المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: دلالة اسم عبدك - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأول: الزواج

- ‌المبحث الثاني: المسيحية وترك الدنيا:

- ‌المبحث الثالث: الزّاويَةُ وَالملْبَسُ:

- ‌المبحث الرابع: المذاهبُ الهنْديّة وَالفَارسيَّة:

- ‌المبحث الخامس: الأفلَاطونيّة الحَدِيثَة:

- ‌الفصل العاشر: التصوف عند الوثنيين وأهل الكتاب

- ‌المبحث الأول: الصوفية عند الوثنيين

- ‌المطلب الأول: الطاوية (منتشرة في الصين)

- ‌المطلب الثاني: الجينينة (نسبة إلى جينا، أي: القاهر والمتغلب)

- ‌المطلب الثالث: الهندوسية

- ‌المطلب الأول: عند اليهود

- ‌المطلب الثاني: عند النصارى

- ‌الفصل الحادي عشر: الخلوات الصوفية ومنها الخلوات التجانية

- ‌المبحث الأول: الدليل على الخلوات الصوفية حسب زعمهم

- ‌المطلب الأول: مدة الخلوة

- ‌المطلب الثاني: شروط الخلوة الصوفية

- ‌المبحث الثالث: أقسام الخلوات الصوفية

- ‌المبحث الرابع: تثبيط الصوفية أتباعهم عن الجهاد في سبيل الله وقتال الكفار وتسميتهم للجهاد بالجهاد الأصغر وتسميتهم لما يسمونه جهاد النفس بالجهاد الأكبر

- ‌الفصل الثاني عشر: كيفية الدخول في المذهب الصوفي

- ‌الفصل الثالث عشر: أصول الصوفية

- ‌المبحث الأول: عقيدة المتصوفة في الإله عز وجل

- ‌المبحث الثاني: وحدة الشهود أو الفناء وبيان العلاقة بين وحدة الشهود ووحدة الوجود

- ‌المبحث الثالث: الولاية وبيان بعض المصطلحات الصوفية

- ‌المبحث الأول: معنى التزكية وأهميتها

- ‌المبحث الثاني: مقارنة بين أهل السنة والصوفية في مناهج التزكية

- ‌المبحث الثالث: منهج التزكية عند الصوفية

- ‌المبحث الرابع: مقارنة بين أهل السنة والصوفية في غاية التزكية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الشرعيَّة والحقيقة

- ‌المبحث الثاني: الحقيقة المحمَدية

- ‌المبحث الثالث: وحدة الأديان

- ‌المبحث الرابع: الأولياء والكرامات

- ‌المبحث الخامس: الأقطاب والأوتاد

- ‌المبحث السادس: الشطح واللامعقول

- ‌المبحث الأول: تربية ذليلة

- ‌المبحث الثاني: المتصَوفة وعلم الحَديث

- ‌المبحث الثالث: البطالة والانحِلَال

- ‌المبحث الرابع: السَّمَاع وَالذِكر

- ‌المبحَث الخامِس المتصَوفة والجهَاد

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الإيمان بالغيب في الكتاب والسنة

- ‌المبحث الثاني: الغيب في المعتقد الصوفي

- ‌المبحث الثالث: عبدالكريم الجيلي وكتابه (الإنسان الكامل)

