الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ص: باب: من سكر أربع مرات ما حده
؟
ش: أي هذا باب في بيان من سكر أربع مرات كيف يكون الحد في حقه.
ص: حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن عاصم، عن ذكوان أبي صالح، عن معاوية ابن أبي سفيان، عن النبي عليه السلام قال:"إن شربوا خمرًا فاجلدوهم، ثم إن شربوها عند الرابعة فاقتلوهم".
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سهل بكار، قال: ثنا أبو عوانة، عن مغيرة بن مقسم، عن معبد القاص، عن عبد الرحمن بن عبد الجدلي، عن معاوية، عن النبي عليه السلام مثله.
ش: هذان طريقان صحيحان:
الأول: عن علي بن معبد بن نوح المصري، عن عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن عاصم بن أبي النجود المقرئ الكوفي، عن أبي صالح ذكوان الزيات.
وأخرجه أبو داود (1)، قال: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: نا أبان، عن أبي صالح ذكوان، عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا شربوا الخمر فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاقتلوهم".
وأخرجه الترمذي (2): ثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن معاوية قال: قال رسول الله عليه السلام: "من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه".
(1)"سنن أبي داود"(4/ 164 رقم 4482).
(2)
"جامع الترمذي"(4/ 48 رقم 1444).
وأخرجه ابن ماجه (1): عن هشام بن عمار، عن شعيب بن إسحاق، عن ابن أبي عروبة، عن عاصم، نحوه.
الثاني: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن سهل بن بكار الدارمي البصري المكفوف شيخ البخاري وأبي داود، عن أبي عوانة الوضاح اليشكري، عن مغيرة بن مقسم الضبي، عن معبد بن خالد الجدلي الكوفي القاصّ، عن عبد الرحمن بن عبدٍ، وقيل: عبد بن عبد -بدون لفظ الله فيهما- المكنى بأبي عبد الله الجدلي، عن معاوية.
وأخرجه الطبراني (2): نا إبراهيم بن هاشم البغوي، نا كثير بن يحيى، ثنا أبو عوانة، عن مغيرة، عن معبد، عن عبد الرحمن بن عبد الجدلي، قال: سمعت معاوية يقول: سمعت رسول الله عليه السلام يقول: "من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه -ثلاثًا- فإن عاد الرابعة فاضربوا عنقه".
ص: حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: أخبرنا قرة بن خالد، عن الحسن، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي عليه السلام مثله.
قال: فقال عبد الله بن عمرو: "ائتوني برجل قد أقيم عليه الحد ثلاث مرات، فإن لم أقتله فأنا كذاب".
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا هدبة، قال: ثنا همام، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي عليه السلام مثله، ولم يذكر قول عبد الله بن عمرو.
ش: هذان طريقان صحيحان:
الأول: عن علي بن معبد بن نوح المصري، عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف العجلي البصري، عن قرة بن خالد السدوسي البصري، عن الحسن البصري.
(1)"سنن ابن ماجه"(2/ 859 رقم 2573).
(2)
"المعجم الكبير"(19/ 360 رقم 844).
وأخرجه الطبراني: نا محمَّد بن إسحاق بن راهويه، قال: ثنا أبي، قال: ثنا النضر بن شميل، قال: أنا عبد الوهاب بن عطاء، أنا قرة بن خالد، عن الحسن البصري، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله عليه السلام قال: "من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب الرابعة فاقتلوه. قال: فكان عبد الله بن عمرو يقول: ائتوني برجل يشرب الخمر ثلاث مرات فلكم علي أن أضرب عنقه.
الثاني: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن هدبة بن خالد القيسي البصري شيخ البخاري ومسلم وأبي داود، عن همام بن يحيى، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عبد الله بن عمرو.
وأخرجه أحمد في "مسنده"(1): ثنا عفان، ثنا همام، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عبد الله بن عمرو أن النبي عليه السلام قال:"من شرب الخمر فاجلدوه، ومن شرب الثانية فاجلدوه، ثم إن شرب الثالثة فاجلدوه، ثم إن شرب الرابعة فاقتلوه".
ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا شريك، عن الزهراني. (ح)
وحدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن، قالا: ثنا ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله.
ش: هذان طريقان صحيحان:
الأول: عن إبراهيم بن مرزوق، عن بشر بن عمر الزهراني، عن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن القرشي المدني خال ابن أبي ذئب، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة.
(1)"مسند أحمد"(2/ 214 رقم 7003).
وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة (1): عن شبابة بن سوَّار، عن ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة، عن النبي عليه السلام قال:"إذا سكر فاجلدوه، ثم إذا سكر فاجلدوه، ثم إذا سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاضربوا عنقه".
الثاني: عن ربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي، عن خالد بن عبد الرحمن الخراساني، عن ابن أبي ذئب. . . . إلى آخره.
وأخرجه أبو داود (2): عن نصر بن عاصم، عن يزيد بن هارون، عن ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي عليه السلام نحوه.
وأخرجه النسائي (3) وابن ماجه (4) أيضًا.
ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا داود بن يزيد الأودي، عن سماك بن حرب، عن خالد بن جرير، عن جرير، عن النبي عليه السلام مثله.
ش: إسناده صحيح.
وأخرجه الطبراني (5): نا محمد بن شعيب الأصبهاني، نا عبد السلام بن عاصم الرازي، ثنا الصباح بن محارب، ثنا داود الأودي، عن سماك بن حرب، عن خالد بن جرير، عن أبيه قال: قال النبي عليه السلام: "مَن شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه".
(1) انظر "المحلى"(11/ 367).
(2)
"سنن أبي داود"(4/ 164 رقم 4484).
(3)
"المجتبى"(8/ 313 رقم 5662).
(4)
"سنن ابن ماجه"(2/ 859 رقم 2572).
(5)
"المعجم الكبير"(2/ 335 رقم 2397).
وأخرجه أيضًا (1): عن محمد بن صالح، عن محمد بن المثنى، عن مكي بن إبراهيم، عن داود الأودي، عن سماك، عن خالد، عن أبيه جرير. . . . إلى آخره نحوه.
ص: حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا ابن هُبَيْرة، أن أبا سليمان مولى أم سلمة زوج النبي عليه السلام حدثه، أن أبا الرمداء البلوي، أخبره "أن رجلًا منهم شرب الخمر، فأتوا به رسول الله عليه السلام فضربه، ثم شرب الثانية فأتوا به فضربه، ثم شرب الخمر فأتوا به فضربه، فما أدري قال في الثالثة أو في الرابعة: فأمر به، فجعل على العجل ثم ضرب عنقه".
ش: ربيع هو ابن سليمان المؤذن شيخ أبي داود، وأسد هو ابن موسى ثقة، وابن لهيعة هو عبد الله بن لهيعة، فيه مقال، وابن هبيرة هو عبد الله بن هبيرة السبائي المصري، روى له الجماعة سوى البخاري.
وأبو سليمان مولى أم سلمة زوج النبي عليه السلام ذكره ابن يونس في الكنى، ولم يتعرض إليه بشيء (2).
وأبو الرمداء -بفتح الراء وسكون الميم وفتح الدال المهملة- وقيل: أبو الربداء بالباء الموحدة موضع الميم.
قال ابن الأثير: أبو الرمداء وقيل: أبو الربداء البلوي مولى لهم، وأكثر أهل الحديث يقولونه بالميم، وأهل مصر يقولونه بالباء.
والحديث أخرجه عبد الله بن وهب في "مسنده": عن ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن أبي سليمان مولى أم سلمة أم المؤمنين، عن أبي الربداء البلوي "أن رجلًا منهم. . . ." إلى آخره نحوه.
(1)"المعجم الكبير"(2/ 335 رقم 2398).
(2)
ذكره الحافظ ابن حجر في "اللسان"(8/ 63)، وقال: لا يعرف حاله، قاله ابن القطان.
