المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني عشر: كيفية الدخول في المذهب الصوفي - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأول: الزواج

- ‌المبحث الثاني: المسيحية وترك الدنيا:

- ‌المبحث الثالث: الزّاويَةُ وَالملْبَسُ:

- ‌المبحث الرابع: المذاهبُ الهنْديّة وَالفَارسيَّة:

- ‌المبحث الخامس: الأفلَاطونيّة الحَدِيثَة:

- ‌الفصل العاشر: التصوف عند الوثنيين وأهل الكتاب

- ‌المبحث الأول: الصوفية عند الوثنيين

- ‌المطلب الأول: الطاوية (منتشرة في الصين)

- ‌المطلب الثاني: الجينينة (نسبة إلى جينا، أي: القاهر والمتغلب)

- ‌المطلب الثالث: الهندوسية

- ‌المطلب الأول: عند اليهود

- ‌المطلب الثاني: عند النصارى

- ‌الفصل الحادي عشر: الخلوات الصوفية ومنها الخلوات التجانية

- ‌المبحث الأول: الدليل على الخلوات الصوفية حسب زعمهم

- ‌المطلب الأول: مدة الخلوة

- ‌المطلب الثاني: شروط الخلوة الصوفية

- ‌المبحث الثالث: أقسام الخلوات الصوفية

- ‌المبحث الرابع: تثبيط الصوفية أتباعهم عن الجهاد في سبيل الله وقتال الكفار وتسميتهم للجهاد بالجهاد الأصغر وتسميتهم لما يسمونه جهاد النفس بالجهاد الأكبر

- ‌الفصل الثاني عشر: كيفية الدخول في المذهب الصوفي

- ‌الفصل الثالث عشر: أصول الصوفية

- ‌المبحث الأول: عقيدة المتصوفة في الإله عز وجل

- ‌المبحث الثاني: وحدة الشهود أو الفناء وبيان العلاقة بين وحدة الشهود ووحدة الوجود

- ‌المبحث الثالث: الولاية وبيان بعض المصطلحات الصوفية

- ‌المبحث الأول: معنى التزكية وأهميتها

- ‌المبحث الثاني: مقارنة بين أهل السنة والصوفية في مناهج التزكية

- ‌المبحث الثالث: منهج التزكية عند الصوفية

- ‌المبحث الرابع: مقارنة بين أهل السنة والصوفية في غاية التزكية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الشرعيَّة والحقيقة

- ‌المبحث الثاني: الحقيقة المحمَدية

- ‌المبحث الثالث: وحدة الأديان

- ‌المبحث الرابع: الأولياء والكرامات

- ‌المبحث الخامس: الأقطاب والأوتاد

- ‌المبحث السادس: الشطح واللامعقول

- ‌المبحث الأول: تربية ذليلة

- ‌المبحث الثاني: المتصَوفة وعلم الحَديث

- ‌المبحث الثالث: البطالة والانحِلَال

- ‌المبحث الرابع: السَّمَاع وَالذِكر

- ‌المبحَث الخامِس المتصَوفة والجهَاد

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الإيمان بالغيب في الكتاب والسنة

- ‌المبحث الثاني: الغيب في المعتقد الصوفي

- ‌المبحث الثالث: عبدالكريم الجيلي وكتابه (الإنسان الكامل)

