الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مالك بن عوف
ابن سعد بن ربيعة النصرى - زعيم بدوى، معاصر لمحمد [صلى الله عليه وسلم] ينتمى إلى عشيرة بنى نصر بن معاوية من قبيلة "قيسى" ذات النفوذ فى هوازن، والتى تزعمها فى غزوة "حنين" ضد المسلمين. . وبسبب دوره هذا دخل التاريخ.
ونحن لا نعرف إلا القليل عن حياته المبكرة، ولكننا قد نزعم أنه وجد -فى فترات مبكرة- فرصا ليظهر شجاعته وإقدامه. وقد كان لا يزال أمرد (لا لحية له) -أى فى سنوات مراهقته المبكرة- عندما قاد كتيبة من هوازن فى حرب "الفجار"(الأغانى).
وربما يرجع هذا التميز إلى المكانة التى كانت تتمتع بها عشيرته -بنى نصر بن معاوية- بن بنى هوازن. ولما كانت بنو نصر حلفاء لقبيلة ثقيف (الأغانى) فقد وجدوا أنفسهم فى وضع مماثل بالنسبة لثقيف ومدينة الطائف، و"الأحابيش" بالنسبة لقريش ومكة. وقد بعثوا بالمرتزقة إلى الطائف، وقاموا بمهمة الدفاع عن المدينة، وحماية البساتين الجميلة التى تغطى أراضى ثقيف من أعمال النهب التى يقوم بها المغيرون. وكانت العلاقات بينهما هادئة وودية بشكل عام، ولكن كان يحدث من حين لآخر -وبسبب النزعات الفوضوية لدى البدو عندما تكون لهم اليد العليا- أن ينتهكوا حرمة أراضى حلفائهم، مواطنى مدينة الطائف. . وهذا الموقف يجعلنا نتفهم السبب فى أن ثقيف -فى الصراع الذى كان على وشك أن يتطور ضد الإسلام- كانت على استعداد للزحف تحت لواء قائد بدوى.
وفى العام الثامن للهجرة (629 م) كان محمد [صلى الله عليه وسلم] يستعد على رأس قوة كبيرة لمهاجمة مكة. وقد أقلعت هذه الأنباء هؤلاء الذين يعيشون فى جبال السروات (السراة) وتساءلوا فيما بينهم ألن يحاول الرسول [صلى الله عليه وسلم]-عندما يصبح سيد مكة- أن يغزو بلادهم. وفى هذه الأثناء نجح مالك بن عوف فى أن يضم -من أجل الدفاع المشترك- أغلبية
قبائل "قيس" الذين يستقرون على حدود نجد والحجاز. وانضمت ثقيف بقواتها إلى حلفائها من هوازن وكانت النتيجة هزيمتهم فى حنين. وكان قائدهم مالك قد خرج بفكرة مشئومة وهى الإتيان بالنساء والأطفال والقطعان مع المحاربين والمقاتلين. وقد وقعت هذه الغنائم الهائلة كلها فى أيدى المسلمين.
ولم يستطع الجانب المهزوم أن يعترض بأنه أبلى بلاء حسنا فى ميدان القتال. ولكن تقاليد بنى هوازن تحاول المستحيل فى أن تخفى هذا الفشل وتنقذ سمعة مالك، ويقال إن مالكا بعد هذه الهزيمة المنكرة قد ضحى بنفسه فى شجاعة ليغطى انسحاب رفاقه فى القتال. وهذه الرواية ذاتها تنسب إليه أنه ارتجل أشعارا كثيرة بهذه المناسبة، والتى حاول فيها -على عادة أبطال الأساطير البدوية القديمة- أن يبرر هروبه ويعتذر عنه.
وقد حاول مالك أن "يتحصن" فى "ليا"، على بعد ساعات قليلة جنوبى الطائف، حيث كان له حصن هناك، ولم يكن هذا الحصن سوى أسوار من القرميد مثل القلعة الصغيرة فى اليمن والتى وصفها "المقدسى" فى كتابه أحسن التقاسيم.
واستطاع الرسول [صلى الله عليه وسلم] أن يدمر قلعة مالك بسهولة ويسر، وعندما علم مالك باقتراب المسلمين، وجد من الحكمة أن يحتمى وراء تحصينات الطائف.
وفى هذه الأثناء تجمعت كل الغنائم التى حصل عليها المسلمون فى حنين فى معسكر فى "جعرانة"، ومن بينها عائلة مالك والقطعان. وإلى هوازن ذهب مندوبون للتفاوض حول فدية الأسرى، وقال محمد [صلى الله عليه وسلم] إنه إذا جاء مالك ليعتنق الإسلام، فإنه سوف يعيد إليه عائلته وممتلكاته بالإضافة إلى مائة من الإبل، ومهما يكن القرار الذى اتخذه مالك، فإن هذا البيان (من جانب الرسول [صلى الله عليه وسلم] لم يجعل من المتعذر أن يتفاهم مع ثقيف. واعترف بحق أن موقفه فى الطائف ضعيف ولا يمكن الدفاع عنه ونجح فى أن يفر من المدينة ويستسلم للرسول [صلى الله عليه وسلم]