المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في ذكر مذهب أهل الحديث - نونية ابن القيم الكافية الشافية - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصلٌ في ذكرِ مذهبِ أهلِ الحديث

- ‌فصلٌ في إلزامِهم القولَ بنفي الرّسالةِ إذا انتفتْ صفة الكلام

- ‌فصلٌ في التَّفريقِ بينَ مَا يضافُ إلى الرَّبِّ تعالى(1)من الأوْصَافِ(2)والأعْيانِ

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ في مقالات(1)الفلاسفةِ والقَرامِطَةِ(2)فِي كلامِ الرَّبِّ جل جلاله

- ‌فصلٌ في مقالاتِ طوائفِ الاتّحاديَّةِ في كلامِ الرَّبِّ جل جلاله

- ‌فصلٌ

- ‌مسألة العذر بالجهل

- ‌فصلٌ في الرد على الجَهْمِيَّةِ المعطِّلةِ القائلينَ بأنَّه ليسَ علي العرشِ إلهٌ يُعبَد، ولا فوقَ السماء(1)إله يُصلّى لهُ ويُسْجَد(2)، وبيان فسادِ قولهمْ عقلًا ونقلًا ولغةً وفطرةً

- ‌فصلٌ في سياق هذا الدَّليلِ(1)على وجْهٍ آخرَ

- ‌فصلٌ في الإشارةِ إلي الطُرقِ النَّقليَّةِ الدَّالّة على أنَّ اللَّهَ سُبْحَانَه(1)فوق سماواته على عرشِهِ

- ‌فصلٌ فِي الإشَارة إلى ذلك من السنة

- ‌فصلٌ فيمَا يلزم مدعي التَّأويل لِتصحّ دعواه

- ‌فصلٌ في تشبيه(1)المحرِّفينَ للنصوصِ باليهودِ وإرثهم التَّحريفَ منهم، وبراءةِ أهلِ الإثباتِ مما رموهم به من هذا الشَّبه

- ‌فصلٌ في بيان تدليسهم وتَلْبِيسهم الحقَّ بالباطِل

- ‌فصلٌ في المطالبةِ بالفرقِ بينَ ما يُتأوَّلُ ومَا لا يُتأَوَّلُ

- ‌فصلٌ في ذكرِ فرق آخر لهمْ(1)وبيانِ بطلانِهِ

- ‌فصلٌ في بيان(1)مخالفةِ طريقهمْ لطريق أهلِ الاستقامةِ(2)نقلًا وعقلًا

- ‌فصلٌ في بيانِ كذبِهم ورمْيهم أهلَ الحقِّ بأنَّهم أشباهُ الخَوارجِ وبيانِ شَبَهِهمْ المحقَّق بالخوارجِ

- ‌فصلٌ فِي تلقيبهِمْ أهلَ السُّنَّةِ بالحشويةِ وبيانِ منْ أوْلَي بالوصفِ المذمومِ منْ هذا اللَّقبِ مِنَ الطَّائفتين وذكرِ أوَّلِ من لَقَّبَ بهِ أهلَ السُّنَّةِ مِن أهلِ البدعِ

- ‌فصلٌ فِي بيانِ عُدْوانِهمْ فِي تلقيبِ أهلِ القرآنِ والحديثِ بالمجَسِّمَةِ، وبيانِ أَنَّهمْ أَوْلى بكلِّ لقبٍ خبيثٍ

- ‌فصلٌ فِي بيانِ موردِ أهلِ التَّعْطيلِ وأنَّهمْ تعوَّضوا بالقَلُّوطِ(1)عن موردِ السَّلْسَبِيل

- ‌فصلٌ فِي بيانِ هدْمِهمْ لقواعدِ الإِسلامِ والإِيمانِ بعزْلهمْ نصوصَ السُّنَّةِ والقُرْآنِ

- ‌فصلٌ في إبطالِ(1)قول الملحدينَ إنَّ الاستدلالَ بكلام الله ورسولِهِ لا يفيدُ العلمَ واليقينَ

