الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: مرويات مكذوبة في التمتع:
فمن أكاذيبهم الشنيعة الخبيثة عليه صلى الله عليه وسلم ما ينسبونه إليه زورا وبهتانا أنه قال:
((من خرج من الدنيا ولم يتمتع جاء يوم القيامة وهو أجدع)) ("تفسير منهج الصادقين" للملا فتح الله الكاشاني - فارسي 2/ 489).
وأقبح منه وأشنع ما افتروا عليه بأنه قال عليه الصلاة والسلام:
((من تمتع مرة واحدة عتق ثلثه من النار ومن تمتع مرتين عتق ثلثاه من النار ومن تمتع ثلاث مرات عتق كله من النار)) (تفسير منهج الصادقين 2/ 492 نقلاً من "حضرة من خصه الله باللطف الأبدي، خاتم مجتهدي الإمامية بالتوفيق السرمدي، الغريق في بحار رحمة الله الملك الشيخ علي بن عبد العالي روّح الله روحه" في رسالته التي كتبها في باب المتعة).
فانظر إلى القوم ما أقبحهم وأكذب بهم، وما ألعنهم وأبعد بهم من الشريعة الإسلامية الغراء، وتعاليمها النقية البيضاء، وما أجرأهم على الملذات والشهوات التي أصبغوا عليها صبغة الدين والشريعة، وما أشجعهم على الافتراء على رسول الله الصادق الأمين، الناهي عن المنكرات، والمحترز المجتنب عن السيئات؟
والقوم لا يريدون من وراء ذلك إلا أن يجعلوا دين الله الخالد لعبة يلعب بها الفساق والفجار، ويسخر به الساخرون والمستهزؤن نقمة عليه، التي ورثوها من اليهودية البغضاء التي أسست هذه العقائد وهذا المذهب - انظر لتحقيق وتثبيت ذلك في كتابنا (الشيعة والسنة) -، وإلا فهل من المعقول أن ديناً من الأديان يحرر متبعيه من الحدود والقيود، ومن الفرائض والواجبات، والتضحيات والمشقات، ويجعل نجاتهم من عذاب الله وفوزهم بنيل الجنة في طاعة الشهوات والملذات؟ -وهذا ليس من المبالغات والمجاذفات بل من الحقائق الثابتة التي لا غبار عليها -.
والشيعة أعداء أهل البيت وسيد أهل البيت وإمامهم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكتفوا بهذا الكذب ولم يقتنعوا به، بل زادوا وبالغوا حتى بلغوا حد الإساءة والإهانة حيث قالوا - نستغفر الله ونتوب إليه من نقل هذا الكفر-:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من تمتع مرة أمن من سخط الجبار ومن تمتع مرتين حشر مع الأبرار ومن تمتع ثلاث مرات زاحمني في الجنان)) ("تفسير منهج الصادقين" 2/ 493).
ولا هذا فحسب بل صرحوا بأسماء أهل البيت وشخصياتهم الذين جعلوهم غرضاً لأسنتهم المشرعة، ولسهامهم المطلقة، وسيوفهم المشهرة، وما أقبح التعبير وما أفظع الكذب والبهتان، فيفترون على نبي الله الطاهر المطهر صلوات الله وسلامه عليه أنه قال:
((من تمتع مرة كان درجته كدرجة الحسين عليه السلام الإمام الثالث المعصوم حسب زعمهم - ومن تمتع مرتين كان درجته كدرجة الحسن عليه السلام الإمام الثاني المعصوم المزعوم - ومن تمتع ثلاث مرات كان درجته كدرجة علي بن أبي طالب عليه السلام الإمام المعصوم الأول لديهم، ختن رسول الله وابن عمه - ومن تمتع أربع مرات فدرجته كدرجتي)) ("تفسير منهج الصادقين" 2/ 493). (وما معنى لقول قائل: أهل النجف خاصة، وكل بلاد الشيعة يرون المتعة عيباً وإن كانت حلالاً" و"الشيعة في كل مكان ترى المتعة عيباً وإن كانت حلالاً وليس كل حلال يفعل" (أعيان الشيعة للسيد محسن أمين ص159). مع أقوال الأئمة التي ذكرت من وجوب المتعة والثواب عليهما، فمن الصادق، هذا أو أئمته؟ ولا ينبئك مثل خبير.
