الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - (حياة محمد) للدكتور هيكل:
ولقد كان كتاب (حياة محمد) للدكتور محمد حسين هيكل -كما أسلفنا- التجربة الرائدة في هذا المضمار، أعلن فيه أنه لا يريد أن يفهم حياة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا على هذه الطريقة الحديثة، حيث قال (1):
(إنني لم آخذ بما سجلته كتب السيرة، وكتب الحديث، ولم أنهج في التعبير عن مختلف الحوادث نهجها .. وإنني أفعل ذلك؛ لأنه الوسيلة الصالحة في نظر المعاصرين .. وما كان لي -وذلك شأني- أن أتقيّد بنهج الكتب القديمة وأساليبها .. وإن كثرة الكتب القديمة كانت تكتب لغاية دينيّة تعبديّة، على حين يتقيّد كتاب العصر الحاضر بالنهج العلمي والنقد العلمي .. لكني رأيت من الخير أن أنبسط بعض الشيء في بيان الأسباب التي دعت المفكّرين من أئمة المسلمين فيما مضى، وتدعوهم اليوم، كما تدعو كل باحث مدقّق، إلى عدم الأخذ جزافاً بكل ما ورد في كتب السيرة وفي كتب الحديث، وإلى التقيّد بقواعد النقد العلمي تقيّداً يعصم من الزلل)!
9 - المقياس الصحيح للحديث عنده حديث موضوع:
وقال (2): (وعندنا أن خير مقياس يقاس به الحديث، وتقاس به سائر الأنباء التي ذُكرت عن النبي، ما روى عنه عليه السلام أنه قال: "إِنكم ستختلفون من بعدي، فما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فما وافقه فمني، وما خالفه فليس عني")!
(1) حياة محمد: الدكتور محمد حسين هيكل: 47 وما بعدها بتصرف، ط 130 مكتبة النهضة المصرية.
(2)
المرجع السابق: 50.
قال: (وهذا مقياس دقيق، أخذ به أئمة المسلمين منذ العصور الأولى، وما زال المفكرون منهم يأخذون به إلى يومنا الحاضر)!
قلت: هذا المقياس الصحيح عنده حديث موضوع، وليس مقياساً دقيقاً كما زعم، ولم يأخذ به أئمة المسلمين منذ العصور الأولى!
ولم يأخذ به المفكّرون الذين يعتدّ بفكرهم، ولكن أخذ به أعداء السنة، والذين طعنوا في الأحاديث الصحيحة! وتابعوا المستشرقين في ذلك (1)!
وحسبنا أن نذكر -بإيجاز- أن هذا الحديث الموضوع قد ورد بعدة روايات لا يصلح شيء منها للاحتجاج والاستشهاد، وقد جمع ابن حزم في (الأحكام)(2) بعض ألفاظ هذا الحديث وأبان عن عللها!
وجاء في (عون المعبود)(3): (إنه حديث باطل لا أصل له، وقد حكى زكريا الساجي عن يحيى بن معين أنه قال: هذا حديث وضعته الزنادقة، ونقل الفتني في (تذكرة الموضوعات)(4) عن الخطابي أيضاً: وضعته الزنادقة، وقد سئل الحافظ ابن حجر عن هذا الحديث فقال: إنه جاء من طرق لا تخلو عن مقال، وقد جمع طرقه البيهقي في كتابه (المدخل)، وقال الصغاني: هو حديث موضوع) (5)!
(1) انظر: أضواء على السنة: محمود أبو رية: 99 دار المعارف بمصر، ط. ثالثة.
(2)
الأحكام في أصول الأحكام: ابن حزم: 2: 76 وما بعدها. السعادة، ط. أولى 1345 هـ، وإن تعجب فعجب أن يذكر الأستاذ الدكتور محمد سلام مدكور رحمه الله أن هذا الحديث رواه البخاري: انظر:
(مناهج الاجتهاد في الإسلام في الأحكام الفقهية والعقائد): 122 ط. جامعة الكويت 1393 هـ.
(3)
عون المعبود: 12: 356.
(4)
تذكرة الموضوعات: 28.
(5)
المقاصد الحسنة: 1: 83، وكشف الخفاء: 1: 89 ـ 90، وانظر: الرسالة: 224: =