المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الإشارة إلى ذلك من السنة - نونية ابن القيم الكافية الشافية - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصلٌ في ذكرِ مذهبِ أهلِ الحديث

- ‌فصلٌ في إلزامِهم القولَ بنفي الرّسالةِ إذا انتفتْ صفة الكلام

- ‌فصلٌ في التَّفريقِ بينَ مَا يضافُ إلى الرَّبِّ تعالى(1)من الأوْصَافِ(2)والأعْيانِ

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ في مقالات(1)الفلاسفةِ والقَرامِطَةِ(2)فِي كلامِ الرَّبِّ جل جلاله

- ‌فصلٌ في مقالاتِ طوائفِ الاتّحاديَّةِ في كلامِ الرَّبِّ جل جلاله

- ‌فصلٌ

- ‌مسألة العذر بالجهل

- ‌فصلٌ في الرد على الجَهْمِيَّةِ المعطِّلةِ القائلينَ بأنَّه ليسَ علي العرشِ إلهٌ يُعبَد، ولا فوقَ السماء(1)إله يُصلّى لهُ ويُسْجَد(2)، وبيان فسادِ قولهمْ عقلًا ونقلًا ولغةً وفطرةً

- ‌فصلٌ في سياق هذا الدَّليلِ(1)على وجْهٍ آخرَ

- ‌فصلٌ في الإشارةِ إلي الطُرقِ النَّقليَّةِ الدَّالّة على أنَّ اللَّهَ سُبْحَانَه(1)فوق سماواته على عرشِهِ

- ‌فصلٌ فِي الإشَارة إلى ذلك من السنة

- ‌فصلٌ فيمَا يلزم مدعي التَّأويل لِتصحّ دعواه

- ‌فصلٌ في تشبيه(1)المحرِّفينَ للنصوصِ باليهودِ وإرثهم التَّحريفَ منهم، وبراءةِ أهلِ الإثباتِ مما رموهم به من هذا الشَّبه

- ‌فصلٌ في بيان تدليسهم وتَلْبِيسهم الحقَّ بالباطِل

- ‌فصلٌ في المطالبةِ بالفرقِ بينَ ما يُتأوَّلُ ومَا لا يُتأَوَّلُ

- ‌فصلٌ في ذكرِ فرق آخر لهمْ(1)وبيانِ بطلانِهِ

- ‌فصلٌ في بيان(1)مخالفةِ طريقهمْ لطريق أهلِ الاستقامةِ(2)نقلًا وعقلًا

- ‌فصلٌ في بيانِ كذبِهم ورمْيهم أهلَ الحقِّ بأنَّهم أشباهُ الخَوارجِ وبيانِ شَبَهِهمْ المحقَّق بالخوارجِ

- ‌فصلٌ فِي تلقيبهِمْ أهلَ السُّنَّةِ بالحشويةِ وبيانِ منْ أوْلَي بالوصفِ المذمومِ منْ هذا اللَّقبِ مِنَ الطَّائفتين وذكرِ أوَّلِ من لَقَّبَ بهِ أهلَ السُّنَّةِ مِن أهلِ البدعِ

- ‌فصلٌ فِي بيانِ عُدْوانِهمْ فِي تلقيبِ أهلِ القرآنِ والحديثِ بالمجَسِّمَةِ، وبيانِ أَنَّهمْ أَوْلى بكلِّ لقبٍ خبيثٍ

- ‌فصلٌ فِي بيانِ موردِ أهلِ التَّعْطيلِ وأنَّهمْ تعوَّضوا بالقَلُّوطِ(1)عن موردِ السَّلْسَبِيل

- ‌فصلٌ فِي بيانِ هدْمِهمْ لقواعدِ الإِسلامِ والإِيمانِ بعزْلهمْ نصوصَ السُّنَّةِ والقُرْآنِ

- ‌فصلٌ في إبطالِ(1)قول الملحدينَ إنَّ الاستدلالَ بكلام الله ورسولِهِ لا يفيدُ العلمَ واليقينَ

- ‌فصلٌ في تنزيهِ أهلِ الحديثِ وحَمَلَةِ(1)الشَّريعةِ عَنِ الألْقابِ القَبيحَةِ والشَّنِيعَةِ

- ‌فصلٌ في نُكْتةٍ بديعةٍ تُبَيِّنُ ميراثَ الملقِّبينَ والملقَّبينَ(1)من المشركينَ والموحّديِن

- ‌فصلٌ(1)في جوابِ الرَّبِّ تبارك وتعالى(2)يومَ القيامة إذا سألَ المعَطِّلَ والمُثْبِتَ(3)عن قولِ كلِّ واحدٍ منهما

- ‌[فصلٌ]

- ‌فصلٌ في تحميلِ أهلِ الإِثْبَاتِ لِلمعطِّلِينَ شهادَةً تؤدَّى عندَ رَبِّ العَالَمينَ

- ‌فصلٌ في عهودِ المثبتينَ لِرَبِّ العالمينَ

- ‌فصلٌ في شهادةِ أهلِ الإثباتِ على أهلِ التعطيل أنَّه ليسَ في السَّماءِ إلهٌ(1)ولَا لِلَّه بيننا كلامٌ ولا في القبرِ رَسولٌ

- ‌فصلٌ فيما احتجُّوا بهِ على حياةِ الرُّسُلِ في القبورِ

- ‌فصلٌ في أحكام هذِهِ التَّراكيبِ السِّتةِ

الفصل: ‌فصل في الإشارة إلى ذلك من السنة

1692 -

كَلَّا وَلَا مِنْ خَلْفِهِمْ وأَمَامِهِمْ

وَعَنِ الشَّمَائِلِ أوْ عَنِ الأيْمَانِ

1693 -

واللهِ لَا يأتِيهُمُ إلَّا مِنَ الـ

ـعُلْوِ الَّذِي هُوَ فَوْقَ كُلَّ مَكَانِ

* * *

‌فصلٌ فِي الإشَارة إلى ذلك من السنة

1694 -

وَاذْكُرْ حَدِيثًا فِي الصَّحِيحِ تَضَمَّنتْ

كَلِمَاتُهُ تَكْذِيبَ ذِي البُهْتَانِ

1695 -

لَمَّا قَضَى اللَّهُ الخَلِيقَةَ ربُّنَا

كَتَبَتْ يَدَاهُ كِتَابَ ذِي الإِحْسَانِ

1693 - وهذا هو وجه استدلال الناظم بهذا الدليل: وذلك أنه إذا ثبت المجيء لله فيلزم أن يكون من جهة العلو لا غير؛ إذ يستحيل أن يأتي من جهة غيرها، إذ هي أشرف الجهات اللائقة به سبحانه.

1694 -

في الأصل: "ذي بهتان". وأثبتنا ما في (ف) وغيرها.

1695 -

يشير الناظم إلى الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم -قال: "لما خلق الله الخلق كتب كتابه فهو فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي". وقد تقدمت إشارة الناظم إليه عند البيت (1241)، وتقدم هناك تخريجه.

قوله: "كتبت يداه": يشير الناظم إلى ما ورد في بعض ألفاظ هذا الحديث وهو في غير الصحيح كما هو عند ابن ماجه وجاء فيه: "إن الله لما خلق الخلق كتب بيده على نفسه: إن رحمتي تغلب غضبي". وبهذا اللفظ أخرجه ابن ماجه في الزهد - باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة برقم (4349) 2/ 447، وأحمد في المسند 2/ 397، 433، وعبد الله ابن الإمام أحمد في السنة 1/ 295 برقم (571)، وابن حبان في صحيحه 14/ 14، برقم (6145)، والدارقطني في الصفات برقم (16)، والذهبي في العلو (مختصر ص 92).

والحديث بهذا اللفظ صححه الألباني: (انظر: السلسلة الصحيحة (1629)، صحيح ابن ماجه 2/ 427، برقم (3467)). وحسنه الأرناؤوط (الإحسان لابن بلبان (14/ 14)).

ص: 450

1696 -

وَكِتَابُهُ هُوَ عِنْدَهُ وَضْعٌ عَلَى الـ

ـعَرْشِ المَجِيدِ الثَّابِتِ الأرْكَانِ

1697 -

إنِّي أَنَا الرحْمنُ تَسْبِقُ رَحْمتِي

غَضَبِي وَذَاكَ لرأفَتِي وَحَنَانِي

1698 -

وَلقدْ أَشَارَ نبيُّنا في خُطبَةٍ

نَحْوَ السَّمَاءِ بإصْبَعٍ وبَنَانِ

1699 -

مُشتَشْهدًا ربَّ السَّمَواتِ العُلَى

لِيَرى ويسْمَعَ قَوْلَهُ الثَّقَلانِ

1700 -

أتراهُ أمْسَى لِلسَّمَا مُسْتَشْهِدًا

أمْ للَّذِي هُوَ فَوْقَ ذِي الأكْوانِ

1701 -

ولقَدْ أتَى فِي رُقْيَةِ المرْضَى عَنِ الـ

ـهَادِي المُبِينِ أتمَّ مَا تِبْيَانِ

1702 -

نَصٌّ بأنَّ اللَّهَ فوْقَ سَمَائِهِ

فاسْمَعْهُ إنْ سَمَحَتْ لَكَ الأذُنَانِ

1697 - قوله: "وحناني": يشير إلى اتصاف الله سبحانه بالرحمة، فإن الحنان في اللغة يطلق ويراد به: الرحمة. وانظر البيت (44).

1698 -

يعني: في خطبته صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.

- وقد تقدمت إشارة الناظم إلى هذا الحديث عند البيت رقم (1254) وتقدم تخريجه.

1702 -

ب، طت، طه:(سمعت) وهو تصحيف.

- يشير الناظم في هذا البيت والذي قبله إلى حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم -يقول: "من اشتكى منكم شيئًا أو اشتكاه أخٌ له فليقل: ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك وشفاءً من شفائك على هذا الوجع. فيبرأ".

أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الطب - باب كيف يرقى برقم (3892)، وأحمد في المسند 6/ 21، والنسائي في عمل اليوم والليلة برقم (1035 - 1038)، والدارمي في الرد على الجهمية برقم (70) ص 41، وفي الرد على المريسي ص 104، والبيهقي في الأسماء والصفات برقم (892) 2/ 327، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 3/ 389 برقم (648)، والطبراني في الدعاء 2/ 1306 برقم (1082)، والحاكم في=

ص: 451

1703 -

وَلَقَدْ أَتَى خَبَرٌ رَواهُ عَمُّهُ الْـ

ـعَبَّاسُ صِنْوُ أَبيهِ ذُو الإِحْسَانِ

= المستدرك (1/ 344)، (4/ 218، 219)، وابن قدامة في إثبات صفة العلو برقم (18) ص 48، وابن عدي في الكامل (3/ 197)، وابن حبان في المجروحين (1/ 304)، والأصبهاني في الحجة (2/ 84) برقم (42).

والحديث: حسَّنه شيخ الإسلام (مجموع الفتاوى 3/ 139).

- وصححه الدارمي في ردِّه على المريسي ص 104 حيث قال: "وسنذكر في إبطال حجتك في هذه المسألة أخبارًا صحيحة .. " وذكر منها هذا الحديث.

- وابن قدامة في العلو ص 45 حيث قال: "ذكر الأحاديث الصحيحة الصريحة في أن الله تعالى في السماء

" وذكر هذا الحديث.

- وصححه الحاكم في المستدرك (4/ 219) ولم يوافقه الذهبي.

- وأورده الناظم في تعليقه على تهذيب السنن (عون المعبود 13/ 21) محتجًا به، وفي زاد المعاد (4/ 174).

- والحديث ضعفه الألباني كما في: المشكاة برقم (1555).

- وحجة من ضعفه أن في أحد طرق الحديث: "زيادة بن محمد الأنصاري " وهو منكر الحديث كما قال الحافظ في التقريب ص 221، وفي الطريق الآخر:"أبو بكر عبد الله بن أبي مريم الغساني" وهو ضعيف كما في التقريب ص 623.

وقال الذهبي عن زيادة: "وقد انفرد بحديث الرقية" ميزان الاعتدال 2/ 288. انظر: التهذيب 3/ 339، الكامل لابن عدي 2/ 40، الميزان 6/ 171.

ولكن ذكر الحافظ في الإصابة طريقًا آخر لهذا الحديث (1/ 310) حيث قال: "ورواه شعبة عن يونس عن طلق عن رجل من أهل الشام عن أبيه وهو أصح" ا. هـ، وهذا الطريق عند النسائي في عمل اليوم والليلة برقم (1036) وأورد له النسائي طرقًا أخرى.

فهو كما قال شيخ الإسلام: إنه حديث حسن، وليس فيه ما يستنكر.

1703 -

العباس: هو ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي، أبو الفضل، عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصنو أبيه، كان أسنَّ من =

ص: 452

1704 -

أن السَّمواتِ العُلَا مِنْ فَوْقِهَا الـ

ـكرسِيْ عَلَيْهِ العَرْشُ للرَّحْمنِ

1705 -

واللَّهُ فوْقَ العَرْشِ يُبْصِرُ خَلْقَهُ

فانظُرْهُ إنْ سَمَحَتْ لَكَ العَيْنَانِ

= الرسول صلى الله عليه وسلم بسنتين وقيل بثلاث، وكان في الجاهلية رئيسًا في قريش وإليه كانت عمارة المسجد والسقاية، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة لما بايعه الأنصار ولم يكن حينئذ أسلم، وشهد مع الرسول حنينًا وثبت معه، وكان وصولًا لأرحام قريش محسنًا إليهم ذا رأي سديد وعقلٍ غزير.

الإصابة (2/ 271)، أسد الغابة (3/ 109)، سير أعلام النبلاء (2/ 78).

1705 -

طه: "ينظر خلقه". ب: "شخصت لك".

- يشير الناظم في هذه الأبيات الثلاثة إلى حديث الأوعال الذي ورد عن العباس بن عبد المطلب قال: "كنت بالبطحاء، في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمرت بهم سحابة فنظر إليها فقال: "ما تسمون هذه؟ " قالوا: السحاب، قال: "والمزن"، قالوا: والمزن، قال: "والعنان"، قالوا: والعنان، قال: "هل تدرون بعد ما بين السماء والأرض؟ " قالوا: لا ندري، قال: "إن بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة، ثم السماء فوقها كذلك، حتى عدَّ سبع سماوات ثم فوق السابعة بحر بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهم وركبهم مثل ما بين سماء إلى سماء ثم على ظهورهم العرش ما بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك".

الحديث أخرجه: الإمام أحمد في المسند (1/ 206 - 207)، وأبو داود في سننه في كتاب السنة - باب ما جاء في الجهمية برقم (4723)، وابن ماجه في سننه في المقدمة - باب فيما أنكرت الجهمية برقم (181)، والترمذي في سننه في كتاب التفسير - باب سورة الحاقة (5/ 395) برقم (3320)، والدارمي في الرد على الجهمية برقم (72) ص 42، وفي الرد على المريسي ص 91، وابن خزيمة في التوحيد - باب ذكر الاستواء برقم (144)(1/ 234 - 235)، وابن أبي عاصم في السنة - باب (123)(1/ 253) برقم (577)، والبيهقي في الأسماء والصفات - باب ما جاء في العرش والكرسي =

ص: 453

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (2/ 285) برقم (847)، وابن أبي شيبة في العرش برقم (9) ص 55، والآجري في الشريعة - في باب ذكر السنن التي دلّت العقلاء على أن الله على عرشه فوق سبع سماواته ص 259، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/ 389 - 390) برقم (650)، (651)، والحاكم في المستدرك (2/ 288، 412، 500، 501)، وابن منده في التوحيد (1/ 114) برقم (21)، (3/ 187) برقم (642)، وأبو الشيخ في العظمة (2/ 566) برقم (204)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 284) برقم (852)، وابن قدامة في إثبات صفة العلو ص 59 برقم (29)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 140)، والبغوي في التفسير (8/ 210)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (1/ 77) برقم (72).

والحديث: حسنه الترمذي في سننه (5/ 395)، وصححه الحاكم (2/ 412)، وقال في موضع آخر (2/ 500):"حديث صحيح على شرط مسلم"، وصححه الجوزقاني وقال:"هذا حديث صحيح"(1/ 79)، وصححه ابن العربي في عارضة الأحوذي (12/ 217)، وصححه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (3/ 191 - 192). وردَّ على من ضعفه. والناظم في تعليقه على تهذيب السنن (عون المعبود 13/ 6) ورد على من ضعفه بشكل مطوّل. وقال في الصواعق (مختصر ص 356:"رواه أبو داود بإسناد جيد").

