الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تاشفين وولده على لا يتخذ قرارًا إلّا وتصحبه فتوى بإجازته، وقد أدّت هذه المسائل إلى استفحال شأن الفقهاء وتطلعوا للاستحواذ على السلطة والثروة، وكانت الحركة الإصلاحية فى بادئ الأمر قد جنحت إلى تخفيف عبء الضرائب التى أصبحت تجارى ما يقضى به الشرع. وجاءت فترة -لم تكن بالطويلة- ظهر الوفاق على أتم صوره بين الأندلس والمرابطين، وبين يوسف بن تاشفين وملوك الطوائف، حتى أنه لما ذاع خبر النصر فى الزلاقة قام الأمير الزيرى عبد اللَّه وأمر بدق الطبول وتسيير المواكب احتفاءً بهذه المناسبة.
2 - سقوط المرابطين:
كانت كل هذه الانتصارات حقيقة ثابتة لكنها كانت انتصارات مؤقتة، وكان المرابطون حريصين على أن يكونوا فوق المؤاخذة، وإن لهم من القوة والفعالية ما يمكنهم من احتواء الضغط النصرانى الذى أخذ فى الزيادة، وإذ كان يعوزهم المعونة الأندلسية واستخدام قوات جديدة من المرتزقة فقد وجهوا همتهم لإقامة نظام دفاعى قوى، إلا أن ترميم الحصون وإقامة حصون أخرى جديدة وتزويدها بما يساعدها على أداء مهمتها والنفقة على من بها من المدافعين. . . كل ذلك تطلب أموالًا طائلة تفوق ما يمكن أن تجمعه الدولة من الضرائب الشرعية، وقد أدى هذا إلى فقدان الفقهاء لاستقلالهم وزلزل من هيبتهم ونظرة الناس المعنوية إليهم إذ لم يعودوا لسان العامة والمترجمين عن آمالها وأغراضها، ومن ثم نسمع عن "حب المرابطين فى المال" وظهر من جديد شتى أنواع "المعاونين والوظائف واللوازم ومغارم السلطان"، وترتب على ذلك أن عم الفساد وأصبحت معايب السلطة طابعًا عامًا، على أن أشد المعايب كان ما أتصف به القادة من عدم القدرة على تنظيم قواتهم حتى أمكن لقوات دونهم حجما أن تحرز النصر عليهم فى سهولة ويسر ويتكلم المراكشى عن ظهور قطاع الطرق واللصوص والسوقة والسكارى والخلعاء، ووجد الكثيرون من هؤلاء من يحميهم ممثلين فى كبار نساء لمتونة ومسوفة على حين أن "أمير المسلمين عاكف على نسكه
وتصوفه، غير ناظر أبدًا لشئون رعيته". كذلك عانت الحركة الفكرية اضطهادا ولم يعد أمير المسلمين يكترث لأساتذة علم الكلام وأصبح المتكلم فى هذا العلم مرميًا بالكفر.
ثم كانت هناك حقائق ثابتة، ذلك أنه حوالى سنة 534 هـ (= 1140 م) عمت روح من التصوف والزهد فى كل من المرية (على يد ابن العريف) وغرناطة (على يد أبى بكر محمد الميورقى) وفى اشبيليه (على يد ابن بَرَّ جان)، كما قام أبو القاسم أحمد بن قَسى بتكوين جماعة عرفت بالمريدين فى شلب، وعمّت الثورات كثيرا من النواحى فثار القاضى ابن حمدين فى قرطبة وسيف الدولة بن هود فى حبان وغرناطة، وابن وزير فى ايفورا Evora وباجة Bega بطليدس، وابن أبى جعفر فى مرسية وابن عبد العزيز فى بلنسية، وحينذاك حاول كل واحد من ملوك الطوائف أن يستقل بإمارة لا يشاركه فيها أحد، فقام ابن حمدين بالتماس العون من الفونسو السابع، والتمسها على بن ميمون فى قادش من الموحدين، وقام الفونسو السابع صاحب قشتاله باحتلال المرية وإن لم يدم احتلاله إياها سوى أشهر قلائل.
كما أن ابن قَسِىّ عبر البحر إلى المغرب يلتمس المعونة من عبد المؤمن ويسأله غزو الأندلس، على أن الواقع يبين أن الموحدين قصروا نشاطهم فى سنة 540 - 541 هـ (= 1146 - 1147 م) على احتلال النواحى التى أمكنهم فيها الاعتماد على من بها وزوّدوها بالجند يحميها، أما ميمون بن جدَّار فكان الوحيد الذى أقام فى غرناطة حتى سنة 549 هـ (= 1155 م) على حين أن بنى غانية أقاموا دولة تميل إلى المرابطين وهى الدولة التى نقلت الصراع ضد الموحدّين إلى بلاد "جريد" فى تونس وذلك سنة 580 هـ.
هذا موجز لدولة المرابطين فى الشمال الإفريقى وفى الأندلس ونسوق جدولًا بحكامهم:
1 -
يحيى بن إبراهيم الجدّالى.
2 -
يحيى بن عمر (ت 447 هـ أو 448 هـ).