المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وتوفى عام 483 هـ (1090 م)، كان تلاميذه هم: برهان - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ١٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ المصادر

- ‌السبتى

- ‌المصادر:

- ‌سبحان اللَّه

- ‌تعليق

- ‌سبحة

- ‌المصادر:

- ‌تعليق

- ‌السبعية

- ‌المصادر:

- ‌تعليق على مادة السبعية

- ‌السبكى

- ‌المصادر:

- ‌سبيل

- ‌المصادر:

- ‌السترة

- ‌المصادر:

- ‌ست الملك

- ‌المصادر:

- ‌سجاح

- ‌المصادر:

- ‌السجاوندى

- ‌المصادر:

- ‌السجاوندى

- ‌المصادر:

- ‌السجع

- ‌المصادر:

- ‌سجيل

- ‌المصادر:

- ‌السحر

- ‌المصادر:

- ‌سحنون

- ‌المصادر:

- ‌سراج، بنو

- ‌السراة

- ‌المصادر:

- ‌سرايفو

- ‌المصادر:

- ‌السرخسى

- ‌المصادر:

- ‌سروال

- ‌المصادر:

- ‌السريع

- ‌سعد، بنو

- ‌المصادر:

- ‌سعد بن أبى وقاص

- ‌المصادر:

- ‌سعد الدين الحموى

- ‌المصادر:

- ‌سعد بن عبادة

- ‌المصادر:

- ‌سعد الفِزْر

- ‌المصادر:

- ‌سعد بن معاذ

- ‌المصادر:

- ‌السعدى

- ‌سعدى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌التاريخ الأدبى:

- ‌السعدية

- ‌المصادر:

- ‌السعودى

- ‌المصادر:

- ‌ال‌‌سعودى

- ‌سعودى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر

- ‌السعى

- ‌المصادر:

- ‌سعيد باشا

- ‌المصادر:

- ‌سعيد بن أوس

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌سعيد بن البطريق

- ‌سعيد بن زيد

- ‌المصادر:

- ‌سعيد بن العاص

- ‌المصادر:

- ‌سفيان الثورى

- ‌المصادر:

- ‌السفينة

- ‌المصادر:

- ‌السكاكى

- ‌المصادر:

- ‌السكرى

- ‌المصادر:

- ‌سكينة

- ‌المصادر:

- ‌السلاجقة

- ‌المصادر:

- ‌السلام

- ‌المصادر:

- ‌تعليق

- ‌سلامة بن جندل

- ‌المصادر:

- ‌السلاوى

- ‌المصادر:

- ‌سلسبيل

- ‌المصادر:

- ‌سلطان

- ‌المصادر:

- ‌سلطان الدولة

- ‌المصادر:

- ‌سلمان الفارسى

- ‌المصادر:

- ‌السلمانية

- ‌المصادر:

- ‌سلوك

- ‌المصادر:

- ‌سلول

- ‌المصادر:

- ‌سليح

- ‌ المصادر

- ‌سليم الأول

- ‌المصادر:

- ‌سليم الثانى

- ‌المصادر:

- ‌سليم الثالث

- ‌المصادر:

- ‌سليم بن منصور

- ‌المصادر:

- ‌سليمان الأول

- ‌المصادر:

- ‌سليمان الثانى

- ‌المصادر:

- ‌سليمان باشا

- ‌المصادر:

الفصل: وتوفى عام 483 هـ (1090 م)، كان تلاميذه هم: برهان

وتوفى عام 483 هـ (1090 م)، كان تلاميذه هم: برهان الأئمة عبد العزيز بن عمر بن مازه أبو الصدر الشهيد المولود سنة 536 هـ (1141 م) ومحمود عبد العزيز الأوزجندى، جد قاضى خان، المولود سنة 592 هـ (1196 م) وعثمان بن على البيكندى المولود سنة 552 هـ (1157 م) وغيرهم؛ ومصنفه "كتاب المبسوط"، (المجلدات 1 - 30، القاهرة 1324 - 1331 هـ) من أوسع كتب الفقه القديمة، وهو يمتاز بالطريقة التى يعالج بها المؤلف أصول الفقه العامة. وقد كتب السرخسى علاوة على المصنفات التى أشرنا إليها فيما سلف شروحا على المختصر للطحاوى المولود 321 هـ (933 م)"وكتاب الحيل" للخصَّاف المولود 261 هـ (875 م)(طبع مع المبسوط، جـ 30) و"كتاب الكسب" للشيبانى (طبع مع المبسوط، جـ 30) وشروحًا على مصنفات أخرى كثيرة للشيبانى، ولا تزال كتبه شائعة جدًا فى الشرق، مثال ذلك كتابه "السير" الذى تكاد لا تخلو منه مكتبة من المكتبات.

