الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع: تبريرات العلماء على إدخال الشهادة الثالثة ودحضها من قبل الكاظمي:
أولاً: تبريرات واهية: سنتطرق
…
لبعض التبريرات الواهية التي حاولت أن تجمل ما يفعله الشيعة اليوم من إدخال ألفاظ وأقوال ومنها الشهادة الثالثة - إلى الأذان - وأن تجد لذلك مخارجاً وحِيَلاً تسوغ لهم هذا الفعل وسوف نقف بك أيها القارئ عند جملة من تلك التبريرات مع ما ينقضها بلسان عالم شيعي، وكفى الله المؤمنين القتال.
فقد حدد السيد (محمد العاملي الكاظمي) في كتاب (الاعتصام بحبل الله) بعضاً من تلك التبريرات وتعرض لبطلانها فقال: 1 - التبريرالأول: التسامح بذكرها في الأذان والإقامة: بعد أن قام إجماع العلماء على عدم جزئية الشهادة الثالثة فيهما، قال بعضهم أنه لا حرج في ذكرها مع عدم قصد جزئيتها وهذا القول لمثل الشهيد الثاني في (شرح اللمعة ص60) قال في هذا الكتاب ما نصه. ولا تجوز اعتقاد شرعية غير هذه الفصول في الأذان والإقامة والتشهد بالولاية لعلي وأن محمداً وآله وسلم خير البرية أو خير البشر، وإن كان الواقع كذلك فما كل واقع حقاً يجوز إدخاله في العبادات الموظفة شرعاً المحدودة من الله تعالى، فيكون إدخال ذلك فيها بدعة وتشريعاً كما لو زاد في الصلاة ركعة أو تشهداً ونحو ذلك من العبادات، وبالجملة فذلك من أحكام الإيمان لا من فصول الأذان. قال الشهيد الثاني: قال الصدوق: إن إدخال ذلك فيه من وضع المفوضة وهم طائفة من الغلاة، ولو فعل هذه الزيادة أو أحدها بنية أنه منه أثم في اعتقاده - انتهى كلامه. ثم يعلق الشيخ على هذا القول: وهو وإن أفتى بأنه لا حرج في إتيانها مع عدم اعتقاد جزئيتها وأنه لا يبطل الأذان بها، لكن هذا لا يفيد الملتزمين بها المصرين عليها، لأن التزامهم وإصرارهم دليل على أنهم اعتقدوا أن بها خصوصية ومزية لا يقدرون على تركها، فهل أنهم أدركوا ما لم يدركه الشارع المقدس فالتزموا بما لم يأمر به أعوذ بالله من هذا الهوى المتبع. انتهى. (الاعتصام بحبل الله / ص 50 - 52). 2 - التبرير الثاني: القول باستحباب الشهادة الثالثة: قال بعض المتأخرين من العلماء باستحباب إكمال الشهادتين بالشهادة لعلي بالولاية أو إمرة المؤمنين (والشهادتان هما الشهادة لله بالوحدانية وللرسول بالرسالة) وهذا لا علاقة له في فصول الأذان والإقامة باعترافهم فهو أمر خارج عنهما، وقالوا إن الأذان والإقامة أحد موارد هذا الاستحباب والذي يظهر أنهم تكلفوا هذه الفتوى وتكلفوا دليلها لما رأوا من التزام العوام بهذه الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة ولم نعرف قائلاً بهذا الاستحباب من المتقدمين، واستدل لمن قال بهذا الاستحباب بخبر لا يقوم به حجة على المدعي وهو الخبر المروي في الاحتجاج للطبرسي. عن الإمام الصادق عليه السلام: إذا قال أحدكم لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقل علي أمير المؤمنين. يقول الشيخ معلقاً على هذا القول: أولاً: لو سلمنا هذا الاستحباب لكان اللازم الاقتصار على مورد النص وهو قول: علي أمير المؤمنين في مورد قال فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأين هذا من قول: أشهد أن علياً ولي الله وأولاده المعصومين أولياء الله أو حجج الله ونحو ذلك من الأقوال بعد ذكر الشهادتين في الأذان والإقامة؟ انظر إلى الهوى كيف لا يقر له قرار فهو مضطرب لأنه لم يستند إلى ركن وثيق وأهله مضطربون لا قرار لهم وهذا شأن كل ذي هوى. بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ [ق:5]. ثانياً: إن من قال بهذا الاستحباب (إكمال الشهادتين بالشهادة لعلي-عليه السلام) ما يمنعه من أن يعمل به في تشهد الصلاة، لأن فيه ذكر الشهادتين فيستحب على رأيه إكمالهما بالشهادة لعلي- عليه السلام فيقول في تشهده:(أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأشهد أن علياً ولي الله أو أمير المؤمنين).
أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ [البقرة:85]. ثالثاً: يكفي من قال بهذا الاستحباب أن يأتي بالمستحب وهو قول: (علي ولي الله أو أمير المؤمنين) مرة واحدة، فلماذا يؤتى بها مرتين على منهاج فصول الأذان في التعداد والكيفية، فما الذي حملهم على ذلك؟ نعم حملهم على ذلك اتباع الهوى والشهوات وتنفيذ الرغبات لا تنفيذ أمر الله أعوذ بالله من الزيغ. رابعاً: إن عملهم هذا في الأذان والإقامة على خلاف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والأئمة عليهم السلام إذ لم يعهد منهم عمل ذلك، فالقول باستحبابه هو جرأة عليهم وطعن بهم ولو كان مستحبا ما تركوه. انتهى. (الاعتصام بحبل الله / ص 53 - 55)
أقول: عندما نتكلم عن الإتيان بالشهادة الثالثة بقصد الجزئية المستحبة - والاستحباب حكم من الأحكام الشرعية - لابد والحالة هذه أن يكون للمفتي دليله على الفتوى بالاستحباب، وإلا لكانت فتواه تقولاً على الله بلا علم والله سبحانه وتعالى يقول: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِين ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ [الحاقة:44 - 46]، وقال تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الإسراء:36]. فضلا عن خصوصية الأذان وكون الأذان توقيفياً. ففي مسألتنا مشكلتان يجب حلهما: المشكلة الأولى: إن المؤذن القائل بالشهادة الثالثة في الأذان بقصد الجزئية المستحبة، يحتاج إلى دليل قائم على الاستحباب، وإلا ففتواه بالاستحباب أو عمله هذا يكون محرماً، لأنها ستكون دعوى بلا دليل، والشاعر يقول: والدعاوى إن لم تقيموا عليها بينات فأبناؤها أدعياء
وسيكون حالها كسائر المستحبات في غير الأذان، فكما لو أن مفتياً أفتى باستحباب شيء بلا دليل وهذا لا يجوز فكذلك لا يجوز القول باستحباب النطق بالشهادة الثالثة لأنها أيضاً بلا دليل. المشكلة الثانية: تكمن في خصوص الأذان، إذ أن الأذان هو أمر توقيفي فزيادة شيء فيه أو إنقاص شيء منه هو تصرف في الشريعة، وهذا الفعل بدعة، فيلزم على القائل بالجزئية الاستحبابية أو المستحبة إقامة الدليل وإلا وصم بالابتداع. 3 - التبرير الثالث: إنها رمز للتشيع: قد أدى قول بعض متأخري فقهاء الإمامية في جواز الإتيان بالشهادة الثالثة في الأذان إلى حدوث منازعات ومهاترات كلامية بينهم وبين القائلين بعدمها ممن ساروا على نهج الفقهاء المتقدمين الذين كانوا يرون عدم شرعية التلفظ بهذه الزيادات وعد قائليها من المفوضة الملعونين على لسان الأئمة والفقهاء المتقدمين. ولعل ما سطره محمد العاملي الكاظمي في كتاب (الاعتصام بحبل الله) من ردود ومناقشات رد فيها على السيد محسن الحكيم نيابة عن شيخه آية الله محمد مهدي الخالصي ما يرسم لنا صورة واضحة لذلك الواقع المعاش في زوايا الحوزات والمنتديات الشيعية، حيث قال:"وسيأتي قريباً ما سأكتبه في تزييف فتوى الحكيم في هذا المقام وأنا تلميذ الخالصي بل أقل تلامذته ليعرف من ذلك مقام الحكيم في الفتيا واستنباط الأحكام الشرعية". فرد على فتوى الحكيم من عشرين وجها، ولا أدري لو رد آية الله الخالصي بنفسه على هذه الفتاوى فكيف سوف يكون الرد؟ ومن كم وجه؟ فهذا يعكس صورة جلية واضحة لما أشرنا إليه من خلاف، وتمزق، وتشرذم، بين فقهاء الإمامية في هذه المسألة.