فانظر إلى الأكاذيب التي نسجت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والافتراءات التي تقولت عليه، وإلى عمارة الإسلام كيف هدمت، وإلى الشريعة أنها كيف عطلت، وإلى أهل بيت النبوة أنهم كيف أهينوا وجعلوا مساوين لأهل الأهواء والهوس، وكيف عدلوا بالفسقة والفجرة؟
أو بعد ذلك يدعي القوم بأنهم محبون لأهل البيت وموالون لهم؟
هذا وللقوم شنائع في هذه المسألة وقبائح، وافتراءات وبهتانات على أهل البيت وسادتهم نورد منها طرفاً.
منها ما اخترعوه ونسبوه إلى محمد الباقر - الإمام الخامس عندهم - أنه قال:
إن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به إلى السماء قال: لحقني جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد! إن الله تبارك وتعالى يقول: إني قد غفرت للمتمتعين من أمتك من النساء" (من لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي الملقب بالصدوق - وهو الكذوب- 3/ 463).
وذكر الطوسي مفترياً على أبي الحسن - الإمام العاشر عند الشيعة - أنه قال له علي السائي: جعلت فداك، إني كنت أتزوج المتعة فكرهتها وتشاءمت بها فأعطيت الله عهداً بين الركن والمقام وجعلت على ذلك نذراً وصياماً أن لا أتزوجها ثم إن ذلك شق علي وندمت على يميني، ولكن بيدي من القوة ما أتزوج في العلانية، فقال لي:
عاهدت الله أن لا تطيعه! والله لئن لم تطعه لتعصينه" (تهذيب الأحكام للطوسي - أحد الصحاح الأربعة - 7/ 251. والفروع من (الكافي) 5/ 450).
وأيضاً رووا عن أبي عبد الله جعفر الصادق - وهم يكذبون عليه - أنه قال:
المتعة نزل بها القرآن وجرت بها السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم (الاستبصار للطوسي 3/ 142 باب تحليل المتعة).
كما كذبوا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "لولا ما سبقني به ابن الخطاب يعني عمر ما زنى إلا شقي". (البرهان في تفسير القرآن للبحراني 1/ 360، وتفسير العياشي 1/ 233، وتفسير الصافي 1/ 347 ، و (الكافي) للكليني 5/ 448 ، ومجمع البيان للطبرسي ص32 واللفظ للأول).
وحكوا في ذلك قصة طريفة تنبئ عما تخفيه الصدور، والراوي هو محدث القوم الكبير محمد بن يعقوب الكليني عن رجل من قريش أنه قال: بعثت إلي ابنة عمة لي كان لها مال كثير قد عرفت كثرة من يخطبني من الرجال فلم أزوجهم نفسي، وما بعثت إليك رغبة في الرجال غير أنه بلغني أنه أحلها الله عز وجل في كتابه وبينها الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته فحرمها زفر - يعني عمر كما صرح به في الهامش - فأحببت أن أطيع الله عز وجل فوق عرشه، وأطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعصي زفر، فتزوجني متعة، فقلت لها: حتى أدخل على أبي جعفر عليه السلام فأستشيره، فدخلت عليه فخبرته، فقال: افعل، صلى الله عليكما من زوج" ("الفروع من (الكافي) " للكليني باب النوادر 5/ 465).
وشددوا في التحريض على هذه القبيحة حتى نسبوا إلى جعفر بن محمد الباقر أنه قال:
ليس منا من لم يؤمن بكرتنا - رجعتنا - ويستحل متعتنا" (كتاب الصافي) للكاشاني 1/ 347، أيضاً "من لا يحضره الفقيه" 3/ 458).