- ‌فصلٌ في تنزيهِ أهلِ الحديثِ وحَمَلَةِ(1)الشَّريعةِ عَنِ الألْقابِ القَبيحَةِ والشَّنِيعَةِ

- ‌فصلٌ في نُكْتةٍ بديعةٍ تُبَيِّنُ ميراثَ الملقِّبينَ والملقَّبينَ(1)من المشركينَ والموحّديِن

- ‌فصلٌ(1)في جوابِ الرَّبِّ تبارك وتعالى(2)يومَ القيامة إذا سألَ المعَطِّلَ والمُثْبِتَ(3)عن قولِ كلِّ واحدٍ منهما

- ‌[فصلٌ]

- ‌فصلٌ في تحميلِ أهلِ الإِثْبَاتِ لِلمعطِّلِينَ شهادَةً تؤدَّى عندَ رَبِّ العَالَمينَ

- ‌فصلٌ في عهودِ المثبتينَ لِرَبِّ العالمينَ

- ‌فصلٌ في شهادةِ أهلِ الإثباتِ على أهلِ التعطيل أنَّه ليسَ في السَّماءِ إلهٌ(1)ولَا لِلَّه بيننا كلامٌ ولا في القبرِ رَسولٌ

- ‌فصلٌ فيما احتجُّوا بهِ على حياةِ الرُّسُلِ في القبورِ

- ‌فصلٌ في أحكام هذِهِ التَّراكيبِ السِّتةِ

الفصل: ‌فصل في ذكر مذهب أهل الحديث

‌فصلٌ في ذكرِ مذهبِ أهلِ الحديث

649 -

والآخَرُونَ أُولُو الحدِيثِ كأحْمدٍ

ومُحَمَّدٍ وأئمةِ الإيمَانِ

650 -

قَالُوا بأنَّ الله حَقًا لَم يَزَلْ

مُتكَلِّمًا بمشيئَةٍ وَبَيَانِ

651 -

إن الكَلَامَ هُوَ الكَمَالُ فكيفَ يَخْـ

ـلُو عَنْهُ فِي أزَلٍ بِلَا إمْكَانِ؟

652 -

وَيصِيرُ فِيمَا لَم يَزَلْ مُتكَلِّمًا

مَاذَا اقْتَضَاهُ لَهُ مِنَ الإمْكَانِ؟

653 -

وتَعَاقُبُ الكَلِمَاتِ أمرٌ ثَابِتٌ

لِلذَّاتِ مثْلَ تَعَاقُبِ الأزْمَانِ

654 -

واللهُ ربُّ العرشِ قالَ حقِيقَةً

"حم" مَعْ "طهَ" بغيرِ قِرَانِ

655 -

بَلْ أحرُفٌ مترتِّبَاتٌ مثْلَمَا

قَدْ رُتِّبَتْ فِي مَسْمَعِ الإنسَانِ

656 -

وَقْتَانِ فِي وَقْتٍ مُحَالٌ هَكَذَا

حَرْفَانِ أيضًا يُوجَدَا فِي آنِ

649 - قوله: "أحمد ومحمد" يعني الإمام أحمد بن حنبل والإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمهما الله تعالى، وقد تقدم في كلام الناظم عرض مذهبهما. راجع البيت 569.

652 -

يرد الناظم هنا على الكرامية القائلين بأن الكلام ذو أول في ذاته تعالى، فيقول رحمه الله: إن الله تعالى موصوف بصفة الكلام في الأزل، ولم تحدث له بعد أن كانت ممتنعة عليه، كما يقوله الكرامية، إذ لم يتجدد في ذاته سبحانه شيء يستدعي وجودها بعد عدمها. وقد تقدم بيان ذلك، وسيأتي الرد عليهم مفصلًا في البيت: 876 وما بعده.

653 -

كما أن أجزاء الزمان لا توجد مجتمعة بل توجد على سبيل التعاقب آنًا بعد آن فكذلك الحروف التي هي أجزاء الكلمات لا يمكن النطق بها مجتمعة بحيث يكون النطق بالأول مع الثاني في آنٍ واحد بل لا بد من وجودها على سبيل التعاقب والتسلسل حرفًا بعد حرف.

