الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأندلسية فاتخذ سترا -أى عزل نفسه وراء ستارة- ويفيدنا ابن حيان بأنه هو الذى رتب رسوم الدولة للخدمة وقد أكد هذه المعلومات كل من ابن عذارى وابن سعيد الأندلسى.
وكان هو أول من فصل وظيفة الشرطة عن وظيفة السوق وهو ما أشار إليه كل المؤرخين.
وعند أخذ البيعة له فى سنة 306 هـ/ 822 م، قدّم كل إخوته وأعمامه، وأقرباؤه، ورجاله، وقضاته، وقواده، وأصحاب المقام الرفيع، والعامة البيعة له وتبعه بقية الحكام والخلفاء فى ذلك. وقد حرص خلفاء الأمويين على إظهار هيبة الخليفة.
ولا يعرف شئ عن رسوم المرابطين، لكن رسوم الموحدين اثبتت أنها كانت نفس الرسوم السابقة التى اتبعت فى عهد إمارة وخلافة الأمويين فى الأندلس.
فى إيران
كانت عهود المجتمع الإيرانى فى معظمها إن لم تكن جميعها مفرطة فى الرسمية: فالمجتمع الايرانى فى سلوكياته، وعاداته، وملابس وأسلوب كلام كل طائفة من طوائفه محكوم تمامًا بالعُرف والعادة. فاحترام السنن والمكانة موجودان فى كل مكان. ولقد تطور فى المجتمع الإيرانى أدب كان القصد من ورائه تنظيم كل مظاهر الحياة والسلوك الاجتماعى. ولقد صممت الطقوس الفارسية لتأكيد الرهبة من الحاكم. ولقد شعر الناس بوطأة هذه الطقوس منذ أيام الأمويين وصارت واضحة تحت حكم العباسيين وتعود تقاليد المراسم الفارسية إلى القرون الأولى.
ولقد كانت المظلة التى تظلل رأس الحاكم، عادة قديمة تعود على الأقل إلى أيام الأخمينيين، بينما يعود "اللواء" إلى عهد البارثيين والساسانيين، وكذلك فن ضرب (النوْبة) على شرف الحاكم عادة موغلة فى القدم. ولقد كانت الطبول وآلات أخرى يُعزف بها يوميًا عند غروب الشمس أو شروقها وفى أيام الأعياد، ويوم عيد ميلاد الحاكم والأعياد التى يتخذها. ويصطحب الحاكم معه الآلات الموسيقية فى حالة قيامه برحلة أو إقامته لمعسكر. ولقد استمرت "النقارة خانة" تُستخدم فى طهران حتى سنة 1937 وهنالك أيضًا أمر مهم تعلق بالعرش ففى القرون الأولى كان الملك يجلس على أريكة، أو
منصة عالية، وإلى جانب هذه المراسم القديمة، هنالك أيضًا مراسم إسلامية جديدة، مثل حق الحاكم فى أن يُذكر اسمه فى الخطبة وعلى السكة.
أما شرف منح الخلعة، فبرغم أنه لم يكن من المراسم الملكية، ولكنه كان أمرًا متبعا عند الصفويين والقاجار، كما وجدت عادة توزيع الصرر (جمع صرة) التى تضم عملات ذهبية وفضية عند جلوس الحاكم الجديد على العرش فى بلاطه. كذلك تنثر العملات، والجواهر والأشياء الثمينة، بواسطة الحاكم وحاشيته، وفى احتفال بالنيروز (عيد رأس السنة الفارسى) تنثر الجواهر والأموال على الحضور وكان عيدى الأضحى والفطر مناسبتين شرعيتين للاحتفال العام.
وكان على الحاكم، مد سماط مفتوح، وخاصةً إذا كان أتباعه ينتسبون إلى مجموعات قبلية. وكانت الاحتفالات بالأعياد شائعة أيام حكم الغزنويين، والإيلخانيين، والتيموريين. فقد اعتاد مسعود بن محمود الغزنوى باتخاذ "خوان" موضوع على المنصة التى يجلس عليها ليشرف على الجماهير، المتواجدين فى حديقة مجاورة أو فى سرادق، ويدعو كبار رجال الدولة ليجلسوا معه عند الخوان ويوزع النبيذ بالمجان خلال هذه الاحتفالات. وقد لعب المنجمون دورًا مهما فى البلاط، وبخاصة تحت حكم الصفويين والقاجاريين، فى تحديد اللحظة السعيدة لتتويج الحاكم أو لبعض تحركاته كموعد دخوله المدينة، أو تحديد "متى يجلس، متى يستيقظ، متى يغادر، متى يأكل، ومتى يأوى إلى فراشه".
