الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأشهر ما نصرف من آثاره: "بوستان" نظمه فى سنة 1257، ثم "كلستان"، وقد كتبه فى العام التالى، ويقرأ هذان الأثران حيثما كان الأدب الفارسى موضع دراسة. وبوستان ديوان من القصائد فى مواضيع أخلاقية، أما كلستان فمجموعة من القصص ذات المغزى الأخلاقى كتبت بالنثر وكثيرا ما تتخللها أبيات من الشعر. ولسعدى أيضًا ديوان فى الغزل وعدد من القصائد ومجموعة من المقطوعات عرفت باسم الطيبات والهزليات والخبيثات، وحسبما قيل يعد سعدى إمام شعر الغزل.
المصادر:
(1)
دولت شاه: تذكرة الشعراء، طبعة E.G.Browne (1901)
(2)
لطف على بن اقاخان آذر: آتشكده، وهو مخطوط
(3)
حمد اللَّه مستوفى القزوينى: تأريخ كزيده (سلسلة كب التذكارية)؛ وإذا شئت الرجوع إلى تفصيلات أخرى فانظر ما يلى
[هيك T.W.Haig]
التاريخ الأدبى:
كل مخطوطات آثار سعدى تقوم على النسخ التى أعدها على بن أحمد أبى بكر البيستونى، الذى نبه ذكره بعد وفاة سعدى بخمسين عاما، وتنقسم هذه المخطوطات قسمين: القسم الفارسى الهندى؛ والقسم الفارسى التركى، وقد اعتمدت طبعة كلكتة للكليات على القسم الفارسى الهندى. والكليات تقع فى مجلدين (1791 و 1795) وتشتمل على مقدمه بقلم هذا الكاتب، ويبدأ المجلد الأول من هذه الطبعة بالرسائل التى يقال لها الرسائل السبع، وهى رسائل بالنثر فى التصوف والموضوعات الأخلاقية. ويلى الرسائل فى المجلد نفسه كلستان وبوستان وبندنامة (والقول الشائع أن البندنامه ليست من آثار سعدى، انظر Grundriss der iranischen Philologie: Eth، جـ 3، ص 295، وهى مثنوى على غرار بندنامه "العطار")، ويشتمل المجلد الثانى على الديوان، وهو يتضمن القصائد العربية والفارسية (الغنائية والتهذيبية والمديحية) والمراثى، والملمعات والترجيعات والمجموعات الأربع فى القصائد، وأخيرًا الصاحبيّة،
أو صاحبنامه، والمقطعات، والخبيثات، والمضحكات، والرباعيات، والمفردات. أما الكليات جميعا -وقد نشرت منذ ذلك الحين فى إيران والهند- فمقسمة هذا التقسيم نفسه تقريبًا.
وإلى جانب ما اشتملت عليه آثار سعدى من تراجم لكثير من شعراء الفرس، فإنها فى حد ذاتها مرجع نفيس تكمل به معلوماتنا عن حياته وعن نمو إنتاجه الأدبى. ونخلص من هذا إلى أنه نظم بلا شك الكثير من القصائد فى سن متأخرة، ذلك أنه قالها فى بعض أكابر القوم الذين لم يعرفهم إلا بعد عودته من شيراز. وإذا كانت مجموعات الغزل الأربع قد رتبت ترتيبا يتمشى مع المراحل المختلفة التى مرت بها حياة سعدى، وهى المراحل التى نظمت فيها هذه المجموعات، فإن "الطيبات" و"البدائع" و"الخواتم" يجب أن يراعى فى ترتيبها الزمنى أن توضع بعد أوبة الشاعر إلى مسقط رأسه، وتشتمل هذه المجموعات الثلاث على إشارات قليلة إلى حوادث وأشخاص نفت بصلة إلى حياته المتأخرة، ويبدو من جهة أخرى أن "غزليات قديم" أثر من آثار شبابه، على أن كل هذا يغلب عليه الشك، ذلك أن الترتيب الأبجدى الذى يتبع قافية كل قصيدة يجعل من المستحيل علينا أن نقومها تقويما زمنيا، إلا أن بعض المخطوطات تستثنى من هذه القاعدة، مثال ذلك أقدم مخطوط نعرفه من آثار سعدى، وقد وصفه إتيه Ethe تحت رقم 1117 فى الصفحات 655 - 659 من الفهرس الذى صنعه للمخطوطات الفارسية الموجودة فى مكتبة وزارة الهند (رقم 876 انظر أيضا ص 2 من مقدمة White King لطبعته للطيبات، كلكته 1919)، ومن ثم فقد نصل إلى بعض النتائج إذا درسنا بدقة الترتيب الأقدم من ذلك، فصاحبنامه (طبعة وترجمة، Sa'di's Apkorisrnen und Sindgedichte: W.Bacher ستراسبورغ 1879)، ويشتمل على قصائد تهذيبية، أهدى إلى صاحب ديوان شمس الدين جوينى، وهو أيضًا من آثار الشاعر فى أواخر أيام حياته.