وصحح بعض طرقه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على مسند الإمام أحمد (3/ 204) برقم (771)، ومال ابن كثير إلى تصحيح الحديث في البداية والنهاية (1/ 17، 27).

وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد (2/ 854): "وقال الحافظ الذهبي رواه أبو داود بإسناد حسن".

وقال أيضًا في قرة عيون الموحدين ص 213: "قلت وهذا الحديث له شواهد في الصحيحين وغيرهما مع ما يدل عليه صريح القرآن فلا عبرة بقول من ضعفه".

ص: 454

1706 -

واذْكُرْ حَدِيثَ حُصيْنٍ بنِ المُنْذِرِ الثِّـ

ـقَةِ الرِّضَا أَعْنِي أبَا عِمْرَانِ

1707 -

إذ قَالَ رَبِّي فِي السَّماءِ لِرغبَتِي

ولِرهْبَتِي أدْعُوهُ كلَّ أوَانِ

1706 - كذا "ابن المنذر" في جميع النسخ ولم أجد أحدًا نسبه إلى المنذر، وهو حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي، والد عمران، اختلف في إسلامه، ولكن الراجح أنه أسلم لثبوت ذلك بأسانيد صحاح كما قال الحافظ. انظر: الإصابة 1/ 337، أسد الغابة 2/ 25، تهذيب التهذيب 2/ 331.

1707 -

يشير الناظم إلى ما ورد في الحديث عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي: "يا حصين كم تعبد اليوم إلهًا؟ " قال أبي: سبعة، ستة في الأرض، وواحدًا في السماء، قال:"فأيّهم تعبد لرغبتك ورهبتك؟ " قال: الذي في السماء، قال:"يا حصين أما إنك لو أسلمت علّمتك كلمتين تنفعانك"، قال: فلما أسلم حصين قال: يا رسول الله علمني الكلمتين اللتين وعدتني، فقال:"قل اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي".

الحديث أخرجه: الترمذي في كتاب الدعوات - باب (75)(5/ 485) برقم (3483)، والدارمي في الرد على المريسي ص 24، والنسائي في عمل اليوم والليلة مختصرًا برقم (993)، (994) ص 547 - 548، والإمام أحمد مختصرًا في المسند (4/ 444)، وابن خزيمة في التوحيد (1/ 277 - 278)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 329) برقم (894)، والطبراني في الكبير (18/ 174) برقم (396)، وفي الدعاء (3/ 1450 - 1451) برقم (1393)، (1394)، والحاكم في المستدرك مختصرًا (1/ 510)، والأصبهاني في الحجة (2/ 98) برقم (54)، وابن قدامة في إثبات صفة العلو برقم (19) ص 49، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (6/ 347) برقم (2525)، ولفظه مخالف لغيره، وابن حبان في صحيحه (الإحسان 3/ 181) برقم (899)، وأورده البخاري في خلق أفعال العباد برقم (107) ص 35 محتجًا به.

والحديث صحح بعض طرقه في الإصابة (1/ 337). وانظر: التهذيب (2/ 331)، وصححه الحاكم في المستدرك (1/ 510).

ص: 455

1708 -

فأقَرّهُ الهَادِي البشِيرُ ولمْ يَقُلْ

أَنْتَ المجَسِّمُ قَائِلٌ بِمَكَانِ

1709 -

حَيّزْتَ بَلْ جَهَّيْتَ بَلْ شَبَّهْتَ [بَلْ

جَسَّمْتَ] لَسْتَ بعَارِف الرَّحْمنِ

1710 -

هَذِي مقَالَتُهُمْ لمنْ قَدْ قَالَ مَا

قَدْ قَالَهُ حقًّا أبُو عمْرَانِ

1711 -

فاللهُ يأخُذُ حَقَّهُ مِنْهُمْ وَمِنْ

أتْباعِهِمْ فالحَقُّ لِلديّانِ

1712 -

وَاذْكُرْ شَهَادَتَهُ لِمَنْ قَدْ قَالَ رَبّـ

ـي فِي السَّما بِحقِيقَةِ الإيمَانِ

1713 -

وشَهَادَةَ العَدْلِ المعطِّلِ للذِي

قَدْ قَالَ ذَا بِحَقِيقَةِ الكُفْرانِ

1714 -

واحكُمْ بأيّهِمَا تَشَاءُ وإنَّنِي

لَأرَاكَ تَقْبَلُ شَاهِدَ البُطْلَانِ

1708 - والناظم يشير إلى وجه الاستدلال من حديث عمران: وهو أنه ذكر أن الله في السماء ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

1709 -

لم يرد ما بين الحاصرتين في الأصل وف. وزدناه من غيرهما، ولا بدّ منه لإقامة الوزن، (ص).

- لم يقل له النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت الله في حيّز، بل في جهة، بل شبّهته بالمخلوقات، بل قلت إنه جسم.

1710 -

يعني: نفاة العلو.

"أبو عمران ": هو: حصين الخزاعي الآنف الذكر.

1711 -

كذا في الأصل و (ف، د) وفي غيرها: "للرحمن".

1712 -

يعني شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لجارية الصحابي الجليل معاوية بن الحكم السلمي، وحديثها مشهور. وقد تقدم تخريجه تحت البيت رقم (1296).

1713 -

الناظم هنا يصف المعطل بالعدل من باب التهكم والسخرية به.

- تقدم الكلام عن تكفير أهل البدع لمن أثبت العلو عند (الدليل الرابع عشر من أدلة العلو).

1714 -

في الأصل: "فإنني". وأثبتنا ما في (ف) وغيرها، (ص).

- "لأراك ": أي "لأظنك".

- ف: (شهادة البطلان)، خطأ.

ص: 456

1715 -

إنْ كُنتَ مِنْ أتبَاعِ جَهْمٍ صَاحِبِ التَّـ

ـعْطِيل والبُهْتَانِ والعُدْوانِ

1716 -

واذكُر حَديثًا لابن إسْحَاقَ الرِّضَا

ذَاكَ الصَّدوقِ الحَافِظِ الرَّبَّاني

1717 -

فِي قِصَّةِ اسْتِسْقَائِهمْ يَسْتَشْفِعُو

نَ إلَى الرَّسُولِ بربِّهِ المنَّانِ

1718 -

فَاسْتَعْظَمَ المُختَارُ ذاكَ وَقَالَ شأ

نُ اللهِ ربِّ العَرْشِ أعظَمُ شَانِ

1719 -

اللهُ فوقَ العرْشِ فَوْقَ سَمَائِهِ

سُبْحَانَ ذِي الملَكُوتِ والسُّلطَانِ

1720 -

ولِعَرْشِهِ مِنْهُ أطِيطٌ مِثْلَ مَا

قَدْ أطَّ رَحْلُ الراكِبِ العَجْلانِ

1715 - تقدمت ترجمة جهم تحت البيت رقم (40).

والناظم في هذا البيت والذي قبله يخاطب من اغترّ بكلام أهل التعطيل ويقول له: "إني لأظنك تقبل كلامهم إذا كنت من أتباع جهم، وإن كنت من أتباع أهل الحق فلن تقبل كلامهم وشهادتهم الباطلة على أهل السنة بالكفر".

1716 -

ابن إسحاق: هو محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار، وقد تقدمت ترجمته تحت البيت رقم (1170).

1718 -

"المختار": هو النبي صلى الله عليه وسلم.

1719 -

ف: (سبحانه)، خطأ.

1720 -

الأطيط: صوت الأقتاب، والرحل، والإبل من ثقلها. انظر ما سبق في البيت (427).

- يشير الناظم في هذه الأبيات إلى الحديث الذي رواه محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده قال: "جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، جهدت الأنفس، وضاعت العيال، ونهكت الأموال، وهلكت الأنعام، فاستسق الله لنا فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ويحك أتدري ما تقول؟ " وسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: "ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه، شأن الله أعظم من ذلك، ويحك أندري ما الله؟ إن عرشه على سماواته لهكذا" -وقال بأصابعه مثل القبة عليه-:"وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب".=

ص: 457

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الحديث أخرجه: أبو داود في سننه في السنة - باب في الجهمية 4/ 232 برقم (4726)، والدارمي في الرد على الجهمية برقم (71) ص 41، وفي الرد على المريسي ص 89، 105، والطبراني في الكبير (2/ 128 - 129) برقم (1546)، (1547)، وابن أبي شيبة في العرش برقم (11) ص 56، والآجري في الشريعة ص 260، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/ 394) برقم (656)، وابن أبي عاصم في السنة (1/ 252) برقم (575)، والدارقطني في الصفات برقم (38)، (39) ص 52، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 317 - 319) برقم (883)، وأبو الشيخ في العظمة ( 2/ 554 ) برقم (198)، وابن خزيمة في التوحيد (1/ 239) برقم (147)، وابن منده في التوحيد (3/ 188) برقم (643)، وابن قدامة في إثبات صفة العلو برقم (30) ص 65 - 61، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 141)، والبغوي في شرح السنة (1/ 175).

والحديث صحيح قد صححه جماعة من الحفاظ:

صححه أبو داود فقد قال عقب هذا الحديث: "والحديث بإسناد أحمد بن سعيد هو الصحيح، وافقه عليه جماعة منهم يحيى بن معين وعلي بن المديني، ورواه جماعة عن ابن إسحاق كما قال أحمد" ا. هـ.

- وصححه الدارمي (كما ذكرنا في حديث الأوعال).

- وصححه ابن خزيمة (لأنه اشترط في أول كتابه أن لا يخرج غير الصحيح).

- وصححه ابن مندة، وقال:"وهذا الحديث رواه بكر بن سليمان وغيره، وهو إسناد صحيح متصل من رسم أبي عيسى والنسائي". (التوحيد 3/ 188).

- ومال الحافظ وابن كثير إلى تصحيحه وردَّ على ابن عساكر في تضعيفه (البداية والنهاية 1/ 9).

- وقد انتصر الناظم لهذا الحديث ورد على من ضعفه ردًا شافيًا في تعليقه على تهذيب السنن (عون المعبود 13/ 11). =

ص: 458

1721 -

لِلَّهِ مَا لَقِيَ ابنُ إسْحَاقٍ مِنَ الـ

ـجَهْمِيِّ إذْ يَرْميهِ بالعُدْوَانِ

1722 -

وَيظَلُّ يَمْدحُهُ إذَا كَان الَّذِي

يَرْوِي يوافِقُ مَذْهَبَ الطَّعَّانِ

= - وشيخ الإسلام صححه ورد على من ضعفه. انظر: (بيان تلبيس الجهمية 1/ 570، درء التعارض 5/ 225، مجموع الفتاوى 16/ 435 - 436).

واحتج به وصححه ابن حزم (فيما نقله عنه شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية 1/ 571).

- وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد (2/ 830): "قال الذهبي: "رواه أبو داود بإسناد حسن

".

وقد ألَّف ابن عساكر رسالة بعنوان: "تبيان الوهم والتخليط الواقع في حديث الأطيط". (انظر: البداية والنهاية 1/ 9).

وألَّف أبو الحسن بن الزاغوني الحنبلي البغدادي رسالة "في تصحيح حديث الأطيط": (انظر: ذيل الطبقات لابن رجب 3/ 181، الدرُّ المنضد للعليمي 1/ 243). [وانظر ما سلف تحت البيت 427].

1722 -

يشير الناظم إلى ما قدح به أهل البدع في "محمد بن إسحاق" راوي حديث "الأطيط" ومن هؤلاء:

ابن عساكر: فإنه كما ذكرنا ألَّف كتابًا في تضعيف حديث "الأطيط" وقد طعن في هذا الإمام، يقول شيخ الإسلام (مجموع الفتاوى 16/ 435): "ولفظ الأطيط قد جاء في حديث جبير بن مطعم الذي رواه أبو داود في السنن، وابن عساكر عمل فيه جزءًا، وجعل عمدة الطعن في ابن إسحاق

". وانظر: بيان تلبيس الجهمية (1/ 570).

البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 319 - 320) حيث قال: "وصاحبا الصحيح لم يحتجا به، وإنما استشهد مسلم بن الحجاج بمحمد بن إسحاق في أحاديث معدودة أظنهن خمسة قد رواهن غيره، وذكره البخاري في الشواهد ذكرًا من غير رواية، وكان مالك بن أنس لا يرضاه، ويحيى بن سعيد القطان لا يروي عنه، ويحيى بن معين يقول: "ليس هو بحجة، وأحمد بن حنبل يقول:"يكتب عنه هذه الأحاديث -يعني في المغازي- فإذا جاء الحلال والحرام أردنا قومًا هكذا" .. يريد أقوى منه - فإذا كان لا =

ص: 459

1723 -

كَمْ قدْ رأينَا مِنْهُمُ أمثَالَ ذَا

فالحُكْم لِلَّهِ العظيمِ الشَّانِ

= يحتج به في الحلال والحرام فأولى أن لا يحتج به في صفات الله سبحانه وتعالى، وإنما نقموا عليه في روايته عن أهل الكتاب، ثم عن ضعفاء الناس وتدليسه أساميهم .. ".

والمنذري (انظر: عون المعبود 13/ 11) وقد رد عليه ابن القيم ردًا مطولًا فليرجع إليه.

وأما الجواب عمن طعن في ابن إسحاق فيقول ابن القيم في تعليقه على تهذيب السنن (عون المعبود 3/ 11 - 15):

"أما حملكم فيه على ابن إسحاق: فجوابه: أن ابن إسحاق بالموضع الذي جعله الله من العلم والأمانة. قال علي بن المديني: حديثه عندي صحيح، وقال شعبة: ابن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث، وقال أيضًا: هو صدوق، وقال علي بن المديني أيضًا: لم أجد له سوى حديثين منكرين. وهذا في غاية الثناء والمدح إذا لم يجد له -على كثرة ما روى- إلَّا حديثين منكرين، وقال أيضًا: سمعت ابن عيينة يقول: ما سمعت أحدًا يتكلم في ابن إسحاق إلا في قوله في القدر، ولا ريب أن أهل عصره أعلم به ممن تكلم فيه بعدهم، وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول قال الزهري لا يزال بهذه الحرة عِلْمٌ ما دام بها ذلك الأحول، يريد ابن إسحاق، وقال يعقوب بن شيبة: سألت يحيى بن معين: كيف ابن إسحاق؟ قال: ليس بذاك، قلت ففي نفسك من حديثه شيء؟ قال: لا، كان صدوقًا، وقال يزيد بن هارون: سمعت شعبة يقول: لو كان لي سلطان لأمَّرْتُ ابن إسحاق على المحدثين، وقال ابن عدي: قد فتشت أحاديث ابن إسحاق الكبير، فلم أجد في حديثه ما يتهيأ أن نقطع عليه بالضعف، وربما أخطأ أو وهم، كما يخطئ غيره، ولم يتخلف في الرواية عن الثقات والأئمة وهو لا بأس به، وقال العجلي؛ ابن إسحاق ثقة

" ا. هـ مختصرًا.

1723 -

كذا في الأصل. وفي غيره: "العليّ الشان"، وأشار في حاشية (ف) إلى ما في نسخة الأصل، (ص).

ص: 460

1724 -

هَذَا هُو التَّطْفِيفُ لا التَّطْفِيفُ فِي

ذَرْعٍ وَلَا كَيْلٍ وَلَا مِيزَانِ

1725 -

واذكُرْ حَدِيثَ نزُولهِ نِصْفَ الدُّجَى

فِي ثُلْثِ لَيْلٍ آخِرٍ أوْ ثَانِ

1726 -

فنزُولُ ربٍّ ليسَ فَوْقَ سَمَائِهِ

فِي العَقْل مُمتَنِعٌ وفِي القُرْآنِ

1727 -

وَاذْكُرْ حدِيثَ الصَّادِقِ ابْنِ رَوَاحَةٍ

فِي شَأنِ جَاريةٍ لدَى الغَشَيَانِ

1728 -

فِيهِ الشَّهادَةُ أنَّ عرْشَ اللهِ فَوْ

قَ الماءِ خَارجَ هَذِهِ الأكْوَانِ

1729 -

واللهُ فوقَ العَرشِ جل جلاله

سُبْحَانَهُ عَنْ نَفْي ذِي البُهْتَانِ

1724 - التطفيف: النقص في الكيل والوزن وشبهه.

الذرع: القياس بالذراع.

1725 -

تقدمت إشارة الناظم إليه في البيت (447) ثم البيت (1209). وهو الحديث المشهور في نزول الرب إلى السماء الدنيا.

1726 -

ب: الفرقان.

