المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الخامس: صفة الذكر - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأول: الزواج

- ‌المبحث الثاني: المسيحية وترك الدنيا:

- ‌المبحث الثالث: الزّاويَةُ وَالملْبَسُ:

- ‌المبحث الرابع: المذاهبُ الهنْديّة وَالفَارسيَّة:

- ‌المبحث الخامس: الأفلَاطونيّة الحَدِيثَة:

- ‌الفصل العاشر: التصوف عند الوثنيين وأهل الكتاب

- ‌المبحث الأول: الصوفية عند الوثنيين

- ‌المطلب الأول: الطاوية (منتشرة في الصين)

- ‌المطلب الثاني: الجينينة (نسبة إلى جينا، أي: القاهر والمتغلب)

- ‌المطلب الثالث: الهندوسية

- ‌المطلب الأول: عند اليهود

- ‌المطلب الثاني: عند النصارى

- ‌الفصل الحادي عشر: الخلوات الصوفية ومنها الخلوات التجانية

- ‌المبحث الأول: الدليل على الخلوات الصوفية حسب زعمهم

- ‌المطلب الأول: مدة الخلوة

- ‌المطلب الثاني: شروط الخلوة الصوفية

- ‌المبحث الثالث: أقسام الخلوات الصوفية

- ‌المبحث الرابع: تثبيط الصوفية أتباعهم عن الجهاد في سبيل الله وقتال الكفار وتسميتهم للجهاد بالجهاد الأصغر وتسميتهم لما يسمونه جهاد النفس بالجهاد الأكبر

- ‌الفصل الثاني عشر: كيفية الدخول في المذهب الصوفي

- ‌الفصل الثالث عشر: أصول الصوفية

- ‌المبحث الأول: عقيدة المتصوفة في الإله عز وجل

- ‌المبحث الثاني: وحدة الشهود أو الفناء وبيان العلاقة بين وحدة الشهود ووحدة الوجود

- ‌المبحث الثالث: الولاية وبيان بعض المصطلحات الصوفية

- ‌المبحث الأول: معنى التزكية وأهميتها

- ‌المبحث الثاني: مقارنة بين أهل السنة والصوفية في مناهج التزكية

- ‌المبحث الثالث: منهج التزكية عند الصوفية

- ‌المبحث الرابع: مقارنة بين أهل السنة والصوفية في غاية التزكية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الشرعيَّة والحقيقة

- ‌المبحث الثاني: الحقيقة المحمَدية

- ‌المبحث الثالث: وحدة الأديان

- ‌المبحث الرابع: الأولياء والكرامات

- ‌المبحث الخامس: الأقطاب والأوتاد

- ‌المبحث السادس: الشطح واللامعقول

- ‌المبحث الأول: تربية ذليلة

- ‌المبحث الثاني: المتصَوفة وعلم الحَديث

- ‌المبحث الثالث: البطالة والانحِلَال

- ‌المبحث الرابع: السَّمَاع وَالذِكر

- ‌المبحَث الخامِس المتصَوفة والجهَاد

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الإيمان بالغيب في الكتاب والسنة

- ‌المبحث الثاني: الغيب في المعتقد الصوفي

- ‌المبحث الثالث: عبدالكريم الجيلي وكتابه (الإنسان الكامل)

