الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
693 -
مَعَ تِلْوِهَا أَيْضًا وَمَعْ "حم" مَعْ
…
"يس" وافْهَم مُقْتَضَى القُرآنِ
* * *
فصلٌ في إلزامِهم القولَ بنفي الرّسالةِ إذا انتفتْ صفة الكلام
(1)
694 -
واللهُ عز وجل مُوصٍ آمِرٌ
…
نَاهٍ مُنَبٍّ مُرسِلٌ لِبَيَانِ
693 - يعني: سورة السجدة، قال تعالى في افتتاح سورة السجدة:{الم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} [السجدة: 1، 2].
- السور التي افتتحت بـ "حم" هي: غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف. وفي كلها يأتي بعد الأحرف المقطعة خبر عن القرآن.
- قال تعالى في افتتاح سورة "يس": {يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)} [يس: 1، 2].
(1)
في طع: وضع هنا عنوان الفصل التالي، وهذا العنوان هناك. وهو خطأ (ص).
694 -
"موص": يدل عليه قوله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: 131]. وقال تعالى: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ} [الأنعام: 151، 152، 153].
"آمر": يدل عليه قوله تعالى: {أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [يوسف: 40].
"ناه": يدل عليه قوله تعالى: {وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النحل: 90].
"منبّ": طع: "مثيب"، ولعل الشارح ظن ما جاء في الأصل تحريفًا، لأنه رأى هذه الصفة مكررة في البيت التالي. ولكن كلمة "مثيب" لا تصح هنا، لأنه لا صلة له بصفة الكلام. (ص). وأصل "مُنَبٍّ": منبئ بإثبات الهمزة، ولكنه حذف الهمزة تسهيلًا. ويدل على وصف الله تعالى بذلك قوله تعالى:{قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} [التحريم: 3].
"مرسل": يدل عليه قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4].
695 -
وَمُخَاطِبٌ ومُحَاسِبٌ وَمُنَبِّئٌ
…
وَمُحَدِّثٌ ومُخَبِّرٌ بالشَّانِ
696 -
ومُكَلِّمٌ مُتَكَلِّمٌ بَلْ قَائِلٌ
…
ومحَذِّرٌ ومبَشِّرٌ بأَمَانِ
697 -
هَادٍ يَقُولُ الحقَّ مُرشِدُ خَلقِه
…
بكلَامِهِ لِلحَقِّ والإِيمَانِ
695 - الخطاب والمخاطبة: مراجعة الكلام وقد خاطبه بالكلام مخاطبة وخطابًا وهما يتخاطبان. اللسان 1/ 361، ويدل عليه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وقد تقدم سياقه في التعليق على البيت 672.
"محاسب": يدل عليه قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284].
"منبئ": كذا في جميع النسخ، ولكنه إن صحّ كان تكرارًا لصفة "مُنَبٍّ" المذكورة في البيت السابق، من غير فائدة في هذا التكرار. فأخشى أن تكون الكلمة محرّفة عن "مُبيِّن". وقد وردت هذه الصفة كثيرًا في القرآن الكريم، فلا ينبغي أن يفوت الناظم ذكرها في هذا المقام (ص).
"محدث": يدل عليه قوله تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثًا} [النساء: 87].
"مخبر": يدل عليه حديث عائشة رضي الله عنها في خروجه صلى الله عليه وسلم ليلًا لزيارة أهل البقيع والدعاء لهم وأن عائشة تبعته وفيه: أنه صلى الله عليه وسلم قال لعائشة لما رجع فرآها رابية النفس: "ما لكِ يا عائشة حشْياء رابية" قالت: قلت: لا شيء، قال:"لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير .. " الحديث. رواه مسلم 7/ 43 نووي في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول المقابر والدعاء لأهلها.
تقدم سياق الأدلة على كلام الله تعالى في التعليق على الأبيات: 665 وما بعدها.
