المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌282 - (تداينتم. .). قيل: هي مفاعلة لا تكون إلا - التقييد الكبير للبسيلي

[البسيلي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌فصل: فيمن جمع القرآن

- ‌الاستعاذة

- ‌البسملة

- ‌سورة أم القرآن

- ‌2

- ‌5

- ‌سُورَةُ الْبَقَرَةِ

- ‌2

- ‌7

- ‌3

- ‌10

- ‌ 17

- ‌20

- ‌25

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌36

- ‌38

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌73

- ‌74

- ‌80

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌89

- ‌91

- ‌101

- ‌106

- ‌114

- ‌116

- ‌120

- ‌124

- ‌125

- ‌129

- ‌133

- ‌134

- ‌136

- ‌143

- ‌144

- ‌146

- ‌158

- ‌161

- ‌164

- ‌168

- ‌169

- ‌173

- ‌177

- ‌179

- ‌180

- ‌186

- ‌187

- ‌190

- ‌191

- ‌193

- ‌196

- ‌200

- ‌208

- ‌216

- ‌217

- ‌221

- ‌222

- ‌223

- ‌228

- ‌229

- ‌231

- ‌233

- ‌234

- ‌235

- ‌237

- ‌246

- ‌248

- ‌249

- ‌251

- ‌253

- ‌254

- ‌255

- ‌257

- ‌259

- ‌260

- ‌258

- ‌264

- ‌265

- ‌266

- ‌267

- ‌268

- ‌267

- ‌271

- ‌272

- ‌273

- ‌274

- ‌275

- ‌276

- ‌277

- ‌278

- ‌279

- ‌280

- ‌281

- ‌282

- ‌283

- ‌284

- ‌285

- ‌286

- ‌سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ

- ‌(3)

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌48

- ‌49

- ‌51

- ‌52

- ‌64

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌71

- ‌72

- ‌77

- ‌79

- ‌104

- ‌105

- ‌106

- ‌111

- ‌112

- ‌117

- ‌120

- ‌121

- ‌135

- ‌136

- ‌139

- ‌140

- ‌141

- ‌142

- ‌143

- ‌144

- ‌145

- ‌146

- ‌147

- ‌152

- ‌153

- ‌154

- ‌155

- ‌156

- ‌157

- ‌159

- ‌160

- ‌161

- ‌162

- ‌163

- ‌164

- ‌165

- ‌166

- ‌167

- ‌168

- ‌169

- ‌171

- ‌172

- ‌173

- ‌176

- ‌177

- ‌178

- ‌179

- ‌180

- ‌181

- ‌182

- ‌183

- ‌185

- ‌186

- ‌187

- ‌188

- ‌189

- ‌190

- ‌191

- ‌192

- ‌193

- ‌194

- ‌195

- ‌196

- ‌197

- ‌198

- ‌199

- ‌200

الفصل: ‌ ‌282 - (تداينتم. .). قيل: هي مفاعلة لا تكون إلا

‌282

- (تداينتم. .). قيل: هي مفاعلة لا تكون إلا من الجانبين فلا يتناول إلا الدَّين بالدَّين أو فسخ الدَّين في الدَّين فلا يصح حمله على ظاهره، بل المراد به إذا تعاملتم.

وأجيب: بأنه يتناول الدَّين بالدَّين عن معاوضة فإن من اشترى بنقد أو نسيئة فإذا دفع الثمن حصل له في ذمة المشتري، وله عليه الرجوع بعهدة العيب أو الاستحقاق.

- (وبدين). أتى به ليكون نكرة في سياق الشرط فيعم.

الزمخشري: ذُكِرَ ليعود عليه الضمير ولو لم يذكر لقال: " فاكتبوا الدين "، ولا يحسن بذلك النظم، ولأنه أبين؛ لتنويع الدين إلى مؤجل، وحال ".انتهى.

يقال له: لا يتوقف عود الضمير على ذكره؛ لجواز إعادته على المصدر المفهوم من الفعل كما أعيد في قوله: (اعدلوا هو أقرب للتقوى).

ابن عطية: أتى به،؛ لأن تدايَن في كلام العرب مشترك يقال: تداينوا أي جاز بعضهم " بعضا ".

