة للمدينة، ذلك أنه هو الذى أشار بحفر الخندق الذى استطاع به المسلمون أن يحموا أنفسهم من عدوهم، غير أننا نلاحظ كما بين هوروفنز أن هناك روايات تحدثت عن يوم الخندق لم تذكر شيئا عن تدخل سلمان فى الأمر. ويظن البعض أن تكون تلك القصة قد اخترعت لكى تنسب إلى أحد الفرس هذه الوسيلة من وسائل الدفاع التى تسمى باسم من أصل فارسى. ونفس الخلاف بالنسبة للروايات
الأخرى الخاصة بأعمال سلمان (نصيبه فى فتح العراق وفارس، وولايته للمدائن وغيرها) لأن جلها أو كلها يرجع إلى عهد المؤرخ سيف بن عمر وهو مؤرخ عرف كتابه بالتحيز والهوى [فى رأى البعض]. وليس من شك فى أن شهرة سلمان تكاد ترجع جميعها إلى أصله الفارسى، فهو المثال الأول للفرس الذين دخلوا فى الإسلام (شأنه فى ذلك شأن بلال الذى يمثل الأحباش وصهيب الذى يمثل الروم) وكان لهم شأن فى تطوره. وقد أصبح سلمان بهذه الصفة البطل القومى لفارس الإسلامية وشخصية من الشخصيات المحبوبة لدى الشعوبية (انظر Muh. Studien: Glodziher، جـ 1، ص 117، 136، 153، 212)، ومما يفسر لنا أكثر الأحاديث التى تتعلق بسلمان ما روى من أن النبى [صلى الله عليه وسلم] أنبأه بأن الفرس سيصبحون من خيرة الجماعة الإسلامية، وإنه صرح بأن سلمان من أهل البيت [كنوع من التكريم] وأن نصيبه السنوى من بيت المال كان مساو لنصيب الحسن والحسين حفيدى الرسول الخ. والحق أن شخصية سلمان التاريخية من أغمض الشخصيات، ومن العسير أن نسلم بأن أمره يقوم على أنه عبد فارسى من أهل المدينة دخل فى الإسلام.
وقد تطورت شخصية سلمان تطورًا عجيبًا لا يقتصر على القول بأنه من مؤسسى مذهب التصوف هو وأهل الصفة (كتاب اللمع، طبعة Nicholson ص 134 - 135) بل إن الموضع الذى يقال إن به قبره قد أصبح منذ عهد متقدم جدا مزارًا دينيًا (على أكثر تقدير فى القرن الرابع الهجرى، انظر اليعقوبى: كتاب البلدان، المكتبة الجغرافية العربية جـ 7، ص 321) ولا يزال الناس يشيرون إليه فى جوار المدائن القديمة فى المكان الذى عرف بسلمان باك (أى سلمان الطاهر) نسبة إليه بالقرب من ضاحية إسباندر القديمة. وقد جدد السلطان مراد الرابع (1623 - 1640 م) المسجد الذى به ضريح سلمان، وهو المسجد الذى شاهده بيترو دلافاله Pietro della Valle عام 1617 وهو فى أقدم صورة
(Viaggi طبعة Gancia Brighton سنة 1843 - جـ 1 ص 394) وقد تم تجديد هذا المسجد حديثا (فى عام 1322 هـ = 1904 - 1905)(Herzfeld Sarre Archaol. Reise im Euphrates und Tigrisgebiet جـ 2، ص 262، تعليق رقم 1 على أساس المعلومات التى ذكرها الصحفى العراقى المثقف كاظم الدجيلى؛ وانظر المصدر السابق، ص 51 [وهى لمحة طبوغرافية]، ص 58). ويزور قبره كثير من الناس وخاصة الشيعة الذين لا يفوتهم زيارته عند عودتهم من كربلاء (انظر La Perse d' au-Aubin jourd'hui باريس سنة 1908 ص 426 - 428). وتذكر روايات أخرى أن قبر سلمان يوجد بالقرب من إصفهان، حيث قام الدليل على وجود شعائر أتباعه فى القرن السادس، (ياقوت، جـ 2، ص 170) وفى جهات أخرى (انظر عن اللد فى فلسطين Etudes d' archeologie orientale: Clermont-Ganneau جـ 2، ص 108).
وكان لسلمان شأن هام فى تطور "الفتوة" وفى نقابات أهل الحرف، وهو يُبجْل بصفته راعى الحلاقين، ومن هنا جاء الحديث الذى لم يكن معروفا فى الكتب الصحاح القديمة، وهو الحديث الذى يجعل سلمان حلاق النبى (انظر Studien Zu Bast madad at Taufiqu: H. morning، رسالة جامعية، كييل سنة 1913، ص 33 - 37، 85 - 90 Beitrage zur Kenninis des islamischen Vereinswesens. Turkische Bibliothek جـ 16؛ Abhandl. z arab Philol.: Goldziher جـ 2، ص 66، 83). وهو أيضا أحد الحلقات الأساسية فى سلسلة التصوف عند أهل الطرق المختلفة (Coppoloni De Les ConfreriesMusulmanes: pont et ص 91). ومن الطبيعى أن يكون تبجيل الشيعة لسلمان يزيد على تبجيل أهل السنة له. فالشيعة لا تنسب له فحسب جملة أحاديث تمجد عليا وأهل بيته، بل إن الغلاة منهم يجعلون مقامه بعد علىّ مباشرة فى سلسلة الفيوضات الإلهية. وتجعله النصيرية الأقنوم الثالث فى الثالوث الذى يتكون من الأحرف الثلاثة فى الصوفية وهى ع (على) وم (محمد) وس (سلمان) (انظر La Religion des NosoIris: Dussaud ص 62؛ Archiv. fur Religionswissenschaft Goldziher،