1727 -

هو: عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس الأنصاري، الخزرجي، الشاعر الصحابي المشهور، يكنى بـ "أبي محمد"، كان أحد النقباء ليلة العقبة، شهد بدرًا، وما بعدها، واستشهد بمؤتة. الإصابة (2/ 306 - 307)، الاستيعاب (بهامش الإصابة 2/ 293 - 294)، أسد الغابة (3/ 156).

1729 -

يشير الناظم في هذه الأبيات إلى القصة المشهورة لعبد الله بن رواحة مع زوجته ومجملها: "أنه كان له جارية فأبصرته زوجته يومًا وقد خلا بها، فقالت: لقد اخترت أمَتَكَ على حُرَّتِك؟ فأنكر ذلك، فقالت: إن كنت صادقًا فاقرأ آية من القرآن -وكانت تعلم أن الجنب لا يقرأ القرآن على هذه الحالة- فأنشد هذه الأبيات:

شهدت بأن وعد الله حق

وأن النار مثوى الكافرينا

وأن العرش فوق الماء طافٍ

وفوق العرش رب العالمينا

وتحملهُ ملائكةٌ كِرامٌ

ملائكةُ الإله مسوِّمينا

فقالت: آمنت بالله وكذبت البصر". وفي رواية: "فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه". =

ص: 461

1730 -

ذَكرَ ابنُ عبدِ البَرِّ فِي اسْتِيعَابِهِ

هَذَا وَصَحَّحَهُ بِلَا نُكْرَانِ

1731 -

وَحديثُ مِعْراجِ الرَّسُولِ فَثَابِتٌ

وَهُوَ الصَّريحُ بغَايَةِ التِّبْيَانِ

1732 -

وإلَى إلهِ العَرْشِ كَانَ عُروجُهُ

لَمْ يَخْتَلفْ مِنْ صَحْبهِ رَجُلَانِ

1733 -

واذكُرْ بقصَّةِ خَنْدقٍ حُكْمًا جَرَى

لِقُريظَةٍ مِنْ سَعْدٍ الرَّبَّانِي

= أخرج هذه القصة الدارمي في الرد على الجهمية برقم (82) ص 46 - 47،

وابن قدامة في إثبات صفة العلو برقم (67) ص 99، وابن عساكر في تاريخ دمشق (تهذيب تاريخ دمشق لابن بدران (7/ 395)، والسبكي في طبقات الشافعية (1/ 264)، والذهبي في السير (1/ 238).

وأوردها ابن عبد البر في الاستيعاب وصحح طرقها (كما سيأتي).

وأوردها الناظم في اجتماع الجيوش ص 121، ومختصر الصواعق ص 356 - 357. وأوردها شيخ الإسلام في الحموية (ضمن مجموع الفتاوى 5/ 14)، وشارح الطحاوية (2/ 367 - 368).

وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (8/ 905) هذه القصة بلفظ آخر للأبيات وهي:

شهدت بإذن الله أن محمدًا

رسول الذي فوق السماوات مِنْ عَلُ

وأن أبا يحيى ويحيى كلاهما

له عمل من ربه متقبلُ

وأخرجه بهذا اللفظ ابن قدامة في العلو برقم (68) ص 100، والذهبي في السير (1/ 238 - 239)، وابن عساكر في تاريخه (التهذيب 7/ 396).

وأخرج الدارقطني هذه القصة بأبيات أخرى لا شاهد فيها.

1730 -

تقدمت ترجمة ابن عبد البر تحت البيت (1398). ونص مقولته في الاستيعاب (بهامش الإصابة 2/ 296) حيث قال: " .. وقصته مع زوجته في حين وقع على أمته مشهورة رويناها من وجوه صحاح

".

1732 -

الحديث الصحيح في معراج الرسول إلى الله عز وجل قد تقدمت إشارة الناظم إليه في البيت رقم (1197).

1733 -

يعني غزوة الخندق، التي بعدها كانت غزوة بني قريظة.

قريظة: من قبائل اليهود، ونسبهم إلى هارون أخي موسى عليهما السلام، منهم محمد بن كعب القرظي، وقد نقضوا العهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وظاهروا =

ص: 462

1734 -

شَهِدَ الرَّسُولُ بأنَّ حُكْمَ إلهنَا

مِنْ فَوْقِ سَبْعٍ وَفْقُهُ بِوِزانِ

= عليه المشركين يوم الخندق، فحكم فيهم سعد بن معاذ.

انظر: البداية والنهاية (4/ 123)، الصحاح ص 1177، تاج العروس (5/ 259).

سعد: هو ابن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد الأنصاري، سيد الأوس، شهد بدرًا وأحدًا، ورمي بسهم يوم الخندق فعاش بعد ذلك شهرًا، حتى حكم في بني قريظة، ومات بعد ذلك سنة خمس، كان من أعظم الناس بركة على قومه، قال لهم حين أسلم:"كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتى تسلموا" فأسلموا جميعًا. الإصابة (3712)، الاستيعاب (بهامش الإصابة 2/ 28)، أسد الغابة (2/ 296).

1734 -

يشير الناظم في هذه الأبيات إلى قصة سعد بن معاذ مع بني قريظة حينما طلب منه النبي صلى الله عليه وسلم أن يحكم فيهم بعد أن نقضوا عهدهم معه فقال سعد: "فإني أحكم فيهم أن تقتل المقاتلة، وتسبى الذرية والنساء، وتقسم أموالهم" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد حكمت بحكم الله تعالى الذي حكم به من فوق سبع سماوات".

أخرجها بهذا اللفظ: البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 321) برقم (885)، وابن سعد في الطبقات (3/ 2/ 6).

- وأخرجها ابن قدامة في العلو برقم (39) ص 69 بلفظ: "لقد حكمت فيهم حكمًا حكم الله به من فوق سبعة أرقعة".

- والذهبي في العلو بنفس لفظ البيهقي (المختصر ص 87) وقال: "هذا حديث صحيح أخرجه النسائي". وصححها شارح الطحاوية (2/ 378)، وصححها الألوسي في روح المعاني (7/ 114)، وحسنها الألباني (مختصر العلو ص 87).

وأصل الحديث في الصحيحين من غير لفظة: "من فوق سبع سماوات" الذي هو موضع الشاهد:

- فأخرجه البخاري في المغازي - باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب برقم (4121)، ومسلم في الجهاد والسير برقم (1768).

وبنفس لفظ الصحيحين أخرجها: أحمد في المسند (3/ 22، 71، 350)، والطيالسي في المسند برقم (2240) ص 74.

ص: 463

1735 -

واذكُرْ حَديثًا لِلبَرَاءِ رَواهُ أصْـ

ـحَابُ المسَانِدِ منْهُمُ الشَّيْبَانِي

1735 - هو البراء بن عازب بن الحارث بن عدي بن جشم الأوسي الأنصاري، يكنى أبا عمارة، له ولأبيه صحبة، استصغره النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة غزوة، كانت وفاته سنة اثنتين وسبعين. الإصابة (1/ 142)، أسد الغابة (1/ 171).

"الشيباني": يعني الإمام أحمد. ونص الحديث: عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: "خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولمّا يلحد فجلس الرسول صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكت في الأرض ..... إلى أن قال: "إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة

".

وفيه: "قال: فيصعدون بها (يعني الروح) فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلّا قالوا ما هذا الروح الطيب .. " إلى أن قال: "حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة فيقول الله تعالى: اكتبوا كتاب عبدي في عليين .. ".

الحديث بطوله أخرجه: الإمام أحمد في المسند (4/ 287 - 288، 295 - 296)، والطيالسي في المسند رقم (753) ص 102، وأبو داود في السنة - باب في المسألة في القبر وعذاب القبر برقم (4753) 4/ 239، والنسائي في الجنائز - باب الوقوف للجنائز (4/ 78)، وابن ماجه في الجنائز - باب ما جاء في الجلوس في المقابر (1/ 284) برقم (1548)، والدارمي في الرد على الجهمية برقم (110) ص 85، والآجري في الشريعة - باب ذكر الإيمان والتصديق بمسألة منكر ونكير ص 327، وعبد الرزاق في المصنف (3/ 580)، وابن أبي شيبة (3/ 380، 382)، وابن منده في الإيمان (2/ 962 - 963) برقم (1064)، وابن الأعرابي في المعجم (4/ 111) برقم (788)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 56)، والحاكم في المستدرك في الإيمان (1/ 37 - 38)، والبيهقي في إثبات عذاب القبر برقم (20) ص 37، والبغوي في شرح السنة (5/ 408) برقم (1518)، والأصبهاني في الحجة (2/ 89 - 96) برقم (49)، (50).

ص: 464

1736 -

وَأبُو عَوانَةَ ثمّ حَاكِمُنَا الرِّضَا

وأبُو نُعَيمِ الحَافِظُ الربَّانِي

1736 - أبو عوانة هو: يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد النيسابوري، الإسفراييني، ولد بعد الثلاثين ومائتين، الإمام الحافظ، الجوال الكبير، صاحب المسند، كان كثير الرحلة في طلب الحديث، سمع من الذهلي وأبي زرعة الرازي وغيرهما. وعنه الطبراني وابن عدي وغيرهما، وكان رحمه الله أول من أدخل إلى إسفرايين مذهب الشافعي وكتبه. كانت وفاته سنة عشر وثلاثمائة.

السير (14/ 417)، وفيات الأعيان (6/ 393)، شذرات الذهب (2/ 274).

- والناظم هنا يشير إلى أن أبا عوانة قد أخرج هذا الحديث، وقد عزاه إليه في تعليقه على السنن (عون المعبود 9/ 31) فقال:"ذكره أبو عوانة الإسفراييني في صحيحه". وكذلك شيخ الإسلام فقال (مجموع الفتاوى 5/ 438): "ورواه أبو عوانة في صحيحه بطوله

". وقد أخرج الحديث من طريق أبي عوانة الأصبهاني وغيره.

- "حاكمنا الرضا": هو الحاكم أبو عبد الله، وقد تقدمت ترجمته عند البيت رقم (1373).

وقد روى هذا الحديث في مستدركه كما مر معنا في تخريج الحديث.

- أبو نعيم هو: أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران، الأصبهاني، الزاهد، صاحب الحلية ولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، الإمام الحافظ، الثقة المحدث، سمع من العسال والطبراني وغيرهما وعنه الخطيب البغدادي وأبو سعيد الماليني وغيرهما، وكان حافظًا مبرزًا عالي الإسناد، تفرد في الدنيا بشيء كثير من العوالي، هاجر إلى لُقيِّه الحفاظ، من مصنفاته: الحلية، المستخرج على الصحيحين، دلائل النبوة وغيرها.

كانت وفاته سنة ثلاثين وأربعمائة. وله أربع وتسعون سنة.

السير (17/ 462)، وفيات الأعيان (1/ 91)، شذرات الذهب (3/ 245).

- وقد عزا الناظم إلى أبي نعيم هذا الحديث في تعليقه على السنن (عون المعبود 9/ 31).

وكذلك شيخ الإسلام في (مجموع الفتاوى 5/ 439)، وقد أخرجه أبو نعيم في الحلية (9/ 56) مختصرًا.

ص: 465

1737 -

قد صَحَّحُوهُ وَفِيه نَصٌّ ظَاهِرٌ

مَا لَمْ يُحرِّفْهُ أولو العُدْوَانِ

1737 - يشير الناظم إلى تصحيح الأئمة له، وممن صححه:

الحافظ أبو نعيم وقد نقل تصحيحه الناظم في تعليقه على السنن (9/ 31)، ونقل شيخ الإسلام في (مجموع الفتاوى 5/ 439) كلام أبي نعيم ونصه:"وهو حديث أجمع رواة الأثر على شهرته واستفاضته".

والحاكم في المستدرك (1/ 39) حيث قال: "صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجا بالمنهال بن عمرو وزاذان، وفي هذا الحديث فوائد كثيرة لأهل السنة وقمع للمبتدعة" ووافقه الذهبي.

والبيهقي في إثبات عذاب القبر (ص 39) حيث قال: "هذا حديث كبير صحيح الإسناد رواه جماعة من الثقات عن الأعمش وأخرجه أبو داود في السنن".

وابن منده في الإيمان (2/ 965) حيث قال: "هذا إسنادٌ متصل مشهور رواه جماعة عن البراء كذلك رواه عدة عن الأعمش وعن المنهال بن عمرو، والمنهال أخرج عنه البخاري ما تفرد به، وزاذان أخرج عنه مسلم وهو ثابت على رسْم الجماعة، وروي هذا الحديث عن جابر، وأبي هريرة وأبي سعيد وأنس وعائشة رضي الله عنهم".

وأبو عوانة في صحيحه: كما نقل عنه ذلك شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (5/ 438).

وقال ابن أبي العز في شرحه على الطحاوية (2/ 576): "وذهب إلى موجب هذا الحديث جميع أهل السنة والحديث، وله شواهد من الصحيح .. " ثم ذكرها.

والحافظ الذهبي حيث قال في العلو (المختصر ص 97): "إسناده صالح". وشيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (5/ 438 - 439).

والناظم حيث قال في إعلام الموقعين (1/ 233): "

وهذا حديث صحيح".

وقال في اجتماع الجيوش ص 111: "وهو صحيح قد صححه جماعة من الحفاظ". وانظر: تعليقه على السنن (9/ 31).

والألباني في: أحكام الجنائز ص 202، مختصر العلو ص 97.

وللحديث شاهد صحيح وهو حديث أبي هريرة وقد تقدم تخريجه عند البيت رقم (1201).

ص: 466

1738 -

فِي شَأْنِ رُوحِ العَبْدِ عِنْدَ وَدَاعِهَا

وفِرَاقِهَا لِمسَاكِنِ الأبدَانِ

1739 -

فتظَلُّ تَصْعَدُ فِي سَمَاءٍ فَوْقَهَا

أخْرَى إلَى خَلَّاقِهَا الرَّحْمنِ

1740 -

حَتَّى تَصيرَ إلَى سَمَاءٍ رَبُّهَا

فِيهَا وَهَذَا نَصُّهُ بأمَانِ

1741 -

وَاذْكُر حَدِيثًا فِي الصَّحِيحِ وَفيهِ تَحْـ

ـذِيرٌ لِذَاتِ البَعْلِ مِنْ هِجْرَانِ

1742 -

مِنْ سُخْطِ ربٍّ فِي السَّمَاءِ عَلَى الّتي

هَجَرَتْ بِلَا ذَنْبٍ وَلَا عُدْوَانِ

1743 -

واذْكُر حَدِيثًا قَدْ رَوَاهُ جَابِرٌ

فِيهِ الشِّفَاءُ لطالِبِ الإيمَانِ

1744 -

فِي شَأْنِ أهْلِ الجَنَّةِ العُليَا وَمَا

يَلْقَوْنَ مِنْ فَضْلٍ وَمِنْ إحْسَانِ

1745 -

بَيْنَاهُمُ فِي عَيْشِهِمْ ونَعِيمِهِمْ

وإذَا بِنُورٍ سَاطِعِ الغَشَيَانِ

1746 -

لكنّهُمْ رَفَعُوا إلَيْهِ رُؤوسهُمْ

فَإذَا هُوَ الرحْمنُ ذُو الغُفْرانِ

1747 -

فَيُسَلِّمُ الجَبَّارُ جل جلاله

حقًّا عَلَيْهِمْ وهو ذو الإحْسَانِ

1738 - ظ: (عند نزاعها).

1742 -

يشير الناظم إلى الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه، إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها". أخرجه -بهذا اللفظ- مسلم في كتاب النكاح برقم (1436) 2/ 1060. وأخرجه البخاري بلفظ: "إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع". في كتاب النكاح - باب إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها برقم (5193)(الفتح 9/ 205).

1743 -

جابر هو: ابن عبد الله بن عمرو بن حرام بن كعب بن غنم الأنصاري، السلمي، يكنى بأبي عبد الله وأبي عبد الرحمن وأبي محمد، من المكثرين من رواية الحديث، شهد تسع عشرة غزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم، كانت وفاته سنة ثمان وسبعين وقيل أربع. الإصابة (1/ 213)، أسد الغابة (1/ 256).

1747 -

يشير الناظم في هذه الأبيات إلى الحديث الذي ورد من طريق جابر رضي الله عنه قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور، فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب عز وجل قد أشرف عليهم =

ص: 467

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة، وقال: ذلك قول الله عز وجل {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)} [يس: 58]، قال: فينظر إليهم وينظرون إليه، ولا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم".