ويقال: تداين بمعنى أخذ الدين.

فقال: (بدين) ليبين أنه من أخذ الدين. " انتهى.

ص: 376

قيل: هذا مردود بأن الفعل عند البصريين مشتق من المصدر والمشتق بمنزلة المشتق منه، وكما أن التداين مشترك فكذلك الدين فلم يزل اللبس.

وأجيب: بأن مصدر تداين إنما هو تدايناً لا ديناً.

وفي " المدونة " لما ذكر هذه الآية قال مالك: هذا يجمع الدين كله.

قال شيخنا: عوائدهم يتعقبون قول مالك هذا بأن لفظ (دين) نكرة في سياق الثبوت فلا تعم.

وأجيب بوجهين:

الأول: أنها في سياق الشرط، والنكرة في سياق الشرط تعم؛ لأن الشرط عند النحويين يجري مجرى النفي.

الثاني: أنها في سياق (إذا)، و (إذا) عامة فتعم، وهو راجع للأول، لأن (إذا) هي الشرط.

ص: 377

وردّ بأن (إذا) عمومها في الزمان لا في الدين فالمعنى أب وقت (تداينتم بدين)، وليس المعنى متى (تداينتم بدين) أيَّ دين كان.

الزمخشري: ما فائدة (إلى أجل مسمى)؟!.

فأجاب: بأنه يفيد أن الأجل لا بد أن يكون معلوما كالتوقيت بالسنة، والأشهر، والأيام، ولو قال: إلى الحصاد أو الدراس أو رجوع الحاج لم يجز لعدم التسمية " انتهى.

قال شيخنا: هذا عندهم مختلف، وهو عندنا متحد معلوم فيجوز. وفي الأمر بالكَتْب مصلحة دنيوية، وهي: حفظ المال: ومصلحة دينية وهي: السلامة من الخَصومة بين المتعاملين.

ص: 378

قيل: لا تتناول الآية الدين الذي على الحلول.

أجيب: بأنه لا يحتاج إلى كتب وثيقة غالبًا، لأن له طلبه في الحال.

ابن العربي: وفي هذا الأمر أربعة أقوال:

الأول: أنه فرض على الكفاية كالجهاد، والصلاة على الجنائز قاله الشعبي.

الثاني: أنه فرض على الكاتب في حال فراغه قاله بعض أهل الكوفة، وحكاه ابن عطية عن السُّدِىِّ.

الثالث: أنه ندب قاله مجاهد، وعطاء.

الرابع: أنه منسوخ بقوله: (لا يضار كاتب ولا شهيد) حكاه المهدوي عن الربيع، والضحاك.

والصحيح أنه أمر إرشاد فلا يكتب حتى يأخذ حقه. انتهى.

ابن عطية: قال عطاء وغيره: واجب على الكاتب أن يكتب. وقال الشعبي، وعطاء أيضا إذا لم يوجد كاتب سواه فواجب عليه أن يكتب. انتهى.

ص: 379

فانظر اختلاف النقلين عن عطاء، وابن العربي نقل الندب، وابن عطية نقل الوجوب.

ويمكن الجمع بينهما بأنه كان قبل النسخ يقول: بالوجوب ثم صار بعده يقول: بالندب أو يكون معنى الوجوب عنده إذا لم يوجد غيره.

- (بالعدل). ابن عطية: بالحق، و " الباء " متعلقة. (يكتب) لا (بكاتب)، وإلَّا لزم أن لا يكتب وثيقة إلا العدل نفسه، وقد يكتبها الصبيّ، والعبد، والمسخوط. إذا أقاموا فِقْهها إلا أن المنتصبين لها لا يجوز للولاة أن يتركوهم إلا عدو لا مرضيين ". انتهى.