"محذّر": يدل عليه قوله تعالى: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} [المنافقون: 4] وقال: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 30].
"مبشر": يدل عليه قوله تعالى: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21)} [التوبة: 21].
697 -
د: "أبدًا يقول".
ب، ظ:"بقول الحق"، ولم يضبط أوله في ف. =
698 -
فإذا انْتَفَتْ صِفَةُ الكَلَامِ فكُلُّ هَـ
…
ـذَا منْتَفٍ متحقِّقُ البُطْلَانِ
699 -
وإِذَا انْتَفَتْ صِفَةُ الكَلَامِ كَذَلِكَ الـ
…
إرْسَالُ مَنْفِيٌّ بِلَا فُرْقَانِ
700 -
فرِسَالةُ المبعوثِ تبليغٌ كَلَا
…
مَ المرسِلِ الداعِي بِلَا نُقْصَانِ
701 -
وحَقِيقَةُ الإرسَالِ نفْسُ خطَابِهِ
…
للمرْسَلينَ وإنَّهُ نَوْعَانِ
702 -
نَوعٌ بغَيرِ وَسَاطَةٍ ككَلَامِهِ
…
مُوسَى وجبرِيلَ القريبَ الدَّانِي
703 -
مِنهُ إِلَيهِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابِهِ
…
إذْ لَا تَراهُ هاهُنا العَينَانِ
= - يدل عليه قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: 4]. "مرشد": كذا في الأصل. وفي غيره: "يُرشد". (ص). يدل عليه قوله تعالى: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} [الجن: 1، 2].
698 -
الصفات المتقدمة كلها تنتفي بانتفاء صفة الكلام لأن الفاقد لصفة الكلام لا يوصي ولا يخاطب ولا يحاسب ولا يقوم بشيء من الصفات اللازمة لصفة الكلام. وإذا انتفى الملزوم (الكلام) انتفى اللازم (الصفات الناتجة عنه). انظر مختصر الصواعق 2/ 471.
699 -
يعني: بلا فرق بين الإرسال والكلام لأن الرسالة في الحقيقة تبليغ للكلام، كما سيأتي.
700 -
يدل عليه قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67] فإذا انتفى الكلام الذي أمر بتبليغه انتفى كونه رسولًا لأن الرسول إنما يبلغ كلام مرسله.
702 -
تقدم سياق الأدلة على تكليم الله تعالى لموسى وجبريل عليهما السلام في التعليق على البيتين 675، 677. وثبت الكلام أيضًا من غير واسطة لنبينا محمد كما في حادثة الإسراء والمعراج، ولعل الناظم رحمه الله لم يذكره صلى الله عليه وسلم هنا لأنه أراد أن يجمع في البيت بين تكليم الله تعالى لنوعي رسله من الناس والملائكة فاكتفى بذكر موسى وجبريل عليهما السلام ولأن مراده التمثيل لا الاستقصاء. انظر مختصر الصواعق المرسلة 2/ 479.
703 -
ههنا: يعني في الدنيا.
704 -
وَالآخَرُ التَّكْليمُ مِنْهُ بالوَسَا
…
طَةِ وَهْوَ أيْضًا عندَهُ ضَربَانِ
705 -
وَحْىٌ وَإِرْسَالٌ إِلَيهِ وَذَاكَ فِي الشُّـ
…
ـورَى أَتَى فِي أَحْسَنِ التِّبيَانِ
* * *
فصلٌ في إلزامهم التَّشبيهَ للرَّبِّ بالجمادِ الناقصِ إذا انتفتْ صفة الكلامِ
706 -
وَإِذا انتَفَتْ صِفَةُ الكَلَامِ فَضِدُّهَا
…
خَرَسٌ وذلكَ غَايَةُ النُّقْصَانِ
704 - "عنده": أي: عند الرب سبحانه.
