الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن ثم يعدّ ما أورده الحافظ ابن كثير أوفى ما يمكن جمعه، إذ إنه لم يترك جانباً مما ورد في كتب الحديث في الشمائل إلا وذكره، ورتب ذلك في أبواب دقيقة، فجهده يتمثل في الجمع والإحاطة، وفي دقة الترتيب وحسنه!
توفي (774 هـ)!
سادساً: كتب جمعت بين التاريخ والسيرة:
ونجد أنفسنا أمام الكتب التي جمعت بين التاريخ والسيرة .. نذكر منها:
1 - تاريخ الأمم والملوك للطبري:
بدأ بذكر الدلالة على حدوث الزمان، وأول ما خلق بعد ذلك .. ثم ذكر آدم عليه السلام، وما كان بعده من أخبار الأنبياء والرسل، على ترتيب ذكرهم في التوراة، متعرضاً للحوادث التي وقعت في زمانهم، مفسراً ما ورد في القرآن الكريم بشأنهم، معرجاً على أخبار الملوك الذين عاصروهم وملوك الفرس، مع ذكر الأمم التي جاءت بعد الأنبياء، حتى مبعث خاتم النبيّين .. وذكر نسب الرسول صلى الله عليه وسلم وبعض أخبار آبائه وأجداده .. وتزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة رضي الله عنها وما كان من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتنبأ، وما كان بين مولده ووقت نبوته من الأحداث، واليوم الذي نُبئ فيه، وما تلا ذلك من الأحداث إلى وقت الهجرة .. ورتب كتابه بعد ذلك على الحوادث المذكورة، والأيام المشهورة، وإذا كانت أخبار الحوادث طويلة جزأها على حسب السنين، أو يشير إليها بالإجمال، ثم يذكرها في الموضع الملائم!
وذكر الحوادث مروية، ولا يبدي في أسانيدها رأياً في معظم الأحيان!
ومن هنا كان النقد الموجه إليه؛ لأن ذكر الأخبار دون تمحيصها لا يليق بالمؤرخ الناقد البصير، وربما كان عذر الطبري في ذلك عذر من يذكرون الحديث بطرقه، تاركين الحكم للقارئ، وقد ذكر ذلك في مقدمة كتابه، حيث قال:
(وليعلم الناظر في كتابنا هذا أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره فيه، مما اشترطت أني راسمه فيه، إنما هو على ما رويت من الأخبار التي أنا ذاكرها فيه، والآثار التي أنا مسندها إلى رواتها فيه، دون ما أدرك بحجج العقول، واستنبط بفكر النفوس، إلا اليسير القليل منه؛ إذ كان العلم بما كان من أخبار الماضين، وما هو كائن من أخبار الحادثين، غير واصل إلى من لم يشاهدهم ولم يدرك زمانهم، إلا بأخبار المخبرين، ونقل الناقلين، دون الاستخراج بالعقول، والاستنباط بفكر النفوس، فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجهاً في الصحة، ولا معنى في الحقيقية، فليعلم أنه لم يؤت ذلك من قبَلنا، وإنما أتى من قبل ناقليه إلينا، وأنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدّي إلينا)(1)!
وقد وقع لهذا الكتاب كثير من التكملات والمختصرات والترجمات، ولعل أول من ذيل عليه هو الطبري نفسه، قال السخاوي:
(وله على تاريخه المذكور ذيل، بل ذيل على الذيل أيضاً)!
أما الترجمة فكان أول من قام بها أبو علي محمد بن عبد الله العلقمي إلى
(1) تاريخ الأمم والملوك: 1: 13 خطبة الكتاب، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. ثانية 1408 هـ، 1988 م.