وقد تقدم تفصيل مذهب الاقترانية في البيت: 611 وما بعده.

656 -

"حرفان": كان في الأصل: "لفظان". فكتب فوقه: "حرفان" وفوقه: "صح =

ص: 210

657 -

مِنْ وَاحِدٍ متكلِّمٍ بلْ يُوجَدَا

بالرَّسْمِ أو بتكلُّمِ الرجُلَانِ

658 -

هَذَا هُوَ المعْقُولُ أما الاقْتِرا

نُ فليسَ معْقُولًا لدى الأَذهَانِ

659 -

وَكَذَا كَلَامٌ مِنْ سِوى مُتكلِّمٍ

أيضًا مُحَالٌ ليسَ في إمْكَانِ

660 -

إلا لِمَنْ قَامَ الكَلَامُ بِهِ فَذَا

كَ كَلَامُه المعقُولُ للإنسان

661 -

أيكونُ حَيٌّ سامعًا أو مُبْصِرًا

من غيرِ مَا سَمْعٍ وغَيرِ عِيَانِ

= نسخة الشيخ ". يعني النسخة المقروءة على المؤلف (ص).

- كذا "يوجدا" في هذا البيت والبيت التالي، بحذف نون الرفع للضرورة. (ص).

-أي: كما أنه محال أن يجتمع وقتان في وقت واحد، فكذلك محال أن يجتمع حرفان في آن واحد من متكلم واحد، ولا يمكن أن يوجد حرفان في آن واحد إلا بالرسم أو من متكلمين يتكلمان بحرفين في آن واحد.

657 -

"بالرسم": أي: بالكتابة.

"بتكلم الرجلان ": على لغة من يلزم المثنى الألف دائمًا رفعًا ونصبًا وجرًّا، وإلاّ كان حقه أن يقول:"بتكلم الرجلين". انظر ما سبق في حاشية البيت 200.

658 -

هذا في ف، ظ. وفي غيرهما:"لذي الأذهان".

659 -

يرد الناظم رحمه الله هنا على الجهمية والمعتزلة القائلين بأن معنى كونه متكلمًا أنه خلق الكلام في غيره فيسمونه متكلمًا بلا كلام قائم به بل بكلام قائم بغيره.

وقد تقدم تفصيل مذهبهم في الكلام في البيت: 623 وما بعده، وسيأتي في كلام الناظم بيان ما يلزم هؤلاء على قولهم من لوازم تقدح في أصل الشريعة. انظر البيت: 694 وما بعده.

660 -

كان في الأصل: "في الأذهان " وكذا في سائر النسخ، ولكن كتب بإزائه في الحاشية:"للإنسان"، وفوقه:"نسخة الشيخ"، وتحته:"صح".

661 -

ح، ط:"حيًّا".

- يعني رحمه الله أنه لا يعقل أن يوصف الشيء بصفة لم تقم به، فلا يقال: هذا سامع ومبصر، والسمع والبصر مفقودان منه. وقد تقدم تفصيل شيء من مذهب الجهمية والمعتزلة في صفات الله تعالى، في البيت: 40 وما بعده.

ص: 211

662 -

والسَّمعُ والإبْصارُ قَامَ بغيرِهِ

هذا المُحَالُ وواضحُ البُهْتَانِ

663 -

وكَذا مريدٌ والإرَادَةُ لَم تَكنْ

وصْفًا لهُ هذَا من الهَذَيَانِ

664 -

وَكذَا قدِيرٌ ما لَهُ من قُدرةٍ

قامتْ بِهِ منْ واضحِ البُطْلَانِ

665 -

واللهُ جل جلاله متكلِّمٌ

بالنَّقلِ والمعقُولِ والبرهَانِ

666 -

قد أجمعَتْ رُسُلُ الإله عَلَيه لَم

يُنكِره من أتْبَاعِهِم رَجُلَانِ

667 -

فكلامُهُ حقًا يَقُوم بِهِ وإلّا

م لَم يَكُنْ مُتكلِّمًا بقُرَانِ

668 -

واللهُ قَالَ وقَائِلٌ وكذا يقُو

لُ الحَقَّ ليسَ كَلامُهُ بالفَانِي

662 - ح، ط:"أوضح".