وحين توّج مردويخ الزيارى (ت 323 هـ/ 935 م) بتاج ذهبى، كان مُقلدًا للعادة الساسانية ولقد كان عضد الدولة البوهى محاطًا بأبهة عظيمة حين يقابل الجماهير. ويصف هلال الصابى استقبال الخليفة الطائع لعضد الدولة فى بغداد سنة 367 هـ/ 977 - 978 م والأوسمة الملكية التى منحها له سنة 368 هـ/ 978 - 979 م.
ولقد طوّر السامانيون والغزنويون احتفالًا محكمًا، مستوحى من بلاط الساسانيين والبلاط الخلافى. وكانت
من عادة مسعود بن محمود أن يعقد بلاطه على منصة، فى قصر من قصوره أو فى حديقة من حدائقه. ويبدو أن عرشه كان مصنوعًا أساسًا من الخشب. ولكن هذا العرش أُستبدل فى سنة 429 هـ/ 1038 م بعرش من ذهب استغرق إعداده ثلاث سنوات. ويصف البيهقى روعة المنظر عندما إعتلى مسعود العرش، وهو مرتديًا عباءة من الحرير الأحمر مرصعة بالذهب، لأول مرة فى 21 شعبان 429 هـ/ 8 يوليو 1038 م. بينما وقف عشرة من الغلمان يرتدون أفخر الثياب على يمين المنصة وعشرة آخرون على يسارها يحملون السلاح.
وحين دخل رسول الخليفة قام بالسلام على مسعود، وقام رئيس الحُجاب بوناصر، بإجلاسه فى مقعد خُصص له. وبعد ذلك سأل مسعود عن صحة الخليفة القادر، فأخبره المبعوث بموته وبعد أن خاطب أحمد بن حسن المبعوث بكلمات عربية قليلة، أعطاه إشارة بأن يسلم مسعودا خطاب الخليفة فنهض الرسول، وأخذ الخطاب وأعطاه لمسعود ثم عاد إلى مقعده ثم استدعى مسعود بوناصر لتسلم الخطاب وقرأه لمسعود الذى أمر بترجمته إلى الفارسية. وفى اليوم التالى أقيم عزاء للخليفة القادر، وارتدى مسعود وكل رجاله ثيابًا بيضاء. وأغلقت المحال وعطل الديوان مدة ثلاثة أيام. وحينما أعيد فتحها دُقت الطبول وفى الجمعة التالية قرئت الخطبة باسم الخليفة الجديد وجلس مسعود بجوار المنبر المغطى بقماش مذهب. وجلس بالقرب منه رئيس الوزراء وكبار رجال البلاط، وبعد الخطبة خصص بيت المال الملكى 10.000 دينار وخمسة أكياس دراهم حريرية هدية للخليفة. ثم أحضرت بعد ذلك هدايا أبناء مسعود، ورئيس الوزراء وكبير الحجاب وآخرين للخليفة، وغادر مسعود فى الوقت الذى قام به المستوفون بأخذ الهدايا إلى بيت المال الملكى. وبعد عدة أيام، أعُطى المبعوث خلعة، وبغلة وفرسين، أُرسلوا مع الهدايا إلى الخليفة.
وفى العام التالى 424 هـ/ 1033 م، جاء مبعوث آخر من قبل الخليفة، ومعه
خادم، وأحضر خلعة من الخليفة لمسعود، الذى كان حينئذ بالرى. وحين دخل مبعوث الخليفة على مسعود قام بتقبيل يده، بينما قبَّل الخادم الأرض. وبعد أن استفسر مسعود عن صحة الخليفة، أخذ بوناصر المبعوث تحت الساوح وأجلسه قرب العرش على المنصة، وكان رئيس الوزراء متغيبًا. ولقد سادت عادةُ اصطحاب المبعوثين تحت السلاح عند مثولهم أمام الحاكم عند بلاط التيموريين والصفويين والأفشاريين ثم تقدم بوناصر وطلب من الرسول أن ينهض ويأخذ الوثيقة الرسمية، ويضعها على العرش وعندما وقف الرسول طلب من مسعود ارتداء خلعة الخليفة وطلب مسعود إحضار المُصلاة. واتجه إلى القبلة، دُقت الطبول فى الحديقة وعند بوابة القصر هرع بعض القواد العسكريين لمساعدة مسعود للنهوض من فوق العرش ليجلس على المصلاة. ثم طلب الرسول صندوق الخلعة الذى يُخرج منه سبعة أثواب وبعض الملبوسات الأخرى. وقام مسعود بتقبيلها وصلى ركعتين ثم عاد واعتلى العرش، ثم أتى بعد ذلك بعقد وأسورة مطعمتين بالجواهر، ووضعا على يمين مسعود، بينما تقدم "القادم" بعمامة قبلها مسعود ووضعها على رأسه وكان المبعوث قد أحضر معه "لواء" تسلمه مسعود بيده اليمنى.