‌المصادر:

(1)

القرشى، مخطوط برلين pet، جـ 1 ص 619، الورقة 190 (I)

(2)

ابن قتلبغا، طبعة فلوكل Flugel، رقم 257.

(3)

الكفوى، مخطوط برلين، شبرنكر 301، الورقة 165 (7) - 165 (7) تجد مختصرا له فى الفوائد البهية لجد عبد الحى اللكنوى، قازان 1903، رقم 326)

(4)

Des islam Fremdenrecht: Heffening، هانوفر 1925، الملحق 1، رقم 20/ 21.

(5)

G.A.L: Brockelemann جـ 1، ص 172 و 373

صبحى [هفننكك Heffening]

‌سروال

كلمة عربية (1) وليس السروال فى الأصل لباسا عربيًا، وإنما هو لباس دخيل لعله انتقل إلى العرب من فارس.

(1) هذه الكلمة من الكلمات المعربة وأصلها الفارسى "شلوار". عبد النعيم حسنين

ص: 5623

ذلك أن أقواما آخرين قد نقلوه منذ عهد متقدم جدا عن الفرس حتى أنه يكاد يبدو أن فارس وحدها كانت الوطن الأول (انظر Geschichte der perser und Araber zur zeit der sasaniden: Noldeke، ص 131). والكلمة اليونانية (. . .) أو (. . .) والكلمة اللاتينية سربالا Sarabala (وربما الكلمة الآرامية سربالين أيضا؛ Daniel جـ 3، ص 21، والكلمة السريانية شربالين)، والكلمة العربية سروال، كلها مشتقة من الفارسية القديمة زروارو، وهى فى الفارسية الحديثة شلوار (ويمكن تفسير هذه الكلمة بأنها مركبة من شل = ساق، واللاحقة وار). وهكذا يمكن أن نتتبع الكلمات المرادفة للسروال عند الهنغاريين والبولنديين والروس والتتر وأهل سيبيريا والقلموق فى الشرق، وعند الأسبان والبرتغاليين فى الغرب. والراجح أن كلمة سروال قد تأثرت بكلمة سربال ومعناها اللباس بصفة عامة (وقد فسرت بأنها تطور للأصل س - ب - ل)، وأنها كانت فى أول أمرها كلمة سامية). وترد كلمة سربال فى الشعر العربى القديم وفى القرآن ولكن لم يرد فيهما كلمة سروال. وقد بقى فى ذاكرة نحويى العرب أثر للأصل الفارسى للكلمة. ولكلمة سروال فى العربية صيغ شتى كما هى الحال بالنسبة للكلمات المستعارة، فيقال سروال وسروالة، وسروال سرولة، وسرويل، وفى لهجة شروال، والصيغة الحديثة أيضا هى شروال ولا يزال ثمة خلاف دائب حول هذه الكلمة وهل هى ثلاثية أم ثنائية. وجمع سروال سراويل وجمع الجمع سراويلات وكلا الجمعين تستبدل فيهما الشين بالسين، وفى لهجة سراوين، وهى ثنائية فحسب ولكنها تستعمل غالبا (شأنها شأن الكلمة المأخوذة من سروال فى كثير من اللغات الأخرى) بمعنى المفرد، وتختلف باختلاف التذكير والتأنيث؛ والتصغير سريويل وجمعها سريويلات. وقد اشتق من الكلمة الفعل تَسَرْول (1).

(1) اختار كاتب المقال روايات ضعيفة فى اللغة العربية تعتبر كلمة "سراويل" جمع "سروال" أو "سروالة". ولكن الراجح عند أئمة اللغة الموثوق بهم أن كلمة "سراويل مفردة، وإن كانت صيغتها على وزن الجمع، وأن جمعها، سراويلات، انظر لسان العرب وغيره من المعاجم. وليس فى هذا غرابة، فإن أصل الكلمة أعجمى، وعربها العرب على هذه الصيغة التى تشبه وزن الجموع وليس لنا أن نتحكم فى نقلهم إذ نقلوها هكذا.