المصدر:
الشيعة وأهل البيت لإحسان إلهي ظهير - ص211
المطلب السادس: موقف الصحابة رضي الله عنهم من نكاح المتعة والرد على من أنكر التحريم: 1 - عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما، متعة الحج ومتعة النساء)(1) 2 - الحسن بن محمد بن علي وأخوه عبد الله عن أبيهما. أن علياً رضي الله عنه قال لابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر (2).3 - عن إياس بن سلمة عن أبيه قال: رخَّص رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس (3) في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها (4).4 - عن الرَّبيع بن سَبْرة الجُهني عن أبيه سبرة أنه قال: ((أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة، فانطلقت أنا ورجل إلى امرأة من بني عامر كأنها بكرة عيْطاء، فعرضنا عليها أنفسنا، فقالت: ما تُعطي؟ فقلت: ردائي، وقال صاحبي: ردائي، وكان رداء صاحبي أجود من ردائي وكنت أشَبَّ منه، فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها، وإذا نظرت إليَّ أعجبتها، ثم قالت: أنت ورداؤك يكفيني. فمكثت معها ثلاثاً، ثم إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ كان عنده شيء من هذه النساء التي يتمتع فليخل سبيلها)) (5).5 - عن الربيع بن سَبْرة الجُهني أنَّ أباه حدّثه أنه كان مع رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم فقال: ((أيها الناس إني قد أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإنَّ الله قد حرّم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليُخَلِّ سبيلَه ولا تأخذوا ممّا آتيتموهن شيئَاً)) (6).6 - عن عبد الملك بن الربيع بن سَبْرة الجُهني عن أبيه عن جده قال: أمرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة ثم لم نخرج منها حتى نهانا عنها (7).7 - عن الربيع بن سَبْرة الجُهني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة وقال: ((ألا إنّها حرامٌ من يومكم هذا إلى يوم القيامة، ومن كان أعطى شيئاً فلا يأخذه)) (8).8 - عن عبد الرحمن بن نُعيم الأَعْرَجي قال: سأل رجلٌ ابن عمر وأنا عنده عن المتعة - متعة النساء فغضب وقال: والله ما كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم زنائين ولا مسافحين)) (9).9 - عن موسى بن أيوب عن عمه علي عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن المتعة. فقال: (إنها كانت لمن لم يجد فلما أنزل الله تعالى النكاح والطلاق والميراث بين المرأة وزوجها نسخت)(10).
(1) رواه سعيد بن منصور في ((سننه)(2/ 396). وصححه (1/ 52)، وروى مسلم (1249) من حديث جابر بلفظ: (
…
فعلمناهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما)
(2)
رواه البخاري (5115).
(3)
واد بالطائف، وعام أوطاس والفتح واحد.
(4)
رواه مسلم (1405).
(5)
رواه مسلم (1406).
(6)
رواه مسلم (1406)(21).
(7)
رواه مسلم (1406)(22).
(8)
رواه مسلم (1406)(28).
(9)
رواه أحمد (2/ 103)(5808) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (10/ 68)(5706)، قال أحمد شاكر في تحقيقه لـ ((مسند أحمد)) (8/ 110): إسناده حسن. وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (4/ 250): رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن نعيم قال أبو زرعة لا أعرفه.
(10)
لم أجده بهذا اللفظ، وروى البيهقي في ((سننه)) (7/ 207) ، والدارقطني في (3/ 359) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، بلفظ:(حرم أو هدم المتعة النكاح والطلاق والعدة والميراث). قال ابن حجر في ((فتح الباري)) (9/ 75): -فيه- مؤمل بن إسماعيل عن عكرمة بن عمار وفي كل منهما مقال.
