الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
Litt، جـ 2، ص 345، رقم 28: تعطير الأنام فى تعبير المنام، القاهرة 1320 هـ، فى مجلدين، ولكن تولى نشره ناشر آخر.
(29)
وعلى هامش المجلد الثانى منه الإشارات فى علم العبارات لخليل شاهين الظاهرى المتوفى سنة 872 هـ (1468 م؛ انظر Gesch. der Arab. Litt، جـ 2، ص 135). وانظر عن موضوع تعبير الرؤيا عامة.
(30)
On the Moslem Interpretation of Dreams: N. Bland فى J.R.A.S جـ 6، ص 153 وما بعدها.
خورشيد [ماكدونالد D.B. Macdonald]
سحنون
" سحنون" عبد السلام بن سعيد بن حبيب التنوخى، وقد سمى بسحنون باسم طائر حديد الذهن، ذلك أنه كان سريع النكتة؛ وكان أبوه سعيد جنديًا قدم من القيروان إلى حمص حيث ولد سحنون عام 160 هـ (776/ 777 م). والظاهر أن أباه لم يكن ثريًا، على أن سحنون قد نعم بالتتلمذ على خير علماء القيروان وخاصة البهلول بن راشد المتوفى عام 183 هـ (ابن فرحون ص 104)؛ وشخص سحنون إلى تونس لاستكمال دراسته فيها فكتب معلمه خطابا إلى على بن زياد المتوفى عام 183 هـ يوصى به خيرًا، فدأب علىّ، احترامًا منه للبهلول، على أن يذهب إلى بيت سحنون ليلقنه ما تعلمه على مالك، وقد جاء فى رواية لمحمد بن سحنون أن أباه ذهب إلى مصر عام 178 هـ. ليتلقى العلم على تلاميذ مالك بن أنس، ولقى فى مصر عبد الرحمن بن القاسم وابن وهب وأشهب وكانوا من أبرز أتباع مالك؛ وكان قدومه إلى مصر فى السنة السابقة على موت مالك، وكان سحنون قد حمل معه من القيروان تلك الأجزاء من موطأ مالك التى كان أنس ابن الفرات قد درسها على الإمام مالك وكانت تطرح على بساط البحث بعض المسائل التى تثيرها دراسة الموطأ فى حضرة عبد الرحمن بن القاسم، فكان سحنون يستزيد من المعلومات فيسأل لم لا يرتحل ليسمع مالكًا نفسه، فيجيب بأنه إنما يحول بينه وبين ذلك فقره وعوزه، وكانت صلته بعبد الرحمن ذات
أثر بعيد فى نشر المذهب المالكى فى الشريعة فى المغرب، وترد معظم المصادر تاريخ رحلة سحنون إلى الشرق حتى عام 188 هـ، بيد أن هذا خطأ واضح، وكذلك أخطأت الرواية التى تقول إن ذهابه إلى الشرق كان إبان حياة مالك، مع أن مالكا توفى عام 179 هـ؛ على أن سحنونا نال فيما بعد بغيته فأبعد الرحلة فى الشرق، وأدى فريضة الحج صحبة عبد الرحمن وأشهب وابن وهب، وركب الجمل خلف ابن وهب، ثم زار أيضًا المدينة والشام يأخذ العلم عن أبرز اتباع مالك، وعاد إلى القيروان عام 191 هـ وجعل همه نشر آراء مالك؛ وقال بعض من كتبوا سيرته إنه كان أول من أدخل هذه الأراء فى الغرب، بيد أن عليا بن زياد والبهلول وأسد بن الفرات سبقوه إلى للقين الموطأ أو أجزاء منه على الأقل؛ وشرح سحنون هذه الآراء فى مصنف كبير هو "المدونة" معتمدًا على نص أسد ابن الفرات؛ شارحا إياه بسؤال عبد الرحمن بن القاسم فى كل شاردة وواردة، وهنا تجلت براعة ابن القاسم وسحنون؛ ويسأل سحنون: أهذه النقطة يؤيدها الحديث أو قول مالك؟ فيجيب ابن القاسم: هذا هو ما قاله مالك أو هذا أيى؛ وإنا لنرى أن المدونة قد أفسحت مجالا كبيرًا للأحكام المعتمدة على العقل ولم تبذل فيها محاولة ما لإيراد الأحاديث الصحيحة أو الموضوعة تدعيما لرأى من الأراء الشرعية، ومن ثم فإن المدونة كتاب سهل التناول واضح اللغة، وهو شاهد أمين على لوذعية جامعة وشيخ جامعة؛ وتوفى وهب، وهو أخ غير شقيق لسحنون، فكان ابن أبى جواد الذى سبق سحنونا فى ولاية القضاء، يؤذن للصلاة، فأبى سحنون أن يرددها بعده، لأن ابن ابى جواد كان من المعتزلة؛ وبلغ هذا مسامع الأمير زيادة اللَّه (حكم من سنة 201 إلى 223 هـ) فأمر والى قيروان بأن يجلده 500 جلدة؛ وعلم وزيره على بن حميد بما كان من الأمير فأوقف الرسول الذى كان يحمل الأمر وذهب إلى الأمير يسعى لإلغاء العقوبة، وقال للأمير أن البهلول كان قد أوقع عليه عقاب من هذا القبيل (عام 183 هـ) بأمر من الأمير محمد بن مقاتل، فما كان من زيادة اللَّه إلا أن عفا عن سحنون، وقد حدث فى