وقد زخرت أقاصيص كلستان وبوستان (ويسمى أيضًا سعدى نامه)
بالكثير من ذكريات المؤلف الشخصية. وقد حاول ماسيه Masse فى رسالته عن سعدى أن يبنى سيرة الشاعر على أساس هذه المعلومات، ولكنه بالغ على ما يظهر فى الوثوق بصدق سعدى، وكان الشك قد تسرب من قبل إلى صحة الكثير من هذه القصص (Barbier Ruckert;de Meynard)، بل إن سعدى نفسه يسلم بأن من طوف فى العالم كثيرا، قد يكذب كثيرًا ونحن إذا لم نكذب المؤلف على طول الخط جاز لنا أن نخرج من قصصه بأنه فقد أباه فى سن مبكرة. على أنه كان قد بلغ سنا تمكنه من أن يذكر بعض دروس أبيه الحكيمة. وتبدو الحكاية التى فى كلستان عن زيارة الشاعر لكاشغر، وكان لا يزال حدثا طرى العود، مستبعدة، ومن ثم حيرت الكثيرين من المستشرقين، ولا شك أن أيسر السبل هو أن نعتبر الحكاية كلها من نسج الخيال (انظر Schaeder فى Der Islam، جـ 14، ص 187). وما من ريب فى أن إقامة سعدى فى بلاد الشام أسيرا فى يد الفرنجة بطرابلس كانت أيضًا فى صدر حياته (ويقول ماسيه Masse إن حصار تلك المدينة كان سنة 1221) وقد تزوج سعدى خلال إقامته هذه بابنة صديق كان له بمثابة الأب فخلصه من رقة، إلا أن زواجه لم يدم، ويتعذر علينا أن نقتفى أثره فى تلك المرحلة من حياته التى قام فيها برحلاته الطويلة (1226 - 1255)، ولعل من الراجح أنه زار آسية الوسطى والهند والشام ومصر وبلاد العرب (وتروى كثير من القصص مغامراته فى الصحراء فى ذهابه إلى مكة وفى عودته منها) والحبشة ومراكش. ويزعم سعدى أنه فى رحلته إلى الهند غامر المغامرة المشهورة فى ذلك المعبد الذى فى سُمَنات، حيث كشف حيلة الكاهن فى خداع الناس، ثم قتله حتى يتجنب انتقامه، وفى هذه القصة أيضًا أشياء تعد فى ذاتها من المستحيلات (بوستان طبعة Graf، ص 388 وما بعدها)، وكذلك يرد الزواج الثانى لسعدى الذى وقع فى اليمن إلى هذه المرحلة الثانية. وكان فى المرحلة الأخيرة من حياته على ما يستدل من "القصائد" على علاقة بالأتابك أبى بكر بن سعد بن زنكى، وقد نظم مرثية فى وفاته
(1260)
وأشاد بذكره فى الصحف الأولى من بوستان، ونظم فى هذه المرحلة مرثيته العربية عن سقوط بغداد ومدائحه فى الغزاة المغول وأتباعهم، وقد أهدى "الطيبات" إلى سلجوقشاه آخر أتابكة فارس، وثمة قصائد مهداة إلى أنقيانو الوالى المغولى الذى خلف هذا الأمير، وإلى نصيرى سعدى الرفيعى الشأن وهما عطا ملك وشمس الدين جوينى (وتجد نخبة من هذه المدائح فى ص 67 - 70 من المقدمة الفارسية لكتاب جهان كشا الذى طبع على نفقة هبة كب) وليس فى مصنفات سعدى أية إشارة إلى المصرع المفجع للأخوين الجوينى (1282 و 1283) ومن ثم يقول ماسيه Massee إن الشاعر قد مات بلا شك قبل هذه الحوادث أو بعدها بزمن وجيز جدا، وفى هذه الحالة تكون العلومات التى ذكرها كتاب السير، والتى تترواح بين سنتى 1291 و 1292 متأخرة جدا فى الزمن، فإذا اتخذنا سنة 580 هـ (1184 م) مولدا لسعدى، كما يفعل جل الكتاب) Lit. Hist. of Persia: Browne جـ 2، ص 526)، فإنه قد لا يكون عمر مائة سنة شمسية.
