المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في مقالات(1)الفلاسفة والقرامطة(2)في كلام الرب جل جلاله - نونية ابن القيم الكافية الشافية - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصلٌ في ذكرِ مذهبِ أهلِ الحديث

- ‌فصلٌ في إلزامِهم القولَ بنفي الرّسالةِ إذا انتفتْ صفة الكلام

- ‌فصلٌ في التَّفريقِ بينَ مَا يضافُ إلى الرَّبِّ تعالى(1)من الأوْصَافِ(2)والأعْيانِ

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ في مقالات(1)الفلاسفةِ والقَرامِطَةِ(2)فِي كلامِ الرَّبِّ جل جلاله

- ‌فصلٌ في مقالاتِ طوائفِ الاتّحاديَّةِ في كلامِ الرَّبِّ جل جلاله

- ‌فصلٌ

- ‌مسألة العذر بالجهل

- ‌فصلٌ في الرد على الجَهْمِيَّةِ المعطِّلةِ القائلينَ بأنَّه ليسَ علي العرشِ إلهٌ يُعبَد، ولا فوقَ السماء(1)إله يُصلّى لهُ ويُسْجَد(2)، وبيان فسادِ قولهمْ عقلًا ونقلًا ولغةً وفطرةً

- ‌فصلٌ في سياق هذا الدَّليلِ(1)على وجْهٍ آخرَ

- ‌فصلٌ في الإشارةِ إلي الطُرقِ النَّقليَّةِ الدَّالّة على أنَّ اللَّهَ سُبْحَانَه(1)فوق سماواته على عرشِهِ

- ‌فصلٌ فِي الإشَارة إلى ذلك من السنة

- ‌فصلٌ فيمَا يلزم مدعي التَّأويل لِتصحّ دعواه

- ‌فصلٌ في تشبيه(1)المحرِّفينَ للنصوصِ باليهودِ وإرثهم التَّحريفَ منهم، وبراءةِ أهلِ الإثباتِ مما رموهم به من هذا الشَّبه

- ‌فصلٌ في بيان تدليسهم وتَلْبِيسهم الحقَّ بالباطِل

- ‌فصلٌ في المطالبةِ بالفرقِ بينَ ما يُتأوَّلُ ومَا لا يُتأَوَّلُ

- ‌فصلٌ في ذكرِ فرق آخر لهمْ(1)وبيانِ بطلانِهِ

- ‌فصلٌ في بيان(1)مخالفةِ طريقهمْ لطريق أهلِ الاستقامةِ(2)نقلًا وعقلًا

- ‌فصلٌ في بيانِ كذبِهم ورمْيهم أهلَ الحقِّ بأنَّهم أشباهُ الخَوارجِ وبيانِ شَبَهِهمْ المحقَّق بالخوارجِ

- ‌فصلٌ فِي تلقيبهِمْ أهلَ السُّنَّةِ بالحشويةِ وبيانِ منْ أوْلَي بالوصفِ المذمومِ منْ هذا اللَّقبِ مِنَ الطَّائفتين وذكرِ أوَّلِ من لَقَّبَ بهِ أهلَ السُّنَّةِ مِن أهلِ البدعِ

- ‌فصلٌ فِي بيانِ عُدْوانِهمْ فِي تلقيبِ أهلِ القرآنِ والحديثِ بالمجَسِّمَةِ، وبيانِ أَنَّهمْ أَوْلى بكلِّ لقبٍ خبيثٍ

- ‌فصلٌ فِي بيانِ موردِ أهلِ التَّعْطيلِ وأنَّهمْ تعوَّضوا بالقَلُّوطِ(1)عن موردِ السَّلْسَبِيل

- ‌فصلٌ فِي بيانِ هدْمِهمْ لقواعدِ الإِسلامِ والإِيمانِ بعزْلهمْ نصوصَ السُّنَّةِ والقُرْآنِ

- ‌فصلٌ في إبطالِ(1)قول الملحدينَ إنَّ الاستدلالَ بكلام الله ورسولِهِ لا يفيدُ العلمَ واليقينَ

- ‌فصلٌ في تنزيهِ أهلِ الحديثِ وحَمَلَةِ(1)الشَّريعةِ عَنِ الألْقابِ القَبيحَةِ والشَّنِيعَةِ

- ‌فصلٌ في نُكْتةٍ بديعةٍ تُبَيِّنُ ميراثَ الملقِّبينَ والملقَّبينَ(1)من المشركينَ والموحّديِن

