الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَائِدَةٌ: قَالَ الْإِمَامُ مُوَفَّقُ الدِّينِ بْنُ قُدَامَةَ الْحَنْبَلِيُّ فِي الْمُقْنِعِ: وَمَنْ قَذَفَ أُمَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قُتِلَ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا.
[الْفَتَاوَى الصوفية]
[الزهد]
الْفَتَاوَى الْمُتَعَلِّقَةُ بِالتَّصَوُّفِ
مَسْأَلَةٌ: فِيمَا نَقَلَهُ الْحَافِظُ أبو نعيم فِي الْحِلْيَةِ عَنْ أبي عبد الله محمد بن الوراق لَمَّا سُئِلَ عَنْ أَشْيَاءَ فَعَدَّ مِنْهَا بِأَنْ قَالَ: مَنِ اكْتَفَى بِالْفِقْهِ دُونَ الزُّهْدِ يَفْسُقُ، فَمَا مَعْنَى ذَلِكَ: وَمَا هُوَ الزُّهْدُ الَّذِي يَكْتَفِي بِالْفِقْهِ دُونَهُ؟ وَهَلِ الْفَقِيهُ إِذَا اكْتَفَى بِالْفِقْهِ وَخَرَجَ مِنَ الْخِلَافِ، هَلْ يُعَدُّ هَذَا مِنَ الزُّهْدِ الَّذِي عَنَاهُ الشَّيْخُ هُنَا؟ الْجَوَابُ: هَذَا كَلَامُ رَجُلٍ صُوفِيٍّ تَكَلَّمَ بِحَسْبِ مَقَامِهِ، فَإِنَّ الْخَوَاصَّ يُطْلِقُونَ لَفْظَ الْكُفْرِ وَالْفِسْقِ عَلَى مَا لَا يُطْلِقُهُ الْفُقَهَاءُ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ، فَأَطْلَقَ عَلَى الْحَسَنَاتِ سَيِّئَاتٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَلِيِّ مَقَامِهِمْ، كَمَا قَالَ ابْنُ الْفَارِضِ رضي الله عنه:
وَإِنْ خَطَرَتْ لِي فِي سِوَاكَ إِرَادَةٌ
…
عَلَى خَاطِرِي سَهْوًا قَضَيْتُ بِرِدَّتِي
وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِرِدَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ، وَمِنْ هَذَا النَّمَطِ قَوْلُ الصُّوفِيَّةِ: إِنَّ الْغِيبَةَ تُفْطِرُ الصَّائِمَ، فَكُلُّ هَذَا مِنْ طَرِيقَةِ الْخَوَاصِّ يُلْزِمُونَ أَنْفُسَهُمْ بِمَا لَا يَلْزَمُ الْعَامَّةَ.
مَسْأَلَةٌ: فِي جَمَاعَةٍ صُوفِيَّةٍ اجْتَمَعُوا فِي مَجْلِسِ ذِكْرٍ ثُمَّ إِنَّ شَخْصًا مِنَ الْجَمَاعَةِ قَامَ مِنَ الْمَجْلِسِ ذَاكِرًا وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ لِوَارِدٍ حَصَلَ لَهُ، فَهَلْ لَهُ فِعْلُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ بِاخْتِيَارِهِ أَمْ لَا، وَهَلْ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ وَزَجْرُهُ عَنْ ذَلِكَ؟ .
الْجَوَابُ: لَا إِنْكَارَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ سُئِلَ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِعَيْنِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ سراج الدين البلقيني فَأَجَابَ: بِأَنَّهُ لَا إِنْكَارَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِمَانِعِ التَّعَدِّي بِمَنْعِهِ، وَيَلْزَمُ الْمُتَعَدِّيَ بِذَلِكَ التَّعْزِيرُ، وَسُئِلَ عَنْهُ الْعَلَّامَةُ برهان الدين الأبناسي فَأَجَابَ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَزَادَ أَنَّ صَاحِبَ الْحَالِ مَغْلُوبٌ، وَالْمُنْكِرَ مَحْرُومٌ مَا ذَاقَ لَذَّةَ التَّوَاجُدِ وَلَا صَفَا لَهُ الْمَشْرُوبُ، إِلَى أَنْ قَالَ فِي آخِرِ جَوَابِهِ: وَبِالْجُمْلَةِ فَالسَّلَامَةُ فِي تَسْلِيمِ حَالِ الْقَوْمِ، وَأَجَابَ أَيْضًا بِمِثْلِ ذَلِكَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ كُلُّهُمْ كَتَبُوا عَلَى هَذَا السُّؤَالِ بِالْمُوَافَقَةِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ.