وقبر سعدى خارج شيراز، بعد قبر حافظ بقليل، وشاهد قبره ليس قديما، ذلك أن الشاهد الأصلى كان قد دمره "مجتهد" متعصب، فقد شاع الاعتقاد بأنه كان من أهل السنة، ولعل هذا السبب نفسه هو السر فى أننا نجد قبر سعدى مهجورا، على حين اختار كثير من أهل شيراز مواقع قبورهم فى جوار قبر حافظ (Ayear ronongst the persians: Browne ، لندن 1893، ص 281) ويتبين لنا من الطغراوات الواردة فى أقدم المخطوطات أن اسم هذا الشاعر هو بلا شك مشرف الدين بن مصلح الدين عبد اللَّه (Catatogue of the Prsian Mss. in the Btitish Museum: Rieu، جـ 2، ص 595).
ويعد إتيه Grundriss der Ir.Phil) Ethe، جـ 2، ص 292) سعدى من الشعراء الذين كانوا أول من جمع بين الناحيتين الصوفية والتهذيبية فى الشعر الفارسى، وكانت كل من هاتين الناحيتين فى الأصل مستقلة عن الأخرى. والمنحى "التهذيبى الأخلاقى
يغلب فى شعر سعدى على المناحى الأخرى، وإلى ذلك ترجع شهرته العظيمة.
ولاشك فى أن سعدى كان متبحرا فى "علوم" الصوفية، فقد أخذ عن شهاب الدين سهروردى ببغداد فضلا عن أنه حضر على عبد القادر الجيلانى (بوستان، طبعة Gurf، ص 150)، بل لعله لقى جلال الدين الرومى ص 165 وما بعدها)، إذا أخذنا بحكاية رواها أفلاكى (ترجمة Huart، جـ 1 ص 238 وما بعدها)، ولا شك فى أن الآراء الصوفية التى جرى سواد الناس على اعتبارها من البدع كانت بالنسبة إليه وإلى غيره مادة أدبية قيمة. أما مسألة هل تأثر سعدى بالأحاسيس الصوفية أم لم يتأثر فإنا نرجح أن الإجابة عنها بالنفى. ذلك أن طبيعته العملية قد مالت به إلى الأخذ بالنهج الأخلاقى، وهو إنما اصطنع الصوفية للسمو بنظرة الناس الأخلاقية إلى الحياة الدنيا. ولذلك نراه فى كثير من الأحوال يلجأ إلى الفطرة السليمة فى الحد من شدة إقبال الناس على الحياة الآخرة. ويجب ألا ننشد فى بوستان تلك المشاعر الصوفية العلوية التى نجدها فى "مثنوى" أو "منطق الطير"، وكثيرا ما يتحدث سعدى عن المتصوفة، إلا أن موقفه منهم كان على الدوام أقرب إلى رجل الأخلاق منه إلى شيخ من السالكين. وقد تحقق مثله الصوفى العملى فى "صاحبدلان (1) "، وهم جماعة الحكماء بحق، الذين لا يحفلون بمظاهر الحياة وإن كانوا لا يحتقرونها كل الاحتقار، ذلك أن تعرض هذا العالم للفناء هو بالذات علة ماله من قيمة نفيسة تجعله كالياقوتة النادرة. وقد أثبت سعدى فى مواضع كثيرة أنه مسلم صادق الإيمان، إذ يجد فى تنوع العالم الدنيوى وجماله باعثا يدعو المرء إلى التسبيح بحمد اللَّه وشكره على نعمائه، وهو يقول بالقضاء والقدر فى اعتدال، وينكر الإسراف فى الورع والتقوى قائلا:"لا تكونوا أكثر ورعا من محمد".