665 -

كلام الله تعالى ثابت بالإجماع أيضًا كما ذكر الناظم ذلك في البيت الذي بعده.

668 -

كلام المخلوق ينفد وينتهي. أما كلام الله تعالى فلا يفنى ولا ينتهي ولا ينفد، كما قال تعالى:{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)} [لقمان: 27]، وقال:{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)} [الكهف: 109]. قال ابن القيم رحمه الله: "معنى هذا أنه لو فرض البحر مدادًا، وبعده سبعة أبحر تمده كلها مدادًا، وجميع أشجار الأرض أقلامًا، وهو ما قام منها على ساق من النبات والأشجار المثمرة وغير المثمرة، وتستمد بذلك المداد، لفنيت البحار والأقلام، وكلمات الرب لا تفنى ولا تنفد. فسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته. فأين هذا من وصف من يصفه بأنه ما تكلم ولا يتكلم ولا يقوم به كلام أصلًا، وقول من وصف كلامه بأنه معنى واحد لا ينقضي، ولا يتجزأ، ولا له بعض ولا كل، ولا هو سور وآيات ولا حروف وكلمات" المنار المنيف ص 37 - 38، ومعنى قوله تعالى:{كَلِمَاتُ اللهِ} كلماته الدالة على عظمته وصفاته وجلاله. انظر تفسير ابن كثير 3/ 451، تفسير الطبري م 11/ ج 21/ ص 80، الدر المنثور للسيوطي 5/ 322.

ص: 212

669 -

ويُكلِّمُ الثَّقَلَينِ يومَ معَادِهِم

حَقًّا فيَسمعُ قولَهُ الثَّقَلَانِ

670 -

وكذا يكلِّمُ حِزْبَهُ فِي جَنَّةِ الْـ

ـحَيَوانِ بالتسليمِ والرِّضوان

671 -

وَكَذَا يكلِّمُ رُسْلَهُ يومَ اللِّقَا

حقًا فيسألُهُم عن التِّبْيَانِ

672 -

ويُراجِعُ التكليمَ جل جلاله

وقتَ الجِدَالِ لَهُ من الإنسَانِ

669 - يدل عليه قوله تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130)} [الأنعام: 130]، وحديث عبد الله بن أنيس رضي الله عنه وفيه:"إن الله تعالى ينادي يوم القيامة بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب" الحديث تقدم تخريجه في حاشية البيت 442 وأشار إليه الناظم في البيت 678.

670 -

قوله: "بالتسليم" يدل عليه قوله تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)} [يس: 55 - 58]، وانظر حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، الذي سيذكره الناظم في البيتين 1743، 5462.

- قوله: "والرضوان" يدل عليه حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربّنا وسعديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعطِ أحدًا من خلقك. فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا: يا ربّ وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحلّ عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدًا". متفق عليه. البخاري 11/ 415 فتح، كتاب الرقاق، باب 51 صفة الجنة والنار، ومسلم 17/ 168 نووي، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها.

671 -

يدلّ عليه قوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (109)} [المائدة: 109] وقوله: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)} [الأعراف: 6].

672 -

يشير إلى ما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا عند =

ص: 213

673 -

ويُكلِّمُ الكُفَّارَ في العَرَصَاتِ تَوْ

بِيخًا وتَقْرِيعًا بلا غُفْرَانِ

674 -

ويُكلِّمُ الكُفّارَ أيضًا في الجَحِيـ

ـمِ أَنِ اخْسَؤوا فِيهَا بكُلِّ هَوَانِ

675 -

واللهُ قدْ نَادَى الكَليمَ وقَبلَهُ

سَمِعَ النِّدا في الجَنَّةِ الأَبَوَانِ

= رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال: "هل تدرون ممَ أضحك؟ " قلنا: الله ورسوله أعلم، قال:"من مخاطبة العبد ربه يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى، قال: فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني قال: فيقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا وبالكرام الكاتبين شهودًا، قال: فيختم على فيه فيقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلي بينه وبين الكلام قال: فيقول: بعدًا لكن وسحقًا فعنكن كنت أناضل" رواه مسلم ج 18/ 104 - 105 كتاب الزهد - نووي، وانظر درء تعارض العقل والنقل 2/ 141 - 146 فقد ساق شيخ الإسلام جملة أحاديث فيها مخاطبة الله تعالى لعباده.