10 -
عن الربيع بن سبرة عن أبيه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة في حجة الوداع، حتى إذا كنا بعسْفان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إن العمرة قد دخلت في الحج، فقال له سراقة: يا رسول الله علِّمنا تعليم قوم كأنما ولدوا اليوم، عمرتنا هذه ألعامنا هذا أم للأبد؟ فقال: بل للأبد. فلما قدمنا مكة طفنا بالبيت وبالصفا والمروة، ثم أمرنا بمتعة النساء. فرجعنا إليه فقلنا: أن قد أبينَ إلاّ إلى أجل مسمى. قال: فافعلوا. قال: فخرجت أنا وصاحب لي، عليّ برد وعليه بُرد، فدخلنا على امرأة، فعرضنا عليها أنفسنا، فجعلت تنظر إلى برد صاحبي فتراه أجود من بُردي، وتنظر إليّ فتراني أشبّ منه. فقالت: بُرد مكان بُرد، واختارتني فتزوجتها ببردي، فبتّ معها تلك الليلة. فلما أصبحت غدوت إلى المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول: من كان تزوج امرأة إلى أجل فليعطها ما سمى لها، ولا يسترجع مما أعطاها شيئاً، ويفارقها، فإن الله عز وجل قد حرّمها عليكم إلى يوم القيامة)) (1).وكان التابعون يسمون المتعة الزنا الصريح، فقد ذكر سعيد بن منصور في (سننه) (أن عروة بن الزبير كان ينهى عن نكاح المتعة ويقول: هي الزنا الصريح) (2).وأخرج ابن أبي شيبة عن هشام بن الغار قال: (سمعت مكحولاً يقول في الرجل تزوج المرأة إلى أجل، قال: ذلك الزنا)(3).وأيضاً في (المصنف 7/ 502 - 503) عن معمر عن الزهري عن القاسم بن محمد قال: إني لأرى تحريمها في القرآن. قال: فقلت: أين؟ فقرأ عليّ هذه الآية: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ [المؤمنون:5 - 6](4).
ويذكر لنا الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد 14/ 199) ، وابن خلّكان في (وفيات الأعيان 5/ 199)، موقف القاضي الفقيه يحيى بن أكثم من المأمون عندما نادى بتحليل المتعة: عن محمد بن منصور واللفظ لأبي العَيْناء قال:
كنّا مع المأمون في طريق الشام، فأمر فنودي بتحليل المتعة.
فقال يحيى بن أكثم لي ولأبي العَيْناء: بَكّرا غداً إليه فإن رأيتما للقول وجهاً فقولا وإلا فاسكتا إلى أن أدخل .. فدخلا عليه في حال غيظه فسكتا.
فجاء يحيى بن أكثم فجلس وجلسنا. فقال المأمون ليحيى: ما لي أراك متغيراً؟ فقال: هو غم يا أمير المؤمنين لما حدث في الإسلام قال: وما حدث فيه؟ قال: النداء بتحليل الزنا. قال: الزنا؟! قال: نعم المتعة زنا. قال: ومن أين قلت هذا؟ قال: من كتاب الله عز وجل وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: قدْ أفْلَحَ المُؤْمِنُونَ
…
إلى قوله: فمَن ابْتغى وَراء ذلِكَ فَأولئِكَ هُمُ العَادُون [المؤمنون:1 - 7] يا أمير المؤمنين زوجة المتعة ملك يمين؟ قال: لا. قال: فهي الزوجة التي عند الله ترث وتورث وتلحق الولد ولها شرائطها؟ قال: لا. قال: قد صار متجاوز هذين من العادين.
وهذا الزهري يا أمير المؤمنين روى عن عبد الله والحسن ابني محمد بن الحنفية عن أبيهما محمد بن علي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي بالنهي عن المتعة وتحريمها بعد أن كان أمر بها.
فالتفت إلينا المأمون فقال: أمحفوظٌ هذا من حديث الزهري؟
فقلنا: نعم يا أمير المؤمنين .. رواه جماعة منهم مالك رضي الله عنه. فقال: أستغفر الله نادوا بتحريم المتعة فنادوا بها
…
(1) رواه أحمد (3/ 404)(15381) والطبراني (7/ 108)(6514) ، والحديث أصله في مسلم (1406).
(2)
رواه سعيد ابن منصور في ((سننه)) (1/ 219).
(3)
رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (3/ 552).
(4)
((مصنف عبد الرزاق)) (7/ 504)، ((سنن البيهقي)) (7/ 203).
المصدر:
الشيعة والمتعة لمحمد مال الله
المطلب السابع: موقف آل البيت من نكاح المتعة:
وبعد أن أوضحنا موقف الصحابة رضي الله عنهم من نكاح المتعة ألا وهو التحريم تبعاً لتحريم النبي صلى الله عليه وسلم، نجد أن موقف بيت النبوّة من هذا النكاح موافق لموقف الصحابة، وقد وردت عنهم عدة روايات في هذا الشأن نوردها للقراء الكرام من المراجع الشيعية لئلا يقال: إن هذا إفك مبين.