وقد جنى سعدى بوصفه رجلا من رجال الأخلاق فائدة عظيمة من صروف الدهر التى مرت به، وقد صبغت معرفته بالدنيا أفكاره وآراءه بالنزعة العالمية التى لم يدركها شاعر
(1) كلمة فارسية مركبة معناها "أصحاب القلوب".
فارسى آخر غيره، ولعل سعدى استطاع بفضل ذلك وبفضل ما عرف عنه من رشاقة الأسلوب أن يكتسب تلك الشهرة العظيمة فى داخل وطنه وخارجه مما جعل الكتاب يقارنونه بهوراس Horace ورابليه Rabelais ولافونتين Lafontaine وهو ينظر إلى العالم نظرة فكهة فيها رحمة، وكان لا يلجأ إلى الهجاء والسخرية إلا فى النادر، ولا يمل قط من حث قرائه على اتباع نصائحه الخلقية، وهذه التعاليم الأخلاقية التى نجدها خاصة فى كلستان وبوستان ويندنامه، أبعد ما تكون عن الوحدة والتناسق. وقد ساق سعدى فى بندنامه شواهد من الفضائل والرذائل وجهها لأهل هذه الدنيا الفانية، والظاهر أنه كان يرى أن الطيبة هى الفضيلة الكبرى، ونعنى بها أنه يجب على المرء أن يحب إخوانه البشر حبا بريئا من الإثرة والأنانية، ومن يؤت هذه الفضيلة خلد ذكره بين الناس بحق. على أن مثل سعدى الأخلاقية الخاصة بالمجتمع تختلف فى بعض الأحيان عن ذلك اختلافا شديدا. فهو فى هذا المقام يؤثر أحيانا الانتقام على الرحمة والكذب على الصدق، ويحض المرء على المحافظة على استقلاله عن غيره من الناس بجميع الوسائل. وساق للأمراء خاصة بعض الوصايا التى تتسم بالطابع المكيافيلى (الجزء الثانى من "الرسالة" السادسة بحث وجيز فى السياسة أهداه إلى أنقيانو)، وثمة مثل أخلاقية أخرى ضربها للدراويش.
