الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: مسائل الطهارة:
وإنهم يحكمون بطهارة الماء الذي استنجي به ولم يطهر المحل، وانتشرت أجزاء النجاسة بالماء حتى زاد وزن الماء بذلك، قال ابن المطهر في (المنتهى):" إن طهارة ماء الاستنجاء، وجواز استعماله مرة أخرى من إجماعيات الفرقة "(1)، مع أن هذا مخالف لنص القرآن، وهو قوله تعالى: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ [الأعراف: 157] أي أكلها وأخذها واستعمالها، ولا شك في كون هذا الماء نجساً خبيثاً ومخالف أيضاً لروايات الأئمة، فقد روى صاحب (قرب الإسناد) (2) وصاحب كتاب (المسائل) عن علي بن جعفر (3) أنه قال:" سألت أخي موسى بن جعفر: عن جرة فيها ألف رطل من ماء، وقع فيه أوقية بول، هل يصح شربه أو الوضوء منه؟ قال: لا النجس لا يجوز استعماله "(4).ومن العجب أن مذهب الاثني عشرية: أن الماء إذا كان أقلّ من كرٍّ ينجس بوقوع النجاسة فيه (5)، فمقتضى هذا أن يكون نجاسة ماء الاستنجاء أولى. وإنهم حكموا بطهارة الخمر (6)، كما نص عليه ابن بابويه (7) والجعفي (8) وابن عقيل (9)،
(1) وهذا مقرر في كتبهم كما في ((شرائع الإسلام)) (1/ 22) ، ((مختلف الشيعة)) (1/ 236).
(2)
هو عبد الله بن جعفر القمي الواردة فيه توقيعات إمامهم المنتظر وسماه القمي ((قرب الإسناد إلى صاحب الأمر)). ((رجال النجاشي)) (2/ 19). ولا بد من الإشارة إلى أن مصطلح (قرب الإسناد) عند الشيعة الإمامية: يعنون به مجموع الروايات المروية عن (الأئمة المعصومين) عندهم، ويقابل في مصطلح أهل السنة (الإسناد العالي) وقد ألف عدد من علمائهم كتباً تحمل هذا العنوان من أشهرها كتاب ((قرب الإسناد)) لابن بابويه القمي (والد الصدوق)(ت 329هـ). ينظر ((الذريعة)) (17/ 67 - 71).
(3)
هو علي بن جعفر الهمداني البرمكي الوكيل، ضعفه النجاشي فقال:" يعرف منه وينكر له مسائل لأبي الحسن العسكري "، ومع ذلك فقد وثقه المامقاني. ((رجال النجاشي)) (2/ 118)؛ ((تنقيح المقال)) (2/ 273).
(4)
((مسائل جعفر بن علي)) (ص 198). ولم أجدها في كتاب ((قرب الإسناد))، ولكن أخرجها أيضاً الهمداني، ((مصباح الفقيه)) ((1/ 30 - 31))؛ العاملي ((وسائل الشيعة)) (1/ 156).
(5)
فروى الكليني عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الكر من الماء كم يكون مقداره؟ قال: إذا كان الماء ثلاثة أشبار في مثله ثلاثة أشبار ونصف في عمقه في الأرض، فذلك الكر من الماء. ((الكافي)) (3/ 3)؛ الطوسي، ((تهذيب الأحكام)) (1/ 42).
(6)
وقد نقل (علامتهم) الحلي اختلافهم في هذه المسألة الفقهية حيث قال: "وقال أبو علي بن أبي عقيل: من أصاب ثوبه أو جسده خمر أو مسكر لم يكن عليه غسلهما؛ لأن الله تعالى إنما حرمهما تعبداً لا لأنهما نجسان
…
". ثم نقل الحلي اختلاف أصحابه في هذه المسألة. ((مختلف الشيعة)) (1/ 469).
(7)
حيث قال: " لا بأس بالصلاة في ثوب أصابه خمر لأن الله تعالى حرم شربها ولم يحرم الصلاة في ثوب أصابته ". ((من لا يحضره الفقيه)) (1/ 73).
(8)
كذا ذكره، ويستبعد أن يكون جابر الجعفي، وربما هو محمد بن الحسين بن حمزة الجعفري، المعروف بأبي يعلى الجعفري من تلاميذ المفيد والمرتضى، مات سنة (465) هـ. ((الذريعة)) (3/ 343).