673 -

العرصات: جمع عَرْصة وهي كل موضع واسع لا بناء فيه ويعني بها هنا أرض المحشر يوم القيامة. النهاية 3/ 208.

التوبيخ: اللوم والتهديد. والتقريع: التعنيف والتثريب. القاموس: 335، 969.

- يدل عليه قوله تعالى عن الكفار يوم القيامة: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30)} [الأنعام: 30].

674 -

يدلّ عليه قوله تعالى لأهل النار إذا طلبوا الخروج منها: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108)} [المؤمنون: 108].

675 -

تقدم سياق الآيات التي فيها نداء الله تعالى لموسى عليه السلام في التعليق على البيت: 418 وما بعده.

وقد نادى الله تعالى آدم وحواء عليهما السلام لما أكلا من الشجرة التي نهاهما عنها، قال تعالى:{وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} [الأعراف: 22].

ص: 214

676 -

وأتَى النِّدا في تِسعِ آياتٍ لَهُ

وَصْفًا فرَاجِعْهَا مِنَ القُرآنِ

677 -

وكَذَا يُكلِّمُ جَبرَئيلَ بِأَمْرِهِ

حَتَّى ينفِّذَهُ بكلِّ مَكَانِ

676 - بل في عشر آيات وهي:

قوله تعالى: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} [الأعراف: 22].

وقوله: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52)} [مريم: 52].

وقوله: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65)} [القصص: 65].

وقوله: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47)} [فصلت: 47].

وقوله: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)} [الشعراء: 10].

وقوله: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62)} [القصص: 62 ، 74].

وقوله: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا} [القصص: 46].

وقوله: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: 104 ، 105].

وقوله: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16)} [النازعات: 15 ، 16].

677 -

دليله حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله عز وجل أن يوحي بالأمر تكلّم بالوحي، أخذت السمواتِ منه رجفةٌ -أو قال: رعدة- شديدةٌ خوفَ الله، فإذا سمع بذلك أهل السموات صَعِقوا وخرُّوا لله سُجدًا، فيكون أول من يرفع رأسه جبرائيل، فيكلِّمه الله من وحيه بما أراد، ثم يمرّ جبرائيل على الملائكة، كلّما مرّ بسماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبرائيل؟ فيقول جبرائيل: قال الحق وهو العلي الكبير، قال: فيقولون كلّهم مثل ما قال جبرائيل، فينتهي جبرائيل بالوحي حيث أمره الله" رواه ابن خزيمة في التوحيد 1/ 348، وابن أبي عاصم في السنة 1/ 227، ومحمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة 1/ 236، وابن جرير في تفسيره مجلد 12/ج 22 / ص 91، والآجري في الشريعة، ص 294، وأبو زرعة الدمشقي في تاريخه 1/ 621، وابن أبي حاتم، كما في تفسير ابن كثير 3/ 537، والبيهقي في الأسماء والصفات 1/ 512/ ح 435، وأبو الشيخ في العظمة، 2/ 501/ح 162، والبغوي في تفسيره 5/ 290، من =

ص: 215

678 -

واذكُرْ حدِيثًا في صَحيحِ محمَّدٍ

ذَاكَ البُخَارِيِّ العظيمِ الشَّانِ

679 -

فِيهِ نِداءُ اللهِ يومَ معَادِنَا

بالصَّوتِ يبلغُ قَاصيًا والدَّانِي

= طرق عن نعيم بن حماد به. ونعيم بن حماد هو ابن الحارث الخزاعي أبو عبد الله المروزي صدوق يخطئ كثيرًا، وقد تتبع ابن عدي ما أخطأ فيه وقال: باقي أحاديثه مستقيمة، تهذيب التهذيب 10/ 458، تقريب التهذيب ص 359. وذكر أبو زرعة الرازي في تاريخه 1/ 621 أنه عرض هذا الحديث على عبد الرحمن بن إبراهيم -يعني: دحيمًا- فقال: لا أصل له، وقال ابن أبي حاتم، كما نقل عنه ابن كثير في التفسير 3/ 537 سمعت أبي يقول: ليس هذا الحديث بالتام عن الوليد بن مسلم.