لقد ساق الكاظمي في كتابه المذكور آنفاً سؤالين وردا إلى الحكيم حول الشهادة الثالثة ومدى شرعيتها وقد أجاب عنهما الأخير جواباً لم يشف غليل الكاظمي ولم يرو ظمأه فكر عليهما مذيلاً إياهما بالردود الناقضة لهما وإليك نص السؤالين كما أوردهما الكاظمي مع الرد. الفتوى الأولى سؤال: سماحة حجة الإسلام والمسلمين الإمام السيد محسن الحكيم حفظه الله، ما يقول سماحة مولانا أدام الله ظله على الإسلام والمسلمين في الشهادة الثالثة في الأذان بصورة متصلة وأجركم على المولى جل علا. (قاسم سالم البياتي 12 رمضان 1374هـ). الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد: الشهادة الأولى لله تعالى بالوحدانية، والشهادة الثانية الشهادة للنبي بالرسالة، والشهادة الثالثة الشهادة لعلي عليه السلام بالولاية، وهذه الشهادة الثالثة يستحب ضمها إلى الشهادتين في كل مورد جيء بهما في الأذان وغيره من الموارد عدا الصلاة، وقد واظب عليها الشيعة في الأذان مواظبة تامة حتى صارت رمزا إلى التشيع، بحيث يكون الأذان الخالي منها دليلاً على كون المؤذن من أبناء السنة، والذي يأتي بها في الأذان لا يأتي بها بعنوان الجزئية من الأذان وإنما يأتي بها بعنوان الاستحباب، لما ذكرنا أنه يستحب ضمها إلى الشهادة للنبي بالرسالة ولأجل ذلك لا تكون بدعة ولا ضلالة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. (السيد محسن الحكيم الطباطبائي). الفتوى الثانية سؤال: بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد وحده سماحة حجة الإسلام السيد محسن الحكيم حفظه الله. تفضلتم فأجبتم على استفتاء للأخ قاسم سالم البياتي حول الشهادة الثالثة وقد جاء: "وهذه الشهادة الثالثة يستحب ضمها إلى الشهادتين في كل مورد جيء بهما في الأذان وغيره من الموارد عدا الصلاة
…
" أفتونا مأجورين حفظكم الله.
1 -
عن سبب ودليل استحباب ذكرها في أذان الصلاة عدا كونها شعاراً للشيعة دون السنة. 2 - سبب عدم استحبابها بعد الشهادتين في التشهد في الصلاة إذا أردتم بقولكم عدا الصلاة أي عدا التشهد في الصلاة. 3 - وهل هناك من يقول بالشهادة الثالثة في التشهد عند الصلاة؟ فقد التبس علينا فهم -عدا الصلاة- معنى، وعلة، ودليل. أرجو التفضل بالجواب ولكم الأجر والثواب والداعي لكم بالخير. (السيد مهدي العطار 26 رمضان سنة 1374هـ) الجواب بسم الله تعالى: 1 - الدليل: الرواية التي رواها الطبرسي في (الاحتجاج) الكتاب المشهور المسمى بـ (احتجاج الطبرسي)، وهي رواية القاسم بن معاوية عن الصادق عليه السلام:"إذا قال أحدكم: لا إله إلا الله محمد رسول فليقل علي أمير المؤمنين ". وهذه الرواية لا تختص بالأذان وقد فهم منها أن المراد الإعلان منصب أمير المؤمنين- عليه السلام سواء كان