الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحجة الحنفية في تقديم قول الصحابي: أن الصحابي لا يمكن أن يقول هذا القول بناء على قاعدة كلية لأنه يخالفها والقاعدة تخالفه، كما أنه لا يمكن للصحابي أن يقوله من عند نفسه لأن الصحابة رضوان الله عليهم أجل وأتقى من أن يقولوا في الدين قولاً من عند أنفسهم يخالف القواعد العامة. فإذاً يغلب على الظن - لأن إحسان الظن بالصحابة رضوان الله عليهم واجب - فيغلب على الظن أنه إنما قاله سماعاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقول الصحابي بهذه الشروط وهذا الفهم حجة عند الجميع أو أكثرهم وهو قول الشافعي في القديم، وظاهر قول الشافعي في الرسالة (1): أن قول الصحابي حجة إذا انضم إليه القياس فيقدم حينئذٍ على قياس ليس معه قول صحابي. بل الظاهر من مذهب الشافعي رضي الله عنه أنه يأخذ بقول الصحابي مطلقاً إذا لم يجد دليلاً غيره ولا يتركه ليقدم القياس عليه (2).
فقول الدبوسي هنا إن القياس عند الشافعي مقدم على قول الصحابي غير دقيق.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
وجوب الأجرة في الآبق إذا رده من مسيرة ثلاثة أيام: أخذ الحنفية فيه بقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (3) وتركوا القياس وألزموه بالجعل، وهي أجرة على مجهول.
(1) ينظر الرسالة صـ 65، والأم جـ 3 صـ 334.
(2)
ينظر الكوكب المنير شرح مختصر التحرير جـ 4 صـ 422، وإرشاد الفحول جـ 2 صـ 268
(3)
خبر عبد الله بن مسعود ينظر تخريجه في نصب الراية جـ 3 صـ 470، عن عبد =
وعند الإمام الشافعي رضي الله عنه لا تجب الأجرة، ولكن قال في الأم: ولا جُعل لأحد جاء بآبق ولا ضالة إلا أن يكون جعل له فيه فيكون له ما جُعل (1).
ومنها: وجوب الدية على من حلق لحية رجل ولم تنبت. أخذ علماء الحنفية في ذلك بقول علي رضي الله عنه (2) وتركوا القياس.
وعند الإِمام الشافعي رضي الله عنه: لا يجب فيها دية بل يجب فيها حكومة عدل وهو القياس وبه أخذ (3).
= الرزاق في مصنفه، وفي مصنف ابن أبي شيبة عن عمر رضي الله عنه مثله، وفي الباب آثار أخرى تُنظر هناك.
(1)
ينظر رأي الشافعي في الأم جـ 3 صـ 291 - 294.
(2)
الأثر ذكره في بدائع الصنائع جـ 7 صـ 312 وفي المصنف لابن أبي شيبة جـ 5 صـ 467 عن الشعبي مثله.
(3)
ينظر رأي الشافعي في الأم جـ 6 صـ 109.