الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب ما جاء في التطير]
" باب ما جاء في التطير " وقول الله تعالى: {أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 131][الأعراف: 131] .
وقوله: {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} [يس: 19][يس: 19] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر» أخرجاه (1) وزاد مسلم: «ولا نوء، ولا غول» (2) ولهما عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى، ولا طيرة ويعجبني الفأل " قالوا: وما الفأل؟ قال: "الكلمة الطيبة» (3) ولأبي داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر قال: «ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أحسنها الفأل، ولا ترد مسلما، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأت بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك» (4) .
ــ
[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(1) أخرجه البخاري (5757) ومسلم (2220) .
(2)
أخرجه مسلم (2222) .
(3)
أخرجه البخاري (5776) ومسلم (2224) .
(4)
أخرجه أبو داود (3719) وصححه النووي.
وله من حديث ابن مسعود مرفوعا: «الطيرة شرك، الطيرة شرك، الطيرة شرك، وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل» رواه أبو داود، والترمذي، وصححه (1) وجعل آخره من قول ابن مسعود. ولأحمد من حديث ابن عمرو:«من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك " قالوا: وما كفارة ذلك؟ قال: "أن تقولوا: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك» (2) وله من حديث الفضل بن العباس: «إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك» (3) .
فيه مسائل: الأولى: التنبيه على قوله: (ألا إنما طائرهم عند الله) مع قوله: (طائركم معكم) .
الثانية: نفي العدوى.
الثالثة: نفي الطيرة.
الرابعة: نفي الهامة.
الخامسة: نفي الصفر.
السادسة: أن الفأل ليس من ذلك، بل مستحب.
ــ
[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(1) أخرجه أبو داود (3910) والترمذي (1614) .
(2)
أخرجه أحمد 2 / 220.
(3)
أخرجه أحمد (2131) .
السابعة: تفسير الفأل.
الثامنة: أن الواقع في القلوب من ذلك- مع كراهته- لا يضر، بل يذهبه الله بالتوكل.
التاسعة: ذكر ما يقول من وجده.
العاشرة: التصريح بأن الطيرة شرك.
الحادية عشرة: تفسير الطيرة المذمومة.
ــ
[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]
والسلام: «إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك» ، (1) فالطيرة شرك، وهي التي تقع في القلب، ويبني عليها المرء مضاء في الفعل، أو نكوصا عنه. فإذا خرج مثلا من بيته وهو ينوي سفرا، أو رحلة، أو ينوي القيام بصفقة تجارة، أو نحو ذلك، فحصل أمامه حادث، فهذا الحادث الذي حصل أمامه من تصادم سيارة، أو اعتداء من واحد على آخر، أو نحو ذلك، إن أوقع في قلبه شؤما، واستدل بهذا الحادث على أنه سيفشل في سفره أو في تجارته أو أنه سيصيبه مكروه في سفره، ورجع ولم يمض فقد حصل له التطير الشركي، أما إذا حصل ذلك في قلبه وحصل له نوع تشاؤم، ولكنه مضى وتوكل على الله، فهذا لا يكاد يسلم منه أحد، كما جاء في حديث ابن مسعود «وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل» (2) كما سيأتي.
فهذه حقيقة التطير الشركي وضابطه، وتبين أن التطير عام ليس خاصا بالطير وحركاتها، وقد تقدم في " باب ما جاء في شيء من أنواع السحر " أن العيافة متعلقة بالطير كما فسرها عوف الأعرابي بقوله: العيافة زجر الطير، فهي متعلقة بالطير من حيث إنه يحرك الطير ويزجره حتى ينظر أين يتحرك، وأما الطيرة فهي أن يتشاءم أو يتفاءل ويمضي أو يرجع بحركة تحصل أمامه ولو لم يزجر أو يفعل، أو بشيء يحصل أمامه، إما من الطير أو من غيره.
قوله " باب ما جاء في التطير"، يعني: من أنه شرك بالله- جل وعلا- إذا أمضى أو رجع، وكفارة التطير إذا وقع في القلب، ونحو ذلك من الأحكام.