بهذا اللفظ أو بمثل علي ولي الله أو علي حجة الله أو نحو ذلك. 2 - السبب أن هذا القول من كلام الآدميين فلا يجوز في الصلاة، وربما يرى بعض العلماء أن هذا القول من الذكر مثل لا إله إلا الله فلا يضر في الصلاة لكن هذا الرأي ضعيف. 3 - قد سبق في الجواب السابق أن بعض العلماء يرى أن قول: علي ولي الله أو علي أمير المؤمنين من قبيل الذكر فلا يضر وقوعه في أثناء الصلاة، والأظهر أنه ليس من الذكر، فلا يجوز وقوعه في الصلاة والله سبحانه العالم العاصم وهو حسبنا ونعم الوكيل. ردود محمد العاملي الكاظمي على فتاوى محسن الحكيم وهنا يرد الشيخ الكاظمي على فتاوى محسن الحكيم ويفندها من عشرين وجهاً فيقول: المناقشة إننا لا نبغي من وراء مناقشتنا هذه إلا أن نرى الحق حقاً فنتبعه والباطل باطلاً فنجتنبه ونشهد الله على ذلك فنذكر الأمور التالية: أولاً: إن خلو الأذان من كلمة (أشهد أن علياً ولي الله) وأمثالها من ضروريات الدين ومنكر ضروري الدين كافر بإجماع المسلمين ومخالفه فاسق. وقولنا ضروري من ضروريات الدين يدل عليه خلو أحاديث الأذان المتواترة من طرق الشيعة، ومن طرق أهل السنة من هذه الكلمة وهذه الأحاديث كلها دليل قاطع على عدم جواز الإتيان بها في الأذان، لأن الأذان عبادة والعبادة توقيفية، وكل عبادة لم يرد بها نص فهي حرام وبدعة. ثانياً: إن العلماء أطبقوا من صدر الإسلام إلى اليوم على أن هذه الشهادة الثالثة ليست جزءاً من الأذان، ومنهم السيد الحكيم فإن السيد اليزدي في "العروة الوثقى" بعد ذكر الأذان قال: وأما الشهادة لعلي بالولاية وإمرة المؤمنين فليست جزءاً منهما. فعلق السيد الحكيم عليها بقوله: بلا خلاف ولا إشكال. واعترف بذلك أن الشهادة الثالثة ليست جزءاً، ونقل عدم الخلاف من العلماء في ذلك. فإذا قامت ضرورة الدين وعلم إطباق العلماء على عدم الجزئية فأي دليل يدل على جواز إتيانها لا بقصد الجزئية أو استحبابه أنبي جاء بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم فأوحي إليه ما لم يوح إلى خاتم النبيين. نعوذ بالله من هذا الضلال المبين. ثالثاً: قال السيد الحكيم في جواب السؤال الأول: "وقد واظب عليها الشيعة مواظبة تامة حتى صارت رمزا للتشيع ". وهذا القول تخرص في مقابل النص، لأن علماء الشيعة جميعا صرحوا بأنها ليست من الأذان فكيف يواظبون مواظبة تامة على ذكر ما ليس من الأذان في الأذان وكيف يكون رمزا للتشيع ما أنكروه ونفوه، أعوذ بالله أن يكون ما لم يأذن به النبي رمزا للشيعة. قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ [يونس:59].
رابعاً: ذكر الفقهاء وعلماء الأصول أن الدليل الشرعي هو الكتاب والسنة وزاد بعض الأصوليين دليل العقل والإجماع. والسيد الحكيم زاد دليلاً خامساً هو رمز التشيع.
