المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في تشبيه(1)المحرفين للنصوص باليهود وإرثهم التحريف منهم، وبراءة أهل الإثبات مما رموهم به من هذا الشبه - نونية ابن القيم الكافية الشافية - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصلٌ في ذكرِ مذهبِ أهلِ الحديث

- ‌فصلٌ في إلزامِهم القولَ بنفي الرّسالةِ إذا انتفتْ صفة الكلام

- ‌فصلٌ في التَّفريقِ بينَ مَا يضافُ إلى الرَّبِّ تعالى(1)من الأوْصَافِ(2)والأعْيانِ

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ في مقالات(1)الفلاسفةِ والقَرامِطَةِ(2)فِي كلامِ الرَّبِّ جل جلاله

- ‌فصلٌ في مقالاتِ طوائفِ الاتّحاديَّةِ في كلامِ الرَّبِّ جل جلاله

- ‌فصلٌ

- ‌مسألة العذر بالجهل

- ‌فصلٌ في الرد على الجَهْمِيَّةِ المعطِّلةِ القائلينَ بأنَّه ليسَ علي العرشِ إلهٌ يُعبَد، ولا فوقَ السماء(1)إله يُصلّى لهُ ويُسْجَد(2)، وبيان فسادِ قولهمْ عقلًا ونقلًا ولغةً وفطرةً

- ‌فصلٌ في سياق هذا الدَّليلِ(1)على وجْهٍ آخرَ

- ‌فصلٌ في الإشارةِ إلي الطُرقِ النَّقليَّةِ الدَّالّة على أنَّ اللَّهَ سُبْحَانَه(1)فوق سماواته على عرشِهِ

- ‌فصلٌ فِي الإشَارة إلى ذلك من السنة

- ‌فصلٌ فيمَا يلزم مدعي التَّأويل لِتصحّ دعواه

- ‌فصلٌ في تشبيه(1)المحرِّفينَ للنصوصِ باليهودِ وإرثهم التَّحريفَ منهم، وبراءةِ أهلِ الإثباتِ مما رموهم به من هذا الشَّبه

- ‌فصلٌ في بيان تدليسهم وتَلْبِيسهم الحقَّ بالباطِل

- ‌فصلٌ في المطالبةِ بالفرقِ بينَ ما يُتأوَّلُ ومَا لا يُتأَوَّلُ

- ‌فصلٌ في ذكرِ فرق آخر لهمْ(1)وبيانِ بطلانِهِ

- ‌فصلٌ في بيان(1)مخالفةِ طريقهمْ لطريق أهلِ الاستقامةِ(2)نقلًا وعقلًا

- ‌فصلٌ في بيانِ كذبِهم ورمْيهم أهلَ الحقِّ بأنَّهم أشباهُ الخَوارجِ وبيانِ شَبَهِهمْ المحقَّق بالخوارجِ

- ‌فصلٌ فِي تلقيبهِمْ أهلَ السُّنَّةِ بالحشويةِ وبيانِ منْ أوْلَي بالوصفِ المذمومِ منْ هذا اللَّقبِ مِنَ الطَّائفتين وذكرِ أوَّلِ من لَقَّبَ بهِ أهلَ السُّنَّةِ مِن أهلِ البدعِ

- ‌فصلٌ فِي بيانِ عُدْوانِهمْ فِي تلقيبِ أهلِ القرآنِ والحديثِ بالمجَسِّمَةِ، وبيانِ أَنَّهمْ أَوْلى بكلِّ لقبٍ خبيثٍ

- ‌فصلٌ فِي بيانِ موردِ أهلِ التَّعْطيلِ وأنَّهمْ تعوَّضوا بالقَلُّوطِ(1)عن موردِ السَّلْسَبِيل

- ‌فصلٌ فِي بيانِ هدْمِهمْ لقواعدِ الإِسلامِ والإِيمانِ بعزْلهمْ نصوصَ السُّنَّةِ والقُرْآنِ

- ‌فصلٌ في إبطالِ(1)قول الملحدينَ إنَّ الاستدلالَ بكلام الله ورسولِهِ لا يفيدُ العلمَ واليقينَ