أَقُولُ: وَكَيْفَ يُنْكَرُ الذِّكْرُ قَائِمًا وَالْقِيَامُ ذَاكِرًا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ} [آل عمران: 191]
{اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191] وَقَالَتْ عائشة رضي الله عنها «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» ، وَإِنِ انْضَمَّ إِلَى هَذَا الْقِيَامِ رَقْصٌ أَوْ نَحْوُهُ فَلَا إِنْكَارَ عَلَيْهِمْ، فَذَلِكَ مِنْ لَذَّاتِ الشُّهُودِ أَوِ الْمَوَاجِيدِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «رَقْصُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَالَ لَهُ: أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي» ، وَذَلِكَ مِنْ لَذَّةٍ هَذَا الْخِطَابِ، وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ هَذَا أَصْلًا فِي رَقْصِ الصُّوفِيَّةِ لِمَا يُدْرِكُونَهُ مِنْ لَذَّاتِ الْمَوَاجِيدِ، وَقَدْ صَحَّ الْقِيَامُ وَالرَّقْصُ فِي مَجَالِسِ الذِّكْرِ وَالسَّمَاعِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ كِبَارِ الْأَئِمَّةِ، مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عز الدين بن عبد السلام.
مَسْأَلَةٌ: فِي قَوْلِ الشَّيْخِ أبي العباس المرسي فِي حِزْبِهِ: إِلَهِي مَعْصِيَتُكَ نَادَتْنِي بِالطَّاعَةِ، وَطَاعَتُكَ نَادَتْنِي بِالْمَعْصِيَةِ، فَفِي أَيِّهِمَا أَخَافُكَ وَفِي أَيِّهِمَا أَرْجُوكَ؟ إِنْ قُلْتُ بِالْمَعْصِيَةِ، قَابَلْتَنِي بِفَضْلِكَ فَلَمْ تَدَعْ لِي خَوْفًا، وَإِنْ قُلْتُ بِالطَّاعَةِ، قَابَلْتَنِي بِعَدْلِكَ فَلَمْ تَدَعْ لِي رَجَاءً، فَلَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ أَرَى إِحْسَانِي مَعَ إِحْسَانِكَ؟ ! أَمْ كَيْفَ أَجْهَلُ فَضْلَكَ مَعَ عِصْيَانِكَ؟ ! ق ج سِرَّانِ مِنْ سِرِّكَ وَكِلَاهُمَا دَالَّانِ عَلَى غَيْرِكَ، فَبِالسِّرِّ الْجَامِعِ الدَّالِّ عَلَيْكَ لَا تَدَعْنِي لِغَيْرِكَ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
الْجَوَابُ: حَسْبَمَا ظَهَرَ قَوْلُهُ: إِلَهِي مَعْصِيَتُكَ نَادَتْنِي بِالطَّاعَةِ: يَعْنِي لِمَا يَتَسَبَّبُ عَنْهَا مِنَ النَّدَمِ وَالْخَوْفِ وَالِانْكِسَارِ وَالذُّلِّ وَرَجَاءِ التَّوْبَةِ وَالِاعْتِرَافِ بِالتَّقْصِيرِ وَنُزُولِ الْمَرْتَبَةِ، وَطَاعَتُكَ نَادَتْنِي بِالْمَعْصِيَةِ لِمَا قَدْ يَنْشَأُ عَنْهَا مِنْ أَضْدَادِ ذَلِكَ وَمِنْ مُخَالَطَةِ الْعُجْبَ وَالرِّيَاءِ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ بْنُ حَيَّانَ فِي كِتَابِ الثَّوَابِ عَنْ كليب الجهني عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ اللَّهُ عز وجل: ( «لَوْلَا أَنَّ الذَّنْبَ خَيْرٌ لِعَبْدِي الْمُؤْمِنِ مِنَ الْعُجْبِ مَا خَلَّيْتُ بَيْنَ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ وَبَيْنَ الذَّنْبِ» ) وَمَا أَخْرَجَهُ الديلمي فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: ( «لَوْلَا أَنَّ الْمُؤْمِنَ مَنْ يَعْجَبُ بِعَمَلِهِ لَعُصِمَ مِنَ الذَّنْبِ حَتَّى لَا يَهُمَّ بِهِ، وَلَكِنَّ الذَّنْبَ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْعُجْبِ» ) وَمَا أَخْرَجَهُ أبو نعيم وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وأبي سعيد مَرْفُوعًا: ( «لَوْ لَمْ تَكُونُوا تُذْنِبُونَ لَخِفْتُ عَلَيْكُمْ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ، الْعُجْبَ الْعُجْبَ» ) وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْأَوْلِيَاءِ وأبو نعيم فِي الْحِلْيَةِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ جِبْرِيلَ يَقُولُ اللَّهُ: ( «وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ يَسْأَلُنِي الْبَابَ مِنَ الْعِبَادَةِ فَأَكُفُّهُ أَنْ لَا يَدْخُلَهُ عُجْبٌ فَيُفْسِدُهُ ذَلِكَ» ) - ذَكَرَهُ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ طَوِيلٍ -
