المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عن حياته وتعاليمه. ويمكن للقارئ أيضًا أن يرجع لقصة اجتماعه - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ١٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ المصادر

- ‌السبتى

- ‌المصادر:

- ‌سبحان اللَّه

- ‌تعليق

- ‌سبحة

- ‌المصادر:

- ‌تعليق

- ‌السبعية

- ‌المصادر:

- ‌تعليق على مادة السبعية

- ‌السبكى

- ‌المصادر:

- ‌سبيل

- ‌المصادر:

- ‌السترة

- ‌المصادر:

- ‌ست الملك

- ‌المصادر:

- ‌سجاح

- ‌المصادر:

- ‌السجاوندى

- ‌المصادر:

- ‌السجاوندى

- ‌المصادر:

- ‌السجع

- ‌المصادر:

- ‌سجيل

- ‌المصادر:

- ‌السحر

- ‌المصادر:

- ‌سحنون

- ‌المصادر:

- ‌سراج، بنو

- ‌السراة

- ‌المصادر:

- ‌سرايفو

- ‌المصادر:

- ‌السرخسى

- ‌المصادر:

- ‌سروال

- ‌المصادر:

- ‌السريع

- ‌سعد، بنو

- ‌المصادر:

- ‌سعد بن أبى وقاص

- ‌المصادر:

- ‌سعد الدين الحموى

- ‌المصادر:

- ‌سعد بن عبادة

- ‌المصادر:

- ‌سعد الفِزْر

- ‌المصادر:

- ‌سعد بن معاذ

- ‌المصادر:

- ‌السعدى

- ‌سعدى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌التاريخ الأدبى:

- ‌السعدية

- ‌المصادر:

- ‌السعودى

- ‌المصادر:

- ‌ال‌‌سعودى

- ‌سعودى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر

- ‌السعى

- ‌المصادر:

- ‌سعيد باشا

- ‌المصادر:

- ‌سعيد بن أوس

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌سعيد بن البطريق

- ‌سعيد بن زيد

- ‌المصادر:

- ‌سعيد بن العاص

- ‌المصادر:

- ‌سفيان الثورى

- ‌المصادر:

- ‌السفينة

- ‌المصادر:

- ‌السكاكى

- ‌المصادر:

- ‌السكرى

- ‌المصادر:

- ‌سكينة

- ‌المصادر:

- ‌السلاجقة

- ‌المصادر:

- ‌السلام

- ‌المصادر:

- ‌تعليق

- ‌سلامة بن جندل

- ‌المصادر:

- ‌السلاوى

- ‌المصادر:

- ‌سلسبيل

- ‌المصادر:

- ‌سلطان

- ‌المصادر:

- ‌سلطان الدولة

- ‌المصادر:

- ‌سلمان الفارسى

- ‌المصادر:

- ‌السلمانية

- ‌المصادر:

- ‌سلوك

- ‌المصادر:

- ‌سلول

- ‌المصادر:

- ‌سليح

- ‌ المصادر

- ‌سليم الأول

- ‌المصادر:

- ‌سليم الثانى

- ‌المصادر:

- ‌سليم الثالث

- ‌المصادر:

- ‌سليم بن منصور

- ‌المصادر:

- ‌سليمان الأول

- ‌المصادر:

- ‌سليمان الثانى

- ‌المصادر:

- ‌سليمان باشا

- ‌المصادر:

الفصل: عن حياته وتعاليمه. ويمكن للقارئ أيضًا أن يرجع لقصة اجتماعه

عن حياته وتعاليمه. ويمكن للقارئ أيضًا أن يرجع لقصة اجتماعه بما شاء الله فى تاريخ القفطى، طبعة Lippert، ص 327 وما كان من رفضه لمنصب القضاء كما ذكرت فى كتاب الهجويرى المذكور، ص 93، وإلى اجتماعه بالمنصور (ابن عبد ربه: العقد الفريد، القاهرة سنة 1336، جـ 2، ص 108). ويمكن الرجوع أيضًا إلى فهارس المصنفات الأوربية فيما يختص بفقرات لم ترد فى هذا المقال. وهناك معلومات أكثر من ذلك فى Die RichLeguug tungen der islamischen Koanaus: Goldziher سنة 1920 فى Muh. Stud، جـ 2، إذ أن العبارة الواردة فى صفحة 58 ليست واردة فى الفهرس: وانظر عنها Development of muslim Theology: D. BMacdonald سنة 1903 ص 97 وما بعدها Lit Hist Persia: Browne سنة 1909 جـ 1، ص 242 - 426 (ففى صفحة 434 نقل قصة اجتماع سفيان بالحلاج)

