المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المنحة في السبحة] - الحاوي للفتاوي - جـ ٢

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْمِنْحَةُ فِي السُّبْحَةِ]

- ‌[أَعْذَبُ الْمَنَاهِلِ فِي حَدِيثِ مَنْ قَالَ أَنَا عَالِمٌ فَهُوَ جَاهِلٌ]

- ‌[حُسْنُ التَّسْلِيكِ فِي حُكْمِ التَّشْبِيكِ]

- ‌[شَدُّ الْأَثْوَابِ فِي سَدِّ الْأَبْوَابِ]

- ‌[الْعَجَاجَةُ الزَّرْنَبِيَّةُ فِي السُّلَالَةِ الزَّيْنَبِيَّةِ]

- ‌[آخِرُ الْعَجَاجَةِ الزَّرْنَبِيَّةِ فِي السُّلَالَةِ الزَّيْنَبِيَّةِ]

- ‌[الدُّرَّةُ التَّاجِيَّةُ عَلَى الْأَسْئِلَةِ النَّاجِيَةِ]

- ‌[رَفْعُ الْخِدْرِ عَنْ قَطْعِ السِّدْرِ]

- ‌[الْعُرْفُ الْوَرْدِيُّ فِي أَخْبَارِ الْمَهْدِيِّ]

- ‌[الْكَشْفُ عَنْ مُجَاوَزَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْأَلْفَ]

- ‌[الحديث المشهور على الألسنة أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا يَمْكُثُ فِي قَبْرِهِ أَلْفَ سَنَةٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ أَنَّ مُدَّةَ الدُّنْيَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ عَلَى رَأْسِ مِائَةٍ]

- ‌[ذِكْرُ مُدَّةِ مُكْثِ النَّاسِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا]

- ‌[ذِكْرُ مُدَّةِ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ]

- ‌[كَشْفُ الرَّيْبِ عَنِ الْجَيْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْبَعْثِ] [

- ‌هَلْ وَرَدَ أَنَّ الزَّامِرَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمِزْمَارِهِ]

- ‌[حَدِيثُ أَوَّلُ مَا يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ]

- ‌[حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ حُورٌ عِينٌ]

- ‌[هَلْ وَرَدَ أَنَّ عَدَدَ دَرَجِ الْجَنَّةِ بِعَدَدِ آيِ الْقُرْآنِ]

- ‌[رَفْعُ الصَّوْتِ بِذَبْحِ الْمَوْتِ]

- ‌[إِتْحَافُ الْفِرْقَةِ بِرَفْوِ الْخِرْقَةِ]

- ‌[بُلُوغُ الْمَأْمُولِ فِي خِدْمَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌ الْإِيمَانُ

- ‌[مَبْحَثُ الْإِلَهِيَّاتِ]

- ‌[إِتْمَامُ النِّعْمَةِ فِي اخْتِصَاصِ الْإِسْلَامِ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ]

- ‌[تَنْزِيهُ الِاعْتِقَادِ عَنِ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ]

- ‌[مَبْحَثُ النُّبُوَّاتِ]

- ‌[تَزْيِينُ الْآرَائِكِ فِي إِرْسَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَلَائِكِ]

- ‌[الجواب على قَوْلِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُبْعَثْ إِلَى الْمَلَائِكَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْأَدِلَّةِ الَّتِي أَخَذْتُ مِنْهَا إِرْسَالَهُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ]

- ‌[أَنْبَاءُ الْأَذْكِيَاءِ بِحَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِعْلَامِ بِحُكْمِ عِيسَى عليه السلام]

- ‌[لُبْسُ الْيَلَبِ فِي الْجَوَابِ عَنْ إِيرَادِ حَلَبَ]

- ‌[مَبْحَثُ الْمَعَادِ]

- ‌[اللُّمْعَةُ فِي أَجْوِبَةِ الْأَسْئِلَةِ السَّبْعَةِ]

- ‌[الِاحْتِفَالُ بِالْأَطْفَالِ]