الحديث أخرجه ابن ماجه في سننه في المقدمة - باب فيما أنكرت الجهمية 3611 برقم (172)، والآجري في الشريعة - كتاب التصديق بالنظر إلى الله عز وجل ص 238، وأبو نعيم في الحلية (6/ 208 - 209)، وفي صفة الجنة برقم (91) ص 35 - 36، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/ 482) برقم 8361)، والأصبهاني في الحجة (2/ 241) برقم (216)، والبيهقي في البعث والنشور برقم (493) ص 249، والدارقطني في الرؤية برقم (51) ص 165 - 166 ط، وابن قدامة في إثبات صفة العلو برقم (46) ص 82، والعقيلي في الضعفاء (2/ 274 - 275) برقم (237)، وابن عدي في الكامل (6/ 13 - 14). (في ترجمة الفضل بن عيسى الرقاشي)، والبغوي في تفسيره (7/ 23). (عند تفسير قوله تعالى:{سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)} [يس: 58]، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة برقم (97) ص 44 - 45.

- وأورده السيوطي في الدر المنثور (7/ 65 - 66) وعزاه إلى البزار وابن أبي حاتم وابن مردويه.

- وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره (3/ 575) وقال: "في إسناده نظر".

وأورده ابن الجوزي في الموضوغات (3/ 260 - 262) وقال: "هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدار طرقه على الفضل بن عيسى الرقاشي، قال يحيى: كان رجل سوء، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث" ا. هـ بتصرف.

- وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 68) برقم (67): "هذا إسناد ضعيف لضعف الفضل بن عيسى".

- وضعفه الألباني (انظر: ضعيف الجامع الصغير برقم (2363)). =

ص: 468

1748 -

وَاذْكُرْ حَدِيثًا قَدْ رَوَاهُ الشَّافعيُّ م

طَرِيقُه فِيهِ أَبُو اليَقْظَانِ

1749 -

فِي فَضْلِ يَوْمِ الجُمْعَةِ اليَوْمِ الَّذِي

بِالفَضْلِ قَدْ شَهِدَتْ لَهُ النَّصَّانِ

= ولكن هذا الحديث أورده الناظم محتجًا به في: (الصواعق المرسلة 4/ 1332، حادي الأرواح ص 359 - 360). وسيذكره مرة أخرى في البيت (5462).

- وقال البيهقي في البعث والنشور عقب الحديث: "وقد مضى في هذا الكتاب في كتاب الرؤية ما يؤكد ما روي في هذا الحديث" ا. هـ.

- واحتج به ابن أبي العز الحنفي في شرحه للطحاوية (1/ 177)، (2/ 376).

- وأورد السيوطي في اللآلئ المصنوعة (46112) شاهدًا لحديث جابر من حديث أبي هريرة، وأشار إليه في الدر المنثور (7/ 324) وعزاه إلى ابن أبي النجار في تاريخه.

والحديث تشهد له أحاديث الرؤية السابقة كما أشار إليها الناظم عند البيت رقم (1274)، وليس في الحديث ما يستنكر فلعله يرتقي إلى الحسن بهذه الشواهد، وأحاديث الرؤية الثابتة في الصحاح كافية في إثبات العلو كما تقدم.

وسيذكر الناظم هذا الحديث مرة أخرى في البيت (5466) وما بعده.

1748 -

تقدمت ترجمة الشافعي تحت البيت رقم (1373).

أبو اليقظان: هو عثمان بن عمير البجلي، أبو اليقظان الكوفي، الأعمى، ويقال ابن قيس، ويقال: ابن أبي حميد، روى عن أنس وزيد بن وهب وأبي الطفيل وغيرهم، وعنه الأعمش والثوري وشعبة وغيرهم، وهو ضعيف في الرواية ونقل الحديث، وكان يدلس، وكان غاليًا في التشيع، وقال ابن عدي:"يكتب حديثه على ضعفه" الكامل لابن عدي (5/ 168)، وانظر تهذيب التهذيب 7/ 132، ميزان الاعتدال 3/ 447.

1749 -

هذا البيت ساقط من (د). وقد أنثّ النصّ للضرورة، انظر ما سبق في التعليق على البيتين (228، 1674).

- ويوم الجمعة ورد في فضله آيات وأحاديث كثيرة، استوعبها وأفاض في ذكرها الناظم في زاد المعاد (1/ 364).

ص: 469

1750 -

يَوْمِ اسْتِواءِ الرَّبِّ جل جلاله

حَقًّا عَلَى العَرْشِ العَظِيمِ الشَّانِ

1750 - يشير الناظم في هذه الأبيات إلى ما روي عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أتاني جبريل في كفه كالمرآة البيضاء فيها كالنكتة السوداء، فقلت: ما هذا الذي في يدك؟ قال: الجمعة. قلت: وما الجمعة؟ قال: لكم فيها خير، وهو عندنا سيد الأيام، ونحن نسميه يوم القيامة "المزيد"، قلت: ولم ذاك؟ قال: لأن الرب تبارك وتعالى اتخذ في الجنة واديًا أفيح من مسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة ينزل على كرسيه من عليين، أو نزل من عليين على كرسيه

" الحديث بطوله.

أخرجه الشافعي في مسنده بنحوه (ترتيب المسند للزواوي والحسيني 1/ 126) برقم (374)، وفي كتاب الأم له (1/ 185)، والدارمي في الرد على الجهمية برقم (144، 145) ص 76، 77، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 150)، وعبد الرزاق في المصنف (3/ 256)، ومحمد بن أبي شيبة في العرش برقم (88) ص 95، وعبد الله ابن الإمام أحمد في السنة برقم (460)(1/ 250)، والدارقطني في الرؤية برقم (59)، (60)، (61)، (62)، (63)، ص 172 - 179، وأبو نعيم في صفة الجنة برقم (395) ص 149، وفي الحلية (3/ 72)، وابن منده في الرد على الجهمية برقم (92) ص 151، والآجري في الشريعة في باب التصديق بالنظر ص 237، وابن قدامة في العلو برقم (40) ص 75، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة برقم (95) ص 41 - 42، والبزار في مسنده (كشف الأستار 4/ 194- 195).

- وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 163 - 164)، وقال:"رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات".

- وأورده الناظم في زاد المعاد (1/ 410) وقال: "ولهذا الحديث عدة طرق ذكرها الدارقطني في الرؤية".

وفي اجتماع الجيوش ص 104 وقال: "ولهذا الحديث عدة طرق جمعها أبو بكر بن أبي داود في جزء".

وأورده في حادي الأرواح ص 354 وقال: "هذا حديث كبير عظيم الشأن، =

ص: 470

1751 -

وَاذْكُرْ مَقَالتَهُ أَلَسْتُ أَمِينَ مَنْ

فَوْقَ السَّمَاءِ الوَاحِدِ المنَّانِ

= رواه أئمة السنة وتلقوه بالقبول، وجمل به الشافعي مسنده

" وعزاه لابن بطة في الإبانة.

وأطال شيخ الإسلام في ذكر طرقه وشواهده، وصححه (انظر: مجموع الفتاوى 6/ 415 - 419). وللحديث طرق غير طريق أبي اليقظان. فالحديث على أقل تقدير حسن بمتابعاته وشواهده.

1751 -

"مقالته": يعني قول النبي صلى الله عليه وسلم.

- يشير الناظم إلى الحديث المتفق على صحته عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بذُهَيْبَة في أديم مقروظ لم تحصَّل من ترابها، قال: فقسمها بين أربعة نفر: بين عيينة بن بدر، وأقرع بن حابس، وزيد الخيل، والرابع: إما علقمة، وإما عامر بن الطفيل، فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحًا ومساءً". قال: فقام رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناشر الجبهة، كث اللحية، محلوق الرأس، مَشَمِّر الإزار، فقال: يا رسول الله: اتق الله، قال:"ويلك، أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله؟ " قال: ثم ولّى الرجل، قال خالد بن الوليد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ قال: "لا، لعله أن يكون يصلي"، فقال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إني لم أؤمر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم"، قال: ثم نظر إليه وهو مقفٍّ فقال: "يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبًا، لا يتجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة". -وأظنه قال-: "لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود".

الحديث أخرجه البخاري في المغازي - باب بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع برقم (4351)، ومسلم في الزكاة برقم (1064).

- ف، د، ح، س، طت، طه:(الواحد الرحمن).

ص: 471

1752 -

واذْكُرْ حَدِيثَ أَبِي رَزِينٍ ثُمَّ سُقْـ

ـهُ بِطُولِهِ كَمْ فِيهِ مِنْ عِرْفَانِ

1752 - تقدمت ترجمة أبي رزين تحت البيت رقم (1292).

- يشير الناظم إلى حديث أبي رزين العقيلي في وفد بني المنتفق، وهو حديث طويل وجاء فيه:"قال: قلت يا رسول الله كيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد ينظر إلينا وننظر إليه؟ قال: " أنبئك بمثل هذا في آلاء الله: الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونها ويريانكم ساعة واحدة ولا تضارون في رؤيتهما

" الحديث بطوله:

أخرجه أبو داود في سننه (مختصرًا) في كتاب الأيمان والنذور - باب ما جاء في يمين النبي صلى الله عليه وسلم برقم (3266)، وعبد الله ابن الإمام أحمد في زوائده على المسند (4/ 13)، وفي السنة له (2/ 485) برقم (1120)، وابن أبي عاصم في السنة برقم (524) ص 231) مختصرًا)، وبرقم (636) ص 286 (بتمامه)، وابن خزيمة في التوحيد (1/ 465 - 475) برقم (271)، والحاكم في المستدرك (4/ 560 - 564)، والدارقطني في الرؤية برقم (191) ص 287، والطبراني في الكبير (19/ 211 - 214)، وأبو نعيم في صفة الجنة (مختصرًا) برقم (168) ص 61.

- وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 338 - 340) وقال: "رواه عبد الله والطبراني بنحوه وأحد طريقي عبد الله إسنادها متصل ورجالها ثقات، والإسناد الآخر وإسناد الطبراني مرسل عن عاصم بن لقيط أن لقيطًا

" ا. هـ.

وقال الحاكم (4/ 564): "صحيح الإسناد، كلهم مدنيون، ولم يخرجاه".

- وأورده الناظم بطوله في زاد المعاد (3/ 673 - 677) وعزاه إلى العسال في المعرفة، وإلى أبي الشيخ في السنة، وإلى ابن منده، وإلى ابن مردويه، وقال عقب الحديث (3/ 677): "هذا حديث كبير جليل، تنادي جلالته، وفخامته وعظمتهُ على أنه قد خرج من مشكاة النبوة

ورواه أئمة أهل السنة في كتبهم، وتلقوه بالقبول، وقابلوه بالتسليم والانقياد، ولم يطعن أحد منهم فيه ولا في أحدٍ من رواته" ا. هـ بتصرف.

- ونقل الناظم كلام ابن منده في الزاد (3/ 678) وجاء فيه: "ولم ينكره أحد، ولم يتكلم في إسناده، بل رووه على سبيل القبول والتسليم، ولا ينكر هذا الحديث إلا جاحد أو جاهل، أو مخالف للكتاب والسنة".

ص: 472

1753 -

واللهِ مَا لِمعطِّلٍ بِسَمَاعِهِ

أبَدًا قُوىً إلَّا عَلَى النُّكْرانِ

1754 -

فأصُولُ دِينِ نبيِّنا فِيهِ أَتَتْ

في غَايَةِ الإِيضَاحِ والتِّبْيَانِ

1755 -

وبِطُولِهِ قَدْ سَاقَهُ ابنُ إِمَامِنَا

فِي سُنَّةٍ والحَافِظُ الطَّبَرانِي

1756 -

وكَذَا أبُو بَكْرٍ بِتَاريخٍ لَهُ

وأبُوهُ ذَاكَ زُهَيرٌ الرَّبَّانِي

1755 - يعني عبد الله ابن الإمام أحمد، وتقدمت ترجمته تحت البيت رقم (1422). "في سنة": يعني في كتابه السنة (2/ 485 - 489) برقم (1120).

- تقدمت ترجمة الطبراني عند البيت رقم (1441)، والحديث أخرجه في معجمه الكبير كما ذكرنا آنفًا (19/ 211 - 214). وقد أحال عليه الناظم في الزاد (3/ 678) حيث قال: "

ومنهم حافظ زمانه، ومحدث أوانه، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني في كثير من كتبه".

1756 -

هو أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب بن شداد، نسائي الأصل، سمع من أبيه وأبي نعيم وأحمد بن حنبل وغيرهم كثير. وعنه أبو القاسم البغوي وإسماعيل الصفار وغيرهم كثير.

قال الخطيب: "كان ثقة عالمًا متقنًا حافظًا بصيرًا بأيام الناس، راوية للأدب".

اشتهر بكتاب التاريخ الذي ألفه، وهو كبير. كانت وفاته سنة تسع وسبعين ومائتين.

سير أعلام النبلاء (11/ 492)، طبقات الحنابلة (1/ 44)، تاريخ بغداد (4/ 162).

- يشير إلى كتابه (التاريخ الكبير). قال عنه الخطيب في تاريخ بغداد (4/ 163): "وله كتاب التاريخ" الذي أحسن تصنيفه وأكثر فائدته، فلا أعرف أغزر فوائد منه ". انظر تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين (1/ 2/ 152).

- زهير بن حرب بن شدّاد، الحرشي النسائي ثم البغدادي، أبو خيثمة، الحافظ الحجة، أحد أعلام الحديث حدث عن سفيان ويحيى القطان وغيرهما، وعنه الشيخان وأبو داود وابن ماجه وغيرهم، أكثر من التطواف في العلم، وجمع وصنف وبرع في هذا الشأن. كانت وفاته سنة أربع وثلاثين ومائتين. السير (11/ 489)، تاريخ بغداد (8/ 482)، شذرات الذهب (2/ 80).

ص: 473

1757 -

واذْكُرْ كَلَامَ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ

"أقِمِ الصَّلَاةَ" وَتِلْكَ فِي سُبْحَانِ

1758 -

فِي ذِكْرِ تَفْسِيرِ المَقَامِ لأحْمَدٍ

مَا قِيلَ ذَا بالرَّأْيِ والحُسْبَانِ

1757 - تقدمت ترجمة مجاهد عند البيت رقم (1170).

- يشير إلى قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)} [الإسراء: 78، 79]. و"سبحان": اسم لسورة الإسراء، ويطلق عليها سورة بني إسرائيل. (الفتح 8/ 289).

1758 -

يعني في تفسير المقام المحمود للنبي صلى الله عليه وسلم.

وأثر مجاهد:

أخرجه الطبري في تفسيره (15/ 145) قال: "حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، قال: حدثنا ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} قال: يُجْلِسُه معه على عرشه".

- وأخرجه الخلال من طرق كثيرة في السنة (ص 209 - 265) ومدارها على ليث بن أبي سليم.

- وأورده الحافظ في الفتح (8/ 252) وعزاه إلى عبد بن حميد، وعزاه الذهبي في العلو (المختصر ص 256) إلى الطبراني في السنة.

وقد أشار الطبري في تفسيره (15/ 147) إلى تصحيحه للخبر.

- ونقل الناظم فيما سيأتي أن الدارقطني يثبت الآثار في هذا الباب ونقل الشهاب الخفاجي في نسيم الرياض (2/ 343) تصحيح الدارقطني لهذا الأثر.

- وقد صححه شيخ الإسلام فقال في درء التعارض (5/ 237): "رواه بعض الناس من طرق كثيرة مرفوعة وهي كلها موضوعة وإنما الثابت أنه عن مجاهد وغيره من السلف، وكان السلف والأئمة يروونه ولا ينكرونه ويتلقونه بالقبول".

وانظر مجموع الفتاوى (4/ 273).

- ونقل الخلال تصحيح الإمام أحمد والقاسم بن سلام وأبي داود صاحب السنن وإسحاق بن راهويه وغيرهم كثير لهذا الأثر كما سوف يأتي. (انظر: السنة للخلال برقم (244)، (283)، (311). =

ص: 474

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وللأثر شواهد سوف نذكرها عند البيت رقم (1761).

وهذا الأثر مما تلقته الأمة بالقبول وأجمع عليه أهل السنة كما ذكر ذلك شيخ الإسلام وغيره

ومن ضعّف الأثر يُعِلُّه "بليث بن أبي سليم": وقد ضعفه بعض أهل العلم ولكن قال عنه ابن عدي فى الكامل (6/ 90): "له أحاديث صالحة وقد روى عنه شعبة والثوري ومع الضعف الذي فيه يكتب حديثه".

وقال الإمام أحمد: "مضطرب الحديث، ولكن حدث الناس عنه" الكواكب النيّرات لابن الكيال ص 493. يعني أن ضعفه ليس شديدًا قد ينجبر بالشواهد الأخرى كما سيأتي.

