المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[لبس اليلب في الجواب عن إيراد حلب] - الحاوي للفتاوي - جـ ٢

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْمِنْحَةُ فِي السُّبْحَةِ]

- ‌[أَعْذَبُ الْمَنَاهِلِ فِي حَدِيثِ مَنْ قَالَ أَنَا عَالِمٌ فَهُوَ جَاهِلٌ]

- ‌[حُسْنُ التَّسْلِيكِ فِي حُكْمِ التَّشْبِيكِ]

- ‌[شَدُّ الْأَثْوَابِ فِي سَدِّ الْأَبْوَابِ]

- ‌[الْعَجَاجَةُ الزَّرْنَبِيَّةُ فِي السُّلَالَةِ الزَّيْنَبِيَّةِ]

- ‌[آخِرُ الْعَجَاجَةِ الزَّرْنَبِيَّةِ فِي السُّلَالَةِ الزَّيْنَبِيَّةِ]

- ‌[الدُّرَّةُ التَّاجِيَّةُ عَلَى الْأَسْئِلَةِ النَّاجِيَةِ]

- ‌[رَفْعُ الْخِدْرِ عَنْ قَطْعِ السِّدْرِ]

- ‌[الْعُرْفُ الْوَرْدِيُّ فِي أَخْبَارِ الْمَهْدِيِّ]

- ‌[الْكَشْفُ عَنْ مُجَاوَزَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْأَلْفَ]

- ‌[الحديث المشهور على الألسنة أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا يَمْكُثُ فِي قَبْرِهِ أَلْفَ سَنَةٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ أَنَّ مُدَّةَ الدُّنْيَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ عَلَى رَأْسِ مِائَةٍ]

- ‌[ذِكْرُ مُدَّةِ مُكْثِ النَّاسِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا]

- ‌[ذِكْرُ مُدَّةِ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ]

- ‌[كَشْفُ الرَّيْبِ عَنِ الْجَيْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْبَعْثِ] [

- ‌هَلْ وَرَدَ أَنَّ الزَّامِرَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمِزْمَارِهِ]

- ‌[حَدِيثُ أَوَّلُ مَا يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ]

- ‌[حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ حُورٌ عِينٌ]

- ‌[هَلْ وَرَدَ أَنَّ عَدَدَ دَرَجِ الْجَنَّةِ بِعَدَدِ آيِ الْقُرْآنِ]

- ‌[رَفْعُ الصَّوْتِ بِذَبْحِ الْمَوْتِ]

- ‌[إِتْحَافُ الْفِرْقَةِ بِرَفْوِ الْخِرْقَةِ]

- ‌[بُلُوغُ الْمَأْمُولِ فِي خِدْمَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌ الْإِيمَانُ

- ‌[مَبْحَثُ الْإِلَهِيَّاتِ]

- ‌[إِتْمَامُ النِّعْمَةِ فِي اخْتِصَاصِ الْإِسْلَامِ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ]

- ‌[تَنْزِيهُ الِاعْتِقَادِ عَنِ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ]

- ‌[مَبْحَثُ النُّبُوَّاتِ]

- ‌[تَزْيِينُ الْآرَائِكِ فِي إِرْسَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَلَائِكِ]

- ‌[الجواب على قَوْلِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُبْعَثْ إِلَى الْمَلَائِكَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْأَدِلَّةِ الَّتِي أَخَذْتُ مِنْهَا إِرْسَالَهُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ]

- ‌[أَنْبَاءُ الْأَذْكِيَاءِ بِحَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِعْلَامِ بِحُكْمِ عِيسَى عليه السلام]

- ‌[لُبْسُ الْيَلَبِ فِي الْجَوَابِ عَنْ إِيرَادِ حَلَبَ]

- ‌[مَبْحَثُ الْمَعَادِ]

- ‌[اللُّمْعَةُ فِي أَجْوِبَةِ الْأَسْئِلَةِ السَّبْعَةِ]

- ‌[الِاحْتِفَالُ بِالْأَطْفَالِ]

- ‌[طُلُوعُ الثُّرَيَّا بِإِظْهَارِ مَا كَانَ خَفِيًّا]

- ‌[أَحْوَالُ الْبَعْثِ]

- ‌[تُحْفَةُ الْجُلَسَاءِ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ لِلنِّسَاءِ]

- ‌[مَسَالِكُ الْحُنَفَا فِي وَالِدَيِ الْمُصْطَفَى]

- ‌[الْفَتَاوَى الصوفية]

- ‌[الزهد]

- ‌[الْقَوْلُ الْأَشْبَهُ فِي حَدِيثِ مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ]

- ‌[الْخَبَرُ الدَّالُّ عَلَى وُجُودِ الْقُطْبِ وَالْأَوْتَادِ وَالنُّجَبَاءِ وَالْأَبْدَالِ]

- ‌[تَنْوِيرُ الْحَلَكِ فِي إِمْكَانِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ وَالْمَلَكِ]