- ‌المبحث الرابع: ادعاء رؤية العوالم العلوية والسفلية

- ‌المبحث الخامس: ما الذي يريده هؤلاء الملاحدة

- ‌المبحث السادس: الغزالي وطريق الكشف

- ‌المبحث السابع: ابن عربي والكشف الصوفي

- ‌المبحث الثامن: نماذج من الكشف الصوفي

- ‌الفصل التاسع عشر: الشطحات الصوفية

- ‌الفصل العشرون: التكاليف في نظر الصوفية

- ‌المبحث الأول: تعريف الذكر الجماعي

- ‌المبحث الثاني: نشأة الذكر الجماعي

- ‌المبحث الثالث: حجج المجوّزين للذكر الجماعي وأدلتهم

- ‌المبحث الرابع: حجج المانعين من الذكر الجماعي وأدلتهم

- ‌المبحث الخامس: صفة الذكر

- ‌المبحث السادس: حكم الذكر الجماعي

- ‌المبحث السابع: مفاسد الذكر الجماعي

- ‌المبحث الثامن: فضائل مكذوبة للأذكار الصوفية

- ‌الفصل الثاني والعشرون: الوجد والرقص عند الصوفية

- ‌الفصل الثالث والعشرون: الكرامات وخوارق العادات عند الصوفية

- ‌المبحث الأول: أبو يزيد البسطامي ومعراجه

- ‌المبحث الثاني: معراج إسماعيل بن عبدالله السوداني

- ‌المبحث الأول: الولاية الرحمانية

- ‌المبحث الثاني: الولاية الصوفية الشيطانية

- ‌المبحث الثالث: مراتب الولاية عند الصوفية

- ‌المبحث الرابع: القطب الغوث واحد في الزمان فقط

- ‌المبحث الخامس: قطب سنة 593هـ من مدينة فاس بالمغرب

- ‌المبحث السادس: وظيفة القطب

- ‌المبحث السابع: الأبدال السبعة ووظائفهم

- ‌المبحث الثامن: مدة حكم القطب ووظيفته

- ‌المبحث التاسع: ابن عربي القطب الأعظم

- ‌المبحث الأول: الحكيم الترمذي وكتابه (ختم الأولياء)

- ‌المبحث الثاني: ابن عربي وختم الولاية

- ‌المبحث الثالث: محمد عثمان الميرغني وختم الولاية

- ‌المبحث الرابع: أحمد التيجاني وختم الولاية

- ‌المطلب الأول: الإسلام لم يأت بتقديس القبور والأضرحة

- ‌المطلب الثاني: تعامل الصحابة مع ما عرف من قبور الأنبياء

- ‌المطلب الثالث استمرار ما درج عليه الصحابة من الهدي في تسوية القبور والنهي عن تعظيمها إلى نهاية القرون المفضلة

- ‌المطلب الأول هدي اليهود والنصارى في اتخاذ القبور مساجد واستحقاقهم اللعن على ذلك وتحذير النبي صلى الله عليه وسلم من فعلهم

- ‌المطلب الثاني: النهي عن التشبه باليهود والنصارى

- ‌المطلب الثالث: الرافضة هم أول من أحدث المشاهد المعظمة في الملة الإسلامية وغلوا في أصحابها حتى عبدت من دون الله تعالى

- ‌المبحث الثالث: واقع القبورية في العالم الإسلامي

- ‌المبحث الرابع: أشهر هذه القبور في العالم الإسلامي

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الفضائل المفتراة التي يروجون بها لزيارة هود عليه السلام

- ‌المطلب الثاني: نماذج من أشعار القوم في الترويج لها

- ‌المطلب الثالث: وسائل جذب الزوار لهذه الزيارة

- ‌المطلب الرابع: مظاهر وثنية في هذه الزيارة

- ‌المطلب الخامس: الطقوس الوثنية فيها

- ‌أولا: المناسك الزمانية

- ‌ثانياً: المناسك المكانية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: هيئة الديوان

- ‌المبحث الثاني: زعمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر الديوان

- ‌المبحث الثالث: ساعة انعقاد الديوان

- ‌المبحث الرابع: زوجات النبي صلى الله عليه وسلم والديوان

- ‌المبحث الخامس: زعمهم حضور الملائكة للديوان

- ‌المبحث السادس: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وفاطمة والحسن والحسين أعضاء في الديوان