وَأَيْضًا فَالطَّاعَةُ قَدْ تَكُونُ مَذْمُومَةً لِنُقْصَانِهَا بِتَخَلُّفِ أُمُورٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُتَخَلَّفَ عَنْهَا، كَالذِّكْرِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَارِنَهُ حُضُورُ الْقَلْبِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ: اسْتِغْفَارُنَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِغْفَارٍ، وَكَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَارِنَهُ الِائْتِمَارُ وَالِانْتِهَاءُ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فِي مَعْرِضِ الْإِنْكَارِ وَالتَّوْبِيخِ:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44] فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ فِي ذَمِّ مَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يَأْتَمِرْ بِهِ، وَنَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَمْ يَنْتَهِ عَنْهُ، وَكَالصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ نَاهِيَةً عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكِرِ كَمَا وَصَفَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ، وَكَالصَّوْمِ يَنْبَغِي أَنْ يُنَزَّهَ عَنِ الْغِيبَةِ وَنَحْوِهَا كَمَا قَالَ عليه الصلاة والسلام:( «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» ) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَفْرَادِ الطَّاعَاتِ الَّتِي لَا تُحْمَدُ مَا لَمْ تَبْلُغْ رُتْبَةَ الْكَمَالِ وَتَخْلُصْ مِنْ شَوَائِبِ النُّقْصَانِ.
قَوْلُهُ: إِنْ قُلْتُ بِالْمَعْصِيَةِ قَابَلْتَنِي بِفَضْلِكَ، أَيْ: ذَكَّرْتَنِي فَضْلَكَ وَسِعَةَ رَحْمَتِكَ وَمُغْفِرَتِكَ فَلَمْ تَدَعْ لِي خَوْفًا وَفَتَحْتَ لِي أَبْوَابَ الرَّجَاءِ، فِي الْحَدِيثِ:( «لَوْلَا أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ لَجَاءَ اللَّهُ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ» ) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي هَذَا الْمَعْنَى. قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْتُ بِالطَّاعَةِ قَابَلْتَنِي بِعَدْلِكَ، أَيْ: ذَكَّرْتَنِي مَا لِي مِنَ الذُّنُوبِ وَمَا فِي طَاعَتِي مِنَ التَّقْصِيرِ الَّذِي يَكَادُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنَ الِاعْتِدَادِ بِهَا فَضْلًا عَنْ تَكْفِيرِ الْخَوَاتِمِ. قَوْلُهُ: فَلَمْ تَدَعْ لِي رَجَاءً: لِاتِّسَاعِ الْخَوْفِ حِينَئِذٍ عَلَيَّ، فِي الْحَدِيثِ «أَنَّ رَجُلًا يُجَرُّ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلَى أَنْ يَمُوتَ هَرَمًا فِي مَرْضَاتِ اللَّهِ لَخَفَرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، قَوْلُهُ: فَلَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ أَرَى إِحْسَانِي مَعَ إِحْسَانِكَ! أَيْ كَيْفَ أَعُدُّهُ إِحْسَانًا يَسْتَوْجِبُ الْجَزَاءَ مَعَ أَنَّ إِقْدَارِي عَلَيْهِ إِحْسَانٌ مِنْكَ وَنِعْمَةٌ تَسْتَوْجِبُ الشُّكْرَ وَالْمَزِيدَ فِي الْعَمَلِ، وَكُلُّ مَا وَقَعَ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَالْأَمْرُ فِيهِ كَذَلِكَ، وَهَلُمَّ جَرَّا مَعَ مَزِيدِ الْإِحْسَانِ وَجَزِيلِ الْإِفْضَالِ الْخَارِجِ عَنْ ذَلِكَ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تُنَاسِبُ جُمْلَةَ الْخَوْفِ، قَوْلُهُ: أَمْ كَيْفَ أَجْهَلُ فَضْلَكَ بِالْحِلْمِ وَالْإِمْهَالِ وَالْإِنْعَامِ مَعَ عِصْيَانِي لَكَ؟ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تُنَاسِبُ جُمْلَةَ الرَّجَاءِ، قَوْلُهُ: ق ج سِرَّانِ مِنْ سِرِّكَ الظَّاهِرِ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَخَذَ هَذَيْنِ الْحَرْفَيْنِ مِنْ وَصْفَيْنِ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى كَمَا هُوَ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ الم، وطس، وَق، وَن، وَص، أَنَّهَا حُرُوفٌ مُقَطَّعَةٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا مِنَ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهَا مِنْ أَسْرَارِ اللَّهِ تَعَالَى، فَالْقَافُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَدِيرٍ أَوْ مُقْتَدِرٍ، وَالْجِيمُ مِنْ جَوَادٍ، وَكَلَاهُمَا مُنَاسِبَانِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، فَالْخَوْفُ يُنَاسِبُهُ الْقُدْرَةُ أَوِ الِاقْتِدَارُ، وَالرَّجَاءُ يُنَاسِبُهُ الْجُودُ، قَوْلُهُ:
وَكِلَاهُمَا دَالَّانِ عَلَى غَيْرِكَ، يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ لَهُمَا تَعَلُّقًا بِالْغَيْرِ، فَإِنَّ الْقُدْرَةَ تَتَعَلَّقُ بِمَقْدُورٍ وَالِاقْتِدَارَ بِمَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَالْجُودَ بِمُتَفَضَّلٍ عَلَيْهِ.
الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَجُوزُ شَرْعًا أَنْ يُوصَفَ بِهِمَا غَيْرُهُ تَعَالَى وَأَنْ يُطْلَقَا عَلَيْهِ وَلِذَا قَالَ عقبه: فَبِالسِّرِّ الْجَامِعِ الدَّالِّ عَلَيْكَ، أَيْ: بِالِاسْمِ الْخَاصِّ بِكَ وَهُوَ اللَّهُ فَإِنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْغَيْرِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ تَعَالَى، وَهُوَ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ فِيمَا رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَهُوَ الدَّالُّ عَلَى الذَّاتِ وَهُوَ الْجَامِعُ لِجَمِيعِ الصِّفَاتِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَسْمَاءِ فَإِنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْوَصْفِ بِمَدْلُولِهَا، قَوْلُهُ: لَا تَدَعْنِي لِغَيْرِكَ بَلِ اجْعَلْنِي لَكَ عِبَادَتِي وَدُعَائِي وَخَوْفِي وَرَجَائِي وَتَوَجُّهِي وَحَرَكَاتِي وَسَكَنَاتِي، هَذَا مَا ظَهَرَ، ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ كَلَامًا لِلشِّهَابِ أحمد بن عبد الواحد بن الميلق عَلَى هَذَا الْفَصْلِ قَالَ: قَوْلُ الْأُسْتَاذِ يَعْنِي أبا العباس المرسي رضي الله عنه: إِلَهِي مَعْصِيَتُكَ نَادَتْنِي بِالطَّاعَةِ: يَحْتَمِلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ مُشِيرًا إِلَى أَنَّهُ سَبَقَ تَعَلُّقُ عِلْمِكَ بِهَا وَقُدْرَتِكَ بِإِيجَادِهَا وَإِرَادَتِكَ بِتَخْصِيصِهَا، فَتَعَيَّنَ وُجُودُهَا عَلَى حَسَبِ تَعَلُّقِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ تَعْيِينًا لُزُومِيًّا لِلْعَبْدِ ضَرُورَةَ بُطْلَانِ تَعَلُّقِ الْعِلْمِ وَتَبَدُّلِهِ جَهْلًا، وَتَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ وَتَبَدُّلِهَا عَجْزًا، وَتَعَلُّقِ الْإِرَادَةِ وَتَبَدُّلِهَا قَسْرًا، فَلَيْسَ إِلَّا وُقُوعُ هَذَا الْمُقْتَضَى عَلَى حَسَبِ سَابِقِ الْقَضَاءِ فَأَنَّى يُمْكِنُ الْعَبْدَ الْحَوْلُ عَنْهَا، وَوُقُوعُهَا مِنْهُ حَتْمًا عَدْلًا مِنَ الْقَهَّارِ لَا ظُلْمًا، فَلِهَذَا كَانَتْ مُنَادِيَةً عَلَيْهِ بِالطَّاعَةِ أَيْ بِالدُّخُولِ تَحْتَ مَجَارِي الْقَهْرِ اسْتِسْلَامًا لِلْقَهَّارِ كَمَا قَالَ - جَلَّ وَعَلَا -:{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] فَهَذِهِ الطَّاعَةُ الْمُشَارُ إِلَيْهَا فِي كَلَامِ الْأُسْتَاذِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - وَسَيَأْتِي بَيَانُ أَنَّهَا مَجَازٌ فِي تِلْوِ هَذَا الْكَلَامِ، وَقَوْلُهُ رضي الله عنه وَطَاعَتُكَ نَادَتْنِي بِالْمَعْصِيَةِ: يَحْتَمِلُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ مُشِيرًا إِلَى مَا سَبَقَ، تَعَلُّقُ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ كَمَا ذَكَرْنَا، بَدَأَ بِالطَّاعَةِ الَّتِي جَرَتْ عَلَى يَدِ الْعَبْدِ فَكَانَ الْحَقُّ وُقُوعَهَا وَالْبَاطِلُ امْتِنَاعَهَا لِمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، هَذَا مَعَ أَنَّ الْعَبْدَ يَرَى أَنَّهُ قَدْ أَطَاعَ وَمَا خَالَفَ فَيَكُونُ مُنَادِيًا عَلَى نَفْسِهِ بِلِسَانِ حَالِ رُؤْيَتِهِ طَاعَتَهُ مَوْلَاهُ بِدَعْوَى الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي حَالِ الْإِطَاعَةِ حَقِيقَةً فَعَدَلَ عَنِ الْمُخَالَفَةِ لِلطَّاعَةِ فَأَطَاعَ، وَإِذَا كَانَ بِهَذِهِ الْحَالَةِ فِي حَالِ جَرَيَانِ الْفَضْلِ الْمُقَدَّرِ الْمُسَمَّى بِالطَّاعَةِ فَهُوَ فِي عَيْنِ الْمَعْصِيَةِ، فَتَبَيَّنَ مِنْ هُنَا أَنَّ نِسْبَةَ الطَّاعَةِ لَهُ مَجَازٌ كَنِسْبَتِهَا لِلسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَقَدْ فُهِمَ الْغَرَضُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَمِنْ هَذَا الْمَوْطِنِ يُفْهَمُ
مَعْنَى قَوْلِهِ عز وجل لِسَيِّدِ خَلْقِهِ - عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ -: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] وَقَوْلِهِ تَعَالَى أَيْضًا لَهُ صلى الله عليه وسلم: {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود: 123] ثُمَّ قَالَ: فَفِي أَيِّهِمَا [أَخَافُكَ وَفِي أَيِّهِمَا] أَرْجُوكَ، إِنْ قُلْتُ بِالْمَعْصِيَةِ قَابَلْتَنِي بِفَضْلِكَ فَلَمْ تَدَعْ لِي خَوْفًا، أَوْ قُلْتُ بِالطَّاعَةِ قَابَلْتَنِي بِعَدْلِكَ فَلَمْ تَدَعْ لِي رَجَاءً، يُرِيدُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِنْ رَأَيْتُ مَعْصِيَتِي لَكَ مِنِّي حَيْثُ الْأَدَبُ الشَّرْعِيُّ قَامَ الْخَوْفُ بِي مِنْكَ فَأَطْفَأَهُ وَارِدُ الْفَضْلِ مِنْكَ عَلَيَّ بِإِشْهَادِي الْحَقِيقَةَ مِنْ لَدُنْكَ {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13] فَيَنْزَهِقُ الْخَوْفُ هُنَا، وَقَوْلُهُ رضي الله عنه وَإِنْ قُلْتُ بِالطَّاعَةِ قَابَلْتَنِي بِعَدْلِكَ فَلَمْ تَدَعْ لِي رَجَاءً، يُرِيدُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - وَإِنْ رَأَيْتُ طَاعَتِي مِنِّي لَكَ مِنْ حَيْثُ النَّسَبُ الشَّرْعِيُّ قَامَ الرَّجَاءُ بِي فَأَفْنَاهُ وَارِدُ الْعَدْلِ مِنْكَ عَلِيَّ بِإِشْهَادِي الْحَقِيقَةَ مِنْ لَدُنْكَ {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [القصص: 68] .
