الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف كان ينساب فيها ذلك الفيض؟!
كيف كانت تجد الوجود في هذه اللحظات العجيبة التي يتجلّى فيها الحق على الوجود، وتتجاوب جنباته كلها بكلمات الحق؟!
أيّة رعاية؟!
وأيّة رحمة؟!
وأيّة مكرمة؟!
والله العليّ الكبير يتلطّف فيكرم هذه الخليقة فيوحي إليها لإصلاح أمرها، وإنارة طريقها، وردّ شاردها، والله هو الغنيّ الحميد!
2 - حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
-:
وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم صفحة عريضة فريدة وحيدة، من صفحات الجهاد لإنقاذ البشريّة، ومثلاً صادقاً فريداً وحيداً لمُثُلِ البرّ والمرحمة، وسيرة عالية، رفيعة الشأن، جليلة القدر، عظيمة النفع، كبيرة الفائدة، تلمع أضواؤها في الكتاب والسنّة وفق قواعد التحديث روايةً ودرايةً، متضمنة نفحات هذا الهُدى، وومضات ذلك الإشراق!
وما كان لباحث منصف يسعى إلى إيفاء حياة الرسول صلى الله عليه وسلم حقها من البحث والتحليل، إلا أن يدرك أنها غنيّة بأحداثها، من حيث كونها:
- واقعيّة مثاليّة!
- حركيّة أخلاقيّة!
- قياديّة روحيّة!
- فقهيّة حضاريّة (1)!
وقد شهد الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا العالم تعليم الله وهدايته (2)، وبشّر الصالحين بالفوز والنجاح، والنجاة والفلاح، فهو (مبشّر)!
ونادى الغافلين، وأسمع الصمّ، وحذّر المذنبين عاقبة ذنوبهم، وأنذر المشرفين على الهلاك، وأيقظ النائمن، فهو (منذر)!
ودعا إلى الله من ضلّ عن سبيل الحق والهُدى والفوز، فهو (داع)!
وإن هو إلا نور يستضاء به إلى يوم القيامة، ونبراس يستنار بأشعّته في شعاب الحياة الملتوية، فتنكشف به الظلمات المتراكمة، فهو (السراج المنير) إلى الأبد!
وصدق الله العظيم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45)} [الأحزاب: 45]!
نعم، إن جميع الأنبياء كانوا شهداء ودعاة ومبشّرين ومنذرين، بيد أن هذه الصفات لم تكن هكذا في جميع الرسل .. بل كان بعضها في بعضهم أظهر من أخواتها!
فقد غلبت على يعقوب وإسحاق وإسماعيل عليه السلام صفة الشهادة، فكانوا شهداء الحق!
(1) انظر كتابنا: الهجرة النبويّة ودورها في بناء المجتمع الإسلامي: 20 وما بعدها، مكتبة الفلاح، ط ثانية 1409 هـ - 1988 م.
(2)
الرسالة المحمديّة: 42 وما بعدها: السيد سليمان الندوي، دار الفتح، دمشق ط ثالثة 1393 هـ - 1973 م.