النوع الثاني من أنواع الإرسال ضربان: الأول: وحي، وهو إلقاء المعنى في قلب النبي صلى الله عليه وسلم. والثاني: إرسال الملك فيوحي إلى المرسل إليه ما شاء الله. انظر مجموع الفتاوى 12/ 400، فتح الباري 1/ 19، تفسير الطبري مجلد 13/ج 25/ ص 45، تفسير ابن كثير 4/ 121، النبوات لشيخ الإسلام ص 272.
705 -
يعني: قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الشورى: 51].
706 -
الخرس: ذهاب الكلام عيًّا أو خلقةً. اللسان 6/ 62.
يلزم هؤلاء النفاة أيضًا أن الله تعالى إذا لم يكن متصفًا بصفة الكلام كان متصفًا بضدها وهو الخرَس، والخرس نقص. وقد زعم النفاة أن نفي الكلام عن الله لا يستلزم نقصًا وقالوا: لا يلزم من نفي صفة الكلام عن الله ثبوت ضدها وهو الخرس، لأن الرب تعالى ليس قابلًا لصفة الكلام أصلًا، وإنما يكون نفيها نقصًا ممن هو قابل لها كالمخلوق. وقد تولى الناظم الرد عليهم فيما يأتي من أبيات. انظر الصواعق المرسلة 3/ 914 - 915، درء تعارض العقل والنقل 2/ 295، مجموع الفتاوى 12/ 285، 3/ 7 - 8، 6/ 540، الرد على الجهمية لعثمان بن سعيد الدارمي ص 84، الإبانة للأشعري ص 76.
707 -
فلَئِنْ زَعَمْتُم أنَّ ذَلِكَ فِي الَّذِي
…
هُوَ قَابِلٌ مِنْ أمَّةِ الحَيَوَانِ
708 -
والرَّبُّ لَيسَ بقَابِلٍ صِفَةَ الكَلَا
…
مِ فَنَفْيُهَا مَا فِيهِ مِنْ نُقْصَانِ
709 -
فيُقَالُ سَلْبُ كَلَامِهِ وَقَبُولِهِ
…
صِفَةَ الكَلامِ أتمُّ للنقْصَانِ
710 -
إذْ أخْرَسُ الإنسَانِ أكملُ حَالةً
…
مِنْ ذَا الجَمَادِ بأوضَحِ البُرهَانِ
711 -
فَجَحدْتَ أَوْصَافَ الكمَالِ مَخَافَةَ التَّـ
…
ـجْسِيمِ والتشْبيهِ بالإنْسَانِ
712 -
وَوَقَعْتَ فِي تَشْبِيهِهِ بالجامدا
…
تِ النَّاقصاتِ وذَا مِنَ الخِذْلَانِ
713 -
اللهُ أكبرُ هُتِّكَتْ أَسْتَارُكُم
…
حَتى غَدَوْتُم ضُحْكَةَ الصِّبيَانِ
فصلٌ في إلزامِهمْ بالقولِ بأنَّ كلامَ الخلقِ حقَّهُ وباطِلَهُ هو
(1)
عينُ كلامِ اللهِ سبحانَهُ
714 -
أَوَ ليسَ قَد قَامَ الدَّلِيلُ بأنَّ أَفْـ
…
ـعالَ العِبَادِ خَليقَةُ الرَّحْمنِ
709 - هذا جواب من الناظم رحمه الله على شبهتهم فيقال لهم: إن سلب صفة الكلام عن الله تعالى وسلب قبوله هذه الصفة أتم للنقصان، فإن الأخرس من بني آدم الذي امتنعت عنه صفة الكلام أكمل حالة من الجماد الذي لا يقبل الاتصاف بها أصلًا. انظر المراجع السابقة.
711 -
طت، طه:"التشبيه والتجسيم". وقد تقدم تعريفهما.
712 -
ويقال لهؤلاء النفاة أيضًا: إنكم جحدتم أوصاف الكمال عن الله تعالى مخافة الوقوع في التجسيم والتشبيه بالمخلوق فوقعتم في تشبيهه بالجمادات وهي أنقص. انظر المراجع السابقة.