- ‌[طُلُوعُ الثُّرَيَّا بِإِظْهَارِ مَا كَانَ خَفِيًّا]

- ‌[أَحْوَالُ الْبَعْثِ]

- ‌[تُحْفَةُ الْجُلَسَاءِ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ لِلنِّسَاءِ]

- ‌[مَسَالِكُ الْحُنَفَا فِي وَالِدَيِ الْمُصْطَفَى]

- ‌[الْفَتَاوَى الصوفية]

- ‌[الزهد]

- ‌[الْقَوْلُ الْأَشْبَهُ فِي حَدِيثِ مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ]

- ‌[الْخَبَرُ الدَّالُّ عَلَى وُجُودِ الْقُطْبِ وَالْأَوْتَادِ وَالنُّجَبَاءِ وَالْأَبْدَالِ]

- ‌[تَنْوِيرُ الْحَلَكِ فِي إِمْكَانِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ وَالْمَلَكِ]

- ‌[الْفَتَاوَى النَّحْوِيَّةُ وَمَا ضُمَّ إِلَيْهَا]

- ‌[مسائل متفرقة في النحو]

- ‌[فَجْرُ الثَّمْدِ فِي إِعْرَابِ أَكْمَلِ الْحَمْدِ]

- ‌[أَلْوِيَةُ النَّصْرِ فِي خِصِّيصَى بِالْقَصْرِ]

- ‌[الزَّنْدُ الْوَرِيُّ فِي الْجَوَابِ عَنِ السُّؤَالِ السَّكَنْدَرِيِّ]

- ‌[رَفْعُ السِّنَةِ فِي نَصْبِ الزِّنَةِ]

- ‌[الْأَجْوِبَةُ الزَّكِيَّةُ عَنِ الْأَلْغَازِ السُّبْكِيَّةِ]

- ‌[الْأَسْئِلَةُ الْمِائَةُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْفِئَةِ بِأَجْوِبَةِ الْأَسْئِلَةِ الْمِائَةِ]

- ‌[الْأَسْئِلَةُ الْوَزِيرِيَّةُ وَأَجْوِبَتُهَا]

- ‌[الْأَوْجُ فِي خَبَرِ عَوْجٍ]

الفصل: ‌[المنحة في السبحة]

[الْمِنْحَةُ فِي السُّبْحَةِ]

بسم الله الرحمن الرحيم

45 -

(الْمِنْحَةُ فِي السُّبْحَةِ)

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى وَبَعْدُ، فَقَدْ طَالَ السُّؤَالُ عَنِ السُّبْحَةِ هَلْ لَهَا أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ؟ فَجَمَعْتُ فِيهَا هَذَا الْجُزْءَ مُتَتَبِّعًا فِيهِ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنَ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وأبو داود، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، والحاكم وَصَحَّحَهُ «عَنِ ابن عمرو قَالَ: " رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ بِيَدِهِ» .

وَأَخْرَجَ ابْنُ أبي شيبة، وأبو داود، وَالتِّرْمِذِيُّ، والحاكم عَنْ بسيرة - وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «عَلَيْكُنَّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّقْدِيسِ وَلَا تَغْفُلْنَ فَتَنْسَيْنَ التَّوْحِيدَ وَاعْقِدْنَ بِالْأَنَامِلِ فَإِنَّهُنَّ مَسْؤُولَاتٌ وَمُسْتَنْطَقَاتٌ» .

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، والحاكم، وَالطَّبَرَانِيُّ «عَنْ صفية قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ يَدَيَّ أَرْبَعَةُ آلَافِ نَوَاةٍ أُسَبِّحُ بِهِنَّ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا بِنْتَ حيي؟ قُلْتُ: أُسَبِّحُ بِهِنَّ، قَالَ: قَدْ سَبَّحْتُ مُنْذُ قُمْتُ عَلَى رَأْسِكِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، قُلْتُ: عَلِّمْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: " قُولِي سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ مِنْ شَيْءٍ» صَحِيحٌ أَيْضًا.