ص: 380

يردّ ما قاله ابن عطية: فإن (كاتب) إما أن يكون الحكم عليه باعتبار الموضوع أو باعتبار العنوان. الأول غير صحيح؛ لأنه ليس المراد " ذات) الكاتب؛ لأنك إذا قلت: " هذا ضارب بالسوط " فالمعنى وقوع الضرب بالسوط، وليس المراد الإِخبار عن ذات الضارب بالسوط، فكذلك هنا الكتب يكون بالعدل فلا فرق إذًا بين تعلقه ب (كاتب) وتعلقه بـ (يكتب)، وإنما يفترقان إذا أريد ب (كاتب) الذات. فالمراد الكتب بالعدل؛ لأن الكاتب عدل، وإنما بَقِي شيء آخر لم يذكره ابن عطية وهو أن الزمخشري قال في قوله تعالى: (ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ)، أن المجرور متعلق ب (دعاكم). قال: فإن قيل: لم لم يتعلق ب (دعوة) وهو مصدر، وهو الموالي له؟ فأجاب بأن من قول العرب: " إذا جاء نهر اللَّه بَطُلَ نهر معقل ". يريد أن التعلق بالفعل أولى من التعلق بما فيه رائحة الفعل فكذا هنا (كاتب) اسم فاعل و (يكتب) فعل.

ويرَدُّ أيضا كلام ابن عطية بأن الأمرة للكاتب ابتداء إنما هو للعدل في نفسه، وإمضاء كتب الصبي، والعبد، والمسخوط إنما هو بعد الوقوع والآية إنما جاءت فيمن يؤمر بكتبها، وفَرْقٌ بين الأمر بكتبها

ص: 381

عند العدل في نفسه، وبين إمضائها إذا كتبها غير العدل.

فإن قلت: لِمَ قدم (بينكم) وهو فضله على (كاتب) وهو عُمْدة؛ لأنه فاعل؟

فالجواب: أن المقصود حصول الكَتْب بين المتعاملين لا الكاتب فقدم الأهم وهو البينة.

- (ولا يأب كاتب). كرر لفظ (كاتب)؛ لأن المحل محل إطناب؛ لأنه نهي، والنهي أشد من الأمر؛ لاقتضائه دوام الترك في كل زمن، ولحديث:" إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ماستطعتم، وإذا نهيتكم فانتهوا ".

وأيضا فإن (كاتب) ونكرة يفيد العموم، فكُرر لهذا المعنى.

ص: 382

- (. . كما علَّمه الله. .). ابن عطية: نعت لمصدر (يكتب). قيل: يلزم عليه تقدم النعت على المنعوت.

- (سفيهًا أو ضعيفًا). ابن عطية: السفيه: الذي لا يحسن الأخذ لنفسه، ولا الإِعطاء منها.

قلت: هذا هو السفيه عند الفقهاء.

قال: وهذه الصفة لا تخلو من حَجْر أب، أو وصيّ.

قلت: أو قاضٍ.

ابن العربي: في السفيه أربعة أقوال:

قيل: الجاهل.

وقيل: الصبي.

وقيل: المرأة، والصبي.

وقيل: المبذر ماله، المفسد لدينه.

ص: 383

والضعيف قيل: الأحمق.

وقيل: الأخرس، أو الغبيّ.

ابن عطية: وقيل: الضعيف: الأحمق الكبير.

وقال الزمخشري: ضعيفا: أي صبيًا أو شيخًا مختلاً.

- (وَليُّهُ). الضمير عائد على ذي الحق.

وذهب الطبري إلى عوده على الحق، وأسند ذلك إلى ابن عباس والربيع.

ورده ابن عطية: بأنه لا يصح أن تعمر ذمة السفيه بقول الذي له الحق.

ص: 384

وردّه ابن العربي: بأنه لا يقال: وَلي الحق، وإنما يقال: صاحب الحق.

- (بالعدل). قيل: الأولى تعلقه ب (وليّه) لا ب (يملل)؛ لأن إملاء الوصي إذا كان بغير العدل فالشهود يخرجونه، ولا يشهدون له فينبغي أن الوصى إن أتى ليرهن عن المحجور، ويعمر ذمته أن لا يشهدوا له إلا إذا تبين لهم في ذلك وجه المصلحة؛ لأن أكثر الأوصياء لا يعدلون فلا يقبل إلا إملاء الوصي المعروف بالدِّين.

وكان ابن الغماز يقول. جميع من رأيت من الأوصياء يتصرفون بغير الصواب إلا فلانًا، وفلانا ويعينهما.