713 -
سيأتي في كلام الناظم رحمه الله تفصيل هذه الشبهة والرد عليها، في البيت: 1063 وما بعده، وانظر درء تعارض العقل والنقل 2/ 223.
(1)
كلمة "هو" لا توجد إلا في الأصل وف.
714 -
أي: خلقها الرحمن جل جلاله، وقد تقدم الكلام على خلق الله تعالى لأفعال العباد، في البيت: 148 وما بعده.
715 -
مِنْ أَلْفِ وَجْهٍ أوْ قَرِيبِ الألفِ يُحْـ
…
ـصِيها الذي يُعْنَى بِهَذَا الشَّانِ
716 -
فيكُونُ كلُّ كَلامِ هَذَا الخَلْقِ عَيْـ
…
ـنَ كَلَامهِ سُبْحَانَ ذِي السُّلْطَانِ
717 -
إِذْ كَانَ مَنْسُوبًا إِلَيهِ كَلَامُهُ
…
خَلْقًا كَبَيتِ اللهِ ذِي الأرْكَانِ
718 -
هَذَا ولَازِمُ قَولِكُم قَدْ قَالَهُ
…
ذُو الاتِّحَادِ مصرِّحًا بِبَيَانِ
715 - ساق الناظم رحمه الله في كتابه "شفاء العليل" نحو مائة دليل على أن أفعال العباد مخلوقة (ص 109 - 140). ثم قال: "وبالجملة فكلّ دليل في القرآن على التوحيد فهو دليل على القدر وخلق أفعال العباد"، ثم ساق أيضًا بعض أدلة الكتاب والسنة والآثار والعقل والفطرة على خلق الله تعالى لأفعال العباد في مواضع متفرقة من ص 285 - 359. ولا شك أنه عند استقراء أدلة الكتاب والسنة والآثار من أقوال السلف والعقل والفطرة والحس وغيرها ستصل إلى ألف دليل كما ذكر الناظم رحمه الله وقد تزيد.
717 -
ب: "إن كان".
- إذا قال الجهمية والمعتزلة: إن كلام الله تعالى خلقه في غيره قيل لهم: قد علم بالاضطرار من الدين أن القرآن كلام الله، فإن كان مخلوقًا في محل آخر غيره لزم أن يكون كل كلام خلقه الله في محل هو كلام الله لتماثلهما بالنسبة إلى الله. ويلزم أن يكون ما يخلقه الله تعالى من كلام الجلود والأيدي والأرجل كلام الله. فإذا قالوا:{أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ} [فصلت: 21] كان الناطق هو المُنطِق، فيكون كل كلام مخلوق هو كلام الله حتى قول أهل الفحش والكفر. وهذا قد صرح به حلولية الجهمية من الاتحادية ونحوهم كصاحب الفصوص وغيره ومن قولهم:
وكل كلام في الوجود كلامه
…
سواء علينا نثره ونظامه
درء تعارض العقل والنقل 2/ 252، الحيدة لعبد العزيز الكناني المكي ص 154، مختصر الصواعق المرسلة ص 472، الرد على الجهمية للدارمي ص 96، الاعتقاد للبيهقي ص 76، وتقدم بيان مذهب الاتحادية في البيت: 265 وما بعده.