- ‌المبحث الرابع: ادعاء رؤية العوالم العلوية والسفلية

- ‌المبحث الخامس: ما الذي يريده هؤلاء الملاحدة

- ‌المبحث السادس: الغزالي وطريق الكشف

- ‌المبحث السابع: ابن عربي والكشف الصوفي

- ‌المبحث الثامن: نماذج من الكشف الصوفي

- ‌الفصل التاسع عشر: الشطحات الصوفية

- ‌الفصل العشرون: التكاليف في نظر الصوفية

- ‌المبحث الأول: تعريف الذكر الجماعي

- ‌المبحث الثاني: نشأة الذكر الجماعي

- ‌المبحث الثالث: حجج المجوّزين للذكر الجماعي وأدلتهم

- ‌المبحث الرابع: حجج المانعين من الذكر الجماعي وأدلتهم

- ‌المبحث الخامس: صفة الذكر

- ‌المبحث السادس: حكم الذكر الجماعي

- ‌المبحث السابع: مفاسد الذكر الجماعي

- ‌المبحث الثامن: فضائل مكذوبة للأذكار الصوفية

- ‌الفصل الثاني والعشرون: الوجد والرقص عند الصوفية

- ‌الفصل الثالث والعشرون: الكرامات وخوارق العادات عند الصوفية

- ‌المبحث الأول: أبو يزيد البسطامي ومعراجه

- ‌المبحث الثاني: معراج إسماعيل بن عبدالله السوداني

- ‌المبحث الأول: الولاية الرحمانية

- ‌المبحث الثاني: الولاية الصوفية الشيطانية

- ‌المبحث الثالث: مراتب الولاية عند الصوفية

- ‌المبحث الرابع: القطب الغوث واحد في الزمان فقط

- ‌المبحث الخامس: قطب سنة 593هـ من مدينة فاس بالمغرب

- ‌المبحث السادس: وظيفة القطب

- ‌المبحث السابع: الأبدال السبعة ووظائفهم

- ‌المبحث الثامن: مدة حكم القطب ووظيفته

- ‌المبحث التاسع: ابن عربي القطب الأعظم

- ‌المبحث الأول: الحكيم الترمذي وكتابه (ختم الأولياء)

- ‌المبحث الثاني: ابن عربي وختم الولاية

- ‌المبحث الثالث: محمد عثمان الميرغني وختم الولاية

- ‌المبحث الرابع: أحمد التيجاني وختم الولاية

- ‌المطلب الأول: الإسلام لم يأت بتقديس القبور والأضرحة

- ‌المطلب الثاني: تعامل الصحابة مع ما عرف من قبور الأنبياء

- ‌المطلب الثالث استمرار ما درج عليه الصحابة من الهدي في تسوية القبور والنهي عن تعظيمها إلى نهاية القرون المفضلة

- ‌المطلب الأول هدي اليهود والنصارى في اتخاذ القبور مساجد واستحقاقهم اللعن على ذلك وتحذير النبي صلى الله عليه وسلم من فعلهم

- ‌المطلب الثاني: النهي عن التشبه باليهود والنصارى

- ‌المطلب الثالث: الرافضة هم أول من أحدث المشاهد المعظمة في الملة الإسلامية وغلوا في أصحابها حتى عبدت من دون الله تعالى

- ‌المبحث الثالث: واقع القبورية في العالم الإسلامي

- ‌المبحث الرابع: أشهر هذه القبور في العالم الإسلامي

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الفضائل المفتراة التي يروجون بها لزيارة هود عليه السلام

- ‌المطلب الثاني: نماذج من أشعار القوم في الترويج لها

- ‌المطلب الثالث: وسائل جذب الزوار لهذه الزيارة

- ‌المطلب الرابع: مظاهر وثنية في هذه الزيارة

- ‌المطلب الخامس: الطقوس الوثنية فيها

- ‌أولا: المناسك الزمانية

- ‌ثانياً: المناسك المكانية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: هيئة الديوان

- ‌المبحث الثاني: زعمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر الديوان

- ‌المبحث الثالث: ساعة انعقاد الديوان

- ‌المبحث الرابع: زوجات النبي صلى الله عليه وسلم والديوان

- ‌المبحث الخامس: زعمهم حضور الملائكة للديوان

- ‌المبحث السادس: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وفاطمة والحسن والحسين أعضاء في الديوان

- ‌المبحث السابع: لغة أهل الديوان

- ‌المبحث الثامن: أولياء يحضرون الديوان بأرواحهم فقط

- ‌المبحث التاسع: الديوان يعقد في صحراء السودان أحياناً

- ‌المبحث العاشر: ماذا لو غاب الغوث

- ‌المبحث الحادي عشر: الغوث الصوفي دكتاتور كبير

- ‌المبحث الثاني عشر: أولياء ينظرون في اللوح المحفوظ

- ‌المبحث الثالث عشر: لماذا يجتمع أهل الديوان

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: اتخاذ الشيخ

- ‌المبحث الثاني: مواصفات الشيخ

- ‌المبحث الثالث: آداب المريد

- ‌الفصل الثلاثون: تراجم زعماء الصوفية

- ‌الفصل الحادي والثلاثون: موقف بعض العلماء من التصوف

- ‌المبحث الأول: موقف الإمام الشافعي

- ‌المبحث الثاني: موقف الإمام أحمد بن حنبل

- ‌المبحث الثالث: موقف الإمام أبو زرعة الدمشقي

- ‌المبحث الرابع: موقف الإمام أبو اليسر محمد بن محمد بن عبدالكريم البزودي المتوفى سنة 478هـ ببخارى

