الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصفوة القول: أن المجلد الأول يُعنى بالمنهج وما قبل الإسلام، وبالسير على أساس من التسلسل التاريخي، وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة والمدينة ومغازيه!
بينما يدرس الثاني السنوات الثلاث الأخيرة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، مع عناية بنشر الدعوة، ورسله ووسائله، واستقبال الوفود، وإقامة المجتمع الجديد، ونظمه الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة، ثم يعرض الإسلام كدين: عباداته، ومعاملاته، وحلاله، وحرامه، ويدرس العام الأخير من حياة الرسول، وحجة الوداع!
وبعد أن يذكر وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، يخصص فصولاً لما ترك وراءه، وأخلاقه، ونظام حياته اليومية، ومستشاريه، والرسول صلى الله عليه وسلم كخطيب (كيف يخطب .. طبيعته .. عظاته .. تأثيرها) ثم عباداته وأخلاقه وزوجاته وأبناؤه وحياته المنزليّة!
ويستغرق المجلدان معاً نحو تسعمائة صفحة في الطبعة الإنجليزيّة!
وهو كتاب أرجو أن يقدّم بجميع اللغات إلى المسلمين وغيرهم!
5 - (الرسول القائد) للواء الركن محمود شيت خطاب:
يدل عنوانه على موضوعه، يقول في مقدمته:
(فكّرت في وضع هذا الكتاب، بعد أن قرأت كثيراً من المؤلفات العسكريّة الباحثة في تاريخ حروب القادة العظام، الذين لمعت أسماؤهم قديماً وحديثاً!
لقد أبرزت تلك المؤلفات بكل وضوح أعمال أولئك القادة، ووصفت معاركهم بتسلسل منطقي سهل، ووضّحت تلك المعارك بالخرائط والمخطّطات
والأشكال، وأظهرت الدروس المفيدة منها، فأضفت بذلك كله الخلود على حياة أولئك الرجال!
وعدت لأقارن بين هذا الأسلوب في البحث، وبين أسلوب المؤرخين عندنا في الحديث عن معارك قادة المسلمين، فعرفت كيف أضاء الأسلوب الأول معالم الطريق للباحثين، وحقق قيمة جديدة لأعمال بعض القادة، بينما طمس الأسلوب الثاني أعمالاً خالدة تستحق أعظم التقدير والإعجاب!
لقد قرأت أكثر كتب السيرة في تدبّر وإمعان، وحاولت أن أستشفّ منها كل نواحي العظمة التي تتّسم بها شخصيّة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكني وجدت أن عبقريّته العسكريّة التي لا تتطاول إليها أيّة عبقريّة أخرى لأيّ قائد في القديم أو الحديث، تكاد تكون متوارية محجوبة لم يتح لها من يكشف أسرارها، ويجلي عظمتها، بأسلوب حديث يجنح إلى الكشف والتحليل، وإبراز المواهب النادرة، خاصة من عسكري يستطيع أن يلم بنواحي العظمة العسكريّة التي تكمن فيها، ويظهرها جليّة للعيان، ومن هنا بقي الجانب العسكري من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم يشوبه الغموض حتى اليوم!
إن المسلم حقًّا هو الذي يقدّر الرسول صلى الله عليه وسلم حق قدره، فيعترف بأن كفاية الرسول صلى الله عليه وسلم قائداً متميزاً، وكفاية أصحابه جنوداً مميّزين، هي التي أمّنت لهم النصر العظيم!
أما أن نستند على الخوارق وحدها في الحرب، ونجعلها السبب المباشر لانتصار المسلمين، فذلك يجعل هذا النصر لا قيمة له من الناحية العسكرية، بالإضافة إلى مخالفة الأمر بالأسباب، وإعداد القوة ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً!
إن أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنها العسكرية، سنة متبعة، في كل زمان
ومكان، فهل يبقى أتباعه ينتظرون الخوارق لينتصروا على أعدائهم، أم يعدّون ما استطاعوا من قوة، كما قرر القرآن الكريم، لينالوا هذا النصر؟
إن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم العسكريّة، تثبت بشكل جازم لا يتطرّق إليه الشك، أن انتصاره كان لشجاعته الشخصيّة، وسيطرته على أعصابه في أحلك المواقف، ولقراراته السريعة الحازمة في أخطر الظروف، ولعزمه الأكيد في التشبّث بأسباب النصر، ولتطبيقه كل مبادئ الحرب المعروفة في كل معاركه، تلك العوامل الشخصيّة التي جعلته يتفوّق على أعدائه في الميدان، ولو لم تكن تلك الصفات الشخصيّة المدعومة بقوة الإيمان بالله، لما كُتِب له النصر!
ويمتاز الرسول صلى الله عليه وسلم عن غيره من القادة في كل زمان ومكان بميزتين مهمتين:
الأولى: أنه كان قائداً عصاميًّا!
الثانية: أن معاركه كانت للدفاع عن الدعوة، ولحماية نشر الإسلام، ولتوطيد أركان السلام، لا للعدوان والاغتصاب والاستغلال!
وقال: على ذلك يمكن تقسيم حياة الرسول صلى الله عليه وسلم من الناحية العسكرّية إلى أربعة أدوار:
الأول: دور الحشد!
الثاني: دور الدفاع عن العقيدة!
الثالث: دور الهجوم!
الرابع: دور التكامل!
أما دور الحشد: فمن بعثته إلى هجرته إلى المدينة المنورة، واستقراره هناك، وفي هذا الدور اقتصر الرسول صلى الله عليه وسلم على الحرب الكلامية، يبشر وينذر، ويحاول جاهداً نشر الإسلام، وبذلك كوّن النواة الأولى لقوات المسلمين، وحشدهم في المدينة المنورة بالهجرة إليها!
وأما دور الدفاع عن العقيدة: فمن بدء الرسول صلى الله عليه وسلم بإرسال سراياه وقواته للقتال، إلى انسحاب الأحزاب عن المدينة بعد غزوة الخندق، وبهذا الدور ازداد عدد المسلمين، فاستطاعوا الدفاع عن عقيدتهم ضد أعدائهم الأقوياء!
وأما دور الهجوم: فمن بعد غزوة الخندق إلى ما بعد غزوة حنين، وبهذا الدور انتشر الإسلام في الجزيرة العربيّة كلها، وأصبح المسلمون قوة ذات اعتبار وأثر في بلاد العرب، فاستطاعوا سحق كل قوة تعرضت للإسلام!
وأما دور التكامل: وهو من بعد غزوة حنين إلى أن التحق الرسول صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى، فقد تكاملت قوات المسلمين بهذا الدور، فشملت شبه الجزيرة العربية كلها، وأخذت تحاول أن تجد لها متنفّساً خارج شبه الجزيرة العربية، فكانت غزوة تبوك إيذاناً بمولد الدولة الإسلاميّة الكبرى!
بهذا التطور المنطقي، تدرجّ الرسول القائد العصامي بقواته من الضعف إلى القوة، ومن الدفاع إلى الهجوم، ومن الهجوم إلى التعرّض، وبذلك بزّ كل قائد في كل أدوار التاريخ؛ لأنه أوجد قوة كبيرة ذات عقيدة واحدة وهدف واحد من لا شيء!
تلك هي الميزة الأولى للرسول القائد صلى الله عليه وسلم!