- ‌فصلٌ(1)في جوابِ الرَّبِّ تبارك وتعالى(2)يومَ القيامة إذا سألَ المعَطِّلَ والمُثْبِتَ(3)عن قولِ كلِّ واحدٍ منهما

- ‌[فصلٌ]

- ‌فصلٌ في تحميلِ أهلِ الإِثْبَاتِ لِلمعطِّلِينَ شهادَةً تؤدَّى عندَ رَبِّ العَالَمينَ

- ‌فصلٌ في عهودِ المثبتينَ لِرَبِّ العالمينَ

- ‌فصلٌ في شهادةِ أهلِ الإثباتِ على أهلِ التعطيل أنَّه ليسَ في السَّماءِ إلهٌ(1)ولَا لِلَّه بيننا كلامٌ ولا في القبرِ رَسولٌ

- ‌فصلٌ فيما احتجُّوا بهِ على حياةِ الرُّسُلِ في القبورِ

- ‌فصلٌ في أحكام هذِهِ التَّراكيبِ السِّتةِ

الفصل: ‌فصل في مقالات(1)الفلاسفة والقرامطة(2)في كلام الرب جل جلاله

783 -

فاللَّفْظُ يَصلُحُ مَصدَرًا هُوَ فِعْلُنَا

كَتَلَفُّظٍ بِتلَاوَةِ القُرآنِ

784 -

وَكَذاكَ يَصلحُ نَفْسَ مَلْفُوظٍ بِهِ

وَهْوَ القُرَانُ فذَانِ مُحْتَمَلَانِ

785 -

فلِذَاكَ أنْكَرَ أحمَدُ الإطْلَاقَ فِي

نَفْيٍ وإثْبَاتٍ بِلَا فُرْقَانِ

* * *

‌فصلٌ في مقالات

(1)

الفلاسفةِ والقَرامِطَةِ

(2)

فِي كلامِ الرَّبِّ جل جلاله

786 -

وأتَى ابنُ سِينَا القِرمِطِيُّ مُصَانِعًا

للمُسلِمِينَ بإِفْكِ ذِي بُهْتَانِ

= غيره .. والذي قصده أحمد أن اللفظ يراد به أمران:

أحدهما: الملفوظ نفسه وهو غير مقدور للعبد ولا فعل له.

الثاني: التلفظ به والأداء له وهو فعل العبد.

فإطلاق الخلق على اللفظ قد يوهم المعنى الأول وهو خطأ، وإطلاق نفي الخلق عليه قد يوهم المعنى الثاني وهو خطأ فمنع الإطلاقين". اهـ.

مختصرًا، مختصر الصواعق 2/ 489.

783 -

ف: "هو لفظنا".

(1)

كذا في الأصل وطع. وفي طت: "كلام". وفي غيرها: "مقالة".

(2)

القرامطة: هم أتباع حمدان القرمطي وكان رجلًا متواريًا صار إليه أحد دعاة الباطنية ودعاه إلى معتقده فقبل دعوته، ثم صار يدعو الناس إليها وضلَّ بسببه خلق كثير، وكان ظهورهم في عام 281 هـ في خلافة المعتضد، ودخلوا مكة سنة 317 هـ، واقتلعوا الحجر الأسود، وقتلوا المسلمين في الحرم. وقد أعيد الحجر الأسود إلى مكة سنة 339 هـ على يد أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي النيسابوري رحمه الله. انظر اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص 108، وأخبار القرامطة في الأحساء جمع وتحقيق ودراسة: د. سهيل زكار، مقالات الإسلاميين 1/ 100 - 101، التنبيه والرد للملطي ص 20 وما بعدها، منهاج السنة 8/ 258، الفرق بين الفرق ص 306، تلبيس إبليس ص 121 - 123.

786 -

تقدمت ترجمة ابن سينا في التعليق على البيت 94. =

ص: 239

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= - كان ابن سينا على مذهب القرامطة وهو يصرح بذلك، كما ذكر عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما تكلم على الفلاسفة قال:"ولكن هؤلاء سلكوا مسلك القرامطة الباطنية، وهم من المتفلسفة المنتسبين إلى الإسلام، وكان ابن سينا يقول: "كان أبي من أهل دعوتهم، ولذلك قرأت كتب الفلاسفة" اهـ. بغية المرتاد ص 183.

