الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة: السادسة والسبعون بعد الأربعمئة [الملك - التفويض]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
" الأصل عند ابن أبي ليلى (1): أن مَنْ ملك شيئاً نفسه ملك تفويضه إلى غيره. وعند الحنفية يجوز أن يملك في بعض المواضع ولا يملك في بعضها (2) ".
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
هذه القاعدة متفقٌ على مضمونها عند الجميع وهي معقولة المعنى من حيث، إن الذي يملك شيئاً بنفسه ويقدر على التصرف فيه بقوة الملك فهو قادر أيضاً على تفويضه لغيره وتوكيله به.
ولكن الحنفية يرون أن من ملك شيئاً بنفسه لا يملك دائماً تفويضه إلي غيره، بل قد يملك ذلك في بعض المواضع ولا يملك ذلك في مواضع أخرى.
ولكن عند النظر في الأمثلة التي ذكرها الحنفية استدلالاً لرأيهم نرى أن الموضع الذي لا يملك الإنسان منه تفويض ما يملكه إلى غيره إنما كان ذلك كذلك لأن الملك ليس خالصاً له في ذلك الموضع حيث تعلق به حق غيره، ولهذا التعلق قد لا يملك تفويضه إلى غيره.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
(1) ابن أبي ليلى هو محمَّد بن عبد الرحمن، أبو عبد الرحمن الأنصاري الكوفي العلامة الإمام مفتي الكوفة وقاضيها، ولد سنة نيف وسبعين، أخذ عن الشعبي ونافع وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، وكان نظيراً للإمام أبي حنيفة في الفقه وكان معاصراً له توفي سنة 148 هـ، سير أعلام النبلاء جـ 6 صـ 301 فما بعدها مختصراً.
(2)
تأسيس النظر صـ 68، وصـ 103 ط جديدة.
عند الحنفية أن المودع - أي الأمين - لا يملك الإيداع إلى غيره، لأن المالك رضي بحفظه هو ولم يرض بحفظ غيره، والناس متفاوتون في الحفظ. وعند ابن أبي ليلى يجوز له أن يودع إلى غيره، لأنه ملك الحفظ فيملك تفويضه إلى غيره.
ومنها: مَن وكل وكيلاً بشراء شيء ليس له أن يوكل غيره إلا أن يقول له الموكل ما صنعت من شيء فهو جائز. وعند ابن أبي ليلى يجوز أن يوكل غيره.
ففي هذين المثالين مصداق ما قلنا: بأن بعض المواضع التي لا يجيز فيها الحنفية تفويض ما يملكه إلي غيره إنما كان ذلك لعدم خلوص التصرف له ولتعلق حق غيره به.