- ‌المبحث السابع: لغة أهل الديوان

- ‌المبحث الثامن: أولياء يحضرون الديوان بأرواحهم فقط

- ‌المبحث التاسع: الديوان يعقد في صحراء السودان أحياناً

- ‌المبحث العاشر: ماذا لو غاب الغوث

- ‌المبحث الحادي عشر: الغوث الصوفي دكتاتور كبير

- ‌المبحث الثاني عشر: أولياء ينظرون في اللوح المحفوظ

- ‌المبحث الثالث عشر: لماذا يجتمع أهل الديوان

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: اتخاذ الشيخ

- ‌المبحث الثاني: مواصفات الشيخ

- ‌المبحث الثالث: آداب المريد

- ‌الفصل الثلاثون: تراجم زعماء الصوفية

- ‌الفصل الحادي والثلاثون: موقف بعض العلماء من التصوف

- ‌المبحث الأول: موقف الإمام الشافعي

- ‌المبحث الثاني: موقف الإمام أحمد بن حنبل

- ‌المبحث الثالث: موقف الإمام أبو زرعة الدمشقي

- ‌المبحث الرابع: موقف الإمام أبو اليسر محمد بن محمد بن عبدالكريم البزودي المتوفى سنة 478هـ ببخارى

- ‌المبحث الخامس: موقف الإمام ابن الجوزي

- ‌المبحث السادس: موقف الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌المبحث السابع: موقف الإمام برهان الدين البقاعي المتوفى سنة 885ه

- ‌المبحث الثامن: شهادة الدكتور الشيخ تقي الدين الهلالي

- ‌المبحث التاسع: مع الشيخ الفاطمي الشرادي

- ‌المبحث العاشر: مع الشيخ عبدالعزيز بن إدريس

- ‌المبحث الحادي عشر: شهادة الشيخ عبدالرحمن الوكيل

- ‌المبحث الأول: أوائل المتصوفة وعلاقتهم بالتشيع

- ‌المبحث الثاني: دلالة اسم عبدك

- ‌المبحث الثالث: سلاسل التصوف

- ‌المبحث الرابع: نزول الوحي وإتيان الملائكة

- ‌المبحث الخامس: المساواة بين النبي والولي

- ‌المبحث السادس: تفضيل الولي على النبي

- ‌المبحث السابع: إجؤاء النبوة

- ‌المبحث الثامن: العصمة

- ‌المبحث التاسع: عدم خلو الأرض من حجة

- ‌المبحث العاشر: وجوب معرفة الإمام

- ‌المبحث الحادي عشر: الولاية والوصاية

- ‌المبحث الثاني عشر: الحلول والتناسخ

- ‌المبحث الثالث عشر: مراتب الصوفية

- ‌المبحث الرابع عشر: التقية

- ‌المبحث الخامس عشر: الظاهر والباطن

- ‌المبحث السادس عشر: نسخ الشريعة ووضع التكاليف

- ‌المبحث السابع عشر: تقديس القبور وزيارة المشاهد

- ‌المطلب الأول: الحلاج والتشيع

- ‌المطلب الثاني: الحلاج داعية الإسماعيلية في المشرق

- ‌المطلب الثالث: شهادة العمار الحنبلي أن الحلاج قرمطي

- ‌المطلب الرابع: الحلول عند الحلاج الصوفي وعند أبي الخطاب الشيعي

- ‌المبحث التاسع عشر: الطرق الصوفية والتشيع

- ‌المطلب الأول: الطريقة البكتاشية

- ‌المطلب الثاني: الطريقة البكتاشية تنتشر في مصر

- ‌المطلب الثالث: أصول الطريقة البكتاشية

- ‌المطلب الرابع: مراتب الطريقة البكتاشية

- ‌المطلب الخامس: التكية البكتاشية

- ‌المطلب السادس: العهد ودخول الطريقة

- ‌المطلب السابع: آداب الطريقة البكتاشية

- ‌المطلب الثامن: الأوراد البكتاشية

- ‌المطلب التاسع: دور الفرس في التشيع والتصوف

- ‌المبحث الأول: طلب الهداية في غير الكتاب والسنة

- ‌المبحث الثاني اعتقادهم بأن هناك حقيقة تخالف الشريعة

- ‌المبحث الثالث: الغلو الزائد في الرسول صلى الله عليه وسلم والأولياء

- ‌المطلب الأول: غلوهم في الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني غلوهم في الأولياء

- ‌المبحث الرابع: تأثرهم بالفكر اليوناني الوثني

الفصل: ‌المبحث الثاني: دلالة اسم عبدك

‌المبحث الثاني: دلالة اسم عبدك

وأما الثاني فهو عبد الله الصوفي فأيضا ذكره كل من المستشرق ماسينيون والباحث الإيراني الشيعي الدكتور قاسم غني، والشيعي العراقي دكتور مصطفى الشبيبي وغيرهم، شاهدين بأنه كان شيعيا مغاليا.