- ‌المبحث الرابع: ادعاء رؤية العوالم العلوية والسفلية

- ‌المبحث الخامس: ما الذي يريده هؤلاء الملاحدة

- ‌المبحث السادس: الغزالي وطريق الكشف

- ‌المبحث السابع: ابن عربي والكشف الصوفي

- ‌المبحث الثامن: نماذج من الكشف الصوفي

- ‌الفصل التاسع عشر: الشطحات الصوفية

- ‌الفصل العشرون: التكاليف في نظر الصوفية

- ‌المبحث الأول: تعريف الذكر الجماعي

- ‌المبحث الثاني: نشأة الذكر الجماعي

- ‌المبحث الثالث: حجج المجوّزين للذكر الجماعي وأدلتهم

- ‌المبحث الرابع: حجج المانعين من الذكر الجماعي وأدلتهم

- ‌المبحث الخامس: صفة الذكر

- ‌المبحث السادس: حكم الذكر الجماعي

- ‌المبحث السابع: مفاسد الذكر الجماعي

- ‌المبحث الثامن: فضائل مكذوبة للأذكار الصوفية

- ‌الفصل الثاني والعشرون: الوجد والرقص عند الصوفية

- ‌الفصل الثالث والعشرون: الكرامات وخوارق العادات عند الصوفية

- ‌المبحث الأول: أبو يزيد البسطامي ومعراجه

- ‌المبحث الثاني: معراج إسماعيل بن عبدالله السوداني

- ‌المبحث الأول: الولاية الرحمانية

- ‌المبحث الثاني: الولاية الصوفية الشيطانية

- ‌المبحث الثالث: مراتب الولاية عند الصوفية

- ‌المبحث الرابع: القطب الغوث واحد في الزمان فقط

- ‌المبحث الخامس: قطب سنة 593هـ من مدينة فاس بالمغرب

- ‌المبحث السادس: وظيفة القطب

- ‌المبحث السابع: الأبدال السبعة ووظائفهم

- ‌المبحث الثامن: مدة حكم القطب ووظيفته

- ‌المبحث التاسع: ابن عربي القطب الأعظم

- ‌المبحث الأول: الحكيم الترمذي وكتابه (ختم الأولياء)

- ‌المبحث الثاني: ابن عربي وختم الولاية

- ‌المبحث الثالث: محمد عثمان الميرغني وختم الولاية

- ‌المبحث الرابع: أحمد التيجاني وختم الولاية

- ‌المطلب الأول: الإسلام لم يأت بتقديس القبور والأضرحة

- ‌المطلب الثاني: تعامل الصحابة مع ما عرف من قبور الأنبياء

- ‌المطلب الثالث استمرار ما درج عليه الصحابة من الهدي في تسوية القبور والنهي عن تعظيمها إلى نهاية القرون المفضلة

- ‌المطلب الأول هدي اليهود والنصارى في اتخاذ القبور مساجد واستحقاقهم اللعن على ذلك وتحذير النبي صلى الله عليه وسلم من فعلهم

- ‌المطلب الثاني: النهي عن التشبه باليهود والنصارى

- ‌المطلب الثالث: الرافضة هم أول من أحدث المشاهد المعظمة في الملة الإسلامية وغلوا في أصحابها حتى عبدت من دون الله تعالى

- ‌المبحث الثالث: واقع القبورية في العالم الإسلامي

- ‌المبحث الرابع: أشهر هذه القبور في العالم الإسلامي

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: الفضائل المفتراة التي يروجون بها لزيارة هود عليه السلام

- ‌المطلب الثاني: نماذج من أشعار القوم في الترويج لها

- ‌المطلب الثالث: وسائل جذب الزوار لهذه الزيارة

- ‌المطلب الرابع: مظاهر وثنية في هذه الزيارة

- ‌المطلب الخامس: الطقوس الوثنية فيها

- ‌أولا: المناسك الزمانية

- ‌ثانياً: المناسك المكانية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: هيئة الديوان

- ‌المبحث الثاني: زعمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر الديوان

- ‌المبحث الثالث: ساعة انعقاد الديوان

- ‌المبحث الرابع: زوجات النبي صلى الله عليه وسلم والديوان

- ‌المبحث الخامس: زعمهم حضور الملائكة للديوان

- ‌المبحث السادس: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وفاطمة والحسن والحسين أعضاء في الديوان

- ‌المبحث السابع: لغة أهل الديوان

- ‌المبحث الثامن: أولياء يحضرون الديوان بأرواحهم فقط

- ‌المبحث التاسع: الديوان يعقد في صحراء السودان أحياناً

- ‌المبحث العاشر: ماذا لو غاب الغوث

- ‌المبحث الحادي عشر: الغوث الصوفي دكتاتور كبير

- ‌المبحث الثاني عشر: أولياء ينظرون في اللوح المحفوظ

- ‌المبحث الثالث عشر: لماذا يجتمع أهل الديوان

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: اتخاذ الشيخ

- ‌المبحث الثاني: مواصفات الشيخ

- ‌المبحث الثالث: آداب المريد

- ‌الفصل الثلاثون: تراجم زعماء الصوفية

- ‌الفصل الحادي والثلاثون: موقف بعض العلماء من التصوف

- ‌المبحث الأول: موقف الإمام الشافعي

- ‌المبحث الثاني: موقف الإمام أحمد بن حنبل

- ‌المبحث الثالث: موقف الإمام أبو زرعة الدمشقي

- ‌المبحث الرابع: موقف الإمام أبو اليسر محمد بن محمد بن عبدالكريم البزودي المتوفى سنة 478هـ ببخارى