وقال ابن القيم رحمه الله: "وكان ابن سينا كما أخبر عن نفسه قال: أنا وأبي من أهل دعوة الحاكم، فكان من القرامطة الباطنية الذين لا يؤمنون بمبدأ ولا معاد ولا رب خالق ولا رسول مبعوث" اهـ. إغاثة اللهفان 2/ 266، وانظر درء تعارض العقل والنقل 1/ 10، نقض المنطق لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 133، الرد على المنطقيين لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 141 - 143، والصفدية لشيخ الإسلام ص 3 (حاشية المحقق). وانظر نص كلام ابن سينا في كتاب "نكت في أحوال الشيخ الرئيس ابن سينا" للكاشي.

المصانعة: المداهنة والمخادعة.

من كيد ابن سينا ومصانعته للمسلمين أنه حاول الجمع بين الدين والفلسفة مع التعصب الشديد للفلسفة، فقام بتأويل النصوص الشرعية بما يتفق مع روح الفلسفة، فهو يلوي النص ويخرجه عن معناه الحقيقي كي يتمشى مع المعاني الفلسفية. وقد أفرد في ذلك رسالة خاصة في إثبات النبوات وتأويل رموزهم، ومثال ذلك الوحي وكلام الله، فابن سينا يفسره أنه: إفاضة العقل الكلي الفعال على نفس النبي الذي ينتهي إليه التفاضل في الصور المادية، والرسالة عنده هي: ما قبل من الإفاضة المسماة وحيًا على أي عبارة استصوبت لصلاح عالمي البقاء والفساد علمًا وسياسة. والرسول هو المبلغ ما استفاد من الإفاضة المسماة وحيًا على عبارة استصوبت ليحصل بآرائه صلاح العالم الحسي بالسياسة والعالم العقلي بالعلم. انظر رسالة في إثبات النبوات وتأويل رموزهم لابن سينا ص 84 ضمن مجموع تسع رسائل لابن سينا، فيصرح هنا أن عبارات الوحي ما هي إلا ألفاظ استصوبها الرسول للتعبير بها عما أوحي إليه أي: أن الرسول قد تلقى عن الفيض الفعال معاني عبر عنها بألفاظ من عنده. =

ص: 240

787 -

فَرَآهُ فَيضًا فَاضَ مِنْ عَقْلٍ هُوَ الـ

ـفَعَّالُ عِلَّةُ هَذِهِ الأكْوَانِ

788 -

حَتَّى تلَقَّاهُ زَكيٌّ فَاضِلٌ

حَسَنُ التَّخَيُّلِ جَيِّدُ التِّبيَانِ

= وعندما تكلم عن تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} [النور: 35]، ذكر تأويلات تتفق مع مقصده الفلسفي فقد جعل ألفاظ الآية رمزًا وإشارة للنفوس والعقول التي يتحدث عنها الفلاسفة فجعل (النور): رمزًا للخير ليكون الله هو الخير، و (السموات والأرض): الكُلُّ -وهو تعبير الفلاسفة عن العالم-، و (المشكاة): العقل الهيولاني كاستعداد النطق والإدراك وهو من أقسام العقل عند إرسطو، و (المصباح): العقل المستفاد بالفعل بعد التحول من استعداده، و (الزجاجة): الواسطة وهي العقل الفعال التي بين العقل الهيولاني والعقل المستفاد بالفعل، و (الشجرة المباركة): القوة الفكرية التي هي مادة الأفعال العقلية، و (لا شرقية ولا غربية): إشارة إلى اعتدال القوة الفكرية المتلقية للوحي (ولو لم تمسسه نار): مدح للقوة الفكرية فالنار هي العقل الكلي المدبر للعالم المشاهد فهو وإن لم يمس القوة الفكرية بالاتصال والإفاضة فهي لقوة صفائها تكاد أن تعرف الحقائق من غير إفاضة.

انظر: رسالته المذكورة ص 85 - 87، الجانب الإلهي في التفكير الإسلامي د. محمد البهي ص 213 - 214، مقدمة التحقيق لكتاب بغية المرتاد لشيخ الإسلام ص 72 - 76.

787 -

ويعني الفلاسفة بمصطلح "العقل الفعال": الرب عز وجل ويسمونه علة هذه الأكوان والمخلوقات معلولة له. انظر كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي 3/ 1036.

