الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك الحديث أن حياة محمد كانت كلها إنسانيّة سامية، وأنه لم يلجأ في إثبات رسالته إلى ما لجأ إليه من سبقه من أصحاب الخوارق، وهم في هذا يجدون من المؤرخين العرب والمسلمين سنداً حين ينكرون من حياة محمد النبي العربي كل ما لا يدخل في معروف العقل، ويرون ما ورد من ذلك غير متّفق مع ما دعا القرآن إليه من النظر في خلق الله، وأن سنة الله لن تجد لها تبديلاً، غير متفق مع تعيير القرآن المشركين أنهم لا يفقهون أن ليست لهم قلوب يعقلون بها) (1)!
11 - وجوب التسليم بحديث شقّ الصدر:
ونجد أنفسنا أمام ضرورة وجوب التسليم بحديث شقّ الصدر، فقد روى مسلم وغيره عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام، وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشقّ عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظّ الشيطان منك، ثم غسله في طمست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إِلى أمّه (يعني ظئره) فقالوا: إِن محمداً قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون، قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره (2)!
(1) حياة محمد: 110 - 112.
(2)
مسلم: 1 - الإيمان (161)، وأحمد: 3: 121، 149، 288، وأبو يعلى (3374)، وأبو نعيم: دلائل النبوة (168)، والبغوي: شرح السنة (3708)، والبيهقي: دلائل النبوة: 2: 5، والحاكم: 2: 528 وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد أخرجه مسلم، والأصبهاني: دلائل النبوة: 1: 251 - 253، وعبد بن حميد (1308)، وأبو عوانة: 1: 125، وابن حبان: الإحسان (6334، 6336)، وابن عساكر: السيرة النبويّة: 370، 371، وابن خزيمة: التوحيد: 1: 521 - 528، والدارمي: الرد على الجهميّة: 34، والنسائي: الكبرى (314)، والآجري: الشريعة: 481 - 482.
وفي رواية للشيخين وغيرهما عن قتادة عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة في حديث الإِسراء والمعراج: فأتيت بطست من ذهب ملآن حكمة وإِيماناً، فشق من النحر إِلى مراق البطن، ثم غسل البطن بماء زمزم، ثم ملئ حكمة وإِيماناً .. (الحديث)(1)!
قال ابن حجر: استنكر بعضهم وقوع شق الصدر ليلة الإسراء، وقال: إنما كان ذلك وهو صغير في بني سعد، ولا إنكار في ذلك، فقد تواترت الروايات به، وثبت شق الصدر -أيضاً- عند البعثة، كما أخرجه أبو نعيم في (الدلائل) ولكل منهما حكمة!
فالأول: وقع فيه من الزيادة، كما عند مسلم من حديث أنس:(فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك)، وكان هذا في زمن الطفولة، فنشأ على أكمل الأحوال من العصمة من الشيطان، ثم وقع شق الصدر عند البعث، زيادة في إكرامه؛ ليتلقّى من ما يوحى إليه بقلب قوي في أكمل الأحوال من التطهير، ثم وقع شق الصدر عند إرادة العروج إلى السماء، ليتأهّب للمناجاة، ويحتمل أن تكون الحكمة في هذا الغسل لتقع المبالغة في الإسباغ بحصول المرّة الثالثة، كما تقرر في شرعه صلى الله عليه وسلم!
وجميع ما ورد من شق الصدر، واستخراج القلب، وغير ذلك، من الأمور
(1) البخاري: 59 - بدء الخلق (3207)، 63 - مناقب الأنصار (3887)، ومسلم: 1 - الإيمان (164)، وأحمد: 4: 207 وما بعدها، والفتح الرباني: 20: 244 وما بعدها، والنسائي: 1: 217 - 218، ابن حبان: الإحسان (7406)، والترمذي مختصراً (3346)، وابن قانع: معجم الصحابة: 3: 52، والطبراني: الكبير: 19: 270 (599)، وانظر: تحفة الأشراف: 8: 346 (11202).