أهكذا تستنبط الأحكام الشرعية؟! خامساً: كيف يرضى الحكيم بعد إقراره أن - الشهادة الثالثة - لم تكن في زمان النبي أن تكون رمزا للشيعة، فيعترف بأن رمز الشيعة ما لم يجىء به النبي ويصدق تهمة النواصب للشيعة بأنهم مبتدعون مخالفون للنبي، ونحن نصرح بالحق والحقيقة هي أن علماء الشيعة يستحيل أن يخالفوا النبي في فتوى فضلاً عن أن تكون مخالفة النبي رمزا لهم وأن هذه البدعة من مختصات المفوضة، والشيخية مفوضة هذا العصر. سادساً: إن الصدوق - قدس سره - وهو شيخ علماء الشيعة منذ ألف سنة تقريبا وكتابه (من لا يحضره الفقيه) أحد الكتب الأربعة التي يرجع إليها الشيعة في استنباط الأحكام ونقل الأحاديث وهو - كالبخاري عند أهل السنة - يصرح في كتابه هذا بأن الشهادة الثالثة من وضع المفوضة لعنهم الله والمفوضة كما يعلمه كل أحد أصروا على مذهبهم في هذا الزمان، ويسمون اليوم باسم الشيخية. ومع تصريح الصدوق كيف يركن إلى قول السيد الحكيم إنها رمز للشيعة وهو يعترف أن الصدوق أقرب إلى زمن الأئمة وأعرف بمذهب أهل البيت منه ومن جميع علماء هذا العصر. سابعاً: استند السيد الحكيم في فتواه إلى احتجاج الطبرسي، وأصغر المحصلين من أهل العلم يعلم أن احتجاج الطبرسي لم يكن مرجعاً في الفتاوى الشرعية لأن أكثر أخباره مراسيل عارية من السند كما اعترف هو به في صدر كتابه. ثامناً: لا يشتبه على أصاغر طلاب العلوم الدينية أن احتجاج الطبرسي لا يقابل بكتاب (الفقيه) للصدوق لأن كتاب (الصدوق) هو المرجع في الفقه فكيف يستند إليه الحكيم ويترك كتاب (الفقيه). تاسعاً: الخبر الذي استند إليه لم يروه غير الاحتجاج وقد رواه مرسلا وعبارته هكذا: روى القاسم بن معاوية قال: قلت لأبي عبد الله إلخ
وبين الطبرسي صاحب الاحتجاج والصادق عليه السلام (430) سنة لأن وفاة الصادق عليه السلام كانت سنة (150 هـ) ووفاة الطبرسي كانت سنة (588هـ) فكيف يستند إليه السيد الحكيم في قبول ضرورة الدين. عاشراً: إن القاسم بن معاوية لا يوجد له اسم في كتب الرجال ولا في كتب الفقه إلا في كتاب (احتجاج الطبرسي) فلم يعرف حاله ومن هو ولو أرانا السيد الحكيم في كتب الرجال أو الفقه راويا يسمى القاسم بن معاوية أسلمنا له قوله، فكيف يعتمد على راو مجهول في قبال الأحاديث المتواترة وإجماع المسلمين وضرورة الدين، ولا يصح للسيد الحكيم أن يقول أنه يوجد في الرواة (القاسم بن يزيد بن معاوية العجلي) فإن القاسم بن يزيد بن معاوية غير القاسم بن معاوية والقاسم بن يزيد لم يرو هذا الخبر. أحد عشر: في هذا الخبر على تقدير صحته دلالة واضحة على أن المراد منه غير الأذان فإنه يقول: إذا قال أحدكم لا إله إلا الله محمد رسول الله فليقل علي أمير المؤمنين، والأذان ليس قول أحدنا بل هو قول الله الواصل إلينا بواسطة رسول الله، فكيف يشمل الأذان ونحن لا ننفي استحباب قول: علي أمير المؤمنين بعد قول: لا إله إلا الله محمد رسول الله. لكن لا في الأذان الذي هو ليس قولنا لأنه من حدود الله التي لا يسوغ تعديها. اثني عشر: في هذا الخبر ورد فليقل علي أمير المؤمنين وينبغي الاقتصار على هذه اللفظة وهي غير (أشهد أن علياً ولي الله) بلفظ الشهادة وتكريرها مرتين كما تكرر الشهادة مرتين على الطريقة التي يؤذن فيها بالتوحيد والرسالة. فلو صدقنا هذا الخبر وقلنا بشموله للأذان تنزلا فينبغي الاقتصار على لفظ (علي أمير المؤمنين) وتجاوز هذه الجملة إلى (أشهد أن علياً ولي الله) ليس في هذا الخبر ولا غيره وهو البدعة. قال السيد الحكيم: وهذه الرواية لا تختص بالأذان وقد فهم منها أن المراد الإعلان بمنصب