الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيها. فانظر -مثلا- قول ابن فارس المتوفى سنة 395 هـ فى مقاييس اللغة 3: 125 "سبح: السين والباء والحاء أصلاون: أحدهما جنس من العبادة، والآخر جنس من السعى. فالأول: ال
سبحة
، وهى الصلاة، ويختص بذلك ما كان نفلا غير فرض. ومن الباب: التسبيح، وهو تنزيه اللَّه جل ثناؤه من كل سوء. والتنزيه: التبعيد والعرب تقول: سبحان من كذا، أى ما أبعده. قال الأعشى:
أقول لما جاءنى فخره
…
سبحان من علقمة الفاخر
وقال قوم: تأويله عجبًا إذا يفخر. وهذا قريب من ذاك لأنه تبعيد له من الفخر".
المترجم
سبحة
(سُبْحَة): ويقال أيضًا سبْحة: هى المسبحة المعروفة ولكن الوهابية ينكرونها ويعدونها بدعة. وثمة شواهد على أنها استعملت أول ما استعملت فى أوساط الصوفية وبين طبقات أخرى فى المجتمع (Rosaire: Goldziher، ص 296). وقد ارتفعت أصوات باستنكارها فى تاريخ متأخر يرجع إلى القرن الخامس عشر الميلادى، ومن ثم كتب السيوطى رسالة فى بيان فضائلها (Vorlesungen uber den Uslam: Goldziher الطبعة الأولى، ص 165). وقد جرى الحجاج (انظر Die Renaissance des Islams: Mez ص 441) والدراويش وغيرهم على حمل السبحة فى أيامنا هذه.
وتتألف السبحة من مجموعات من الحبات مصنوعة من الخشب، أو العظم، أو الصدف أو غير ذلك. ويفصل هذه المجموعات حبتان مستعرضتان أكبر حجما من الحبات الأخرى (إمام) علاوة على حبة أكبر من الجميع تتخذ يدا (Snouch Hurgronje فى Int. Arch f.Ethnographie، جـ 1، ص 154، لوحة 14، رقم 12). ويتفاوت عدد الحبات فى كل مجموعة (مثلا: 33 + 33 + 34 أو 33 + 33 + 31؛ ويحسب الإمام واليد ضمن الحبات فى الحالة الثانية. ويبلغ عدد حباتها جميعا مائة حبة تمشيا مع عدد أسماء اللَّه الحسنى البالغة 19 اسما. وتستخدم السبحة فى عدّ هذه
الأسماء، ولكنها تستخدم أيضا فى عد الدعوات، أى فى الذكر وفى الصيغة التى تختم بها الصلاة وقد ذكر لين (Manners and Customs، Register: Lane) سبحة من ألف حبة تستعمل فى الجنائز لتكرار صيغة لا إله إلا اللَّه ثلاثا، وكل مرة بألف.
وقد ذكرت المسابح (جمع مسبحة) فى عهد متقدم يرجع إلى سنة 800 م (Die Rensaissance des Islams: Mez، ص 318) ويذهب كولدسيهر (Vorlesungen ص 165) إلى أن السبحة انتقلت من الهند إلى غرب آسية. ثم إن كولدسيهر نفسه أشار إلى أحاديث ذكرت استعمال الحجارة الصغيرة ونوى البلح وغيرها لعد الأذكار، مثل التكبير والتهليل، والتسبيح.
ونذكر من هذه الأحاديث: "عن سعد ابن أبى وقاص أنه دخل مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى، أو حصى، تسبح به، فقال "أخبرُك بما هو أيسر عليك من هذا، أو أفضل" فقال "سبحان اللَّه عدد ما خلق فى السماء، وسبحان اللَّه عدد ما خلق فى الأرض، وسبحان اللَّه عدد ما خلق بين ذلك، وسبحان اللَّه عدد ما هو خالق واللَّه أكبر مثل ذلك، والحمد للَّه مثل ذلك، ولا إله إلا اللَّه مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه مثل ذلك" (أبو داود، الوتر، باب 24؛ الترمذى، الدعوات، باب 113).
وثمة حديث آخر تبسط فى بيان مرمى هذا الحديث: "حدثنى كنانة مولى صفية، قال سمعت صفية تقول: دخل علىّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وبين يدى أربعة آلاف نواة أسبح بها، فقلت لقد سبحت بهذه. فقال ألا أعلمك بأكثر مما سبحت، فقلت علمنى فقال قولى سبحان اللَّه عدد خلقه"(الترمذى: الدعوات، باب 103).
ويشير الحديث الذى جاء فيه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "يعْقد التسبيح"(النسائى، السهو، باب 97) إلى شعيرة مختلفة عن ذلك وقد ترجم الفعل عقد هنا بما يفيد معنى "عدّ أو أحصى" اعتمادا على أن المعاجم تذكر هذا المعنى ضمن معان أخرى. ولعلهم استندوا فى ذلك إلى الحديث الذى ذكرناه لتونا، وإلى الحديث الآتى: "حدثنا مسدد، حدثنا عبد اللَّه بن داود، عن هانئ بن عثمان، عن حُمَيْضة بنت ياسر، عن يسيرة، أخبرتها أن النبى صلى الله عليه وسلم أمرهن أن