788 -

هذا مذهب ابن سينا في كلام الله. قال في رسالته العرشية ص 12: " .. فوصفه بكونه متكلمًا لا يرجع إلى ترديد العبارات ولا إلى أحاديث النفس والفكرة المتخيلة المختلفة التي العبارات دلائل عليها، بل فيضان العلوم منه على لوح قلب النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة القلم النقاش الذي يعبر=

ص: 241

789 -

فأتَى بِهِ لِلعَالَمِينَ خَطَابَةً

ومَوَاعِظًا عَرِيَتْ عنِ البُرهَانِ

790 -

مَا صَرَّحَتْ أخْبَارُهُ بالحَقِّ بَلْ

رَمَزَتْ إِليهِ إِشَارَةً لِمَعَانِ

= عنه بالعقل الفعال والملك المقرب هو كلامه. فالكلام عبارة عن العلوم الخاصة للنبي صلى الله عليه وسلم والعلم لا تعدد فيه ولا كثرة {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر: 50] بل التعدد إما أن يقع في حديث النفس أو الخيال والحس. فالنبي يتلقى علم الغيب من الحق بواسطة الملك، وقوة التخيل تتلقى تلك وتتصورها بصورة الحروف والأشكال المختلفة، وتجد لوح النفس فارغًا فتنتقش تلك العبارات والصور فيه، فيسمع منها كلامًا منظومًا، ويرى شخصًا بشريًا، فذلك هو الوحي، لأنه إلقاء الشيء إلى النبي بلا زمان، فيتصور في نفسه الصافية صورة الملقى والملقى كما يتصور في المرآة المجلوة صورة المقابل. فتارة يعبر عن ذلك المنتقش بعبارة العبرية وتارة بعبارة العرب، فالمصور واحد والمظهر متعدد. فذلك هو سماع كلام الملائكة ورؤيتها. وكل ما عبر عنه بعبارة واقترنت بنفس الصور، فذلك هو آيات الكتاب، وكل ما عبر عنه بعبارة نقشية فذلك هو أخبار النبوة" أ. هـ عن كتاب ابن تيمية السلفي لهراس ص 113.

789 -

يزعم الفلاسفة: أن الرسل أتوا بكلام خطابي يؤثر في الجمهور ويحرك عواطفهم من غير أدلة ولا براهين، وسيأتي تفصيل ذلك فيما يأتي من أبيات.

790 -

مقالة الفلاسفة في كلام الله تعالى -كما تقدم من كلام ابن سينا- أنه فيض فاض من العقل الفعال على النفوس الفاضلة الزكية بحسب استعدادها فحدث لها بسببه تصورات وتصديقات بحسب ما قبلته منه، ولهذه النفوس ثلاث قوى: قوة التصور وقوة التخيل وقوة التعبير فتدرك بقوة تصورها من المعاني ما يعجز عنه غيرها، وتدرك بقوة تخيلها شكل المعقول في صورة المحسوس، فتصور المعقول صورًا نورانية تخاطبها وتكلمها بكلام تسمعه الآذان، وهو عندهم كلام الله، ولا حقيقة له في الخارج وإنما ذلك من القوة الخيالية الوهمية. وزعموا: أن ما جاء به=

ص: 242

791 -

وخِطَابُ هَذَا الخَلْقِ والجُمْهُورِ بالـ

ـحَقِّ الصَّرِيحِ فَغَيرُ ذِي إمْكَانِ

792 -

لَا يَقْبَلونَ حَقَائِقَ المَعْقُولِ إلا

في مِثَالِ الحِسِّ والأَعْيَانِ

793 -

وَمَشَاربُ العُقَلاءِ لَا يَرِدُونَهَا

إلا إذَا وُضعَتْ لَهُم بأَوانِ

794 -

مِنْ جِنْسِ مَا أَلِفَتْ طِبَاعُهُمُ مِنَ الـ

ـمَحْسُوسِ في ذَا العَالَمِ الجُثْمَانِي

795 -

فأتَوْا بِتَشْبِيهٍ وتَمْثِيلٍ وتَجْـ

ـسِيمٍ وتخْيِيلٍ إلَى الأذْهَانِ

796 -

ولِذَاكَ يَحْرُمُ عِنْدَهُم تأْوِيلُهُ

لَكِنَّهُ حِلٌّ لِذِي العِرفَانِ

= الرسول صلى الله عليه وسلم إنما أراد به خطاب الجمهور بما يخيل إليهم مما ينتفعون به من غير أن يكون الأمر في نفسه كذلك، ومن غير أن تكون الرسل بينت الحقائق. انظر مختصر الصواعق 1/ 127، 2/ 473، 503، 511، شرح حديث النزول (تحقيق الخميس) ص 421، الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 65 - 66، درء تعارض العقل والنقل 2/ 304 - 305، رسالة في إثبات النبوات وتأويل رموزهم لابن سينا ص 84 - 87 وقد تقدم نقل كلام ابن سينا في ذلك، في التعليق على البيت 786.

