الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع: عدم أخذ الأئمة بالتقية:
لقد أراد بعض علمائنا رحمهم الله أن يدافعوا عن التقية، ولكن التقية التي يتحدث عنها علماء الشيعة وأملتها عليها بعض زعاماتها هي ليست بهذا المعنى إطلاقاً، إنها تعني أن تقول شيئاً وتضمر شيئاً آخر، أو تقومُ بعمل عبادي أمام سائر الفرق الإسلامية وأنت لا تعتقد به ثم تؤديه بالصورة التي رسموها والأسباب التي كانت وراء انتسابها إلى أئمة الشيعة، ينبغي أن نمعن النظر قليلاً في عمل أئمة الشيعة وفي حياتهم الخاصة والعامة لكي نرى أنهم كانوا أبعد الناس عن التقية وأكثر الناس مقتاً لها، ولنعلم بعد ذلك أنه لم يكن من المعقول أن لا يعمل الشيعة بالتقية وهم يأمرون أتباعهم وشيعتهم بالعمل بها، ولقد ذكرنا في الفصل السابق صورةً واضحة عن حياة الإمام " علي " وصراحته في الحق ولا نريد تكرارها هنا أما ابنه " الحسن " وهو الإمام الثاني للشيعة (1) فكان أبعد الناس من التقية ومخادعة الناس وصلحه مع " معاوية " يشهد بذلك، فصلح " الحسن " عمل ثوريّ وخروج على الرأي العام المحيط بالإمام في عصره، فقد لاقى الإمام " الحسن " معارضة صريحة من كثير من شيعة أبيه الذين كانوا لا يريدون الصلح حتى أن " سليمان بن صرد " وهو من كبار شيعة " علي " خاطب الإمام " الحسن " بقوله:" السلام عليك يا مذل المؤمنين"، والمعارضون للصلح كانوا أقوياء وأشداء ونال الإمام " الحسن" منهم الكثير، ولكن لم يفت كل ذلك في عضده وقاوم المعارضة مقاومة الأبطال، فيا ترى لو كانت للتقية مكان في قلب " الحسن " هل كان يصالح " معاوية " أمْ كان يستجيب لنداء الذين كانوا يحثونه على قتاله حتى يبايعه " معاوية " كخليفة منتخب وشرعي للمسلمين؟ ثم يأتي دور الإمام " الحسين " الذي ثار ضد " يزيد بن معاوية " ولم يقبل بنصح أولئك الذين نصحوه بالبقاء في مدينة الرسول ومنعوه من السير إلى العراق، وكل من يتابع الثورة الحسينية يعلم بوضوح أن شهادة الإمام " الحسين " وأولاده وأصحابه وسبي أهل بيته كانت كلها تتجسد أمام " الحسين " قبل المعركة وكان يعلم بها علم اليقين، فَ " الحسين " جمع أصحابه في ليلة العاشر من " محرم " وقال لهم: بأن غداً سيكون القتال من شاء منهم في ذلك الليل المظلم وقال لهم:" اتخذوا الليل جملاً وارحلوا إلى مصائركم"، فرحل منهم مَنْ رحل وبقي من بقي ليستشهد مع " الحسين " ويسجل اسمه في سجل الخالدين.
(1) - إطلاق تسمية أئمة الشيعة على هذه الصفوة المختارة من أهل بيت رسول الله هو إطلاق مجازي في حين أن المسلمين كلهم يحترمون أهل بيت الرسول ويرون فيهم القدوة الصالحة.
