الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: خلو الأذان من الشهادة الثالثة عند الأئمة والعلماء:
أن الأمر الخطير والمهم في بحثنا هذا هو أنك سوف تتطلع على أمور ربما كنت تعد صحتها وثبوتها من المسلمات التي لا يختلف فيها اثنان لكنك وبمجرد تصفحك لهذا البحث ستجد أن كثيرا من تلك المسلمات قد بنيت على شفا جرف هار وقاعدة رخوة سرعان ما يسقط ما بني عليها، ومن تلك المسلمات الشهادة الثالثة في الأذان (أشهد أن عليا ولي الله) هذه اللفظة التي ألف سماعها الكبير ونشأ عليها الصغير.
فتعال معي عزيزي القارئ بعد أن تترك الهوى خلفك لنقوم بجولة استقرائية لمرويات أهل البيت وأقوال علماء الشيعة الواردة بصدد بيان ألفاظ الأذان لأقف بك عند حقيقة طالما غيبت عنك ألا وهي: " أن لا وجود للشهادة الثالثة في الأذان الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل بيته عليه السلام " وإليك بعض تلك الروايات.
أولاً: روايات الأئمة لا تذكر الشهادة الثالثة:
الرواية الأولى:
الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأذان فقال: تقول الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله الله، أشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، حي على خير العمل، حي على خير العمل، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله. (الاستبصار1/ 305) ، (التهذيب 1/ 150).
الرواية الثانية:
محمد بن علي بن محبوب، عن علي بن السندي، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة والفضيل بن يسار، عن أبي جعفر- عليه السلام قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصف الملائكة والنبيون خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: فقلنا له كيف أذن، فقال: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حي علي الصلاة، حي الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، حي على خير العمل، حي على خير العمل، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، والإقامة مثلها إلا أن فيها قد قامت الصلاة بين حي على خير العمل، حي على خير العمل وبين الله أكبر، الله أكبر فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلالاً فلم يزل يؤذن بها حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (الاستبصار 1/ 305)(التهذيب 1/ 151)(وسائل الشيعة 4/ 644).
الرواية الثالثة:
عن أحمد بن محمد، عن الحسين عن فضالة، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله عليه السلام وكليب الأسدي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه حكى لهما (الأذان والإقامة) فقال: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، حي على خير العمل، حي على خير العمل، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والإقامة كذلك (الاستبصار 1/ 358)(وسائل الشيعة 4/ 644)
…
وسنعزز صحة هذه الحقيقة الخطيرة بأقوال علماء الشيعة التي اتفقت مع روايات الأئمة على خلو الأذان من الشهادة الثالثة.
ثانياً: إجماع فقهاء الإمامية على أن الشهادة الثالثة ليست جزءاً من الأذان والإقامة:
قبل أن نورد أقوال العلماء في عدم ورود الشهادة الثالثة في الأذان أحب هنا أن أذكر كلمة لفضيلة السيد محمد العاملي الكاظمي عضو ديوان النشر والترجمة والتأليف التابع لجامعة مدينة العلم للإمام الخالصي الكبير، والتي ذكرها في كتاب (الاعتصام بحبل الله) مضافاً إليها كلمة مدير ديوان جامعة مدينة العلم الواردة في الكتاب نفسه أجعلها كالمقدمة لهذا المبحث لا سيما وأنها تحتوي على ضوابط تحدد لنا مفهومي السنة والبدعة وأثر البدعة السيىء في الدين، فلك عزيزي القارئ مجمل ما كتبا:
إن كل شيء لم يسنه الرسول صلى الله عليه وسلم من العبادات فإحداثه بعده بدعة، ففي حديث عن أمير المؤمنين علي عليه السلام:
أنه جاءه رجل وسأله عن السنة والبدعة والجماعة والفرقة فقال:
"السنة ما سنَّه رسول الله والبدعة ما أحدث بعده، والجماعة أهل الحق وإن كانوا قليلاً والفرقة أهل الباطل وإن كانوا كثيراً".
وعليه فالبدعة ما كان على خلاف سنة الرسول بأي نحو من أنحاء المخالفة وكلها محرمة.
وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار)). (الفصول المهمة في أصول الأئمة / الحر العاملي ص 203).
وتتبع كل ما حُكم بكونه بدعة سنجده على خلاف السنة كتقديم خطبتي العيد على صلاتها .. .
إن أي تغيير في العبادة بما جاء به الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم يعد بدعة وحراماً.
ففي الأذان مثلا إذا قدمت الشهادة في التوحيد على التكبير أو زيد التكبير أو نقص منه كان بدعة ولا يستلزم عدم التغيير إنكار ما غير فتقديم (أشهد أن لا إله إلا الله) على قول: (الله أكبر) حرام وإن قول: (أشهد أن لا إله إلا الله) ثلاث مرات مع أنه حرام لا يلزم منه إنكار التوحيد.
ومن ذلك حرمة قول: (أشهد أن علياً ولي الله) في الأذان فهو حرام لعدم وروده عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أهل بيته عليه السلام.
وهو كما لو أضاف المؤذن أثناء الأذان سبحان الله، أو لا حول ولا قوة إلا بالله مع شرعيتها خارج الأذان.
ولا يلزم من ذلك إنكار ولاية علي عليه السلام لأن ما لا يذكر في الأذان من وجوب الصلاة، والصوم، والإقرار بالميعاد، وغير ذلك لا يستلزم إنكار الصلاة والصوم والميعاد، بل الأذان محدود بحدود حددها الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء به الوحي من رب العالمين، ولا يجوز تعدي تلك الحدود حتى ولو كانت بكلمة حق، لأن الفرائض والسنن جاءت محدودة عن الله تعالى وقام رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بتنفيذها وتطبيقها وأمر أمته أن يعملوا بها ويسيروا على هداها، ويسمعوا ويطيعوا.
فليس لأحد من علماء الدين وبقية المسلمين أن يزيدوا أو ينقصوا شيئاً من هذه الفرائض والأحكام، لأنهم جميعهم مكلفون بالتنفيذ والتطبيق وأن التشريع من الله تعالى، وعلى الرسول التبليغ فالأحكام التي بلغ النبي صلى الله عليه وسلم بها أمته هي أحكام إلهية جاءت نصوصها في القرآن الكريم والسنة النبوية ولا يمكن تفسيرها أو تأويلها حسب الأهواء والرغبات.
ولا يجوز تحويرها وتحريفها في سبيل العنعنات والنزعات.
وليست هي قصائد شعرية ليجري عليها التشطير والتخميس.
وليست أحكام الإسلام وعلومه وفرائضه كالمستحضرات الطبية يضيف الطبيب اللاحق على ما استحضره الطبيب السابق.
أو يرفع قسماً منها لغرض التقوية أو التخفيف من مفعولها.
أو إصلاح تلك المستحضرات حسبما يرتئيه هو.
ولا كالمخترعات الصناعية فيأتي المهندس اللاحق فيضيف إلى ما اخترعه المهندس السابق ويزيد وينقص حتى يوصل المخترع إلى درجة الكمال.
بل إن أحكام الشريعة الإسلامية جاءت محدودة بحدود لا يمكن أن يتعداها أحد، وأقيمت على قواعد لا يجوز تحويل قاعدة منها ولا إضافة قاعدة إليها، ولنضرب على ذلك مثلا: فالأذان، جاءت صيغته بعبارات محدودة معينة، كبقية الأعمال والأحكام في العبادة، فما زيد أو نقص منه كان بدعة وتشريعاً في الدين.
فالتشريع لا يجوز لغير النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم لا يأتي بتشريع إلا بوحي من رب العالمين كما قال الله تعالى: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:4] ثم إن النبي صلى الله عليه وسلملم يعين من بعده مشرعاً، بل قال:((لا نبي بعدي)) (1).
حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة لأنه جاء بشريعة هي خاتمة الشرائع.
