الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"المسايرة فى العقائد المنجية فى الآخرة" يقبل الآن الرأى السائد وهو تقليدى سواء أكان أشعريا أم ماتريديا، ولكنه أظهر قدرا من الاستغلال فى مواجهة كل من المدرستين. أما عثمان حنفى كمال الدين البياض (ت 1078 هـ/ 1687 م) فإنه -على العكس من ذلك- أكد بكتابه "إشارات المرام من عبارات الإمام" استغلاله وزيادته لمذهب الماتريدى الكلامى الذى يقوم على أساس عن تعاليم أبى حنيفة فى ضوء الأشعرية. ولقد ظل مذهب الماتريدى فى علم الكلام مرتبطا -على عكس المعتزلة والأشعرية- بمدرسة واحدة فقط فى الفقه هى مدرسة أبى حنيفة -كما أنها كانت تجرجر أذيالها -بصفة عامة- وراء مدرستى علم الكلام الأخريين سواء من حيث التطور المنهجى أو من حيث النسق خصوصا فى مسائل العلوم الطبيعية التى عالجتها هاتان المدرستان، ولم تتأثر كثيرا بما شاع من مصطلحات ومفاهيم الفلسفة كما هو الحال لدى الأشاعرة فى مرحلتهم المتأخرة ولدى الشيعة الإمامية والمعتزلة بعد ذلك. وعلى الرغم من أنه كان واضحا أن الصراع بين الماتريدية والمعتزلة هو الصراع الأساسى. إلا أن الخلافات بينها وبين الأشعرية كان أكثر أهمية، وهو أمر قد لا يتسم به علماء الكلام الذين جاءوا فى وقت لاحق والتزموا التوفيق بين وجهات النظر. فقد انخرط هؤلاء أساسا فى بيان مذهب الماتريدية من حيث تأكيده على أبدية الصفات العقلية للذات الإلهية، ووجود أسس عقلانية للخير والشر، وأن اختيار الإنسان لأفعاله حقيقة، وأن تعريف الماتريدى للإيمان هو أنه نوع عن الموافقة والإتراد دون النظر إلى "الأعمال". ومع ذلك فثمة نقاط خلاف دون هذه أهمية كانت تهيمن أحيانا على الجدل الدائر بين المدرستين.
سعيد عبد المحسن [ف. مادلنج]
الماذرائى
الماذرائى اسم أسرة شغل بعض أفرادها مناصب إدارية عليا وجباية الخراج، نشأت أصلًا بالعراق وشغلت مناصب هامة فى مصر والشام فيما
بين سنة 266 هـ/ 335 هـ، (879 م/ 946 م). والنسبة مشتقة من قرية ماذراية قرب واسط (انظر السمعانى، كتاب الأنساب، ورقة 499 أ؛ وياقوت: معجم البلدان، جـ 4، ص 381).
وقد تولى أبو بكر أحمد بن إبراهيم الماذرائى، وكنيته الأطرش (انظر معجم لين) فى عهد أحمد بن طولون والإشراف على الخراج فى مصر والشام فى سنة 266 هـ/ 879 م، وأصبح بذلك المؤسس لنفوذ أسرته. وقد عين ابنه عليًا -الذى لا تعرف كنيته نائبا عنه فى مصر، وبعث ابنًا آخر له، هو أبو على الحسين المعروف بأبى زبنور إلى الشام بالصفة نفسها. وقد توفى أبو بكر ابن إبراهيم فى سنة 270 هـ/ 884 م، وهى نفس السنة التى مات أحمد بن طولون فيها.
وتولى على بن أحمد الماذرائى الوزارة لخمارويه بن طولون (سنة 270 - 282 هـ/ 884 - 896 م)، وظل يشغل هذه الوظيفة زمن "جيش بن خمارويه" وقتل فى نفس اليوم الذى قتل فيه حبشى سنة 283 هـ/ 798 م.