وَأَخْرَجَ أبو داود، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، والحاكم وَصَحَّحَهُ «عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: " أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى - أَوْ حَصًى - تُسَبِّحُ فَقَالَ: أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا وَأَفْضَلُ؟ قُولِي سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ، سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الْأَرْضِ، سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ، اللَّهُ أَكْبَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ» .

وَفِي جُزْءِ هِلَالٍ الْحَفَّارِ، وَمُعْجَمِ الصَّحَابَةِ لِلْبَغَوِيِّ، وَتَارِيخِ ابن عساكر مِنْ طَرِيقِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ جَدِّهِ بقية، عَنْ أبي صفية مولى النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ

ص: 3

يُوضَعُ لَهُ نِطَعٌ، وَيُجَاءُ بِزِنْبِيلٍ فِيهِ حَصًى فَيُسَبِّحُ بِهِ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، ثُمَّ يُرْفَعُ فَإِذَا صَلَّى الْأُولَى أَتَى بِهِ، فَيُسَبِّحُ بِهِ حَتَّى يُمْسِيَ.

وَأَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ، ثَنَا عفان، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: رَأَيْتُ أبا صفية - رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ جَارَنَا - قَالَتْ: فَكَانَ يُسَبِّحُ بِالْحَصَى.

وَأَخْرَجَ ابن سعد عَنْ حكيم بن الديلي أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ كَانَ يُسَبِّحُ بِالْحَصَى.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ عَنْ مَوْلَاةٍ لسعد، أَنَّ سعدا كَانَ يُسَبِّحُ بِالْحَصَى، أَوِ النَّوَى، وَقَالَ ابن سعد فِي الطَّبَقَاتِ: أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَنَا إسرائيل عَنْ جابر عَنِ امْرَأَةٍ حَدَّثَتْهُ عَنْ فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، أَنَّهَا كَانَتْ تُسَبِّحُ بِخَيْطٍ مَعْقُودٍ فِيهَا.

وَأَخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الزُّهْدِ مِنْ طَرِيقِ نعيم بن محرز بن أبي هريرة عَنْ جَدِّهِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ خَيْطٌ فِيهِ أَلْفَا عُقْدَةٍ فَلَا يَنَامُ حَتَّى يُسَبِّحَ بِهِ.

وَأَخْرَجَ أحمد فِي الزُّهْدِ، ثَنَا مسكين بن نكير، أَنَا ثابت بن عجلان عَنِ القاسم بن عبد الرحمن قَالَ: كَانَ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ نَوًى مِنْ نَوَى الْعَجْوَةِ فِي كِيسٍ فَكَانَ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ أَخْرَجَهُنَّ وَاحِدَةً وَاحِدَةً يُسَبِّحُ بِهِنَّ حَتَّى يَنْفَدْنَ.

وَأَخْرَجَ ابن سعد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يُسَبِّحُ بِالنَّوَى الْمُجَزَّعِ، وَقَالَ الديلي فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ: أَنَا عبدوس بن عبد الله، أَنَا أبو عبد الله الحسين بن فتحويه الثقفي، ثَنَا علي بن محمد بن نصرويه، ثَنَا محمد بن هارون بن عيسى بن المنصور الهاشمي، حَدَّثَنِي محمد بن علي بن حمزة العلوي، حَدَّثَنِي عبد الصمد بن موسى، حَدَّثَتْنِي زينب بنت سليمان بن علي، حَدَّثَتْنِي أم الحسن بنت جعفر بن الحسين، عَنْ أَبِيهَا عَنْ جَدِّهَا عَنْ علي مَرْفُوعًا:«نِعْمَ الْمُذَكِّرُ السُّبْحَةُ» .

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُسَبِّحُ بِالْحَصَى.

وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ أبي نضرة عَنْ رَجُلٍ مِنَ الطُّفَاوَةِ، قَالَ: نَزَلْتُ عَلَى إبراهيم وَمَعَهُ كِيسٌ فِيهِ حَصًى أَوْ نَوًى فَيُسَبِّحُ بِهِ حَتَّى يَنْفَدَ.