وكمل الله له الدين وأتم عليه نعمته فقال تعالى:
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا [المائدة:3]. فالزيادة والنقصان في الأذان وغيره يعدان تشريعاً، وما لم يشرع فهو بدعة. انتهى. (الاعتصام بحبل الله / منشورات ديوان النشر والترجمة والتأليف التابع لجامعة مدينة العلم للإمام الخالصي الكبير في الكاظمية ص 17 - إصدار سنة (1955م) - بتصرف)
وقد أجمع فقهاء الشيعة الإمامية، على أن كل زيادة أو نقصان في الأذان والإقامة (هو أمر مبتدع) يؤدي إلى بطلانهما ويأثم من اعتقد جزئية تلك الزيادة واعتبرها فصلا فيهما ومن هذا المنطلق أجمع الفقهاء على أن الشهادة الثالثة ليست جزءاً من الأذان والإقامة.
وهنا أهيب بالقارئ الكريم أن يراجع الكتب الفقهية سواء الاستدلالية منها أو الرسائل العملية، فإنه لا محالة سيجد أن كل من ذكر فصول الأذان والإقامة فإنه لم يذكر فيهما الشهادة الثالثة بل وتجده قد صرح بعدم جزئيتهما فيهما وهذه جملة من الكتب القديمة والحديثة كمثال على هذه الحقيقة.
أقوال فقهاء الإمامية:
1 -
شيخ الطائفة الطوسي:
قال: فأما ما روي من شواذ الأخبار من قول أن علياً ولي الله وآل محمد خير البرية فمما لا يجوز عليه في الأذان والإقامة فمن عمل به كان مخطئاً (النهاية في مجرد الفقه والفتاوى / الطوسي ص69).
وقال في (المبسوط):
فأما قول: أشهد أن علياً أمير المؤمنين وآل محمد خير البرية على ما ورد في شواذ الأخبار فليس بمعمول عليه في الأذان ولو فعله الإنسان لم يأثم به، غير أنه ليس من فضيلة الأذان ولا كمال فصوله (المبسوط / الطوسي 1/ 99).
2 -
الشهيدان الأول والثاني:
جاء في (اللمعة الدمشقية) وشرحها للشهيدين الأول والثاني، الأول: محمد بن جمال الدين مكي العاملي)، الثاني: زين الدين العاملي، وهما من كبار علماء الشيعة الإمامية في جبل عامل جنوب لبنان في القرنين السابع والعاشر الهجريين، ما نصه:
لا يجوز اعتقاد شرعية غير هذه الفصول في الأذان والإقامة، كالشهادة بالولاية لعلي عليه السلام وأن محمداً وآله وسلم خير البرية أو خير البشر وإن كان الواقع كذلك، فما كل واقع حقا يجوز إدخاله في العبادات الموظفة شرعا المحدودة من الله تعالى فيكون إدخال ذلك فيها بدعة وتشريعا، كما لو زاد في الصلاة ركعة أو تشهداً ونحو ذلك من العبادات وبالجملة فذلك من أحكام الإيمان لا من فصول الأذان.
ويقول الشهيد الأول:
قال الصدوق إن ذلك من وضع المفوضة وهم طائفة من الغلاة (مرجعية المرحلة وغبار التغيير / الشيخ جعفر الشاخوري ص 180)(الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية / الشهيد الأول 1/ 573 باب الأذان والإقامة).
3 -
المقدس الأردبيلي:
قال الأردبيلي ناقلاً كلام الصدوق:
(1) رواه البخاري (3455) ومسلم (1842) ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وقال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه هذا هو الأذان الصحيح لا يزاد ولا ينقص منه، والمفوضة لعنهم الله قد وضعوا أخباراً وزادوا في الأذان محمد وآل محمد خير البرية مرتين، وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أن محمدا رسول الله وأشهد أن علياً أمير المؤمنين حقاً مرتين.
