الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع: أقوال الأئمة المعصومين في مسألة الإمامة والتدليل عليها بروايات كتب الشيعة:
أولاً: الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام: في كتاب (أصول الكافي) كتاب (الحجة)، باب بعنوان: إن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام، يروي عن الإمام السادس جعفر الصادق أنه قال:" إن الحجة لا تقوم لله عز وجل على خلقه إلا بإمام حتى يعرف "(1).وقد وردت عدة روايات بهذا المضمون بألفاظ متشابهة في هذا الباب: "الدنيا لا يمكن أن تبقى بغير إمام". وورد باب آخر متصل بالباب السابق بعنوان: "باب أن الأرض لا تخلو من حجة"، وفيه وردت عدة روايات بنفس المضمون وبسند كامل، نذكر منها روايتين:"عن أبي حمزة: قلت لأبي عبد الله: تبقى الأرض بغير إمام؟ قال: لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت"(2).
ثانيتهما: "عن أبي جعفر قال: لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله".
ثانياً: معرفة الأئمة والتسليم بهم شرط الإيمان: في (أصول الكافي) باب بعنوان: "معرفة الإمام والرد عليه"، وردت فيه الرواية التالية، عن أحدهما أنه قال:"لا يكون العبد مؤمناً حتى يعرف الله ورسوله والأئمة كلهم وإمام زمانه"(3).كما وردت الرواية التالية بسند كامل في نفس الباب: عن ذريح قال: سألت أبا عبد الله عن الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان أمير المؤمنين اإماماً، ثم كان الحسن إماماً، ثم كان الحسين إماماً، ثم كان علي بن الحسين إماماً، ثم كان محمد بن علي إماماً، من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة الله تبارك وتعالى ومعرفة رسول الله" (4).
ثالثاً: حكم الإيمان بالإمامة والأئمة وتبليغها صدرعن طريق الأنبياء كلهم والكتب السماوية كلها: يروى في (أصول الكافي) عن الإمام جعفر الصادق أنه قال: "ولايتنا ولاية الله لم يبعث نبي قط إلا بها". وفي نفس الصفحة يروي عن الإمام السابع أبي الحسن موسى بن جعفر الصادق أنه قال: "ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، ولم يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ووصية علي رضي الله عنه"(5).
رابعاً: الأئمة هم المقصودون بالحكم الذي نزل في القرآن بالإيمان بالله ورسله والنور الذي أنزله الله: وفي (أصول الكافي) في باب: "إن الأئمة نور الله عز وجل" وردت الرواية التالية: "عن أبي خالد الكابلي: سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [التغابن:8]، فقال: يا أبا خالد! النور والله الأئمة"(6). وكلما جاء في آية من آيات القرآن ذكر للنور الذي أنزله الله، والذي يقصد به نور الهداية، أي: القرآن الكريم، وهو المقترن بالأمر الإلهي، أي: الإيمان بالله والرسول تقوم الروايات الشيعية - وهذا ما روي عن الإمام جعفر الصادق والإمام موسى الكاظم - بالقول بأن المقصود في الآيات من نور الله ليس القرآن، بل الأئمة الاثنا عشر، أئمة الشيعة، والحكم جاء بالإيمان جنباً إلى جنب مع الإيمان بالله ورسوله.
(1)((أصول الكافي)) (ص103).
(2)
((أصول الكافي)) (ص104).
(3)
((أصول الكافي)) (ص105).
(4)
((أصول الكافي)) (ص106).
(5)
((أصول الكافي)) (ص276).
(6)
((أصول الكافي)) (ص117).
خامساً: طاعة الأئمة فرض: جاء في (أصول الكافي)، كتاب (الحجة)، في باب بعنوان:"باب فرض طاعة الأئمة" هذه الرواية عن أبي الصباح قال: "أشهد أني سمعت أبا عبد الله يقول: أشهد أن عليّاً إمام فرض الله طاعته، وأن الحسن إمام فرض الله طاعته، وأن الحسين إمام فرض الله طاعته، وأن علي بن الحسين إمام فرض الله طاعته، وأن محمد بن علي إمام فرض الله طاعته) (1).كما يروي أيضا عن الإمام جعفر الصادق في نفس الباب في (أصول الكافي) أنه قال: "نحن الذين فرض الله طاعتنا، لا يسع الناس إلا معرفتنا، ولا يعذر الناس بجهالتنا، من عرفنا كان مؤمناً، ومن أنكرنا كان كافراً، ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالاً، حتى يرجع إلى الهدى الذي افترضه الله عليه من طاعته الواجبة" (2).وهناك رواية أخرى بهذا المضمون عن الإمام محمد الباقر والد الإمام جعفر الصادق، قال الباقر بعد أن أوضح إمامة الأئمة ووجوب طاعتهم: "هذا دين الله ودين ملائكته" (3).
سادساً: طاعة الأئمة واجبة كطاعة الرسل: عن أبي الحسن العطار قال: سمعت أبا عبد الله يقول: " أشرك بين الأوصياء والرسل في الطاعة"(4). ويقول العلامة القزويني شارح (أصول الكافي) في شرحه لهذه الرواية: يمكن أن تكون صيغة (أشرك) صيغة أمر، كما يمكن أن تكون صيغة مجهولة للمفرد الغائب، والنتيجة في الحالتين واحدة
…
(5).