وأخرجه الطبراني (1): ثنا عمرو بن أبي الطاهر بن السرح المصري، ثنا أبو صالح الحراني، ثنا ابن لهيعة، أن أبا سليمان مولى أم سلمة زوج النبي عليه السلام أخبره، أن أبا الرمداء البلوي أخبره:"أن رجلًا منهم شرب الخمر. . . ." إلى آخره نحوه.
قوله: "على العِجَل" بكسر العين وفتح الجيم جمع عِجْلة، كقِرَب جمع قِربة، قال أبو حاتم: هي الأنطاع. قال الخولاني: العِجْلة السقاء، والجمع عِجَل، والمراد هاهنا ما قاله أبو حاتم.
فهذا كما رأيت فقد أخرج الطحاوي أحاديث هذا الباب عن خمسة أنفس من الصحابة وهم: معاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبو هريرة، وجرير بن عبد الله البجلي، وأبو الرمداء.
ولما أخرج الترمذي حديث معاوية قال: وفي الباب عن أبي هريرة، والشريد، وشرحبيل بن أوس، وجرير، وأبي الرمداء البلوي، وعبد الله بن عمرو.
قلت: وفي الباب عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وجابر بن عبد الله.
أما حديث الشريد فأخرجه النسائي (2): أنا محمد بن يحيى [بن عبد الله، ثنا محمد بن عبد الله الرقاشي، قال](3) ثنا يزيد بن زريع، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن عتبة بن عروة بن مسعود، عن عمرو بن الشريد، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاقتلوه".
وأما حديث شرحبيل بن أوس فأخرجه الطبراني (4): نا أحمد بن عبد الوهاب، ثنا أبو المغيرة وعلي بن عياش الحمصي، قالا: ثنا حريز بن عثمان، أنا أبو الحسن
(1)"المعجم الكبير"(22/ 355 رقم 893).
(2)
"السنن الكبرى"(3/ 256 رقم 5301).
(3)
ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "السنن الكبرى"، و"تحفة الأشراف"(4/ 154 رقم 4845).
(4)
"المعجم الكبير"(7/ 306 رقم 7212).
نمران، عن شرحبيل بن أوس الكندي وكان من أصحاب رسول الله عليه السلام قال: قال رسول الله عليه السلام: "إذا شرب الخمر فاجلدوه، فإن شربها الثانية فاجلدوه، فإن شربها الثالثة فاجلدوه، فإن شربها الرابعة فاقتلوه".
وأما حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه فأخرجه البزار في "مسنده": نا محمد بن يحيى القطيعي، ثنا الحجاج بن منهال، ثنا حماد بن سلمة، عن جميل بن زياد، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله عليه السلام: "مَن شرب الخمر فاجلدوه -ثلاثًا- فإن عاد فاقتلوه في الرابعة".
وأما حديث جابر فأخرجه النسائي (1): أنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد، نا عمي -هو يعقوب بن سعد- نا شريك، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، عن نبي الله عليه السلام قال:"إذا شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد الرابعة فاقتلوه، فأتي رسول الله عليه السلام برجل منا فلم يقتله".
ص: قال أبو جعفر رحمه الله: فذهب قوم إلى هذه الآثار فقلدوها، وزعموا أن من شرب الخمر أربع مرات فحده القتل.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: طائفة من أهل الحديث وجماعة الظاهرية، فإنهم قالوا: من شرب الخمر أربع مرات فإنه يقتل.
قال ابن حزم: الرواية في ذلك عن أبي هريرة ومعاوية ثابتة تقوم بها الحجة، والواجب ضم أوامر الله تعالى وأوامر رسوله عليه السلام بعضها إلى بعض، والانقياد إلى جميعها والأخذ بها، وأن لا يقال في شيء منها: إنه منسوخ إلا بيقين، وقد صح أمره عليه السلام بقتله، ولم يصح نسخه، ولو صح لقلنا به، ولا حجة في قول أحد دون رسول الله عليه السلام.