أمير المؤمنين عليه السلام سواء كان بهذا اللفظ أو بمثل (علي ولي الله أو علي حجة الله أو نحو ذلك). أقول - أي الخالصي -: قد بينا أن لفظة أحدكم في الحديث دالة على أن المراد بها غير الأذان، ولو فرض عدم دلالتها فتسرية قال أحدكم إلى الأذان وقول فليقل أمير المؤمنين إلى قول:(أشهد أن علياً ولي الله وأشهد أن علياً حجة الله) لا يقتضيه اللفظ وهو قياس، وفقهاء الشيعة لا يعملون بالقياس، وهو من مختصات الإمام أبي حنيفة وأهل الرأي من أصحابه ومع ذلك فإن أبا حنيفة لا يعمل بمثل هذا القياس، لأن القياس عنده حجة إذا أعوزت النصوص ولا يعمل بالقياس إذا وجد نص. والسيد الحكيم عمل (بالقياس) 1 - مع وجود خمسة وعشرين حديثاً عن أئمة أهل البيت على خلافه. 2 - وإطباق كلمة المسلمين من الشيعة وغيرهم على نفيه. 3 - وقيام الضرورة من الدين على رده. أهكذا يكون استنباط الأحكام الشرعية؟ ثلاثة عشر: يقول السيد الحكيم في فتواه: إن كلمة (أشهد أن علياً ولي الله) من كلام الآدميين فلا يجوز في الصلاة. وقد أطبق علماء الشيعة استنادا إلى الروايات عن أهل البيت عليهم السلام على أن الكلام في أثناء الأذان والإقامة مكروه فكيف يقول باستحباب المكروه؟. قال المحقق الفيض الكاشاني في مفاتيحه عند ذكر مكروهات الأذان والإقامة ما نصه: يكره الكلام خلالهما الأذان والإقامة ويتأكد في الإقامة للصحيح وغيره وقيل بتحريمه منها وهو شاذ إلى أن قال: ومن كلام المكروه الترجيع، إلى أن قال: وكذا غير ذلك من الكلام وإن كان حقاً بل كان من أحكام الإيمان لأن ذلك كله مخالف للسنة فإن اعتقده شرعاً فهو حرام. فلينظر المتدبر إلى هذا التهافت والتناقض في قول السيد الحكيم.
أربعة عشر: إذا اعترف السيد الحكيم بأن الشهادة الثالثة من كلام الآدميين ثبت كونها بدعة في الأذان وحراما ولأن قول الآدميين مكروه في الأذان إذا اتفق، أما الالتزام بقول للآدميين في الأذان على صورة الأذان وشكله فهو بدعة لأنه إدخال قول الآدميين في قول الله على سبيل الإلزام. خمسة عشر: إذا كانت هذه الشهادة من قول الآدميين كما اعترف به السيد الحكيم، فما معنى القول بالاستحباب وهل رأيت قول آدمي مستحباً في عبادة موقوفة من الله مستحبة كانت أم واجبة. أهكذا يكون الفقيه؟ ستة عشر: يقول السيد الحكيم بحيث يكون الأذان الخالي منها دليلاً على أن المؤذن من أبناء السنة. هب أن الأمر كما يقول أفيكون هذا دليلاً على الاستحباب والاستحباب يحتاج إلى أمر من الشارع لا إلى هوى وتعصب. فيقول باستحباب شيء للتعصب على أهل السنة وقد قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وسلم): ((كل عصبية في النار)) (1). على أن هذا مخالف لقول الصدوق فإنه قال: إن الأذان المشتمل على مثل هذه الكلمة دليل على أن المؤذن من أبناء (المفوضة) وأبناء السنة مسلمون وأبناء المفوضة مشركون، كما ذكرنا ذلك في عقائد الشيخية لعنهم الله. سبعة عشر: ذكر السيد الحكيم في جواب السؤال الأول البدعة والضلالة ولم يسأل عنها فما غرضه من ذلك نحيل فهم هذا إلى القارئ ليعرف أن السيد الحكيم ماذا يريد أطعناً وإثارة فتنة أو جواب مسألة فقهية. ثمانية عشر: هب أنا سلمنا للسيد الحكيم قوله فالأمر دائر في الشهادة الثالثة في الأذان بين الحرمة كما هو قول الصدوق وجمهور العلماء المتقدمين، أو الجواز أو الاستحباب كما يقول بعض متأخري المتأخرين، وإذا دار الأمر بين الاستحباب والحرمة فإن الاحتياط يقتضي الترك لأن في الترك أمناً من العقاب على كل حال وفي الإتيان بها احتمالا للعقاب على تقدير الحرمه فطريق السلامة والنجاة تركها.