فيذكر الطوسي في كتابيه (التهذيب 2/ 186) و (الاستبصار 3/ 142) والحر العاملي في (وسائل الشيعة 14/ 441):
عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام قال:
حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر لحوم الحُمُرِ الأهلية ونكاح المتعة. والعجيب أن الحر العاملي عقب على هذه الرواية قائلاً:
حمله الشيخ (يقصد الطوسي) وغيره على التقية، يعني في الرواية، لأن إباحة المتعة من ضروريات مذهب الإِمامية. اهـ.
ونحن لا نسلّم بأنها وردت مورد تقية، وذلك لوجود عدة روايات عن أهل البيت رضوان الله عليهم تحرّم ذلك.
ثم إن الشيعة حسب قول بعض علمائهم لم تستطع تمييز الأخبار الصادرة تقيّة والأخبار المتيقن صدورها عنهم، وفي ذلك يقول يوسف البحراني في كتابه (الحدائق1/ 5 - 6): فلم يعلم من أحكام الدين على اليقين إلا القليل لامتزاج أخباره بأخبار التقيّة، كما اعترف بذلك محمد بن يعقوب الكليني في جامعه ((الكافي)).
وعن علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المتعة. فقال: ما أنت وذاك قد أغناك الله عنها (1).
فالإِمام المعصوم!! زجر السائل عن المتعة، خاصة وأنه متزوِج زواجاً دائماً، فالمتعة في هذه الحالة لا تجوز. والشيعة تزعم أن جعفراً الصادق رضي الله عنه قال: إني لأكره للرجل المسلم أن يخرج من الدنيا وقد بقيت عليه خلّة من خلال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقضها (2). قال ذلك عندما سئل عن المتعة!! فكيف يمكن أن نوفق بين الروايتين أو قول المعصومين؟!، إمام ينهى عن ذلك وآخر يأمر بإتيانه؟!
ثم إن الصادق الذي. ينسبون له القول بحلّية المتعة نجده يُوَبّخ أصحابه بارتكابهم هذه الفاحشة فيقول: أما يستحي أحدكم أن يرى في موضع العورة، فيحمل ذلك على صالحي إخوانه وأصحابه (3).
وعدّ النساء اللواتي يفعلن ذلك بأنّهنّ فواجر: عن هشام بن الحكم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ما تفعلها عندنا إلا الفواجر (4).
(1)((الفروع من الكافي)) (2/ 43)، ((وسائل الشيعة)) (14/ 449).
(2)
((بحار الأنوار)) (100/ 299)، ((من لا يحضره الفقيه)) (2/ 150)، ((وسائل الشيعة)) (14/ 442)، ((قرب الإسناد)) (21).
(3)
((الفروع من الكافي)) (2/ 44)، ((وسائل الشيعة)) (14/ 450).
(4)
((بحار الأنوار)) (100/ 318)، ((السرائر)) (483).
وَعَدّ اقتراف المتعة بأنها تدنيس النفس: عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المتعة. فقال: لا تُدَنس نفسك بها (1).ولم يكتف الصادق بالزجر والتوبيخ لأصحابه في ارتكابهم الفاحشة، بل إنه صرّح بتحريمها: عن عمّار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لي ولسليمان بن خالد: قد حرّمت عليكما المتعة (2).فكيف يمكن للصادق أن يحرّم المتعة على أتباعه؟ وهو القائل كما تزعم الشيعة: ما من رجل تمتع، ثم اغتسل إلا خلق الله من كل قطرة تقطر منه سبعين ملكاً يستغفرون له إلى يوم القيامة، ويلعنون متجنبها إلى أن تقوم الساعة (3).وأيضاً: يستحب للرجل أن يتزوج المتعة، وما أحبَ للرجل منكّم أن يخرج من الدنيا - حتى يتزوج المتعة ولو مرة (4).
ولقد أقرّ الصادق أن المتعة زنا: قيل لأبي عبد الله عليه السلام: لِمَ جُعِل في الزنا أربعةٌ من الشهود وفي القتل شاهدان؟ قال: إن الله أحلّ لكم المتعة، وعلم أنها سَتُنكر عليكم، فجعل الأربعة الشهود احتياطاً لكم، ولولا ذلك لأتي عليكم، وقلما يجتمع أربعة على شهادة بأمر واحد (5).