- (من رجالكم). نص في رفض الكفار، والصبيان. واختلف في تناوله للعبد، ومذهبنا أن العبد لا يستشهد أبدا، فإن شهد قُبلت شهادته.

وقال ابن العربي في قوله تعالى: (والذين يظهِرون من نسائهم) أجمعنا على أن الأمة من نسائنا فليكن العبد من رجالنا.

يريد إنما يتناولها الظهار.

ص: 385

ورُدّ عليه بأن المقام هنا مقام تشريف، وتعظيم؛ لأن فيه خطاب المواجهة وهو قوله:(من رجالكم) فلا يدخل فيه العبد بخلاف تلك الآية.

وقال ابن العربي: هنا في قوله: (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) هذا دليل على إخراج العبد من جملة الشهادة؛ لأنه لا يمكنه أن يجيبَ إذ لا يستقل بنفسه، وإنما تصرفه بإذن سيده فانحط عن منصب الشهادة.

وحكى ابن العربي عن مجاهد أن المراد به: الأحرار.

قال: واختاره القاضي أبو إسحاق، وأطنب فيه.

وقيل: المراد من المسلمين؛ لأن قوله: " من الرجال " كان يغني عنه فلا بدّ لهذه الإِضافة من خصوصية، وهي إما أحراركم وإمّا مؤمنوكم.

والمؤمنون به أخص؛ لأن هذه إضافة الجماعة، وإلّا فمن هو الذي يجمع الشتات، وينظم الشمْلَ النظمَ الذي يصحّ معه الإِضافة.

ص: 386

- (فإن لم يكن رجلين فرجل وامرأتان). دلت الآية على أنه لا يشهد الرجل والمرأتان إلا عند عدم الرجلين مع أنه إذا تعارض بينتان أحدهما: رجل وامرأتان، والأخرى. رجلان فإنهما متكافئتان. وذكر الأصوليون الخلاف فيما إذا تعارض أمران في صورة، ويتساويا فيها، وثبت لأحدهما الرجحان على الآخر في غيرها من الصور فهل يرجح الأرجح أم لا؟. قولان.

فإن قلنا: بالتساوي فلا سؤال، وإن قلنا: بتقديم الأرجح فيَرِدُ السؤالِ لمَ جلهما مالك متكافئين، ولم يقدم الأرجح؟.

ابن العربي: قول علمائنا: إن هذه الآية تقتضي أن لا تجوز شهادة النساء إلا عند عدم الرجال لا يصح؛ لأنه لو أراد ذلك قال: فإن لم يوجد رجلان فرجل، فالظاهر تناوله حالة الوجود، والعدم.

ص: 387

قال: واحتج بها أبو حنيفة وأصحابه على أنه لا يقضى بالشاهد واليمن؛ لأنه قسَّمَ أنواع الشهادة، ولم يذكر اليمن.

وأجيب بوجهين:

الأول: أن الحكم هنا باليمن، والشاهد إنما هو مرجح جَنَبة المُدَعىِّ.

الثاني: أنهم يقضون بالنكول، وليس له في القرآن ذكر فدلّ على أن الآية إنما سيقت لبيان ما يَسْتَقِل به الحكم في الشهادة لا لبيان كل ما يوجب الحكم.

وأجيب أيضا: بأن هذا حالة التحمل هو حينئذ مأمور بأن يُشْهدَ رجلين أو رجلًا وامرأتين، وانما اليمن حالة الآداء، والحكم بذلك الحق، وهو راجع للأول.

ص: 388

- (ممن ترضون). متعلق ب (استشهدوا)، وأبطل أبو حيان تعلقه بـ " امرأتين " أو ب " رجلين " لئلا يلزم عليه المفهوم، وهو: إطلاق الحكم في الفريق الآخر.

ويجاب: بأن قوله: (من رجالكم)، و (شهيدين) بالإِضافة؛ والمبالغة يفيد كونهما مرضيين.

- (أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى). هو تعليل للمجموع أي: إرادة أن تذكر إحداهما الأخرى إذا ضلت.

