الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: مظاهر الغلو:
ومن مظاهر الغلو في الأئمة:
- الأئمة يعلمون الغيب، وفاقوا في ذلك موسى عليه السلام: في باب بعنوان: (إن الأئمة يعلمون ما كان وما يكون وإنه لا يخفى عليهم شيء)، جاءت الرواية الأولى تقول: إن الإمام جعفراً الصادق قال في مجلس يضم خواصه، لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أني أعلم منهما، ولأنبأتهما ما ليس في أيديهما، لأن موسى والخضر عليهما السلام أعطيا علم ما كان، ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة، وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وراثة (1).
- سيشهد الأئمة على أهل زمانهم يوم القيامة:
في باب: (إن الأئمة شهداء لله عز وجل على خلقه) رواية عن الإمام جعفر الصادق حين سئل عن الآية التالية: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا [النساء:41]. قال الإمام جعفر الصادق: (نزلت في أمة محمد خاصة، في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم، ومحمد شاهد علينا)(2).والرواية الأخيرة في هذا الباب تقول: قال أمير المؤمنين: (إن الله تبارك وتعالى طهرنا، وعصمنا، وجعلنا شهداء على خلقه، وحجة في أرضه)(3).
- جميع الكتب التي نزلت على الأنبياء السابقين كالتوراة والإنجيل والزبور وغيرها موجودة لدى الأئمة، يقرؤونها بلغاتها الأساسية: وفي (أصول الكافي) باب بعنوان: (إن الأئمة عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل، وإنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها)، وهو يحتوي على عدة روايات بهذا المضمون، وتذكر أحداثاً وردت أيضاً بنفس المضمون في الأبواب السابقة، وتذكر إحدى الروايات أن الإمام جعفراً الصادق قال:(وإن عندنا علم التوراة والإنجيل والزبور، وتبيان ما في الألواح)(4).وفي الباب الثاني في (أصول الكافي) يروى عن الإمام جعفر أنه سئل عن قوله: (إن لدينا الجفر الأبيض)، فقال:(زبور داود عليه السلام، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف إبراهيم)(5).
- يمتلك الأئمة وسائل عجيبة وغريبة للعلوم، بالإضافة إلى القرآن والحديث:
في باب بعنوان: (باب فيه ذكر الصحيفة، والجفر، والجامعة، ومصحف فاطمة) وردت الرواية الأولى، وهي طويلة جدّاً، ونورد ملخصها:(يقول أبو بصير، وهو طبقاً لروايات الشيعة من خواص ومن حاملي أسرار الإمام جعفر الصادق: حضرت إلى جعفر الصادق ذات يوم، وقلت له: إنني أود أن أكشف أمراً خاصاً، فهل هناك من أجنبي هنا؟ فرفع الإمام الحجاب الفاصل بين مجلسنا والمجلس الآخر فلم نشاهد أحداً، ثم قال: سل ما شئت، فسألت سؤالاً عن علم المرتضى والأئمة، ففصل الإمام الحديث عن هذا الأمر). ومما جاء في نهاية الرواية: (وإن عندنا الجفر، قلت: وما يدريهم ما الجفر؟ قال: وعاء من أدم فيه علم النبيين والوصيين وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل، ثم قال: وإن عندنا لمصحف فاطمة قلت: وما يدريهم ما مصحف فاطمة؟ قال: فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد)(6). تحذير هام:
من الملاحظ هنا أن الإجابة التي نقلها راوي الرواية أبو بصير عن الإمام جعفر الصادق ذكرت القرآن مرتين هكذا: (قرآنكم)، كما قيل عن مصحف فاطمة:"إنه أكثر من قرآنكم ثلاث مرات، ولا يوجد فيه حرف من قرآنكم".
(1)((أصول الكافي)) (ص160).
(2)
((أصول الكافي)) (ص112).
(3)
((أصول الكافي)) (ص113).
(4)
((أصول الكافي)) (ص137).
(5)
((أصول الكافي)) (ص147).
(6)
((أصول الكافي)) (ص146).
وهناك الآلاف من هذه الافتراءات التي افترى فيها أبو بصير وغيره على أئمة أهل البيت، وهي متناثرة في (أصول الكافي)، وغيره من كتب الشيعة، ولا يمكن لأي مؤمن أن يساوره أي شك في إيمان آل البيت حتى يضعوا قرآناً غير القرآن الكريم الذي أنزله الله على رسوله. لقد سمعنا من البوذيين والنصارى وهم يناظروننا ويقولون في (قرآنكم) كذا أو كذا، وجاء في (قرآنكم) هذا وذاك.