- ‌المبحث الخامس: موقف الإمام ابن الجوزي

- ‌المبحث السادس: موقف الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌المبحث السابع: موقف الإمام برهان الدين البقاعي المتوفى سنة 885ه

- ‌المبحث الثامن: شهادة الدكتور الشيخ تقي الدين الهلالي

- ‌المبحث التاسع: مع الشيخ الفاطمي الشرادي

- ‌المبحث العاشر: مع الشيخ عبدالعزيز بن إدريس

- ‌المبحث الحادي عشر: شهادة الشيخ عبدالرحمن الوكيل

- ‌المبحث الأول: أوائل المتصوفة وعلاقتهم بالتشيع

- ‌المبحث الثاني: دلالة اسم عبدك

- ‌المبحث الثالث: سلاسل التصوف

- ‌المبحث الرابع: نزول الوحي وإتيان الملائكة

- ‌المبحث الخامس: المساواة بين النبي والولي

- ‌المبحث السادس: تفضيل الولي على النبي

- ‌المبحث السابع: إجؤاء النبوة

- ‌المبحث الثامن: العصمة

- ‌المبحث التاسع: عدم خلو الأرض من حجة

- ‌المبحث العاشر: وجوب معرفة الإمام

- ‌المبحث الحادي عشر: الولاية والوصاية

- ‌المبحث الثاني عشر: الحلول والتناسخ

- ‌المبحث الثالث عشر: مراتب الصوفية

- ‌المبحث الرابع عشر: التقية

- ‌المبحث الخامس عشر: الظاهر والباطن

- ‌المبحث السادس عشر: نسخ الشريعة ووضع التكاليف

- ‌المبحث السابع عشر: تقديس القبور وزيارة المشاهد

- ‌المطلب الأول: الحلاج والتشيع

- ‌المطلب الثاني: الحلاج داعية الإسماعيلية في المشرق

- ‌المطلب الثالث: شهادة العمار الحنبلي أن الحلاج قرمطي

- ‌المطلب الرابع: الحلول عند الحلاج الصوفي وعند أبي الخطاب الشيعي

- ‌المبحث التاسع عشر: الطرق الصوفية والتشيع

- ‌المطلب الأول: الطريقة البكتاشية

- ‌المطلب الثاني: الطريقة البكتاشية تنتشر في مصر

- ‌المطلب الثالث: أصول الطريقة البكتاشية

- ‌المطلب الرابع: مراتب الطريقة البكتاشية

- ‌المطلب الخامس: التكية البكتاشية

- ‌المطلب السادس: العهد ودخول الطريقة

- ‌المطلب السابع: آداب الطريقة البكتاشية

- ‌المطلب الثامن: الأوراد البكتاشية

- ‌المطلب التاسع: دور الفرس في التشيع والتصوف

- ‌المبحث الأول: طلب الهداية في غير الكتاب والسنة

- ‌المبحث الثاني اعتقادهم بأن هناك حقيقة تخالف الشريعة

- ‌المبحث الثالث: الغلو الزائد في الرسول صلى الله عليه وسلم والأولياء

- ‌المطلب الأول: غلوهم في الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني غلوهم في الأولياء

- ‌المبحث الرابع: تأثرهم بالفكر اليوناني الوثني

الفصل: ‌الفصل الثاني عشر: كيفية الدخول في المذهب الصوفي

‌الفصل الثاني عشر: كيفية الدخول في المذهب الصوفي

للصوفية طرق عديدة ومسالك مظلمة وقواعد خاصة للتربية حسب منهجهم، وكيفية ذلك عندهم نوجز الكلام عنه فيما يلي:

1 -

أول ما يجب على الداخل هو أن يختار الفرد أو الجماعة من المريدين شيخاً لهم يسلك بهم رياضة خاصة بهم على دعوى وزعم تصفية القلب للوصول بالمريد إلى معرفة الله، هكذا يزعمون وهو في الحقيقة يصل إلى متاهات وضلال بعيد،

ولا يتم السير في الطريق الصوفي إلا إذا عطل المريد عقله وفكره.