- ‌فصلٌ في تنزيهِ أهلِ الحديثِ وحَمَلَةِ(1)الشَّريعةِ عَنِ الألْقابِ القَبيحَةِ والشَّنِيعَةِ

- ‌فصلٌ في نُكْتةٍ بديعةٍ تُبَيِّنُ ميراثَ الملقِّبينَ والملقَّبينَ(1)من المشركينَ والموحّديِن

- ‌فصلٌ(1)في جوابِ الرَّبِّ تبارك وتعالى(2)يومَ القيامة إذا سألَ المعَطِّلَ والمُثْبِتَ(3)عن قولِ كلِّ واحدٍ منهما

- ‌[فصلٌ]

- ‌فصلٌ في تحميلِ أهلِ الإِثْبَاتِ لِلمعطِّلِينَ شهادَةً تؤدَّى عندَ رَبِّ العَالَمينَ

- ‌فصلٌ في عهودِ المثبتينَ لِرَبِّ العالمينَ

- ‌فصلٌ في شهادةِ أهلِ الإثباتِ على أهلِ التعطيل أنَّه ليسَ في السَّماءِ إلهٌ(1)ولَا لِلَّه بيننا كلامٌ ولا في القبرِ رَسولٌ

- ‌فصلٌ فيما احتجُّوا بهِ على حياةِ الرُّسُلِ في القبورِ

- ‌فصلٌ في أحكام هذِهِ التَّراكيبِ السِّتةِ

الفصل: ‌فصل في تشبيه(1)المحرفين للنصوص باليهود وإرثهم التحريف منهم، وبراءة أهل الإثبات مما رموهم به من هذا الشبه

1908 -

حَتَّى اسْتَجَابُوا مُهطِعينَ لِدَعْوَةِ التَّـ

ـعْطِيلِ قَدْ هَرَبُوا مِنَ الإيمَانِ

1909 -

يَا وَيْحَهُم لَو يَشْعُرُون بِمَنْ دَعَا

وَلِمَا دَعَا قَعَدُوا قُعودَ جَبَانِ

* * *

‌فصلٌ في تشبيه

(1)

المحرِّفينَ للنصوصِ باليهودِ وإرثهم التَّحريفَ منهم، وبراءةِ أهلِ الإثباتِ مما رموهم به من هذا الشَّبه

(2)

1910 -

هَذَا وَثَمَّ بَليَّةٌ مَسْتُورَةٌ

فِيهِم سَأُبْديهَا لَكُمْ بِبَيَانِ

1911 -

وَرِثَ المحَرِّفُ مِنْ يَهُودَ وَهُم أولُو التَّ

ـحْريف والتَّبدِيلِ والكِتْمَانِ

1912 -

فأرادَ مِيرَاثَ الثَّلاثَةِ مِنْهُمُ

فَعَصَتْ عَلَيهِ غَايةَ العِصْيَانِ

1908 - مهطعين: مسرعين، قال تعالى:{مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} [القمر: 8] اللسان (8/ 372).

1909 -

ب: (لمن).

- والمعنى: أن الذين استجابوا لدعوة التعطيل لو يعلمون بحال من دعاهم وحال ما دعاهم إليه من الضلال لقعدوا قعود الجبان عن اتباع المعطّلين وسلوك هذا السبيل المؤدي إلى الهلاك.

(1)

كذا في الأصلين. وفي غيرهما: "شبه".

(2)

لم تتضح الكلمة في صورة الأصل. وفي ف، طت، طع:"هذه الشبه" وفي ظ: "التشبه".

1911 -

التحريف: قد سبق تعريفه في التعليق على مقدمة المؤلف. والتبديل: جعل الشيء مكان آخر، وهو أعم من العوض، والتبديل قد يقال للتغيير مطلقًا وإن لم يأت ببدله. المفردات ص 111.

1912 -

"الثلاثة": يعني التحريف والتبديل والكتمان.

- أي: فما استطاع المؤول إلى ذلك سبيلًا لأن الله قد تكفل بحفظ هذا الدين، وكذلك هو لا يتجرأ على ذلك. انظر: الصواعق (1/ 356 - 358).