فهل في مثل هذه الثورة تجد الشيعة أثراً للتقية أو كل ما يمت إلى التقية بصلة؟ ثم يأتي دور الإمام " علي بن الحسين " الملقب بالسجاد وهو الذي عاصر ملحمة " كربلاء " ولم يشترك بالقتال بسبب المرض الذي ألزمه الفراش وقد أسر في ضمن من أسر بعد مقتل أبيه وحمل على جمل أقتب مقيداً بالسلاسل من " كربلاء " إلى " الشام " ولا شك أن تلك الصورة الحزينة المليئة بالدماء والدموع والتي شاهدها " السجاد " في يوم " عاشوراء " والذل والهوان الذي احتمله وهو يسير مع الأسرى بين " كربلاء " و " دمشق " كانت عالقة في ذهنه ليل نهار وقد انصرف الإمام " السجاد " إلى العبادة وكان يكثر من البكاء في آناء الليل وأطراف النهار حتى لقب بالبكّاء، إنه كان من الطبيعي لذلك الحزن السرمدي الذي كان يعصر قلب الإمام أن تتجلى في كلامه وخطبه عبارات تدحض الخلافة الأموية الحاكمة التي كانت حتى ذلك الحين تسب جده الإمام " علياً " على المنابر بعد كل صلاة، فقد ترك الإمام " السجاد " لنا أربعة وخمسين دعاءً جمعت كلها في كتاب واحد وسميت تلك الأدعية (الصحيفة السجادية) إن من يقرأ هذه الأدعية يعلم علم اليقين كيف أن التقية كانت أبعد شيء إلى قلب " السجاد " فقد نسف الإمام في أدعيته تلك الخلافة الأموية الحاكمة نصاً ومضموناً، إنها حقاً أدعية ثورية صدرت من إمام شاهد أضخم الثورات الإسلامية حجماً وأقلها زماناً فإذا لم يستطع أن يشترك فيها بدمه فها هو اشترك فيها بلسانه كالسيف البتار، وهذا هو الإمام " السجاد " مرةً أخرى يطوف بالبيت ويفسح له الحجيج له الطريق إجلالاً وإكراماً والخليفة " هشام بن عبد الملك " يرى كل ذلك ويطوف بين الطائفين والناس في شغل عنه والإمام يرى الخليفة ولا يبالي به فيغتاظ الخليفة لما رأى من الإمام وما رأى من الناس في الإمام فيسأل متجاهلاً: من هذا؟ مشيراً إلى السجاد وتشاء المقادير أن يكون " الفرزدق " الشاعر حاضراً الموقع فيرتجل قصيدته العصماء مخاطباً الخليفة:
وليس قولك مَنْ هذا بضائره
…
العرب تعرف من أنكرت والعجم
هذا ابن خير عباد الله كلهم
…
هذا الإمام التقي الطاهر العلم
لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه
…
لقبل الركن منه موضع القدم
يغضي حياء ويغضي من مهابته
…
فلا يكلم إلا حين يبتسم
إن من يمعن النظر في هذا اللقاء الجاف بين الإمام والخليفة الحاكم الذي أغضب هذا الأخير سيعلم علم اليقين أن التقية وكل ما يمت إليها بصلة لم تجد إلى قلب الإمام سبيلاً، ثم يأتي دور الإمام " الباقر " وابنه " الصادق " وهما اللذان أسسا المدرسة الفقهية التي سميت باسم " الفقه الجعفري " وكان الإمامان يدرسان في المدينة في جامع الرسولصلى الله تعالى عليه وآله وسلم ويدليان بآرائهما الفقهية وينشران مذهب أهل البيت بلا خوف ولا وجل، فَ " الباقر " عاصر الخلافة الأموية " والصادق " عاصر نهاية الخلافة الأموية وبداية الخلافة العباسية وكانت الخلافة الأموية والعباسية على اختلافٍ مع الإمامين ولا ترتضي بمدرسة أهل البيت الفقهية، ولكن الإمامين أديا الرسالة وقد تخرج عليهما فقهاء وعلماء كثيرون، وهكذا نرى أن الإمامين كانا يؤديان الواجب غير متهيبين من السلطة التي كانت على خلاف معهما.
ومن الغريب أن بعض رواة الشيعة روت عن الإمام " الصادق " روايات في وجوب التقية على شيعته في حين أنه وشيعته لم يكونوا بحاجة إليها، فالإمام كان يدرِّس في مسجد الرسولصلى الله تعالى عليه وآله وسلم وحوله آلاف من التلاميذ والطلاب والمستمعين وليت شعري أن أعرف كيف يمكن لمدرسة فقهية بهذه السعة وكثرة الطلاب والتلاميذ أن تبنى على التقية وأية تقية استعملها الإمام في بناء مدرسته الفقهية التي كان يضع أساسها أمام المسلمين وبصورة علنية بما فيهم المحب المخلص والعدو الشامت.
والإمام " موسى بن جعفر " لم يكن على وفاق مع الخليفة العباسي " هارون الرشيد " وقضى سنوات في سجن الخليفة ببغداد، فلو كان " موسى بن جعفر " يسلك طريق التقية ويخادع الخليفة الذي كان ابن عمه وكانت تتحكم بينهما صلات القربى لما حدث له ما حدث.
وعندما آلت الخلافة إلى " المأمون " العباسي عَيَّن الإمام " علي بن موسى " الملقب " الرضا " ولياً للعهد و" علي الرضا " هو الإمام الثامن للشيعة الإمامية غير أن الإمام قضى نحبه في عهد " المأمون " واستمرت الخلافة في العباسيين وبعد وفاة الإمام " الرضا " زَوَّج الخليفة " المأمون " العباسي ابنته " أم الفضل " لابن الرضا " محمد الجواد " لكي لا تنقطع المودة بين الخليفة العباسي والبيت العلويّ، وهذان الإمامان الأب والابن اللذان كان أحدهما ولياً للعهد والآخر صهراً للخليفة لم يكونا بحاجة إلى العمل بالتقية ولم يطلبا من الشيعة أن يتخذوا من التقية وسيلة لمآربهم.
وبعد الإمام " الجواد " يأتي دور " عليّ " وابنه " الحسن العسكري " الإمام العاشر والحادي عشر للشيعة، وقد سكنا عاصمة الخلافة العباسية وعاصرا عهد " المتوكل " وابنه " المعتصم " وكان بيت الإمامين موئلاً للزوار وكانا يقومان بشؤون المسلمين الدينية ونشر مذهب " أهل البيت " ومن يتابع حياة هذين الإمامين يعلم أنهما كانا من أبعد الناس عن التقية أيضاً ومع أن عيون الخلفاء كانت تراقبهما وتراقب حركاتهما ودعواتهما إلى مذهب " أهل البيت " التي كانت في الحقيقة معارضة للخلافة العباسية إلا أن الإمامين لم يباليا بذلك وسلكا طريق الحق في أداء رسالتهما.
لقد أوردنا هذه الخلاصة من حياة أئمة الشيعة لنثبت أن فكرة التقية التي ظهرت بالمفهوم الشيعي الخاص إنما ظهرت في أواسط القرن الرابع الهجري وهو بعد الإعلان عن غيبة الإمام الثاني عشر وأنها ظهرت في مستهل ظهور عصر الصراع بين الشيعة والتشيع وعندما أرادت الزعامات الشيعية المذهبية والسياسية والفكرية أن تتخذ العمل السريّ وسيلة للقضاء على الخلافة العباسية الحاكمة والإعلان بعدم شرعيتها، وكان من الطبيعي أن يضاف إلى فكرة التشيع لِعَلِيّ وأهل بيته عنصراً جديداً يدعم الفكرة دعماً كبيراً فأضيفت فكرة النص الإلهي - كما قلنا - إلى الخلافة وأصبحت منذ ذلك الحين تشغل حيِّزاً كبيراً من صميم العقيدة، ويمكن القول إن العمل السريّ المذهبيّ بدأ من عصر ظهرت التقية فيه بمظهر الواجب الشرعي الذي يجب أن يتبعه كل من له فكرة دينية ويخشى أن يجهر بها أمام السلطة الحاكمة أو الأكثرية الإسلامية، ولذلك كانت للتقية دور كبير في إسناد الزعامات المذهبية الشيعية التي ظهرت بعد الغيبة الكبرى، فبالتقية استمرت تلك الزعامات في نشاطها وفي مأمن من السلطة الحاكمة، كما أن الأموال كانت تصل إليها تحت غطاء التقية أيضاً، وهكذا أخذت التقية تسري في الفكر الشيعي والعمل الشيعي طيلة قرون عديدة وأخذت طابعاً حزيناً في تكوين الشخصية الشيعية، وإنني لا أشك من أن التقية كانت من أهم الأسباب التي أدت إلى التخلف الفكري والاجتماعي والسياسي للمجتمعات الشيعية أينما وجدت فقد سرت في دمائهم ومنعتهم من الظهور بالمظهر الذي كانوا عليه خوفاً أو خجلاً وحتى في " إيران " القطر الشيعي وعندما كانت السلطة الحاكمة شيعية خالصة كان الشعب الإيراني يسلك طريق التقية كواجب ديني لمواجهة بطش السلطان واستبداده فيضمر لهم بالقلب ما يناقضه في العلن، وهكذا تميز الشعب الإيراني الشيعي كسائر نظرائه من الشيعة بازدواجية الشخصية، وإنني لا أشك أبداً أن التقية -قاتلها الله- لعبت دوراً كبيراً في إبقاء الشيعة بعيدة عن الفرق الإسلامية الأخرى كما أنها سببت في رميها بأمور عجيبة وغريبة ما أنزل الله بها من سلطان وهي بريئة منها، ولكن الدفاع عن تلك الاتهامات والأوهام لاقى صعوبة بالغة بسبب اشتهار الشيعة بالتقية ورميهم بإخفاء الحقيقة في كل شيء ومما يحزن له قلبي ويعصره عصراً هو أن التقية في الفكر الشيعي تجاوزت عامة الناس واستقرت في أعماق قلوب القادة من زعماء المذهب، الأمر الذي كان السبب في دعوتنا لتخليص الشيعة من تلك الزعامات، فعندما يرتضي القائد الديني لنفسه أن يسلك طريق الخداع مع الناس في القول والعمل باسم التقية فكيف ينتظر الصلاح من عامة الناس؟
وفي الوقت الذي أكتب فيه هذه السطور وفي عهد وطأت أقدام الإنسان على سطح القمر وأصبحت الحرية الفكرية والكلامية مقدسة تدافع عن مكنونات الإنسان وعقائده خيراً كانت أو شراً يعيش المجتمع الشيعي بقيادة زعاماته مغلقاً على نفسه بالتقية، فيظهر شيئاً ويبطن شيئاً آخر، فلا أعتقد أنه يوجد زعيم شيعي واحد في شرق الأرض وغربها يستطيع أن يعلن رأيه حتى في كثير من البدع التي ألصقت بالمذهب الشيعي خوفاً ورهبةً من الجماهير الشيعية التي درّبتها الزعامات تلك على العمل بتلك البدع فأصبحت جزءاً من كيانها، فمثلاً - وليس على سبيل الحصر - الشهادة الثالثة (أشهد أن علياً ولي الله) التي يتفق عليها علماء المذهب الشيعي بأنها بدعة لم تكن معروفة في عهد الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم والصحابة وحتى في عهد الإمام " علي " وأئمة الشيعة وكلهم يجمعون على أن من قالها في آذان الصلوات بقصد " الورود " أي أنه وارد في الشريعة عمل عملاً محرماً وأتى ببدعة، مع كل هذا لا يوجد زعيم شيعي واحد يستطيع أن يشير إلى هذا الأمر قولاً أو كتابة، كما أنه لا يوجد زعيم شيعي واحد يستطيع أن يصارح جمهور المسلمين بحقيقة الخلاف السائد بين الشيعة والسنة والعمل على رفعه، وكما قلنا فإن من أهم عناصر الخلاف الموجودة بين الشيعة والسنة هو تجريح الشيعة للخلفاء الراشدين وصحابة الرسولصلى الله تعالى عليه وآله وسلم وبعض أزواجه، وإذا لم يرفع هذا العائق من قائمة الخلاف فسيبقى الخلاف مستحكماً بين الفريقين إلى أبد الآبدين فلا المؤتمرات الإسلامية تجدي ولا الكلمات الإصلاحية الرنانة تنفع ولا خطب المصلحين توقف ثورة الحقد والغضب الكامنة في هذا التجريح المستشري في العقول والقلوب وبطون الكتب وهمس الهامسين.