ابن عطية: قرأ بعض المكيَّين (فرجل وامْرَاتان) بهمز الألف الساكنة.

ابن جني: لا نظير لتسكين الهمزة المتحركة، وإنما خففوا الهمزة فقربت

ص: 389

من الساكن ثم بالغوا في التخفيف، فصارت الهمزة ألفاً ساكنة ثم أدخلوا الهمزة على الألف الساكنة، ومنه قراءة ابن كثير.

(وكشفت عن سَاْقيها). انتهى.

وقع تسكين الهمزة المتحركة في القرآن في أربعة مواضع:

أحدهما: (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ)، قرأها أبو عمرو، والبزِّي بفتح الهمزة.

ص: 390

ورُوي عن قنْبل إسكان الهمزة إجراء للوصل مجرى الوقف.

الثاني: قوله تعالى: (مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ)، قرأها نافع، وأبو عمرو بالألف دون همز، وابن ذكوان بهمزة ساكنة، والباقون بهمزة مفتوحة.

الثالث: قوله تعالى في فاطر: (وَمَكْرَ السَّيِّئِ)، قرأ حمزة بسكون الهمزة إجراء للوصل مجرى الوقف، والباقون بتحريكها.

الرابع: قوله تعالى: (فتوبوا إلى بارِئكم)، ورُوي فيه

ص: 391

عن أبي عمرو الاختلاس،، ورُوي عنه الإِسكان.

قال ابن العربي: وهنا سؤالان:

الأول: يقول: فرجل وامرأة فإذا أضلت المرأة فذكَّرها الرجل.

فأجاب: بأنه لو ذكرها إذا نسيت لكانت شهادة واحدة، والمرأتان إذا ذكرت إحداهما الأخرى كانا كالرجل يستذكر في نفسه فيتذكر.

الثاني: ما الموجب لتكرار لفظ (إحداهما)، وكان يقول: فتذكرها الأخرى؟.

فأجاب: بأنه لو قال: فتذكِّرها (الأخرى)، لكان البيان من جهة واحدة، فتُذكِّر الذاكرة الناسية، فلما كرر أفاد أن كل واحدة تضلّ، وتذكِّر الذاكرة الغافلة، وتذكر الغافلة الذاكرة فيما ذكرته لما انتهى.

وهذا الكلام يحتاج إلى تنقيح، وهو أن يجعل (إحداهما) من قوله:(فتذكر إحداهما) مفعول به، و (الأخرى) فاعل فحينئذ يتجه سؤال

ص: 392

ابن العربي؛ لأنه تكون (إحداهما) المكررة هي الضالة، والأخرى المُذكِّرة، ولو كان (إحداهما) فاعلًا، و (الأخرى) مفعولًا لكان المعنى فتذكر واحدة منهما الأخرى فلا يتجه السؤال.

- (ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا). نَهْيُ الحاضر، والغائب بالنسبة إلى القديم سواء، وفي الحديث قد يكون نهي الغائب أشد؛ لأنك قد تنهى الشخص الحاضر عن فعل شيء بين يديك، وتكون تحب لو سمعت عنه أنه يفعله في غَيْبتك لا تزجره، ولا تنهاه فهذا الأمر فيه أخف من شيء تزجره عن فعله في الغَيْبة والحضرة فإن النهي في هذا أشد، ولا يؤخذ من الآية أن الأمر بالشيء ليس نهيًا عن ضدّه؛ لأن (استشهدوا) أمر للمتعاقدين، (ولا يأب) نهي للشاهدين.

ص: 393

وانظر ما ذكر ابن عطية، والزمخشري، وانظر هل اسم الفاعل على حقيقته في التحمل، والأداء، أو حقيقة في أحدهما، وتقرر الاتفاق على أنه حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال.

وهل هو حقيقة في الماضي أو مجاز؟. فيه خلاف.

والشاهد لا يسمى شاهدًا إلا حين التحمل فإذا جعل متناولًا التحمل،

والأداء كان استعمالًا له في حقيقته، ومجازه.

- قال ابن العربي: اختلفوا في حكم هذا النهي على ثلاثة أقوال:

أحدهما: أن فعل ذلك ندب.

الثاني: أنه فرض كفاية.