ص: 514

1913 -

إِذْ كَانَ لَفْظُ النَّصِّ مَحْفُوظًا فَمَا التَّـ

ـبْديلُ والكِتْمَانُ فِي الإمْكَانِ

1914 -

فأرَدَ تَبديلَ المعَانِي إذْ هِيَ الْـ

ـمقْصُودُ مِنْ تَعْبِير كُلِّ لِسَانِ

1915 -

فأتَى إليهَا وَهْيَ بَارِزَةٌ مِنَ الْـ

أَلفَاظِ ظَاهِرةٌ بِلَا كِتْمَانِ

1916 -

فَنَفَى حَقَائِقَهَا وَأعْطَى لَفْظَهَا

مَعْنىً سِوَى مَوْضُوعِهِ الحَقَّانِي

1917 -

فَجَنَى عَلَى المعْنَى جِنَايَةَ جَاحِدٍ

وَجَنَى عَلَى الألْفَاظِ بالعُدْوَانِ

1918 -

وأتى إلَى حِزْبِ الهُدَى أَعْطَاهُمُ

شَبَهَ اليَهْودِ وَذَا مِنَ البُهْتَانِ

1919 -

إذْ قَالَ إنَّهُمُ مُشَبِّهَةٌ وَأَنْـ

ـتُمْ مِثْلُهُمْ فَمَنِ الَّذِي يَلْحَانِي

1920 -

فِي هَتْكِ أسْتَارِ اليَهُودِ وَشِبهِهِمْ

مِنْ فِرقَةِ التّحْرِيفِ لِلقُرْآنِ

1921 -

يَا مُسلِمينَ بِحَقِّ رَبكُمُ اسْمَعُوا

قَوْلي وَعُوهُ وَعْيَ ذِي عِرْفَانِ

1913 - ب: (في الأزمان) وهو خطأ.

1916 -

يعني أعطى اللفظ معنى غير معناه الحقيقي الذي وضع اللفظ له.

1917 -

قال ابن القيم رحمه الله: "فسطوا -أي اليهود- على تلك البشارات - أي البشارات بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم بكتمان ما وجدوا السبيل إلى كتمانه، وما غلبوا عن كتمانه حرفوا لفظه عمّا هو عليه، وما عجزوا عن تحريف لفظه حرفوا معناه بالتأويل، وورثهم أشباههم من المنتسبين إلى الملة في هذه الأمور الثلاثة، وكان عصبة الوارثين لهم في ذلك ثلاث طوائف: الرافضة، والجهمية، والقرامطة فإنهم اعتمدوا في النصوص المخالفة لضلالهم هذه الأمور الثلاثة

إلخ ". الصواعق (1/ 357 - 358).

1919 -

يعني قول المعطل لحزب الهدى: إن اليهود مشبهة، وأنتم مثلهم. وكأن الناظم يشير إلى الرازي فإنه قد قرر في تفسيره (3/ 429) أن من فرق اليهود من هم مشبهة، وفي كتابه اعتقادات فرق المشركين ص 81 قال ما نصه: "اعلم أن اليهود أكثرهم مشبهة

(إلى أن قال) ثم تهافت بعد ذلك المحدِّثون ممن لم يكن لهم نصيب من علم المعقولات".

يلحاني: يلومني. يقصد الناظم نفسه.

1921 -

طت، طه:(يا مسلمون).

ص: 515

1922 -

ثُمَّ احْكُمُوا مِنْ بَعْدُ مَنْ هَذَا الَّذِي

أَوْلَى بِهَذَا الشِّبْهِ بِالبُرْهَانِ

1923 -

أُمِرَ اليهودُ بأنْ يَقُولُوا "حِطَّةٌ"

فَأَبَوْا وَقَالُوا: "حِنْطَةٌ" لِهَوَانِ

1924 -

وَكَذَلِكَ الجهْمِيُّ قِيلَ لَهُ "اسْتَوى"

فأبَى وَزَادَ الحَرْفَ لِلنُّقْصَانِ

1925 -

قَالَ اسْتَوى "اسْتَولَى" وَذَا مِنْ جَهْلِهِ

لُغَةً وعَقْلًا مَا هُمَا سِيَّانِ

1923 - طع: (حطة لهوان) وهو خطأ ظاهر.