- ‌[الْفَتَاوَى النَّحْوِيَّةُ وَمَا ضُمَّ إِلَيْهَا]

- ‌[مسائل متفرقة في النحو]

- ‌[فَجْرُ الثَّمْدِ فِي إِعْرَابِ أَكْمَلِ الْحَمْدِ]

- ‌[أَلْوِيَةُ النَّصْرِ فِي خِصِّيصَى بِالْقَصْرِ]

- ‌[الزَّنْدُ الْوَرِيُّ فِي الْجَوَابِ عَنِ السُّؤَالِ السَّكَنْدَرِيِّ]

- ‌[رَفْعُ السِّنَةِ فِي نَصْبِ الزِّنَةِ]

- ‌[الْأَجْوِبَةُ الزَّكِيَّةُ عَنِ الْأَلْغَازِ السُّبْكِيَّةِ]

- ‌[الْأَسْئِلَةُ الْمِائَةُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْفِئَةِ بِأَجْوِبَةِ الْأَسْئِلَةِ الْمِائَةِ]

- ‌[الْأَسْئِلَةُ الْوَزِيرِيَّةُ وَأَجْوِبَتُهَا]

- ‌[الْأَوْجُ فِي خَبَرِ عَوْجٍ]

الفصل: ‌[لبس اليلب في الجواب عن إيراد حلب]

وَقَالَ: «إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ نَبِيٌّ حَتَّى يُصَلِّيَ خَلْفَ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِهِ» . ثَبَتَ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ، فَكَيْفَ يَتَّجِهُ لِهَذَا الْمُنْكِرِ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْكَلَامَ بَعْدَ ذَلِكَ؟ وَلَسْتُ أَعْجَبُ مِنْ إِنْكَارِ مَنْ لَا يَعْرِفُ، إِنَّمَا أَعْجَبُ مِنْ إِقْدَامِهِ عَلَى تَسْطِيرِ ذَلِكَ فِي وَرَقٍ يُخَلَّدُ بَعْدَهُ وَيُسَطَّرُ فِي صَحِيفَتِهِ. ثُمَّ رَأَيْتُ فِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: ثَنَا أبو أسامة، عَنْ هشام عَنِ ابن سيرين، قَالَ: المهدي مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ الَّذِي يَؤُمُّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عليه السلام.

[لُبْسُ الْيَلَبِ فِي الْجَوَابِ عَنْ إِيرَادِ حَلَبَ]

بسم الله الرحمن الرحيم

وَصَلَ كِتَابُ " الْإِعْلَامِ " إِلَى حَلَبَ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَاقِفٌ، فَرَأَى قَوْلِي فِيهِ: إِنَّ جِبْرِيلَ هُوَ السَّفِيرُ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ أَنْبِيَائِهِ، لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. فَكَتَبَ عَلَى الْهَامِشِ بِخَطِّهِ مَا نَصُّهُ: بَلْ قَدْ عُرِفَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، قَالَ الحافظ برهان الدين الحلبي فِي " شَرْحِ الْبُخَارِيِّ ": اعْلَمْ أَنَّ فِي كَيْفِيَّةِ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ صُوَرٍ، ذَكَرَهَا السهيلي فِي رَوْضِهِ - إِلَى أَنْ قَالَ -: سَابِعُهَا وَحْيُ إِسْرَافِيلَ، كَمَا ثَبَتَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وُكِّلَ بِهِ إِسْرَافِيلُ، فَكَانَ يَتَرَاءَى لَهُ وَيَأْتِيهِ بِالْكَلِمَةِ وَالشَّيْءِ، ثُمَّ وُكِّلَ بِهِ جِبْرِيلُ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي أَوَّلِ " الِاسْتِيعَابِ " وَسَاقَ سَنَدًا إِلَى الشَّعْبِيِّ: قَالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ النُّبُوَّةُ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَقُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ إِسْرَافِيلُ ثَلَاثَ سِنِينَ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ ابن الملقن أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ جِبْرِيلَ ابْتَدَأَهُ بِالْوَحْيِ. انْتَهَى مَا كَتَبَهُ الْمُعْتَرِضُ.

وَأَقُولُ: الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ، أَحَدُهَا: مَا نَقَلَهُ الْمُعْتَرِضُ نَفْسُهُ فِي آخِرِ كَلَامِهِ عَنِ ابن الملقن أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ جِبْرِيلَ ابْتَدَأَهُ بِالْوَحْيِ، وَإِنَّمَا قَالَ ابن الملقن ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الثَّابِتُ فِي أَحَادِيثِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَأَثَرُ الشَّعْبِيِّ مُرْسَلٌ أَوْ مُعْضَلٌ، فَكَيْفَ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ مَعَ ثُبُوتِ خِلَافِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَالْعَجَبُ مِنَ الْمُعْتَرِضِ كَيْفَ اعْتَرَضَ بِمَا لَمْ يَثْبُتْ، مَعَ نَقْلِهِ فِي آخِرِ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُ مَا اعْتَرَضَ بِهِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّفِيرِ: الَّذِي هُوَ مُرْصَدٌ لِذَلِكَ، وَذَلِكَ لَا يُعْرَفُ لِغَيْرِ جِبْرِيلَ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَجِيءُ غَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، كَمَا أَنَّ كَاتِبَ السِّرِّ مُرْصَدٌ لِلتَّوْقِيعِ عَنِ السُّلْطَانِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنْ يُوقِّعَ عَنْهُ غَيْرُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، فَلَا