ص: 5624

ونحن لا نعرف على التحقيق متى دخلت هذه الكلمة فى العربية، وفى أى وقت اتخذ المسلمون السروال لباسا. على أنه لا شك فى أن المسلمين قد عرفوا السروال فى أيام الإسلام الأولى، أى إبان فتح فارس على أكثر تقدير. والغالب على الحديث أنه يرجع السروال إلى النبى [صلى الله عليه وسلم]، بل يذهب إلى أن الأنبياء الذين جاءوا قبل محمد [صلى الله عليه وسلم] كانوا يلبسونه. فقد ورد فى حديث أن أول من لبس السروال النبى إبراهيم، عليه السلام وهو لذلك أول من يلبس لباسًا يوم القيامة (1).

وفى حديث آخر أن موسى عليه السلام كان يلبس سراويل من الصوف يوم كلمة اللَّه سبحانه تعالى (2). وروى فى حديث عن النبى [صلى الله عليه وسلم] أنه اشترى سراويل من بائعى الأصواف ولكن ليس من الثابت أنه ارتداه فعلا (3) وقد أجاب مرة على سؤال سائل سأله "وإنك لتلبس السراويل؟ قال: أجل، فى السفر والحضر، وفى الليل والنهار فإنى أمرت بالستر، فلم أر شيئا أستر منه"(4).

وفى حديث آخر امتدح لبس السروال قائلا: "تسرولوا وائتزروا وخالفوا أهل الكتاب (5). على أن ثمة

(1) الخبر أن أول من لبس السراويل إبراهيم -لا أعرفه. ولم أجده فيما بين يدى من المراجع. أحمد محمد شاكر

(2)

حديث أن موسى كان يلبس "سروايل صوف يوم كلمة ربه" الترمذى (جـ 3، ص 48 من شرحه تحفة الأحوذى طبعة الهند). وجزم الترمذى بأنه حديث ضعيف، لأن أحد رجال إسناده، وهو "حميد بن على الأعرج" -منكر الحديث. فهو حديث ضعيف جدًا. أحمد محمد شاكر

(3)

حديث أن رسول اللَّه [صلى الله عليه وسلم]"اشترى سراويل": ورد من رواية "سويد بن قيس". أخرجه أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجة وابن حبان فى صحيحه. وكذلك روى الإمام أحمد من حديث "مالك بن عميرة الأسدى" أن رسول اللَّه [صلى الله عليه وسلم] اشترى منه "سراويل". وقد استنبط بعض العلماء من ذلك أنه [صلى الله عليه وسلم] لبسها، لأنه لم يكن ليشتريها عبثا دون استعمالها، وإن كان غالب لبسه الأزار. وقال ابن القيم:"وقد روى فى غير حديث: أنه لبس السراويل وكانوا يلبسون السراويلات بإذنه". انظر فتح البارى (جـ 10 س 231). وزاد المعاد (جـ 1، س 72). أحمد محمد شاكر

(4)

هذا حديث ضعيف جدًا، بل هون أحد رواته، وهو يوسف بن زياد البصرى -منكر الحديث، مشهور بالأباطيل. انظر فتح البارى (جـ 10 س 231) ومجمع الزوائد (جـ 5، ص 121، 122) ولسان الميزان (جـ 6، ص 321). أحمد محمد شاكر

(5)

هذا الكلام لا أدرى ما أصله، ولا أعرف من أين جاء به كاتب المقال. ولم أجده فى شئ من المراجع. أحمد محمد شاكر

ص: 5625

روايات أخرى تنكر صراحة أنه كان يلبس السروال وكذلك تختلف الأقوال فى أن الخليفة عثمان قد لبسه، والرأى الوسط أن لبس السروال أبيح، ولا بأس به.

وكل ما ذكرناه فيما سبق ينطبق على الرجال، أما النساء فعلى خلاف ذلك، لأن الأحاديث تمتدح أن تلبس النساء السراويل، مثال ذلك ما ورد فى حديث فحواه: عليكم بالسراويل: فهى اللباس الذى يستركم على خير وجه، واستروا نساءكم بها إذا ما خرجن، أو "يرحم اللَّه المتسرولات من النساء (1) " أو "مرت امرأة على حمار. . . فسقطت، فأعرض عنها بوجهه، فقالوا: يا رسول اللَّه، إنها مسترولة. فقال اللهم اغفر للمسترولات من أمتى (2). وتحدد أحاديث أخرى طول السراويل: -بحيث تبلغ العقبين ولا تجاوزهما، وقد تطول عن ذلك قليلا من باب التجاوز أو لاتقاء الحشرات ولكنها يجب ألا تتجرجر على الأرض.