- يشير الناظم إلى ما أخبر الله سبحانه عن اليهود بقوله: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59)} [البقرة: 59، 58].

- وروى البخاري في كتاب التفسير - باب (5) برقم (4479)، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"قيل لبني إسرائيل: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} فدخلوا على أستاههم فبدلوا وقالوا: حبة في شعرة".

ومعنى "حطة": احطط عنا خطايانا، وقيل: إنه لفظ متعبد به لا يعرف معناه، فغيره بنو إسرائيل وبدلوه وقالوا: حنطة أو حبة في شعرة. انظر: تفسير ابن كثير (1/ 98)، فتح الباري (8/ 154).

1924 -

ح: (زاد اللام)، وأشير إلى هذه النسخة في حاشية ف أيضًا. يعني تفسير الجهمي قوله تعالى:{اسْتَوَى} بمعنى استولى، وكأن النصّ كان ناقصًا عنده، فزاد فيه حرفًا وهو حرف اللام.

1925 -

وممن أشار إلى مشابهة المعطلة نفاة الصفات والاستواء لليهود: إمام الأئمة ابن خزيمة رحمه الله حيث قال في كتابه "التوحيد"(1/ 233): "فنحن نؤمن بخبر الله -جل وعلا- أن خالقنا مستوٍ على عرشه، لا نبدل كلام الله، ولا نقول قولًا غير الذي قيل لنا كما قالت المعطلة الجهمية إنه استولى على عرشه لا استوى فبدلوا غير الذي قيل لهم كفعل اليهود كما أمروا أن يقولوا: "حطة" فقالوا: "حنطة" مخالفين لأمر الله -جلَّ وعلا- وكذلك الجهمية".

ص: 516

1926 -

عِشْرونَ وَجْهًا تُبطِلُ التَّأوِيل بِاسْـ

ـتوْلَى فَلَا تَخْرُج عَنِ القُرْآنِ

1927 -

قَدْ أُفرِدَتْ بمُصَنَّفٍ هُوَ عِنْدَنَا

تَصْنِيفُ حَبرٍ عَالِمٍ رَبَّانِي

1928 -

وَلَقَدْ ذَكَرْنَا أرْبعِينَ طريقَةً

قَدْ أبطَلَتْ هَذَا بِحُسْنِ بَيَانِ

1929 -

هِيَ فِي الصَّواعِقِ إنْ تُرِدْ تَحْقِيقَهَا

لَا تَخْتَفِي إلَّا عَلَى العُمْيَانِ

1930 -

نُونُ اليَهُودِ وَلَامُ جَهْميٍّ هُمَا

فِي وَحْي رَب العَرْشِ زَائِدَتَانِ

1931 -

وكَذلِكَ الجَهْمِيُّ عَطَّلَ وَصْفَهُ

وَيَهُودُ قَدْ وَصَفَوهُ بالنُّقْصَانِ

1932 -

فَهُمَا إذًا فِي نَفْيِهِم لِصِفَاتِهِ الْـ

ـعلْيَا كَمَا بَيَّنْتُهُ أخَوَانِ

* * *

1927 - تقدمت إشارة الناظم إلى هذا المصنف الذي ألفه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في البيت رقم (1123).

1928 -

ذكر رحمه الله في الصواعق المرسلة اثنين وأربعين وجهًا. وانظر: مختصر الصواعق من ص 306 إلى ص 322.

- هذا البيت مؤخر على تاليه في الأصل وف، والسياق يقتضي الترتيب الوارد في سائر النسخ، (ص).

1929 -

جاء في طرّة ف: (حاشية وجدتها في هامش الأصل: لناظمها كتاب جليل حافل في الرد على المبتدعة سماه: الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - فإياه أراد بقوله: هي في الصواعق). وقد طبع الموجود من هذا الكتاب بتحقيق د. علي بن محمد الدخيل الله في أربعة مجلدات، ولكنه لا يبلغ من الأصل إلا النصف أو أقل. وقد ذكر المحقق في مقدمته ص 129 أنه لم يعثر على الجزء الثاني منه. ولكن نحمد الله على أن مختصره وصل إلينا كاملًا، وهو مطبوع متداول. وقد صدرت أخيرًا طبعة منه بتحقيق د. الحسن بن عبد الرحمن العلوي.