وَأَخْرَجَ عَنْ زَاذَانَ قَالَ: أَخَذْتُ مِنْ أُمِّ يعفور تَسَابِيحَ لَهَا فَلَمَّا أَتَيْتُ عليا قَالَ: ارْدُدْ عَلَى أم يعفور تَسَابِيحَهَا.

ثُمَّ رَأَيْتُ كِتَابَ تُحْفَةِ الْعُبَّادِ وَمُصَنِّفُهُ مُتَأَخِّرٌ عَاصَرَ الجلال البلقيني - فَصْلًا حَسَنًا

ص: 4

فِي السُّبْحَةِ قَالَ فِيهِ مَا نَصُّهُ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: عَقْدُ التَّسْبِيحِ بِالْأَنَامِلِ أَفْضَلُ مِنَ السُّبْحَةِ لِحَدِيثِ ابن عمرو، لَكِنْ يُقَالُ إِنَّ الْمُسَبِّحَ إِنْ أَمِنَ مِنَ الْغَلَطِ كَانَ عَقْدُهُ بِالْأَنَامِلِ أَفْضَلَ وَإِلَّا فَالسُّبْحَةُ أَوْلَى.

وَقَدِ اتَّخَذَ السُّبْحَةَ سَادَاتٌ يُشَارُ إِلَيْهِمْ وَيُؤْخَذُ عَنْهُمْ، وَيُعْتَمَدُ عَلَيْهِمْ، كَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه كَانَ لَهُ خَيْطٌ فِيهِ أَلْفَا عُقْدَةٍ، فَكَانَ لَا يَنَامُ حَتَّى يُسَبِّحَ بِهِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أَلْفَ تَسْبِيحَةٍ قَالَهُ عكرمة، وَفِي سُنَنِ أبي داود مِنْ حَدِيثِ أبي نضرة الغفاري قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ طُفَاوَةَ قَالَ: تَثَوَّيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ بِالْمَدِينَةِ فَلَمْ أَرَ رَجُلًا أَشَدَّ تَشْمِيرًا وَلَا أَقْوَمَ عَلَى ضَيْفٍ مِنْهُ قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ يَوْمًا وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ وَمَعَهُ كِيسٌ فِيهِ حَصًى أَوْ نَوًى وَأَسْفَلَ مِنْهُ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ، وَهُوَ يُسَبِّحُ بِهَا حَتَّى إِذَا أَنْفَدَ مَا فِي الْكِيسِ أَلْقَاهُ إِلَيْهَا فَأَعَادَتْهُ فِي الْكِيسِ فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ يُسَبِّحُ - قَوْلُهُ تَثَوَّيْتُ - أَيْ تَضَيَّفْتُهُ وَنَزَلْتُ فِي مَنْزِلِهِ - وَالْمَثْوَى الْمَنْزِلُ وَقِيلَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يُسَبِّحُ بِالنَّوَى الْمُجَزَّعِ - يَعْنِي الَّذِي حُكَّ بَعْضُهُ حَتَّى ابْيَضَّ شَيْءٌ مِنْهُ، وَتُرِكَ الْبَاقِي عَلَى لَوْنِهِ - وَكُلُّ مَا فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ - فَهُوَ مُجَزَّعٌ - قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ: وَذَكَرَ الحافظ عبد الغني فِي الْكَمَالِ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ عُوَيْمِرٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ كَانَ يُسَبِّحُ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ أَلْفِ تَسْبِيحَةٍ، وَذَكَرَ أَيْضًا عَنْ سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ قَالَ: كَانَ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ يُسَبِّحُ فِي الْيَوْمِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ تَسْبِيحَةٍ سِوَى مَا يَقْرَأُ، فَلَمَّا وُضِعَ لِيُغَسَّلَ جَعَلَ بِأُصْبُعِهِ كَذَا يُحَرِّكُهَا - يَعْنِي بِالتَّسْبِيحِ -، وَمِنَ الْمَعْلُومِ الْمُحَقَّقِ أَنَّ الْمِائَةَ أَلْفٍ بَلْ وَالْأَرْبَعِينَ أَلْفًا وَأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا يُحْصَرُ بِالْأَنَامِلِ فَقَدْ صَحَّ بِذَلِكَ وَثَبَتَ أَنَّهُمَا كَانَا يَعُدَّانِ بِآلَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَكَانَ لِأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ سُبْحَةٌ فَقَامَ لَيْلَةً وَالسُّبْحَةُ فِي يَدِهِ قَالَ: فَاسْتَدَارَتِ السُّبْحَةُ فَالْتَفَّتْ عَلَى ذِرَاعِهِ وَجَعَلَتْ تُسَبِّحُ فَالْتَفَتَ أبو مسلم وَالسُّبْحَةُ تَدُورُ فِي ذِرَاعِهِ وَهِيَ تَقُولُ: سُبْحَانَكَ يَا مُنْبِتَ النَّبَاتِ وَيَا دَائِمَ الثَّبَاتِ، قَالَ: هَلُمِّي يَا أم مسلم فَانْظُرِي إِلَى أَعْجَبِ الْأَعَاجِيبِ، قَالَ: فَجَاءَتْ أم مسلم وَالسُّبْحَةُ تَدُورُ وَتُسَبِّحُ فَلَمَّا جَلَسَتْ سَكَتَتْ. ذَكَرَهُ أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري فِي كِتَابِ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَارِفُ عمر البزار: كَانَتْ سُبْحَةُ الشَّيْخِ أبي الوفا كاكيش - وبالعربي عبد الرحمن - الَّتِي أَعْطَاهَا لِسَيِّدِي الشَّيْخِ محيي الدين عبد القادر الكيلاني قَدَّسَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ إِذَا وَضَعَهَا عَلَى الْأَرْضِ تَدُورُ وَحْدَهَا حَبَّةً حَبَّةً.