(9)
هو أبو محمد الحسن بن علي بن عيسى بن أبي عقيل العماني الحذاء، قال عنه النجاشي: فقيه متكلم ثقة، له كتب في الفقه والكلام. وقال عنه العاملي: هو من قدماء الأصحاب، ويعبر عنه وعن ابن الجنيد بالقديمين، وهما من أهل المائة الرابعة. ((رجال النجاشي)) (1/ 153)؛ ((أعيان الشيعة)) (5/ 158) ..
وهذا الحكم مخالف لقوله تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ [المائدة:90] والرجس في اللغة أشد النجاسة، ولنصوص الأئمة الموجودة في كتب الشيعة، فقد روى صاحب (قرب الإسناد) وصاحب كتاب (المسائل) وأبو جعفر الطوسي عن أبي عبد الله أنه قال:" لا تصل في الثوب قد أصابه الخمر". وإنهم حكموا بطهارة المذي (1)، وهو مخالف للحديث الصحيح المتفق عليه (2)، روى الراوندي عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عن علي أنه قال:((سألت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن المذي؟ فقال: يغسل طرف ذكره)) (3)، وقد أورد أبو جعفر الطوسي أيضاً روايات صريحة في نجاسة المذي (4)، ولكن ليس له العمل والفتوى على ذلك. وإنهم يقولون: بعدم انتقاض الوضوء بخروج المذي (5)، مع أنهم يروون عن الأئمة خلاف ذلك، روى الطوسي عن (علي) بن يقطين عن أبي الحسن أنه قال:" المذي منه الوضوء "(6)، وروى الراوندي عن علي قال:((قلت لأبي ذر: سل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن المذي، فسأله فقال: يتوضأ منه وضوءه للصلاة)).وإنهم يقولون: بطهارة الودي وهو بول غليظ جزماً بإجماع الشرائع، وأنهم يحكمون بعدم انتقاض الوضوء من خروج الودي (7) مع أنه مخالف لرواية الأئمة، روى الراوندي عن علي مرفوعاً:((الودي فيه الوضوء)) (8)، وروى غيره عن أبي عبد الله مثل ذلك (9).
(1) قال شيخ الطائفة الطوسي: "المذي والودي لا ينقضان الوضوء ولا يغسل منهما ثوب ". ((الخلاف)) (1/ 37)). وقال (علامتهم) الحلي: " اتفق أكثر علمائنا على أن المذي لا ينقض الوضوء ولا أعلم فيه مخالفاً، إلا ابن الجنيد فإنه قال: إن خرج عقيب شهوة ففيه الوضوء ". ((مختلف الشيعة)) (1/ 260).
(2)
أي متفق عليه بين أهل السنة والإمامية، ويشير الآلوسي إلى ما أخرجه البخاري عن علي رضي الله عنه قال:(كنت رجلا مذاء فأمرت رجلا أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فسأل فقال: توضأ واغسل ذكرك)((صحيح البخاري))، (266)؛ و ((صحيح مسلم)) (303).
(3)
النوري، ((مستدرك الوسائل)) (1/ 237).
(4)
فروى الإمامية عن محمد بن إسماعيل قال: "سألت أبا الحسن (الرضا) عليه السلام عن المذي؟ فأمرني بالوضوء منه، ثم أعدت عليه سنة أخرى فأمرني بالوضوء منه". ابن بابويه، ((من لا يحضره الفقيه)) (1/ 65) ، الطوسي، ((تهذيب الأحكام)) (1/ 18).
(5)
قال (شيخ الطائفة) الطوسي: "فأما المذي والودي فإنهما لا ينقضان الوضوء، والذي يدل على ذلك
…
". ثم أورد روايات عديدة في هذه المسألة منها رواية زيد الشحام قال: " قلت: لأبي عبد الله المذي ينقض الوضوء؟ قل: لا، ولا يغسل منه الثوب ولا الجسد، إنما هو بمنزلة البزاق والمخاط ". ((تهذيب الأحكام)) (1/ 17).
(6)
أخرجها الطوسي في ((تهذيب الأحكام)) (1/ 19). وقال في كتابه الآخر تعليقاً على هذه الرواية: "ويمكن أن نحمله على ضرب من التقية؛ لأن ذلك مذهب أكثر العامة ". ((الاستبصار)) (1/ 95). ويعني بالعامة: أهل السنة والجماعة على عادته في تأويل الأخبار الموافقة لأهل السنة.