وَإِذْ قَدْ تَقَرَّرَ هَذَا فَلْتَعْلَمْ أَنَّ لِلْفَضْلِ تَعَلُّقَاتٍ وَلِلْعَدْلِ تَعَلُّقَاتٍ وَكِلَاهُمَا دَالَّانِ عَلَى غِنَاهُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَمِنْ تَعَلُّقَاتِ فَضْلِهِ مَا يُعَامِلُ بِهِ مَنْ عَصَاهُ مِنْ سِتْرٍ وَبِرٍّ وَعَطْفٍ وَلُطْفٍ وَحَنَانٍ وَإِحْسَانٍ وُجُودٍ وَبَسْطِ يَدِ الرَّحْمَةِ لِلْعَاصِي مِنْ غَيْرِ حُدُودٍ، وَمِنْ مُتَعَلِّقَاتِ عَدْلِهِ مَا يُعَامِلُ بِهِ مَنْ أَطَاعَهُ مِنْ قَبْضٍ فِي الرِّزْقِ وَدُحُوضٍ بَيْنَ الْخَلْقِ وَضَعْفٍ فِي الْجَسَدِ وَقِلَّةِ حَظٍّ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْبَلَدِ وَالْإِخْوَانِ وَالْأَخْدَانِ وَالْوَلَدِ.
وَإِذْ قَدْ تَبَيَّنَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ مُقَابَلَةَ الْعَاصِي بِأَثَرٍ مِنْ آثَارِ الْفَضْلِ فِي حَالِ عِصْيَانِهِ رُبَّمَا يُزِيلُ عَنْهُ الْخَوْفَ، وَمُقَابَلَةُ الطَّائِعِ بِأَثَرٍ مِنْ آثَارِ الْعَدْلِ فِي حَالِ طَاعَتِهِ رُبَّمَا يُزِيلُ عَنْهُ الرَّجَاءَ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ وُرُودِ أَثَرِ الْفَضْلِ عَلَى سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ وُرُودِ أَثَرِ الْعَدْلِ عَلَى عَطْبِ الْعَاقِبَةِ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَقَعَ الْإِيهَامُ عَلَى الْخَلْقِ فَجَاءَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود: 123] وَهُوَ رُؤْيَةُ الْأَشْيَاءِ مِنْهُ حَقِيقَةً مَعَ التَّبَرِّي مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ مِنْهَا حَقِيقَةً، وَرَدِّ الْأَشْيَاءِ اللَّائِقَةِ بِالنَّسَبِ لِلْعِبَادِ كَسْبًا شَرِيعَةً مَعَ الِانْسِلَاخِ عَنْ لُحُوظِ الْحُظُوظِ تَوَكُّلًا عَلَيْهِ وَاسْتِسْلَامًا إِلَيْهِ وَفَنَاءً لَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهَذَا مُقْتَضَى الْعُبُودِيَّةِ وَالْعِبَادَةِ فِي ضِمْنِ مَا أَشَارَ الْأُسْتَاذُ إِلَيْهِ حَسْبَ فَهْمِي عَنْهُ فِي هَذَا الْقَوْلِ، وَاللَّهَ أَسْأَلُ الْمَغْفِرَةَ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ رَأَيْتُ فَائِدَةً:
لَقَدْ رَمَزَ الْأَشْيَاخُ سِرًّا مُكَتَّمًا
…
عَنِ الْقَافِ لَمْ يُبْدُوا لَهَا أَبَدًا حَلَّا
يَقُولُونَ عِنْدَ الْقَافِ قِفْ لِتَرَى الَّذِي
…
أَرَدْنَاهُ لَا تَبْغِي بِهِ بَدَلًا أَصْلَا
وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخُ عبد السلام البغدادي فَأَجَابَ:
يُرِيدُونَ قَافَ الرِّقِّ يَا ذَا النُّهَى فَكُنْ
…
بِمَقْصُودِهِمْ كَيْ تُدْرِكَ الْعِلْمَ وَالْفَضْلَا
فَفِي الْخَبَرِ الْمَشْهُورِ هُمْ يَزْعُمُونَ مَنْ
…
دَرَى نَفْسَهُ فَهُوَ الَّذِي عَرَفَ الْمَوْلَى
دَارِهَا بِرِقٍّ وَانْكِسَارٍ وَذِلَّةٍ
…
وَخَالِقُهُ رَبٌّ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى
وَقَدْ جَاءَ فِي نَصِّ الْقُرْآنِ دَلِيلُهُمْ
…
هِيَ الْمُبْتَغَى مِنْ خَلْقِهِ حَقِّقَ النَّقْلَا
بِآخِرِ آيِ الذَّارِيَاتِ تَرَاهُمُ
…
بِتَأْوِيلِهِمْ كَيْ يَعْرِفُوا حَبَّذَا وَصْلًا
ثَلَاثُمِائَةِ عِلْمٍ لِمَنْ شَاءَ فَهْمَهَا
…
مِنَ الرَّاءِ وَالْقَافِ اجْعَلْنَ ذَلِكَ الْأَصْلَا
مَنَازِلُ سَيْرِ السَّالِكِينَ تَعُدُّهَا
…
بِأَقْسَامٍ عَشْرٍ فَاجْعَلْنَ مِائَةً عَدْلَا
فَأَوَّلُهَا بَابُ الْإِنَابَةِ يَا فَتَى
…
وَآخِرُهَا التَّوْحِيدُ وَالْمَطْلَبُ الْأَعْلَى
ثَلَاثُ عُلُومٍ مِنْ طِبَاقٍ أَتَى بِهَا
…
هُوَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ جَادَ بِهَا نَقْلَا
عَوَامُّ خَوَاصٍّ ثُمَّ خَاصُّ خَوَاصِّهَا
…
فَكُنْ أَوْحَدِيًّا عَارِفًا رَاتِعًا فَحْلَا
فَهَذَا جَوَابٌ مِنْ فَقِيرٍ مُحَصِّلٍ
…
وَطَالِبِ فَهْمٍ أُلْهِمَ الرَّمْزَ وَالْحَلَّا
وَمُوَلَّهِ دَارِ السَّلَامِ وَاسْمُهُ
…
عُبَيْدُ السَّلَامِ مُصَلَّاكُمْ نَازِلًا حَلَّا
إِلَى الْعَالِمِ النِّحْرِيرِ نُعْمَانَ يَنْتَمِي
…
إِمَامِ الْهُدَى وَالْفِقْهِ كَمْ مُشْكِلٍ حَلَّا
وَأَجَابَ سَيِّدِي محمد بن سلطان العزي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَفَعَنَا اللَّهُ بِبَرَكَاتِهِ:
أَيَا سَائِلًا عَنْ سِرِّ رَمْزٍ مُكَتَّمٍ
…
تَوَقَّفْ فَذَا قَافٌ غَدًا فَاؤُهُ أَصْلَا
يُشِيرُ بِمَحْمُولٍ لِعَيْنٍ وَحَاؤُهُ
…
بِمُوجِعِ مَبْسُوطٍ لَهُ مَوْرِدًا أَصْلَا
وَكُبْرَاهُ قَدْ أَبْدَى نَتِيجَةَ دَالِهِ
…
وَصُغْرَاءُ مَحْذُورٌ لَقَدْ حَقَّقَ الْوَصْلَا
هَيُولَاؤُهُ وَافَى بِشَكْلٍ مُثَمَّنٍ
…
وَتَسْدِيسُ ذَاكَ الشَّكْلِ جَهْرًا لَقَدْ أَمْلَى
وَآخِرُهُ جِيمٌ فَرَاءٌ بِأَوْجِهَا
…
حَضِيضٌ لِصَادٍ سِينُهُ حَرِّرِ النَّقْلَا
فَهَذَا جَوَابٌ مِنْ فَقِيرٍ جُوَيْهِلٍ
…
مُسِيءٍ جَرِيءٍ أَكْثَرَ النَّوْمَ وَالْأَكْلَا
دُعِيَ بِابْنِ سُلْطَانٍ مُحَمَّدٍ فِي الْوَرَى
…
وَخَادِمِ فَتَى كَيْلَانَ ذِي النَّسَبِ الْأَعْلَى