الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1044 -
عَرَفُوا الَّذِي يُفْضي إِلَيْهِ قَوْلُهُمْ
…
ودليلُهمْ بحقيقَةِ العِرْفَانِ
1045 -
وأخُو الجهَالَةِ فِي خُفَارَةِ جَهْلِهِ
…
والجهْلُ قَدْ يُنْجِي منَ الكُفْرَانِ
* * *
= السمع، كما قال تعالى:{إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10)} [الصافات: 10] تفسير الطبري مجلد 12/ ج 23/ 40، اللسان 1/ 240، 510. ومراد الناظم هنا: أن ردود العلماء من أهل السنة على هؤلاء المتكلمين جاءت قوية واضحة مفحمة حتى صارت في قوتها كالشهبان والصواعق.
وقد أورد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ردّه على دليل المتكلمين في إثبات الصانع حججًا ساقها الآمدي، ثم ردّ عليه من عدة أوجه. انظر درء تعارض العقل والنقل 4/ 27 وما بعدها.
1044 -
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو يبين فساد هذا الدليل: "بل المحققون على أنها طريقة باطلة التزم جهم لأجلها فناء الجنة والنار، والتزم لأجلها أبو الهذيل انقطاع حركات أهل الجنة، والتزم قوم لأجلها -كالأشعري وغيره- أن الماء والهواء والتراب له طعم ولون وريح ونحو ذلك، والتزم قوم لأجلها ولأجل غيرها أن جميع الأعراض كالطعم واللون وغيرهما لا يجوز بقاؤها بحال .. والتزم طوائف من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم لأجلها نفي صفات الرب مطلقًا أو نفي بعضها .. إلى أمثال ذلك من اللوازم التي التزمها من طرد مقدمات هذه الحجة التي جعلها المعتزلة ومن اتبعهم أصل دينهم" أ. هـ باختصار درء تعارض العقل والنقل 1/ 39 - 41.
1045 -
الخفارة بتثليث الخاء: الأمان والذمة، اللسان 4/ 253.
- يشير رحمه الله بقوله: "والجهل قد ينجي من الكفران" إلى أن بعض من يقع منه مخالفة لأوامر الدين أو وقوع في بعض صور الشرك أو الكفر قد يعذر بجهله، و
مسألة العذر بالجهل
فيها كلام طويل لأهل العلم، ولعلي أتكلم عن هذه المسألة بشيء من التوسع والتفصيل ولا أُعتَبَر بذلك خرجت عن صُلْبِ الموضوع الأصلي وذلك لأن بعض الناس يعتذر عن الجهمية =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والمعتزلة وغيرهم من فرق الضلال ويقول: هؤلاء جهال ولم يجدوا من يعلمهم، ويُعذَرون بجهلهم، ونحو ذلك، ورأيت أن أفصل هذه المسألة في هذه النقاط:
الأولى: المقصود بالجهل: خلو النفس من العلم، كما قال سبحانه:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: 78].
الثانية: الجهل أمر أصلي ينبغي رفعه حسب الاستطاعة، قال الإمام ابن عبد البر ت 463 هـ:"ومن أمكنه التعلم ولم يتعلم أثم" التمهيد لابن عبد البر 4/ 140، وقال الإمام القرافي أحمد بن إدريس المالكي ت 684 هـ:"القاعدة الشرعية دلت على أن كل جهل يمكن المكلف دفعه لا يكون حجة للجاهل فإن الله تعالى بعث رسله إلى خلقه برسائله وأوجب عليهم كافة أن يعلموها ثم يعملوا بها، فالعلم والعمل بها واجبان، فمن ترك التعلم والعمل وبقي جاهلًا فقد عصى معصيتين بتركه واجبين" الفروق للقرافي 4/ 264.
الثالثة: أن العذر بالجهل له اعتبار في مسألة التكفير بالنسبة لمن يغلب عليه التلبس به كمن أسلم حديثًا ومن نشأ في البادية ونحوها، قال الإمام البخاري ت 256 هـ: كل من لم يعرف الله بكلامه أنه غير مخلوق فإنه يعلم ويرد جهله إلى الكتاب والسنة، فمن أبى بعد العلم به كان معاندًا. قال تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)} [النساء: 115]، خلق أفعال العباد ص 61. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ت 728 هـ:"من دعا غير الله وحج إلى غير الله فهو مشرك، والذي فعله كفر، لكن قد لا يكون عالمًا بأن هذا شرك محرم كما أن كثيرًا من الناس دخلوا في الإسلام من التتار وغيرهم، وعندهم أصنام لهم وهم يتقربون إليها ويعظمونها، ولا يعلمون أن ذلك محرم في دين الإسلام، ويتقربون إلى النار أيضًا ولا يعلمون أن ذلك محرم، فكثير من أنواع الشرك قد يخفى على بعض من دخل في الإسلام ولا يعلم أنه شرك" أ. هـ. الرد على الاخنائي ص 61 - 62 باختصار يسير. وقال في موضع آخر: "إن تكفير المعين وجواز قتله =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها وإلا فليس كل من جهل شيئًا من الدين يكفر". الرد على البكري ص 258.