(1)"السنن الكبرى"(3/ 257 رقم 5302).
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: حده في الرابعة كحده في الأولى.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم جمهور العلماء من التابعين ومَن بعدهم منهم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأصحابهم؛ فإنهم قالوا: حد شارب الخمر في الرابعة كحده في الأولى، وليس عليه قتل.
وقال الترمذي: والعمل على هذا، أي على عدم القتل عند عامة أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافًا في ذلك في القديم والحديث.
ثم قال الشافعي: القتل منسوخ بحديث قبيصة على ما يأتي.
وقال غيره: وقد يراد بالأمر الوعيد، ولا يراد به وقوع القتل، وإنما يقصد به الردع والزجر والتحذير.
وقد يحتمل أن يكون القتل في الخامسة واجبًا ثم نسخ. بحصول الإجماع من الأمة على أنه لا يقتل، وقال بعضهم: أجمع المسلمون على وجوب الحد في الخمر، وأجمعوا أنه لا يقتل إذا تكرر منه، إلا طائفة شاذة قالت: يقتل بعد حده أربع مرات؛ للحديث، وهو عند العامة منسوخ.
ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا حبان هلال (ح):
وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عارم بن الفضل، قالا: ثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، أن أبا أمامة بن سهل بن حنيف -هكذا قال ابن مرزوق في حديثه، وقال يزيد في حديثه: عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف- قال: "كنا مع عثمان رضي الله عنه وهو محصور، فقال: علامَ تقتلوني وقد سمعت رسول الله عليه السلام يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمفارق دينه التارك للجماعة".
ش: أي احتج هؤلاء الآخرون بحديث عثمان رضي الله عنه فإنه يخبر أن دم المسلم لا يحل إلا بإحدى معانٍ ثلاث، وشارب الخمر في الرابعة لم يكن داخلا في هذا، فلا يقتل. وقد اعترض ابن حزم على الحنفية، والشافعية، والمالكية هاهنا.
وملخصه: أن هذا الحديث حجة على الحنفية والمالكية في قتلهم الساحر، وعلى الشافعية في قتلهم اللوطي وتارك الصلاة.
قلت: أما الحنفية والمالكية فلا حجة عليهم في هذا؛ فإن الساحر يكفر بعمله فيكون داخلًا في الحديث.
وأما كونه حجة على الشافعية فظاهر؛ لأن تارك الصلاة خارج عن هذا الحديث فلا يقتل.
وأما اللوطي فليس بزاني عند أبي حنيفة فيخرج عن الحديث، وعند صاحبية والشافعي فهو كالزاني فإذا كان محصنًا يكون داخلًا في معنى الحديث، فافهم.
ثم إنه أخرج حديث عثمان من طريقين صحيحين:
الأول: عن يزيد بن سنان، عن حَبَّان -بفتح الحاء وتشديد الباء الموحد- ابن هلال، عن حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن أبي أمامة قيل: اسمه أسعد، وقيل: سعيد، وقيل: اسمه كنيته. والأول هو المشهور.
وأخرجه الترمذي (1): نا أحمد بن عبدة الضبي، قال: ثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن أبي أمامة:"أن عثمان أشرف عليهم يوم الدار فقال: أنشدكم الله أن تعلمون أن النبي عليه السلام قال: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث. . . ." الحديث وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
ورواه حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد فرفعه. وروى يحيى بن سعيد القطان وغير واحد عن يحيى هذا الحديث فوقفوه.
الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق، عن عارم وهو محمد بن الفضل السدوسي شيخ البخاري، عن حماد بن زيد. . . . إلى آخره.
(1)"جامع الترمذي"(4/ 460 رقم 2158).
وأخرجه البيهقي نحوه (1).
قوله: "والمفارق دينه" أراد به المرتد المفارق لجماعة المسلمين، قيل: إنه عام في كل مفارق للإسلام بأي ردة كانت منه. وقيل: يحتمل أن يكون خروجه خروجًا يترك به الجماعة، أو يبقى عليها فيُقَاتَل حتى يفيء إلى دينه وإلى الجماعة، وليس بكافر ويمكن أن يكون خروجه كفرًا.