الشنتناوى [بلسنر M.Plessner]

‌السفينة

هى الكلمة العربية المرادفة بوجه عام للكلمة الانجليزية Ship. ومعناها أخص من كلمة مركب التى تدل على أداة النقل بأوسع معانيه. وفى العربية عدد كبير جدًا من الألفاظ الدالة على أنواع السفن المختلفة، على أن معظم هذه الألفاظ مستعار من لغات أخرى. ونلاحظ فى هذا المقام أن اللفظ المستعار يعبر عادة عن الفكرة المميزة لأى نوع معلوم من السفن (انظر Kindermann. كتابه المذكور فى المصادر، ص 112 وما بعدها)؛ بل إن الكلمة الشائعة "سفينة" ليست من أصل عربى (انظر المصدر السابق، ص 108) على خلاف كلمة "مركب". على أن استعمال هذه الكلمة بمعنى السفينة يدل كما بين فرانكل (Die aram Fremdw: Fraenkel ص 215) على أن السفر برًا كان هو المفضل.

واستعمال كلمة سفينة وإن كان يبرر القول بأن الملاحة كانت فى الأصل غريبة على العرب فإن هذا القول، كما هو الشأن فى جميع الأحوال المماثلة لا

ص: 5688

يصدق إلا على العهد الأول الذى استعيرت فيه كلمة من قبيل السفينة. وسرعان ما أحس القوم بالفهم لها، ومن ثم لم تصبح فكرة السفينة شيئا غريبا على العرب. والأمر على خلاف ذلك بالنسبة للمسألة التى كثر حولها الجدل وهى: هل كان العرب حقًا فى صدر الإسلام على دراية بالبحر وبالملاحة؟ ولم نصل بعد إلى جواب شاف لهذه المسألة، وقد اكتفى الكتاب بذكر الأسباب المؤيدة لهذا القول والأسباب المعارضة له.

والشئ الذى أثار هذه المسألة فى بادئ الأمر هى الأوصاف التى ذكرها القرآن الكريم عن البحر، فقد تساءل بارتولد [بمنظور المستشرق] بحق (Zeitschrift der Deutschen Morgenandi-chen Gesellschaft: W.Barthold جـ 8 سنة 1929، ص 37 - 43) كيف تأتت للنبى محمد صلى الله عليه وسلم هذه الصور الواضحة عن البحر وعواصفه ومن أين استقاها؟ ذلك أنها من أزهى الصور الواردة فى القرآن الكريم (1). ويقول بارتولد:"أن هذه المسألة لها أهمية خاصة، ذلك أن أوصاف البحر كانت من الأمور الغريبة بوجه عام على الشعر العربى، وخاصة الشعر الجاهلى، وإن سيرة النبى [صلى الله عليه وسلم] لا تدل على أنه قام بأية رحلة بحرية حتى وإن كانت بالقرب من الشاطئ". كما أنها لا تدلنا على أنه زار أى ثغر من الثغور المعروفة فى ذلك الوقت مثل جدة أو شُعَيْبَة أو غزة. وذهب نولدكه فى افتراضه (Isl جـ 5 سنة 1914، ص 163، تعليق رقم 3) إلى أن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] يجوز أنه زار بشخصه هذه البلاد فى مناسبة من المناسبات عندما كان يتعامل فى تجارة قريش مع الحبشة، إذ إن سورة يونس الآية رقم 23 (2) وسورة العنكبوت،

(1) هذا القول يشعر بأن القرآن من كلام محمد صلى الله عليه وسلم، وقد سبق أن رددنا على هذه الدعوى التى يقول بها كثير من المستشرقين فى مواضع مختلفة من هذه الدائرة، بل أن هذه الصور الرانعة لركوب البحر هى من أقوى الدلائل على أن القرآن ليس من تأليف النبى، وهو لم يركب البحر فى حياته، بل جاءه بها الوحى من عند اللَّه تعالى. انظر العمود الثانى من الصفحة التالية. [م. ع]

(2)