ويتعذر علينا أن نؤمن بإخلاص سعدى وصدقة مع اختلاف نظرته الأخلاقية هذا الاختلاف، وخاصة أن ميزان استقامته وصلاحه قد تعدل بتلك البذاءات التى ذكرها فى بعض فصول كلستان وفى الخبيثات، ولو أنه حاول فى مقدمة هذا الديوان أن يعتذر عن ذلك بقوله إنه لم يستطيع التنصل من أمر صدر إليه بنظم هذه القصائد، على حين أننا إذا عرضنا لشاعر مثل الفردوسى فإنه يصعب علينا فى كثير من الأحوال أن نفرق بين شعره الذى يعبر عن ذات نفسه وبين شعره الذى يجب أن نعده استجابة منه إلى ذوق أرباب نعمته وذوق الجمهور. ويجدر بنا دائما أن نضع موضع الاعتبار
الجدى مالقيه سعدى من حظوة فى طول العالم الشرقى وعرضه قبل أن نقسو كثيرا فى الحكم على خلقه. ومهما يكن من شئ فإن سعدى قد كشف عن نفسه بكل ما فيها من إنسانية، وأرضى تماما ذوق الفرس فى سوق الحكم الأخلاقية فى صيغة أدبية، وهو ما عرف عنهم منذ أيام الجاهلية، أضف إلى هذا أن أسلوبه الرشيق وسهولة تعبيره ومعرفته كيف يبرز أشد الحكم الأخلاقية إملالا للنفس فى صورة طلية جذابة. وصفوة القول أن فنه كان وحده كفيلا بأن يكسبه إعجاب مواطنيه. وتعد "الخواتم" أقرب مصنفاته إلى الكمال، ولا يقدر المستشرقون "قصائده" العربية تقديرهم "للخواتم". وتتعاقب الأبيات العربية والفارسية فى ديوانه المسمى "الملمعات"، وقد كتب إحدى قصائده بست عشرة لغة ولهجة مختلفة (Bacher: فى Z.D.M.G، جـ 30، ص 89).
ويقرأ الناس فى إيران "ديوان" سعدى ويقدرونه أكثر من قراءتهم وتقديرهم لبوستان وكلستان (Browne: AYear amongst the Persians ص 281)، ولا يزال الكثيرون من الفرس إلى اليوم يحفظون عن ظهر قلب هذا الديوان أو ذاك. وقد نهج بعض شعراء الفرس نهج سعدى فى كتابة دواوين على غرار دواوينه. وذكر إتيه Ethe هذه الدواوين فى Grundriss der Iranischen Philogie، جـ 3، ص 297 وأشهر الدواوين التى حاكت "كلستان" هو ديوان "بهارستان" لمؤلفه جامى على أنه لم يبلغ ديوان منها ما بلغته دواوين سعدى.
وكان أثر سعدى خارج بلاد الفرس عظيما فى الأدبين الهندى والتركى، وقد طبعت آثاره كثيرا فى الهند بعد أن صدرت طبعة كلكته منها، واقترنت بعض هذد الطبعات بشروح لبعض أدباء الهند. وقد ترجم "كلستان" عدة مرات إلى الهندستانية، وأشهر هذه الترجمات ترجمة أفسوس (1802). أما قول كارسان دى تاسى Garci de Tassy بأن سعدى كان بلا شك أول شاعر هندستانى فقول قد فند الآن تفنيدا تاما
(انظر Literary History: Browne، جـ 2، ص 533)، على أن ثمة صلة بين طريقة سعدى فى الإنشاء وخاصة فى كلستان، حيث جرى على أن يذيّل كل قصة نثرية بقصيدة، وبين الطريقة الأدبية القديمة المشهورة التى التزمتها القصص الهندية، وهذه الصلة تعلل من جهة صحة ما قيل من تأثر سعدى نفسه بالأدب الهندى كما تعلل من جهة أخرى شهرته فى الهند.