ومما يجعلنا نقوي هذا الأثر عدة أمور:

1 -

ما نقل عن السلف في قبول هذا الخبر والطعن فيمن ردَّه وتضليله وتبديعه وإليك الأمثلة - (انظر: السنة للخلال من ص 209 إلى ص 265) -: قال أبو داود: "من أنكر هذا فهو عندنا متهم، وقال: ما زال الناس يحدثون بهذا الحديث يريدون مغايظة الجهمية، وذلك أن الجهمية ينكرون أن على العرش شيء".

قال إسحاق بن راهويه: "من ردَّ هذا الحديث فهو جهمي".

قال إبراهيم الأصبهاني: "هذا الحديث حدث به العلماء منذ ستين ومائة سنة ولا يرده إلّا أهل البدع، قال: وسألت حمد بن علي عن هذا الحديث فقال: كتبته منذ خمسين سنة ولا يرده إلاّ أهل البدع".

2 -

ليس في الأثر ما يستنكر أو يوهم التشبيه والتجسيم -كما زعم أهل البدع-، لأن الأثر قال:"يجلس محمدًا على العرش" فهذا فيه نص على استواء الرب على العرش حقيقة وليس فيه كيفية لهذا الاستواء حتى يستشنعه بعض من يسمعه، ويدل لهذا قول أبي داود:"يريدون مغايظة الجهمية، وذلك أن الجهمية ينكرون أن على العرش شيء"، وأهل السنة حين إيرادهم لهذا الحديث يستدلون به لإثبات العلو والاستواء فقط لا غير، وأنه مما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الخلق. =

ص: 475

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 3 - أن الأئمة عند تفسير آية الإسراء أثبتوا هذا الأثر وذكروا أنه لا منافاة بين الشفاعة العظمى وأنها المقام المحمود وإجلاس الله للنبي صلى الله عليه وسلم معه على العرش هو من المقام المحمود أيضًا وإليك نص كلامهم:

قال الطبري في تفسيره (15/ 145 - 148): "ما قاله مجاهد من أن الله يُقْعِدُ محمدًا صلى الله عليه وسلم على عرشه غير مدفوع صحته لا من جهة خبر ولا نظر

(إلى أن قال): فقد تبين إذًا بما قلنا أنه غير محال في قول أحد ممن ينتحل الإسلام ما قاله مجاهد من أن الله تبارك وتعالى يقعد محمدًا على عرشه" ا. هـ مختصرًا.

وذكر الحافظ في الفتح (10/ 435) أقوال الناس في تفسير المقام المحمود ثم قال: "

ويمكن رد الأقوال كلها إلى الشفاعة العامة، فإن إعطاءه لواء الحمد، وثناءه على ربه، وكلامه بين يديه، وجلوسه على كرسيه، وقيامه أقرب من جبريل كل ذلك صفات للمقام المحمود الذي يشفع فيه ليقضي بين الخلق" (وكلام الحافظ هذا يوحي بقبوله واحتجاجه بخبر مجاهد).

وقال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (10/ 311 - 312): "وهذا تأويل غير مستحيل"، وقال أيضًا:"بل هو مستو على عرشه كما أخبر عن نفسه بلا كيف، وليس إقعاده محمدًا على العرش موجبًا له صفة الربوبية أو مخرجًا له عن صفة العبودية، بل هو رفع لمحله وتشريف له على خلقه".

وكذلك من المفسرين الذين أثبتوا هذا المعنى وأوردوا كلامًا مشابهًا لكلام القرطبي وابن حجر وابن جرير:

- ابن العربي في أحكام القرآن (3/ 1542) عند تفسير قوله تعالى: {وَتَخْشَى النَّاسَ

} [الأحزاب: 37]، الشوكاني في فتح القدير (3/ 252)، صديق حسن خان في فتح البيان (7/ 440)، الآلوسي في روح المعاني (5/ 15/ 142)، ابن عطية في المحرر الوجيز (3/ 479) ط. الشهاب الخفاجي وملا علي القاري في نسيم الرياض (2/ 343 - 345).

4 -

أن إثبات هذا القول على ظاهره وعدم تأويله والإيمان بما جاء به=

ص: 476

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= حقيقة وأنه يدل على علو الله تعالى على عرشه واستوائه حقيقة قد أثبتها الجمّ الغفير من أهل العلم من أئمة السنة منهم:

قال الناظم في بدائع الفوائد (4/ 39): "قال القاضي: صنف المروزي كتابًا في فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر فيه إقعاده على العرش، قال القاضي وهو قول أبي داود، وأحمد بن أصرم ويحيى بن أبي طالب وأبي بكر بن حماد وأبي جعفر الدمشقي وعياش الدوري وإسحاق بن راهويه وعبد الوهاب الوراق وإبراهيم الأصبهاني وإبراهيم الحربي وهارون بن معروف ومحمد بن إسماعيل السلمي ومحمد بن مصعب العابد وأبي بكر بن صدقة ومحمد بن بشير بن شريك وأبي قلابة وعلي بن سهل وأبي عبد الله بن عبد النور وأبي عبيد والحسن بن فضل وهارون بن العباس الهاشمي وإسماعيل بن إبراهيم الهاشمي ومحمد بن عمران الفارسي الزاهد ومحمد بن يونس البصري وعبد الله ابن الإمام أحمد والمروزي وبشر الحافي. انتهى (قلت) -الكلام لابن القيم-: "وهو قول ابن جرير الطبري وإمام هؤلاء كلهم مجاهد إمام التفسير وهو قول أبي الحسن الدارقطني

" وانظر العلو للذهبي.

وقد ألف أبو القاسم الدشتي كتابًا أثبت فيه الحد لله وهذه المسألة (انظر: ذيل التذكرة). (وعندي نسخة من الظاهرية مصورة).

ذكر الناظم في بدائع الفوائد (4/ 39)، والذهبي في (مختصر العلو ص 183) أن للمروزي صاحب الإمام أحمد كتابًا في فضيلة النبي أثبت فيه صلى الله عليه وسلم مسألة الإجلاس.

- قوله: "ما قيل ذا بالرأي

" يشير به إلى أن أثر مجاهد لا يمكن أن يقال بالرأي، والذي لا يقال بالرأي يأخذ حكم المرفوع، فعلى هذا يكون الحديث مرسلًا، ولا يحكم للحديث بأنه مرفوع إلا إذا كان الذي لا مجال للرأي فيه هو قول الصحابي وعلى هذا علماء الحديث ولم يخالف إلّا ابن العربي في كتابه "القبس شرح موطأ مالك بن أنس" حيث قرر أن التابعي إذا قال قولًا لا مجال للرأي فيه فإنه يأخذ حكم المرفوع. انظر: فتح المغيث للسخاوي 1/ 152، النكت لابن حجر 2/ 530. =

ص: 477

1759 -

إنْ كَانَ تَجْسِيمًا فإنَّ مُجَاهِدًا

هُوَ شَيْخُهُمْ بلْ شَيْخُهُ الفَوْقَانِي

1760 -

وَلَقدْ أَتَى ذِكْرُ الجُلوسِ بِهِ وَفِي

أَثَرٍ رَوَاهُ جَعْفَرُ الرَّبَّانِي

= ولكن مما يجعلنا نتوقع أنه ليس من رأيه بل هو مما أخذه عن ابن عباس ما ثبت عنه أنه قال: "عرضت القرآن على ابن عباس أقِفُهُ عند كل آية أسأله فيم أنزلت وفيم كانت" السير (4/ 450).

ويقول قتادة: "أعلم من بقي بالتفسير مجاهد".

وإن كان مرسلًا فإنه يعتضد بالشواهد، ومعناه تشهد له نصوص العلو والاستواء الأخرى، وكذلك كما ذكرنا تلقي الأئمة له بالقبول.

1759 -

يشير الناظم إلى تهجم بعض أهل الباع على من يثبت هذا الخبر وأنه يدل على التجسيم ومن هؤلاء:

الواحدي في تفسيره البسيط (ل (126)) مخطوطة الأزهر- رواق المغاربة (جامعة الإمام 1049/ ف): "وروي عن مجاهد قال: يجلسه معه على العرش وروي عن ابن مسعود يقعده على العرش، وهذا تفسير فاسد وقول رَذْلٌ، وقول مجاهد "معه" قول موحش فظيع، ونص الكتاب ينادي بفساد هذا التفسير

".

والرازي في تفسيره الكبير (5/ 431).

- قوله: "هو شيخهم ": يعني يلزم من قول المعطلة لمن أثبت خبر مجاهد بأنه مجسم أن يكون مجاهد هو شيخ المجسمة.

- "شيخه الفوقاني": هو ابن عباس الذي أخذ عنه تفسير القرآن.

1760 -

يعني في الأثر السابق عن مجاهد.

جعفر: ابن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، أبو عبد الله، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السابقين إلى الإسلام، وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول:"ما احتذى النعال، ولا ركب المطايا، ولا وطئ التراب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من جعفر بن أبي طالب" عزاه الحافظ إلى الترمذي والنسائي وصحح إسناده. وكان ممن هاجر إلى الحبشة، واستشهد في مؤتة، وكان عمر رضي الله عنه يسلم على ولده عبد الله فيقول:"السلام عليك يا ابن ذي الجناحين" لأن يديه قطعتا في مؤتة. الإصابة (1/ 237)، أسد الغابة (1/ 286). =

ص: 478

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= - يشير الناظم إلى الأثر الذي جاء عن سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر قال: "لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة تلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما نظر جعفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حَجَل (قال سفيان: حجل: مشى على رجل واحدة) إعظامًا منه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل رسول الله بين عينيه وقال له: أنت أشبه الناس بخَلْقي وخُلُقِي، وخلقت من الطينة التي خلقت منها، حدثني بعض عجائب أرض الحبشة، قال: نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله: بينا أنا سائر في بعض طرقاتها، فإذا بعجوز على رأسها مِكْتَلٌ، فأقبل شاب يركض على فرس له، فزحمها، فألقاها بوجهها، وألقى المكتل عن رأسها، فاسترجعت قائمة، وأتبعته النظر وهي تقول له: "الويل لك إذا جلس الملك على كرسيه فاقتص للمظلوم من الظالم، قال جابر: فنظرت إلى رسول الله وإن دموعه على لحيته كالجمان، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا قدس الله أمة لا يأخذ المظلوم حقه من الظالم غير مُتَعْتَع" الحديث.

- أخرجه بهذا اللفظ: أبو محمد محمود بن أبي القاسم الدشتي في كتابه إثبات الحدِّ لله (ل 109).

- وأخرجه عن جابر بمعناه: ابن ماجه في السنن كتاب الفتن - باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر برقم (4059)(2/ 383) ولكن بلفظ: "سوف تعلم يا غُدَر إذا وضع الله الكرسي

".

- وأخرجه أبو يعلى في المسند (4/ 7، 8)، وأخرجه الخطيب في تاريخه (7/ 396) مختصرًا من غير ذكر لفظ الجلوس، والذهبي في العلو بلفظ ابن ماجه (المختصر ص 106).

- وابن أبي عمر في مسنده كما في المطالب العالية المخطوطة المسندة ص 229، 235 (نقلًا عن محقق الأسماء والصفات للبيهقي). وورد لهذا الحديث شاهد من حديث بريدة بلفظ:"ويل لك يوم يضع الملك كرسيه فيأخذ للمظلوم من الظالم". أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 297 - 299) برقم (860)، والدارمي بنحوه في الرد على المريسي ص 73، =

ص: 479

1761 -

أَعْنِي ابنَ عَمِّ نَبيِّنَا وبِغَيْرِهِ

أَيْضًا أتَى والحَقُّ ذُو تِبيَانِ

= وابن أبي عاصم في السنة برقم (582) ص 257، وأبو بكر بن أبي شيبة في مسنده كما في المطالب العالية المخطوطة المسندة ص 227 وقال ابن حجر: إسناده حسن". (نقلًا عن محقق كتاب الأسماء والصفات).

والحديث كذلك له شاهد من حديث علي رضي الله عنه بلفظ مختصر كما في المسند للإمام أحمد (1/ 108).

وله شاهد من حديث خولة وأبي سفيان بن الحارث كما في المستدرك (3/ 256).

وللفظ الجلوس شاهد موقوف عن أسماء بنت عميس عن جعفر بن أبي طالب وذكر القصة وهي عند الدارمي في الرد على المريسي ص 73.

والحديث بغير لفظة الجلوس صححه الألباني: (مختصر العلو ص 106 وقال الذهبي: إسناده صالح)، وفي ظلال الجنة (السنة لابن أبي عاصم ص 257).

وأشار إليه الناظم في زاد المعاد (3/ 333): إلى لفظة "الحَجَل" الواردة فيه ولم يُشِرْ إلى لفظة الجلوس. وعزاهُ إلى البيهقي.

- ولعل الحديث بشواهده -وليس فيه ما يستنكر- يرتقي إلى الحسن والله أعلم.

1761 -

يشير الناظم إلى ما أتى حول مسألة الإجلاس عن غير مجاهد في تفسير الآية، فقد ورد عن: ابن مسعود، وابن عباس، وعبد الله بن سلام، وابن عمر.

فأما ما ورد عن ابن مسعود:

فقد جاء في حديث مرفوع طويل وفيه: "

وإي لأقوم المقام المحمود يوم القيامة"، فقال الأنصاري: وما ذاك المقام المحمود؟ قال: "إذا جيء بكم عراة حفاة غُرْلًا فيكون أول من يكسى إبراهيم، يقول: اكسوا خليلي، فيؤتى بِرَيْطَتَينِ بيضاوين فَيُلْبَسُهُمَا ثم يقعد فيستقبل العرش، ثم أوتى بكسوتي فَألْبَسها، فأقوم عن يمينه مقامًا لا يقومه أحد غيري يغبطني به الأولون والآخرون .. " الحديث. =

ص: 480

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 398 - 399)، وابن جرير في التفسير (15/ 146)، والدارمي في السنن في الرقائق - باب شأن نزول الساعة (2/ 418 - 419) برقم (28)، وأبو الشيخ في العظمة (2/ 595) برقم (225)، والحاكم في المستدرك (2/ 364).

ولفظ الدارمي وأبي الشيخ والحاكم في أوله: لأقال رجل: ما المقام المحمود؟ قال: ذلك يوم ينزل الله على عرشه فيئط به كما يئط الرحل الجديد من تضايقه".

- وأورده السيوطي في الدر المنثور (5/ 326) وعزاه إلى ابن المنذر وابن مردويه.

- وأشار إليه الواحدي والرازي في تفسيره (5/ 431) بلفظ: "يقعده على العرش".

وهذا الحديث في سنده عثمان بن عمير وهو ضعيف كما في التقريب ص 386.

وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب موقوفًا.

أخرجه: البيهقي في الأسماء والصفات 2/ 287 برقم (840)، وابن أبي شيبة في المصنف (14/ 117)، وأبو يعلى في المسند (1/ 427، 428).

وقد أشار إلى هذا الأثر عن ابن مسعود في تفسير المقام المحمود وأورده كذلك صديق حسن خان وعزاه إلى أبي وائل. (فتح البيان 7/ 440).

وأما ما ورد عن ابن عباس:

فقد أخرج الخلال بسنده عن الضحاك عن ابن عباس في قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} قال: "يقعده على العرش" السنة برقم (295) ص 251 - 252.

- وهذا الأثر ضعيف.

وأما ما ورد عن عبد الله بن سلام:

فإنه قال: "إن محمدًا صلى الله عليه وسلم يوم القيامة بين يدي الرب عز وجل على كرسي الرب تبارك وتعالى". =

ص: 481

1762 -

وَالدَّارَقُطْنِيُّ الإمَامُ يُثَبِّت الْـ

آثارَ فِي ذَا البَابِ غَيْرَ جَبَانِ

= بهذا اللفظ أخرجه: الطبري في التفسير (15/ 148)، والخلال فى السنة برقم (236) ص 209.

- وفي إسناده. سيف السدوسي، مجهول.

- وورد عنه بلفظ آخر: "إذا كان يوم القيامة جيء بنبيكم فأقعد بين يدي الله على كرسيه فقلت: يا أبا مسعود (وهو الجريري أحد رواة السند): إذا كان على كرسيه فليس هو معه؟ قال: ويلكم هذا أقرُّ حديث لعينيَّ في الدنيا". أخرجه: ابن أبي عاصم في السنة برقم (786) ص 351، والخلال في السنة برقم (237) ص 211.

- وقال الألباني: "إسناده ثقات غير سيف السدوسي فلم أجده".

- وقد أخرجه الحاكم بمعناه في المستدرك (4/ 568 - 569) وقال: "صحيح الإسناد وليس بموقوف فإن عبد الله بن سلام من الصحابة وقد أسنده بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير موضع" ووافقه الذهبي.