رقم الآية فى المصحف العثمانى هو 22. [م. ع]

ص: 5689

الآية 65، وسورة النور، الآية 40، تبدو لنا وكان النبى [صلى الله عليه وسلم] قد كابد بشخصه أهوال السفر فى البحر. واستخلص فرانكل (كتابه المذكور ص 211) من القرآن: "أن العرب الأولين كانوا يدركون حق الإدراك أن بلادهم يحف بها البحر من ثلاثة جوانب، وأن ركوب البحر كان عظيم الأهمية على الأقل بالنسبة للبيئات التجارية التى كان ينتسب إليها محمد [صلى الله عليه وسلم]، وإلا فما كان يتحدث النبى -كما يرى فرانكل- فيما لا يقل عن أربعين آية عن فضل اللَّه فى تسخير البحر للناس.

ولم يقف فرانكل عند هذا الحد بل تحدث عن حركة "التجارة المنتظمة" مع الحبشة التى أشارت إليها الروايات فيما أشارت، فقد ورد ذلك فى روايتين تذهب إحداهما إلى أنه قد استخدمت أخشاب سفينة جنحت عند شعيبة فى بناء الكعبة (الطبرى، جـ 1، ص 1135) وتذهب الأخرى إلى أن "المهاجرين" الأولين أبحروا على سفينتين تجاريتين كانتا ذاهبتين إلى الحبشة (الطبرى، جـ 1، ص 1182). أما عن السفينة التى جنحت فقد قيل على وجه اليقين إنها كانت سفينة رومية، وليس فى الرواية الأخرى ما يدل على أن هاتين السفينتين كانتا عربيتين (ويرى لامنس Lammens: La Mecque ص 248 = 380 أن هاتين السفينتين غير عرببيتين). وتدل جميع الدلائل على أن القول الراجح هو أن هذا الاتصال بين بلاد العرب والشاطئ المقابل لهم كان يقوم به الأحباش، وهو قول قال به أيضا بارتولد (W. Barthold: كتابه المذكور ص 43) لأسباب مختلفة عن ذلك كل الاختلاف. بل إن لامنس (La Mecque: Lammens ص 289 = 385) يتحدث عما كان للأحباش من سيادة على البحار ولا يجد فى الأخبار المكية أى ذكر لسفينة عربية تاجرت مع مملكة أكسوم، ولو أن حديثه لا يخلو من اعتراضات توجه إليه (المؤلف نفسه: L، Arabie Occidentals ص 15). على أن لامنس يعترف بأن الإشارات الكثيرة فى القرآن الكريم والسيرة إلى الملاحة تنم بأن العرب كانوا على دراية وثيقة بالبحر،

ص: 5690

إلا أنه لم يرد قط أن أحدًا من عشيرة محمد صلى الله عليه وسلم أو بدويًا من تهامة كان بحارًا، فقد تركت هذه المهنة لغيرهم على شاطئ البحر الأحمر (المؤلف نفسه: La Mecque ص 283 - 379).

ومن الإشارات إلى الملاحة فى الشعر العربى القديم البيت رقم 102 من معلقة عمرو ابن كلثوم وهى إشارة هامة بصفة خاصة. فهو يفخر بقومه بنى تغلب قائلا إن سفنهم تغطى وجه البحر، فى حين يسلم كولدسيهر (Z.D.M.G جـ 44، سنة 1890، ص 165 وما بعدها) الذى يأخذ برأى فرانكل بأن هذا البيت عظيم الأهمية بلا شك. ويميل نولدكه (Nnldeke: Funf Moallaqat، جـ 1، ص 49) إلى الرأى القائل "إن بنى تغلب جروا فى بعض الأحيان على السير فى نهر الفرات بالقوارب" وأن ذلك "لا يمكن أن يكون له شأن بركوب البحر بمعناه الصحيح".

وهو يرى أن كلمة "بحر" فى هذا المقام معناها مياه الفرات الفسيح الجنبات. وإنما يدل نص البيت على أننا بصدد شاعر يفخر (انظر أيضًا Jacob: Beduinenleben ص 149) ويزداد تفاخره أثرًا فى النفوس لأن هذا النوع من النشاط على متن الماء لم يكن معروفا للقبائل الأخرى؛ بل إن من المؤكد أنهم كانوا يخشون الماء. ونحن إذا تغاضينا عن هذا البيت الفريد وجدنا أن كولدسيهر (كتابه المذكور) يبين أن البحر وغيره من أسباب الملاحة كانت تستخدم فى الشعر القديم على سبيل المجاز. فالقافلة فى سيرها مثلا تشبه فى كثير من الأحيان بالسفن تسير فى البحر.