2 -

أن يتبع المريد شيخه أتباعاً مطلقاً حتى وإن كان في تحريم الحلال وإحلال الحرام.

3 -

عليه أن يردد ما يردده الشيخ من أذكار.

4 -

ثم يكون وجوباً عليه أن يكون بين يدي شيخه كالميت بين يدي الغاسل يقلبه كيف يشاء، فإن الاعتراض وإبداء الرأي من أكبر الأخطار على المريد وطرده عن رحمة الله.

5 -

وعليه كذلك أن يعتقد أن جميع ما يفعله الشيخ هو الحق والصواب حتى وإن رآه يشرب الخمر ويزني؛ لأن الشيخ لا يفعل الفواحش بروحة وإنما بصورته البشرية لتربية المريدين، وهذا مخرج للصوفي إذا فعل فاحشة، وما أكثر ما يفعلونها تحت هذا الستار، وعلى التلميذ أن لا يفكر في أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ لأنه يتعارض تماماً مع ما يراه زعماء الصوفية من وجوب التسليم للشيخ في كل ما يأتي ويذر.

6 -

كما أنه يجب عليه أن يجتاز تلك الخلوة المفروضة.

7 -

وأن يتصور صورة الشيخ ماثلة أمامه في كل حال، وأن يعتقد أن الشيخ يعلم بكل شيء عنه وهو في داخل خلوته، ويعرف كل شؤونه ما دق منها وما جل.

8 -

وأن لا يغير شيخه بآخر.

9 -

ولا يزور أحد المشايخ والأولياء ما دام في أول أمره.

10 -

وأن يمشي في الطريقة منزلة منزلة حتى يصل إلى القطبانية.

11 -

وألا يخالط المقصرين والبطالين من أهل قيل وقال.

12 -

وألا يضن بماله ولو طلبه الشيخ كله.

13 -

وأن يرضى بالذل الدائم وحرمان النصيب، والجوع الدائم والخمول وذم الناس له، وتقديم أضرابه وأشكاله وأقرانه عليه في الإكرام والعطاء والتقريب عند الشيوخ ومجالس العلماء، فيجوع هو والجماعة يشبعون والكل أعزاء ونصيبه الذل، ويعز الجماعة ويستجيز الذل ويجعله نصيبه. قال الجيلاني بعد أن ذكر ما سبق:"فمن لم يرض بهذا ويوطن نفسه عليه فلا يكاد أن يفتح عليه ويجيء منه شيء"(1)، إلى آخر ما ذكر الجيلاني مما يطول نقله.

(1)(2/ 613) باب فيما يجب على المبتدئ في هذه الطريقة أولاً إلى آخر (ص 169)؛ حيث ذكر الآداب التي تجب على المريد والآداب التي تجب على الشيخ.

ص: 73

وأول المنازل في الطرق الصوفية يسمى فيها الداخل مريداً، أي يريد السير في الطريقة، وتسمى منزلة الإرادة يقبلة الشيخ ويأخذ عليه العهود بالتوبة من الذنوب وصدق النية وترداد الأوراد المقررة عليه من الشيخ، وألا يعتقد أي معتقد لم يقره الشيخ، ولا يحق له الاعتراض على الشيخ حتى إن رآه مخطئاً. ويسمى بعد توجهه وإرادته المذهب الصوفي سالكاً، وبعد استمراره وسلوكه ومواظبته على الأوراد التي يلقنه الشيخ، فإذا أتقنها انتقل إلى مرتبة أخرى تسمى مرتبة العبودية (1)، وعليه أن يكثر من الضراعة والإلحاح إلى الله بترداد ما يمليه عليه المشايخ من أذكار وأوراد. ثم ينتقل المريد إلى مقام آخر حيث تقبل عليه العناية الإلهية وينتقل قلبه إلى مقام العشق لله، وعلى المريد هنا أن يكثر من الرياضة التي توصله إلى ربه فيما يزعمون، فيكثر من الأوراد والعزلة بنفسه والندم الشديد حتى تتملكه – بزعمهم – حال علوية شريفة ينتقل بها إلى مقام يسمى (الوجد (2) والهيام) وهو أسمى من مقام العشق، وعند هذا المقام المزعوم تتوارد على قلب السالك النفحات الربانية، ويعتقدون أنه في هذه الحال تزداد معرفة السالك الباطنة الصفات الذات العلية. وهنا يصل السالك فيما يزعمون إلى الحقيقة وتسمى هذه المرحلة - مقام الحقيقة – التي يعرفها المنوفي بأنها "مشاهدة الربوبية"(3)، وهي في الحقيقة الوصول إلى أعماق الوثنية والحلول، فإذا وصل بزعمهم إلى مقام الحقيقة يمكنه أن يظل يرتقي إلى أن يحقق منازل ثلاثاً هي:"الفناء"، و "اللقاء"، و "البقاء"، والفناء يقصدون به أن يفنى العبد عن كل شيء في الله تعالى، ويصير كما قال الحلاج: ما في الجبة إلا الله.