- ف: (لا تخفى)، وهو سهو.

1931 -

يشير إلى وصف اليهود الله بالفقر وأن يده مغلولة -تعالى الله عما يقولون- وغيرها مما قصَّه الله علينا عنهم في كتابه.

ص: 517

فصلٌ في بيان بهتانهم في تشبيهِ أهلِ الإِثباتِ بفرعون وقولهم إنَّ مقالةَ العلوِّ عنه أخذوها، وأنهم أَولى بفرعون وهم

(1)

أشباهه

1933 -

وَمِنَ العَجَائِبِ قَولُهُم: فِرْعوْنُ مَذْ

هَبُهُ العُلُو وَذَاكَ فِي القُرْآنِ

1934 -

وَلِذَاكَ قَدْ طَلَبَ الصُّعُودَ إِلَيهِ بالصَّـ

ـرْحِ الَّذِي قَدْ رَامَ مِنْ هَامَانِ

1935 -

هَذَا رَأيْنَاهُ بِكُتْبِهِمُ وَمِنْ

أَفْوَاهِهِم سَمْعًا إِلَى الآذَانِ

1936 -

فاسْمَعْ إذًا مَنْ ذَا الَّذِي أوْلَى بِفِرْ

عَوْنَ المُعَطّلِ جَاحِدِ الرَّحْمنِ

1937 -

وانْظُر إلَى مَنْ قَالَ مُوسَى كَاذِبٌ

حِينَ ادَّعَى فَوْقِيَّةَ الرَّحْمنِ

1938 -

فَمِنَ المَصَائِبِ أنَّ فِرعَوْنِيكُم

أَضْحَى يُكفِّرُ صَاحِبَ الإيمَانِ

(1)

طع: (أنهم).

1933 -

تقدمت إشارة الناظم إلى هذا الموضوع، وقد ذكرنا نصوص الرازي في تشبيهه أهل الإثبات بفرعون عند الدليل السابع عشر في البيت رقم (1509) وما بعده.

1934 -

يشير إلى قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: 36، 37].

وقوله: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38)} [القصص: 38].

1935 -

تقدم تحت البيت رقم (1512) ذكر نصوص المؤولين لهذه الآية وجعلهم فرعون مثبتًا لصفة العلو. كما نص على ذلك الرازي، والزمخشري، والقرطبي وغيرهم.

1936 -

هذا البيت بنصه قد تقدم برقم (1514).

1938 -

وهذا من الناظم قلب لدليلهم الذي استدلوا به على نفي العلو وأنه مذهب لفرعون بدليل أن فرعون قال: {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} ، =

ص: 518

1939 -

ويقُولُ: ذَاكَ مُبَدِّلٌ لِلدَّينِ سَا

عٍ بالفَسَادِ وَذَا مِن البُهْتَانِ

1940 -

إِنَّ المورِّثَ ذَا لَهُم فِرعَونُ حِيـ

ـنَ رَمَى بِهِ الموْلُودَ مِنْ عِمْرانِ

1941 -

فهُوَ الإمَامُ لَهُمْ وهادِيِهم ومَتْـ

ـبُوعٌ يَقُودُهُمُ إلَى النِّيرَانِ

1942 -

هُو أنكَرَ الوَصْفَينِ وَصْفَ الفَوْقِ والتَّـ

ـكليمَ إنْكَارًا عَلَى البُهْتَانِ

1943 -

إذْ قَصْدُهُ إنكَارُ ذَاتِ الربِّ فالتَّـ

ـعْطِيلُ مِرقَاةٌ لِذَا النُّكْرانِ

= لأن موسى أخبره أن الله في السماء فكذبه فرعون بقوله: وإني لأظنك كاذبًا، انظر مجموع الفتاوى (13/ 173)، وقد تقدم تحت البيت رقم (1521) أن أئمة السنة قد جعلوا ما قصه عن فرعون دليلًا على إثبات العلو.