وهذه الصور التى هى فى الغالب لا لون لها ربما تكون قد نشأت على الساحل، ثم تنقلت فى داخل البلاد صيغا محفوظة، وليس من الضرورى أن يكون الشاعر الذى استخدمها على دراية شخصية بالبحر. ويجدر بنا أن نذكر القارئ فى هذا المقام بطبيعة النسيب الذى جمد على أساليب وصور محفوظة.

ص: 5691

أما والإشارات العارضة إلى الملاحة لابد أنها تستند فى الواقع إلى أساس من الأسس -زد على ذلك أننا لا نعلم شيئا عن قيام العرب [قبل الإسلام] بأى مشروع فى البحر على نطاق ما- فإن من الطبيعى أن نقول: "إن العرب قبل الإسلام لم يتوغلوا فى تجارتهم إلى أبعد من سواحل البحر الأحمر والخليج الفارسى" كما ذهب إلى ذلك فستنفلد (Nachrichten d. Gesellschaft Wiss Gottingen: Wustenfeld، سنة 1880، ص 134) ويرى لامنس (La Mecque: Lammens ص 185 = 381) أنهم إنما كانوا يصيدون الأسماك على نطاق ضيق جدًا غير بعيد من الشاطئ، ويسلبون فى بعض الأحيان السفن الجانحة (انظر ما تقدم). أما من حيث "الواردات من الخارج" التى كانت تشاهد فى بلاد العرب فى ذلك الوقت فيرى يعقوب (Jacob كتابه المذكور، ص 149). "أن السفن الأجنبية (وخاصة الحبشية والهندية) كانت على أية حال هى التى تفد على الثغور العربية أكثر من وفود السفن العربية إلى ثغور البلاد الأجنبية، وكانت الواردات تشمل سلعا أجنبية متعددة، فى حين لم يكن لدى بلاد العرب كما يؤكد فريتاغ Freytag (Einleitung ص 276 وما بعدها) من المحصولات التى يمكن تصديرها بحرًا إلى البلاد الأجنبية إلا القليل.

على أن هذه الملاحظات تصدق قبل كل شئ على الحجاز وما جاوره من أراض، ولا يمكن أن تنطبق على جميع بلاد العرب بلا جدال، ففى هذا الإقليم بالذات بعض العوامل غير الملائمة للملاحة. وقصة السفينة الجانحة (انظر ما سبق) تبين بوضوح افتقار الجهات المجاورة لمكة إلى الأخشاب، كما أنه ليس على الساحل مرافئ جيدة أو كبيرة، ثم إن بعض المرافئ القديمة مثل Leukekome والجار وشعيبة قد هجرت تماما فيما بعد.

وكان البحر الأحمر مرهوب الجانب لعواصفه وشعابه وخاصة فى الشمال

ص: 5692

(انظر مادة بحر القلزم"؛ Renaissanca: Mez ص 476). زد على ذلك أنه ليس ببلاد العرب أنهار صالحة للملاحة تتخذ مجالا للتدرب على الضرب فى البحر.