719 -
حَذَرَ التناقُضِ إذْ تَنَاقَضْتُم وَلَـ
…
ـكِنْ طرْدُهُ في غايَةِ الكُفْرَانِ
720 -
فلَئِنْ زَعمْتُم أنَّ تَخْصِيصَ القُرَا
…
نِ كَبيتِهِ وكِلَاهُمَا خَلْقَانِ
721 -
فيقالُ ذا التخصِيصُ لا ينْفِي العُمو
…
مَ كرَبِّ ذِي الأكْوَانِ
722 -
ويقالُ ربُّ العَرْشِ أَيْضًا، هَكَذَا
…
تَخْصِيصُهُ لإضَافَةِ القرآنِ
723 -
لَا يَمنَعُ التَّعْميمَ في البَاقِي وذَا
…
في غايةِ الإِيضاحِ والتبيَانِ
* * *
719 - يعني أن الاتحادية قالوا: إن كل كلام خلقه الله فهو كلامه، ويدخل في ذلك القرآن وغيره ومع فساد قولهم إلا أنهم لم يتناقضوا، أما الجهمية والمعتزلة فقالوا: إن كلام الله هو ما يخلقه في غيره وإن نسبته إليه نسبة مخلوق إلى خالقه، فلزمهم أن يكون كل كلام هذا الخلق كلامه، فنفوا ذلك فوقعوا في التناقض الذي فرّ منه الاتحادية. انظر المراجع السابقة.
721 -
كذا ورد البيت ناقص الوزن في جميع النسخ، المخطوط منها والمطبوع. وقد زاد الناشر في طع 1/ 313:"ولا الخصوص" لاستقامة الوزن، وهي زيادة لا معنى لها هنا. وانظر التعليق على البيتين: 578 و 683.
723 -
إذا قال النفاة: إن القرآن كلام الله وهو مخلوق لكنه أضيف إلى الله على جهة التخصيص، فلا يمنع قولهم هذا من إلزامهم القول بأن سائر كلام الخلق مضاف إلى الله على سبيل العموم. فإنه يصح أن تقول:"رب العرش" على سبيل التخصيص، ثم تقول: رب الأكوان التي من جملتها العرش على جهة العموم. فكذلك تخصيصه القرآن بإضافته إليه -مع قولكم: بخلقه- لا يمنع التعميم عن باقي الكلام المخلوق، وسيأتي زيادة بيان لذلك في "فصل في التفريق بين ما يضاف إلى الرب سبحانه وتعالى من الأوصاف والأعيان" البيت: 737 وما بعده، وانظر درء تعارض العقل والنقل 2/ 48، 7/ 257 - 270، جواب أهل العلم والإيمان أن {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن لشيخ الإسلام وهي في مجموع الفتاوى 17/ 376، مختصر الصواعق 1/ 262.
فصلٌ في التَّفريقِ بين الخلقِ والأمْرِ
724 -
وَلَقدْ أتَى الفُرقَانُ بَينَ الخَلْقِ والْـ
…
أَمْرِ الصَّريحُ وذَاكَ في الفُرْقَانِ
725 -
وكِلَاهُمَا عِنْد المُنَازعِ واحِدٌ
…
والكُلُّ خَلقٌ مَا هُنَا شَيئَانِ
726 -
والعَطْفُ عندَهُمُ كعَطْفِ الفَردِ مِنْ
…
نَوعٍ عَلَيهِ وذَاكَ فِي القُرآنِ
724 - "الصريحُ": ضبطته بالضم لأنه نعت للفرقان، يعني: جاء الفرق الصريح بين الخلق والأمر في القرآن الكريم (ص).
- يشير إلى قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [الأعراف: 54] ففرق بين الخلق وبين الأمر الذي هو كلامه وهو غير مخلوق. بل إن الخلق لا يكون إلا بالأمر كما قال تعالى {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس: 82]. درء تعارض العقل والنقل 2/ 317 وما بعدها، الحيدة 53 - 54، الإرشاد للجويني ص 221 - 223، مختصر الصواعق المرسلة ص 471، الحجة في بيان المحجة لأبي القاسم الأصبهاني 2/ 193، فتح الباري 13/ 533، 443، شرح السنة للبغوي ج 1/ 164 وما بعدها، كتاب الإيمان، باب الرد على من قال: القرآن مخلوق، اجتماع الجيوش الإسلامية مقدمة المحقق 1/ ص 54، 2/ 239، الرد على الجهمية للإمام أحمد ص 112 - 113، تفسير القرطبي 7/ 221 - 223، التوحيد لابن خزيمة 1/ 391 - 393، الإبانة للأشعري ص 72 وما بعدها، خلق أفعال العباد ص 29 - 30، الاعتقاد للبيهقي 76.