(7)
تقدم كلام الطوسي قبل قليل في اتفاق هذه الفرقة على طهارة الودي، وأخرج الطوسي رواية عن حريز عمن أخبره عن الصادق قال:"الودي لا ينقض الوضوء إنما هو بمنزلة المخاط والبزاق". ((تهذيب الأحكام)) (1/ 21).
(8)
النوري، ((مستدرك الوسائل)) (1/ 327).
(9)
كما أخرج ذلك الطوسي، ((تهذيب الأحكام)) (1/ 20) ، ((الاستبصار)) (1/ 94). وقد ترك الطوسي هذه الروايات الصحيحة عن أئمة أهل البيت وأخذ برواية حريز المقطوعة التي صرح فيها بأنه روى (عمن أخبره) عن الصادق، وهذا لفرط جهله وتعصبه لفرقته.
وإنهم يحكمون بأنَّ تحريك الذكر ثلاث مرات استبراء له بعد البول، فما خرج منه بعد ذلك فهو طاهر غير ناقض للوضوء أيضاً (1)، وهذا الحكم مخالف لصريح الشرع إذ الخارج من السبيلين نجسٌ، وناقضٌ للوضوء مطلقاً، والاستبراءُ السابق لا دخل له في الطهارة اللاحقة، وعدم انتقاض الوضوء (121/ ب) وأي تأثير في ذلك؟ وهو مخالف أيضاً لروايات الأئمة، روى الصفار عن محمد بن عيسى (2) عن أبي جعفر:" أنه كتب إليه رجل: هل يجب الوضوء إذا خرج من الذكر شيء بعد الاستبراء؟ قال: نعم "(3).وإنهم حكموا بطهارة خرء الدجاجة؛ مع أن نجاسته ثبتت بنصوص الأئمة في كتبهم المعتبرة (4)، روى محمد بن حسن الطوسي عن فارس (5): أنه كتب رجل إلى صاحب العسكر (6) يسأله عن ذرق الدجاج تجوز الصلاة فيه؟ فكتب: لا. (7)، وهذا مخالف لقاعدتهم في الكلية وهي:" أن ذرق الحلال من الحيوان نجس "، نص عليه الحلي في (المنتهى)(8).
صفة الوضوء والغسل والتيمم: قالوا: غسل بعض الوجه في الوضوء كاف، مع أن نص الكتاب يدل على وجوب غسله كله، قال تعالى: فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ [المائدة:6] والوجه ما يواجه به، وهو من منبت قصاص الجبهة غالباً إلى آخر الذقن، ومن إحدى شحمتي الأذن إلى الأخرى، وهم قدروا الفرض في غسل الوجه ما يدخل بين الإبهام والوسطى إذا انجرت اليد من الجبهة إلى الأسفل (9)، وليس لهذا التقدير أصل في الشرع أصلاً، ولا فيه رواية عن الأئمة.
(1) فقد أخرج الكليني وغيره عن ابن مسلم قال: " قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل بال ولم يكن معه ماء؟ قال: يعصر أصل ذكره إلى طرف ذكره ثلاث مرات وينتر طرفه، فإن خرج منه بعد ذلك شيء فليس من البول ولكنه من الحبائل ". ((الكافي)) (3/ 19) ، الطوسي ((تهذيب الأحكام)) (1/ 356).
(2)
هو محمد بن عيسى بن عبد الله بن سعيد بن مالك الأشعري، أبو علي القمي قال النجاشي: متقدم عند السلطان ودخل على الرضا وسمع منه. ((رجال النجاشي)) (2/ 227) ، ((تنقيح المقال)) (3/ 167).
(3)
((تهذيب الأحكام)) (1/ 28)، ((الاستبصار)) (1/ 49). وعلق (شيخ الطائفة) في ((الاستبصار)) على هذه الرواية قائلاً:"يجوز أن يكون محمولا على ضرب من الاستحباب أو على التقية؛ لأن ذلك مذهب كثير من العامة ".
(4)
((السرائر)) (1/ 78) ، ((شرائع الإسلام)) (1/ 69) ، ((الدروس)) (ص 16).
(5)
هو فارس بن حاتم بن ماهويه القزويني، نزيل سر من رأى، قال النجاشي: قلما روى الحديث إلا شاذاً. ((رجال النجاشي)) (2/ 174) ، الحلي ((الخلاصة)) (ص 247).