791 -

طع: "هذا الحق"، وهو تحريف.

793 -

يعني الفلاسفة بالعقلاء أنفسهم فإنهم الذين يستطيعون فهم الحقائق، كما سيأتي نقل كلامهم.

الأواني: جمع آنية، والآنية جمع إناء.

794 -

يزعم الفلاسفة: أن خطاب الرسل لجمهور الناس بالحق الواضح المبين الصريح غير ممكن لأن عقول العامة قاصرة عن فهم الحقائق العقلية فلا بد من تصويرها لهم في صور تألفها طباعهم وتدركها عقولهم. انظر المراجع السابقة في البيت 790.

795 -

"فأتوا": يعني: الرسل. ويجوز أن يضبط بالبناء للمجهول "فأُتُوا" يعني العامة. (ص).

796 -

"تأويله": يعني: يحرم تأويل كلام الأنبياء للعامة. (ص).

ص: 243

797 -

فإِذَا تَأوَّلْناهُ كَانَ جِنَايَةً

مِنَا وَخَرقَ سِيَاجِ ذَا الْبُسْتَانِ

798 -

لَكِنْ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ أَنْ قَدْ أَتَوْا

بالكِذْبِ فيهِ مَصَالِحُ الإنْسَانِ

799 -

والفَيلَسُوفُ وَذَا الرَّسُولُ لَدَيْهِمُ

مُتَفَاوِتَانِ وَمَا هُمَا عِدْلَانِ

800 -

أمَّا الرَّسُولُ فَفَيلَسُوفُ عَوَامِهِم

وَالفَيلَسُوفُ نَبيُّ ذِي البُرهَانِ

797 - السياج: في الأصل هو السور الذي يحيط بالبستان. والمقصود هنا: أن تأويل كلام الرسل أمام العامة خرق لسياج بستان الشرع. وهذا كله تعبير الناظم عن موقف ابن سينا وأمثاله وما قالوه مصانعة للمسلمين وتلبيسًا عليهم، ولذلك كشف في البيت التالي عن حقيقة هذا القول الخادع. (ص).

798 -

أي: حقيقة قول الفلاسفة أن الأنبياء قد أتوا بالكذب لمصلحة الناس (ص). ط: "عند مصالح الإنسان".

799 -

عِدلان: مثلان.

800 -

حذف الشدة من "عوامّ" للضرورة. (ص).

- الفيلسوف عند الفلاسفة أعلى مرتبة من النبي، لأن النبي إنما هو للعامة يدعوهم ويربيهم، أما الفيلسوف فهو الذي يربي الخاصة من أصحاب العقول والمدارك ويكشف لهم البراهين والحقائق. وكذلك فإن المعدن الذي يأخذ منه النبي عندهم هو العقل الفعال والقوة الفعلية التي يسمونها القوة القدسية، فالفيلسوف يختص بالقوة الفعلية والنبي يختص بقوة المخيلة، قال الفارابي في معرض كلامه عن اكتساب النبي واكتساب الفيلسوف:"فيكون الله عز وجل يوحي إليه بتوسط العقل الفعال فيكون ما يفيض من الله تبارك وتعالى إلى العقل الفعال يفيضه العقل الفعال إلى عقله المنفعل بتوسط العقل المستفاد ثم إلى قوته المتخيلة فيكون بما يفيض منه إلى عقله المنفعل حكيمًا فيلسوفًا ومتعقلًا على التمام، وبما يفيض منه إلى قوته المتخيلة نبيًا منذرًا بما سيكون ومخبرًا بما هو الآن من الجزئيات بوجود يعقل فيه الإلهي" آراء أهل المدينة الفاضلة ص 78، وانظر بغية المرتاد لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 227، شرح حديث النزول ص 421، نقض المنطق ص 131 - 132.