الثالث: أنه فرض على الأعيان قاله الشافعي، وغيره.

والصحيح عندي أن المراد هنا حالة التحمل؛ لأن حالة الأداء مبيَّنة بقوله: (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه)، وإذا كانت حالة التحمل فهي فرض كفاية.؛ لأن إباية الناس كلهم عنها إضاعة للحقوق. وإجابة جميعهم إليها تضييع للأشغال.

قال: وقال علماؤنا: قوله: (ولا يأب الشهداء) دليل على أن الشاهد هو

ص: 394

الذي يأتي للحاكم، وهذا أمر انبنى عليه الشرع وعُمِلَ به في كل دين، ومن أمثال العرب: في بَيْتِه يؤتَى الحَكَم،. انتهى.

يقال له: هذا إنما هو إذا قلنا: المراد به الأداء لا تحمل الشهادة، وأنت اخترت أن المراد به التحمل.

ابن العربي: قال علماؤنا: هذا في الدعاء لها، فأمّا من عنده شهادة.

لم يعلم بها مستحقها:

فقال قوم: أداؤها ندب لقوله: (ولا يأب) ففرض الأداء عند الدعاء فإذا لم يدع كانت ندبًا. يريد من دليل الخطاب، ويكون ندبًا لقوله عليه السلام:" خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسألها ".

والصحيح عندي أن أداءها فرض لما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم

ص: 395

قال: " انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا ". انتهى.

و (ما) من قوله: (ما دعوا) زائدة، وأفادة تأكيد العموم في الزمان.

- (وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا). ابن العربي: قال: علماؤنا: إلا ما كان من قيراط، ونحوه لنزارته، وعدم التشوف إليه إقرارًا، وإنكارًا.

ابن عطية: قدم " الصغير " على " الكبير "؛ لئلا يتهاون بها. كما قال في قوله: (من بعد وصية يوصى بها أو دين)، وكما في قوله:(فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة)، مع أن العداوة تنفي أخذ الدية، وتوجب التهاون بها. ولذلك قدمت. وضمير المفعول في (تَكْتُبُوهُ) إما للحق أو الكَتْب أو الدَّين. وعلى أنه للكَتْب فـ (أو) للتخيير، وللحق للتفضيل.

ص: 396

- (إلى أجله). لا يصح تعلقه ب (تكتبوه)، لاقتضائه استمرار الكتابة إلى أجل الدين؛ وإنما هو حال أي؛ مستقرًا في الذمة إلى أجله قاله ابن هشام:

- (ذلكم أقسط) قد تقرر أن (ذا) للاشارة، واللام لبعد الإيشار، وهو هنا قريب لكن قالوا: يشار بالبعد للقريب قصدًا للتعظيم كما في قوله: (فذلكن الذي لمتنني فيه. .) أقسط وهذا يدل على أن الأمر المتقدم للندب لا للوجوب.

الاصوب أن المراد: الإشهاد أقسط، والكتب أقوم للشهادة فيكون لفًّا، ونشرًا أي أعدل. وأقرب.

لقيام الشهادة؛

و (أقسط) قيل: من الرباعي وهو شذوذ. وقال الزمخشري: من " قاسط " على النسب أي ذو قسط، أو جارٍ على مذهب سيبويه في بقائها من " أفعل ".

ورده أبو حيان بأن سيبويه لم ينص على بناء " أفعل " التفضيل. وما

ص: 397

قاله أبو حيان غير صحيح، وإنما في سيبويه أن " أفعل " في التعجب يبنى من " فَعُلَ "، " وفَعِلَ "، و " أفعل " في قليل من الكلام.

قال ابن خروف، في شرحه له: هكذا في النسخ الشرقية؛ وفي النسخ الرباحية لم تذكر في قليل.

فسيبويه نص على بناء فعل التعجب من " أفعل "، وما قال في قليل و " أفعل " في التفضيل حكمها حكم التعجب سواء.

فما قال الزمخشري: عنه حق.

وقوله: إنه من قاسط غير صحيح؛ لأن الاشتقاق لا يكون إلا من الفعل ولا يصح من اسم الفاعل.