ص: حدثنا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله، عن النبي عليه السلام مثله.
حدثنا علي بن شيبة وأبو أمية، قالا: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أنا شيبان، عن الأعمش. . . . فذكر بإسناده مثله.
حدثنا أبو أمية قال: ثنا قبيصة بن عقبة قال: ثنا سفيان، عن الأعمش. . . . فذكر بإسناده مثله.
ش: هذه ثلاث طرق صحاح:
الأول: عن فهد بن سليمان، عن عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه حفص، عن سليمان الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وهذا الحديث أخرجه الجماعة:
فالبخاري أخرجه بهذا الإسناد (2): عن عمر بن حفص، ثنا أبي، ثنا الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله قال: قال رسول الله عليه السلام: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة".
(1)"سنن البيهقي الكبرى"(8/ 18 رقم 15621)، (8/ 194 رقم 16594).
(2)
"صحيح البخاري"(6/ 2521 رقم 6484).
ومسلم (1) أخرجه: عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن حفص بن غياث، وأبي معاوية، ووكيع، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة. . . . إلى آخره نحوه غير أن في روايته:"والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة".
وأبو داود: عن عمر بن عون، عن أبي معاوية، عن الأعمش. . . . إلى آخره نحو رواية مسلم.
والترمذي: عن هناد، عن أبي معاوية. . . . إلى آخره.
وقال: حسن صحيح.
والنسائي: عن بشر بن خالد، عن غندر، عن شعبة، عن الأعمش، قال: سمعت عبد الله بن مرة، عن مسروق. . . . إلى آخره.
وابن ماجه: عن علي بن محمد وأبي بكر بن أبي خلاد، عن وكيع، عن الأعمش. . . . إلى آخره.
الثاني: عن علي بن شيبة وأبي أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي، كلاهما عن عبيد الله بن موسى بن حفص التميمي شيخ أبي داود، عن شيبان بن عبد الرحمن النحوي المؤدب، عن سليمان الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله.
وأخرجه أحمد في "مسنده": عن وكيع، عن الأعمش. . . . إلى آخره.
الثالث: عن أبي أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي، عن قبيصة بن عقبة السوائي شيخ البخاري، عن سفيان الثوري، عن سليمان الأعمش. . . . إلى آخره.
وأخرجه الدارقطني في "سننه": ثنا أبو علي المالكي محمد بن سليمان بن علي: ثنا أبو موسى: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن الأعمش، عن
(1)"صحيح مسلم"(3/ 302 رقم 1676). وهو في "سنن أبي داود"(4/ 126 رقم 4352)، و"جامع الترمذي"(4/ 48 رقم 1444)، (4460 رقم 2158)، و"المجتبى"(7/ 90 رقم 4016)، (8/ 13 رقم 4721)، و"سنن ابن ماجه"(2/ 847 رقم 2534).
عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله، عن النبي عليه السلام قال:"والذي لا إله غيره، لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا ثلاثة نفر: التارك للإسلام المفارق للجماعة، والثيب الزاني، والنفس بالنفس".
ص: حدثنا أبو أمية، قال: ثنا محمد بن سابق، قال: ثنا زائدة. (ح)
وحدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا عبد الله. (ح).
وحدثنا أبو أمية أيضًا، قال: ثنا عبيد الله، قال: ثنا زائدة، قال: محمد بن سابق في حديثه، قال: ثنا سليمان الأعمش، وقال عبيد الله في حديثه: عن الأعمش، فذكر بإسناده مثله.
قال سليمان: فحدثت به إبراهيم، فقال: حدثني الأسود، عن عائشة مثله.
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن غالب، قال:"دخل الأشتر على عائشة رضي الله عنها فقالت: أردت قتل ابن أختي؟ فقال: لقد حرص على قتلي، وحرصت على قتله، فقالت: أما إني سمعت رسول الله عليه السلام يقول. . . ." فذكرت مثله.