وللحديث طريق آخر عن عمرو بن مالك الراسبي عن الوليد بن مسلم به. وعمرو بن مالك الراسبي هو أبو عثمان البصري ضعيف من العاشرة. ميزان الاعتدال 3/ 285، تهذيب التهذيب 8/ 95، تقريب التهذيب ص 262. وقد ضعف الحديث العلامة الألباني في تحقيقه لكتاب السنة لابن أبي عاصم 1/ 227 /ح 515. ولكن يشهد للحديث ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ قريب منه ج 8/ 380 فتح - كتاب التفسير- باب إلا من استرق السمع وما رواه مسلم عن ابن عباس عن رسول الله بلفظ قريب منه ج 14/ 225 نووي- كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان بالإضافة إلى أن ابن عدي تتبع أحاديث نعيم بن حماد التي أخطأ فيها ولا يوجد هذا الحديث في ضمنها مما يدل على أنه عنده صحيح لأنه قال بعد تتبعه:"وأرجو أن يكون باقي أحاديثه مستقيمة"، الكامل 7/ 2485، وبطريقي الحديث اللذين تقدما وبما يشهد له مما رواه الشيخان يرتقي الحديث إلى رتبة الحسن لغيره، والله تعالى أعلم.

679 -

يشير إلى حديث جابر بن عبد الله عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنهما في حال الناس يوم القيامة. وفيه قوله: "ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب" الحديث تقدم سياقه والكلام عليه، في التعليق على البيت 442.

ص: 216

680 -

هَبْ أنَّ هَذَا اللفظَ لَيْسَ بثَابِتٍ

بَلْ ذِكْرُهُ مَعَ حَذْفِهِ سِيَّانِ

681 -

وَرَواهُ عِنْدَكُمُ البُخَارِيُّ المجَسَّـ

ـمُ بَلْ رَوَاهُ مجَسِّمٌ فوقَانِي

682 -

أَيصِحُّ فِي عَقْلٍ وَفي نَقْلٍ نِدَا

ءٌ ليسَ مَسْمُوعًا لَنَا كأذَانِ

680 - يعني: وإن لم تثبت لفظة "بصوت" الواردة في الحديث، فإن لفظ النداء يغني عنها فإن النداء لا يكون إلا صوتًا بدلالة العقل والنقل كما سيأتي بعد قليل، مع أن لفظة "صوت" قد ثبتت في أحاديث كثيرة ذكرت جملة منها في مختصر الصواعق المرسلة ج 2/ 446 - 471 وقد تقدم ذكر شيء من ذلك، في التعليق على البيت 442.

سيان: مستويان، وهو في هذا البيت يشير إلى ما تكلم به بعضهم من تضعيف الحديث، قال الناظم رحمه الله في كتابه "مختصر الصواعق المرسلة" بعدما أورد كلام المضعفين للحديث:"ومن تأمل هذه العلل الباردة علم أنها من باب التعنت، فهب أن هذا الحديث معلول، أفيلزم من ذلك بطلان سائر الآثار الموقوفة، والأحاديث المرفوعة، ونصوص القرآن، وكلام أئمة الإسلام؟ " ج 2/ 468.

681 -

يعني: "المجسِّم" باعتبار أهل الكلام، فهم يقولون عن أهل السنة المثبتين لأسماء الله وصفاته على الحقيقة: مجسمة وحشوية. قال الذهبي رحمه الله في ترجمة الصاحب بن عباد وهو معتزلي شيعي: "قيل: إنه ذكر له البخاري، فقال: ومَن البخاري؟ حشوي لا يعول عليه". سير أعلام النبلاء 16/ 512، وراجع التعليق على البيت 375.