سابعاً: للأئمة حرية الاختيار في التحليل والتحريم: في (أصول الكافي) كتاب (الحجة)، في باب مولد النبي صلى الله عليه وسلم، يروي عن محمد بن سنان أنه طلب من أبي جعفر الثاني، محمد بن علي التقي تفسير سبب وجود الاختلاف بين الشيعة في مسألة الحلال والحرام فقال:"يا محمد! إن الله تبارك وتعالى لم يزل منفرداً بوحدانيته، ثم خلق محمداً، وعليّاً، وفاطمة، فمكثوا ألف دهر، ثم خلق جميع الأشياء، فأشهدهم خلقها، وأجرى طاعتهم عليها، وفوض أمورها إليهم، فهم يحلون ما يشاءون، ويحرمون ما يشاءون، ولن يشاءوا إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى"(6).ومن الجدير بالذكر هنا أن العلامة القزويني قد صرح في شرحه لهذا الحديث أن المقصود من محمد وعلي وفاطمة، هم الثلاثة الذين ورد ذكرهم، وجميع الأئمة الذين يولدون من نسلهم (7). وعلى كل حال، فإن ملخص رد الإمام أبي جعفر الثاني محمد بن علي التقي، وهو الإمام التاسع، هو أن للأئمة حرية الاختيار في تحليل ما يرونه حلالاً وتحريم ما يرونه حراماً، ونتيجة لحرية الاختيار هذه فإن إماماً من الأئمة يحلل شيئاً ما أو عملاً ما بينما الإمام الآخر يحرمه، ونتيجة لهذا ظهرت الاختلافات بين الشيعة فيما يتعلق بالتحليل والتحريم.
ثامناً: الأئمة معصومون كالأنبياء عليهم السلام: وفي (أصول الكافي) في (باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته) وردت خطبة طويلة للإمام الثائر علي بن موسى الرضا، وقد صرح بعصمة الأئمة عدة مرات، وهو يوضح في خطبته هذه فضائل وخصائص الأئمة، جاء في موضع منها قوله:"الإمام المطهر من الذنوب، والمبرأ من العيوب". ثم يقول بعد ذلك عن صفة الإمام: "فهو معصوم مؤيد، موفق مسدد، قد أمن من الخطأ والزلل والعثار، يخصه الله بذلك، ليكون حجته على عباده وشاهده على خلقه"(8).
تاسعاً: حديث عجيب وغريب للإمام جعفر الصادق عن حمل ومولد الأئمة المعصومين:
(1)((أصول الكافي)) (ص 109).
(2)
((أصول الكافي)) (ص110).
(3)
((أصول الكافي)) (ص111).
(4)
((أصول الكافي)) (ص109).
(5)
((الصافي في شرح الكافي)) (3/ 1/58).
(6)
((أصول الكافي)) (ص 278).
(7)
((الصافي في شرح أصول الكافي)) (3/ 2/149).
(8)
((أصول الكافي)) (ص121ـ 122).
في (أصول الكافي) باب بعنوان: (مواليد الأئمة عليهم السلام، وهو يحتوي على روايات عجيبة غريبة عن مولد الأئمة، وأغرب رواية تستحق أن تذكر هنا هي أول رواية، وهي طويلة، ولهذا سنكتفي بذكر ملخصها، ويمكن لمن يريد الوقوف على النص مراجعته في الأصل.
يقول أبو بصير الصديق الملازم للإمام جعفر الصادق وكاتم أسراره: في اليوم الذي ولد فيه الإمام موسى الكاظم، الإمام السابع، نجل الإمام المذكور، قال الإمام الممدوح: تكون ولادة كل إمام ووصي هكذا، في الليلة التي يكتب فيها الله لحمله أن يستقر، ففي تلك الليلة يرسل الله ملكاً من عنده بكوب من شراب لذيذ نفيس، يحمله إلى الوالد، ويسقيه له، ويقول له: توجه الآن وجامع زوجتك، فقد استقر حمل الإمام الذي يولد في رحم الأم.
بهذه المناسبة يفصل الإمام جعفر الصادق الحديث فيقول: (لقد حدث هذا مع جد جدي الإمام الحسين، وهكذا ولد جدي الإمام زين العابدين، ثم حدث معه نفس الشيء، فكان مولد والدي، وهكذا ولدت أنا أيضاً في تلك الليلة التي استقر فيها حمل وليدي الجديد، موسى الكاظم في رحم زوجتي. في تلك الليلة حدث معي نفس الشيء فقد جاءني من عند الله ملك يحمل كوباً من الشراب اللذيذ النفيس، وطلب مني أن أجامع زوجتي، فجامعتها، فكان حملها لابني موسى هذا). وفي هذه الرواية أيضاً أن الإمام والوصي حين يخرج من بطن أمه يأتي هكذا، تكون يده على الأرض، ورأسه مرفوعاً إلى السماء (1). ونقدم الآن آخر رواية في هذا الباب.