1940 -

يشير الناظم إلى قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر: 26]. 1941 - ط: (بمتبوع).

-كما قال سبحانه عنه: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98)} [هود: 98].

1942 -

أما إنكار فرعون للفوق فواضح وقد تقدم. أما إنكاره للتكليم فيؤخذ من إنكاره لرسالة موسى ودعوته لأن مبناها على تكليم الله له وما يوحي إليه من الأوامر. انظر مختصر الصواعق ص 407.

1943 -

أشار في طرة الأصل إلى أن في نسخة: "إنكاس ذات".

- يقول شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (13/ 185): "وحقيقة قول الجهمية لمعطلة هو قول فرعون، وهو جحد الخالق، وتعطيل كلامه ودينه، كما كان فرعون يفعل، فكان يجحد الخالق جل جلاله، ويقول: {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29)} ويقول: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}، وكان ينكر أن يكون الله كلم موسى أو أن يكون لموسى إله فوق السماوات، ويريد أن يبطل عبادة الله وطاعته ويكون هو المعبود المطاع، فلما كان قول الجهمية المعطلة النفاة يؤول إلى قول فرعون كان منتهى قولهم إنكار رب العالمين وإنكار عبادته، وإنكار كلامه .. "ا. هـ.

ص: 519

1944 -

وَسِوَاهُ جَاءَ بِسُلَّمٍ وبآلةٍ

وَأَتَى بِقَانُونٍ عَلَى بُنْيَانِ

1945 -

وَأتَى بِذَاكَ مُفَكِّرًا ومُقَدِّرًا

ورِثَ الوليدَ العَابِدَ الأوْثَانِ

1946 -

وأتَى إلَى التَّعْطِيل مِنْ أَبْوَابِهِ

لَا مِنْ ظُهُورِ الدَّارِ والجُدْرَانِ

1947 -

وَأتَى بِهِ فِي قَالَبِ التَّنْزِيهِ والتَّـ

ـعظِيمِ تَلْبِيسًا عَلَى العُمْيانِ

1948 -

وَأَتَى إلَى وَصْفِ العُلُو فَقَال ذَا التَّـ

ـجْسِيمُ لَيسَ يَليقُ بالرَّحْمنِ

1949 -

فَاللَّفظُ قَدْ أَنْشَاهُ مِنْ تِلْقَائِهِ

وَكَسَاهُ وَصْفَ الوَاحِدِ المنَّانِ

1950 -

والنَّاسُ كُلهمُ صَبِيُّ العَقْلِ لَم

يَبلُغْ وَلَوْ كَانُوا مِنَ الشِّيخَانِ

1951 -

إلا أُنَاسًا سَلَّمُوا لِلوحْي هُمْ

أَهْلُ البُلُوغِ وأعْقَلُ الإنْسَانِ

1944 - يشير الناظم في هذا البيت إلى النفاة أهل التأويل الذين وضعوا قوانين فيما جاءت به الأنبياء عن الله، فما وافق تلك القوانين قبلوه، وما خالفها لم يتبعوه، وتأولوه أو فوضوه.

انظر: توضيح المقاصد لابن عيسى (2/ 29).

1945 -

ف: (بذلك).

- يعني الوليد بن المغيرة انظر ما سبق في البيت (573).

1949 -

مراد الناظم في هذه الأبيات أن يبين أن من عادة أهل التعطيل أنهم يطلقون على تعطيلهم تنزيهًا حتى يروج بين الناس، ويطلقون على ما أثبته أهل السنة من العلو وجميع الصفات لله تجسيمًا لكي ينفروا الناس عنهم. انظر مختصر الصواعق ص 113.

1950 -

الشيخان: جمع شيخ، وقد سبق.

1951 -

ومراد الناظم: أن من اتبع كلام أهل التأويل الواضح البطلان ما هو إلا كالصبي الصغير الذي يمكن لكل أحد أن يغرر به ويخدعه، بخلاف الرجل البالغ صاحب العقل والفهم، وهم أهل الحق الذين اتبعوا الوحي وتركوا أقوال أهل التعطيل.

ص: 520