الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخلوص والصفاء والنقاء -وكلها متقاربة- لكان الإسلام عند الإطلاق راجعا إلى أصل المعنى عند التقييد، بإسلام الوجه للَّه، والإسلام لرب العالمين، دون بعد ولا صعوبة. . والمتمرس ببيان تدرج المعانى اللغوية لا يجد صعوبة فى معر هذا الرد للمعانى، بل هو -كما نعرف- يبدؤها من المعنى الحسى المادى الأول متنقلا منه إلى سائر معانيها، حتى يصل إلى المعنى التجريدى الذهنى الصرف، وقد أشرنا إلى ذلك فى التعليق الأول، وأن الكاتب لم يف فى بيان معنى المادة بحق المنهج اللغوى قديما ولا حديثا.
وإذا كان الأقدمون عندنا يردون ما اشترك فى أكثر حروفه، بل ما تقاربت مخارج حروفه إلى معان متقاربة، بعدما ردوا ما اتحدت حروفه واختلف ترتيبها إلى معنى واحد، فهل يقال بعد ذلك بعدم إمكان التوفيق بين معانى الصيغ المختلفة أو الاستعمالات المختلفة، من مادة واحدة الحروف واحدة الترتيب! !
أما أنه لو انتبه الكاتب إلى بعض هذه الاعتبارات اللغوية لما أطلق القول هكذا بعدم إمكان التوفيق بين عبارات واستعمالات لمادة واحدة. . . ولعل هذا مما يؤيد ما أسلفنا من أن بيانه لمعنى المادة قد حرمها الخصوبة المعنوية وردها عجفاء هزيلة؛ وأبعد الاستعمال القرآنى لها عن كريم أهدافه، ورقيق مشاعره نحو السلام الإنسانى.
أمين الخولى
سلامة بن جندل
شاعر جاهلى من عشيرة الحارث من بطن سعد الفزر من بنى تميم، وهو معدود من شعراء الجاهلية المجيدين، ولم يبق لنا من شعره إلا قصائد قليلة، ولا شك أن صيته ذاع فى النصف الثانى من القرن السادس الميلادى؛ ذلك أن أبرز ما دُوِّن من سيرته يتناول أخاه أحمر (ويخطئون فى رسم هذا الاسم أحيانا فيكتبونه أحمد)، فقد أسر عمرو ابن كلثوم، شيخ بنى تغلب، أحمر فى الغارة التى شنها فى الجنوب، ولكن أخاه سلامة تشفع له فأطلق عمرو سراحه من غير أن يتقاضى لقاء ذلك فدية (ديوان عمرو، مقدمة القصيدة رقم 2؛ الأغانى، جـ 9، ص 183؛ س 18)؛ ولا نستطيع أن نجزم أن هذا خطأ وقعت فيه الرواية العربية؛ على أنه ورد
فى ديوان سلامة فى التعليقات على القصيدة رقم 8 (طبعة شيخو) أن هذا الحادث وقع لأحمر مع رجل يقال له صعصعة بن محمود بن عمرو بن مرثد؛ ولعل صعصعة هذا كان من عشيرة عمرو القيسية، وكانوا ينزلون حلفاء على بنى شيبان، أو لعله كان من أسرة مرثد اليمنية المشهورة؛ ويشير سلامة فى أطول قصائده إلى موت النعمان ملك الحيرة الذى وطئته الفيلة بإشارة من برويز ملك الفرس (الديوان، رقم 3، جـ 5، ص 39)، ثم إنه ورد فى نقائض جرير والفرزدق قصيدتان لسلامة لم يذكرا فى الديوان، وقد أشاد فيهما بنصر أحرزته منقر فى الجدود، إذ أنزلت الهزيمة ببكر بن وائل، وكانت منقر عشيرة من بطن سعد الفزر أيضا. وهاتان الحادثتان تدلان على أن سلامة كان يعيش فى أواخر القرن السادس تقريبا، ولا يمكننا تعيين تاريخ وفاته، على أنه لم يدرك الإسلام، ولم يذكر أحد من أحفاده فى سير المسلمين الأولين.
وقد أخطأ شيخو إذ قال إن سلامة هو الزعيم المشهور سلمى بن جندل بن نهشل، ذلك أن سلمى كان من عشيرة نهشل بن دارم ويمت بصلة القربى لمجاشع جد الفرزدق الشاعر. واشتهر سلامة ببراعته فى وصف الجياد، وقد وصلت إلينا قصائده المجموعة فى مخطوطين قديمين، طبعهما شيخو سنة 1920، ولا يحتوى الديوان إلا على تسع قصائد أو قطع منها، ومجموعها 135 بيتًا من الشعر، أضاف إليها شيخو 36 بيتًا جمعها من مصادر شتى، وأستطيع أنا أن أضيف إليها بيتا واحدًا ورد فى كتاب العين (طبعة بغداد، ص 108)؛ وليس ثمة سبب يدعونا إلى الشك فى صحة معظم هذه الأشعار، ويتحدث الشاعر فيها عن شبابه الذى ولى ويأسف على أنه لم يكن هاديا له فى كبره، ومثل هذه الأقوال تشيع عادة فى لغة القصائد التى من هذا القبيل، وأنا لا أفسر ذكره اللَّه (رقم 1، جـ 5، ص 12) على أنه حشو أقحم على قصائده بعد مماته، ذلك أننى أعتقد أن ثمة ضربا من التوحيد كان شائعا فى بلاد العرب قبل مجئ النبى [صلى الله عليه وسلم]، ولو أن الصيغة "الإله" قد تكون هى الصيغة الصحيحة فى الأيام الأولى؛ ويتحدث