عاشراً: الخصائص العشر التي تميز الأئمة عن بقية البشر: الراوي هنا زرارة، يقول عن الإمام الباقر:"للإمام عشر علامات، يولد مطهراً مختوناً، وإذا وقع على الأرض وقع على راحتيه، رافعاً صوته بالشهادتين، ولا يجنب، وتنام عيناه ولا ينام قلبه، ولا يتثاءب، ولا يتمطى، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه، ونجوه كرائحة المسك، والأرض مأمورة بستره وابتلاعه، وإذا لبس درع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت وفقاً، وإذا لبسها غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت عليه شبراً"(2).
الحادي عشر: حمل الأئمة لا يكون في رحم الأم، بل يكون في جنبها ويولد من فخذها: في (أصول الكافي) ورد القول السابق كواحد من الخصائص التي تميز الأئمة عن غيرهم من البشر، لكن العلامة المجلسي في (حق اليقين): يروي عن الإمام الحادي عشر، الحسن العسكري، فيقول:"حملنا نحن - أوصياء الأنبياء، أي الأئمة - لا يكون في رحم البطن، بل يكون في الجانب، ونحن لا نأتي من خارج الرحم، بل نأتي من أفخاذ الأمهات، لأننا نحن الأئمة نور الله تعالى، لهذا فهو يضعنا بعيداً عن القذارة والنجاسة"(3). ولعل ما يقصده العلامة المجلسي من بيانه لرواية الإمام الحسن العسكري في (أصول الكافي) هي الخصوصية الأولى من خصائص الأئمة، أي: يولد الإمام مطهراً.
الثاني عشر: درجة الإمامة أعلى من درجة النبوة: ويقول العلامة باقر المجلسي، السابق الذكر في كتابه:(حياة القلوب): إن "الإمامة أعلى من رتبة النبوة"(4).
(1) ملخص ما ورد في ((أصول الكافي)) (ص244).
(2)
((أصول الكافي)) (ص146).
(3)
((حق اليقين)) بالفارسية، (ص126)، طبعة إيران.
(4)
((حياة القلوب)) (3/ 10).
الثالث عشر: المؤمنون "الشيعة" بإمامة الأئمة المعصومين، لهم الجنة حتى لو كانوا فجرة فاسقين، والمسلمون الآخرون لهم النار حتى لو كانوا من البررة المتقين: ورد في (أصول الكافي)، باب:(فيمن دان الله عز وجل بغير إمام من الله جل جلاله، الرواية التالية: عن الإمام الباقر أنه قال: "إن الله لا يستحيي أن يعذب أمة دانت بإمام ليس من الله وإن كانت في أعمالها برة تقية، وإن الله ليستحيي أن يعذب أمة دانت بإمام من الله وإن كانت في أعمالها ظالمة مسيئة" (1).
وفي نفس الباب رواية عن أحد مريدي الشيعة المخلصين للإمام جعفر الصادق، ويدعى عبد الله بن أبي يعفور، قدم إلى الإمام المذكور وقال:"إني أخالط الناس، فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلاناً وفلاناً، لهم أمانة وصدق ووفاء، وأقوام يتولونكم ليس لهم تلك الأمانة ولا الوفاء والصدق". وتذكر الرواية أن عبد الله بن أبي يعفور قال: ما إن سمع الإمام كلامي حتى جلس غاضباً، وقال لي:"لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله، ولا عتب على من دان بولاية إمام عادل من الله"(2).
الرابع عشر: درجة الأئمة تتساوى مع درجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أفضل وأعلى من جميع المخلوقات والأنبياء الآخرين عليهم السلام:
في (أصول الكافي) كتاب (الحجة)، ورد حديث طويل للإمام جعفر الصادق عن فضل ودرجة ومرتبة الإمام علي المرتضى ومن بعده من الأئمة، جاء في بدايته ما يلي:(ما جاء به علي آخذ به، وما نهى عنه أنتهي عنه، جرى له من الفضل مثل ما جرى لمحمد، ولمحمد الفضل على جميع خلق الله عز وجل، المتعقب عليه في شيء من أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله، والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله، كان أمير المؤمنين باب الله الذي لا يؤتى إلا منه، وسبيله الذي من سلك غيره يهلك، وكذلك جرى لأئمة الهدى واحداً بعد واحد).
ومما يروونه عن أمير المؤمنين: (الملائكة وجميع الأنبياء سلموا لي كما سلموا لمحمد، وأنا من أرسل الناس إلى الجنة وإلى النار).ورد في الرواية السابقة ما يلي: وكان أمير المؤمنين كثيراً ما يقول: "أنا قسيم الله بين الجنة والنار، وأنا صاحب (العصا والميسم)، ولقد أقرت لي جميع الملائكة والروح والرسل بمثل ما أقروا لمحمد"(3).
المصدر:
الثورة الإيرانية في ميزان الإسلام لمحمد منظور نعماني - ص112 فما بعدها
(1)((أصول الكافي)) (ص238).
(2)
((أصول الكافي)) (ص238).
(3)
((أصول الكافي)) (ص117).