وهنا أيضاً يسلك زعماء المذهب طريق التقية أيضاً في معالجتهم لهذا الأمر فينسبون التجريح والسب والشتم إلى جهال الشيعة في حين أن كتب الرواة والمحدثين والعلماء والفقهاء من الشيعة الإمامية هي التي ذكرت تلك الأقوال ومنها تسربت إلى قلب عامة الشيعة ولسانها، فيا ترى هل تقع الملامة على الخاصة أم على العامة؟ ولا أعتقد زعيماً دينياً واحداً من زعماء المذهب الشيعي قديماً وحديثاً قد قام بغربلة الكتب الشيعية من الروايات التي تنسب زوراً إلى الأئمة في تجريح الخلفاء وغيرها من الروايات التي يحكم العقل السليم ببطلانها وعدم صدورها من الإمام مع أن علماء المذهب كلهم مجمعون أيضاً بأن الكتب التي يعتمدون عليها في الشؤون المتعلقة بالمذهب فيها روايات باطلة غير صحيحة وهم يذعنون بأن هذه الكتب تجمع بين طياتها الصدف والخزف والصحيح والسقيم، ومع ذلك لم يسلك هؤلاء الزعماء طريق إصلاح مثل هذه الروايات، فإذا كانت زعاماتنا الشيعية تتصف بالشجاعة وتؤمن بالمسؤولية الملقاة على عاتقها في رفع الخلاف لتحملت مسؤولية الخلاف بكاملها ولعملت على إزالة مثل هذه الروايات من بطون الكتب وعقول الشيعة ولفتحت صفحةً جديدةً في تاريخ الإسلام ولَعَمَّ الخير على جميع المسلمين، أما الفرار من المسؤولية وإلصاقها بالعوام من الناس تهرباً من الحقيقة والواقع تحت غطاء شرعية التقية فهذا أمر يوحي بالأسف الشديد، وعندما أكتب هذه السطور هناك آلاف مؤلفة من الشيعة الإمامية يعملون بالتقية في أعمالهم الشرعية فهم يحملون معهم التربة الحسينية التي يسجدون عليها في مساجدهم ولكنهم يخفونها في مساجد السنة مقتدياً بإمام المسجد وإذا عادوا إلى بيوتهم أعادوا الصلاة عملاً بالتقية معتمدين على روايات نسبت إلى أئمة الشيعة في التقية وأفتوا علماء الشيعة مستندين عليها في وجوب التقية ولكل هذا نحن نحث الشيعة إلى اتباع التصحيح الآتي:
ينبغي على الشيعة في كل الأرض أن تقف من التقية موقف الإنسان الكريم الذي يحترم عقيدته وذاته ويجب أن يكون متصفاً بالإباء والشِّيَم التي هي من الأخلاق الفاضلة، وأن يفكر ملياً في الآثار النفسية التي تحدث له هذه الازدواجية في الشخصية والاضطراب بين القول والفعل والتي تتنافى مع الصدق وتتناقض مع صفات المسلم المخلص، فأي كلام أو عمل يصدر من الإنسان وفيه رياء أو خداع لا بد وأن فيه مغايرة مع المنطق أو عمل الجماعة والأكثرية، ولذلك يجب على المسلم الحقيقي أن يقلع عن كلام أو عمل لا يستسيغه المجتمع الإسلامي سراً كان أو جهراً وأن يترفع من الظهور بمظهر الإنسان المرائي المخادع، على القواعد الشيعية ولا سيما المثقفين منهم أن يحاسبوا زعاماتهم المذهبية حساباً عسيراً في سوقهم إياهم على هذا الدرب الشائك لأغراض في نفوسهم، إن على الشيعة أن تجعل نصب أعينها تلك القاعدة الأخلاقية التي فرضها الإسلام على المسلمين وهي أن المسلم لا يخادع ولا يداهن ولا يعمل إلا الحق ولا يقول إلا الحق ولو كان عليه وأن الحسن حسن في كل مكان والعمل القبيح قبيح في كل مكان وليعلموا أيضاً أن ما نسبوه إلى الإمام الصادق من أنه قال: "التقية ديني ودين آبائي) إن هو إلا كذب وزور وبهتان على ذلك الإمام العظيم.
المصدر:
الشيعة والتصحيح لموسى الموسوي – ص35