فالوجود عنده كله يمثل الله – تعالى عن قولهم، وخصوصاً النساء فإنه يتمثل فيهم بصورة أكمل، ومن هنا بدى على أدبهم العشق والغرام والهياج الجنسي إلا أنهم زعموا أن هذا الغزل وهذا الهياج الملتهب إنما هو في الله، وسموه الحب الإلهي يجتمع الرجال والنساء ويرددون إما أبياتاً شعرية أو غيرها في رقص وتمايل، كما يحصل في الرقصات والسهرات مما يتنافى مع أبسط المثل الإسلامية والخشوع المطلوب في العبادات. وأما اللقاء والبقاء (4) فإن الصوفية يقصدون بذلك أن العبد من خلال تلك المنازل تتجلى عظمة الخالق سبحانه على قلب السالك فلا يرى أمامه إلا الله، ولا يجد في الوجود جميعاً إلا واجب الوجود سبحانه، وتمحى أثار الموجودات من أمام عينيه إلا وجود الله سبحانه وتعالى، قال المنوفي:"سئل أبو يعقوب النهرجوري عن صحة الفناء والبقاء فقال: الفناء هو رؤية قيام العبد بالله عز وجل، والبقاء رؤية قيام الله تعالى منفرداً بذاته"(5).

وهذه الدرجات هي ما عبر عنه الحلاج بقوله: "ما في الجبة إلا الله".وللسهرودي والمنوفي تفاصيل كثيرة حول المقامات ومراتبها العديدة في كتاب السهرودي (عوارف المعارف) وكتاب المنوفي (جمهرة الأولياء)(6)، والواقع أن غلاتهم وقعوا في هوس وتخبط، وتلاعب الشيطان بهم لبعدهم عن منهج الله وشرعه، فجاءوا بأفكار وأقوال وحكم تنضح وثنية وجهلاً وأشعار غزلية، وقد قال الشافعي:"ما تصوف رجل في أول النهار وأتى عليه الضحى إلا وهو أحمق".

(1) عرفها المنوفي بقوله: "العبادة غاية التذلل للعامة، والعبودية صدق القصد للخاصة"((جمهرة الأولياء)) (1/ 306).

(2)

يقول النوفي: "الوجود: وجدان الحق بذاته ولهذا تسمى حضرة الجمع حضرة الوجود"((جمهرة الأولياء)) (1/ 312).

(3)

((جمهرة الأولياء)) (1/ 302).

(4)

عرفه المنوفي بأنه "قيام الأوصاف المحمودة بالله"((جمهرة الأولياء)) (1/ 301).

(5)

((جمهرة الأولياء)) (ص264).

(6)

انظر: ((جمهرة الأولياء)) (1/ 190) في عنوان "المقامات والأحوال".

ص: 74

والحاصل أن تلك هي الطرق لدخول المذهب كما أتضح مما سبق، ونجمل أهمها فيما يلي:

1 -

أن يلتزم الشخص أمام شيخه بالمحافظة على الطريقة التي يحددها له الشيخ.

2 -

أن يكون المريد – أي الدال في المذهب – على صلة بشيخه المأذون له هو أو من ينيبه الشيخ عنه ليتولى تعليم المريد.