- ‌المبحث الخامس: موقف الإمام ابن الجوزي

- ‌المبحث السادس: موقف الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌المبحث السابع: موقف الإمام برهان الدين البقاعي المتوفى سنة 885ه

- ‌المبحث الثامن: شهادة الدكتور الشيخ تقي الدين الهلالي

- ‌المبحث التاسع: مع الشيخ الفاطمي الشرادي

- ‌المبحث العاشر: مع الشيخ عبدالعزيز بن إدريس

- ‌المبحث الحادي عشر: شهادة الشيخ عبدالرحمن الوكيل

- ‌المبحث الأول: أوائل المتصوفة وعلاقتهم بالتشيع

- ‌المبحث الثاني: دلالة اسم عبدك

- ‌المبحث الثالث: سلاسل التصوف

- ‌المبحث الرابع: نزول الوحي وإتيان الملائكة

- ‌المبحث الخامس: المساواة بين النبي والولي

- ‌المبحث السادس: تفضيل الولي على النبي

- ‌المبحث السابع: إجؤاء النبوة

- ‌المبحث الثامن: العصمة

- ‌المبحث التاسع: عدم خلو الأرض من حجة

- ‌المبحث العاشر: وجوب معرفة الإمام

- ‌المبحث الحادي عشر: الولاية والوصاية

- ‌المبحث الثاني عشر: الحلول والتناسخ

- ‌المبحث الثالث عشر: مراتب الصوفية

- ‌المبحث الرابع عشر: التقية

- ‌المبحث الخامس عشر: الظاهر والباطن

- ‌المبحث السادس عشر: نسخ الشريعة ووضع التكاليف

- ‌المبحث السابع عشر: تقديس القبور وزيارة المشاهد

- ‌المطلب الأول: الحلاج والتشيع

- ‌المطلب الثاني: الحلاج داعية الإسماعيلية في المشرق

- ‌المطلب الثالث: شهادة العمار الحنبلي أن الحلاج قرمطي

- ‌المطلب الرابع: الحلول عند الحلاج الصوفي وعند أبي الخطاب الشيعي

- ‌المبحث التاسع عشر: الطرق الصوفية والتشيع

- ‌المطلب الأول: الطريقة البكتاشية

- ‌المطلب الثاني: الطريقة البكتاشية تنتشر في مصر

- ‌المطلب الثالث: أصول الطريقة البكتاشية

- ‌المطلب الرابع: مراتب الطريقة البكتاشية

- ‌المطلب الخامس: التكية البكتاشية

- ‌المطلب السادس: العهد ودخول الطريقة

- ‌المطلب السابع: آداب الطريقة البكتاشية

- ‌المطلب الثامن: الأوراد البكتاشية

- ‌المطلب التاسع: دور الفرس في التشيع والتصوف

- ‌المبحث الأول: طلب الهداية في غير الكتاب والسنة

- ‌المبحث الثاني اعتقادهم بأن هناك حقيقة تخالف الشريعة

- ‌المبحث الثالث: الغلو الزائد في الرسول صلى الله عليه وسلم والأولياء

- ‌المطلب الأول: غلوهم في الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني غلوهم في الأولياء

- ‌المبحث الرابع: تأثرهم بالفكر اليوناني الوثني

الفصل: ‌المبحث الخامس: صفة الذكر

‌المبحث الخامس: صفة الذكر

أما الأذكار الصوفية فحدث ولا حرج عن خرافتهم فيها، وقد قدمنا من الأمثلة ما يوضح حال هؤلاء ومدى ما وصلوا إليه من الجهل بربهم والبعد عن هدى خير الأنام، هذا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

لقد اخترعوا أذكاراً وشرعوا أوراداً ما أنزل الله بها من سلطان، بل اشتملت على الكفر والزندقة في كثير منها والكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، كما اشتملت على كلمات سريانية غير معروفة المعنى وعلى رموز وحروف مقطعة لا يعرف المراد منها.