(6)
هو الحسن العسكري الإمام الحادي عشر عند الإمامية.
(7)
((تهذيب الأحكام)) (1/ 226) ، ((الاستبصار)) (1/ 177) ، ((عوالي اللآلي)) (3/ 53).
(8)
وأيضاً في كتابه ((مختلف الشيعة)) (1/ 455).
(9)
كما ذهب فقهاء الإمامية إلى ذلك ينظر ((الكافي)) (ص83) ، ((الهداية)) (ص 62) ، ((مختلف الشيعة)) (1/ 287).
والدليل على بطلانه أن الإبهام والوسطى لو جررناهما ممتدين من الأعلى إلى الأسفل، فإذا اتصلتا إلى الذقن لا بد أن تحيطا من الحلق ببعضه من الطرفين، فيلزم أن يكون غسل ذلك القدر من الحلق فرضاً أيضاً، مع أن الحلق لم يعدّه أحدٌ داخلاً في الوجه، ولو بسطنا الإصبعين المذكورتين بمحاذاة الجبهة وقبضناهما بالتدريج، فحدُّ القبض لا يعلم أصلاً، والتقديرات الشرعية تكون لإعلام المكلفين لا للإبهام عليهم. وقالوا: إن الوضوء مع غسل الجنابة حرام (1)، وهذا مخالف لما كان عليه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فإنه كان يتوضأ في غسل الجنابة ابتداء، ثم يصب الماء على البدن في كل غسل (2)، ومخالف لما عليه الأئمة أيضاً روى الكليني: عن محمد بن مبشر عن أبي عبد الله، بن (سعيد)(3)، عن الحضرمي، عن أبي جعفر أنهما قالا:" حين سألهما شخصٌ عن كيفية غسل الجنابة: تتوضأ ثم تغسل "(4).
(1) وهذا من مسلمات المذهب، قال المفيد:" وليس على المجنب وضوء مع الغسل، ومتى اغتسل على ما وصفناه فقد طهر للصلاة، وإن لم يتوضأ قبل الغسل ولا بعده، وإن ارتمس في الماء للغسل من الجنابة أجزأه عن الوضوء للصلاة ". ((المقنعة)) (ص 61) ، النراقي ((مستند الشيعة)) (1/ 128).
(2)
يشير الآلوسي إلى حديث ميمونة رضي الله عنها قالت: ((وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءا لجنابة، فأكفأ بيمينه على شماله مرتين أو ثلاثا، ثم غسل فرجه ثم ضرب يده بالأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثا، ثم مضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض على رأسه الماء ثم غسل جسده، ثم تنحى فغسل رجليه، قالت: فأتيته بخرقة فلم يردها فجعل ينفض بيده)). ((صحيح البخاري)) (270).
(3)
ذكره الآلوسي رحمه الله بابن (سعد)، والتصحيح من كتب الإمامية وهو: الحسن بن سعيد بن حماد بن مهران، أبو محمد الأهوازي، ذكره الإمامية ووثقوه، وقالوا: إنه من أصحاب الرضا والجواد. ((رجال النجاشي)) (1/ 171). وذكره من أهل السنة الحافظ ابن حجر في ((لسان الميزان)) (2/ 284).
(4)
لم أجد هذه الرواية عند الكليني، ولكن أخرجها الطوسي في ((تهذيب الأحكام)) (1/ 140) ، ((الاستبصار)) (1/ 126).