- وورد عنه بلفظ: "والذي نفسي بيده إن أقرب الناس يوم القيامة محمدًا صلى الله عليه وسلم جالس عن يمينه على الكرسي".

أحزجه ابن أبي عاصم برقم (583) ص 258. والأثر ضعيف.

وأورد البغوي في تفسيره عن عبد الله بن سلام في تفسير المقام المحمود قوله: "يقعده على العرش".

وأما ما ورد عن ابن عمر - عند تفسير المقام المحمود -مرفوعًا-:

قال: "يجلسه على السرير" أورده السيوطي في الدر المنثور (5/ 326) وعزاه لابن مردويه.

وأورده كذلك (5/ 328) بلفظ: "يجلسني معه على العرش" وعزاه للديلمي.

وكذلك أورده ابن الجوزي في زاد المسير (5/ 54) وعزاه إلى أبي وائل.

1762 -

الدارقطني: هو أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي، الإمام الحافظ، المحدث، أمير المؤمنين في الحديث، سمع من إسماعيل الصفار وأبي بكر بن أبي داود وغيرهما كثير، وعنه الحافظ أبو عبد الله الحاكم، والفقيه أبو حامد الإسفراييني وغيرهم كثير، من أهل محلَّة "دار =

ص: 482

1763 -

ولَهُ قَصِيدٌ ضُمِّنَتْ هَذَا وَفيـ

ـهَا: لَسْتُ لِلْمَرْوِيِّ ذَا نُكْرَانِ

= القطن" ببغداد، قال عنه الذهبي: "وكان من بحور العلم، ومن أئمة الدنيا، انتهى إليه الحفظ ومعرفة علل الحديث ورجاله مع التقدم في القراءات وطرقها، وقوة المشاركة في الفقه، والاختلاف والمغازي وأيام الناس وغير ذلك". من مصنفاته: السنن، والعلل، والصفات والنزول والرؤية، وكان على طريقة السلف في الاعتقاد. كانت وفاته سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. السير (16/ 449)، تاريخ بغداد (12/ 34)، شذرات الذهب (3/ 116)، وفيات الأعيان (3/ 297).

- لعل الناظم يشير إلى ما أخرجه الدارقطني في كتبه من الأحاديث والآثار التي فيها إثبات العلو لله والجلوس كما في الصفات والنزول له وفي كتاب الرؤية، وجميعها مطبوع ومتداول.

1763 -

يشير الناظم إلى الأبيات التي أنشدها الدارقطني في خبر مجاهد في إقعاد الله لنبيه معه على العرش فيقول رحمه الله:

"حديثُ الشفاعة في أحْمَدِ

إلى أحْمدَ المُصْطَفَى نُسْنِدُهْ

وأمَّا حديثٌ بِإقْعَادِهِ

على العرشِ أيضًا فلا نَجْحَدُهْ

أمِرُّوا الحديثَ علَى وَجْهِه

ولا تُدْخِلُوا فيه مَا يُفْسِدُهْ

ولا تُنْكِرُوا أنَّهُ قَاعِدٌ

ولا تُنْكِرُوا أنَّهُ يُقْعِدُهْ"

وقد أخرج هذه الأبيات: الذهبي في العلو (المختصر ص 253)، والدشتي في إثبات الحد لله (ل (113) مخطوط)، وأوردها الناظم في بدائع الفوائد (4/ 39، 40)، وأوردها الشهاب الخفاجي في نسيم الرياض (2/ 343) وأثنى فيه على الدارقطني، وأوردها الشيخ سليمان بن سحمان في الضياء الشارق ص 179 - 180، وأوردها الشيخ حافظ الحكمي في معارج القبول (1/ 198).

- وضعف الألباني إسنادها إلى الدارقطني. (انظر: السلسلة الضعيفة برقم (865)).

ولكن العلماء أثبتوها عن الدارقطني كابن القيم والشهاب الخفاجي وغيرهما.

ص: 483

1764 -

وَجَرَتْ لِذَلِكَ فِتْنَةٌ فِي وَقْتِهِ

مِنْ فِرْقَةِ التَّعْطِيلِ والعُدْوَانِ

1765 -

واللهُ نَاصرُ ديِنهِ وَكِتَابِهِ

وَرَسُولِهِ فِي سَائِرِ الأزمَانِ

1766 -

لَكِنْ بِمِحْنَةِ حِزْبِهِ مِنْ حَرْبِه

ذَا حُكْمُه مُذْ كَانَتِ الفِئَتَانِ

1767 -

وَقَدِ اقْتَصرتُ عَلَى يَسيِرٍ مِنْ كَثِيـ

ـرٍ فَائِتٍ للعَدِّ وَالحُسْبَانِ

1768 -

مَا كلُّ هَذَا قَابِلَ التَّأْوِيل بالتَّـ

ـحْرِيف فَاسْتَحْيُوا مِنَ الرَّحْمنِ

* * *

= وانظر: توضيح المقاصد لابن عيسى (1/ 533).

1764 -

يعني: وجرت لأجل مسألة الجلوس والإقعاد فتنة، وقد ذكرها أهل التاريخ. يقول ابن كثير في البداية والنهاية (11/ 174) في حوادث سنة (317 هـ): "وفيها وقعت فتنة ببغداد بين أصحاب أبي بكر المروزي الحنبلي، وبين طائفة من العامة اختلفوا في تفسير قوله تعالى:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} ، فقالت الحنابلة: يجلسه معه على العرش، وقال الآخرون: المراد بذلك الشفاعة العظمى، فاقتتلوا بسبب ذلك، وقتل بينهم قتلى، فإنا لله وإنا إليه راجعون

". وانظر: تاريخ الإسلام للذهبي (في حوادث سنة 317 هـ)، والمختصر في أخبار البشر للملك المؤيد (2/ 74 - 75)، والكامل في التاريخ لابن الأثير (8/ 213).

ذكر الكوثري في السيف الصقيل ص 128 أن ابن جرير كان لا يقول بأثر مجاهد، وجرت له فتنة من الحنابلة وأنهم آذوه وأنه كان يقول:

سبحان من ليس له أنيس

ولا له على العرش جليس

ولكن ما في تفسيره يكذب هذا. والله أعلم.

1766 -

"حُكمُه": كذا ضبط في ف بضم الحاء والميم، وهو الصواب. وفي ط: حكمة. وهو خطأ. ويعني المؤلف أن الله تعالى ينصر دائمًا دينه وكتابه ورسوله ولكن بعدما يمتحن أولياؤه من قبل أعدائه. وذلك حكمه وتلك سنته منذ وجد أهل الحق وأهل الباطل. وسبب الخطأ في ط أن تاء التأنيث لا تنقط في النسخ، (ص).

1767 -

يعني به أدلة العلو.

ص: 484

فصلٌ فِي جناية التأْويل على مَا جَاء به الرسُول والفرق بين المردود منه والمقبول

(1)

1769 -

هَذَا وَأصْلُ بَلِيَّةِ الإسْلَامِ مِنْ

تَأويِلِ ذِي التَّحْرِيفِ والبُطْلَانِ

1770 -

وَهُوَ الَّذِي قَدْ فَرَّقَ السَّبْعِينَ بَلْ

زَادَتْ ثَلاثًا قَوْلَ ذِي البُرْهَانِ

(1)

ذكر الناظم هذه الجنايات وزيادة في الصواعق المرسلة (1/ 376).

1770 -

"وهو الذي": يعني التأويل الباطل المردود.

- يشير الناظم إلى الحديث المشهور في افتراق الأمة، والمروي عن عدد من الصحابة وتخريجه كالتالي:

ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افترقت اليهود على إحدى -أو ثنتين- وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى -أو ثنتين- وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة".

أخرجه أبو داود في سننه: كتاب السنة - باب شرح السنة برقم (4596)، والترمذي في سننه: كتاب الإيمان - باب ما جاء في افتراق هذه الأمة برقم (2640). وقال: "حديث حسن صحيح"، وابن ماجه في سننه: كتاب الفتن - باب افتراق الأمم برقم (4039)(2/ 377)، وأحمد في المسند (2/ 332)، والحاكم في المستدرك في كتاب العلم (1/ 128) وقال:"هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، وابن حبان في صحيحه (الإحسان 14/ 140) برقم (6247)، وابن أبي عاصم في السنة برقم (66)(1/ 33)، والمروزي في السنة برقم (58) ص 23، وابن بطة في الإبانة - باب ذكر افتراق الأمم في دينها برقم (273)(1/ 374 - 375)، والآجري في الشريعة- باب ذكر افتراق الأمم ص 25.

هذا الحديث من رواية أبي هريرة: صححه الشاطبي في الاعتصام =

ص: 485

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (2/ 189)، والسيوطي في الجامع الصغير (1/ 49).

ومر معنا تصحيح الحاكم والترمذي وابن حبان له.

ما ورد عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افترقت اليهود والنصارى على إحدى وسبعين فرقة"(الحديث) وفيه: قيل يا رسول الله من هم؟ قال: "الجماعة".

أخرجه: ابن ماجه في الفتن - باب افتراق الأمم (2/ 377) برقم (4040)، وابن أبي عاصم في السنة (1/ 32) برقم (63)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/ 101) برقم (149). وقوام السنة الأصبهاني في الحجة: فصل في ذكر الفرقة الناجية (1/ 109) برقم (19).

ما ورد عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحديث وفيه: "

وفيه كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة" الحديث.

أخرجه: ابن ماجه في الفتن - باب افتراق الأمم (2/ 377) برقم (4041)، وابن أبي عاصم في السنة (1/ 32) برقم (64)، واللالكائي (1/ 100) برقم (148)، وقوام السنة الأصبهاني في الحجة- في ذكر الفرقة الناجية (1/ 108) برقم (18)، والإمام أحمد في المسند (3/ 120)، (3/ 145)، والآجري في الشريعة - باب ذكر افتراق الأمم في دينهم ص 26، والعقيلي في الضعفاء (2/ 262) برقم (815).

والجوزقاني في الأباطيل (1/ 302) برقم (283) وقال: "هذا حديث عزيز حسن مشهور رواته كلهم ثقات أثبات كأنهم بدور وأقمار".

- وابن بطة في الإبانة - باب ذكر افتراق الأمم في دينهم (1/ 273) برقم (270).

وما ورد عن أبي أمامة رضي الله عنه (وجاء فيه): "كلها في النار إلا السواد الأعظم".

أخرجه: ابن أبي عاصم في السنة (1/ 34) برقم (68)، والمروزي في =

ص: 486

1771 -

وَهُوَ الَّذِي قَتَل الخَلِيفَةَ جَامِعَ الـ

ـقُرْآنِ ذَا النُّورَينِ والإحْسَانِ

= السنة برقم (56) ص 22، والطبراني في الكبير (1/ 328، 327، 328) برقم (8035 و 8051 و 8054)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/ 102) برقم (151)، (152)، وابن أبي زمنين في أصول السنة ص 294 برقم (224)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 339)"في ترجمة حزور الأصبهاني" برقم (619)، والبيهقي في السنن الكبرى - كتاب قتال أهل البغي - باب الخلاف في قتال أهل البغي (8/ 188)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 234) وقال:"رواه الطبراني ورجاله ثقات".

ما ورد عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:

أخرجه الآجري في الشريعة - باب ذكر افتراق الأمم ص 27، والمروزي في السنة برقم (57) ص 22، والبزار في كشف الأستار (4/ 97) برقم (284)، وابن بطة في الإبانة - باب ذكر افتراق الأمم في دينهم (1/ 370) برقم (267).

ما ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:

أخرجه: الطبراني في الكبير (10/ 211) برقم (10357)، وابن أبي عاصم في السنة (1/ 35) برقم (71)، والمروزي في السنة برقم (54) ص 21.

- والحاكم في التفسير - باب تفسير سورة الحديد (2/ 480) وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".

- وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره (4/ 316) وعزاه إلى ابن أبي حاتم وأبي يعلى وقوّاه.

وقد ورد الحديث عن معاوية بن أبي سفيان وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أيضًا.

1771 -

يعني به الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه.

- وأما التأويل الفاسد الذي تأوّله من قتل الخليفة عثمان فهو ما ذكر أهل التاريخ أنهم نقموا عليه عدة أمور أثناء توليه الخلافة منها: =

ص: 487

1772 -

وَهُوَ الَّذِي قَتَل الخَلِيفَةَ بَعْدَهُ

أَعْنِي عَلِيًّا قاتِلَ الأقْرَانِ

1773 -

وَهُوَ الَّذِي قَتَل الحُسَيْنَ وأهْلَهُ

فَغَدَوْا عَلَيْهِ مُمَزَّقِي اللُّحْمَانِ

= أنه حرّق المصاحف وجمعهم على مصحف واحد.

وأنه ولّى الأحداث من بني أمية وترك أكابر الصحابة.

وقيل: بسبب الخطاب الذي زُوّر على لسانه وخُتم بختمه، وأنه أمر بقتل الذين أتوا إلى المدينة ناقمين عليه. انظر: تاريخ الطبري (4/ 345)، البداية والنهاية (7/ 178).

1772 -

وكان من التأويل الفاسد في قتله رضي الله عنه أن الخوارج نقموا عليه تحكيم الحكمين، وقالوا: لا حكم إلّا لله فكفروه ومن معه، وكفروا كذلك معاوية ومن معه، واستباحوا دماءهم، وقد قتله ابن مُلْجَم، وهو خارج لصلاة الصبح، فكان مما قاله -قبحه الله-:"لا حكم إلا لله ليس لك يا علي ولا أصحابك"، وجعل يتلو قول الله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)} [البقرة: 207].

انظر: تاريخ الطبري (5/ 143)، البداية والنهاية (7/ 335).

1773 -

الحسين: ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، أبو عبد الله، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، ولد سنة أربع وقيل ست وقيل سبع، وهو والحسن سيدا شباب الجنة، قتل -ظلمًا- سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض العراق. الإصابة (1/ 322)، أسد الغابة (2/ 18)، البداية والنهاية (8/ 206).

- "مُمزَّقي ": كذا ضبط في ف بفتح الزاي المشددة، يعني فأصبحوا بناءً على التأويل قد مُزّقت لحومُهم. وفي الأصل وظ:"فعدوا" بالعين المهملة. وفي د: "ممزّق" ولعل كليهما تصحيف، (ص).

- وكان سبب قتله رضي الله عنه أنه امتنع من البيعة ليزيد بن معاوية، وذهب إلى الكوفة بعد أن كاتبه أهلها ليبايعوه، وكان أميرها عبيد الله بن زياد، فقاتله حتى قتله وتسعة عشر من أهل بيته. انظر: تاريخ الطبري (5/ 400)، البداية والنهاية (8/ 152)، أسد الغابة (2/ 20 - 22).

ص: 488

1774 -

وَهُوَ الَّذِي فِي يَوْمِ حَرَّتِهم أبَا

حَ حِمَى المدِينَةِ مَعْقِلَ الإيمَانِ

1775 -

حَتَّى جَرَتْ تِلكَ الدِمَاءُ كأنَّها

فِي يَوْمِ عِيدٍ سُنَّةُ القُرْبَانِ

1776 -

وَغَدَا لَهُ الحَجَّاجُ يَسْفِكُهَا وَيقْـ

ـتُلُ صَاحِبَ الإيمَانِ والقُرْآنِ

1777 -

وَجَرَى بمكَّةَ مَا جَرَى مِنْ أَجْلهِ

مِنْ عَسْكَرِ الحَجَّاجِ ذِي العُدْوانِ

1774 - كذا في ف، ح، طع. وفي غيرها:"يوم حربهم" وهو تصحيف.

- وكانت وقعة الحرة سنة ثلاث وستين بين أهل المدينة ويزيد بن معاوية، وسببها أن أهل المدينة خلعوا يزيد وطردوا عاملها، فأرسل إليهم جيشًا بقيادة مسلم بن عقبة المزني، وأمرهم بالدخول في طاعته فأبوا فقاتلهم قتالًا شديدًا فهزم أهل المدينة، وقتل منهم خلقًا كثيرًا، واستباحها لمدة ثلاثة أيام وحصل فساد عظيم. والله المستعان.

انظر: تاريخ الطبري (5/ 482)، البداية والنهاية (8/ 220).

1776 -

"له": أي لأجل التأويل الفاسد.