وكل صاحب طريقة له أذكار هي أفضل من كل ذكر، وأجرها أعظم من كل أجر، وما عداه باطل حسب تخرصاتهم في كل ذلك، ينطبق عليهم قول الله تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ [البقرة:113]، فهم متفرقون قد لا يجمعهم إلا الاتفاق على الرقص وادعاء الوصول إلى الله ومكالمته ورفع الغير والغيرية بينه وبينهم.

مع أن كل صاحب طريقة يدعى أنه يأخذ تلك الأذكار مباشرة عن الله عز وجل أو عن نبيه صلى الله عليه وسلم، وأحياناً يقظة لا مناماً كما يزعمون، وفضلوها تفضيلاً عالياً ليرفعوا شأنها في نفوس أتباعهم ومريديهم على القرآن والسنة والأدعية المأثورة، ويطول البحث لو أردنا ذكر نماذج من تلك الطرق المختلفة والأذكار المتباينة فيما بينها. فمنها الأذكار التجانية التي سبق ذكرها، ومنها أذكار البسطامي والرفاعي والجيلاني والشبلي وأبو العباس المرسي وآخرين كثيرين، ومنها أذكار الطريقة الشاذلية التي زعم أصحابها أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والخضر هما اللذان علما الشيخ أحمد الإدريسي، حيث ذكر تلميذه صالح محمد الجعفري ذلك في كتابه (مفاتيح كنوز السموات والأرض المخزونة التي أعطاها الرسول صلى الله عليه وسلم لشيخ الطريقة الإدريسية المصونة)(1).

وهي أذكار في غاية الركاكة والكذب على الله وعلى الرسول والاعتداء في الدعاء على حق الله ورسوله، ولم يكتف هؤلاء بادعائهم أنهم يأخذون أذكارهم عن الله ورسوله فقط، بل هناك كما يذكرون بعض الأولياء الذين قد ماتوا هم أيضاً يلتقون ببعض المشايخ الأحياء ويعلمونهم أدعية وأوراداً لا حد لأجر من يقولها. ولو كان الذكر كلاماً لا معنى له في أي لغة من اللغات المعروفة من مثال ما ذكروه عن الدسوقي أنه علمهم هذا الدعاء: "بسم الله الخالق يلجمه بلجام قدرته أحمى حميثاً أطمي طميثاً وكان الله قوياً عزيزاً حم عسق حمايتنا كهيعص كفايتنا

" (2) إلى آخر الذكر الذي يدل على مدى ضحالة معرفتهم بالله ورسوله وعدم التفاهم إلى ما شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من الدعاء الواضح المثمر في قلب العبد إذا دعا ربه بإخلاص وتوجه.

وقد ذكروا من الأجر لقائل أذكارهم الجوفاء ما لا يحد ولا يعد ولا يتصور في الذهن، وقد يبدو على تلك الأدعية حرارة الإيمان وصدق الالتجاء إلى الله تعالى، ولكنه في الحقيقة ليس موجهاً إلى الله فقط بل إلى أوليائهم الأحياء أو الأموات أيضاً.

ومدار أذكارهم على الإثبات كما يزعمون، فهم يقتصرون على لفظة "الله" بدلا عن لا إله إلا الله يعللون لهذا المسلك بما لا مقنع فيه حتى للجهال العامة فضلاً عن أهل العلم، حيث يقولون: إن اقتصارهم على لفظة "الله" وتكرارها خوفاً أن يموت الشخص عند ذلك النفي في قول "لا إله".

(1) انظر: ((الفكر الصوفي)) (ص284).

(2)

انظر: ((الفكر الصوفي)) ((ص290)). نقلاً عن ((الإبريز)) للدباغ

ص: 199

ولا ندري كيف يقرءونها في القرآن فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ [محمد:19]، وماذا يفعل المؤذن، وماذا يفعل الداخل في الإسلام عندما ينطق الشهادتين، وأمور أخرى لا يستطيع العقل أن يتصور مدى التخبط الذي حل بهؤلاء.