ولقد بدا من كتاب التاريخ المسعودى، أن السلطان مسعود كان دائما يمنح الخلع لرعاياه فى المناسبات المختلفة وفقا لرتبهم.
وقام السلاجقة، عندما جاءوا إلى خراسان، باقرار أشكال الاحتفالات التى وجدوها قائمة فحينما دخل طغرلبك نيسابور سنة 429 هـ/ 1073 - 1078 م، جلس على عرش مسعود بن محمود، ليتلقى التهانى. وكان مظهره الشخصى متواضعًا مقارنة بما كان عليه مظهر مسعود. وكان بلاط السلاجقة حتى بعد إرتقاء دولتهم، أقل شأنًا من بلاط الغزنويين، للطبيعة القبلية البدوية للسلاجقة فضلا عن انشغالهم بالحروب التى تتطلب كثرة السفر والترحال. ذكر الراوندى أن السلطان ملكشاه لم يكن يحجبه حجاب عن رعيته، وأن أى شخص يجئ إليه بطلب تعويض يكلمه وجهًا لوجه.
ولقد جلب الايليخانيون بعض الاحتفالات الجديدة من أقاصى آسيا، بقى بعضها بعد إسلامهم واندثر الآخر ولقد عرفوا مراسم الحداد عند موت الإيليخان، وكان الأمراء وأميرات المغول يجتمعون لانتخاب الايليخان الجديد وكان يتبع اختيار أحد أمرائهم للعرش إقامة ولائم وإحتفالات. وقد كان لغازان خيمة مذهبة وعرش مُذهب، مثل عرش مسعود الغزنوى استغرق صنعه أيضًا ثلاث سنوات. ولقد نُصب فى "يوجان" فى سنة 701 هـ/ 1301 - 1302 م، ووضع فوقه مقعد مرصع بالجواهر. وبعد ثلاثة أيام، أقيمت خلاله احتفالات دينية، أقام غازان وليمة كبيرة، ارتدى فيها ملابس مطرزة بالذهب، ووضع على رأسه تاجًا مذهبًا وتمنطق بحزام مشابه فى روعته روعة التاج.
وتحت حكم الصفويين ضُبطت الاحتفالات بإحكام. ويعطينا "دستور الملك" فى كتابه "ميرزا رفيعة" وصفًا لواجبات موظفى البلاط ولمراتب الموظفين المدنيين والعسكريين وأين يقفون وأين يجلسون فى الاجتماع الملكى وكذلك عن أثواب التشريفة وبعض الشارات التى تُعطى لهم عند اختيارهم للوظائف.
ولقد صحب استقبال الرُسل المبعوثين عند الصفويين بمد مآدب الطعام. فحين لجأ همايون إمبراطور المغول، إلى فارس سنة 951 هـ/ 1544 - 1545 م، رجب به الشاه طهماسب بحرارة. وأقيمت له مآدب كثيرة وفى آخر هذه المآدب أغدق طهماسب على همايون بالهدايا.
ولقد اكتسبت عادة تقبيل الأرض أمام الحاكم، أمام عرشه وأمام بوابات قصره أهمية كبرى، ولم تكن تلك العادة لمجرد إظهار التبجيل للحاكم فحسب، لكن فى الاعتقاد بأن هذا التبجيل يعود أيضا على الشخص الذى يقوم بهذا العمل. وهنالك احترام مبالغ فيه يجب أن يظهر تجاه أى مكتوب يصل إلى أى شخص من طرف الشاه. فيجب على مستلم الخطاب الملكى أو الفرمان الملكى أن يقبله وأن يضعه على رأسه وبين عينيه.
ولقد كان عيد النيروز من أهم الأعياد التى كان يحتفل بها الصفويون. وعادةً ما يتواجد السلطان فى العاصمة فى هذا العيد للاحتفال به. ويقوم