ش: هذه أربع طرق صحاح:
الأول: عن أبي أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي، عن محمد بن سابق البزاز شيخ البخاري في كتاب "الأدب"، عن زائدة بن قدامة، عن سليمان الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله.
الثاني: عن علي بن شيبة بن الصلت، عن عبيد الله بن موسى شيخ أبي داود، عن زائدة، عن الأعمش.
الثالث: عن أبي أمية محمد بن إبراهيم، عن عبيد الله بن موسى، عن زائدة، عن الأعمش. . . . إلى آخره.
وأخرجه الدارقطني: ثنا محمد بن مخلد: نا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي: ثنا إبراهيم بن عرعرة: ثنا عبد الرحمن بن مهدي: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن
عبد الله ابن مرة، عن مرة، عن مسروق، عن عبد الله، عن النبي عليه السلام:"لا يحل دم امرئ مسلم. . . ." الحديث.
قال الأعمش: فذكرته لإبراهيم، فقال: حدثني الأسود، عن عائشة.
قال: وحدثنا إبراهيم بن طهمان، عن منصور، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن مسروق، عن عائشة، عن النبي عليه السلام مثل حديث عبد الله بن مرة، قال عبد الرحمن: أفسد هذين الحديثين جميعًا حديث مسروق، عن عبد الله، وحديث إبراهيم عن الأسود، ثنا أبو علي المالكي: ثنا أبو موسى: ثنا أبو عامر: ثنا إبراهيم بن طهمان، عن منصور، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن مسروق، عن عائشة، قالت:"لا يحل دم امرئ مسلم من هذه الأمة إلا بإحدى ثلاث: رجل قتل فيقتل به، والثيب الزاني، والمفارق للجماعة" أو قال: "الخارج من الجماعة" موقوف.
الرابع: عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عاصم النبيل: الضحاك بن مخلد شيخ البخاري، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق: عمرو بن عبد الله السبيعي، عن عمرو بن غالب الهمداني الكوفي قال:"دخل الأشتر وهو مالك بن الحارث النخعي الكوفي، وكان أدرك الجاهلية، وكان من شيعة علي رضي الله عنه".
وأخرجه النسائي (1): عن عمرو بن علي، عن يحيى، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن غالب نحوه. وعن هلال بن العلاء، عن حسين بن علي، عن زهير، عن أبي إسحاق، عن عمرو، عن عائشة به. ولم يرفعه.
ص: فهذه الآثار التي ذكرناها تعارض الآثار الأُول؛ لأن النبي عليه السلام قد منع في هذه الآثار أن يحل الدم إلا بإحدى الخصال المذكورة فيها، غير أنه قد يحتمل أن تكون هذه الآثار ناسخة للآثار الأول. فنظرنا في ذلك هل نجد شيئًا من الآثار يدل عليه؟
(1)"المجتبى"(7/ 91 رقم 4017).
فإذا ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا أصبغ بن الفرج، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن عاد فاجلدوه، ثم إن عاد فاجلدوه، ثم إن عاد فاجلدوه. قال: فثبت الحد ودرئ القتل".
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن محمد بن المنكدر حدثه، أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"في شارب الخمر: إن شرب فاجلدوه -ثلاثًا-، ثم قال في الرابعة: فاقتلوه. فأتي ثلاث مرات برجل قد شرب الخمر فجلده، ثم أتي به في الرابعة فجلده، ووضع القتل عن الناس".
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن قبيصة بن ذؤيب الكعبي أنه حدثه، أنه بلغه عن رسول الله عليه السلام، مثله سواء.
فثبت بما ذكرنا أن القتل بشرب الخمر في الرابعة منسوخ، فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.
ش: أراد بهذه الآثار الأحاديث التي رواها عن عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود، وعائشة رضي الله عنهم فإنها تعاض الآثار الأُول، وهي الأحاديث التي رواها عن معاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن عمرو، وأبي هريرة، وجرير بن عبد الله، وأبي الرمداء رضي الله عنهم.