وليس بعجيب إذن أن حياة البدوى البعيدة عن البحر حالت طويلا بينه وبين الركون إلى اتخاذ الماء أداة للانتقال. ولابد أن يكون هذا الاتجاه قد عاق الرحلات البحرية الإسلامية فى بدايتها، وهو ما اختلف فى الوقت الحاضر. (انظر La mer donsles Traditioas. . .a Rabat et Sale: L، Brunot، باريس سنة 1920، ص 1، 3؛ Narratine of a Year،s Journey: W. G. Palgrave . . . لندن سنة 1865، جـ 1، ص 430 وقد ورد فى آيات القرآن الكريم جانب عن رهبة البحر كقوله "موج كالجبال" أو "كظلمات فى بحر لجى يغشاه موج، من فوقه موج من فوقه سحاب، ظلمات بعضها فوق بعض. ."(سورة هود، الآية 44 (1)؛ سورة النور، الآية 40، وكذلك سورة يونس، الآية (23)(2)؛ وسورة هود الآية 45 (3)؛ سورة لقمان، الآية 31 (4)؛ وانظر أيضا القصيدة الفكاهية التى أوردها Noldeke فى Delectus ص 62). ولعل هذا السبب هو الذى حمل المكيين على ترك الملاحة للأجانب (انظر ما سبق). ويضاف إلى ذلك ما كان لدى القوم من شعور بالازدراء لبعض الحرف (انظر Goldziher فى Globus جـ 66 سنة 1894، ص 203 - 205). ومع ذلك فقد كان أزد عمان ملاحين وصيادين، ولكن كان التميميون يعيرونهم بأنهم ملاحون (انظر Skizzen: Wellhausen جـ 6، ص 25). ولدينا أيضا إشارات إلى النبطيين وإشارات أخرى عابرة إلى الملاحين اليهود (انظر The Diwans of Abid etc: Lyall فى مجموعة كب التذكارية جـ 13، سنة 1913، ص 8 من المقدمة، ص 5، 6).

(1) رقم الآية فى المصحف العثمانى هو 42.

(2)

رقم الآية فى المصحف العثمانى هو 22.

(3)

رقم الآية فى المصحف العثمانى هو 43.

(4)

رقم الاية فى المصحف العثمانى هو 32.

ص: 5693

وليس بغريب اذن أن تُذكر الأحاديث فيما بعد، بعد أن تبينت فى النهاية قيمة الملاحة فى السلم والحرب، وكلها تبيح بشكل قاطع التجارة بحرًا وتشيد بفضل الاستشهاد فى البحر (انظر Handbook: Wensinck مادتى Barter، Martyr؛ وانظر أيضًا L، Arabie Occ.: Lammens، ص 15 وما بعدها). على أن هذا الرأى لم ينتشر إلا بعد زمن طويل، بل إنه فى الوقت الذى كان فيه النبى صلى الله عليه وسلم يقطع على قريش سبيل التجارة مع أسواقها فى الشمال، آثر القرشيون القيام بدورة كبيرة عبر الصحراء على المغامرة باتخاذ أى طريق بحرى (LaMecque: Lammens ص 285 = 381) وظل الخلفاء الأولون ممتنعين عن القيام بأى مغامرة فى البحر، فقد تأثر الخليفة عمر أبلغ التأثر من جراء النكبات التى ألمت بالمسلمين فى البحر المتوسط والبحر الأحمر (الطبرى، جـ 1، ص 2595، 2820؛ ويقال إنه منع الملاحة [أو على الأقل منع الملاحة للأغراض الدنيوية] انظر Goldziher فى Z.D.M.G، جـ 44، ص 165 وما بعدها)، بل ذهب إلى أبعد من ذلك فعاتب شيخ قبيلة بجيلة عرفجة بن هرثمة الأزدى البارقى الذى كان قد أمره بالإغارة على عمان لأنه نفذ ما أمره به بحرًا على الرغم من أنه نجح فى أداء مهمته (ابن خلدون: العبر، جـ 1، ص 211) على أنه ما انقضت خمس سنوات على وفاة النبى صلى الله عليه وسلم (15 هـ = 637 م) حتى وصل أسطول عربى من عمان إلى تانة بالقرب من بومباى، كما شخصت حملة أخرى إلى خليج ديبل (البلاذرى: فتوح البلدان. ص 431 وما بعدها). وقد كان معاوية هو منشئ البحرية العربية. فقد أحس بحاجته إلى إنشاء عمارة بحرية تزداد شيئًا فشيئًا إبان حروبه مع الروم، وهى الحروب التى هددت فيها الثغور الفينيقية كثيرا. وكان يلقى فى هذا السبيل مقاومة من الخلفاء فى أثناء ولايته على الشام، ولكن عثمان وافقه على رأيه آخر الأمر.

ص: 5694

وكانت الإسكندرية بصفة خاصة تقدم السفن والملاحين. ويقال إن معاوية قام بإنشاء القواعد البحرية على الشاطئ الفلسطينى أيضا (البلاذرى، ص 117؛ غير أن بعض الكتاب يخالفون هذا القول) وعلى الرغم من خوف العرب من البحر فإنهم تحولوا من الصحراء والجمل إلى البحر والسفينة بسرعة تبعث على الدهشة (انظر Wellhausen فى N. G. W. Gott سنة 1901، ص 418). وسرعان ما ظهر من بينهم أمراء بحر شجعان وخاصة بُسر وأبو الأعور.