وقول ابن عطية:

انظر هل يكون من قسُط بالضم. غير صحيح؛ لأنه لم يحكه أحد فيه.

- (وأدنى ألا ترتابوا. .). إن أريد بالريبة مطلق الاحتمال فيكون فيه منع الشهادة بالمفهوم؛ لأنه ظني فلا ينتفى فيه الاحتمال وفيه ثلاثة أقوال:

ص: 398

الأول: أنه يشهد بها على القطع.

الثاني: أنه لا يشهد.

الثالث: أنه يشهد بها بالفَهْم على نحو ما تحملها، وإن أريد بالريبة الشك فليس فيه دليل.

ابن العربي: فيه دليل على أن الشاهد إذا رأى خطَّه، ولم يذكر الشهادة لم يؤدها لما دخل عليه من الريبة، ولا يؤدي إلا ما يعلم لكنه يقول: هذا خطِّي، ولا أذكر الآن ما كتبت فيه.

وقد اختلف علماؤنا على ثلاثة أقوال:

الأول: قال في " المدونة ": يؤديها؛ ولا تنفع؛ وذلك في الدين، والطلاق.

الثاني: قال في " كتاب محمد ": لا يؤديها.

الثالث: قال مطرف، وابن الماجشون.

ص: 399

والمغيرة: يؤديها، وتنفع إذا لم يشك في كتابه، وهو الذي عوّل عليه الناس.

ووجه القول بأنها لا تنفع أن خَطَّه فَرْع عن علمه فإذا ذهب علمه ذهب نفع خَطَّه.

وأجيب: بأن خَطَّه بدل الذكرى فإن حصلت وإلا قام مقامها.

انتهى.

ليس في الآية دليل لما ذكر ابن العربي؛ لأنه لم ينف الريبة جملة؛ لأن قوله: (وأدنى ألا ترتابوا) يدل أنه لا بدّ " ثم " من الريبة، والكَتْب يزيلها أو ينقص " منها " فكأنه يقول: وأقرب لانتفاء الريبة فلم تنتف كلها.

- (إلا أن تكون تجارة. .). إن أراد بالأول الدَّين، وبهذا الحاضر فيكون استثناءًا منقطعًا، وإن أراد بالأول مطلق المعاملة فهو متصل.

فإن قلت: هل في الآية دليل لمن يقول: الاستثناء من الإثبات ليس بنفي كالاستدلال بقوله تعالى: (فسجدوا إلا إبليس أبى. .).

لقوله: (فليس عليكم جناح. .) وإلا لما كان له فائدة.

ص: 400

فالجواب: أن الأول تناول الكتب، والإِشهاد فلو لم تذكر هذه الزيادة؛ لأدى إلى إهمال الإِشهاد، والكتب فأفادت هذه الزيادة رفع الجناح عن الكتب في الحاضر، ونفى الأمر بالإشهاد فيها عن غير كتب.

- (وأشهدوا إذا تبايعتم. .). تضمنت الإشهاد من غير كتب فلا تناقض، قوله:(فليس عليكم جناح ألا تكتبوها)؛ لأن تلك إنما اقتضت رفع الجناح عن عدم الكتب.

- (ولا يضارَّ كاتب ولا شهيد). قيل: مبنى للفاعل، وقيل للمفعول ويصح حمله على الأمرين معا على القول بجواز تعميم اللفظ المشترك في مَفْهُومَيْه معا كما قالوا في الجَوْن.

فإن قلت: هذان لفظان، وذلك لفظ واحد!.

قال الفخر: قلت: قد قال سيبويه في المشترك: أنهما لفظان دالان على معنيين. ذكره في باب المستقيم والإحالة في وجدت.

ص: 401

وقال التلمساني في " شرح المعالم الفقهية " في المسألة الخامسة من الباب الثالث في قوله: (وكنا لحكمهم شاهدين): أنه يحتمل أن يكون مضافًا للفاعل والمفعول معا. ورده بأنَّا إذا عممناه في الأمرين يلزم أن يكون مرفوعًا، ومنصوبًا في حالة واحدة، وذلك جمع بين النقيضين.