اثناء المدة القصيرة (231 - 223 هـ) التى اغتصب فيها السلطان أحمد بن الأغلب أن استحدث أحمد نظام التحقيق فى بدعة القول بخلق القرآن، فولى سحنون الأدبار من القيروان، ولجأ إلى صومعة صوفى يسمى عبد الرحمن فى قصر زياد؛ وأنفذ أحمد رجلا من رجال البلاط يدعى ابن سلطان للقبض على سحنون لأنه كان يعلم أن ابن سلطان هذا يكره سحنونا، شأنه فى ذلك شأن معظم رجال البلاط، وذلك نظرًا لانتقاده المر لحياة الفسق والفجور التى كانت تسود البلاط، على أن الضغينة التى كان يكنها أحمد لسحنون رققت من قلب ابن سلطان عليه؛ ولكن ابن سلطان خاف على نفسه فحمل سحنونا أسيرًا إلى القيروان، بيد أنهما ما إن أصبحا على مسيرة ميل من المدينة حتى بلغتهما أنباء استعادة محمد بن الأغلب لسلطانه ومقتل أحمد، وكان من نتيجة ذلك أن اطلق سراح سحنون، وكان أول أعمال محمد بن الأغلب عزل القاضى عبد اللَّه بن أبى الجواد، وقد وقع هذا العمل من نفس سحنون موقع الرضا، فهتف قائلا فى حضرة الأمير والقاضى: جزى اللَّه الأمير على تحريره الناس من ظالمهم؛ وعندئذ عرض محمد سنة 233 هـ ولاية القضاء على سحنون، إلا أنه ظل عامًا بطوله يرفض قبول المنصب، ثم قبل أخر الأمر فى رمضان عام 234 هـ وقال لابنته خديجة بهذه المناسبة:"اليوم ذبح أبوك بغير سكين"، وكان بعض الناس قد اقترح أن يلى القضاء سليمان بن عمران، ولكن الأمير رفض الأخذ بهذا الاقتراح قائلا إنه ما دام سحنون على قيد الحياة فليس أصلح منه للقضاء بين الناس؛ ولم يقبل سحنون عطاء أو مرتبا من الأمير، وإنما كان يوفى نفقاته ونفقات موظفيه من جزية الرءوس التى كانت مفروضة على الكفار، ولكى يتسنى له أن يقضى بين الناس فى هدوء لا يزعجه شئ أمر فشيدت له غرفة تجاور المسجد، ولم يكن يسمح بدخولها إلا للمتقاضين وشهودهم.
كان من أول أعماله أيضًا أن حرّم دخول المسجد على الفرق الضالة جميعًا، وكان سحنون أيضًا أول من نصب إمامًا ثابتًا للمسجد، وأول من عهد بالأموال المرهونة إلى من يوثق بهم من أهل المدينة، فى حين أن هذه
الأموال كانت تحفظ فى بيت القاضى حتى ولى سحنون القضاء؛ وكان سحنون فى قضائه يعامل الخصوم جميعا أطيب معاملة، وكان يبذل قصارى جهده للتهدئة من روع المتقاضين والشهود بأن يقول لهم أن يصارحوه بما يعلمون، وكان يصطنع غاية الحذر وهو يجيب عن المسائل الشرعية، ذلك أنه كان يعتقد أن الإجابات الصادرة عن تعجل تزيد الأمور اضطرابا أكثر من أى شئ أخر، قد أورد كتاب سيرته المتأخرون كثيرًا من كراماته، مما يدل على الاحترام الذى كان يكنه الناس له فى قلوبهم؛ وقد توفى فى يوم الأحد السادس أو السابع من رجب عام 240 هـ؛ وحزن الناس لموته حزنا عظيما بالرغم من أنه كان قد بلغ من العمر عتيا؛ يقول بروكلمان (History of Arabic Literature: Brockelmann) إن الفضل فى نشر مذهب مالك فى الغرب يرجع إلى أسد بن الفرات وابن القاسم، إلا أن جل الفضل فى ذلك يرد كما سبق لنا القول، إلى ما بذله سحنون من جهد فى ترتيب المدونة ونشرها، وهى مصنف جامع شامل يزيد كثيرا عن موطأ مالك ولو أنه يعتمد عليه ومخطوطات المدونة نادرة بعض الشئ، بيد أنها طبعت طبعتين فى القاهرة، وإحدى الطبعتين فى أربعة مجلدات من قطع الربع، طبعت عام 1224/ 1225 هـ، والثانية فى 16 جزءًا طبعت عام 1905/ 1906 م من قطع الثمن؛ وثمة سبعة أجزاء منها عند بعضى الناس كتبت على الرق فى القيروان حوالى عام 400 هـ وقد استطعت الرجوع إليها.
واختصر أبو محمد عبد اللَّه بن أبى زيد (المتوفى عام 386 هـ) مصنف سحنون ذلك أنه كان أكبر من أن يتيح للمطلعين الرجوع السريع إليه؛ وطبع مصنف أبى محمد عدة طبعات، وقد شاهدت أيضًا فى حوزة بعض الناس مخطوطًا قديمًا كتب قبل عام 400 هـ وعنوان هذا المصنف "مختصر المدونة" ويشتمل على بعض زيادات أدخلها ابن أبى زيد، وثمة مختصر للمدونة من صنع أبى سعيد خلف بن القاسم الأزدى البراذعى، وكان من أكبر تلاميذ ابن أبى زيد، وقد أعاد ترتيب المختصر