- هو حجاج بن يوسف بن أبي عقيل الثقفي: كان هو وأبوه من شيعة بني أمية، وكان من ولاتهم الظلمة، قتل خلقًا كثيرًا ظلمًا وعدوانًا، منهم التابعي الجليل: سعيد. بن جبير رحمه الله، قال عنه الذهبي: "كان ظلومًا جبارًا سفاكًا للدماء مُعَظِّمًا للقرآن، له حسنات مغمورة في بحر ذنوبه، مات سنة خمس وتسعين. انظر: تهذيب التهذيب (2/ 184)، سير أعلام النبلاء (4/ 343). يشير الناظم إلى أن الحجاج قتل كثيرًا من العلماء أصحاب العلم، وكان على رأسهم التابعي العالم المفسِّر سعيد بن جبير رحمه الله.

1777 -

يشير رحمه الله إلى محاصرة جند عبد الملك بن مروان -الخليفة الأموي- بقيادة الحجاج مكة، وكان فيها ابن الزبير -الذي بويع بالخلافة له من أهل الحجاز- ومن معه. وسبب ذلك أن عبد الملك يريدهم أن يدخلوا في طاعته فأبوا، فضربت الكعبة بالمنجنيق، وقتل خلق كثير، وفيها قتل ابن الزبير، وكان ذلك سنة ثلاث وسبعين.

انظر: تاريخ الطبري (5/ 496)، البداية والنهاية (8/ 334).

ص: 489

1778 -

وَهُوَ الَّذِي أَنْشَا الخَوَارجَ مِثْلَما

أنْشَا الرَّوافِضَ أَخْبَثَ الحَيَوَانِ

1779 -

ولأجْلِهِ شَتَمَوا خِيارَ الخَلْقِ بَعْـ

ـدَ الرُّسْلِ بالعُدْوَانِ والبُهْتَانِ

1780 -

ولأجْلِهِ سَلَّ البُغَاةُ سُيُوفَهُمْ

ظَنًّا بأنَّهُمُ ذَوُو إحْسَانِ

1781 -

ولأجْلِهِ قَدْ قَالَ أَهْلُ الاعْتزَا

لِ مَقَالَةً هَدَّتْ قُوَى الإيمَانِ

1778 - "وهو الذي": يعني التأويل الفاسد.

- "أنشا": بتسهيل الهمزة للوزن.

الخوارج: سموا بذلك لخروجهم على عليٍّ رضي الله عنه لأنه رضي بتحكيم الحكمين -في زعمهم- فكفروا عليًا ومعاوية وعثمان وكل من رضي بالتحكيم، ويقولون بتكفير مرتكب الكبيرة وتخليده في النار، والخروج على الأئمة بالسيف، ويقال لهم: الحرورية والشراة. من أشهر فرقهم: النجدات، الأزارقة، الإباضية. مقالات الإسلاميين ( 1/ 167 )، الملل والنحل ( 1/ 114 )، الفرق بين الفرق ص 49.

- الروافض: تقدم التعريف بهم في التعليق على مقدمة المؤلف.

1779 -

خيار الخلق بعد الرسل هم: الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. وتأويل الرافضة الفاسد في شتمهم للصحابة وتكفيرهم هو كما قال أبو الحسن الأشعري في مقالاته (1/ 89): "وهم مجمعون -يعني الرافضة- على أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على استخلاف "علي" باسمه وأظهر ذلك وأعلنه، وأن أكثر الصحابة ضلّوا بتركهم الاقتداء به بعد وفاته صلى الله عليه وسلم

".

- ف: "بالبهتان والعدوان".

1780 -

ب، د، س:"سلّوا".

- البغاة: "قوم من أهل الحق، يخرجون عن قبضة الإمام، ويرومون خلعه لتأويل سائغ، وفيهم مَنَعة، يحتاج في كفهم إلى جمع جيش" ا. هـ المغني لابن قدامة (10/ 52). وانظر: مجموع الفتاوى (35/ 53)، لسان العرب (14/ 78).

1781 -

أهل الاعتزال تقدم التعريف بهم في التعليق على مقدمة المؤلف.

ص: 490

1782 -

ولأجْلِهِ قَالُوا بأنَّ كَلَامَه

سُبْحَانَهُ خَلْقٌ مِنَ الأكْوَانِ

1783 -

ولأجْلِهِ قَدْ كَذَّبَتْ بِقَضَائِه

شِبْهَ المجُوسِ العَابِدِي النِّيرَانِ

1782 - وقد تقدم تحت البيت رقم (1329) ذكر نصوصهم في خلق القرآن، وانظر مقالات الإسلاميين (1/ 267).

أما تأويلهم الفاسد: فنفي الصفات، والقول بخلق القرآن مبني على الأصل الفاسد عند أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم في إثبات الصانع. وقد سبق ردّ الناظم عليه في فصل مستقل. انظر البيت (1012) وما بعده.

ومن تأويلاتهم التي لأجلها قالوا بخلق القرآن:

استدلالهم بقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16] والقرآن يدخل تحت عموم "كل شيء". وخلاصة رد أهل السنة عليهم بما يلي:

- أن عموم "كل" بحسبه، ولا بد لها من تقييد يفهم من قرينة الكلام كما قال تعالى:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25]، فالريح لم تدمر المساكن مع أنه قال:"كل شيء" لأنه قال بعدها: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف: 25] فدل على أن التدمير إنما كان على الكفار، وكذلك قوله عن ملكة سبأ:{وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23]، ومعلوم أنها لم تؤت ملك سليمان، وكذلك قوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} فلا يمكن إدخال نفس الله سبحانه في هذا العموم.

وشبهاتهم كثيرة يطول المقام بذكرها والرد عليها ولعل فيما ذكرته كفاية.

انظر تفصيل ذلك في شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص 528، مختصر الصواعق ص 435، شرح الطحاوية (1/ 178)، مجموع الفتاوى (12/ 522)، (8/ 412)، درء التعارض (2/ 99)، العواصم والقواصم لابن الوزير (4/ 385)، العقيدة السلفية في كلام رب البريَّة لعبد الله الجديع ص 283 - 296.

1783 -

يشير الناظم إلى المعتزلة حينما نفوا القدر، وقالوا إن العبد يخلق فعل نفسه (انظر: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص 323)، جعلوا العبد -بقولهم هذا- شريكًا لله في أخص صفات الربوبية وهي صفة الخلق =

ص: 491

1784 -

ولأجْلِهِ قَدْ خَلّدُوا أهْلَ الكَبَا

ئِرِ فِي الْجَحِيمِ كَعَابِدِي الأوْثَانِ

1785 -

ولأجْلِهِ قَدْ أنْكَرُوا لِشَفَاعَةِ الْـ

ـمُخْتَارِ فِيهِمْ غَايَةَ النُّكْرَانِ

= فشابهوا المجوس القائلين بإلهين النور والظلمة.

وتأويلهم الفاسد في ذلك أنهم قالوا: لو أثبتنا أن الله هو الخالق لأفعال العباد لكان من الظلم أن يعاقبهم على أمر هو خلقه ليس لهم فيه حيلة وسَمّوا ذلك "عدلًا". انظر: الملل والنحل (1/ 45)، شفاء العليل لابن القيم ص 114.

وانظر: ما تقدم ذكره تحت البيت رقم (1332).

1784 -

انظر ما سبق في التعليق على البيت رقم (1333).

- ومن تأويلاتهم الفاسدة أيضًا: أنهم أخذوا بأحاديث الوعيد من غير جمع لها مع أحاديث الوعد، وقالوا إن مرتكب الكبيرة من أهل النار خالدًا فيها إذ ليس في الآخرة إلا فريقان: فريق في الجنة وفريق في السعير. انظر شرح الأصول الخمسة ص 657، الملل والنحل (1/ 48)، الفرق بين الفرق ص 82.

ويكفي في الرد عليهم تواتر الأحاديث التي تدل على خروج أهل الكبائر من النار.

1785 -

في الأصل: "الشافعية"، وفي ظ:"الشفاعة للمختار" كلاهما تحريف.

- تقدم الكلام على إنكار المعتزلة لشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الكبائر من أمته تحت البيت رقم (1334).

وتأويلهم الفاسد في ذلك أن بعض النصوص التي وردت في الكفار جعلوها في حق عصاة أهل القبلة كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} [البقرة: 48]. ومعلوم أن النفس في الآية التي لا تنال الشفاعة هي نفس الكافر، قال القرطبي:"أجمع المفسرون على أن المراد بالنفس هي نفس الكافر لا كل نفس" ا. هـ الجامع لأحكام القرآن (1/ 379)، وانظر: تفسير الطبري (1/ 268).

وذكر شيخ الإسلام أن أحاديث الشفاعة متواترة (مجموع الفتاوى (1/ 149)).

ص: 492

1786 -

ولأجْلِهِ ضُرِبَ الإمَامُ بِسَوْطِهِمْ

صِدِّيقُ أَهْلِ السُّنَّةِ الشَّيبَانِي

1787 -

ولأجْلِهِ قَدْ قَالَ جَهْمٌ لَيْسَ رَبُّ

م العَرْشِ خَارجَ هَذِهِ الأكْوَانِ

1788 -

كَلَّا وَلَا فَوْقَ السَّمَواتِ العُلى

والعَرْشِ مِنْ رَبٍّ وَلَا رحْمنِ

1789 -

مَا فَوْقَهَا رَبٌّ يُطَاعُ جبَاهُنَا

تَهْوِي لَهُ بِسُجُودِ ذِي خُضْعَانِ

1790 -

وَلأجْلِهِ جُحِدَتْ صِفَاتُ كمَالِهِ

والعَرْشُ أخْلَوْهُ مِنَ الرَّحْمنِ

1786 - يعني الإمام أحمد بن حنبل الشيباني إمام أهل السنة، وقد تقدمت ترجمته في التعليق على مقدمة المؤلف.

- يشير الناظم إلى ما امتحن به الإمام أحمد من قبل المعتزلة لكي يقول بخلق القرآن، وقد ضرب بالسياط وسجن وأوذي، ولكنه صبر وثبت، رحمه الله. وقد تقدم الكلام على محنته. انظر: البيت رقم (1386).

1787 -

تقدمت ترجمة جهم تحت البيت (40).

1788 -

يشير الناظم في هذين البيتين إلى إنكار جهم لعلو الله على خلقه واستوائه على العرش.

- قال علي بن المديني: "أنا كلمت أستاذهم جهمًا فلم يثبت أن في السماء إلهًا" نقله عنه البخاري في خلق أفعال العباد برقم (23) ص 16.

- وأخرج عبد الله ابن الإمام أحمد بسنده في السنة (1/ 168 برقم (191) عن علي بن عاصم بن علي قال: "ناظرت جهمًا فلم يثبت أن في السماء ربًّا جل ربنا عز وجل وتقدس".

وسوف يشير الناظم عند البيت رقم (2402) إلى أن جهمًا يتمنى أنه لو حك آية الاستواء من المصحف. انظر: مختصر الصواعق ص 306، سير أعلام النبلاء للذهبي (6/ 26).

1789 -

خُضْعَان: مصدر خضع، كالخضوع.

1790 -

يعني الجهمية أتباع جهم، وقد نفوا الصفات عن الله لشبه وتأويلات كثيرة أهمها: أنهم أثبتوا وجود الله بطريقة فاسدة جرّتهم إلى نفي الصفات. انظر الكلام عليها في البيت (1003).

ومما قاله جهم في نفيه الصفات ما نقله عنه الأشعري في المقالات =

ص: 493

1791 -

ولأجْلِهِ أَفْنَى الجَحِيمَ وجَنَّةَ الـ

ـمَأْوَى مَقَالَةَ كاذِبٍ فَتَّانِ

1792 -

ولأَجْلِهِ قَالَ: الإلةُ مُعَطَّلٌ

أَزلًا بِغَيْرِ نِهَايَةٍ وَزَمَانِ

1793 -

ولأجْلِهِ قَدْ قَالَ لَيسَ لِفعْلِهِ

مِنْ غَايةٍ هِيَ حِكْمَةُ الدَّيَّانِ

1794 -

ولأجْلِهِ قَدْ كَذّبُوا بِنُزُولِهِ

نَحْوَ السَّمَاءِ بِنِصْفِ لَيْلٍ ثَانِ

= (1/ 338): "لا أقول إن الله شيء لأن ذلك تشبيه له بالأشياء".

وانظر: الفرق بين الفرق ص 159، ودرء التعارض (1/ 276)، مختصر الصواعق ص 124.

1791 -

ومن ضلالات جهم: القول بفناء الجنة والنار، وهذا مما تفرد به الجهم بن صفوان كما نص على ذلك الأشعري في مقالاته (1/ 338)، وانظر: التنبيه والرد للملطي ص 112. وتأويله الفاسد في ذلك: أنه منع التسلسل في الماضي والتسلسل في المستقبل فقال: إنه لا بد من فناء حتى ينقطع التسلسل في الحوادث في المستقبل. انظر: الملل والنحل (1/ 87 - 88)، الفرق بين الفرق ص 158، شرح الطحاوية (1/ 621). وانظر ما سبق في البيت (77) وما بعده.

1792 -

طع: (قالوا).

- انظر الكلام عليه فيما سبق في البيت (73) ثم البيت (956) وما بعده.

1793 -

انظر ما سبق في البيت (59).

ونفي الحكمة في أفعال الله تابع الجهم عليها الأشاعرة ويقولون إن الله يفعل بمجرد المشيئة وشبهتهم في ذلك: أن إثبات الحكمة يلزم منه أن يكون الله محتاجًا لهذا الأمر وهذا نقص.

انظر: رسالة إلى أهل الثغر ص 77، ورد ابن القيم على هذه الشبهة في شفاء العليل ص 417.

1794 -

قال الناظم في الصواعق (المختصر ص 124): "إنه لو قام به صفة لكان جسمًا ولو كان جسمًا لكان حادثًا (إلى أن قال)، وعلى هذه الطريقة أنكروا علوه على عرشه، وتكلمه بالقرآن ورؤيته بالأبصار ونزوله إلى سماء الدنيا كل ليلة". =

ص: 494

1795 -

ولأجْلِهِ زَعَمُوا الكِتَابَ عِبَارةً

وَحِكَايةً عَنْ ذَلِكَ القُرْآنِ

1796 -

مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ سِوَى المخْلُوقِ والْـ

ـقُرْآنُ لَمْ يُسْمَعْ مِنَ الرَّحْمنِ

1797 -

مَاذَا كَلَامَ اللهِ قَطُّ حَقِيقَةً

لكِنْ مَجَازٌ وَيحَ ذي البُهْتَانِ

= - يشير إلى ما ورد في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعًا بشأن نزول الرب إلى سماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل وقد تقدمت إشارة الناظم إليه في البيت رقم (447) وتقدم تخريجه والكلام عليه. وانظر البيتين (1209، 1725).

1795 -

يعني الأشاعرة والكلابية. وفي الأصل: "زعم". وقد سبق تفصيل أقوالهم في البيت (571) وما بعده.

- قوله: "عبارة": وهذا هو مذهب الأشاعرة في كلام الله، أن الموجود في المصاحف إنما هو عبارة عن كلام الله، وأمَّا ألفاظه فهي من جبريل أو محمد. مجرد المقالات لابن فورك ص 64، الإرشاد للجويني ص 127، مختصر الصواعق ص 411، درء التعارض (2/ 107).

- قوله: "وحكاية": وهذا مذهب الكلابية أتباع ابن كلاب: الذين قالوا إن الموجود هو حكاية عن كلام الله. مختصر الصواعق ص 410، درء التعارض (2/ 17).

وتأويلهم الفاسد في ذلك: أنهم جاؤوا للرد على المعتزلة في قولهم: "أن الكلام المضاف إلى الله تعالى خلق له أحدثه وأضافه إلى نفسه إضافة مخلوق إلى خالقه إضافة تشريف كما تقول: "خلق الله، وعبد الله". قال شيخ الإسلام نقلًا لكلام السجزي: "فضاق بابن كلاب وأضرابه النَفَسَ عند هذا الإلزام لقلة معرفتهم بالسنن وتركهم قبولها وتسليمهم العنان إلى مجرد العقل

" درء التعارض (2/ 84).

1796 -

يشير إلى قول الأشاعرة والكلابية في أن ألفاظ القرآن مخلوقة.

قال الناظم في الصواعق (مختصر ص 413) حاكيًا مذهبهم الفاسد: "عندهم -أي الأشاعرة والكلابية- أن الله تعالى لم يكلم موسى، وإنما اضطره إلى معرفة المعنى القائم بالنفس من غير أن يسمع منه كلمة واحدة". وانظر: الدرء (2/ 114).

1797 -

طت، طه:(ذا).