ص: 244

801 -

والْحَقُّ عِنْدَهُمُ فَفِيمَا قَالَهُ

أتْبَاعُ صَاحِبِ مَنْطِقِ اليُونَانِ

802 -

وَمَضَى عَلَى هَدي المقَالَةِ أمَّةٌ

خَلْفَ ابْنِ سِينَا فاغْتَذَوْا بِلِبَانِ

803 -

مِنْهُم نَصِيرُ الكُفْرِ فِي أصْحَابِهِ

النَّاصِرِينَ لِمِلَّةِ الشَّيطَانِ

804 -

فَاسْألْ بِهِم ذَا خِبرةٍ تَلْقَاهُمُ

أَعْدَاءَ كُلِّ مُوَحِّدٍ رَبَّانِي

805 -

[واسْألْ بِهِم ذَا خِبرةٍ تَلْقَاهُمُ

أَعْدَاءَ رُسْلِ الله والقُرآنِ]

801 - المنطق: عرفه التهانوي بأنه علم بقوانين تفيد معرفة طرق الانتقال من المعلومات إلى المجهولات وشرائطها بحيث لا يعرض الغلط في الفكر. كشاف اصطلاحات الفنون 1/ 33. وعرفه ابن خلدون بقوله: قوانين يعرف بها الصحيح من الفاسد في الحدود والمعرفة للماهية والحجج المفيدة للتصديقات. المقدمة ص 908. والمقصود بصاحب منطق اليونان: أرسطو. وقد غلا أصحاب المنطق في تحكيم عقولهم وقياساتها والاعتداد بمقدمات ونتائج توصلوا إليها دون النظر إلى أحكام الشريعة وضوابط الدين، فلم ينج أكثرهم من الإلحاد والزندقة. وقد ردّ عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية وفنّد أقوالهم وهدم قوانينهم في كتابيه "الرد على المنطقيين" و"نقض المنطق". وانظر الملل والنحل 3/ 527 وما بعدها.

802 -

اللِّبان: الرضاع. يعني: أنهم كانوا على مشرب ابن سينا.

803 -

يعني: نصير الدين الطوسي، وقد تقدمت ترجمته في التعليق على البيت: 487، وسيأتي في كلام الناظم رحمه الله ما قام به الطوسي من كيد للإسلام والمسلمين في البيت: 930 وما بعده.

805 -

ورد هذا البيت في الأصل قبل البيت السابق، وكتب من قابله بنسخة الشيخ تحت "رسل الله":"كل موحد"، وتحت "القرآن":"رباني"، مع علامة صح تحت الكلمتين، و"نسخة الشيخ" بينهما. ثم كتب فوق البيت الثاني الذي هو الأول هنا:"زائد عن نسخة الشيخ وهو معنى البيت الذي قبله". ويدل هذا على أن الناظم غيّر عجز البيت، فكان أولًا:"أعداء رسل الله والقرآن"، فاستبدل به فيما بعد:"أعداء كل موحد رباني". ولكن ورد البيتان كلاهما في نسخة ف أيضًا مثل سائر النسخ. (ص).

ص: 245

806 -

صُوفِيُّهُم عَبدُ الوُجوُدِ المطْلَقِ الـ

ـمَعْدُومِ عَنْدَ العَقْلِ فِي الأَعْيَانِ

807 -

أَوْ مُلْحِدٌ بالاتحَادِ يَدينُ لَا التَّـ

ـوحِيدِ، مُنْسَلِخٌ مِنَ الأدْيَانِ

808 -

مَعْبُودُهُ مَوْطُوؤه فِيهِ يَرَى

وَصْفَ الجَمَالِ وَمَظْهَرَ الإحْسانِ

809 -

اللهُ أكبَرُ كَم عَلَى ذَا المذْهَبِ الـ

ـمَلْعُونِ بَينَ النَّاسِ مِنْ شِيخَانِ

806 - الصوفي: نسبة إلى الصوفية وقد اختلف في سبب هذه التسمية والأقرب أنه نسبة إلى اشتهارهم بلبس الصوف كما ذكر شيخ الإسلام وغيره، والمراد بالتصوف (في الأصل): التنسك والعبادة والزهد في الدنيا وتفريغ القلب من سوى الله، وهم طوائف متعددة أصولها متقاربة إن لم تكن واحدة، وكان التصوف في بدايته زهدًا وعبادة ثم صار حركات ومظاهر مبتدعة ثم تحول إلى إلحاد وزندقة كما قال الواسطي: كان للقوم إشارات ثم صارت حركات ثم لم يبقَ إلا حسرات، وقد ضلّ فريق من الصوفية عن دين الله فقالوا: بالحلول ووحدة الوجود وإباحة المحرمات وترك الواجبات وعلم الباطن. انظر مجموع فتاوى ابن تيمية 11/ 6 - 7، 19 - 20، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص 97، مصرع التصوف للبقاعي ص 19 وما بعدها.