- لعله يعني بالمجسم الفوقاني: إما الصحابي الذي روى الحديث من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو عبد الله بن أنيس رضي الله عنه، أو من رواه من الأئمة وأثبته وسطره في مصنفه قبل الإمام البخاري (ت 256 هـ) وهو الإمام أحمد (ت 241 هـ) رحمهما الله تعالى، فقد رواه في المسند بسنده 3/ 495، ثم رواه البخاري بسنده في الأدب المفرد برقم 970 وفي خلق أفعال العباد ص 137.

682 -

د، ط:"بأذان". ومراد الناظم رحمه الله أن النداء لا بد أن يكون صوتًا رفيعًا مسموعًا كالأذان فإنه نداء بصوت رفيع مسموع. قال شيخ الإسلام ابن =

ص: 217

683 -

أَمْ أجمَعَ العُقَلاءُ مِنْ

أَهلِ اللِّسَانِ وأهْلِ كُلِّ لِسَانِ

684 -

أن النِّدا الصَّوتُ الرَّفِيعُ وَضِدُّهُ

فَهُوَ النِّجَاءُ كِلَاهُمَا صَوْتَانِ

685 -

واللهُ موْصُوفٌ بذَاكَ حقِيقَةً

هَذَا الحَدِيثُ ومحْكمُ القُرآنِ

686 -

وَاذكُرْ حَديثًا لابنِ مسْعودٍ صَريـ

ـحًا أنَّهُ ذُو أحْرُفٍ بِبَيَانِ

687 -

لِلْحَرفِ مِنْهُ فِي الجزَا عَشْرٌ مِنَ الْـ

ـحَسَنَاتِ مَا فِيهنَّ مِنْ نُقْصانِ

= تيمية رحمه الله: "والنداء في لغة العرب هو صوت رفيع. لا يطلق النداء على ما ليس بصوت لا حقيقة ولا مجازًا" مجموع الفتاوى 6/ 531.

683 -

كذا في جميع النسخ. والبيت مختلّ الوزن لنقص ركن منه. وسيأتي مثله في البيت 721 وغيره. وقد زيد في ط لاستقامة الوزن: "العلماء و". وانظر التعليق على البيت 578 (ص).

684 -

انظر التعليق على البيتين: 420، 421.

685 -

ثبت في السنة الصحيحة مناجاة الله تعالى لمن شاء من عباده، كما جاء عن صفوان بن محرز أن رجلًا سأل ابن عمر: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى؟ قال: "يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقول: أعملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم، ويقول: عملت كدا وكذا؟ فيقول: نعم، فيقرره ثم يقول: إني سترت عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم". متفق عليه، البخاري ج 13/ 475 /ح 7514، فتح - كتاب التوحيد - باب كلام الرب يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم. ومسلم، وزاد:"فيعطى صحيفة حسناته، وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء الذين كذبوا على الله" ج 17/ 86 نووي، كتاب التوبة، باب سعة رحمة الله تعالى على المؤمنين.

- ثبت بدلالة القرآن الكريم مناجاة الله تعالى لمن شاء من عباده كما قال تعالى عن موسى عليه السلام: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52)} [مريم: 52].

687 -

كذا في الأصل، ف، طع، وقد ضبطت في ف بكسر اللام وفي غيرها:"الحرف".

- يشير إلى حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت=

ص: 218

688 -

وانظُر إِلى السُّوَر الَّتي افْتُتِحَتْ بأحْـ

ـرُفِهَا تَرى سرًّا عَظِيمَ الشَّانِ

689 -

لَم يأتِ قَطُّ بسُورةٍ إلا أَتَى

فِي إثرِهَا خَبَرٌ عَنِ القُرْآنِ

690 -

إذْ كَانَ إخْبَارًا بِهِ عَنْهَا وَفِي

هَذَا الشِّفَاءُ لطَالِبِ الإيمَانِ

= رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول {الم (1)} حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف" رواه الحاكم وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بصالح بن عمر. وقال الذهبي في التلخيص: صالح ثقة خرج له مسلم لكن إبراهيم بن مسلم ضعيف. المستدرك ج 8/ 741 / ح 2040. ورواه الترمذي بإسناد صحيح وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب ج 8 / ص 226 /ح 3075 - تحفة، باب ما جاء في من قرأ حرفًا من القرآن ما له من الأجر. والحديث صححه الألباني كما في صحيح الجامع ح 6469.