ولا يباح للمحرم أن يرتدى السراويل (هى وبعض الثياب الأخرى) بل إن الصلاة بالسروال كانت مكروهة فى رأى المتشددين، ولا مناص من إعادتها. وهى تعد أيضا غير مناسبة للمؤذن (3).

أما من حيث العمل فإن المسلمين لم يكونوا يراعون كل هذه المحظورات إلا قليلًا، وكثيرا ما ورد فى كتب التاريخ ووصف البلدان والأدب ما يدل على أن السراويل كانت فيما يرجح تلبس فى معظم البلاد الإسلامية منذ القرون

(1) وهذا والذى قبله كذلك، لا ندرى من أين نقله كاتب المقال.

(2)

هذا حديث ضعيف جدًا، لأن أحد رواته، وهو "إبراهيم بن زكريا المعلم" وقد كان يحدث بالأباطيل وهذا الحديث "من بلاياه"، كما قال الحافظ الذهبى انظر لسان الميزان (جـ 1، ص 58 - 59). وفتح البارى (جـ 10 ص 231) ومعجم الزوائد (جـ 5، ص 122) أحمد محمد شاكر

(3)

أما حرمة لبس السراويل فى الإحرام، فإن سببه هو الإحرام، لا خصوص السراويل. وأما كراهية الصلاة بالسراويل فإنما يراد بها السراويل الضيقة التى شاعت بين المسلمين الآن تقليدا للإفرنج، فأن أقبح ما فيها أنها تحدد العورة تحديدا مستنكرا حين الركوع والسجود وليس من شك فى أن هذا عمل لا يجوز فى الصلاة ولا خارج الصلاة. أحمد محمد شاكر

ص: 5626

الأولى للهجرة، وقد كان من أندر الأشياء أن نجد ذكرا فى بلد من البلاد لما يسمى "الفوطة" للبس بدلا من السروال كما فى الهند مثلا. وكلمة فوطة هندية الأصل، وهى قطعة من النسيج البسيط غير مخيطة يمسكها الحزام من الأمام ومن الخلف. وكانت الفوطة التى من هذا القبيل، ونخص بالذكر الفوط التى كانت تأتى من اليمن، للبس أيضا فى الأقاليم التى درج النساء فيها على اتخاذ الفوط لباسا عاديا فى بيوتهن بدلا من السراويل (انظر ابن الحاج: كتاب المدخل، القاهرة 1320 هـ، جـ 1، ص 118).

وتختلف السراويل المشرقية فيما بينها اختلافا كبيرا باختلاف البلاد. ويوجد منها أنواع على كل سعة ممكنة، فمن سراويل فضفاضة إنما تلم فى نهاية الساق فوق القدمين، إلى سراويل محبوكة هى أقرب شئ إلى التبان. ولا جرم أن سماها الأوربيون بهذا الاسم. وتخللف السراويل فى الطول أيضا اختلافا كبيرا، فمن سراويل تبلغ إلى الركبة، وخاصة سراويل الجنود، إلى سراويل طويلة تصل إلى ما تحت القدمين، ولا يتوقف لونها على الزى الشائع (وكان هذا الزى أحيانا يقتصر على الألوان الطبيعية، ويندر أن يعتد فيه بالألوان الصناعية) فحسب، بل يتوقف أيضا على الاعتبارات السياسية، فقد كان اللون المفضل عند العباسيين مثلا هو اللون الأسود أما الفاطميون فكانوا يؤثرون اللون الأبيض أما من حيث المادة التى كانت تصنع منها السراويل، فقد كانت السراويل الحريرية من الخصائص التى اشتهر بها أهل فارس، وشاع فى مصر وما جاورها من البلاد صنع السراويل من الكتان المصرى الأبيض، وذكرت السراويل المصنوعة من الجلد الأحمر بوصفها لباسا للنساء فى سوق الأنوار بمصر الخ. .

كانت السراويل فى الشرق تلبس على خلاف مشارب الأوربيين ملاصقة للجسم تحت الملابس الأخرى (انظر

ص: 5627

الجاحظ، كتاب التاج طبعة زكى باشا، ص 154 فى أسفلها: فالقميص والسروال شعار، والملابس الأخرى دثار تلبس فوق الشعار)، ولا تمسكها الحمالة بل يمسكها حزام خاص يربط حول الجسم يعرف بالتكة (والكلمة الحديثة دكة)، وكانت التكك تغطيها الملابس الأخرى فلا تراها الأعين، ومع ذلك كان القوم يسرفون كثيرا فى الإنفاق عليها، فيزينونها بالكتابات المنقوشة.