فإن قلت: لِمَ أتى فعل النهي بياء الغَيْبة، والأصل أن تكون بتاء الخطاب كما في قوله:(ولا تكتموا الشهادة)؛ لأن النهي في الأكثر إنما يكون للمخاطب لا للغائب!.

قلت: قصدًا للعموم؛ لأن الغَيْبة أصرح في العموم من الخطاب.

فإن قلت: لمَ عبر في (شهيد) بلفظ المبالغة دون كاتب؟.

فالجواب: أن ذلك فيمن برز، وبلغ إلى درجة العدالة.

فإن قلت: النهي إنما يكون عما يقع أو يتوهم وقوعه و (شهيد) من أبنية المبالغة، وقد قال ابن عطية فيه: إن المراد به من تكررت منه الشهادة، وأنه إشارة إلى العدالة. فهو عدل رضى، وعدالة الشاهد تمنع وقوع الضرر منه فلو قال:" ولا شاهد " دون مبالغة لم يرد السؤال.

فالجواب: أن تكرار الشهادة مظنة لغفلته ووقوع الضرر منه.

ص: 402

" فصل "

اختلف الناس في جواز أخذ الأجرة على الشهادة، والمعروف المنع وبعضهم أجازها إذا كان منقطعا عن أَسبابه إليها. وقيل: إن كان له من المعْرفة ما يُفْتَقَرُ بسببها إليه في النظر في الوثيقة ليصححها فقهًا، وكتبًا باعتبار سلامتها من اللحن المخل فيجوز له أخذ الأجرة، وإلا فلا.

وقال الحافظ أبو عمرو عثمان بن الصلاح في " علوم الحديث " ما نصه: من أخذ على التحديث أجرًا فقال إسحاق بن إبراهيم، وأحمد بن حنبل، وأبو حاتم الرازي: أن ذلك مانع من قبول روايته فلا يؤخذ عنه.

وترخص أبو نعيم الفضل بن دُكين، وعلى بن عبد العزيز المكيِّ،

ص: 403

وآخرون فأجازوا أخذ العوض عن التحديث، وشبهوه بأخذ الأجرة على إقرائهم القرآن على أن في هذا من حيث " العرف " خرمًا للمروءة، والظن السيئ لفاعله إلا أن يقترن ذلك بما ينفيه كما كان أبو الحسن النقُّور، وأفتى به الشيخ أبو إسحاق الشيرازي؛ لأن أصحاب الحديث كانوا يمنعونه عن الكسب لعياله " انتهى. ذكره في النوع الثالث والعشرين. وفي " إكمال " عياض في " كتاب الطب " في أحاديث الرُّقى أجاز مالك، وأحمد بن حنبل، والشافعي، وأبو ثور، وإسحاق أخذ الأجرة على الرقية، والطب، وتعليم القرآن.

ومنع أبو حنيفة، وأصحابه الأجرة على تعليم القرآن، وأجازوا الأجرة على الرقية، والطب ". انتهى.

قال شيخنا: فحاصل ذلك أنه إن كان انقطاعه لذلك يشغله عن معاشه، وكان فقيرًا محتاجًا لما يتعيش به، ولم يكن عنده من الحال ما يستغنى به عن طلب المعاش فيجوز له أخذ الأجرة، وإلا فلا.

ص: 404

وحكى أبو العباس أحمد بن حلولو عن والده أن القاضي أبا عبد الله محمد الأجميِّ بعث له صهره سيدي أبو علي ابن قداح بزير لبن فشربه ثم سمع أنه من عند شاهد يأخذ الأجرة على الشهادة فتقيأ ثم لما صار هو شاهدًا كان يأخذ في الشهادة قدر الدينار كل يوم، وما ذاك إلا أنه كان يأخذ ذلك مِنْ وجهه، والشاهد الأول لم يكن يأخذ ذلك من وجهه.

- (ويعلمكم اللَّه. .). دليل على اشتراط العلم في الكاتب، والشاهد.

- (واللَّه بكل شيء عليم). دليل على أن لفظ الشيء يطلق على المعدوم، والموجود؛ لأنه لا خلاف أن علم الله تعالى متعلق بالموجود، والمعدوم.

ص: 405