ولا شك في أن عليا ولي الله وأنه أمير المؤمنين حقاً، وأن محمداً وآله وسلم صلوات الله عليهم خير البرية، ولكن ليس ذلك في أصل الأذان وإنما ذكرت ليعرف بهذه الزيادة المتهمون بالتفويض والمدلسون أنفسهم في جملتنا. ثم علق المقدس الأردبيلي على ذلك قائلاً:
فينبغي اتباعه لأنه الحق ولهذا يشنع على الثاني (يقصد بالثاني: عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث يزعم الشيعة أنه أضاف إلى الأذان (الصلاة خير من النوم) بالتغيير في الأذان الذي كان في زمانه صلى الله عليه وسلم، فلا ينبغي ارتكاب مثله مع التشنيع عليه (مرجعية المرحلة وغبار التغيير / الشاخوري ص 180)(مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان / المولى أحمد الأردبيلي 2/ 181)
4 -
محمد محسن الفيض الكاشاني:
وهو صاحب كتاب (الوافي) الذي يعتبر من الكتب المعتمدة عند الشيعة الإمامية، وصاحب (تفسير الصافي) إذ قال: في كتابه (مفاتيح الشرائع) في معرض تعداد ما يكره في الأذان والإقامة وكذا غير ذلك من الكلام (يقصد أن علياً ولي الله) وإن كان حقا بل كان من أحكام الإيمان لأن ذلك مخالف للسنة فإن اعتقد شرعا فهو حرام (مرجعية المرحلة وغبار التغيير / الشيخ جعفر الشاخوري ص 181)(مفاتيح الشرائع / المولى محمد محسن الفيض الكاشاني 1/ 118).
5 -
الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء:
نقل الشيخ محمد العاملي الكاظمي قول الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء في كتابه (كشف الغطاء) ، وهو من أكابر العلماء وإليه تنتمي الأسرة الحاضرة المعروفة بآل كاشف الغطاء، حيث قال في كتابه هذا عند ذكر الأذان ما نصه:
وليس من الأذان قول: أشهد أن علياً ولي الله، أو أن محمداً وآله وسلم خير البرية مرتين مرتين، وأن علياً أمير المؤمنين حقا لأنه من وضع المفوضة لعنهم الله على ما قاله الصدوق:
إنما روي منه أن علياً ولي الله وأن محمداً وآله وسلم خير البشر أو البرية من شواذ الأخبار لا يعمل عليه.
وما في (المبسوط) من أن قول: أشهد أن علياً أمير المؤمنين وآل محمد خير البرية من الشاذ لا يعول عليه.
وما في (المنتهى) ما روي من أن قول: أن علياً ولي الله وآل محمد خير البرية من الأذان من الشاذ لا يعول عليه.
ثم إن خروجه من الأذان من المقطوع به بإجماع الإمامية من غير نكير حتى لم يذكره ذاكر بكتاب، ولا قال به أحد من قدماء الأصحاب، ولأنه وضع لشعائر الإسلام دون الإيمان، ولذا ترك فيه ذكر باقي الأئمة عليهم السلام.
ولأن أمير المؤمنين عليه السلام حين نزوله كان رعية للنبي فلا يذكر على المنابر، ولأن ثبوت الوجوب للصلاة المأمور بها موقوف على التوحيد والنبوة فقط على أنه لو كان ظاهرا في مبدأ الإسلام لكان في مبدأ النبوة من الفترة ما كان في الختام.
ومن حاول جعله من شعائر الإيمان، فما لزم به لذلك يلزمه ذكر الأئمة عليهم السلام وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم مكرراً من الله في نصبه للخلافة والنبي يستعفي حذراً من المنافقين حتى جاء التشديد من رب العالمين، ولأنه لو كان من فصول الأذان لنقل بالتواتر في هذا الزمان ولم يخف على أحد من آحاد نوع الإنسان وإنما هو من وضع المفوضة الكفار المستوجبين الخلود في النار.
ولعل المفوضة أرادوا أن الله تعالى فوض الخلق إلى علي فساعده على الخلق فكان ولياً ومعيناً فمن أتى بذلك قاصداً به التأذين فقد شرع في الدين، ومن قصده جزءاً من الأذان في الابتداء بطل أذانه بتمامه، لكن صفة الولاية ليس لها مزيد شرفية لكثرة معانيها، فلا امتياز لها إلا مع قرينة إرادة معنى التصرف والتسلط فيها كالاقتران مع الله ورسوله في الآية الكريمة ونحوه، لأن جميع المؤمنين أولياء الله، فلو بدل بالخليفة بلا فصل، أو بقول أمير المؤمنين، أو بقول حجة الله تعالى، أو بقول أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحوها كان أولى وأبعد عن توهم العوام أنه من فصول الأذان.