وقد ترجمت آثار سعدى إلى اللغة التركية فى تاريخ مبكر، ترجم العلامة التفتازانى "بوستان" سنة 1354 (History of Ott. Poetry: Gibb جـ 1، ص 202)، وثمة ترجمة لكلستان باللهجة التركية المصرية قام بها سيف السرايى سنة 1391 (مخطوط ليدن، رقم 476 فى فهرست دوزى Catalogue: Dozy جـ 1، ص 355، ص 533؛ انظر أيضًا تتبعلر مجموعة سى، سبتمبر سنة 1331، ص 133)، وقد قلد الشاعر التركى كمال باشا زاده (توفى 1534) كلستان فى مصنفه الفارسى "نكارستان"، وكان سعدى من الشعراء الذين درست آثارهم كثيرا فى العهد الأول من عهود الأدب العثمانى، بل كان له إلى حد ما بعض الأثر فى تطور الأدب الحديث فى تركية، وآية ذلك أن ضيا باشا يقول فى سيرته التى كتبها بقلمه إنه لم يعرف كنه اللغة إلا عندما قرأ كلستان (Hist. of Ott. Poetry: Gibb، جـ 5، ص 53)، ويقدم ضيا باشا سعدى على سائر شعراء الفرس فى كتابه "خرابات"(طبعة الآستانة سنة 1291 هـ، جـ 1، ص 22 من المقدمة) إذ يقول: "إنما يدرك المرء ماهية العالم عندما يقرأ "بوستان" ولا يساور ضيا شك فى إخلاص سعدى، ويعجبه فيه أن شجاعته لم تخنه حتى فى مدائحه، ذلك أنه يذكر سادة هذه الدنيا بالمثل الأخلاقية. وقد ظهر فى القرن التاسع عشر بعض الترجمات التركية الأخرى وتولى أدباء الترك أيضًا. كتابة شروح على "بوستان" و"كلستان"، مثال ذلك: سرورى (توفى 1561) وشمعى وسودى (وكلاهما من أعيان أواخر القرن السادس عشر) وهوائى والبرسوى وغيرهم، وقد طبعت بعض هذه الشروح فى القرن التاسع عشر.
وتدل الترجمات الحالية لكلستان وبوستان وبعض الترجمات التى تمت لغيرهما من آثار سعدى الأخرى إلى جميع اللغات الحديثة، دلالة كافية على ما اكتسبه الشاعر من شهرة عظيمة خارج حدود الإسلام. وقد ذاع صيت كلستان أول ما داع بفضل الترجمة الفرنسية التى قام بها أندريه دو رييه Anndre du Ryer (باريس 1634 م)، وقد أعقبت هذه الطبعة عدة طبعات باللاتينية (بقلم Gentiuss، أمستردام 1651) وبالألمانية (بقلم Olearius، هامبورغ 1654) وبالهولندية (نقلا عن ترجمة Olearius) وبالإنجليزية (بقلم Sullivan، سنة 1774) ، ثم ظهر "بوستان" فيما بعد، وقيل إن توماس هايد Thomas Hyde ترجم بوستان فى القرن السابع عشر. وأقدم ترجمة مطبوعة له هى الترجمة الهولندية (أمستردام 1688) التى قام بها هافرت (D.H.Avart) ومن ثم فقد أصبح سعدى مشهورا فى الأدب الأوربى الغربى منذ مستهل القرن السابع عشر، ولا يقتضينا المقام أن نشير هنا إلا إلى مصنفات لافونتين Lafontaine وفولتير Voltaire وكوته Goethe .
أما أحدث رسالة عن سعدى فرسالة هنرى ماسيه (1)(Essai sur le poete Saad: Henri Messe، باريس 1918)، وهى رسالة قدمت لنيل درجة الدكتوراة من جامعة الجزائر، وقد ضمن ماسيه رسالته التكميلية These Complementaire التى سماها Biogra-Phie de Sadi (باريس 1919) بحثا فى المصادر عظيم القيمة يجمل بنا أن نشير إليه هنا؛ وقد أخذت تظهر منذ ذلك التاريخ طبعة جديدة من غزليات سعدى The odes of Sheikh Muslihud-Di Sa'di Shirazi: Sir Lucas White King، جـ 1، الطيبات الملزمة 1 (1919) الملزمة 2 (1920) الملزمة 3، وقد نشرت فى كلكته فى Bibliotheca Indica السلسلة الجديدة. رقم 1424).
صبحى [كرامرز J.H.Kramers]
(1) أحدث رسالة عن سعدى هى رسالة الدكتور محمد موسى هنداوى التى نشرت سنة 1951. عبد النعيم حسنين