ص: 203

يُسْلَبُ كَاتِبُ السِّرِّ الِاخْتِصَاصَ بِهَذَا الِاسْمِ، وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ مَنْ وَقَّعَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، فَكَذَلِكَ لَا يُسْلَبُ جِبْرِيلُ الِاخْتِصَاصَ بِاسْمِ السَّفِيرِ، وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَى الْأَنْبِيَاءِ فِي وَقْتٍ مَا، وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ غَيْرِ إِسْرَافِيلَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَضَايَا مُتَعَدِّدَةٍ كَمَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ، وَجَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فَبَشَّرَهُ بِالْخُلَّةِ، فَعَجَبٌ مِنَ الْمُعْتَرِضِ كَيْفَ اقْتَصَرَ عَلَى إِسْرَافِيلَ دُونَ مَجِيءِ غَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْعِبَارَةَ الَّتِي أَوْرَدْتُهَا " وَهُوَ السَّفِيرُ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ أَنْبِيَائِهِ " بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، وَإِسْرَافِيلُ لَمْ يَنْزِلْ إِلَى أَحَدٍ غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي حِكْمَتِهِ أَنَّهُ الْمُوَكَّلُ بِالنَّفْخِ فِي الصُّورِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بُعِثَ قُرْبَ السَّاعَةِ، وَكَانَتْ بَعْثَتُهُ مِنْ أَشْرَاطِهَا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ إِسْرَافِيلَ بِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ وَلَمْ يُبْعَثْ إِلَى نَبِيٍّ قَبْلَهُ، وَحِينَئِذٍ فَالْمَبْعُوثُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَطْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَفِيرٌ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ أَنْبِيَائِهِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ سَفِيرًا إِلَّا بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ نَبِيٍّ وَاحِدٍ، وَالْحُكْمُ الْمَنْفِيُّ عَنِ الْمَجْمُوعِ لَا يَلْزَمُ نَفْيُهُ عَنْ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ ذَلِكَ الْمَجْمُوعِ، فَلَا يَصِحُّ النَّقْضُ بِهِ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُوهِي أَثَرَ الشَّعْبِيِّ، وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، والحاكم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ وَعِنْدَهُ جِبْرِيلُ، إِذْ سَمِعَ نَقِيضًا مِنَ السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، فَرَفَعَ جِبْرِيلُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَذَا مَلَكٌ قَدْ نَزَلَ لَمْ يَنْزِلْ إِلَى الْأَرْضِ قَطُّ، قَالَ: فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا، لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ؛ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ حَرْفًا مِنْهُمَا إِلَّا أُوتِيتَهُمَا» .

قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: هَذَا الْمَلَكُ هُوَ إِسْرَافِيلُ.

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَقَدْ هَبَطَ عَلَيَّ مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ مَا هَبَطَ عَلَى نَبِيٍّ قَبْلِي، وَلَا يَهْبِطُ عَلَى أَحَدٍ بَعْدِي، وَهُوَ إِسْرَافِيلُ فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ رَبِّكَ إِلَيْكَ، أَمَرَنِي أُخْبِرُكَ إِنْ شِئْتَ نَبِيًّا عَبْدًا وَإِنْ شِئْتَ نَبِيًّا مَلِكًا، فَنَظَرْتُ إِلَى جِبْرِيلَ، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعْ، فَلَوْ أَنِّي قَلْتُ نَبِيًّا مَلِكًا لَسَارَتِ الْجِبَالُ مَعِي ذَهَبًا» . وَهَاتَانِ الْقَضِيَّتَانِ بَعْدَ ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ بِسِنِينَ كَمَا يُعْرَفُ مِنْ سَائِرِ طُرُقِ الْأَحَادِيثِ، وَهُمَا ظَاهِرَانِ فِي أَنَّ إِسْرَافِيلَ لَمْ يَنْزِلْ إِلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ أَتَاهُ فِي ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ؟

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ قَدْ أَقَمْنَا فِي " الْإِعْلَامِ " الدَّلِيلَ عَلَى ذَلِكَ عَقِبَهُ، وَهُوَ قَوْلُ ورقة: جِبْرِيلُ أَمِينُ اللَّهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِهِ، وَقَوْلُ ابن سابط: فَوُكِّلَ جِبْرِيلُ بِالْكُتُبِ وَالْوَحْيِ إِلَى

ص: 204