وَذَكَرَ القاضي أبو العباس أحمد بن خلكان فِي وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ أَنَّهُ رُئِيَ فِي يَدِ أَبِي الْقَاسِمِ الْجُنَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ

ص: 5

رَحِمَهُ اللَّهُ يَوْمًا سُبْحَةٌ فَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ مَعَ شَرَفِكَ تَأْخُذُ بِيَدِكَ سُبْحَةً؟ قَالَ: طَرِيقٌ وَصَلْتُ بِهِ إِلَى رَبِّي لَا أُفَارِقُهُ، قَالَ: وَقَدْ رَوَيْتُ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا مُسَلْسَلًا - وَهُوَ مَا أَخْبَرَنِي بِهِ شَيْخُنَا الْإِمَامُ أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد الله مِنْ لَفْظِهِ - وَرَأَيْتُ فِي يَدِهِ سُبْحَةً، قَالَ: أَنَا الْإِمَامُ أبو العباس أحمد بن أبي المحاسن يوسف بن البانياسي بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ وَرَأَيْتُ فِي يَدِهِ سُبْحَةً، قَالَ: أَنَا أبو المظفر يوسف بن محمد بن مسعود الترمذي، وَرَأَيْتُ فِي يَدِهِ سُبْحَةً، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى شَيْخِنَا أبي الثناء، وَرَأَيْتُ فِي يَدِهِ سُبْحَةً، قَالَ: أَنَا عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر، وَرَأَيْتُ فِي يَدِهِ سُبْحَةً، قَالَ: أَنَا أبو محمد يوسف بن أبي الفرج عبد الرحمن بن علي، وَرَأَيْتُ فِي يَدِهِ سُبْحَةً، قَالَ: أَنَا أَبِي وَرَأَيْتُ فِي يَدِهِ سُبْحَةً، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أبي الفضل بن ناصر، وَرَأَيْتُ فِي يَدِهِ سُبْحَةً، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيِّ وَرَأَيْتُ فِي يَدِهِ سُبْحَةً، قُلْتُ لَهُ: سَمِعْتُ أبا بكر محمد بن علي السلمي الحداد، وَرَأَيْتُ فِي يَدِهِ سُبْحَةً؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا نَصْرٍ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمُقْرِيَ، وَرَأَيْتُ فِي يَدِهِ سُبْحَةً، قَالَ: رَأَيْتُ أبا الحسن علي بن الحسن بن أبي القاسم المترفق الصوفي وَفِي يَدِهِ سُبْحَةٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أبا الحسن المالكي يَقُولُ: وَقَدْ رَأَيْتُ فِي يَدِهِ سُبْحَةً، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أُسْتَاذُ وَأَنْتَ إِلَى الْآنَ مَعَ السُّبْحَةِ، فَقَالَ: كَذَلِكَ رَأَيْتُ أُسْتَاذِي الجنيد وَفِي يَدِهِ سُبْحَةٌ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أُسْتَاذُ وَأَنْتَ إِلَى الْآنَ مَعَ السُّبْحَةِ؟ قَالَ: كَذَلِكَ رَأَيْتُ أُسْتَاذِي سَرِيَّ بْنَ مُغَلِّسٍ السَّقَطِيَّ وَفِي يَدِهِ سُبْحَةٌ، فَقُلْتُ: يَا أُسْتَاذُ أَنْتَ مَعَ السُّبْحَةِ؟ فَقَالَ: كَذَلِكَ رَأَيْتُ أُسْتَاذِي مَعْرُوفًا الْكَرْخِيَّ وَفِي يَدِهِ سُبْحَةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَمَّا سَأَلْتَنِي عَنْهُ فَقَالَ: كَذَلِكَ رَأَيْتُ [بشرا الحافي وَفِي يَدِهِ سُبْحَةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَمَّا سَأَلْتَنِي عَنْهُ فَقَالَ: كَذَلِكَ رَأَيْتُ] أُسْتَاذِي عمر المالكي وَفِي يَدِهِ سُبْحَةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَمَّا سَأَلْتَنِي عَنْهُ، فَقَالَ: كَذَلِكَ رَأَيْتُ أُسْتَاذِي الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ وَفِي يَدِهِ سُبْحَةٌ، فَقُلْتُ: يَا أُسْتَاذُ مَعَ عِظَمِ شَأْنِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ وَأَنْتَ إِلَى الْآنَ مَعَ السُّبْحَةِ؟ فَقَالَ لِي: شَيْءٌ كُنَّا اسْتَعْمَلْنَاهُ فِي الْبِدَايَاتِ مَا كُنَّا نَتْرُكُهُ فِي النِّهَايَاتِ، أُحِبُّ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ بِقَلْبِي وَفِي يَدِي وَلِسَانِي، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي اتِّخَاذِ السُّبْحَةِ غَيْرُ مُوَافَقَةِ هَؤُلَاءِ السَّادَةِ وَالدُّخُولِ فِي سِلْكِهِمْ وَالْتِمَاسِ بَرَكَتِهِمْ، لَصَارَتْ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ [مِنْ أَهَمِّ الْأُمُورِ وَآكَدِهَا] ، فَكَيْفَ بِهَا وَهِيَ مُذَكِّرَةٌ بِاللَّهِ تَعَالَى ; لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَلَّ أَنْ يَرَاهَا إِلَّا