وجه المعارضة بين هذه الأحاديث ظاهر، فإذا وقع التعارض بين الحديثين ينظر هل فيه شيء يدل على النسخ؟ فنظرنا في ذلك فوجدنا حديث جابر المسند، وحديث محمد بن المكندر، وحديث قبيصة المنقطعين تدل على أن قوله عليه السلام:"فإن عاد في الرابعة فاقتلوه" منسوخ.
أما حديث جابر فأخرجه بإسناد صحيح، عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن أصبغ بن الفرج شيخ البخاري، عن حاتم بن إسماعيل، عن شريك بن
عبد الله النخعي، عن محمد بن إسحاق المدني، عن محمد بن المنكدر، عن جابر ابن عبد الله.
وأخرجه النسائي (1): عن عبيد الله بن سعد، ثنا عمي -هو يعقوب بن سعد- نا شريك، عن محمد بن إسحاق. . . . إلى آخره، وقد ذكرناه عن قريب.
وأخرجه الحاكم في "مستدركه"(2): أنا ابن أبي دارم الحافظ بالكوفة، ثنا المنذر بن محمد القابوسي، ثنا أبي، ثنا الحسن بن صالح، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن ابن المنكدر، عن جابر قال:"جلد رسول الله عليه السلام نعيمان أربع مرات". فرأى المسلمون حرجًا عظيمًا أن الحد قد وقع وأن القتل قد أُخر".
وأما حديث محمد بن المنكدر فأخرجه عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله ابن وهب. . . . إلى آخره.
وهؤلاء كلهم رجال الصحيح.
وأما حديث قبيصة فأخرجه أيضًا عن يونس، عن عبد الله بن وهب، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب.
فهؤلاء كلهم أيضًا رجال الصحيح.
وقبيصة بن ذؤيب وُلد عام الفتح، وقيل: إنه وُلد أول سنة من الهجرة، ولم يذكر له سماع من النبي عليه السلام، وعده الأئمة من التابعين، وذكروا أنه سمع من الصحابة. وإذا ثبت أن مولده في أول سنة من الهجرة أمكن أن يكون له سماع من النبي عليه السلام.
وأبوه ذؤيب بن حلحلة، صحابي. والله أعلم.
(1)"السنن الكبرى"(3/ 257 رقم 5302).
(2)
"مستدرك الحاكم"(4/ 415 رقم 8123)، من طريق محمد بن إسحاق عن ابن المنكدر به.
وأخرجه أبو داود (1): ثنا أحمد بن عبدة الضبي، قال: أنا سفيان، قال الزهري: أنا قبيصة بن ذؤيب، أن النبي عليه السلام قال:"من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاقتلوه -في الثالثة أو الرابعة- فأتي برجل قد شرب الخمر فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده ورفع القتل، وكانت رخصةً".
قوله: "فأتي ثلاث مرات برجل" هو النعيمان أو ابن النعيمان. وقد اعترض ابن حزم في "المحلى" وقال: أما حديث جابر عبد الله فإنه لا يصح؛ لأنه لم يروه عن ابن المنكدر أحد متصلًا إلا شريك القاضي عن زياد بن عبد الله البكائي، عن محمد بن إسحاق، عن ابن المنكدر وهما ضعيفان.
وأما حديث قبيصة فمنقطع ولا حجة في منقطع.
قلت: لا نسلم أن حديث شريك ضعيف وقد قال يحيى بن معين: شريك صدوق ثقة. وقال العجلي: كوفي ثقة وكان حسن الحديث. وقال النسائي: ليس به بأس. وقد صحح الحكم وغيره حديثه.
وأما حديث زياد بن عبد الله فأخرجه ابن خزيمة، عن محمد بن موسى الجرشي، عن زياد بن عبد الله، عن ابن إسحاق، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عن النبي عليه السلام نحوه. وقال:"فإن عاد الرابعة فاقتلوه"، وقال:"فرأى المسلمون أن الحد قد وقع حين ضرب النبي عليه السلام نعيمان أربع مرات".