3 -

أن يجتاز المريد عهداً يعاهد الشيخ ويده في يده مغمضاً عينيه على الالتزام والوفاء الدائم لشيخه ولطريقته لا يحيد عنها أبدا.

4 -

أن يكون المريد دائم الاشتغال بالأوراد والأدعية التي يقررها عليه الشيخ سواء عرف معانيها أم لا.

5 -

أن يكمل مدة الخلوة التي يقررها الشيخ على المريد في سرداب أو دهليز أو زاوية مدة لا تزيد عن أربعين ليلة ولا تقل عن أربعين ليلة ولا تقل عن عشر ليال، ولهم شروط كثيرة لصحة هذه الخلوة قاسية جداً يخرج الشخص منها وهو في منتهي الحمق والبلادة والغفلة عن كل شيء إلا عن شيخه وأذكاره، وهو الهدف الحقيقي من تلك الفكرة.

ومن الشروط التي يقطعونها للمريد على أنفسهم – حسب زعمهم – أن يصبح من أهل الكشف، وأن يترقى في ذلك إلى أن يتعلم ما وراء العقل ويصبح من أهل التجلي، بحيث تدرك ذات المريد ذات الله في كل وقت.

أن يفنى المريد عن كل شيء غير الله تعالى، فلا يحس بأي وجود غير وجود ربه وشيخه، وبذا يصبح الشخص من أهل الحلول والاتحاد ووحدة الوجود؛ لأن الله قد ظهر في كل شيء حسب تعاليمهم بعد فناء المريد عن كل شيء وتصوره أن الله أمامه في كل مكان.

أن يطلب المريد علم الباطن الذي هو بمنزلة اللب، وأن يتعمق في العلم الباطني حسب ما يمليه عليه الشيخ، وإذا تطور في ذلك فإنه يصل إلى حد اليقين فتسقط عنه التكاليف كما يفترون ويصبح ولياً من الأولياء.

وهذه القواعد والشروط الصوفية يتمرن عليها الشخص أو الأشخاص الذين يريدون الداخل في متاهات الصوفية، حتى يتقبلها الدخول بقبول حسن، فيموت فكره وذوقه ويصبح في الحقيقة عبداً ذليلاً لمشائخ الصوفية، فيسلكون به طرقاً ملتوية وتعاليم معقدة حتى تثبت في ذهن الداخل أمور عظام أقلها أن لا حلال ولا حرام، ولا علم ولا عمل إلا ما جاء عن شيخ طريقته وإذنه به، وما يتلقاه عن قلبه عن ربه وما يمليه عليه ذوقه أيضاً. وإذا أراد القارئ التوسع في هذا ومعرفة كيفية الدخول في الطريق الصوفي فعليه بالرجوع إلى عوارف المعارف للسهروردي وإلى ما كتبه الجيلاني في كتابه (الغنية) (1).قال المنوفي في بيان بعض المسالك الصوفية ومنزلة الشيخ فيها: "وإذن فهناك طريق الله، وسالك يسلك ذلك الطريق، ومرشد يدل على مفاوز الطريق وذلك الطريق الذي كان أول مرشد له الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن تحلى بدقائق الإيمان وبعبارة أخرى هو طريق التصوف الذي كان أول خطوة فيه أن بايع الرسول صلى الله عليه وسلم العشرة أهل بيعة الرضوان فمن بدأ السير فيه فهو مريد التصوف، ومن توسط فهو سالك متعرف، ومن انتهي إلى مقام التحقيق فهو المرشد المحقق (2).وقد أوصل المنوفي الدرجات إلى سبعين درجة (3)، يكاشف العبد في آخرها إذا ترقى فيها مقاماً مقاماً، ولا طائل من وراء سرد كل ما قرره أقطاب التصوف كالسهروردي والمنوفي والغزالي والقشيري.

فإنه يكفي أن يقال في الجواب عنها: أنها بناء في الهواء وأفكار لم يرشد إليها كتاب ولا سنة ولا أقوال علماء الأمة الإسلامية أصحاب العقول النيرة الذين أعرضوا عن تكليف ما ليس لهم به علم من الأمور الغيبية التي لا يصح فيها الحكم إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

(1)((الغنية)) (2/ 163 – 169).

(2)

((جمهرة الأولياء)) (1/ 144).

(3)

((جمهرة الأولياء)) (ص 147).

ص: 75