وخلال السنوات الأخيرة لحكم الطولونيين أقام أبو على الحسين بن أحمد الماذرائى (بصفته مشرفًا على الخراج فى الشام) علاقات طيبة مع العباسيين وحتى أنهم بعد انتصارهم على الطولونيين فى سنة 292 هـ/ 904 م، عهدوا إليه بالإشراف على خراج مصر فحلّ محل ابن أخيه أبى الطيب أحمد بن على الماذرائى (المتوفى سنة 303 هـ/ 915 م). ولقد أدت علاقته الحميمة مع بغداد، لأن يصبح أبو على الحسين وأفراد آخرون من أسرته ضالعين فى القتال على السلطة وهو القتال الذى كان بين الوزير على ابن عيسى وبين بنى الفرات والذى كان الماذرائيون فيه على الدوام مؤيدين لخصوم بنى الفرات على الدوام. ولهذا السبب، فإنه فى خلال الوزارة الثانية لعلىّ بن عيسى (301 - 304 هـ/ 913 - 916 م) تولى أمر خراج الشام، كما تولى أخيه أبو بكر محمد بن على بن أحمد أمر خراج مصر وقد تسبب تغيير الوزارة فى بغداد (سنة 304 هـ/ 916 م)، فى خلع الماذرائيين مرة أخرى وسجنهم وجئ بأبى زنبور إلى بغداد.
وقرب نهاية سنة 306 هـ/ مايو 919 م، تولى بيت المال فى مصر مرة أخرى، ولكنه خلع مرة أخرى ولكن فى سنة 310 هـ/ 922 م، وكان خلعه على يد صديقه علىّ بن عيسى. وفى السنة التالية استدعاه ابن الفرات إلى بغداد، وصادره هو وأسرته على مال قدرُه خمسة ألاف ألف درهم. وفى سنة 313 هـ/ 926 م، كان أبو زنبور فى الفسطاط حيث كان مشرفا على الخراج فى مصر والشام. وتوفى هناك فى سنة 317 هـ/ 929 م.
وحضر ابن شقيق أبو على الحسين، أبو بكر محمد بن على بن أحمد الماذرائى (258 - 345 هـ/ 871 - 956 م) إلى مصر وذلك فى سنة 272 هـ/ 885 م، حيث عينه أبوه نائبًا للمشرف على الخراج. وبعد مقتل أبيه فى سنة 283 هـ/ 890 م، أصبح أبو محمد وزيرًا لهارون بن خماروية بن طولون فلما سقط الطولونيون فى سنة 292 هـ/ 905 م، أحضر هو وكثير من أتباعه إلى بغداد. وبقى فيها حتى سنة 301 هـ/ 1913 م، حيث عاد إلى مصر محاطًا بمظاهر التكريم كمشرف على الخراج. ولا تشير المصادر المتوافرة إلى أى سبب لعودته إلى الحياة الخاصة فى سنة 304 هـ/ 916 م. حيث بقى فى الفسطاط، وأوقف نفسه على إدارة وزيادة موارد الثروة الضخمة لأسرته، وفى سنة 318 هـ/ 930 م تولى أبو بكر محمد الأشراف على خراج مصر مرة أخرى، واحتفظ بوظيفته هذه حتى موت صديقه الوالى "تكين" فى سنة 321 هـ/ 933 م. وبقى الماذرائيون فى الجانب المنتصر فى أثناء الصراعات اللاحقة مع محمد بن تكين. وحين عين الخليفة الراضى فى سنة 322 هـ/ 934 م، أبا الفتح الفضل وزيرًا، (وهو أحد أفراد أسرة ابن الفرات)؛ عَيَّن أبو الفتح، محمدًا بن طغج الأخشيد واليًا على مصر. وحاول الأخشيد الوصول إلى اتفاق ودى مع الماذرائيين، لكن أبا بكر محمد رفض هذه المحاولة، وفضل المقاومة، غير أن جيوشه انضمت إلى الأخشيد الذى استطاع دخول الفسطاط فى رمضان سنة 323 هـ/ أغسطس