فهذا إقرار صريح من الصادق بأن المتعة زنا، ولو لم يكن كذلك فلماذا لو اجتمع أربعة شهود وشهدوا بأن فلاناً تمتع يقام عليه حدّ الزنا؟ وما دام ذلك حلالاً فلا ضَيْر لو اجتمع ألف شاهد وشاهد على ذلك وهو حلال.
وتذكر الشيعة أن أبا جعفر أعرض عن السائل الذي ناقشه في المتعة حينما ذكر نساءَه وبنات عمه.
عن زُرارة قال: جاء عبد الله بن عمير الَّليثي إلى أبي جعفر عليه السلام فقال:
ما تقول في متعة النساء؟
فقال: أحلّها الله في كتابه وعلى سُنّة نبيه، فهي حلال إلى يوم القيامة. فقال: يا أبا جعفر مثلك يقول هذا، وقد حرّمها عمر ونهى عنها (6).
فقال: وإن كان فعل.
فقال: إنّي أعيذك بالله من ذلك أن تحلّ شيئاً حرّمه عمر.
فقال: فأنت على قول صاحبك، وأنا على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهلمّ أُلاعنك أنّ الحقّ ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنّ الباطل ما قال صاحبك. قال (7): فأقبل عبد الله بن عمير فقال: يسرك أن نساءك وبناتك وأخواتك وبنات عمك يفعلن (8)؟ قال (9): فأعرض عنه أبو جعفر عليه السلام حين ذكر نساءَه وبنات عمه (10).
وإذا كانت المتعة حلالاً فلماذا لا يرتضيها الإِمام التاسع عندهم: محمد بن علي بن موسى لأهله؟ أيحلّها لأتباعه ولا يجوّزها لأهل بيته؟ وهل يوجد دليل - وهم مُقرّون به - أبلغ من هذا على كراهة أهل الييت للمتعة؟
ونجد أيضاً إمامهم الثامن علي بن موسى الرضا يتذمر من أتباعه بإلحاحهم عليه بالإذن في نكاح المتعة، وكان سبب عدم إِذنه لهم خشيته من نساء الشيعة أن يكفرن ويلعن من أباح المتعة لانشغال رجالهن بالمتعة عنهن.
عن محمد بن الحسن بن شمون قال: كتب أبوالحسن عليه السلام إلى بعض مواليه: لا تلحوا علي المتعة، إنما عليكم إقامه السنة فلا تشتغلوا بها عن فرشكم وحرائركم، فيكفرن ويتبرّين ويدعين على الآمر بذلك ويلعنَّنا.
فالروايات السابقة - وهي من روايات الشيعة - تبين لنا بوضوح أن أهل البيت رضوان الله تعالى عليهم لا يرتضون هذا النكاح الفاسد وأنهم ينهون عنه ولا يجوّزونه، وأما مخالفة الشيعة لأهل البيت في هذه المسألة فلا قيمة لها، لأنهم يعشقون هذه المخالفة، والذي يستقرئ التاريخ يجد أن الشيعة عبر عصورها لم تُخلص الولاء لآل البيت كما تدعيه، بل إنهم وبال عليهم.
المصدر:
الشيعة والمتعة لمحمد مال الله
(1)([10939])((بحار الأنوار)) (100/ 318)، ((السرائر)) (66).
(2)
((الفروع من الكافي)) (2/ 48)، ((وسائل الشيعة)) (14/ 450).
(3)
((وسا ئل الشيعة))، (14/ 444).
(4)
((بحار الأنوار)) (100/ 305)، ((وسائل الشيعة)) (14/ 443).
(5)
((من لا يحضره الفقيه)) (2/ 150)، ((وسائل الشيعة)) (4ا/419))، ((علل الشرائع)) (173)، ((المحاسن)) (330).
(6)
سبق أن بينا أن عمر رضي الله عنه لم يحرم المتعة من تلقاء نفسه، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم حرمها تحريماً أبدياً إلى يوم القيامة.
(7)
أي زرارة.
(8)
أي يتمتعن.
(9)
أي زراة.
(10)
((الفروع من الكافي)) (2/ 42)، ((التهذيب)) (2/ 186)، ((وسائل الشيعة)) (14/ 437).