وقالوا: إن غسل النيروز سنة كما صرح بذلك ابن فهد، وهذا الحكم محض ابتداع في الدين، إذ لم ينقل في كتبهم أيضاً عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا عن الأئمة أنهم اغتسلوا يوم النيروز، بل لم تكن العرب تعرف ذلك اليوم؛ لأنه من الأعياد الخاصة بالمجوس. وقالوا: إن من وجب عليه القتل حداً أو قصاصاً إذا اغتسل قبل القتل لا يعاد عليه الغسل بعده (1)، بل يجزئ اغتساله كما نص عليه بهاء الدين العاملي في (جامعه)(2)، وأنت خبير بأن علة الحكم قبل القتل غير متحققة البتة، فكيف يترتب الحكم وإذا وجدت (3) كيف لا يترتب؟ فحينئذ يلزم الانفكاك بينهما، والحال أن العلل الشرعية كالعقلية في ترتب (122/ أ) ما يتوقف عليها ويحتاج إليها وجوداً وعدماً. وقالوا: يكفي للتيمم ضربة واحدة (4)، مع أن روايات الأئمة ناطقة بخلاف هذا الحكم، روى العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال: سألته عن التيمم فقال: ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين. (5)، وروى ليث المرادي عن أبي عبد الله نحوه (6)، وروى إسماعيل بن همام الكندي عن الرضا مثل ذلك (7)، وزادوا في التيمم مسح الجبهة، ولا أصل له في الشرع أيضاً (8).وقالوا: إن الخف والقلنسوة والجورب والنطاق والعمامة والتكة (9)، وكل ما يكون على بدن المصلي مما لا يمكن الصلاة فيه وحده يجوز الصلاة بها، وإن كانت متلطخة بعذرة الإنسان وغيرها من النجاسات المغلظة (10)، وهذا الحكم مخالف لصريح الكتاب أعني قوله تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ [المدثر: 4] ولا شك أن هذه الأشياء يطلق عليها لفظ الثياب شرعاً وعرفاً، ولهذا تدخل في يمين تنعقد بلفظ الثياب نفياً وإثباتاً. وقالوا: إن ثياب بدن المصلي - كالأزرار والقميص والسراويل - يجوز الصلاة بها، وإن تلطخت بدم الجروح والقروح (11)، مع أن الدم والصديد ونحوهما - سواء كانت من جرحه أو جرح غيره - نجسة بلا شبهة، وهذا في حق غير المبتلى بهما، وأما في حقه فمعفو عنه؛ لتعسر الاحتراز عن ذلك حينئذ.
المصدر:
غرائب فقهية عند الشيعة الإمامية لمحمود شكري الألوسي
(1) قال ابن إدريس (وهو من فقهائهم المشاهير) في باب الحدود، في حد تنفيذ القتل بالقاتل: " يجب أن يغتسل قبل موته ولا يجب غسله بعد موته وقتله، وهو المقتول قوداً والمرجوم فإنهما يؤمران بالاغتسال فإذا أغتسلا قتلا ولا يجب غسلهما بعد قتلهما ويجب على من مسهما بعد القتل الغسل
…
". ((السرائر)) (1/ 471) ، وكذلك ذكر الرأي نفسه (المحقق) الحلي في ((شرائع الإسلام)) (1/ 82).
(2)
هو ((الجامع العباسي)) كتاب في الفقه، قال الطهراني وغيره من رجال الإمامية صنفه:" البهائي للشاه عباس الصفوي "، وطبع منه حتى كتاب الحج. ((الذريعة)) (5/ 63).
(3)
في الأصل (إذا وجدت). والتصحيح من ((التحفة الاثني عشرية)) (ص 214).
(4)
وهذا ما قرره علمائهم، ينظر المرتضى، ((الناصريات)) (ص 84)؛ ابن زهرة ((الغنية)) (ص 85) ، المحقق الحلي ((شرائع الإسلام)) (1/ 71).
(5)
الطوسي ((تهذيب الأحكام)) (1/ 210) ، ((الاستبصار)) (1/ 172).
(6)
الطوسي ((تهذيب الأحكام)) (1/ 209) ، الحر العاملي ((وسائل الشيعة)) (3/ 361).
(7)
الطوسي ((تهذيب الأحكام)) (1/ 210) ، ((الاستبصار)) (1/ 172).
(8)
قال (شيخ الطائفة) الطوسي:" إن المسح يجب في التيمم ببعض الوجه وهو الجبهة والحاجبان ". ((تهذيب الأحكام)) (1/ 61).
(9)
التِّكَّة: واحدة التّكك وهي رباط السراويل. ((لسان العرب))، مادة تكك (10/ 406).
(10)
وهذا ما قرره شيخهم المفيد عندما قال: " وإن أصابت تكته أو جوربه (نجاسة) لم يحرج بالصلاة فيها، وذلك مما لا تتم الصلاة بهما دون ما سواهما من اللباس ". ((المقنعة)) (ص 36).
(11)
عن ليث قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل تكون فيه الدماميل والقروح فجلده وثيابه مملوءة دماً وقيحاً؟ فقال: يصلي في ثيابه ولا يغسلها ولا شيء عليه ". ((تهذيب الأحكام)) (1/ 258).