ص: 6

وَيَذْكُرُ اللَّهَ وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ فَوَائِدِهَا، وَبِذَلِكَ كَانَ يُسَمِّيهَا بَعْضُ السَّلَفِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَمِنْ فَوَائِدِهَا أَيْضًا الِاسْتِعَانَةُ عَلَى دَوَامِ الذِّكْرِ، كُلَّمَا رَآهَا ذَكَرَ أَنَّهَا آلَةٌ لِلذِّكْرِ فَقَادَهُ ذَلِكَ إِلَى الذِّكْرِ، فَيَا حَبَّذَا سَبَبٌ مُوَصِّلٌ إِلَى دَوَامِ ذِكْرِ اللَّهِ عز وجل، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يُسَمِّيهَا حَبْلَ الْوَصْلِ، وَبَعْضُهُمْ رَابِطَةَ الْقُلُوبِ. وَقَدْ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِقَوْلِهِ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ قَافِلَةٍ فِي دَرْبِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَامَ عَلَيْهِمْ سَرِيَّةُ عَرَبٍ وَجَرَّدُوا الْقَافِلَةَ جَمِيعَهُمْ وَجَرَّدُونِي مَعَهُمْ، فَلَمَّا أَخَذُوا عِمَامَتِي سَقَطَتْ مِسْبَحَةٌ مِنْ رَأْسِي فَلَمَّا رَأَوْهَا، قَالُوا: هَذَا صَاحِبُ سُبْحَةٍ فَرَدُّوا عَلَيَّ مَا كَانَ أُخِذَ لِي، وَانْصَرَفْتُ سَالِمًا مِنْهُمْ. فَانْظُرْ يَا أَخِي إِلَى هَذِهِ الْآلَةِ الْمُبَارَكَةِ الزَّاهِرَةِ وَمَا جُمِعَ فِيهَا مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ وَلَا مِنَ الْخَلَفِ الْمَنْعُ مِنْ جَوَازِ عَدِّ الذِّكْرِ بِالسُّبْحَةِ، بَلْ كَانَ أَكْثَرُهُمْ يَعُدُّونَهُ بِهَا وَلَا يَرَوْنَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا، وَقَدْ رُئِيَ بَعْضُهُمْ يَعُدُّ تَسْبِيحًا فَقِيلَ لَهُ: أَتَعُدُّ عَلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَا وَلَكِنْ أَعُدُّ لَهُ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أَكْثَرَ الذِّكْرِ الْمَعْدُودِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ الشَّرِيفَةُ لَا يَنْحَصِرُ بِالْأَنَامِلِ غَالِبًا، وَلَوْ أَمْكَنَ حَصْرُهُ لَكَانَ الِاشْتِغَالُ بِذَلِكَ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ وَهُوَ الْمُرَادُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَخْرَجَ ابن عساكر فِي تَارِيخِهِ عَنْ بكر بن خنيس عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ قَالَ: كَانَ فِي يَدِ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ سُبْحَةٌ يُسَبِّحُ بِهَا، قَالَ: فَقَامَ وَالسُّبْحَةُ فِي يَدِهِ فَاسْتَدَارَتِ السُّبْحَةُ فَالْتَفَّتْ عَلَى ذِرَاعِهِ وَجَعَلَتْ تُسَبِّحُ، فَالْتَفَتَ أبو مسلم وَالسُّبْحَةُ تَدُورُ فِي ذِرَاعِهِ وَهِيَ تَقُولُ: سُبْحَانَكَ يَا مُنْبِتَ النَّبَاتِ وَيَا دَائِمَ الثَّبَاتِ، فَقَالَ: هَلُمَّ يَا أم مسلم وَانْظُرِي إِلَى أَعْجَبِ الْأَعَاجِيبِ فَجَاءَتْ أم مسلم وَالسُّبْحَةُ تَدُورُ تُسَبِّحُ فَلَمَّا جَلَسَتْ سَكَنَتْ. وَقَالَ عماد الدين المناوي فِي سُبْحَةٍ:

وَمَنْظُومَةُ الشَّمْلِ يَخْلُو بِهَا

اللَّبِيبُ فَتَجْمَعُ مِنْ هِمَّتِهْ

إِذَا ذَكَرَ اللَّهَ جَلَّ اسْمُهُ

عَلَيْهَا تَفَرَّقَ مِنْ هَيْبَتِهْ

مَسْأَلَةٌ: هَلْ تَدَاوَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ ثَمَّ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ إِنَّهُ أُمِرَ بِالتَّدَاوِي وَلَمْ يَتَدَاوَ؟.