ومن غريب أمر الصوفية في أذكارهم أنهم رتبوها على طريقة شيطانية من وحي شياطينهم، حيث جعلوا لكل اسم من أسماء الله تعالى ذكراً خاصاً به، ولطبقة خاصة به، فمن ذلك زعمهم أن اسم الله العفو يليق بأذكار العوام، لأنه يصلحهم وليس من شأن السالكين إلى الله ذكره.

أما اسمه تعالى الباعث فإنه يذكره أهل الغفلة ولا يذكره أهل طلب الفناء، وأما اسمه الغافر فيلقن لعوام التلاميذ وهم الخائفون من عقوبة الذنب، وأما من يصلح للحضرة الإلهية فذكره مغفرة الذنب عندهم يورث الوحشة، وأما اسمه تعالى المتين فإن ذكره يضر أرباب الخلوة وينفع أهل الاستهزاء بالدين.

وهكذا استمر السكندري في وصف أسماء الله وخواصها، وكأنما هو طبيب يصف العلاج ومنافعه، وقد تقدم ذكر الطريقة التجانية، ونضيف هنا ما استخلصه الشيخ عبد الرحمن الوكيل في بيانه لكيفيات الذكر الصوفي ومراحله، فنوجز ذلك فيما يلي (بتصرف):

إذا جاء وقت المولد - الأعياد الوثنية - يجتمع الرجال والنساء أو الدراويش والدرويشات كما يحبون تسميتهم بذلك.

بعد أن يتخموا بطونهم بأنواع المأكولات التي تقدم في هذه المناسبة يقوم الشيخ الكبير ويصفق بيديه اللامعتين من "دسم الحرام" إيذاناً ببدأ الذكر.

يخرج من شفتيه ومنخريه اسم الله ملحداً في حروفه وفي النطق به.

يقوم المتغزلون بإنشاد قصائد غزلية تلهب المشاعر، ويصاحبهم المطبلون وأصحاب الآلات المطربة. ثم يهب الشيخ ويهب معه المريدون يتمايلون يمنة ويسرة في حركات مثيرة صاخبة كل ينوح على ليلاه - والآهات والزفرات والقبل، كما رأيتهم بعيني (1) - هي الشعار العام لهم، وكل واحد من الحاضرين يبذل أقصى جهده في إظهار أقوى الحركات والحماس ليلفت الأنظار إليه.

على الحاضرين أن يستحضر كل واحد منهم صورة شيخه أمامه إن لم يكن موجوداً، أو يستمد منه العون في بدء قيامه بهذا الذكر قائلاً: مددك يا أستاذي، ثم يستأذن أصحاب الطريق والقدم فيقول: دستور يا أصحاب الطريق والقدم.

ينبغي على كل واحد أن يلتزم بطريقة الذكر، وهي كما يلي:

أن يهتز من فوق رأسه إلى أصل قدميه.

أن يبدأ بـ (لا) يميناً ويرجع بـ (إله) فيتوسط، ثم يختم (إلا الله) يساراً قبلة القلب.

إذا ذكر اسماً مفرداً مثل الله، أو هو، أو حيّ لابد أن يضرب بذقنه على صدره.

في كل ذلك يجب أن ينتع الكلمة من سرته إلى قلبه ثم يستمر هكذا في هذه الصور البهلوانية التي هي أقرب إلى الجنون والعربدة منها إلى أقل التفات إلى الله تعالى أو ثوابه وعقابه.

يجب ملاحظة أن المريد لا يدعو بأي اسم لله إذا سمح له به الشيخ وإلا حصل عليه ضرر شديد.

ثبت أن تلك الطريقة الصوفية في الدعاء أخذت بتمامها عن اليهود، حيث جاء ذلك في المزمور التاسع والأربعين بعد المائة في العهد القديم وهو:"ليبتهج بنو صهيون بملكهم ليسبحوا اسمه برقص، بدف وعود ليرنموا، هللوا يا، سبحوا الله في قدسه، سبحوه برباب وعود، سبحوه بدف ورقص، سبحوه بأوتار ومزمار، سبحوه بصنوع الهتاف"(2)

(1) حينما ذهبت في رحلة علمية إلى دولة عربية سنة 1397هـ.