وكم من مورد اتفق للسيد الحكيم في رسالته من هذا القبيل فقال بالاحتياط ولا أدري ما الذي حمله هنا على القول بالاستحباب جزماً من دون تحرج ولا إشارة إلى الاحتياط ألا يدل هذا على شيء في نفسه؟ تسعة عشر: قد عرفت حال خبر الاحتجاج وأنه مرسل، مجهول الراوي، غير دال على المطلوب وقد استدل به السيد الحكيم. القرآن في آيات الجمعة هو القرآن، وبماذا نصف القرآن وآياته واضحات بينات صريحة الدلالة مؤكدة بالتأكيدات الشديدة وقد ترك السيد الحكيم العمل بها ونفى وجود الجمعة بل قال بحرمتها، في هذا الزمان بتاتا. فيا لله للإسلام. القرآن لا يعمل به لتخرصات واهية وخبر الاحتجاج مع ما فيه، يعمل به في قبال ضرورة الدين وإجماع المسلمين والأحاديث المتواترة. اللهم إليك المشتكى. عشرين: أصدر السيد الحكيم هذه الفتوى وطاف دعاته سهل العراق وحزنه يحملون الرايات السود يموهون على البسطاء في أمر هب أنه مستحب فلا يستحق مهاجمة من لا يعمل بمستحب مثل هذه المهاجمة وسئل السيد الحكيم عن الشيوعية والشيوعيين مراراً وهم ينكرون وجود الله وإرسال الرسل والشرائع ويستبيحون كل محرم ويهزؤون بالأديان كلها فلم يجب، مع شدة الإلحاح والإصرار، فما حمله على الإسراع بالجواب هنا وترك الجواب هناك؟ اللهم أنت تعلم حال عبادك. قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [الأنبياء:121]. انتهى رد الشيخ الكاظمي على أجوبة محسن الحكيم. (الاعتصام بحبل الله / ص78 - 87) ثم يقول في كتاب (الاعتصام بحبل الله)(ص90) لما انتهينا من طبع الكتاب جاءنا منشوران من النجف الأشرف أحدهما بإمضاء الهيئة العلمية وهذان المنشوران يذكران الشذوذ الكثير، وضعف الاستدلال، والمخالفات للموازين الشرعية التي توجد في فتاوى السيد الحكيم.
وجاء كتيب بإمضاء ثلاثة من أكابر علماء النجف يذكرون فيه بطلان الأذان والصلاة إذا أتى بالشهادة الثالثة في الأذان والإقامة، وقد عنون هذا الكتاب باسم (أشهد أن عليا ولي الله) وقد طبعت جميعها في مطابع النجف الأشرف وانتشرت من هناك. انتهى كلامه. أقول: وشهد شاهد من أهلها. وكفى الله المؤمنين القتال. بعد أن قدمنا النص الكامل لفتاوى الحكيم مذيلة بالرد الدقيق والشامل للكاظمي - من غير زيادة ولا نقصان - أعتقد أن ليس ثمة ما يقال بعد، فالأمر واضح ليس به خفاء إلا على من أعمى الله بصيرته وبصره. إذا لم يكن للمرء عين صحيحة فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر.
المصدر:
الشهادة الثالثة في الأذان حقيقة أم افتراء لعلاء الدين البصير
(1) لم أجده بهذا اللفظ: وروى أبو داود (5121) بلفظ: (ليس منا من دعا إلى عصبية .... ) ، من حديث جبير بن مطعم، والحديث سكت عنه أبو داود. وقال ابن حجر في ((هداية الرواة)) (4/ 405): في إسناده انقطاع. وضعفه الألباني في ((ضعيف سنن أبي داود)).