ولعل من أظهر الأدلة في اعتبار الجهل عذرًا ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن رجلًا لم يعمل خيرًا قط، فقال لأهله إذا مات فأحرقوه ثم اذروا نصفه في البر ونصفه في البحر، فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذابًا لا يعذبه أحدًا من العالمين، فلما مات الرجل، فعلوا به كما أمرهم، فأمر الله البر فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه، فإذا هو قائم بين يديه، ثم قال: لمَ فعلت هذا؟ قال: من خشيتك يا رب وأنت أعلم فغفر الله له" أخرجه البخاري 6/ 514 ح 3478، فتح كتاب أحاديث الأنبياء، ومسلم ج 17/ 70 نووي- كتاب التوبة، باب سعة رحمة الله.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإن هذا الرجل جهل قدرة الله على إعادته ورجا أنه لا يعيده بجهل ما أخبر به من الإعادة، ومع هذا لما كان مؤمنًا بالله وأمره ونهيه ووعده ووعيده، خائفًا من عذابه، وكان جهله بذلك جهلًا لم تقم عليه الحجة التي توجب كفر مثله، غفر الله له، ومثل هذا كثير في المسلمين، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يخبر بأخبار الأولين ليكون ذلك عبرة لهذه الأمة" الصفدية 1/ 233.
الرابعة: عندما نقرر أن للعذر بالجهل اعتبارًا في مسألة التكفير، لا يعني هذا أن الجهل مقبول لكل من ادعاه، بل من الناس من لا يعذر بجهله، قال الإمام الشافعي ت 204 هـ:"إن من العلم ما لا يسع بالغًا غير مغلوب على عقله جهله مثل الصلوات الخمس وأن لله على الناس صوم شهر رمضان وحج البيت إذا استطاعوه، وزكاة في أموالهم وأنه حرم عليهم الزنا والقتل والسرقة والخمر وما كان في معنى هذا" الرسالة ص 357. ومن المعلوم أن العذر بالجهل تتعلق به عدة أمور منها نوعية المسألة المجهولة، كأن تكون من المسائل الخفية، وكذلك حال الجاهل كحديث العهد بالإسلام أو الناشئ في البادية، ومن حيث حال البيئة ففرق بين وجود =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= مظنة العلم أو عدمه. وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ت 1206 هـ: "إن الذي لم تقم عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالإسلام والذي نشأ ببادية، أو يكون ذلك في مسألة خفية مثل الصرف والعطف، فلا يكفر حتى يعرف، وأما أصول الدين التي أوضحها الله في كتابه فإن حجة الله هي القرآن، فمن بلغه فقد بلغته الحجة" مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب 3/ 11، (فتاوى)، وقال في موضع آخر:"إن الشخص المعين إذا قال ما يوجب الكفر فإنه لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها، وهذا في المسائل الخفية التي قد يخفى دليلها على بعض الناس. وأما ما يقع منهم في المسائل الظاهرة الجلية، أو ما يعلم من الدين بالضرورة فهذا لا يتوقف في كفر قائله، ولا تجعل هذه الكلمة عكازة تدفع بها في نحر من كفر البلدة الممتنعة عن توحيد العبادة والصفات بعد بلوغ الحجة ووضوح المحجة" الدرر السنية 8/ 244.
الخامسة: أن العذر بالجهل فيمن وقعوا في الكفر أو الشرك لا يعني نفي الكفر والشرك عنهم وهو ظاهر عليهم، وحكمهم الدنيوي أنهم كفار ومشركون، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"أخبر الله تعالى عن هود أنه قال لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ} [هود: 50] فجعلهم مفترين قبل أن يحكم بحكم يخالفونه لكونهم جعلوا مع الله إلهًا آخر، فاسم المشرك ثبت قبل الرسالة، فإنه يشرك بربه ويعدل به، ويجعل معه آلهة أخرى، ويجعل له أندادًا قبل الرسول .. وأما التعذيب فلا" مجموع الفتاوى 20/ 37 - 38، وقال ابن القيم رحمه الله ت 751 هـ:"الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر، وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول، هذا في الجملة، والتعيين موكول إلى علم الله وحكمه، هذا في أحكام الثواب والعقاب، وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر، فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم" طريق الهجرتين ص 413.
وجاء في فتوى للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية =