المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: حقيقة القتل العمد - الجنايات في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون

[حسن علي الشاذلي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌المقدمات

- ‌الإفتتاحية: افتتاحية الطبعة الثانية

- ‌افتتاحية الطبعة الأولى:

- ‌التمهيد:

- ‌الجريمة والجناية في الفقه الإسلامي:

- ‌الجريمة والجناية في الفقه الوضعي:

- ‌العقوبات:

- ‌الباب الأول: جناية القتل

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: القتل العمد وعقوبته

- ‌المبحث الأول: حقيقة القتل العمد

- ‌المبحث الثاني: أركان الجريمة العمدية في الفقه الإسلامي

- ‌أولاً: أن يكوت الأعتداء واقعًا على آدمي حي

- ‌ثانيا: أن يكون المجني عليه معصوم الدم:

- ‌ثالثا: أن يكون هذا الآدمي معينا:

- ‌رابعًا: أن يكون قصد الجاني ضرب المجني عليه

- ‌خامسا: أن يكون الضرب بقصد العدوان:

- ‌سادسًا: أن يكون الجاني قد أوقع على المجني عليه فعلا قاتلا:

- ‌المبحث الثالث: آراء فقهاء القوانين في تحليل القتل العمد ورأي الفقه الإسلامي في هذه الآراء:

- ‌المبحث الرابع: عقوبة القتل العمد في الفقه الإسلامي

- ‌المطلب الأول: الجزاء الآخروي

- ‌المطلب الثاني: الجزاء الدنيوي:

- ‌المبحث الخامس: عقوبة القتل العمد في القانون:

- ‌الفصل الثاني: القتل شبه العمد وعقوبته

- ‌المبحث الأول: آراء الفقهاء في القول بشبه العمد

- ‌المبحث الثاني: أركان جريمة شبه العمد:

- ‌المبحث الثالث: عقوبة القتل شبه العمد

- ‌المطلب الأول: الجزاء الآخروي

- ‌المطلب الثاني: الجزاء الدنيوي للقتل شبه العمد:

- ‌المطلب الثالث: عقوبة الضرب المفضي إلى الموت في القانون:

- ‌المطلب الرابع: المقارنة بين العقوبتين:

- ‌الفصل الثالث: القتل الخطأ وموجبه

- ‌المبحث الأول: حقيقة القتل الخطأ في الفقه الإسلامي

- ‌المبحث الثاني: أركان الجريمة خطأ:

- ‌المبحث الثالث: عقوبة القتل الخطأ

- ‌مدخل

- ‌النوع الأول: الدية:

- ‌النوع الثاني: الكفارة:

- ‌النوع الثالث: الحرمان من الميراث:

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌المبحث الأول: حقيقة القتل العمد

‌الفصل الأول: القتل العمد وعقوبته

‌المبحث الأول: حقيقة القتل العمد

الفصل الأول: القتل العمد وعقوبته:

ويشمل هذا الفصل خمسة مباحث، نوضح في الأول آراء الفقهاء في تحديد ما يتحقق به القتل العمد، وفي الثاني أركان الجريمة عمدا في الفقه الإسلامي، وفي الثالث أركانها عند فقهاء القانون الوضعي مع المقارنة بالفقه الإسلامي، وفي الرابع عقوبة القتل عمدا في الفقه الإسلامي، وفي الخامس عقوبة القتل عمدا في القانون مع مقارنتها بعقوبة في الفقه الإسلامي.

المبحث الأول: حقيقة القتل العمد:

العمد لغة: القصد، يقال "عمد" بفتحتين للشيء: قصد له أي: تعمد، وهو ضد الخطأ.

العمد اصطلاحًا:

قد بين القرآن الكريم لنا في الآيات المذكورة آنفا وصفين من صفات القتل؛ أحدهما: القتل عمدا، والثاني: القتل خطأ، كما بينت السنة وصفا ثالثا، وهو الجناية "شبه العمد" أي: الجناية التي يختلط فيها العمد والخطأ؛ أي: القصد وعدم القصد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا إن قتيل الخطأ شبه العمد قتيل السوط أو العصا، فيه مائة من الإبل، منها أربعون في بطونها أولادها" رواه الخمسة إلا الترمذي.

ص: 53

لقد كان لذكر القرآن الكريم لوصفين فقط من أوصاف الجناية وعدم ذكره الوصف الثالث وهو "شبه العمد" أثر في اختلاف الفقهاء في القول بهذا الوصف، وتبعا لذلك اختلفوا في بيان حقيقة القتل العمد والقتل شبه العمد، ونوضح آراءهم فيما يلي كما وردت في كتب المذاهب مع تحليل رأي كل مذهب.

القتل العمد عن الحنفية:

يرى الإمام أبوحنيفة أن القتل العمد هو: ما تعمد فيه شخص ضرب آخر بسلاح كالسيف، أو ما أجرى مجرى السلاح في تفريق الأجزاء -كالمحدد من الرصاص أو الذهب أو الفضة أو الزجاج، وأمثال ذلك، وكالنار لأنها تعمل عمل السلاح- ولا يشترط الجرح في ظاهر الرواية1.

وإنما اشترط الإمام ذلك في القتل العمد؛ لأن العمد هو قصد إزهاق الحياة، والقصد فعل القلب، وهو أمر لا يتوقف عليه؛ لأنه أمر باطني أقيم استعمال الآلة القاتلة غالبا مقامه تيسيرا، كما أقيم السفر مقام المشقة، والبلوغ مقام اعتدال العقل تيسيرا، والآلة القاتلة غالبا هي المحددة؛ لأنها هي المعدة للقتل، فيكون القصد إلى إزهاق الحياة بالسلاح عامل في الظاهر والباطن جميعا، وذلك بخلاف ما ليس بمحدد؛ لأنه غير معد للقتل، حتى لو ضرب بحجر كبير أو خشبة كبيرة كانت الجناية شبه عمد ولا يجب القصاص عنده.

وقال الصاحبان "أبو يوسف ومحمد": العمد هو ما تعمد فيه شخص ضرب آخر بما يقتل غالبا، سواء كان بسلاح وما جرى مجرى السلاح، أم بغيرهما كحجر كبير أو خشبة كبيرة، وبهذا قال جمهور الفقهاء.

1 راجع: المبسوط للسرخسي ج26، ص59، وتكملة فتح القدير ج8، ص245، والزيلعي ج6، ص97.

ص: 54

وتطبيقا لهذه القاعدة: "لو ألقى شخص آخر من جبل أو سطح أو غرقه في الماء أو خنقه حتى مات، كل ذلك شبه عمد عند الإمام أبي حنيفة، وعند الصاحبين عمد إن كان ذلك يقتل غالبا، وإن كان لا يقتل غالبا يكون خطأ العمد"، وفي رواية عن أبي حنيفة: إن غرز الإبرة في مقتل كان عمدا ويقتص منه، وإن لم يضعها في مقتل لا يكون عمدا1.

ومن هذا التعريف يتضح لنا أن القتل العمد الموجب للقصاص عند الحنفية له أركان ثلاثة:

1-

قصد الجاني ضر آدمي معين بغير حق، وفي بعض الكتب قالوا: العمد ما تعمد قتله بالحديد فصرحوا بأن يقصد الجاني القتل، ولكن عامة كتبهم صرحت بأن العمد هو "ما تعمد ضربه بسلاح"، جاء في الذخيرة أنه إن "قصد أن يضرب يد رجل فأصاب عنقه فهو عمد وفيه القود، ولوأصاب عنق غيره فهو خطأ"، قال في المجتبى:"وبهذا تبين أن قصد القتل ليس بشرط لكونه عمدا"2. اهـ.

2-

استعمال السلاح أو ما جرى مجراه في تفريق الأجزاء عند الإمام أبي حنيفة "وعندهما استعمال ما يقتل غالبا، سواء كان سلاحا وما جرى مجراه أم غيرهما".

3-

أن يكون القتل مباشرة، فإن كان بسبب لا يجب القصاص؛ لأن القتل بسبب لا يساوي القتل مباشرة، والجزاء قتل بطريق المباشرة3.

1 الاختيار ج3، ص158.

2 الزيلعي ج6، ص101.

3 وعلى هذا يخرج من حفر بئرا على قارعة الطريق فوقع فيها إنسان ومات، أنه لا قصاص على الحافر؛ لأن الحفر قتل سببا لا مباشرة. =

ص: 55

................................................................................................

= وكذلك يخرج شهود القصاص إذا رجعوا بعد قتل المشهود عليه، أو جاء المشهود بقتله حيا أنه لا قصاص عليهم، خلافا للشافعي

وذلك لأن القتل تسبيبا لا يساوي القتل مباشرة؛ لأن القتل تسبيبا قتل معنى لا صورة، والقتل مباشرة قتل صورة ومعنى، والجزاء قتل مباشرة.

بخلاف الإكراه على القتل؛ لأنه قتل مباشرة؛ لأنه يجعل المكرَه -بفتح الراء- آلة المكرِه -بكسرها- كأنه أخذه وضربه على المكره على قتله، والفعل لمستعمل الآلة، لا الآلة، فكان قتلا مباشرة، ويضمنون الدية لوجود القتل منهم، وهل يرجعون بها على الولي؟؟ خلاف في المذهب، قال أبو حنيفة: لا يرجعون، وقالا: يرجعون.

ولو أوجره "أسقاه" سما فقتله، فهو مسبب، وموجبه الدية على العاقلة لا غير؛ لأنه لم يقتله مباشرة، ولا هو موضوع للقتل؛ ولهذا يختلف باختلاف الطبائع، وإن دفع السم إليه فشربه فلا شيء عليه ولا على عاقلته؛ لأن الشارب هو الذي قتل نفسه، فصار كما إذا تعمد الوقوع في البئر، إلا أن الدفع إليه خديعة فيعزر، يحبس ويضرب ويؤدب ويستغفر ربه؛ لأنه ارتكب جناية ليس لها حد مقدر، وهي الغرور والخديعة.

ولو طين على أحد بيتا حتى مات جوعا أو عطشا لا يضمن شيئا عند أبي حنيفة وعندهما يضمن الدية، وجه قولهما أن الطين الذي عليه تسبب في إهلاكه؛ لأنه لا بقاء للآدمي إلا بالأكل والشرب، فالمنع عند استيلاء الجوع والعطش عليه يكون إهلاكا له، فأشبه حفر البئر على قارعة الطريق، ولأبي حنيفة أن الهلاك حصل بالجوع والعطش لا بالتطيين، ولا صنع لأحد في الجوع والعطش، بخلاف الحفر، فإنه سبب للوقوع، والحفر حصل عن الحافر، فكان قتلا تسبيبا

"ولو غرق إنسانا فمات، أو صاح على وجهه فمات، فلا قود عليه، عند الحنفية، وعليه الدية""البدائع ج7، ص234، الاختبار ج3، ص158، والزيلعي، ج6، ص101".

ص: 56

القتل العمد عند المالكية:

ويرى المالكية أن القتل1 العمد الموجب للقصاص نوعان؛ لأنه إما أن يباشر الجاني القتل بنفسه أو يفعل فعلا يكون سببا في القتل.

فالنوع الأول "إتلاف مباشرة" لا بد فيه من توافر ثلاثة أمور:

أولها: قصد المكلف ضرب شخص معصوم الدم، سواء قصد الشخص المضروب نفسه أو قصد أن يضرب شخصا عدوانا فأصاب غيره2، ولا يشترط قصد القتل3.

ثانيها: أن يكون قصد الضرب بسبب عداوة أو غضب؛ أي: عدوانا، سواء قصد القتل أو لم يقصده، أما إن كان بقصد اللعب أو التأديب فإنه لا يكون عدوانا فلا يكون عمدا، بشرط أن تكون الآلة موضوعة لذلك

1 المراجع: الصاوي على الشرح الصغير ج3، ص355، والدسوقي على الشرح الكبير ج4، ص245.

2 مواهب الجليل للحطاب ج6، ص240.

3 ويراجع: الدسوقي على الشرح الكبير ج4، ص245.

ص: 57

نحو السوط أو العصا، أما بنحو السيف فإنه يكون عمدا؛ لأنه غير مستعمل في هذا الغرض.

فالمالكية بهذا يرون أن استعمال السلاح القاتل كالسيف لا يحتاج معه إلى التعرف على قصد الجاني القتل أو عدم قصده، قصده الاعتداء أو اللعب أو التأديب؛ وذلك لأن السلاح موضوع بطبيعته للقتل وليس لغير ذلك، فإذا استعمله أيا كان قصده كان متعديا فيكون عمدا، وهم بهذا يجعلون السلاح أمارة ظاهرة على إرادة القتل، لا حاجة معها للبحث عن الإرادة الباطنة.

ثالثها: استعمال آلة تؤدي إلى القتل، سواء كانت مما يقتل غالبا كالآلات المحددة كالسيف وما جرى مجراه، وكالأشياء الثقيلة كالحجر الكبير والخشبة العظيمة، أم كانت مما لا يقتل غالبا كالسوط والعصا ونحوهما، وكذا إذا استعمل ما يؤدي إلى الموت دون ضرب كالخنق ومنع الطعام والشراب إذا قصد بذلك قتله1، وقيل: لا يشترط؛ بل إن فعل ذلك بقصد التعذيب فمات وجب القصاص.

والنوع الثاني: "القتل بسبب":

ومن أمثلته: أن يربط دابة بالطريق للإضرار بشخص معين.

أو يضع في الطريق ما يؤدي إلى انزلاقه -مثل ماء أو قشر بطيخ- أو يتخذ كلبا عقورا -أي: شأنه العقر بلا سبب- بقصد الإضرار به.

أو يحفر له بئرا ولو كان حفرها ببيته.

1 أما إن قصد بذلك مجرد التعذيب فالدية إلا أن يعلم أنه يموت، فعلم الموت ملحق بقصده، الشرح الصغير ج2، ص355.

ص: 58

فإذا قتل الشخص المقصود بسبب من هذه الأسباب وجب القصاص، وإذا وجدت قيود ثلاثة:

1-

أن يقصد الفاعل بفعله الضرر.

2-

وأن يكون الشخص الذي قصد الإضرار به معينا.

3-

وأن يهلك ذلك الشخص المعين بسبب ذلك.

وإن لم يهلك الشخص المقصود المعين بل هلك غيره، أو قصد ضرر غير معين فهلك بها إنسان غيره كان خطأ، الواجب فيه الدية في الإنسان الحر على العاقلة، والقيمة في غيره.

وإن لم يقصد ضررا فلا شيء عليه إن حفر البئر بملكه أو بأرض موات بقصد منفعة ولو لعامة الناس، أما أن حفرها بملك غيره بلا إذن، أو بطريق أو بأرض موات لا لمنفعة، فالدية في الحر والقيمة في غيره.

القتل العمد عند الشافعية:

يرى الشافعية أن العمد هو"أن يعمد الجاني إلى الاعتداء على شخص مقصود بالجناية بشيء يقتل غالبا".

ثم أخرج فقهاؤهم محترزات هذا التعريف فقالوا:

"أن يعمد الجاني إلى الاعتداء" خرج ما لو عمد إلى ضربه وكان ضربه مستحقا؛ أي: غير عدوان1.

1 حاشية الفرماوي ص370، وحاشية الباجوري ص8.

ص: 59

"الاعتداء على شخص" خرج ما لو زلقت رجله فوقع على شخص فمات فإنه خطأ.

"شخص مقصود بالجناية" خرج ما لو رمى زيدا فأصاب عمرًا فهو خطأ أيضا.

"بشيء يقتل غالبا" أي: بأي شيء يقتل غالبا كان ذلك محددا أم مثقلا أم غيرهما؛ كخنق أو إلقاء في بئر، أو تقديم طعام مسموم أو سحر، أو حبس دون طعام أو شراب، أو شهادة زور أدت إلى القتل.

"يقتل غالبا" خرج ضربه بما يقتل نادرا، فإن هذا يكون شبه عمد، كما لو ضربه في غير مقتل بعصا صغيرة أو حجر صغير وما أشبه ذلك.

وهل يشترط المذهب أن يكون الجاني قاصدًا قتل المجني عليه؟

الراجح في المذهب أنه لا يشترط ذلك، فالفعل الذي أدى إلى القتل إذا توافرت فيه الشروط المذكورة آنفا يكون عمدا موجبا للقصاص، قصد القتل أم لم يقصده بأن قصد الضرب دون القتل؛ لأن المذهب لما جعل العمد ما كان بآلة تقتل غالبا، أقام هذه الآلة معيارا أو دليلا على قصد القتل، فلا حاجة إلى التعرف حينئذ على إرادته الباطنة هل قصد القتل بذلك أم لا؟ خاصة وأن الآلة التي تقتل غالبا، لا تستعمل عادة في الضرب إلا بقصد القتل، فكانت دليلا ظاهرا على إرادته قتله.

وفي رأي مرجوح في المذهب يشترط لكي تكون الجناية عمدا أن يقصد الجاني قتل شخص معين1.

1 مغني المحتاج ج4، ص3، 4، 5، حاشية البرماوي ص385، حاشية الباجوري على ابن القاسم ص8 ط المعاهد الأزهرية.

ص: 60

وواضح من هذا التحليل أن الشافعية يجعلون أركان القتل العمد ثلاثة:

أولها: أن يقصد الجاني بجنايته شخصا معينا فيقتله بهذه الجناية، حتى إنه لو قصد ضرب عمرو فأصاب خالدًا، لم يكن القتل عمدا؛ بل يكون خطأ.

ثانيها: أن يقصد الفعل، ولا يشترط قصد القتل على الراجح في المذهب.

ثالثها: أن يرتكب الجاني جنايته بما يقتل غالبا، سواء كان ذلك بالمباشرة، أو التسبب؛ وذلك لأن الفاعل إما أن يقصد عين المجني عليه أو لا يقصده، فإن قصده بالفعل الذي يؤدي إلى الهلاك بلا واسطة فهو المباشرة، وإن أدى إليه بواسطة فهو السبب، وإن لم يقصد عين المجني عليه فهو الشرط، ونوضح كل نوع منهما فيما يلي:

أولهما: أن يكون القتل مباشرة، ويقصد بالمباشرة كل فعل يؤثر في الهلاك ويحصله، ويكون القتل مباشرة إذا وقع بما يقتل غالبًا؛ كما لو ضربه بمجرد كالسلاح وما جرى مجراه في تفريق الأجزاء، أو بمثقل كحجر كبير ونحوه مما يقتل غالبا، وكذلك بما يقتل نادرا إذا وضع في مقتل كغرز إبرة في مقتل كالعين وأصل الأذن والحلق، وتكرار ضرب بعصا صغيرة ونحوها، وأيضا ضرب يقتل المريض دون الصحيح؛ لأن هذا يقتل مثله غالبا، وكذا لو حبسه ومنه الطعام والشراب، فمات جوعا أو عطشا بعد مضي مدة بموت مثله فيها غالبا، كل هذا عمد موجب القصاص.

ص: 61

الثاني: القتل بسبب؛ وهو أن يقصده بالفعل الذي يؤدي إلى الهلاك بواسطة، والسبب ينقسم إلى ثلاثة أضرب:

الأول: سبب شرعي: كما لو شهد بقصاص، فقتل المشهود عليه، ثم رجعا وقالا: تعمدنا الكذب، لزمهما القصاص؛ لأنهما تسببا في إهلاكه بما يقتل غالبا، فأشبه ذلك الإكراه الحسي1.

الثاني: سبب عرفي: كتقديم طعام مسموم لمن يأكله، وكما لو ترك المجروح علاج جرح مهلك له، فمات وجب القصاص جزاما على الجارح؛ لأن البرء غير موثوق به لو عولج، والجراحة في نفسها مهلكة، أما ما لا يهلك، كأن فصده فلم يعصب العرق حتى مات، فإنه لا ضمان؛ لأنه هو الذي قتل نفسه، وكذا لو ألقاه في ماء يعد مغرقا وكان لا يمكنه التخلص منه، ولو أمسكه فقتله آخر، أو حفر بئرا فراده فيها آخر، أو ألقاه من شاهق، فتلقاه آخر فقده، فالقصاص على القاتل في الصورة الأولى لحديث:"إذا أمسك الرجل الرجل حتى جاء آخر فقتله، قتل القاتل وحبس الممسك" رواه الدارقطني، وأيضا القصاص على المردي في الثانية تقديما للمباشرة؛ لأن الحفر شرط ولا أثر له مع المباشرة، وعلى القاد القصاص في الصورة الثالثة؛ لأن فعله قطع أثر السبب.

الثالث: السبب الحسي: كما لو أكرهه على قتل شخص بغير حق فقتله، فعلى المكره -بكسر الراء- القصاص؛ لأنه أهلكه بما يقصد به الإهلاك غالبا، فأشبه ما لو رماه بسهم فقتله، وكذا يجب القصاص على المكره -بفتح الراء- في الأظهر؛ لأنه قتله عمدا عدوانا لاستبقاء نفسه، فأشبه ما لو قتله المضطر ليأكله بل أولى؛ لأن المضطر على يقين من التلف إن لم يأكل،

1 مغني المحتاج ج4، ص6-10.

ص: 62

بخلاف المكره، والثاني، لا قصاص على المكره -بكسر الراء- لأنه متسبب بل على المكره -بفتح الراء- لأنه مباشر، والمباشرة مقدمة.

القتل العمد عند الحنابلة:

عرف الحنابلة1 القتل العمد بـ"أن يقتل قصدا بما يغلب على الظن موت المقتول به عالما بكون المقتول آدميا معصوم الدم".

فلا قصاص بما لا يقتل غالبا؛ لأن حصول القتل بما لا يغلب على الظن موته به يكون اتفاقا لسبب أوجب الموت غيره، وإلا لما تخلف الموت عنه في غير تلك الحال على الأكثر.

وكذا لا قصاص إن لم يقصد قتله، أو قصد غير معصوم الدم2.

1 الروض المربع ج2، ص330.

2 ثم ذكر فقهاء المذهب أن قتل العمد الموجب القصاص بالاستقراء تسعة أقسام:

أحدها: أن يجرحه بمحدد له مور -أي دخول وتردد في البدن- يقطع اللحم والجلد؛ كسكين وسيف وسنان وقدوم، أو يغرزه بماله سنان، أو ما في معناه مما يحدد ويجرح من حديد ونحاس ورصاص وذهب وفضة وزجاج وحجر وخشب وقصب وعظم جرحا ولو صغيرا كشرط حجام، فمات المجروح، ولو طالت علته منه، ولا علة به غير الجرح، ولو كان في غير مقتل كالأطراف؛ لأن المحدد لا يعتبر فيه غلبة الظن في حصول القتل بدليل ما لو قطع شحمة أذنه أو أنملته فمات، ولأن العمد لا يختلف مع "اتحاد الآلة =

ص: 63

...............................................................................................

= والفعل بسرعة الإفضاء وإبطائه، ولأن في البدن مقاتل خفية، وهذا له سراية ومور فأشبه الجرح الكبير.

ثانيها: أن يشربه بمثقل كبير فوق عمود الفسطاط لا بمثل مثل عمود الفسطاط -عمود الفسطاط: هو خشبة فيها رقة ورشاقة يقيم عليها العرب بيوتهم المتخذة من الشعر- لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن المرأة التي ضربت جارتها بعمود الفسطاط فقتلتها وجنينها قضى صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة وبدية المرأة على عاقلتها، والعاقلة لا تحمل العمد، فدل على أن القتل بعمود الفسطاط ليس بعمد، وأن العمد يكون بما فوقه.

أو يضربه بما يغلب على الظن موته به كاللت -بضم اللام وتشديد المثناه فوق نوع من السلاح- والدبوس وعقب الفأس والكوذين -الخشبة الثقيلة التي يدق بها الدقاق الثياب- والسندان.

أو يضربه بحجر كبير أو يلقى عليه حائطا أو سقفا أو صخرة أو خشبة عظيمة، أو يلقيه من شاهق.

أو يكرر الضرب عليه بخشبة صغيرة أو حجر صغير؛ لأن ذلك كله مما يقتل غالبا.

أيضربه بالخشبة الصغيرة أو الحجر الصغير مرة في مقتل ونحوه.

أو يلكزه بيده في مقتل، أو في حال ضعف من قوة من مرض أو صغر أو كبر أو حر مفرط أو برد شديد ونحوه فمات فعليه القود؛ لأن ذلك الفعل يقتل غالبا.

وإن ادعى جهل المرض في ذلك كله لم يقبل، وكذا إن قال لم أقصد قتله لم يصدق؛ لأن الظاهر خلافه. =

ص: 64

..............................................................................................

= وإن لم يكن الضرب بالخشبة الصغيرة أو الحجر الصغير أو اللكز باليد في مقتل في حال ضعف قوة ونحوه مما ذكر ففيه الدية؛ لأنه عمد الخطأ؛ لكونه لا يقتل غالبا.

أما إن ضربه بشيء صغير جدا كالضربة بالقلم أو الإصبع في غير مقتل ونحوه، أو مسه بالكبير ولم يضربه به، فلا قود فيه ولا دية؛ لأن ذلك الفعل لا يتسبب عنه قتل.

القسم الثالث: أن يجمع بينه وبين أسد أو نمر بمكان ضيق كزريبة ونحوها فيفعل الأسد ونحوه به ما يقتل بمثله فعليه القود؛ لأنه إذا تعمد الإلقاء فقد تعمد قتله بما يقتل غالبا.

وإن فعل به الأسد ونحوه فعلا لو فعله الآدمي لم يكن عمدا فلا قود؛ لأن السبع صار آلة للآدمي، فكان فعله كفعله.

ولو أنهشه كلبا أو سبعا مفترسا أو حية من القواتل، وكان هذا الفعل يقتل غالبا كان عمدا يقاد به، فإن لم يكن يقتل غالبا كثعبان صغير أو سبع صغير أو كلب صغير، أو كتفه وألقاه في أرض غير مسبعة فأكله سبع أو نهشته حية فمات فشبه عمد، فيضمنه بالدية على عاقلته والكفارة في ماله؛ لأنه فعل فعلا تلف به، وهو لا يقتل غالبا.

القسم الرابع: ألقاه في ماء يغرقه، أو نار لا يمكنه التخلص منهما، إما لكثرتهما أو لعجزه عن التخلص لمرض أو ضعف أو صغر أو كان مربوطا أو منعه الخروج كونه في حفرة لا يقدر على الصعود منها، ونحو هذا فمات، فعمد؛ لأن الموت حصل بعد فعل يغلب على الظن إسناد القتل إليه، فوجب كونه عمدا.

وإن ألقاه في ماء يسير أو في نار، وكان يمكنه التخلص، فليبث فيه اختيارًا =

ص: 65

..............................................................................................

= ولم يخرج حتى مات، فهدر؛ لأنه مهلك نفسه.

القسم الخامس: خنقه بحبل أو غيره: وهو نوعان؛ أحدهما: أن يخنقه في عنقه ثم يعلقه في نحو خشبة، فيموت. فهو عمد سواء مات في الحال، أو بقي زمنا؛ لأن هذا جرت به عادة اللصوص والمفسدين، الثاني: أن يخنقه وهو على الأرض أو سد فمه أو أنفه أو عصر خصيتيه حتى مات في مدة يموت في مثلها غالبا، فعمد؛ لأنه يقتل غالبا، وإن كان ذلك في مدة لا يموت مثله فيها غالبا فشبه عمده، إلا أن يكون صغيرا إلى الغاية بحيث لا يتوهم الموت فيه فمات فهدر؛ لأنه لم يقتله.

القسم السادس: حبسه ومنعه الطعام والشراب أو أحدهما أو منعه الدفء في الشتاء ولياليه الباردة حتى مات جوعا أو عطشا أو بردا في مدة يموت في مثلها غالبا، بشرط أن يتعذر عليه الطلب، فعمد؛ لأن الله تعالى أرى العادة بالموت عند ذلك، فإذا تعمده الإنسان فقد تعمد القتل، فإن لم يتعذر عليه الطلب، وتركه حتى مات، فهدر؛ لأنه المهلك لنفسه، كتركه شد موضع فصاده؛ لحصول موته بفعل نفسه وتسببه فيه.

والمدة التي يموت فيها غالبا تختلف باختلاف الناس والزمان والأحوال، فإذا عطشه في الحرمات في الزمان القليل، وعكسه في البرد، وإن كان حبسه مع منعه الطعام والشراب في مدة لا يموت فيها غالبا فهو عمد الخطأ، وإن شككنا في المدة التي يموت فيها غالبا لم يجب القود لعدم تحقق موجبه.

القسم السابع: سقاه سُمًّا لا يعلم المقتول به، أو خلطه بطعام، ثم أطعمه إياه، أو خلطه بطعام أكله وهو لا يعلم به، فمات، فعليه القود إن كان ذلك السم مثله يقتل غالبا؛ لما روي أن يهودية أتت النبي صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة، فأكل منها النبي صلى الله عليه وسلم وبشير بن العلاء، فلما مات بشير أرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم فاعترفت فأمر بقتلها، رواه أبو داود. =

ص: 66

...............................................................................................

= وإن علم آكل السم به وهو بالغ عاقل فلا ضمان، كما لو قدم إليه سكينا فقتل نفسه بها. وإن كان الآكل غير مكلف بأن كان صغيرا أو مجنونا ضمنه واضع السم.

وإن خلط السم بطعام نفسه فأكله إنسان بغير إذنه فلا ضمان عليه؛ لأنه لم يقتله، وإنما هو قتل نفسه، أشبه ما لوحفر في داره بئرا ليقع فيها اللص إذا دخل يسرق منها، وسواء دخل بإذنه أو بغيره حيث لم يأذنه في الأكل.

وإن سقاه سما لا يقتل غالبا، فقتله، فشبه عمد؛ لأنه قصد الجناية بما لا يقتل غالبا.

القسم الثامن: أن يقتله بسحر يقتل غالبا فهو عمد، إذا كان الساحر يعلم ذلك، أشبه ما لو قتله بمحدد، وكذا المعيان الذي يقتل بعينه.

القسم التاسع: أن يشهد اثنان فأكثر على شخص بقتل عمد أو ردة؛ حيث امتنعت التوبة -بأن شهدا أنه سب الله وروسله- أو يشهد أربعة فأكثر بزنا محصن، ونحو ذلك مما يوجب القتل؛ فقتل بشهادتهم، ثم رجعوا واعترفوا بتعمد القتل فعليهم القصاص؛ لما روى القاسم بن عبد الرحمن أن رجلين شهدا عند علي أنه سرق، فقطعه، ثم رجعا عن شهادتهما، فقال علي: لو أعلم أنكما عمدتما لقطعت أيديكما، ولأنهما توصلا إلى قتله بسبب يقتل غالبا أشبه المكره.

وكذلك الحاكم إذا حكم على شخص بالقتل عالما بكذب البينة متعمدا فقتل، واعترف الحاكم بذلك، فعليه القصاص؛ لأنه في معنى الشهود.

ص: 67

أركان القتل العمد عن الحنابلة:

يبتين لنا من تحليل الحنابلة للقتل العمد أنه لا بُد فيه من توافر ما يأتي:

أولا: أن يقصد بالقتل من يعلمه آدميا معصوما، وقصد القتل يظهر في بعض كتب الحنابلة مثل: كشاف القناع، والأحكام السلطانية لأبي يعلى، ولا يظهر في بعضها الآخر، مثل: المغني والشرح الكبير الذي عرفه بقوله: "فالعمد ما ضربه بحديدة أو خشبة كبيرة فوق عمود الفسطاط أو حجر كبير الغالب أن يقتل مثله، أو أعاد الضرب بخشبة صغيرة، أو فعل به فعلا الغالب من ذلك الفعل أنه يتلف"، وأيضا ما جاء في الروض المربع:"القتل العمد أن يقصد من يعلمه آدميا معصوما فيقتله بما يغلب على الظن موته به، فلا قصاص إن لم يقصد قتله، ولا إن قصده بما لا يقتل غالبا".

ثانيا: أن يكون الفعل الذي أدى إلى القتل من الأفعال التي تقتل غالبا، سواء كان هذا الفعل بالمباشرة أم بالتسبب، وقد وضح المذهب آنفا بالتفصيل هذه الأفعال.

ثالثا: أن يكون الفعل بقصد الاعتداء، أما لو كان بقصد التأديب فإنه لا يكون عمدا إذا لم يتجاوز الحد "فمن أدب ولده أو أدب امرأته في النشوز أو أدب المعلم صبيه، أو أدب السلطان رعيته، ولم يسرف الأب أو الزوج أو السلطان فأفضى التأديب إلى تلف المؤدَّب -بفتح الدال- لم يضمن المؤدِّب -بكسر الدال- لأنه مأذون فيه شرعا، فلم يضمن ما تلف به كالحد، وإن أسرف في التأديب بأن زاد فوق المعتاد، أو زاد على ما يحصل به المقصود، أو ضرب من لا عقل له -أي غير صالح للتأديب- من صبي غير مميز وغيره كمجنون ومعتوه ضمن؛ لأنه غير مأذون في ذلك شرعًا"1.

1 راجع: كشاف القناع ج4، ص96، والمغني والشرح الكبير ج9، ص320، والروض المربع ج 2، ص33، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص272.

ص: 68

القتل العمد عند الزيدية:

يرى الزيدية أن القتل العمد هو "أن تكون الجناية مباشرة من مكلف قاصد للمقتول بما مثله يقتل في العادة، أو قصد القتل بما مثله لا يقتل في العادة بالنظر إلى المجني عليه، فمن مات بذلك فإنه يقتل فاعله، وإن ظن الاستحقاق له بالمجني عليه؛ نحو أن يظنه قاتل أبيه فقتله فانكشف القاتل غيره، فإنه يلزمه القود ما لم يكن فعله بأمر الحاكم أو بإقرار المجني عليه فيكون خطأ؛ لأن الحاكم ألجأه، والمجني عليه غرر عليه، فيلزم القاتل الدية وتكون على عاقلته"1.

تحليل أركان القتل العمد عند الزيدية:

يتضح لنا من التعريف المتقدم أن الزيدية يرون أن القتل العمد الموجب للقصاص هو ما توافر فيه ما يأتي:

أولا: أن يقصد بجنايته إنسانا معينا، فلو رمى زيدا فأصاب عمرًا كانت جنايته خطأ، ولا عبرة بظنه أن دم المجني عليه مستحق له، ثم ظهر خلاف ظنه.

ثانيا: لا يشترط قصد القتل إلا إذا كان القتل بما لا يقتل عادة، فإن قصد إيلامه فقط بفعل لا يقتل عادة كانت الجناية خطأ، كما سيأتي إيضاحه في الجناية خطأ.

أما في إن كانت الجناية بما مثله يقتل في العادة، فإنه لا يشترط قصد القتل، فمجرد مباشرة الجناية بذلك يكفي في جعل الجريمة عمدية موجبة للقصاص،

1 التاج المذهب ج4، ص261، 289، 291.

ص: 69

سواء قصد القتل أم قصد التأديب؛ لأن مثل هذا الفعل لا يستعمل إلا في القتل عادة، فكانت مباشرة الجناية به دليلا ظاهرا على إرادته لا حاجة معه إلى التعرف على نيته وقصده؛ لأنها أمر باطني.

ثالثا: الظن الخاطئ لا يخرج الجريمة عن كونها عمدا، فلو ظن أن دم المجني عليه مستحق له، نحو أن يظنه قاتل أبيه فقتله، ثم انكشف أن القاتل غيره، فإن قتله يكون عمدا موجبا للقصاص.

رابعا: أن تكون الجناية من مكلف -بالغ عاقل- فأما الصبي والمجنون فعمدهما خطأ، وهذا القيد وإن صرح به الزيدية في تعريفهم للقتل العمد، فهو شرط لاستيفاء القصاص بإجماع الفقهاء كما سيأتي.

خامسا: أن تكون الآلة مما يقتل عادة، سواء كانت بمحدد أم بغير محدد، بماشرة أم بسبب ولم يوجد من يتعلق به القتل إلا المسبب، أما إذا كانت بما لا يقتل عادة فإنه يجب أن يقترن بها قصد القتل كما ذكرنا آنفا1.

1 ونورد فيما يلي بعض الصور للجريمة العمدية التي تكشف وتثبت لنا ذلك: جاء في التاج المذهب ج4، ص286-288 ما يأتي:

"رمى رجل ببندق قاصدا لإفزاع صبي لقَتْلِه، فمات قتل به، وإن قصد إفزاعه دون قتله، فإن كان يقتل مثلها في العادة فعمد يقتل به وإن لم يقصد القتل، وإن كان لا يقتل في العادة لزمته الدية وتكون على عاقلته، وإن رمى ولم يقصد فلا شيء عليه إن لم يعرف أنه يتولد منها جناية، وإلا ضمن ما تولد منها، وهكذا في كل صيحة تولدت منها جناية على الغير؛ بل يجب القود على من فعل سبب القتل، ولم يوجد من يتعلق به إلا المسبب، وهو الْمُعْرِي لغيره مما يقيه الحر أو البرد من الثياب ونحوها، والحابس له ولم =

ص: 70

...............................................................................................

= يمكنه التخلص، حتى مات جوعا أو عطشا أو بردا أو حرا، فإنه يقاد به؛ لأنه قاتل عمدا عدوانا، وإن لم يكن القتل فعله.

ومثله من سرق طعام غيره أو ماءها ومركوبه في مفازة وليس معه سواه، حتى مات قتل به؛ لأنه قاتل عمدا.

وكذا لو تركت المرضعة الصبي حتى مات، فتقاد به إن لم تكن من أصوله.

ربط غيره بين يدي سبع فقتله السبع، أو في أرض مسبعة فقتله السباع فيلزم الدية؛ لأنه لم يوجد من يتعلق به الضمان، ولم يلجأ إليه إلا إذا جمع بينه وبينها في موضع ضيق؛ فقد ألجأها إليه فيلزمه القود.

ركب نخلة ثم رأى المالك في صورة مفزعة له كجندي فسقط فمات، فإن المالك لا يقاد به، ولكن يضمن الدية لتعديه بالقصد لإفزاعه، وتجب الدية على عاقلته ولو قصد هلاكه

بخلاف الصيحة كما سيأتي فإنها قاتلة بنفسها، فإن كان لا ينزجر إلا بها فلا ضمان، وإن كان ينزجر بدونها فإن كانت هذه الصيحة لا يقتل مثلها في العادة، فإن لم يقصد إلى قتله فعليه الدية، وإن قصد إلى قتله أو كان مثلها يقتل في العادة لزمه القود؛ لأن الصوت كالآلة الواقعة في الصماخ فيصدع لأجلها القلب فيهلك السامع". التاج ج4، ص387.

ونظير السم ما لو أدنى من حاسة الشم سُمًّا قاتلا كمحلول النوشادر وأشمه الغير فمات فإنه يقاد به.

"لو أمسك رجلا رجل أو صبره -أي حبسه- حتى جاء غيره ممن تضمن جنايته كالآدمي فقتله، فالقود على القاتل لا على الممسك والمصبر، وإنما عليهما التأديب، وأما لو كان ممن لا تضمن جنايته كالسبع أو نحوه فيضمن الممسك والمصبر الدية إذا لم يلجئه السبع، ويلزمه القود إذا ألجأه".

ص: 71

القتل العمد عند الإمامية:

عرف الإمامية العمد فقالوا: "أن يتعمد الفعل والقصد، بمعنى أن يقصد الشخص المعين، وفي حكمه تعمد الفعل دون القصد إذا كان الفعل مما يقتل غالبا"1.

فإذا قصد الجاني قتل إنسان معين فقتله كان عمدا، سواء كان ذلك بفعل يقتل غالبا أو يقتل نادرًا؛ لأن العمد يتحقق بقصد القتل من غير نظر إلى الآلة.

وإذا لم يقصد القتل، ولكنه فعل به فعلا يقتل غالبا كان عمدا.

وإذا لم يقصد القتل، ولكنه فعل به فعلا نادرًا ما يؤدي إلى القتل، فإنه لا يكون عمدا، وإن اتفق موته بهذا الضرب، كما لو ضربه بالعود الخفيف أو العصا الخفيفة في غير مقتل بغير قصد القتل؛ لانتفاء القصد إلى القتل، وانتفاء القتل بذلك عادة، فيكون القتل شبه الخطأ.

وللشيخ2 قول بأنه هنا عمد، استنادًا إلى روايات ضعيفة أو مرسلة لا تعتمد في الدماء المعصومة.

أما لو كرر ضربه بما لا يحتمل مثله الضرب به بالنسبة إلى بدنه؛ لصغره أو مرضه، أو زمانه لشدة الحر أو البرد فهو عمد؛ لأنه حينئذ يكن الضرب بحسب العوارض مما يقتل غالبا، ولا عبرة بكون الآلة مما لا تقتل إلا نادرًا.

ومن هذا يتبين لنا أنه يلزم توافر ما يأتي؛ لكي تكون الجريمة عمدا عند الإمامية:

1 راجع الروضة البهية ج2، ص397، 410، 418.

2 إشارة إلى أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي المتوفَّى سنة 460.

ص: 72

أولا: أن يقصد الإضرار بشخص معين.

ثانيا: لا يشترط توافر قصد القتل إذا كان الفعل مما يقتل غالبا؛ ولكن يشترط تعمد الفعل دون القصد القتل.

أما إذا كان الفعل مما يقتل نادرا فإنه لا بد من توافر قصد القتل، فإن لم يتوافر قصد القتل لا يكون عمدا، ويعتبر تكرارًا لضرب بآلة تقتل نادرًا لشخص لا يحتمل مثله بمثابة الآلة التي تقتل غالبا، سواء كان عدم احتماله بسبب مرض أو صغر أو غيرهما كما ذكرنا آنفا.

ثالثا: يسوي الإمامية بين الآلة التي تفرق الأجزاء والتي تقتل بثقلها، وكذا الخنق والنار، والماء، والسم، وكذا من يسبب الموت مثل حفر بئر في طريق ليقع فيها المجني عليه، أو أغرى به كلبا عقورا، أو إلقاه إلى أسد بحيث لا يمكنه الفرار منه1.

1 ونورد فيما يلي بعض الصور التي جاءت في كتبهم:

"ويكون عمدا لو رماه بسهم أو بحجر غامز -أي كابس على البدن لثقله- أو خنقه بحبل ولم يرخ عنه حتى مات، أو بقي مخنوقا ضمينا -أي مزمنا- ومات بذلك، أو طرحه في النار فمات، إلا أن يعلم قدرته على الخروج بأدنى حركة فيترك؛ لأنه حينئذ قاتل نفسه، أو طرحه في اللجة فمات منها ولم يقدر على الخروج أيضا إلى آخره

أو جرحه عمدا فسرى الجرح عليه ومات وإن أمكنه المداواة

أو ألقى نفسه من علو على إنسان فقتله قصدا، أو كان مثله يقتل غالبا، ولو كان الملقي له غيره بقصد قتل الأسفل قيد به مطلقا بالواقع إن كان الوقوع مما يقتل غالبا وإلا ضمن دينه، أو ألقاه من مكان شاهق يقتل غالبا، أو مع قصد قتله، أو قدم إليه طعاما مسموما يقتل مثله كمية وكيفية ولم يعلمه بحاله، أو جعل الطعام المسموم =

ص: 73

القتل العمد عند الظاهرية:

يرى الظاهرية أن الجريمة عمد أو خطأ ولا ثالث لهما، وأن القتل باعتبار أداة القتل نوعان:

"أحدهما: ما تعمد به المرء مما قد يمات من مثله وقد لا يمات من مثله، قال أبو محمد رضي الله عنه: هذا عمد وفيه القود أو الدية كما في سائر العمد؛ لأنه عدوان، وقال عز وجل:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} .

والثاني: ما تعمد به المرء مما لا يموت أحد أصلا من مثله، فهذا ليس

= في منزله ولم يعلمه به، أما لو وضعه في طعام نفسه أو في ملكه فأكله غيره بغير إذنه فلا ضمان، سواء فقصد بوضعه قتل الكل -كما لو علم دخول الغير داره كاللص- أم لا، أو حفر بئرا بعيدة القعر في طريق أو في بيته بحيث يقتل وقوعها غالبًا، أو قصده ودعا غيره إلى المرور عليها مع جهالته بها، فوقع فمات، أما لو دخل بغير إذنه فوقع فيها فلا ضمان، وإن وضعها لأجل وقوعه، كما لو وضعها اللص، أو ألقاه في البحر فالتقمه حوت إذا قصد إلقام الحوت، أو كان وجوده والتقامه غالبا في ذلك الماء، وإن لم يقصد إلقامه ولا كان غالبا فاتفق ذلك ضمنه أيضا على قول؛ لأن الإلقاء كاف في الضمان، ولو أغرى به كلبا عقورا فقتله ولا يمكنه التخلص منه

فلو أمكنه فلا قود؛ لأنه أعلن على نفسه بالتفريط، أو ألقاه إلى أسد بحيث لا يمكنه الفرار

فقتله، أو أنهشه حية قاتلة فمات

أو شهد عليه زورا بموجب القصاص، فاقتص منه، إلا أن يعلم الولي التزوير ويباشر القتل فالقصاص عليه؛ لأنه حينئذ قاتل عمدا بغير حق". الروضة البهية ج2، ص297-299.

ص: 74

قتل عمد ولا خطأ ولا شيء فيه إلا الأدب فقط"1.

"وقال أبو محمد2: إن القصاص واجب في كل ما كان بعمد من جرح أو كسر لإيجاب القرآن ذلك في كل تعد وفي كل حرمة وفي كل عقوبة وفي كل سيئة، وورود السنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".

ومن هذا يتبين لنا أن الظاهرية يرون أن القتل العمد هو ما يتوافر فيه ما يأتي:

1-

قصد ضرب المجني عليه عدوانا، ولا يشترط عندهم توافر قصد القتل.

2-

أن يكون الفعل الذي أدى إلى الموت يمكن تصور حدوث الموت منه؛ أي: أنه كما عبروا "مما قد يمات من مثله وقد لا يمات من مثله".

3-

أن يباشر الجاني الجناية؛ أي: أن تكون الجناية حادثة بفعل مباشر منه، سواء كان ذلك بقتله مباشرة، أو بدفع من لا إرادة له إلى قتله -كحيوان ومعتوه مثلا- أما لو دفعه إلى من له إرادة ليقتله فقتله كان المدفوع إليه هو القاتل، لا الأول حتى لو احتوى هذا الدفع على غش أو خداع، أو كان المدفوع إليه سما، فتناوله المجني عليه دون إكراه، فإنه لا يكون عمدا موجبا للقصاص.

ومباشرة القتل يمكن أن تكون بفعل منه، أو بالامتناع عن تقديم ما تتوقف عليه حياة الشخص المجني عليه؛ كحبسه دون طعام أو شراب،

1 المحلى لابن حزم ج10 ص343، المسألة رقم 2018.

2 نفس المرجع ج10 ص403 أيضًا.

ص: 75

أو الامتناع عن تقديمها أو أحدهما إليه، ولم يكن للمجني عليه سبيل يستطيع الحصول منه عليهما غير هذا السبيل؛ وهو طلبهما من هذا الشخص "الجاني"

فإذا مات الطالب جوعا أو عطشا كان المانع لهما قاتلا عمدًا1.

1 ونتبين هذا بوضوح مما جاء في المحلى لابن حزم من مسائل متناثرة نذكر بعضا منها:

جاء في المحلى ج11، ص11 مسألة رقم 2111:

"ولو أن إنسانا هيج كلبا أو أطلق أسدًا، أو أعطى أحمق سيفا فقتل رجلا، كل من ذكرنا، فلا ضمان على المهيج، ولا على المطلق، ولا على المعطي السيف؛ لأنهم لم يباشروا الجناية، ولا أمروا بها من يطيعهم، فلو أنه أشلى الكلب على إنسان أو حيوان فقتله ضمن المال وعليه القود مثل ذلك، ويطلق عليه كلب مثله حتى يفعل به مثل ما فعل الكلب بإطلاقه؛ لأنه هنا هو الجاني القاصد إلى إتلاف ما أتلف الكلب بإغرائه.

ولو أن امرأ حفر حفرة وغطاها أمر إنسانا أن يمشي عليها فمشى عليها ذلك الإنسان مختارا للمشي، عالما أو غير عالم، فلا ضمان على آمره بالمشي، ولا على الحافر، ولا على المعطي؛ لأنهم لم يمشوه ولا باشروا إتلافه، وإنما هو باشر شيئا باختياره، ولا فرق بين هذا وبين من غر إنسانا فقال: له طريق كذا آمن هو؟ فقال له: نعم هو في غاية الأمن، وهو يدري أن في الطريق المذكور أسدا هائجا، أو جملا هائجا، أو كلابا عقارة، أو قوما قطاعين للطريق يقتلون الناس، فنهض السائل مغترا بخبر هذا الغار له، فقتل وذهب ماله، وكذلك من رأى أسدا فأراد الهروب عنه، فقال له إنسان: لا تخف فإنه مقيد، فاغتر بقوله ومشى فقتله الأسد، فهذا كله لا قود على الغار، ولا ضمان أصلا في دم ولا مال؛ لأنه لم يباشر شيئا ولا أكره، فلو أنه أكره على المشي على الحفرة فهلك فيها أو طرحه إلى الأسد أو إلى الكلب فعليه القود، فلو طرحه إلى أهل الحرب أو البغاة فقتلوه فهم القتلة لا الطارح =

ص: 76

..............................................................................................

= بخلاف طرحه إلى من لا يعقل؛ لأن من لا يعقل آلة للطارح، وكذلك لو أمسكه لأسد فقتله أو لمجنون فقتله، فالممسك هاهنا هو القاتل بخلاف إمساكه إياه لقتل من يعقل، وبالله تعالى التوفيق".

2-

وجاء في نفس المرجع ج10، ص522 مسألة 2097:

"ومن استسقى قوما فلم يسقوه حتى مات، قال علي: روينا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا حفص بن غياث عن الأشعث عن الحسن: أن رجلا استسقى على باب قوم فأبوا أن يسقوه فأدركه العطش فمات فضمنهم عمر بن الخطاب ديته.

قال أبو محمد: القول في هذا عندنا -وبالله تعالى التوفيق- هو أن الذين لم يسقوه إن كانوا يعلمون أنه لا ماء له البتة إلا عندهم ولا يمكنه إدراكه أصلا حتى يموت، فهم قتلوه عمدا وعليهم القود بأن يمنعوا الماء حتى يموتوا كثروا أو قلوا، ولايدخل في ذلك من لم يعلم بأمره، ولا من لا يمكنه أن يسقيه، فإن كان لا يعلمون ذلك، ويقدرون أنه سيدرك الماء فهم قتله خطأ، وعليهم الكفارة، وعلى عواقلهم الدية ولا بد.

برهان ذلك قول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ، وقال تعالى:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} ، وقال تعالى:{وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} .

قال أبو محمد: وهكذا القول في الجائع والعاري ولا فرق، وكل ذلك عدوان، وليس هذا كمن تبعه سبع فلم يؤوه حتى أكله السبع؛ لأن السبع هو القاتل له، ولم يمت في جنايتهم، ولا مما تولد من جنايتهم، ولكن لو تركوه فأخذه السبع وهم قادرون على إنقاذه فهم قتلة عمد، إذا لم يمت من شيء إلا من =

ص: 77

...............................................................................................

= فعلهم، وهذا كمن أدخلوه في بيت ومنعوه حتى مات، ولا فرق، وهذا كله وجه واحد، وبالله تعالى التوفيق".

3-

وجاء في نفس المرجع ج10، ص528 مسألة 2103:

"الجرة توضع إلى باب، أو إنسان يستند إلى باب، فيفتح الباب فاتح فيفسد المتاع أو يقع الإنسان فيموت.

قال علي: قال قوم بالتضمين في هذا، وأسقط قوم فيه الضمان، والظاهر عندنا وبالله تعالى التوفيق: أنه ضامن للمتاع، والدية على عاقلته والكفارة عليه؛ لأنه مباشر لإسقاط المتاع وإسقاط المسند قاصدا إلى ذلك وإن لم يعلم، بخلاف ما ذكرنا قبل مما لم يباشر الإتلاف فيه، ولو أنه فعل هذا عمدا لكان عليه القود.

ولو أن امرأ رقد ليلا في طريق فداسه إنسان فقتله فإنه قاتل خطأ بلا شك، وكذلك لو دخل دار إنسان ليسرق فداسه صاحب المنزل فقتله فهو مباشر لقتله فعليه القود في العمد؛ لأنه لم يقتله محاربا له، والدية في ذلك والكفارة على العاقلة في غير العمد، وبالله تعالى التوفيق".

4-

كما جاء في نفس المرجع ج11، ص25-27 مسألة رقم 2121:

"من سم طعاما لإنسان ثم دعاه إلى أكله، فأكله فمات

أنه لا قود عليه ولا دية عليه ولا على عاقلته؛ لأنه لم يباشر فيه شيئا أصلا، بل الميت هو المباشر في نفسه، ولا فرق في هذا بين من غر آخر فأراه طريقا أو دعاه إلى مكان فيه أسد فقتله. وقد صح الخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوجب على التي سمته وأصحابه فمات من ذلك السم بعضهم قودًا ولا دية، فبطل النظر مع هذا النص، ووجه آخر وهو أنه لا يطلق على =

ص: 78

..............................................................................................

= من سم طعاما لآخر فأكله ذلك المقصود فمات أنه قتله إلا مجازًا لا حقيقة، ولا يعرف في لغة العرب أنه قاتل، إنما يستعمل هذا العوام، وليس الحجة إلا في اللغة وفي الشريعة، وبالله التوفيق.

وأما إذا أكرهه وأوجره "صبه في حلقه" السم، أو أمر من يوجره فهو قاتل بلا شك ومباشر لقتله، ويسمى قاتلا في اللغة وفي الأثر

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "

ومن شرب سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا

"، فقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرب السم ليموت به قاتلا لنفسه، فوجب أن يكون عليه القود، وظهر خطأ من أسقط هاهنا القود، وبالله تعالى التوفيق".

وأيضًا قد استدل الظاهرية بما ورد في بعض الروايات أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقتل التي سمته؛ منها ما روي عن أنس بن مالك وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أمه أم مبشر: أنه لم يقتل المرأة التي سمت الشاة وأهدتها له، فأكل منها وأكل بعض أصحابه ومات بعض أصحابه الذين أكلوا منها. راجع المحلى لابن حزم ج11، ص25-26، فقد ذكر الروايات المختلفة في هذا.

ص: 79