الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: عقوبة الضرب المفضي إلى الموت في القانون:
نوجز في هذا المطلب رأي القانون في هذا النوع من الجريمة إيجازا يتلاءم مع مقصدنا من هذه الدراسة الفقهية على النحو التالي:
أولا: ركن هذه الجريمة:
بيَّن شراح القانون أن جريمة الضرب المفضي إلى الموت تتطلب توافر ركنين:
أحدهما: مادي، وهو يقوم على ثلاثة عناصر:
1-
فعل الضرب أو الجرح أو إعطاء مواد ضارة.
2-
ثم موت المجني عليه.
3-
وقيام رابطة السببية بين الفعل والنتيجة "الموت"1.
وثانيهما: معنوي، وهو يقوم على أمرين: أحدهما إيجابي، والآخر سلبي:
أما الأول: فهو أن يكون لدى الجاني قصد ارتكاب الضرب.
وأما الثاني: فهو ألا يكون الجاني قد قصد ارتكاب القتل.
ونظرا إلى أننا قد أفضنا عند بيان أركان جريمة القتل العمد في تحليل هذه الأمور، وبينا موقف الفقه الإسلامي منها، فإننا نكتفي بما أوردناه هناك، وننتقل إلى العقوبة في القانون.
ثانيا: عقوبة الضرب المفضي إلى الموت:
إن الضرب المفضي إلى الموت باعتباره عملا غير مشروع يترتب عليه مسئوليتان كغيره من الأعمال غير المشروعة؛ الأولى: المسئولية الجنائية، وجزاؤها العقوبة، والثانية: المسئولية المدنية، وجزاؤها التعويض:
أ- جزاء المسئولية الجنائية لهذه الجناية:
1 نصت المادة "236/ ع/ م" على أن "كل من جرح أو ضرب أحدا عمدا، أو أعطاه موادا ضارة ولم يقصد من ذلك قتلا، ولكنه أفضى إلى الموت يعاقب بالأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع، أما إذا سبق ذلك إصرار أو ترصد فتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن".
لقد قضى القانون في المادة "236/ ع/ م" بأن عقوبة هذا النوع من الجناية الأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع، هذا إذا لم يصاحب هذه الجناية ظرف سبق الإصرار أو الترصد، فإن صاحبها هذا الظرف كانت العقوبة الأشغال المؤقتة أو السجن؛ أي: من ثلاث سنوات إلى خمس عشرة سنة.
ب- جزاء المسئولية المدنية لهذه الجناية:
كما قضت المادة "164/ 1/ مدني مصري" على أن "الشخص يكون مسئولا عن أعماله غير المشروعة متى صدرت منه وهو مميز، فالعمل غير المشروع باعتباره مصدرا من مصادر الالتزام يؤدي إلى أنه يثبت لمن وقع الضرر عليه حق المطالبة بالتعويض العادل عما أصابه من أضرار بسبب الفعل غير المشروع الواقع عليه".
ولا نريد أن نطيل في بيان الفرق بين المسئوليتين، ويكفي أن نبين أن جزاء المسئولية الجنائية يكون حق المطالبة به للنيابة العامة باعتبارها ممثلة للمجتمع، أما المسئولية المدنية فإن هذا الحق يكون لمن وقع عليه الضرر، كما أنه لا يجوز الصلح ولا التنازل في الأولى؛ لأن الحق فيها عام للمجتمع، ويجوز ذلك في الثانية؛ لأن الحق فيها خاص للفرد1، وهناك فروق أخرى يرجع إليها في كتب شرح القانون.
1 وهذا التقسيم مأخوذ من تقسيم الفقه الإسلامي للحقوق -باعتبار عموم النفع وخصوصه- إلى قسمين رئيسيين: حقوق الله، وهي كل ما يتعلق به النفع العام من غير اختصاص بأحد، فينسب إلى الله تعالى لعظم خطره وشمول نفعه، والثاني: حقوق العباد، وهي كل ما يتعلق به مصلحة خاصة لصاحبه، وقد يختلط حق الله وحق العبد، فإن كان حق الله هو الغالب كان نوعا ثالثا، وإن كان حق العبد هو الغالب كان نوعا رابعًا، إلا أن هذين النوعين يردان إلى القسمين السابقين باعتبار ما غلب فيهما.
"راجع ما سبق أن بيناه في مقدمة هذا المؤلَّف من التعريف بهذه الحقوق".