فيقول ما سينيون:

(أما صيغة الجمع (الصوفية) التي ظهرت عام 199هـ (814 م) في خبر فتنة قامت بالإسكندرية فكانت تدل – قرابة ذلك العهد فيما يراه المحاسبي والجاحظ – على مذهب من مذاهب التصوف الإسلامي يكون شيعيا نشأ في الكوفة، وكان عبدك الصوفي آخر أئمته، وهو من القائلين بأن الإمامة بالتعيين، وكان لا يأكل اللحم، وتوفي ببغداد حوالي عام 210هـ (825 م).وإذن فكلمة (صوفي) كانت أول أمرها مقصورة على الكوفة (1).

وكتب الدكتور (قاسم غني) عنه:

(كان رجلا معتزلا الناس، زاهدا، وكان أول من لقب بلقب الصوفي – وأضاف الدكتور قاسم غني: وهذا اللفظ كان يطلق في تلك الأيام على بعض زهاد الشعية من الكوفيين، وقد أطلقت هذه الكلمة أيضا في سنة 199هـ على بعض الناس مثل ثوار الإسكندرية، ولأن عبدك كان لا يأكل اللحم، عده بعض المعاصرين من الزنادقة. وكذلك يقول ماسينيون: لم يكن السالكون في القرون الأولى يعرفون باسم الصوفية، وقد عرف الصوفي في القرن الثالث، وأول من اشتهر في بغداد بهذا الاسم هو عبدك الصوفي الذي كان من كبار شيوخهم وأقطابهم، وهو سابق على بشر بن الحارث الحافي المتوفى سنة مائتين وسبع وعشرين، وأيضا قبل السري السقطي المتوفى في سنة مائتين وخمس وعشرين. وبناء على ذلك نالت كلمة الصوفي شهرة في بادئ الأمر في الكوفة، ثم أصبحت أهميتها كبيرة بعد نصف قرن في بغداد، وصار المقصود من كلمة الصوفية جماعة عرفاء العراق بازاء جماعة الملامتية الذين كانوا من عرفاء خراسان، وتجاوز الإطلاق حده منذ القرن الرابع وما بعده. وأصبح المقصود من إطلاق كلمة الصوفية، جميع عرفاء المسلمين. وارتداء الصوف أي الجبة البيضاء الصوفية الذي كان حوالي أواخر القرن الأول من عادة الخوارج والمسيحيين (2).

هذا ونقل الشبيبي عن السمعاني أنه قال: (إن اسم عبدك هو عبد الكريم، وأن حفيده محمد بن علي بن عبدك الشيعي كان مقدم الشيعة (3).

ثم قال: (وهكذا يبدو عبدك جامعا لاتجاهات عديدة مختلفة نابعة من التشيع، الممتزجة بالزهد المتأثر بظروف الكوفة التي انتقل منها كثير من سكانها إلى بغداد، بعد أن صارت عاصمة للدولة الجديدة، والمهم في شأن عبدك أنه أول كوفي يطلق عليه اسم صوفي بعد انتقاله إلى بغداد

وقد رأينا أن لبس الصوف قد نبع من بيئة الكوفة التي عرفت بتمسكها بالتشيع ومعارضتها وحربها بالسيف أو بالقول أو بالقلب لمن نكل بالأئمة العلويين، وذلك – إذا صح – يقطع بأن التصوف في أصوله الأولى كان متصلا بالتشيع (4).