أما الإلمام بتطور الملاحة العربية بعد ذلك فإنه يبعدنا عن الغاية من هذا المقال، وإن اقتصرنا على الخطوط العريضة لهذا التطور. وأما مسألة: هل كان العرب على دراية بالملاحة فى بداية الإسلام، فإنا نلاحظ فى هذا الشأن ما يلى: من العسير أن نأخذ برأى كولدسيهر (Z.D.M.G جـ 44، ص 165 وما بعدها) القائل "بأن العرب الأولين كانوا ملمين بالملاحة إلماما تاما" حتى "تملك قلوبهم رعب من البحر بعد ذلك"(من البديهى أن يكون العكس هو القول الذى يؤخذ به). ولعل الحقيقة أن كلا الرأيين كان قائما أحدهما إلى جانب الآخر.

والظاهر أن الرهبة من البحر كانت من خصائص عرب الحجاز، وبمجئ الإسلام أصبحت أحوال هذا الإقليم وآراء أهله هى الأمر المأثور إن صح هذا التعبير، من ثم غدت رهبة البدوى من البحر فى نظر الناس هو الصفة المميزة لغالبية السكان فى شبه الجزيرة العربية قديما. على أن الموقع الجغرافى لبلاد العرب يدعو إلى افتراض قيام حركة تجارية ساحلية قلت أو كثرت منذ أقدم الأزمنة. بل إنا لنجد فى المشرق أن الرواية القائلة بوقوع نشاط كبير فى البحر قد بقيت حتى ظهور الإسلام، ذلك أن المسعودى قد احتفظ فى كتابه مروج الذهب (جـ 1، ص 308)، بقصة قديمة تذهب

ص: 5695

إلى أن السفن الصينية كانت فى الأزمنة القديمة تتردد على عمان والبحرين والأبلّة والبصرة، كما أن سفنا من هذه الأقاليم كانت تتاجر مع الصين. ولدينا أيضا أخبار عن أسفار الأزد البحرية (انظر ما تقدم) ثم روايات متأخرة كثيرة عن رحلات جريئة قام بها تجار عمان ومن ثم لا عجب أن تكون الرحلات المتقدمة للمسلمين إلى الهند قد خرجت من هذا الإقليم فى وقت كان يقوم على ولاية الشام فيه والتقدمى لم يجد بدًا من مناهضة رأى الخلفاء الذين عارضوا بعد إنشاء عمارة بحرية إسلامية.

ولم يكتب العرب فيما نعلم تاريخا لرحلاتهم البحرية؛ ولكن الإشارات إلى تلك الملاحة كثيرة بطبيعة الحال فى المصنفات التاريخية الكبرى وفى غيرها من الكتب. وحسبنا أن نتخذ مثالا أو اثنين مهمين من الأوائل: يرى فقهاء اللغة أن بكرة أم الصحابى يزيد بن الحكم كانت أول امرأة عربية تركب البحر (كتاب الأغانى، جـ 11، ص 100). وأول مسلم قاد حملة بحرية هو كما جاء فى كتاب الخطط للمقريزى (جـ 2، ص 189) العلاء بن الحضرمى الذى حاول غزو اصطخر من البحرين ولم يكتب لهذه المحاولة التوفيق (ويقال إنها كانت فى عام 19 هـ = 640 م أعنى بعد نزول العرب بومباى، انظر ما سبق).

ويقال إن الحجاج الوالى الأموى كان أول من أنزل إلى الماء سفنا من الخشب المسمر المقير، فى حين كان الخشب قبل ذلك يشد بعضه إلى بعض بالحبال (الجاحظ: الحيوان، ص 41، ص 50 وما بعده) وتعرف هذه السفن باسم السفن المخيطة وقد ذكرت فى عهود متأخرة حتى القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادى) على أنها سمة من سمات البحر الأحمر والمحيط الهندى.

وتختلف الأسباب التى تذكر فى تعليل هذا الطراز من بناء السفن، ولا بد أن تكون خرافة جبل المغنطيس لها صلة بهذا الطراز (انظر Mez كتابه المذكور، ص 472 وما بعدها؛ Relation: Reinaud

ص: 5696