الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خصائص المنهج الصحيح في الدراسة
وتفرض منهجيّة البحث أن أذكر معالم المنهج الصحيح للدراسة -كما أرى - فيما يلي:
1 - في رحاب القرآن الكريم:
سبق أن ذكرنا أن القرآن الكريم هو المصدر الأول في دراسة السيرة النبويّة، وذكرنا بعض الآيات في ذلك، ومن ثم نجد أنفسنا في أشد الحاجة إلى عرض الآيات المتعلقة بحوادث السيرة ووقائعها، وتنزيلها على حسب الوقائع والحوادث، والإفادة منها!
وحسبنا أن نشير إلى كتاب (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: صور مقتبسة من القرآن الكريم) للأستاذ محمد عزة دروزة رحمه الله انطلاقاً من أن القرآن الكريم هو أصدق الكتب قاطبة، وهو أوعاها وأحفظها لما مرّ بالبشريّة من أحقاب وحوادث، خلّدها هذا الكتاب الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)} [فصلت]، وهو خير مصور لشخصيّة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وليس هناك أبرّ ولا أصدق، ولا أوفى بالكلام منه؛ لأنه يشف عما كان في الشخصيّة النبويّة الكريمة من قوى ومواهب، جعلت صاحبها صلى الله عليه وسلم موضع التكريم والعناية الربانيّة، وأهلاً للاصطفاء بالرسالة العلويّة؛ ولأنه يطلعنا على الناحية الرائعة حقًّا من الظروف والأدوار التي تقلّبت فيها الدعوة، حتى انتهت إلى ذلك النصر العزيز، والفتح المبين (1)!
(1) انظر مقدمة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: صور مقتبسة من القرآن الكريم: 5 - 6 ط. المؤتمر العالمي الثالث للسيرة والسنة النويّة، الدوحة، محرم 1400 هـ.
ومعلوم أن أصحاب المنهج التاريخي في السيرة النبويّة لم يعرضوا الآيات القرآنيّة في أحداث السيرة، كما عرضها الأستاذ محمد عزة دروزة!
ومن هنا رأيت ضرورة ذكر الآيات القرآنيّة التي لابد منها في المنهج الصحيح في الدراسة، لنعرف كيف تسلّم (الدّين القيّم) القيادة بعد ما ظهر الفساد، وأسنت الحياة، وتعفّنت الأفكار، وذاقت البشريّة الويلات من القيادات الضالة، ومن ثم ظهر الفساد وعم بما كسبت الأيدي!
ولنعرف أن (الدّين القيّم) تسلّم القيادة بهذا القرآن، وبالتصور الجديد الذي جاء به القرآن، وبالشريعة المستمدة من هذا التصور، فكان ذلك مولداً جديداً للإنسان أعظم في حقيقته من المولد الذي كانت به نشأته!
ولنعرف أن هذا القرآن أنشأ للحياة تصوّراً جديداً على الوجود والحياة والقيم، كما حقق للبشريّة واقعاً اجتماعيًّا فريداً، كان يعز على خيالها تصوره مجرّد تصور قبل أن ينشئه لها القرآن إنشاءً (1)!
ولنعرف ما لهذا الواقع من النظافة والجمال، والرقي والكمال، والعظمة والجلال، والسمو والارتفاع، والبساطة واليسر، والواقعية والإيجابية، والتوازن والتناسق، بحيث لا يخطر للبشرية على بال، لولا أن الله عز وجل أراده لها، وحقّقه في حياتها!
ولنعرف كيف وقعت النكبة القاصمة، ونحّى الإسلام عن القيادة، لتتولاها الجاهليّة مرة أخرى، في صورة من صورها الكثيرة، من التفكير المادي الذي تتعاجب به البشرية اليوم، كما يتعاجب الأطفال بالثوب المبرقش، واللعبة الزاهية الألوان!
(1) مقدمة في ظلال القرآن، بتصرف.