ص: 495

1798 -

ولأجْلِهِ قُتِلَ ابنُ نَصْرٍ أحْمَدٌ

ذَاكَ الخُزَاعيُّ العَظِيمُ الشَّانِ

1799 -

إذْ قَالَ ذَا القُرْآنُ نفسُ كَلَامِهِ

مَا ذَاكَ مَخْلُوقًا مِنَ الأكْوَانِ

1800 -

وَهُوَ الَّذِي جَرّا ابْنَ سِينَا والأُلَى

قَالُوا مَقَالَتَهُ عَلَى الكُفْرانِ

1801 -

فَتَأوَّلُوا خلْقَ السَّمَواتِ العُلى

وحُدُوثَهَا بِحَقِيقَةِ الإمْكَانِ

1802 -

وتأوّلُوا عِلْمَ الإِلهِ وَقَوْلَهُ

وَصِفَاتِهِ بِالسَّلْبِ وَالبُطْلَانِ

1798 - هو أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي، المروزي، أبو عبد الله: الإمام الكبير الشهيد، قتله الواثق بيده لأنه لم يجبه إلى القول بخلق القرآن، وكان أمّارًا بالمعروف، وقيل إنه اجتمع معه خلق كثير ببغداد للخروج على عاملها، ولكنه قبض عليه قبل ذلك فالله أعلم. وكانت وفاته سنة إحدى وثلاثين ومائتين. البداية والنهاية (10/ 316)، السير (11/ 166)، الأنساب للسمعاني (2/ 358).

- طع: (أحمدا)، وهو خطأ.

1800 -

"جرّا": أصلها: "جَرّأ" ولكن سهلت الهمزة للضرورة.

- ابن سينا: تقدمت ترجمته تحت البيت رقم (94).

1801 -

يشير الناظم إلى اعتقاد الفلاسفة ومن تبعهم بقدم العالم ويقولون إنه محدث: أي معلول لعلة قديمة، وأن العالم مفتقر إلى الله لإمكان افتقار المعلول إلى علته، وقالوا: إن العلة التامة يجب أن يقارنها معلولها ولا يتأخر عنها، وقال شيخ الإسلام: إن التعبير بلفظ الحدث عن هذا المعنى لا يعرف عن أحد من أهل اللغات ولا غيرهم إلا من هؤلاء الفلاسفة الذين ابتدعوه.

انظر: الإشارات والتنبيهات لابن سينا (صم 448)، درء التعارض (1/ 126)، (3/ 169)، (4/ 247)، الصفدية لشيخ الإسلام (1/ 10).

1802 -

والمعنى أنهم نفوا صفاته -سبحانه- وعلمه، فهم يقولون: إنه حي، عليم، قدير، مريد، متكلم، سميع، بصير، ويقولون: إن ذلك كله شيء واحد، فإرادته عين قدرته، وقدرته عين علمه، وعلمه عين ذاته.

وأصلهم في ذلك: أنه ليس له صفة ثبوتية بل صفاته إما سلب كقولهم: =

ص: 496

1803 -

وتأوَّلُوا البَعْثَ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ

رُسُلُ الإلةِ لِهَذِهِ الأبدَانِ

1804 -

بِفراقِهَا لِعَنَاصِرٍ قَدْ رُكِّبتْ

حَتَّى تَعُودَ بَسِيطَةَ الأرْكَانِ

1805 -

وَهُوَ الَّذِي جَرَّا القَرامِطَةَ الأُلَى

يَتأوَّلُونَ شَرَائِعَ الإيمَانِ

= "ليس بجسم"، وإما إضافة كقولهم:"مبدأ وعلة"، وإما مؤلف منهما كقولهم:"معقول وعاقل وعقل"، ومضمون هذه العبارات وأمثالها -كما قال شيخ الإسلام- نفي الصفات، وهؤلاء منتهاهم أن يقولوا: موجود بشرط الإطلاق، أو بشرط نفي الأمور الثبوتية كما قال ابن سينا وأتباعه. انظر: النجاة لابن سينا ص 249، وما بعدها، درء التعارض (1/ 285)، الصفدية (1/ 86).

1803 -

وتأويل الفلاسفة وعلى رأسهم ابن سينا للمعاد أنه للأرواح فقط دون الأبدان.

يقول ابن سينا: "

فإذا بطل أن يكون المعاد للبدن وحده، وبطل أن يكون للبدن والنفس، وبطل أن يكون للنفس على سبيل التناسخ، فالمعاد إذًا للنفس وحدها" الأضحوية في المعاد لابن سينا ص 126، وانظر: درء التعارض 911، ومجموع الفتاوى 4/ 216 - 311، الصفدية 2/ 266، شرح الطحاوية 2/ 589، إغاثة اللهفان 2/ 562.

1804 -

ومراد الناظم: أن تأويل الفلاسفة للمعاد بأنه معاد للأرواح دون الأبدان يكون بفراق الروح للبدن وهي مجردة عن المادة وهو معنى قوله: "بسيطة الأركان".

1805 -

القرامطة: تقدم التعريف بهم تحت البيت رقم (786).

وأما تأويل القرامطة لشرائع الإيمان فهم يقولون: "إن للإسلام والقرآن باطنًا يخالف الظاهر فيقولون: الصلاة عند العامة هي الصلاة المعروفة، وعند الخاصة فالصلاة في حقهم: معرفة أسرارنا، والصيام: كتمان أسرارنا، والحج: السفر إلى زيارة شيوخنا

إلخ من تأويلاتهم الباطنية" ا. هـ بتصرف. مجموع الفتاوى (13/ 236) وما بعدها، درء التعارض (5/ 383)، الصواعق المرسلة (2/ 638).

ص: 497

1806 -

فَتَأوَّلُوا العَمَليَّ مِثْلَ تأوُّلِ الْـ

ـعِلْمِيِّ عِنْدَكُمُ بِلَا فُرْقَانِ

1807 -

وَهُوَ الَّذِي جَرَّا النَّصِيرَ وَحِزْبَهُ

حَتَّى أتَوْا بعَسَاكِرِ الكُفْرَانِ

1808 -

فَجَرَى عَلَى الإسْلَامِ أَعْظَمُ مِحْنَةٍ

وَخُمَارُهَا فِينَا إلَى ذَا الآنِ

1809 -

وَجَمِيعُ مَا فِي الْكَوْنِ مِنْ بِدَعٍ وأحْـ

ـدَاثٍ تُخَالِفُ مُوجَبَ القُرْآنِ

1810 -

فَأسَاسُهَا التأوِيلُ ذُو البُطلَانِ لَا

تأوِيلُ أَهْلِ العِلْمِ والإيمَانِ

1811 -

إذْ ذَاكَ تَفْسِيرُ المُرَادِ وكشْفُهُ

وَبَيَانُ مَعْنَاهُ إلى الأذْهَانِ

1812 -

قَدْ كَانَ أعْلَمُ خَلْقِهِ بِكَلَامِهِ

صَلَّى عَلَيْهِ اللهُ كُلَّ أَوَانِ

1813 -

يتأوَّلُ القُرْآنَ عِنْدَ رُكُوعِهِ

وَسُجُودِهِ تَأوِيلَ ذِي بُرْهَانِ

1806 - ومراد الناظم بالأمور العلمية: الأمور الاعتقادية النظرية، كإثبات الصفات والرؤية وغيرها.

يقول الناظم لأهل التأويل ونفاة الصفات: وإن تأويلكم للأمور العلمية هو الذي فتح لهؤلاء الباب وجرّأهم على التأويل في الشرائع العملية.

انظر: الصواعق (2/ 400)، (3/ 1096)، مناهج الأدلة لابن رشد ص 176 وما بعدها.

1807 -

النصير الطوسي: تقدمت ترجمته تحت البيت رقم (487). وقد ذكر الناظم ما فعله الطوسي بالمسلمين في البيت (930) وما بعده.

1808 -

الخُمَار: -بالضم- في الأصل: بقية السُّكْرِ، والصداع والداء العارض من الخمر، ومراد الناظم أن آثارها ما زالت باقية إلى عصره. لسان العرب (4/ 255)، المفردات للراغب ص 299.

1809 -

الموجَب، بالفتح: المقتضَى، (ص).

1811 -

يشير الناظم إلى معنى التأويل عند أهل الحق وهو: التفسير.

وسيشير مرة أخرى في البيت (2069) وما بعده إلى معنى التأويل وشواهده.

1813 -

ب: "البرهان". ويشير الناظم إلى الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها =

ص: 498

1814 -

هَذَا الَّذِي قَالَتْهُ أمُّ المؤْمِنيـ

ـنَ حِكَايَةً عَنْهُ لَهَا بِلِسَانِ

1815 -

فَانْظُرْ إلَى التأويلِ مَا تَعْنِي بِهِ

خَيرُ النِّسَاءِ وَأَفْقَهُ النِّسْوَانِ

1816 -

أتَظُنُّهَا تَعْنِي بِهِ صَرْفًا عَنِ الْـ

ـمَعْنَى الْقَويِّ لِغَيرِ ذِي الرُّجْحَانِ

1817 -

وانظُرْ إلَى التأْويلِ حين يقول عَلِّـ

ـمْهُ لِعبدِ الله فِي القُرْآنِ

= قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" يتأول القرآن. أخرجه البخاري في كتاب الأذان- باب التسبيح والدعاء في السجود برقم (817)، ومسلم في كتاب الصلاة برقم (484). يتأول القرآن: أي يفعل ما أمر به فيه (الفتح 2/ 299).

والمقصود ما جاء في سورة النصر من قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} [النصر: 3]. كما جاء عن عائشة رضي الله عنها في البخاري -كتاب التفسير- باب سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ

} برقم (4967).

1814 -

هي عائشة بنت أبي بكر الصديق، أم عبد الله، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأحب أزواجه إليه، ولم يتزوج بكَرًا غيرها، وهي المبرأة من فوق سبع سماوات، وأمها "أم رومان" بنت عامر بن عويمر الكنانية، ولدت قبل البعثة بأربع سنين أو خمس، وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وهي بنت ست سنين وبنى بها وهي بنت تسع، وهي أعلم النساء على الإطلاق كما قال ذلك الحافظ ابن كثير، وكما أشار إليه الناظم. كانت وفاتها سنة ثمان وخمسين -عند الأكثر- وقيل سبع رضي الله عنها وأرضاها -.

الإصابة (4/ 359)، البداية والنهاية (8/ 95).

1816 -

يشير إلى التأويل في اصطلاح المتكلمين وهو: "صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به".

انظر: درء التعارض (1/ 14، 206)، (5/ 383)، مجموع الفتاوى (13/ 288)، شرح الطحاوية (1/ 255).

1817 -

يشير الناظم في هذا البيت إلى الحديث الصحيح الذي دعا فيه النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما فقال: "اللهم فَقِّهْهُ في الدين وعلمه التأويل".=

ص: 499

1818 -

ماذا أراد به سوى تفسيرِه

وظهورِ معناه لَهُ بِبَيَانِ

1819 -

قَوْلُ ابنِ عبَّاسٍ هُوَ التَّأوِيلُ لَا

تَأْوِيلُ جَهْمِيٍّ أخِي بُهْتَانِ

1820 -

وَحَقِيقَةُ التَّأوِيل مَعْنَاهُ الرُّجُو

عُ إِلَى الحَقِيقَةِ لَا إلَى البُطْلَانِ

1821 -

وَكَذَاكَ تَأْوِيلُ المنَامِ حَقِيقَةُ الْـ

ـمَرْئِيِّ لَا التَّحريفُ بالبُهْتَانِ

1822 -

وَكَذاكَ تأوِيلُ الَّذِي قَدْ أخْبَرَتْ

رُسُلُ الإله بِهِ مِنَ الإيمَانِ

1823 -

نَفْسُ الحَقِيقَةِ إذْ تُشَاهِدُهَا لَدَى

يَوْمِ المعَادِ برُؤْيةٍ وَعِيَانِ

= والحديث أصله في الصحيحين من غير زيادة "وعلمه التأويل". أخرجه البخاري في الوضوء - باب وضع الماء عند الخلاء برقم (143)، ومسلم في فضائل الصحابة برقم (2477).

بهذا اللفظ الذي أشار إليه الناظم أخرجه أحمد في المسند ( 1/ 314 ، 266، 328، 335)، وفي فضائل الصحابة (1858)، والطبراني في الكبير برقم (10614)، (12506)، وفي الصغير (1/ 197)، والفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 493 - 494)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان 15/ 531 برقم (7555))، والطبري في تهذيب الآثار برقم (263) في مسند عبد الله بن عباس (الجزء الأول).

1821 -

والناظم يشير في هذا البيت إلى مثال من الأمثلة التي جاء بها القرآن حول معنى التأويل الذي هو حقيقة ما يؤول إليه اللفظ، فتأويل الرؤيا هو وقوعها حقيقة مشاهدة كما أخبر الله عن يوسف حينما قال:{يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} [يوسف: 100] أي ما وقع من سجود أبويه وإخوته هو الأمر الذي آلت إليه رؤياه. انظر مجموع الفتاوى (17/ 365)، (13/ 290). وانظر البيت (2069) وما بعده.

1822 -

ب، د، ظ:(التي) وهو خطأ.

1823 -

ومن أمثلة التأويل بمعنى الحقيقة التي يؤول إليها الكلام: ما أخبرت به الرسل عن اليوم الآخر فيكون تأويل كلامهم هو نفس ما تشاهده في ذلك اليوم. كما قال تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ} [الأعراف: 53] انظر مجموع الفتاوى (17/ 364)، درء التعارض (1/ 206).

ص: 500

1824 -

لا خُلْفَ بَيْن أئِمَّةِ التّفسيرِ فِي

هَذَا وذلك واضِحُ التِّبِيانِ

1825 -

هَذَا كَلَامُ اللهِ ثُمَّ رسُولِهِ

وأئِمّةِ التّفْسِيرِ لِلْقرْآنِ

1826 -

تَأويلُهُ هُوَ عِنْدَهُمْ تَفْسِيرُهُ

بالظَّاهِرِ المفْهُومِ للأذْهَانِ

1827 -

مَا قَالَ مِنْهُم قَطُّ شَخْصٌ وَاحِدٌ

تَأويلُهُ صَرْفٌ عَنِ الرُّجْحَانِ

1828 -

كَلَّا وَلَا نَفْيُ الحَقِيقَةِ لَا ولَا

عَزْلُ النُّصُوصِ عَنِ اليَقِينِ فَذَانِ

1829 -

تأْوِيلُ أهْلِ البَاطِلِ المردُودِ عِنْـ

ـدَ أئمّة الإيمان والعرفانِ

1830 -

وَهُوَ الَّذِي لَا شَكَّ فِي بُطْلَانِهِ

واللهُ يَقْضي فِيهِ بالبُطْلَانِ

1831 -

فَجَعَلْتُمُ لِلَّفظِ مَعْنىً غَيْرَ مَعْـ

ـنَاهُ لَديهمْ باصْطِلَاحٍ ثَانِ

1832 -

وَحَمَلْتُمُ لَفْظَ الكِتَابِ عَلَيْهِ حَتَّـ

ـى جَاءكُمْ مِنْ ذَاكَ مَحْذُورَانِ

1833 -

كَذِبٌ عَلَى الألفَاظِ مَعْ كَذِبٍ عَلَى

مَنْ قَالَهَا كَذِبَان مقْبُوحَانِ

1824 - ط: (واضح البرهان). وهذا البيت مقدّم على البيت السابق في (طه).

1826 -

قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية (1/ 253 - 254): "والتأويل في كلام كثير من المفسرين كابن جرير ونحوه، يريدون به تفسير الكلام وبيان معناه، سواء وافق ظاهره أو خالف، وهذا اصطلاح معروف، وهذا التأويل كالتفسير يحمد حقه، ويرد باطله" ا. هـ.

انظر: مجموع الفتاوى (13/ 288)، الصواعق (1/ 178).

1827 -

يشير الناظم إلى أن إجماع السلف على عدم القول بالتأويل بالمعنى الذي اصطلح عليه المتكلمون وقد عزا هذا الإجماع إلى ابن قدامة في الصواعق (1/ 179 - 180)، وهو موجود عند ابن قدامة في كتابه ذم التأويل ص 40.

1828 -

أي لم يقل أحد منهم بنفي حقائق الألفاظ بأنها مجاز، أو بأن النصوص أدلة لفظية لا تفيد اليقين كما قال أهل التأويل الباطل وقد تقدمت الإشارة إلى هذا مرارًا.

1829 -

كذا في الأصل و (ف). وفي غيرهما: "العرفان والإيمان".

1833 -

يشير الناظم في هذا البيت وما يليه من أبيات إلى أن المعطلة يلزمهم عند تأويلهم للنصوص أربعة محاذير وذكر في هذا البيت محذورين:

- الأول: كذب على الألفاظ، وذلك بتأويلها وصرفها عن ظاهرها وقد عبّر =

ص: 501