ثم قوله: أن علياً ولي الله مع ترك لفظ أشهد أبعد عن الشبهة، ولو قيل بعد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله على محمد سيد المرسلين وخليفته بلا فصل علي ولي الله أمير المؤمنين لكان بعيداً عن الإيهام وأجمع لصفات التعظيم والاحترام. (الاعتصام بحبل الله / ص50 - 52)(كشف الغطاء / جعفر آل كاشف الغطاء ص227).
6 -
كاظم اليزدي الطبطبائي:
قال في (العروة الوثقى) ما نصه: وأما الشهادة لعلي بالولاية وإمرة المؤمنين فليست جزءا منهما - الأذان والإقامة - ولم يتعرض لاستحباب إكمال الشهادتين بالشهادة الثالثة ولم يذكر الشهادة الثالثة في الأذان، وقد أمضى فتوى العروة الوثقى كل من:
1 -
السيد أبو الحسن الأصفهاني.
2 -
السيد ضياء الدين العراقي.
3 -
السيد الأغا حسين البروجردي.
4 -
السيد الأراكي.
5 -
السيد الخوئي.
6 -
السيد الكلبايكياني. (الاعتصام بحبل الله / ص49)(العروة الوثقى /كاظم اليزدي 1/ 458)
7 -
هناك عدد كبير من المراجع والعلماء الكبار يحتاطون في الإقامة لشبهة أنها جزء من الصلاة كما أن سيرة العلماء الذين جاؤوا بعد الغيبة إلى عهود متأخرة على عدم الإتيان. وهذه بعض الرسائل العملية التي ذكرت الأذان والإقامة ولم تذكر الشهادة الثالثة جزءا منهما، أو ذكر استحبابها كأمر مستقل خارج عنهما:
1 -
الشيخ محمد حسن صاحب (الجواهر) في كتابه (نجاة العباد).
2 -
محمد تقي الشيرازي في الرسالة المنطقية على فتواه.
3 -
مهدي الخالصي في الشريعة السمحاء ووافقه الشيخ محمد رضا آل ياسين.
4 -
السيد الحيدري في رسالته.
5 -
السيد حسن الصدر في كتاب (المسائل المهمة).
6 -
السيد أحمد كاشف الغطاء في سفينة النجاة. (الاعتصام بحبل الله / ص 48)
ما تقدم هو استعراض يسير لبعض أقوال علماء الشيعة المنكرين للشهادة الثالثة في الأذان، وأن ما ذكرته هنا من أسماء هؤلاء الأعلام لم يكن على وجه التتبع والاستقصاء وإنما هو بقدر ما سمح لنا الوقت به والمتابعة والبحث، ولربما تركت أسماء آخرين لعدم توافر تمام كتبهم عندي. أقول: هلم معي أيها القارئ نسائل علماء الشيعة عن هذه الكتب التي نقلت منها أليست هي مراجع الشيعة؟ أليس هؤلاء أعلامهم وأئمتهم؟ أليس من واجب الباحث أن يراجع تلكم الكتب ثم ينقض ويبرم، ويزن ويرجح؟ فالحق أحق أن يتبع. وظهر لنا مما تقدم من أقوال الأئمة والعلماء أن الصيغة الصحيحة للأذان خالية من ذكر الشهادة الثالثة وهذه حقيقة خطيرة جداً حري بالشيعي أن يقف عندها طويلاً ليتأملها لأنها من الدين الذي سنسأل عنه يوم القيامة وهل اتبعنا فيه الرسول صلى الله عليه وسلم والأئمة، أم تركنا هديهم ولسان حالنا يقول: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ [الزخرف: 23].
المصدر:
الشهادة الثالثة في الأذان حقيقة أم افتراء لعلاء الدين البصير