- كذا ضبط "عبدُ" في نسخة ف بالرفع على أنه خبر، وهو الصواب. (ص). الوجود المطلق عند الصوفية هو الذي لا يتقيد بشيء لا باسم ولا صفة ولا بأي مقيد أو مخصص، وهذا في الحقيقة لا وجود له إلا في الذهن ولا وجود له في الخارج، والعارف عندهم من يعبد هذا الوجود، وإذا خصصه بشيء وقع في الضلال، كما ذكر الناظم في البيت:296.

وانظر درء تعارض العقل والنقل 3/ 438، والمراجع السابقة، وراجع ما تقدم من كلام ابن عربي في البيتين: 289 و 295 وما بعدهما.

807 -

تقدم التعريف بمذهب الاتحادية ونقل كلامهم والرد على باطلهم في البيت: 289 وما بعده.

808 -

تقدم حكاية كلام ابن عربي وأنه يرى أن الواطئ والموطوء شيء واحد، فما ثم غير الله، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا. انظر البيت 285.

809 -

شيخان: جمع شيخ مثل ضيف وضيفان. اللسان 3/ 31.

ص: 246

810 -

يَبغُونَ مِنْهُم دَعْوَةً ويقَبِّلُو

نَ أيَادِيًا مِنْهُم رَجَا الغُفْرَانِ

811 -

وَلَوَ انَّهُم عَرَفُوا حَقِيقَةَ أمْرِهِم

رَجَمُوهُمُ لَا شَك بالصَّوَّانِ

812 -

فابْذُرْ لَهُم إنْ كُنْتَ تَبْغِي كَشْفَهُم

وَافْرِشْ لَهُم كَفًّا مِنَ الأتْبَانِ

813 -

وَاظْهَر بِمظْهَرِ قَابلٍ مِنْهُم وَلَا

تَظْهَر بِمَظْهَرِ صَاحِبِ النُّكْرانِ

814 -

وَانْظُر إلَى أَنْهارِ كُفْرٍ فُجِّرتْ

وَتَهُمُّ لَوْلَا السَّيْفُ بالجَرَيَانِ

* * *

810 - "الغفران": في حاشية الأصل أن في نسخة: "العرفان"(ص)، يعني: أن عامة الناس وجهلتهم يغترون بهؤلاء الشيوخ لما يظهرون من الزهد والتعبد، ويغفلون عن فساد معتقدهم وضلال طريقتهم، وقد يتقربون إلى هؤلاء المشايخ بأنواع القرب والتبجيل ولو علموا حقيقة أمرهم لرجموهم بالحجارة.

811 -

الصوان: حجارة صلبة إذا مسته النار فقَّع تفقيعًا وتشقق. اللسان 13/ 251.

812 -

بَذَر الحَبّ: نثره. والأتبان: جمع تِبْن، وهو ما تهشّم من سيقان القمح والشعير بعد درسه، تعلفه الماشية. يعني إذا أردت أن تكشف مذهبهم ويفضوا لك بما عندهم من الحقائق والعجائب فدارهم وأظهر الموافقة والتصديق، وقد شبههم الناظم رحمه الله بالأنعام التي تتبع كل من داراها ونثر لها طعامها وقد يكون في اتباعها له حتفها.

814 -

يعني: أنك إذا أظهرت لهم الموافقة ووثقوا أنك من أتباعهم كشفوا لك أسرارهم التي هي الكفر المحض، ولولا خوفهم من القتل والأذى من أهل الحق لكشفوا مذهبهم ودعوا الناس إليه صراحة. قال الإمام أحمد رحمه الله عن الجهمية:"لا يؤمنون بشيء ولكن يدفعون عن أنفسهم الشنعة بما يقرون في العلانية". الرد على الجهمية ص 105. وقال أبو الحسن الأشعري في الإبانة أثناء كلامه عن الجهمية: "فمنعهم خوف السيف من إظهارهم نفي ذلك" الإبانة ص 113، وتقدم نقل كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية في هذا المعنى في التعليق على البيت رقم 498.

ص: 247