هذا ولقد ذكره أيضا من المتقدمين الملطي بقوله: (إن عبدك كان رأس فرقة من الزنادقة الذين زعموا أن الدنيا كلها حرام محرم لا يحل الأخذ منها إلا القوت من حيث ذهب أئمة العدل، ولا تحل الدنيا إلا بإمام عادل وإلا فهي حرام، ومعاملة أهلها حرام، فحل لك أن تأخذ القوت من الحرام من حيث كان (5)

فهذا هو الرجل الثاني الذي لقب بلقب الصوفي بداية الأمر.

(1)((دائرة المعارف الإسلامية اردو)) (6/ 419)، أيضا ((التصوف)) لماسينيون ترجمة عربية (ص27).

(2)

((تاريخ التصوف في الإسلام)) للدكتور قاسم غني ترجمة عربية (ص64، 65).

(3)

((الأنساب)) للسمعاني نقلا عن ((الصلة بين التصوف والتشيع)) (ص293).

(4)

((الصلة بين التصوف والتشيع)) (1/ 293).

(5)

((التنبيه والردّ)) للملطي تحقيق محمد زاهد الكوثري (ص1)، ط مصر 1360 هـ.

ص: 355

وأما الثالث فلقد ذكرناه فيما مر، وهو كوفي أيضا، ولكنه من العجائب فهو وإن لم يكن متهما بالتشيع متهم بالزندقة والدهرية كما ذكر الحاج معصوم علي: كان يلبس لباسا طويلا من الصوف كفعل الرهبان، ويرى أنه كان يقول بالحلول والاتحاد مثل النصارى، غير أن النصارى أضافوا الحلول والاتحاد إلى عيسى عليه السلام وأضافهما هو إلى نفسه، وكان مترددا بين هاتين الدعوتين، ولم يعلم على أيهما استقر في النهاية – ونقل عن كتاب (أصول الديانات) أنه -: كان أمويا وجبريا في الظاهر وباطنيا ودهريا في الباطن، وكان مراده من وضع هذا المذهب أن يثير الاضطراب في الإسلام (1).ومن الغرائب أن شخصا آخر وهو ذو النون المصري الذي يقال عنه:(أنه أول من عرف التوحيد بالمعنى الصوفي (2).وهو: (رأس هذه الطائفة، فالكل قد أخذ عنه وأنتسب إليه، وقد كان المشايخ قبله ولكنه أول من فسر الإرشادات الصوفية وتكلم في هذا الطريق (3).وأنه: (هو أول من تكلم في بلده في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية (4).كما أثر عنه بأنه (أول من وضع تعريفات للوجد والسماع (5).

وعلى ذلك قال بحق، الكاتب الإنجليزي المشهور عن الصوفية:(هو أحق رجال الصوفية على الإطلاق بأن يطلق عليه اسم واضع التصوف، وقد اعترف له بالفضل في هذا الميدان كتّاب التراجم المؤرخون من المسلمين (6).

فهذا هو الشخص الآخر من واضعي التصوف، وكان أيضا متهما بالزندقة والاشتغال بالسحر والطلسمات كما نقل الإمام الذهبي عن يوسف بن أحمد البغدادي أنه قال:(كان أهل ناحيته يسمونه بالزنديق (7).

ونقل أيضا عن السلمي أنه قال:

(ذو النون أول من تكلم ببلدته في ترتيب الأحوال، ومقامات الأولياء، فأنكر عليه عبد الله بن عبد الحكم، وهجره علماء مصر. وشاع أنه أحدث علما لم يتكلم فيه السلف، وهجروه حتى رموه بالزندقة. فقال أخوه: أنهم يقولون: إنك زنديق. فقال: ومالي سوى الإطراق والصمت حيلة ووضعي كفى تحت خدي وتذكاري (8).

وقال الإمام الذهبي: (وقل ما روى الحديث ولا كان يتقنه، وقال الدارقطني: روى عن مالك أحاديث فيها نظر (9).والصوفي المشهور فريد الدين العطار يكتب في ترجمته أنه (كان من الملامتية لأنه أخفى تقواه بظهوره في الناس بالاستخفاف بأمور الشرع، ولذلك عده المصريون زنديقا، ولو أنهم اعترفوا له بالولاية بعد موته (10).