وأخرجه البيهقي (2) أيضًا من طريق ابن خزيمة.
وأما حديث قبيصة وإن كان منقطعًا ولكنه يعتضد بحديث جابر رضي الله عنه على أن مولد قبيصة وإن كان أول سنة من الهجرة -على ما قاله بعضهم- يمكن سماعه من النبي عليه السلام فيرتفع الانقطاع حينئذٍ، والله أعلم.
(1)"سنن أبي داود"(4/ 165 رقم 4485).
(2)
"سنن البيهقي الكبرى"(8/ 314 رقم 17285).
ص: ثم عدنا إلى النظر في ذلك لنعلم ما هو؟ فرأينا العقوبات التي تجب بانتهاك الحرمات مختلفة، فمنها حد الزنا وهو الجلد في غير الإحصان، فكان من زنى وهو غير محصن فحُدًّ، ثم زنى ثانيةً كان حده كذلك. ثم كذلك حده في الرابعة، فلا يتغير عن حده في أول مرة.
وكان مَن سرق ما يجب فيه القطع فحدُّه قطع اليد، ثم ان سرق ثانية فحده قطع الرجل، ثم إن سرق ثالثة ففي حكمه اختلاف بين الناس، فمنهم مَن يقول: تقطع يده. ومنهم مَن يقول: لا تقطع، فهذه حقوق الله عز وجل التي تجب فيما دون النفس.
وأما حدود الله التي تجب في الأنفس فهي القتل في الردة، والرجم في الزنا إذا كان الزاني محصنًا، فكأن مَن زنى ممن قد أحصن رجم ولم يتتظر به أن يزني أربع مرات، وكان من ارتد عن الإسلام قتل ولم ينتظر به أن يرتد أربع مرات.
وأما حقوق الآدميين فمنها أيضًا ما يجب فيما دون النفس، فمن ذلك حد القذف، فكان مَن قذف أربع مرات فحكمه فيما يجب عليه بكل مرة منها هو حكم واحد لا يتغير، ولا يختلف ما يجب من قذفه إياه في المرة الرابعة وما يجب عليه بقذفه إياه في المرة الأولى. فكانت الحدود لا تتغير في انتهاك الحرم، وحكمها كلها حكم واحد، ما كان منها جلد في أول مرة فحكمه كذلك أبدًا، وما كان منها قتل، قتل الذي وجب عليه ذلك بفعله أول مرة ولم يُنتظر به أن يتكرر فعله أربع مرات.
فلما كان ما وصفنا كذلك، وكان من شرب الخمر مرةً فحده الجلد لا القتل، كان فى النظر أيضًا عقوبته في شربه إياها بعد ذلك أبدًا كلما شربها الجلد لا القتل، ولا تزيد عقوبته بتكرر أفعاله كما لم تزد عقوبة الذين وصفنا بتكرر أفعالهم.
فهذا الذي وصفنا هو النظر، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
ش: وجه هذا القياس والنظر بيِّن جدًّا لا يحتاج إلى مزيد البيان.
قوله: "فمنهم مَن يقول" أي من العلماء من يقول: تقطع يد السارق اليسرى بعد أن سرق ثالثةً، وهو قول مالك، والشافعي.
قوله: "ومنهم مَن يقول: لا تقطع" أي في السرقة الثالثة لا يقطع منه شيء، ولكن يُحبس إلى أن يحدث التوبة. وهو قول الزهري، والنخعي، والثوري، وحماد بن أبي سليمان، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، وزفر.
وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: تقطع يده اليسرى بعد الرجل اليسرى، فإن سرق قطعت رجله اليمنى، فإن سرق حبس حتى يحدث توبة.
وعن أبي بكر رضي الله عنه مثل ذلك، إلا أن عمر رضي الله عنه قد روي عنه الرجوع إلى قول علي رضي الله عنه.