ونحن على يقين أن الإمام جعفراً الصادق لم يذكر أبداً هذا الأمر عن القرآن الكريم، وتلك الروايات هي في الأصل من اختلاق هؤلاء الرواة، الذين ألفوا المذهب الشيعي، ونسبوا كل هذه الخرافات إلى الإمام جعفر الصادق والإمام الباقر وكبار أهل البيت، وراوي الرواية السابقة أبو بصير هو واحد من أولئك الناس الذين لعبوا دوراً كبيراً في هذا الافتراء الكاذب على آل البيت.
ومن الجدير بالذكر هنا أن أبا بصير، وزرارة، وغيرهم من رواة هذه الخرافات -وهم في الأصل مؤلفو المذهب- قد سكنوا منطقة الكوفة، بينما كان الإمام الباقر والإمام جعفر الصادق في المدينة، وكان هؤلاء الناس يذهبون أحياناً من الكوفة إلى المدينة، ثم يعودون إلى الكوفة، لينسبوا ما نسبوه إلى الأئمة داخل مجالسهم الخاصة في الكوفة، وهكذا صارت تلك الروايات هي أساس المذهب الشيعي
…
- أعمال العباد تعرض على الأئمة:
في (أصول الكافي) باب بعنوان: (باب عرض الأعمال على النبي والأئمة)، وفيه رواية تقول: إن عبد الله بن أبان الزيات، وهو من خاصة الشيعة، طلب من الإمام الرضا رضي الله عنه الدعاء له قائلاً:"ادع الله لي ولأهل بيتي، فقال: أولست أفعل؟ والله إن أعمالكم لتعرض علي في كل يوم وليلة". وتقول الرواية إن عبد الله بن أبان استعظم هذا الأمر، فقال الإمام الرضا: ألم تقرأ هذه الآية القرآنية: وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105]، فالمقصود بـ (المؤمنون) في هذه الآية هو (علي بن أبي طالب) (1).وكتب العلامة القزويني في هذا الشرح:(إن ما قاله الإمام الرضا من تفسير كلمة: (المؤمنون) هو علي رضي الله عنه فقط، ذلك لأن سلسلة الإمامة مستمرة، وإن كان المقصود ليس علياً فقط، بل المراد جميع الأئمة الذين يولدون من نسله) (2).
- الملائكة يتوافدون على الأئمة: في (أصول الكافي) باب بعنوان: (إن الأئمة معدن العلم، وشجرة النبوة ومختلف الملائكة). وقد وردت فيه رواية عن الإمام جعفر الصادق، أنه قال:"ونحن شجرة النبوة، بيت الرحمة، ومفتاح الحكمة، ومعدن العلم، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة"(3).
- معراج الأئمة كل ليلة جمعة، يصلون إلى العرش، وهناك ينالون العلم الجديد: يروى عن الإمام جعفر الصادق في (أصول الكافي) أنه قال: "إن لنا في ليالي الجمعة لشأن من الشأن. ويؤذن لأرواح الأوصياء الموتى، وروح الوصي الذي بين أظهركم تعرج بها إلى السماء، حتى توافي عرش ربها، فتطوف به أسبوعاً فتصلي عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين، ثم ترد إلى الأبدان التي كانت فيها، فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملئوا سروراً، ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل الجم الغفير"(4).
وقد وردت عدة روايات بعد هذه الرواية بنفس المضمون.
(1)((أصول الكافي)) (ص134).
(2)
((الصافي)) (3/ 1/140).
(3)
((أصول الكافي)) (ص135).
(4)
((أصول الكافي)) (ص155).
- نال الأئمة جميع العلوم التي وهبها الله للملائكة والأنبياء والرسل، ونالوا علوماً لم يهبها الله للأنبياء ولا الملائكة: في باب: (إن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل عليهم السلام، ورد هذا الحديث في أوله: عن أبي عبد الله قال: "إن الله تبارك وتعالى علمني علماً أظهر عليه ملائكته وأنبياءه ورسله، فما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فقد علمناه، وعلماً استأثر الله به، فإذا بدا لله بشيء منه أعلمنا ذلك، وعرض على الأئمة الذين كانوا من قبلنا" (1).
- يتنزل على الأئمة من عند الله كتاب في ليلة القدر كل سنة تنزل به الملائكة والروح: ورد في باب البداء، في (أصول الكافي) رواية عن الإمام جعفر الصادق أنه قال في تفسيره لآية: يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [الرعد:39]. (وهل يمحو إلا ما كان ثابتاً، وهل يثبت إلا ما لم يكن)(2).ويقول شارح (أصول الكافي) العلامة القزويني: (المقصود بنزول كتاب مفصل في كل سنة هو الكتاب الذي تفسر فيه أحكام الحوادث التي يحتاج إليها إمام ذلك الزمان حتى العام التالي، وهذا الكتاب تتنزل به الملائكة والروح على إمام الزمان ليلة القدر)(3). ويتضح أن المقصود بـ (الروح) لدى الشيعة ليس الروح الأمين جبريل، بل (الروح) لديهم عبارة عن مخلوق، هو عندهم أعظم شأناً من جبريل الأمين وجميع الملائكة. وقد ذكر القزويني في كتابه (الصافي) ذلك الأمر بصراحة، وهناك باب آخر من أصول (الكافي) بعنوان: باب في شأن: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر:1]: (ولقد قضى أن يكون في كل سنة ليلة يهبط فيها تفسير الأمور إلى مثلها من السنة المقبلة)(4). والمفهوم من هذه الرواية هو نفسه ما يفهم من العبارات السابقة لكتاب القزويني (الصافي)، أي: ينزل كتاب من عند الله على الإمام في ليلة القدر كل سنة، يوضح جميع الأحداث والمعاملات التي ستحدث طوال السنة، وحتى ليلة القدر القادمة.