726 -
عطف الفرد من النوع على النوع، مثاله قوله تعالى:{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} [القدر: 4] فالروح فرد من أفراد الملائكة ومع ذلك عطفه عليها، فقال النفاة: إن عطف الأمر على الخلق هو من هذا النوع فرد عليهم الناظم رحمه الله بما يأتي من أبيات، وانظر تفسير أبي السعود ج 9/ 183، تفسير ابن كثير 2/ 220، تفسير القرطبي 7/ 221 - 223، التوحيد لابن خزيمة 1/ 391.
727 -
فيقالُ هَذَا ذُو امْتِنَاعٍ ظَاهِرٍ
…
في آيةِ التَّفْرِيقِ ذُو تبيَانِ
728 -
فاللهُ بعدَ الخَلْقِ أخبرَ أنَّهَا
…
قدْ سُخِّرَتْ بالأمْرِ للجَرَيَانِ
729 -
وأبانَ عَنْ تَسْخِيرِهَا سُبْحَانهُ
…
بالأمْرِ بَعْدَ الخَلْقِ بالتِّبيَانِ
730 -
والأَمْرُ إِمَّا مَصْدَرٌ أَوْ كَانَ مَفْـ
…
ـعُولًا هُمَا فِي ذَاكَ مُستوِيانِ
731 -
مَأْمُورُهُ هُوَ قَابلٌ لِلأَمْرِ كَالْـ
…
ـمَصْنُوعِ قَابِلِ صَنْعةِ الرَّحْمنِ
732 -
فإذا انتَفَى الأمرُ انتفَى المأمُورُ كالـ
…
ـمَخلُوقِ يُنْفَى لانْتفَا الحِدْثَانِ
733 -
وانظُر إلى نَظْم السِّيَاقِ تَجِدْ بِهِ
…
سِرًّا عَجيبًا واضِحَ البرْهَانِ
728 - شرع الناظم رحمه الله في هذا البيت في الرد على زعم النفاة أن الأمر والخلق نوع واحد وهما مخلوقان. فبين رحمه الله أن الله تعالى أخبر أنه خلق السموات والأرض، ثم عطف الشمس والقمر والنجوم على السموات والأرض ثم أخبر أنه سخر الجميع بالأمر في قوله:{مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} ثم قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} فدل ذلك على أنه لما تم خلقها سخرت بالأمر. تفسير ابن كثير 2/ 220، تفسير القرطبي 7/ 222 - 223، التوحيد لابن خزيمة 1/ 391 - 393، الإبانة للأشعري ص 72 - 74، فتح الباري 13/ 532 - 533، 443، خلق أفعال العباد ص 30.
729 -
طع: "والتبيان"، وهو خطأ.
730 -
قد يقول النفاة: إن الأمر فى الآية مصدر بمعنى المأمور كما يقال: الخلق بمعنى المخلوق، والمأمور لا يكون إلا مخلوقًا، فيكون العطف في الآية عطف مخلوق على مخلوق. فرد عليهم الناظم رحمه الله بأن الأمر في الآية سواء جعل مصدرًا بمعنى أحد الأوامر أو كان مفعولًا فهما سواء في مخالفتها للخلق والمخلوق، وذلك لأن المأمور لا بد له من آمر كالمصنوع لا بد له من صانع، فإذا انتفى الأمر انتفى المأمور كما أن الخلق إذا انتفى انتفى المخلوق، فيكون الأمر في الآية مغايرًا للخلق على كل الأحوال. انظر المراجع السابقة.
733 -
يعني: سياق الآية المذكورة من سورة الأعراف، فإن الله تعالى ذكر خلقه للسموات والأرض على وجه الخصوص ثم ذكر تسخيره للشمس والقمر =