(1) أخرجه أحمد 1 / 213.
(2)
أخرجه أحمد 1 / 389، 438، 440 وأبو داود (3910) والترمذي (1614) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]
" وقول الله تعالى: {أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 131][الأعراف: 131] . هذا مقطع من آية في سورة الأعراف أولها: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 131] يعني إذا أتاهم خصب وسعة وزيادة في الأرزاق {قَالُوا لَنَا هَذِهِ} [الأعراف: 131] يعني: نحن المستحقون لها {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} [الأعراف: 131] يعني: أصابهم جدب، أو نقص في الأرزاق، أو بلاء، قالوا: هذا بسبب شؤم موسى ومن معه، فهم الذين بسببهم وبسبب أقوالهم وأعمالهم حصل لنا هذا السوء وهذه الويلات، فتطيروا بهم، يعني: جعلوهم سببا لما حصل لهم، قال- جل وعلا-:{أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [الأعراف: 131] طائرهم، يعني: ما يطير عنهم من عمل صالح أو طالح، وأنهم يستحقون الحسنات أو يستحقون السيئات، كل هذا عند الله- جل وعلا-، أو أن معنى قوله {أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [الأعراف: 131] يعني: أن سبب ما يأتيهم من الحسنات أو ما يأتيهم من السيئات، أن ذلك من جهة القضاء والقدر، فهو عند الله- جل وعلا-.
ومناسبة هذه الآية لهذا الباب: أن هذا التطير من صفات أعداء الرسل، ومن خصال المشركين، وإذا كان كذلك فهو مذموم، ومن خصال المشركين الشركية، وليست من خصال أتباع الرسل، وأما أتباع الرسل فإنهم يعلقون ذلك بما عند الله من القضاء والقدر، أو بما جعله الله -جل وعلا- لهم من
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]
ثواب أعمالهم أو العقاب على أعمالهم كما قال تعالى: {أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [الأعراف: 131]
قوله تعالى: {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [يس: 19] الآية، وهي من سورة يس، والذين تطيروا بأولئك هم المشركون أصحاب تلك القرية حيث قالوا:{قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [يس: 18] قال أتباع الرسل: {طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ} [يس: 19] يعني: سبب وقوع السيئات عليكم، أو سبب قدوم الحسنات عليكم هو من عند أنفسكم، فالسوء الذي سينالكم والعقاب الذي سينزل بكم ملازم لكم ملازمة ما تتطيرون به من عمل سوء، ومن معاداة للرسل، وتكذيب للرسل، هذا ملازم لكم وستتطيرون به {طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [يس: 19] لأنه من جهة أنهم فعلوا السيئات وكذبوا الرسل وهذا سيقع عليهم وباله.
ومناسبة هذه الآية للباب كمناسبة الآية قبلها من أن هذه هي قالة المشركين، وأعداء الرسل.
" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر» أخرجاه (1) زاد مسلم: «ولا نوء، ولا غول» (2) .
(1) أخرجه البخاري (5757) ومسلم (2220) .
(2)
من رواية جابر (2222) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]
موطن الشاهد قوله: «ولا طيرة» . ومن المعلوم أن المنفي هنا ليس هو وجود الطيرة؛ لأن الطيرة موجودة من جهة اعتقاد الناس، ومن جهة استعمالها، وكذلك العدوى موجودة من جهة الوقوع؛ ولهذا قال العلماء: النفي هنا راجع إلى ما تعتقده العرب ويعتقده أهل الجاهلية؛ لأن (لا) - هنا- نافية للجنس واسمها مذكور، وخبرها محذوف، لأجل العلم به، فإن الجاهليين يؤمنون بوجود هذه الأشياء، ويؤمنون أيضا بتأثيرها، فالمنفي ليس هو وجودها وإنما هو تأثيرها فيكون التقدير هنا: لا عدوى مؤثرة بطبعها ونفسها وإنما تنتقل العدوى بإذن الله- جل وعلا-، وكان أهل الجاهلية يعتقدون أن العدوى تنتقل بنفسها، فأبطل الله ذلك الاعتقاد- فقال عليه الصلاة والسلام. " لا عدوى " يعني: مؤثرة بنفسها.