- الأئمة يعرفون ساعة موتهم، وموتهم داخل في دائرة اختيارهم: في (أصول الكافي) باب بعنوان: (إن الأئمة يعلمون متى يموتون وإنهم لا يموتون إلا باختيار منهم)(5).وهذا المعنى يفهم من الروايات التي ترد عن الأئمة في الباب المذكور، والرواية الأخيرة في هذا الباب لها مكانتها لدى الشيعة، ومن هنا ننقلها هنا:"عن أبي جعفر قال: أنزل الله عز وجل النصر على الحسين رضي الله عنه حتى كان بين السماء والأرض، ثم خير بين النصر ولقاء الله، فاختار لقاء الله عز وجل"(6). ولنا أن نفكر في السلوك الذي يسلكه الشيعة في مآتمهم التي يقيمونها بمناسبة ذكرى شهادة الحسين في ضوء تلك الرواية.
- كان لدى الأئمة معجزات الأنبياء السابقين أيضاً:
(1)((أصول الكافي)) (ص156).
(2)
((أصول الكافي)) (ص85).
(3)
((الصافي)) (2/ 229).
(4)
((أصول الكافي)) (ص153).
(5)
((أصول الكافي)) (ص158).
(6)
((أصول الكافي)) (ص159).
في باب بعنوان: (باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء) وردت الرواية الأولى التي ننقل ملخصها، وهي عن الإمام الباقر، وتتعلق بعصا موسى عليه السلام، وهي معجزة موسى الخاصة التي ذكرها القرآن الكريم أكثر من مرة. يُحكى عن الإمام الباقر أنه قال:"إن هذه العصا هي في الأصل عصا آدم عليه السلام، أخذت تنتقل حتى وصلت إلى موسى عليه السلام، وهي الآن لدينا، وسوف تنتقل إلى آخر الأئمة - المهدي - ليقوم عن طريقها بما قام به موسى عليه السلام في زمانه"(1).ويروي فيما بعد عن الإمام الباقر أن أمير المؤمنين علياً المرتضى، خرج ذات ليلة بعد العشاء يقول:"خرج عليكم الإمام، عليه قميص آدم، وفي يده خاتم سليمان، وعصا موسى"(2).
- الأئمة يمتلكون الدنيا والآخرة، يهبون من يشاءون ويعطون لمن يشاءون: في (أصول الكافي) كتاب (الحجة)، باب بعنوان:(باب إن الأرض كلها للإمام عليه السلام، يروى عن أبي بصير أن الإمام جعفراً الصادق قال رداً على سؤال: " أما علمت أن الدنيا والآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء" (3).
- الإمامة مركبة من النبوة والألوهية:
ما نقلناه من كتب الشيعة ولأهل التشيع عن الأئمة والإمامة يكفي لنعرف ولنفهم أن الأئمة -من وجهة نظر المذهب الشيعي- لهم ما للأنبياء من صفات وخصائص، وكمالات ومعجزات، ودرجتهم أعلى من درجة جميع الأنبياء السابقين، حتى الأنبياء أولوالعزم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، فهم يتساوون تماماً مع خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأكثر من هذا، فهم يحملون الصفات الإلهية، وهم يطلعون على عالم الغيب والشهادة لا يخفى عليهم شيء، لا يمكن أن نتصور أن يصدر عنهم أي سهو أو نسيان أو غفلة، يحكمون الكائنات ذرة ذرة، أي لهم سلطة:(كن فيكون)، وهم يملكون الدنيا والآخرة، يهبون من يشاءون ويحرمون من يشاءون
…
والبحث في عقائد الشيعة يجعلنا ندرك مدى التقارب والتشابه بينهما وبين المسيحية الحالية المحرفة.
المصدر:
الثورة الإيرانية في ميزان الإسلام لمحمد منظور نعماني - ص120 فما بعدها
(1)((أصول الكافي)) (ص140).
(2)
((أصول الكافي)) (ص142).
(3)
((أصول الكافي)) (ص258).