وكانت أثمن التكك وأشهرها تصنع فى أرمينية من الحرير الفارسى. وقد حظر الفقهاء لبسها، على أن كلامهم لم يجد صدى فى نفوس الناس إلا فيما ندر. وفى رواية المقريزى (جـ 2، ص 4) أن "ألف سراويل ديبقية بألف تكة حرير أرمنى" كانت جزءا من أملاك شريف من أشراف مصر (ابن خلكان، طبعة بولاق 1299، جـ 1، ص 110). وقد جهزت ابنة خمارويه بن أحمد بن طولون بتكة محلاة بألف جوهرة عند زواجها. وكانت التكة تتخذ أيضا رمزًا للحب تبعث به السيدة إلى حبيبها.

كانت السراويل جزءا من لباس الجندى لأسباب عملية. فقد روى الطبرى أن الجنود الأمويين أنفسهم كانوا فعلا يلبسون سراويل مصنوعة من نسيج خشن يسمى "مسح" وتحتها تبان، أى سروال قصير جدا من الشعر. ولما سار المسلمون على سنة المشارقة الأقدمين من خلع ثياب التشرف على من ينعم عليهم كانت السراويل تدخل ضمن هذه الثياب. ولا جرم أن كانت هذه السراويل تعد أحيانا أثمن ما فى العطى. وكانت ثياب التشريف فى الأصل ليست ثيابا جديدة وإنما هى ثياب قديمة سبق أن ارتداها الواهب، ويجب أن يكون قد ارتداها مرة واحدة على الأقل.

أما من حيث اتخاذ السراويل لباسا رسميا أو كسوة من كسى التشريف، فقد كان للسراويل شأن بالغ الأهمية فى نقابات الفتوة عند المسلمين. ففى الحفل الذى كان يعقد بمناسبة قبول

ص: 5628

عضو جديد فى النقابة، كانت شعيرة إدخال المريد فى الطريقة تقوم على ارتدائه "سراويل الفتوة" ويغلب أن تسمى "الفتوة" فحسب. وهنا أيضا يعنى القوم بأن يكون "الكبير" قد لبس السراويل من قبل، أو أن يكون قد بلغ فى لبسها ما يكفى لأن تمس ركبتيه على الأقل.

كان للسراويل فى بعض الأحيان مقام عند الفتيان يماثل مقام الخرقة عند الصوفية. وكان يقسم عليها باليمين (وهذا اليمين باطل فى راْى ابن تيمية)، وكان من الجائز أيضا أن توضع على الرنوك ومعها كأس.

وقد اكتسب لبس سراويل الفتوة معنى سياسيا خاصا فى ظل "مصلح الفتوة" الخليفة العباسى الناصر الذى حكيت عن خلعه السروال على من كان يخلعه عليهم بعض قصص حفظهالنا المؤرخون. فقد أوفد الناصر بعوثا إلى الدويلات التى كانت قائمة فى الشام وفارس والهند منبها أمراءها وأشرافهم إلى أنه يجب عليهم أن يلبسوا سروال الفتوة من أجل الخليفة. وقد فعل هؤلاء ذلك وسط شعائر مهيبة، وبذلك وضعوا أنفسهم تحت حماية الخليفة بوصفه أمير أمراء الفتيان. والظاهر أن الخليفة الناصر هذا قد وقف الحق فى منهج هذا التشريف على قليل جدا من الناس، وقد ادعى خلفاؤه أيضا هذا لأنفسهم، ولكن غير هؤلاء مارسوه، مثال ذلك السلطان الأشرف الذى حكم مصر بعد الناصر بقرنين من الزمان.

واضمحلت نقابات الفتوة، فانتحل غيرها من الجماعات ذات الأغراض السياسية أو غير السياسية شعائرها الظاهرة، واهتمت هذه الجماعات اهتماما خاصا بلبس السراويل. فقد ذكر ابن جبير منها نقابات اللصوص فى بغداد فى عهد المكتفى، وجماعة سنية سرية فى دمشق عرفت بالنبوية وكانت ميولها مناهضة للشيعة. على أنه لما اختفت "الفتوة" عاد الناس لا يفهمون المدلول الأصلى للسراويل وكونها شعارا يدل على الفروسية، وامتزجت خرقة الصوفية بخرقة الفتوة.

ص: 5629