وقد ذكره ابن النديم من الملمين بعلم الكيمياء، والعارفين به والكاتبين فيه (11).

(1)((طرائق الحقائق)) للحاج معصوم على (1/ 101).

(2)

انظر ((الرسالة القشيرية)) لأبي القاسم عبد الكريم القشيري بتحقيق عبد الحليم محمود ط دار الكتب الحديثة – القاهرة.

(3)

((نفحات الأنس)) للجامي (ص33) الطبعة الفارسية إيران.

(4)

((النجوم الزاهرة)) للتغري البردي الأتابكي (2/ 320) ط وزارة الثقافة مصر.

(5)

((الرسالة القشيرية)) تحقيق عبد الحليم محمود ط القاهرة.

(6)

في ((التصوف الإسلامي وتاريخه)) لينكسون ترجمة أبي العلاء العفيفي (ص7) ط القاهرة.

(7)

انظر ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (11/ 533).

(8)

((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (ص534).

(9)

((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (ص533).

(10)

((تذكرة الأولياء)) لفريد الدين العطار (ص69) ط باكستان، أيضا في ((التصوف الإسلامي وتاريخه)) لنيكلسون (ص9).

(11)

انظر ((ابن النديم)) (ص503، 504).

ص: 356

ويذكره القفطي بقوله: (ذو النون بن إبراهيم الإخميمي المصري، من طبقة جابر بن حيان في انتحال صناعة الكيمياء، وتقلد علم الباطن والإشراف على كثير من علوم الفلسفة. وكان كثير الملازمة لبربا بلدة إخميم، فإنها بيت من بيوت الحكمة القديمة، وفيها التصاوير العجيبة والمثالات الغريبة التي تزيد المؤمن إيمانا، والكافر طغيانا. ويقال: أنه فتح عليه علم ما فيها بطريق الولاية. وكانت له كرامات (1).وكذلك المسعودي يذكر أنه (جمع معلوماته عن ذي النون من أهل إخميم عندما زار هذا البلد. وهو يروي عنهم أن أبا الفيض ذا النون المصري الإخميمي الزاهد كان حكيما سلك طريقا خاصا، وأتخذ في الدين سيرة خاصة، وكان من المعنيين بحل رموز البرابي في إخميم، كثير التطواف بها. وأنه وفق إلى حل كثير من الصور والنقوش المرسومة عليها، ثم يذكر المسعودي ترجمة لطائفة من هذه النقوش التي ادعى ذو النون أنه قرأها وحلها (2).ثم وبعد ذكر هذه العبارات كتب نيكلسون ما خلاصته: (أن ذا النون كان كثير العكوف على دراسة النقوش البصرية المكتوبة على المعابد وحل رموزها، كما كانت مصر القديمة في نظر المسلمين مهد علوم الكيمياء والسحر وعلوم الأسرار، وكان هو من أصحاب الكيمياء والسحر مع أن الإسلام حرم السحر، ولذلك ستره بلباس الكرامات، ومن هنا بدا تأثير السحر في التصوف، ويؤيد ذلك استخدام ذي النون الأدعية السحرية واستعماله البخور لذلك كما ذكره القشيري في رسالته (3).

فهذا هو الرجل الآخر من الثلاثة الأول الذين يقال عنهم بأنهم أول من لقبوا بهذا اللقب، ووصفوا بهذا الوصف، وعرفوا بهذا الرسم أو عرّفوا هذا الطريق إلى الناس بادئ ذي بدء.

‌المصدر:

التصوف المنشأ والمصادر لإحسان إلهي ظهير

(1)((إخبار العلماء بأخبار الحكماء)) (ص185) المنقول من كتاب في ((التصوف الإسلامي وتاريخه)) لنيلكسون (ص9).

(2)

انظر في ((التصوف الإسلامي وتاريخه)) نقلا عن مروج الذهب.

(3)

انظر في ((التصوف الإسلامي وتاريخه)) نقلا عن مروج الذهب.

ص: 357