" ولا طيرة " أي: مؤثرة أيضا، فإن الطيرة شيء وهمي يكون في القلب، لا أثر له في قضاء الله وقدره، فحركة السانح، أو البارح، أو النطيح، أو القعيد، لا أثر لها في حكم الله وفي ملكوته، وفي قضائه وقدره، فخبر (لا) النافية للجنس تقديره (مؤثرة) أي: لا طيرة مؤثر، بل الطيرة شيء وهمي.
وكذلك قوله: «ولا هامة ولا صفر» . . إلخ الحديث.
وقد سبق بيان أن خبر (لا) النافية للجنس يحذف كثيرا في لغة العرب إذا كان معلوما، كما قال ابن مالك في آخر باب (لا) النافية للجنس في الألفية:
وشاع في ذا الباب إسقاط الخبر
…
إذا المراد مع سقوطه ظهر
" ولهما عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى» . يعني لا عدوى مؤثرة بنفسها، بل بإذن الله - جل وعلا-.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]
" ولا طيرة ": مؤثرة أصلا، وإنما ذلك راجع إلى قضاء الله وقدره.
قوله: «ويعجبني الفأل " قالوا: وما الفأل؟ قال: " الكلمة الطيبة» (1) كان عليه الصلاة والسلام يحب الفأل وفسره بأنه الكلمة الطيبة؛ لأن الكلمة الطيبة إذا سمعها فتفاءل بها، وأنه سيحصل له كذا وكذا من الخيرات، يكون من باب حسن الظن بالله- جل وعلا-، فالفأل حسن ظن بالله، والتشاؤم سوء ظن بالله- جل وعلا-؛ ولهذا كان الفأل ممدوحا ومحمودا، والشؤم مذموما.
ومعلوم أن العبد مأمور بأن يحسن الظن بالرب- جل وعلا- ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يتفاءل، وكل ذلك من تعظيم الله - جل وعلا- وحسن الظن به وتعلق القلب به، وأنه لا يفعل للعبد إلا ما هو أصلح له.
" ولأبي داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر قال: «ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أحسنها الفأل» . الطيرة: يعني التأثر بالكلمة؛ لأننا ذكرنا أن الطيرة عامة تشمل الأقوال والأعمال التي تحصل أمام العبد، فإذا كان ثم تطير فإن أحسنه الفأل، يعني: أن يقع في قلبه أنه سيحصل له كذا وكذا من جراء كلمة سمعها، أو من جراء فعل حصل له. وأحسن ذلك الفأل وغيره مذموم، وإنما كان الفأل محمودا وممدوحا ومأذونا به؛ لما ذكرنا من أنه إذا تطير متفائلا فإنه محسن الظن بالله- جل وعلا- لأن التفاؤل يشرح الصدر، ويؤنس العبد، ويذهب الضيق الذي يوحيه الشيطان ويسببه في قلب
(1) أخرجه البخاري في (5776) ومسلم (2224) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]
العبد، والشيطان يأتي للعبد فيجعله يتوهم أشياء تضره وتحزنه فإذا فتح العبد على قلبه باب التفاؤل أبعد عن قلبه باب تأثير الشيطان في النفس.
قوله: «ولا ترد مسلما» هذا خبر في معنى النهي، وقد بينا أن النهي قد يعدل عنه للخبر، كما أن الأمر قد يعدل عنه إلى الخبر لتأكيد النهي ولتأكيد الأمر، قال تعالى:{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ} [النحل: 49][النحل: 49] فهذا خبر مثبت لكنه كالأمر المؤكد، وقوله:" لا ترد مسلما " هذا خبر منفي لكن فيه النهي أن ترد الطيرة مسلما عن حاجته، فإذا ردته عن حاجته، فقد حصل له الشرك بالتطير.