688 -

ظ، س:"فانظر".

"ترى": انظر التعليق على البيت 594 (ص).

689 -

ما خلا سورتين، كما قال الناظم رحمه الله في كتابه أقسام القرآن. وهما سورة مريم وسورة القلم، إذ لم يأتِ فيهما بعد الأحرف خبر عن القرآن.

قال تعالى في افتتاح سورة مريم {كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)} [مريم: 1، 2] وقال في افتتاح سورة القلم: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2)} [القلم: 1، 2] انظر الحاشية الآتية.

690 -

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "الصحيح أن "ن" و"ق" و"ص" من حروف الهجاء التي يفتتح بها الرب سبحانه بعض السور .. ولم تذكر قط في أول سورة إلا وعقبها بذكر القرآن إما مقسمًا به وإما مخبرًا عنه، ما خلا سورتين. ففي هذا تنبيه على شرف هذه الحروف وعظم قدرها وجلالتها إذ هي مباني كلامه وكتبه التي تكلم سبحانه بها، وأنزلها على رسله، وهدى بها عباده، وعرّفهم بواسطتها نفسه وأسماءه وصفاته وأفعاله وأمره ونهيه ووعيده =

ص: 219

691 -

وَيَدُلُّ أَنَّ كَلَامَهُ هُوَ نَفْسُهَا

لَا غَيرُهَا والحَقُّ ذُو تِبيَانِ

692 -

فَانْظُر إِلَى مَبدا الكِتَابِ وَبَعْدَهَا الْـ

أَعْرَافِ ثم كَذَا إلى لُقْمَانِ

= ووعده، وعرفهم بها الخير والشر والحسن والقبيح، وأقدرهم على التكلم بها .. ولهذا عاب سبحانه على من عبد إلهًا لا يتكلم وامتنّ على عباده بأن أقدرَهم على البيان بها بالتكلم. فكان في ذكر هذه الحروف التنبيه على كمال ربوبيته وكمال إحسانه وإنعامه، فهي دالة أظهر دلالة على وحدانيته وقدرته وحكمته وكماله وكلامه وصدق رسله، فهي من أظهر أدلة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن القرآن كلام الله تكلم به حقًا، وأنزله على رسوله وحيًا، وبلغه كما أوحي إليه صدقًا، ولا تهمل الفكرة في كل سورة افتتحت بهذه الحروف واشتمالها على آيات هذه المطالب وتقريرها".

التبيان في أقسام القرآن 206 - 219. وانظر تفسير القرطبي 1/ 154 - 158، وتفسير الطبري مجلد 1/ج 1/ 86 - 96، وابن كثير 1/ 35 - 39.

691 -

أي: كلام الله تعالى هو هذه الأحرف نفسها.

692 -

ف، ظ:"وانظر".

- يعني بمبدأ الكتاب: سورة البقرة وبعدها آل عمران، قال تعالى فى افتتاح سورة البقرة:{الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)} [البقرة: 1 ، 2] وبعدها آل عمران، قال تعالى:{الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)} [آل عمران: 1، 2].

وقال تعالى في افتتاح سورة الأعراف: {المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} [الأعراف: 1، 2] وبين الأعراف ولقمان سور: يونس، وهود، ويوسف، والرعد، وإبراهيم، والحجر، ومريم، وطه، والشعراء، والنمل، والقصص، والعنكبوت. وكلّها مفتتحة بحروف مقطعة بعدها خبر عن القرآن.

وقال تعالى في افتتاح سورة لقمان: {الم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2)} [لقمان: 1، 2].

ص: 220