(2)

انظر: ما كتبه الشيخ عبد الرحمن الوكيل عفا الله عنه (ص141 - 145). وانظر ((العهد القديم المزامير)) (ص641).

ص: 200

ولقد ذكر ابن عطاء الله السكندري أدعية عن مشائخه وأسياده في الطريقة طويلة مملة ممجوجة، مملوءة بالتنطع والتعدي في الدعاء والإشعار بكبريائهم وعتوهم وطلبهم الحلول والاتحاد به، منه دعاء الشيخ أبو الحسن الشاذلي، وفيه:"يا عزيز يا رحيم

وأسقط البين بيني وبينك حتى لا يكون شيء أقرب إلى منك

اللهم هب لي النور الذي أرى به رسولك صلى الله عليه وسلم ما كان ويكون، اللهم ارزقني من كنز لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة، واضربني بها ضرباً تمحق بها من قلبي كل قوة. باسم المهيمن العزيز القادر أجل كل شيء وهو ناصري ق. ج ن ص انصرني" (1).

ونفس الدعاء السابق أيضاً كان يدعو به القطب الكبير أبو العباس أحمد المرسي، بل وزاد عليه أشياء أخرى ومنه:

"اللهم اهدني لنورك

وهب لي علماً يوافق علمك

وارفع الحجاب فيما بيني وبينك، وأسقط البين عني حتى لا يكون شيء بيني وبينك، واكشف لي عن الحقيقة الأمر .. "، إلى أن قال: "كيف يكون ذنبي عظيماً مع عظمتك أم كيف تجيب من لم يسألك وتترك من سألك؟ إلهي جذبك لي أطمعني فيك

قاف جيم سران مع سرك هب لي من نورك ما أتحقق به حقائق ذاتك" (2) الخ.

ثم أورد السكندري دعاء حزب شيخه الشاذلي، وفيه:

"لا إله إلا الله نور عرش الله، لا إله إلا الله نور لوح الله، لا إله إلا الله نور قلم الله، لا إله إلا الله نور رسول الله"، ثم كرر الدعاء على الصفة إلى أن قال:"وتالله لئن لم ترعني بعينيك وتحفظني بقدرتك لأهلكن نفسي ولأهلكن أمة من خلقك .. يا من به ومنه وإليه يعود كل شيء أسألك بحرمة الأستاذ، بل بحرمة النبي الهادي، بل بحرمة السبعين والثمانية .. اللهم صلني باسمك العظيم الذي لا يضر معه شيء في الأرض ولا في السماء، وهب لي من سراً لا تضر منه الذنوب شيءاً .. واجعلني خزانة الأربعين"(3).

إلى آخر ما ورد من أذكار لا تسمن ولا تغني من جوع، بل هي سراب يحسبه الظمآن ماءً.

ومنهم من يدعو بهذا الدعاء بدلاً عن سبحان الله وبحمده، لا إله إلا الله، بدلاً عن ذلك يدعو بهذا الذي تقشعر منه الجلود وتشمئز منه النفوس وهو من أدعية الطريقة الشاذلية."سقفاطيس، سقاطيم آمون قاف آدم حم هأ آمين كد كد كردد ده بها بهيا بهيا بهيهات لمقفنجل يا أرض خذيهم"(4)، نعم يا أرض خذيهم إنها مأساة حقيقية حين توجد تلك الأذكار الجوفاء ثم يتبعها الوجد والرقص والطبول والزغاريد كما نبينه (في الفصل التالي).

‌المصدر:

فرق معاصرة لغالب عواجي 3/ 1035

(1)((لطائف المنن)) (ص342).

(2)

((لطائف المنن)) (ص 343 - 354).

(3)

((لطائف المنن)) (ص355 - 365).

(4)

انظر: ((الفكر الصوفي)) (ص292)، نقلاً عن أبي الحسن الشاذلي لعبد الحليم محمود (ص210).

ص: 201