الْجَوَابُ: نَعَمْ، قَالَ النووي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ:«هُمُ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ: احْتَجَّ بَعْضُ النَّاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ التَّدَاوِيَ مَكْرُوهٌ، وَمُعْظَمُ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَاحْتَجُّوا بِمَا وَقَعَ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْ ذِكْرِهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنَافِعِ الْأَدْوِيَةِ

ص: 7

وَالْأَطْعِمَةِ كَالْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ، وَالْقُسْطِ وَالصَّبِرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَبِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَدَاوَى، وَبِأَخْبَارِ عائشة بِكَثْرَةِ تَدَاوِيهِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنِ الْقَاضِي عِيَاضٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَطَبَّبَ فِي نَفْسِهِ، وَطَبَّبَ غَيْرَهُ» انْتَهَى.

قُلْتُ: يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ السُّنِّيِّ، وأبو نعيم كِلَاهُمَا فِي الطِّبِّ النَّبَوِيِّ مِنْ طَرِيقِ «هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لعائشة رضي الله عنها: يَا أم المؤمنين أَعْجَبُ مِنْ بَصَرِكِ بِالطِّبِّ، قَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا طَعَنَ فِي السِّنِّ سَقِمَ فَوَفَدَتِ الْوُفُودُ، فَنَعَتَتْ فَمِنْ ثَمَّ» ، وَأَخْرَجَ أبو نعيم مِنْ طَرِيقِ محمد بن عبد الرحمن المليكي، قَالَ:«حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قُلْتُ لعائشة: يَا خَالَةُ إِنِّي لَأُفَكِّرُ فِي أَمْرِكِ وَأَتَعَجَّبُ أَنْ وَجَدْتُكِ عَالِمَةً بِالطِّبِّ فَمِنْ أَيْنَ؟ فَقَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَثُرَتْ أَسْقَامُهُ فَكُنَّا نُعَالِجُ لَهُ» .

وَأَخْرَجَ أبو نعيم مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ «عَنْ عائشة، أَنَّهُ قِيلَ لَهَا، مِنْ أَيْنَ تَعَلَّمْتِ الطِّبَّ؟ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِسْقَامًا، وَكَانَ يَقْدَمُ عَلَيْهِ وُفُودُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَتَنْعِتُ لَهُ فَتَعَلَّمْتُ ذَلِكَ» .

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ «عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ سُئِلَ بِأَيِّ شَيْءٍ دُووِيَ جُرْحُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ؟ فَقَالَ: كَانَتْ فاطمة تَغْسِلُ الدَّمَ، وعلي يَسْكُبُ الْمَاءَ عَلَيْهَا: فَلَمَّا رَأَتْ فاطمة الدَّمَ لَا يَزِيدُ إِلَّا كَثْرَةً: أَخَذَتْ قِطْعَةَ حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا حَتَّى إِذَا صَارَتْ رَمَادًا أَلْصَقَتْهُ بِالْجُرْحِ فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ» .

وَأَخْرَجَ أبو داود، والحاكم وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَطَ» .

وَأَخْرَجَ ابْنُ السُّنِّيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " «احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَعَطَ» .

وَأَخْرَجَ ابْنُ السُّنِّيِّ «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، " أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَحْتَجِمُ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: الْحَجْمُ، قُلْتُ: وَمَا الْحَجْمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: خَيْرُ مَا تَدَاوَى بِهِ الْعَرَبُ» .

وَأَخْرَجَ الحاكم وَصَحَّحَهُ عَنْ سمرة قَالَ: «دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَحْتَجِمُ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: هَذَا الْحَجْمُ وَهُوَ خَيْرُ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ» .

وَأَخْرَجَ ابْنُ السُّنِّيِّ عَنْ عبد الله بن جعفر قَالَ: «احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَرْنِهِ بَعْدَ مَا» .

وَأَخْرَجَ أبو داود، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ جابر «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ عَلَى وَرِكِهِ مِنْ وَنْيٍ كَانَ بِهِ يَعْنِي مِنْ وَهْنٍ دُونَ الْخَلْعِ وَالْكَسْرِ» .

وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ» .

وَأَخْرَجَ أبو نعيم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ فِي رَأْسِهِ مِنْ أَذًى كَانَ بِهِ» .

وَأَخْرَجَ

ص: 8