قوله: «فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك» (1) هذا دعاء عظيم في دفع ما يأتي للقلب من أنواع التشاؤم وأنواع الطيرة.
" وعن ابن مسعود مرفوعا: «الطيرة شرك، الطيرة شرك، الطيرة شرك» (2) . يعني: أنها شرك أصغر بالله- جل وعلا-.
وقوله: «وما منا إلا» يعني: إلا وقد يقع في قلبه بعض التطير؛ لأن هذا من الشيطان، والشيطان يأتي القلوب فيغريها بما يفسدها " وما منا إلا " يعني: ويعرض له ذلك.
(1) رواه أبو داود (3719) .
(2)
تقدم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]
قوله: «ولكن الله يذهبه بالتوكل» لأن حسنة التوكل وإتيان العبد بواجب التوكل يذهب عنه كيد الشيطان بالتطير، فالواجب على العبد إذا عرض له شيء من التشاؤم ألا يرجع عما أراد عمله، بل يعظم التوكل على الله- جل وعلا-؛ لأن هذه الأشياء التي تحصل لا تدل على الأمور المغيبة؛ لأنها أمور طرأت ووقعت هكذا أمام العبد، وليس لها أثر فيما يحصل مستقبلا.
ولأحمد من حديث ابن عمرو: «من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك» هذا هو ضابط الطيرة التي تكون شركا، وهو أن ترد المتطير عن حاجته، فإذا لم ترده عن حاجته، ولم يستجب لها، فلا حرج عليه وبذلك إلا أن عظمت في قلبه، فربما دخلت في أنوع محرمات القلوب، الذي يذهب ذلك كله هو التوكل على الله، وتعظيم الرغب فيما عنده وحسن الظن بالله - جل وعلا-.
«قالوا: فما كفارة ذلك؟ قال: "أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك» (1) ": لا طير إلا طيرك يعني: لن يحصل إلا قضاؤك الذي قضيته، أو لن يحصل ويقضى إلا ما قدرته على العبد. فعلم المغيبات إنما هو عند الله- جل وعلا-.
" باب ما جاء في التنجيم ". يعني في حكم التنجيم، وأنه منقسم إلى جائز ومحرم، والمحرم منه نوع من أنواع السحر، وهو كفر وشرك بالله- جل وعلا-، فادعاء معرفة المغيبات عن طريق النجوم، هو التنجيم المذموم المحرم الذي هو من أنواع الكهانة والسحر.
والتنجيم الذي يتعاطاه الناس ثلاثة أنواع:
الأول: التنجيم الذي هو اعتقاد أن النجوم فاعلة مؤثرة بنفسها، وأن الحوادث الأرضية منفعلة ناتجة عن النجوم وعن إرادات النجوم، وهذا تأليه للنجوم، وهو الذي كان يصنعه الصابئة ويجعلون لكل نجم وكوكب صورة وتمثالا، تحل فيها أرواح الشياطين، فتأمر أولئك بعبادة تلك الأصنام والأوثان، وهذا بالإجماع كفر أكبر وشرك كشرك قوم إبراهيم.
والنوع الثاني من التنجيم: هو ما يسمى علم التأثير، وهو الاستدلال بحركة النجوم والتقائها وافتراقها، وطلوعها وغروبها، على ما سيحصل في الأرض، فيجعلون حركة النجوم دالة على ما سيقع مستقبلا في الأرض، والذي يفعل هذه الأشياء ويستدل بها يقال له: المنجم، وهو من أنواع الكهان؛ لأنه يخبر بالأمور المغيبة عن طريق الاستدلال بحركات الأفلاك وتحرك النجوم، وهذا النوع محرم وكبيرة من الكبائر، وهو نوع من الكهانة وكفر بالله- جل وعلا-؛ لأن النجوم ما خلقت لذلك وهؤلاء تأتيهم الشياطين، فتوحي إليهم بما يريدون وبما سيحصل في المستقبل ويجعلون حركة النجوم دليلا على ذلك.
(1) أخرجه أحمد 2 / 220.